خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 55 مذكرة خاص / الإمام الهادي “عليه السلام” والتصدي للفرق المنحرفة.. الصوفية أنموذجاً
الفرق المنحرفة

الإمام الهادي “عليه السلام” والتصدي للفرق المنحرفة.. الصوفية أنموذجاً

الاجتهاد: قد اتخذت طائفة من الناس من حياة الإمام أمير المؤمنین”عليه السلام”مسلك التنزه والزهد حتى انتهت بهم الأمور إلى أن يتخذوا مواقف سلبية في مقابل الأئمة “عليهم السلام”من زمن الصادق”عليه السلام” إلى زمن الإمام العسكري”عليه السلام”، وابتدعوا مذهب الصوفية حتى وصلت الأمور بهم إلى حد كانوا فيه يعترضون على الأئمة”عليهم السلام”بصورة علنية وصريحة مثل: لماذا تلبس ملابس جديدة أو ثمينة؟ وغيرها مثل: اعتراض سفيان الثوري المدعي الزهد للإمام الصادق”عليه السلام”. واعتراضهم على نهج الإمام الرضا”عليه السلام” وجوابه لهم».

برزت فرق و مدارس وتيارات منحرفة وضالة كثيرة في عصر الدولة العباسية، وأخذ الصراع العقائدي والفكري يشتد في الساحة الإسلامية لإشغالها وإلهائها عن القضايا الرئيسة والأساسية التي تهم المجتمع المسلم، من أجل احتكار السلطة وإشغال الرأي العام بقضايا عقائدية وفكرية متغايرة كي تسيطر بالكامل على مكتسبات الأمة الإسلامية وثرواتها.

وقد انتشر في عصر الإمام الهادي “عليه السلام” مجموعة من الفرق الضالة والمنحرفة، وقد تصدى لهم الإمام الهادي “عليه السلام” بكل حزم وصلابة، محذرة المسلمين من اتباعهم، أو الافتتان بآرائهم، أو مجالستهم، بل أمر بطردهم و البراءة منهم.

ونظرا لانتشار أفكار تلك الفرق والتيارات المنحرفة في المجتمع أوعز الإمام الهادي “عليه السلام” إلى أكثر أصحابه وتلاميذه المبرزين بدحض و نقد و نقض أفكار تلك الفرق المنحرفة حتى لا ينخدع الناس بما تطرحه من أفكار وآراء ضالة.

كما شرع الإمام الهادي “عليه السلام” في التصدي بحزم وقوة للرد على شبهات تلك الفرق، والرد على بدعهم، وبيان أصول الإسلام وأحكامه، والدفاع عن الإسلام المحمدي الأصيل، وتثبيت أركان مدرسة أهل البيت، وبيان دعائمها الفكرية والاعتقادية والأخلاقية.

وقد كان من أبرز الفرق المنحرفة في عصر الإمام الهادي “عليه السلام” هي:

أولا- فرقة الغلاة.

ثانياً- فرقة الواقفة.

ثالثا- فرقة الصوفية.
ولمزيد من البيان والإيضاح حول هذه الفرق المنحرفة نتحدث في هذا المجال عن الفرقة الثالثة وهي الصوفية، وبيان مواقف الإمام علي الهادی “عليه السلام” منها، وتصديه القوي لها، وتحذير الأمة منها.

الصوفية من الفرق الضالة والمضلة التي ظهرت في القرن الثاني وأخذت تغري الناس بسبب زهدها الكاذب، وشعاراتها البراقة، وهي الصوفية المبتدعة، ومع الزمن ازداد أتباعها، وكثرت طرقها، وذلك بسبب التشجيع الذي لاقته من قبل الحكم الأموي ثم العباسي ثم العثماني.

وقد اتخذت طائفة من الناس من حياة الإمام أمير المؤمنین “عليه السلام” مسلك التنزه والزهد حتى انتهت بهم الأمور إلى أن يتخذوا مواقف سلبية في مقابل الأئمة “عليهم السلام” من زمن الصادق “عليه السلام” إلى زمن الإمام العسكري”عليه السلام” ، و ابتدعوا مذهب الصوفية حتى وصلت الأمور بهم إلى حد كانوا فيه يعترضون على الأئمة “عليهم السلام” بصورة علنية وصريحة مثل: لماذا تلبس ملابس جديدة أو ثمينة؟ وغيرها مثل: اعتراض سفيان الثوري المدعي الزهد للإمام الصادق”عليه السلام” . واعتراضهم على نهج الإمام الرضا”عليه السلام” و جوابه لهم»(1).

وانتهى بهم الصراع مع الإمام الرضا”عليه السلام” إلى الحد الذي قال معه “عليه السلام” : «من ذكر عنده الصوفية ولم ينكرهم بلسانه وقلبه، فليس منا، و من أنكر هم، فكأنما جاهد الكفار بين يدي رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”(۲) .
وفي مقابل ما يفعله أهل التصوف من إظهار الملابس الرثة والوسخة أمر الإمام الهادي “عليه السلام” أتباعه بلبس الملابس النظيفة، والتزين والتجمل بأفضل ما يمكن.

فعن يحيى بن المبارك، عن عبد الله بن جبلة قال: استقبلني أبو الحسن “عليه السلام” وقد علقت سمكة في يدي، فقال: اقذفها إني لأكره للرجل السري أن يحمل الشيء الدني بنفسه، ثم قال: إنكم قوم أعداؤكم كثير، عاداكم الخلق يا معشر الشيعة، إنكم قد عاداكم الخلق، فتزينوا لهم بما قدرتم عليه»(3).
وقد حذر الإمام الهادي”عليه السلام”: أصحابه من التقرب إلى المتصوفين والتأثر بأفكارهم و اعتقاداتهم الباطلة. وقد أظهر “عليه السلام” براءته منهم حينما رآهم مجتمعون حول أبي هاشم الجعفري في مسجد رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”.

وقد روى الشيخ المفيد، بإسناده عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، أنه قال: كنت مع الهادي علي بن محمد عليه السلام” في مسجد المدينة فأتاه جماعة من أصحابه، منهم أبو هاشم الجعفري و كان رجلا بليغا وكانت له منزلة عظيمة عنده ثم دخل المسجد جماعة من الصوفية وجلسوا في جانبه حلقة مستديرة، ثم أخذوا بالتهليل.

فقال: لا تلتفوا إلى هؤلاء الخداعين، فإنهم خلفاء الشياطين، و مخربوا قواعد الدين، يتزهدون لراحة الأجسام، ويتهجدون لتقييد الأنام، ويتجوعون عمراً حتى يذبحوا للأيكاف حمراً، لا يهللون إلا لغرور الناس، ولا يقللون الغذاء إلا للالتباس والاختلاف، أورادهم الرقص والتصدية، وأذكارهم الترنم والتغنية، فلا يتبعهم إلا السفهاء، ولا يعتقد بهم إلا الحمقاء، فمن ذهب إلى زيارة وأحد منهم حياً أو ميتاً فكأنما ذهب إلى زيارة الشيطان وعبادة الأوثان، و من أعان أحداً منهم فكأنما أعان يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

فقال رجل من أصحابه، وإن كان معترفا بحقوقكم؟
قال: فنظر إليه شبه المغضب وقال: دع ذا، من اعترف بحقوقنا لم يذهب في عقوقنا، أما تدري أن أخس الطوائف الصوفية، والصوفية كلهم من مخالفينا،طريقتهم مغايرة لطريقنا(4)

وقد أشار الإمام الهادي “عليه السلام” في هذا النص إلى صفات الصوفيين مثل: أنهم خلفاء الشيطان، وأنهم يعملون على هدم الإسلام من خلال سلوكهم الانحرافي، وأنهم يتصنعون الزهد لكسب عوام الناس، وأن ظهورهم بمظهر التنسك والتهجد لله لم يكن عن إخلاص وإنما بهدف كسب المزيد من الأتباع والمريدين، وسلب أموالهم، والتأثير عليهم.

وأضاف الإمام الهادي “عليه السلام” مبينا حقيقة أورادهم التي يتلونها في مجالسهم، وأنها ليست من العبادة، وإنما هي أشبه بالرقص لأنها لا تنبعث من قلوب مؤمنة بالله تعالى، وأن أذكارهم عبارة عن غناء وخالية من الروحانية الحقيقية؛ حيث يستعملون فيها الطبول والدفوف كما رأيت ذلك بعيني في بعض بلاد أفريقيا.

وأن العاقل لا يتبع هؤلاء، وإنما يتبعهم الحمقى والسفهاء والجهلاء والبسطاء، ومن لا إيمان حقيقي عنده، ولا وعي لديه. وتحذير الإمام علي الهادي “عليه السلام” من الصوفية لما لديهم من انحرافات عقائدية وفكرية و مسلكية، وأبتعادهم عن نهج الاعتدال والوسطية، وانعزالهم عن شؤون الحياة العامة، واتباعهم أسالبيب ووسائل تقدح في إيمان المؤمن، وتنقص من عقيدته وإخلاصه لله عز وجل.
وقد حضّ الإسلام على اتباع مسلك الاعتدال في كل الأمور من غير تفريط أو إفراط، وشجع على التوازن والاعتدال في كل القضايا والمسائل، ففي الوقت الذي يحث فيه على التزود بالتقوى والارتباط بالله تعالى والزهد في الدنيا ينهى عن الرهبنة والانعزال التام، لأن ذلك يخالف منهج الاعتدال والتوازن.
وكانت سيرة الأئمة الأطهار قائمة على اتباع منهج الاعتدال والتوازن إلا في بعض الظروف الاستثنائية التي تفرضها الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية مما يجعلهم ينتهجون لأنفسهم من حيث الملبس والمسكن والمطعم حياة أضعف الناس.

الهوامش

(1) سيرة المعصومین، ج 3، ص 164.

(۲) مستدرك الوسائل، ج ۱۲، ص ۳۲۳، رقم ۱۹۲۰.
(3) الوسائل، الحر العاملي، ج 5، ص ۱۲، رقم ۵۷۵۸.

(4) الاثنا عشرية، الحر العاملي، ص ۲۹.

المصدر: كتاب : سيرة الإمام علي الهادي عليه السلام دراسة تحليلية – الشيخ عبدالله احمد يوسف – الصفحة: 317

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign