خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 5 مذكرة / ظاهرة المثلية الجنسية في الواقع المعاصر.. إعداد: رابطة العالم الاسلامي
المثلية الجنسية

ظاهرة المثلية الجنسية في الواقع المعاصر.. إعداد: رابطة العالم الاسلامي

الاجتهاد: تدرس هذه المقالة موضوع ظاهرة المثلية الجنسية في الواقع المعاصر من حيث القوانين الدولية والمنظمات التشريعية الغربية والديانات السماوية وغير السماوية وفي نظر بعض العقلاء في الغرب. كذلك تدرس اعتداء هذه الظاهرة على الفطرة الإنسانية والصحة المجتمعية واصطدامها الحريات الشخصية وتختم بجملة من التوصيات بهذا الشأن.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي منّ علينا بدينه العظيم، وفطرته السّليمة، وأمرنا باتباعها، فقال سبحانه: ” فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (الروم: ٣٠)، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي حذّرنا من انحراف الفطرة الموجبة لغضب الله وأليم عقابه، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين،

أما بعد:
فإن من أسمى سمات الرجل الحرّ الكريم، والمرأة الحرّة الكريمة، اتصافهما بالغيرة المحمودة، فالله يغار، والمؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرّم الله، من أجل ذلك حرّم الله الفواحش فقال: ” قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ » (الأعراف: ٣٣).

وإن صفاء الدّين وجمال الإنسانية إنما يتجلّيان بصيانة العرض وحمايته، وينزل الإنسان بتدنّسه وهوانه إلى مستوى أدنى من درجة الحيوان البهيمي، كما قال سبحانه وتعالى: “ أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ »(الاعراف:۱۷۹).

ولقد ابتلينا في هذا العصر بانحراف مقيت يريد تجريد الإنسان من انسانيته و من أرقى خصائصه التي أكرمه الله تعالى بها، و فضّله بها على كثير ممن خلق تفضيلا، فقال سبحانه: “وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا” ( الاسراف: ٧٠)، و نعني به الانحراف المتمثل في ظاهرة الشذوذ الجنسي، أو المثلية الجنسية، أو الجنس الثالث، ونحوها من الأسماء والنعوت التي يستحيي الكريم أن يلفظها، ويأنف ذو المروءة أن يتفوّه بها، ويؤذي الأسماع بحروفها، فضلاً عن أن يتصف بها، ويكون من أهلها – عياذاً بالله-.

ولقد تأجّج موضوع المثلية الجِنسية في العقدين الأخيرين من القرن الماضی، وازداد تأججا مع إطلالة الألفية الحالية، وأصبحت له أصداء لایمکن تجاهلها من الناحية القانونية، فثمة ثورة على تشريعات الدول التي تُجرّم المثلية الجنسية، وغزا موضوع المثلية الجنسية وثائق الأمم المتحدة، وتم تأیید إلغاء تجريم المثلية الجنسية من لجان الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، وتصدّت المحاكم في العديد من الدول للقوانين التي تُجرّم المثلية الجنسية وقضت بعدم دستوريتها بزعم انتهاكها لحقوق الإنسان، وطرح موضوع المثلية الجنسية بشكل صريح في المؤتمرات الدولية والإقليمية.

وفي اجتماع مجلس الاتحاد الأوروبي في (لوكسمبرج) بتاريخ (٢٤ من يونيو ۲۰۱۳ م) نوقشت: (المبادی التوجیهیة التعزیز و حمایة التمتع بجمیع الحقوق الإنسانية للأشخاص المثليين من الجنسين، وذوي ازدواجية الميول الجنسية، والمتحولين جنسياً)،

وأقر المجلس مبادى توجيهية في هذا الصدد، وجاء في أولى هذه المبادى ما نصه:

(حقوق المثليين محفوظة بناء على قانون حقوق الإنسان، إلا أن هناك أعمالاً يجب القيام بها غالباً من أجل ضمان التمتع الكامل بحقوق الإنسان للمثليين، فإن لهم نفس الحقوق التي للاخرين، لم ترسم لهم حقوق جديدة، ولا ينبغي أن يُحرموا شيئاً من تلك الحقوق، وتلتزم الوحدة الأوروبية بمبدأ عالمية حقوق الإنسان، وتؤكد من جديد أنه لا يجب الاستدلال بالقيم الثقافية والتقليدية أو الدينية لتبرير أي شكل من التمييز، بما في ذلك التمييز ضد الأشخاص المثليين)

وبات الأمر المؤرّق والمُخيف في بحث موضوع المثلية الجنسية في القوانين الوضعية الحالية؛ هو التنظيم القانوني والتشريعي للمثلية، والاعتراف للمثليين بالحق في تكوين أسر مثلية موازية للأسر الطبيعية، واستطاع أنصار المثلية الجنسية أن يقحموا موضوعهم ضمن موضوعات حقوق الإنسان، ويبعدوا عن المثلية وصف الشذوذ أو المرض النفسي، بل انتقل دعاتها من مرحلة الدفاع إلى الهجوم، ومن مرحلة التقرير إلى الإلزام، ومن مرحلة الاستخفاء إلى المجاهرة، حيث تحدّوا القوانين والشرائع التي تحرّم هذا الفعل الشنيع وتجرّمه، ورغم قلّة عدد الدول التي تجيز تشريعاتها الشراكة المثلية والزواج المثلي؛ إلا أنه يزداد، فيمن حين لآخر نرى دولاً أجازت الزواج المثلي، أو الشراكة المثلية.

إننا أمام كارثة إنسانية لا بد من مواجهتها بمختلف الوسائل والأساليب، ولا بد للمنظمات والهيئات الإسلامية العالمية من التصدي لهذا التدخل الغربي السافر لفرض هذه الظاهرة الشاذّة على الدول الإسلامية، وحملها قسراً على الاعتراف بها وسنّ القوانين من أجل حمايتها.
وإن أسباب انتشار هذه الظاهرة، وانتشار هذا الانحراف، تعود في جوهرها إلى تلك المنظمات الدولية التي تروج لهذا الشذوذ، وترعى المبتلين به و تدعمهم، وتسن القوانین لحمایتهم.
وقد ركزت الأمم المتحدة على تشريع الشذوذ في عام ۱۹۵۱م، وتحركت في هذا الإطار إلى أن وقعت ستة وستون دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة بيانا يتعلق برفع العقوبة عن المثلية الجنسية، وكان ذلك في (ديسمبر) عام ۲۰۰۸م، ومن أهم المؤتمرات التي تناولت موضوع الشذوذ مؤتمر القاهرة، والذي عقد في عام ١٩٩٤م، ولم يقتصر الدعم الدولي للشواذ على بعض منظمات الأمم المتحدة، بل اتسع ليشمل بعض الدول والحكومات الغربية التي تقدم التسهيلات للشواذ، ومن ذلك تقديم حق اللجوء السياسي.

ومن أسباب الانحراف:

وسائل الإعلام المُنحرفة، فلها تأثيرها البالغ في جرّ الناس والنفوس إلى الهاوية، في صورها، وكلماتها، وانفعالاتها، وقصصها، ومُسلسلاتها، مما يبعد عن الحياء والحشمة، والوقار، والعفة، والغيرة، والمروءة.
ويكثر في ذلك بعض الكتابات، والمقالات المُنحرفة، والروايات الساقطة، و سير المُنحرفين والشاذّين، وما يُسمُّونه بمُغامراتهم العاطفية، ومُراهقاتهم الشانئة.
لا بدّ من الرقابة الصارمة على هذا الإعلام المُنحرف، وعدم التهاون في بثّ ما يُروّج له أو يُهوّن من وقعه من القصص الخليعة، أو التمثيليات الساقطة، والروايات الإباحية، والشذوذ الممقوت، نسأل الله الحماية والعافية.

و من أسباب الانحراف: التهتّك، و التبرّج، والسّفور، وما يدعو إليه من إطلاق البصر، والنظر بريد الفواحش، وهو سهم من سهام إبليس.
والحشمة والسّتر لا يبعثها إلا دين أو خلق، والسّتر والاحتشام مُنسجم مع الغيرة، والعريّ والتهتك مُنسجم مع الشهوة؛ فالغيرة تبعث على الحجاب، والشهوة تبعث على السّفور، ودعاة الانحراف ضحّوا بالغيرة من أجل المُتعة باخراج النساء کاسیات عاریات في مُقابل التنازل عن غیرتهم علی أزواجهم وبناتهم وأخواتهم.

و من أسباب الانحراف : سوهٔ استخدام أدوات التواصل من الهواتف، والشبكات، والمواقع، وما يجُرّه ذلك من سوء القول والعمل، مما يُوقع في سوء العواقب وسوء الفعال.

وإن من ضعفت غيرته على دينه ضعفت غيرته على عرضه لا محالة، وقد قالوا – وبئس ما قالوا-: إن الحجاب والحشمة والمُحافظة هي التي تدعُو إلى الكبت والحرمان وقد كشفوا كل شيء، وأباحوا كل شيء، وما زادهم ذلك إلا سعارًا وجنونًا في الجري وراء الشهوات، وإشباع الغرائز في الحرام، فأحلّوا ما حرّم الله، وحرّموا ما أحل الله، حتى كادُوا أن يقولوا لأهل العفة والحشمة والكرامة: ” وأخرجُوهُم من قريتكمْ إِنَّهم أناس يتطهّرون » (الأعراف: ۸۲).

وإن رابطة العالم الإسلامي – من منطلق اهتمامها بشؤون العالم الإسلامي، وحرصها على متابعة قضايا المسلمين- تتابع هذا الموضوع الأخلاقي الخطير بقلق واهتمام بالغين، وتدعو الدول الإسلامية – حكومات وشعوبا- إلى أخذ الحيطة والحذر من تداعياته وخلفياته وسوء مقاصده، والآثار السلبية الناجمة عن انتشاره، فما يحدّث اليوم ما هو إلا مؤامرة لجرّ مجتمعاتنا الإسلامية إلى الانحلال الأخلاقي ، والانهيار الاجتماعي الذي أصاب المجتمعات الغربية، والذي يراد جرّ العالم الإسلامي إليه؛ ولقد عبّر عن ذلك البروفيسور الأمريكي (ويلكنز) بقوله: (إن المجتمع الغربي قد دخل دوّامة الموت، ويريد أن يجرّ العالم وراءه).

وبناء عليه، وقياماً بالواجب الشرعي في البيان والنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدفاع عن العقيدة والدّين والقيم كما أمرنا الله به في قوله تعالى: “ وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» (آل عمران: ١٠٤).

وحفاظاً على المجتمعات الإسلامية من الانحلال الأخلاقي، والانهيار القيمي، ومن خلال متابعة ما يرد حول هذه الظاهرة؛ والعوامل المؤثرة في انتشارها في العالم؛ والآثار الناجمة عنها، و بعد الاطلاع علی الدراسات الإحصائية العالمية الواردة حولها؛ فإن الرابطة تقف إزاء هذه الظاهرة الأخلاقية المنحرفة وقفة تمحيص وتفنيد، وذلك من خلال الصفحات التالية:

الشذوذ الجنسي في الديانات الكتابية وغير الكتابية:

هذا الفعل الشنیع لم یقتصر تجریمه و تحریمه علی الدین الاسلامي فحسب، بل هو محرّم في الأديان السماوية جميعها، بما فيها الديانات التقليدية، وفيما يلي بیان ذلك:

أولاً: موقف الشريعة الإسلامية:
أما الشريعة الإسلامية فقد حرّمت هذا الفعل وجعلته كبيرة من كبائر الذنوب التي يعاقب عليها فاعلها بأشدّ العقوبات، كما انعقد إجماع علماء المسلمين من كافة المذاهب على ذلك، وقد استدل العلماء على تحريم (اللواط)، و(السحاق) من القرآن الكريم والسنة المطهرة:
فمن القرآن قوله تعالى: “وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ» (الأعراف: ٨٠)، وقوله تعالى:” أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ» [الشعراء:۱٦۵)، و قوله تعالی: «وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ ۗ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ » (الأنبياء:٧٤).

ومن السنة النبوية: ما روى ابن عباس أن النبي (ص) قال: «لا ينظر الله إلى رَجُل أتى رَجُلا أو امرأة في الدّبره”،(۱) وقال (ص): «من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول بها”،(۲) وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله “لعن الله سبعة من خلقه، فردّ رسول الله(ص) على كل واحد ثلاث مرّات، ثم قال: ملعون ملعون ملعون من عمل عمل قوم لوط…) “،(۳) وعن جابر قال: قال رسول الله (ص): «إنّ أخوف ما أخاف على أمتي عمل قوم لوط”،(۴)
وعن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: أربعة يُصبحونَ فِي غضب الله ويمشون في سخط الله، قلتُ: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ الله؟ قال: المتشبّهين من الرّجال بالنساء، وَالمُتشبهات من النساء بالرّجال، والذي يأتي البهيمة، والذي يأتي الرّجال”،(۵) وقال (ص) محذرا أمّته من هذا الفعل الشنيع: وإذا استحَلّت أمّتي ستّا فعليهم الدّمّار: إذا ظهر فيهم التلاعن، وشربوا الخمور، ولبسوا الحرير، وَاتّخذوا القيان، واكتفى الرّجال بالرِّجَال، وَالنَّسَاء بالنساء”،(۶)

وعن عبد الله بن عمرَ قَالَ: أقبل عَلَيْنَا رَسُولُ الله (ص)، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنَّ، وَأَعُوذ باللّه أن تُدركُوهُنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يُعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلائهم الَّذِينَ مَضوا..”.(۷)
ولقد اتفق فقهاء الشريعة الإسلامية على تحريم المثلية الجنسية الأنثوية (السحاق)، واستدلوا عليه بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ» (المؤمنون: ٥-٧)، فلما كانت المرأة لا تحل إلا لزوجها؛ فإنه يحرم عليها إباحة فرجها أو جسدها لغير زوجها، سواء أكان رجلاً أو امرأة.

وقد أكد سبحانه وتعالى على شأن فحش المثلية الجنسية (اللواط) بأنها لم يعملها أحد من العالمين قبل قوم لوط، فقال تعالى: ” مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ ” [الاعراف : ۸۰]، ثم زاد في التأکید بأن استنکر ما تشمئز منه القلوب، وتنبو عنه الأسماع، وتنفر منه الطباع أشدّ نفرة، وهو إتيان الرجل رجلاً مثلّه، فقال تعالى: (إنّكم لتأتُونَ الرجال» (الأعراف: ۸۱)، ثم نبّه على استغنائهم عن ذلك، وأن الحامل لهم عليه ليس إلا مجرد الشهوة، لا الفطرة التي لأجلها مال الذكر إلى الأنثى لقضاء الوطر وتحقيق لذة الاستمتاع، وحصول المودة والرحمة، وحصول المودة و الرحمة، و حصول النسل الذي يحفظ هذا النوع الإنساني الذي هو أشرف المخلوقات، وتحصين المرأة، وقضاء وطرها، وحصول علاقة المصاهرة التي هي أخت النسب، وقيام الرجال على النساء، وخروج أحب الخلق إلى الله من جماعهن كالأنبياء والأولياء والمؤمنين، ومكائرة النبي(ص) الأنبياء بأمته، إلى غير ذلك من مصالح النكاح.

والمفسدة التي في اللواط تناقض وتنافي ذلك كله، وتربو عليه بما لا يمكن حصر فساده ولا يعلم تفصيله إلا الله، ويتأكد قبخ ذلك بأن اللوطية عكسوا فطرة الله التي فطر الرجال عليها، وقلبوا الطبيعة التي ركبها في الذكور -وهي اشتهاؤهم النساء دون الذكور – فقلبوا الأمر، وعكسوا الفطرة والطبيعة، فأتوا الرجال شهوة من دون النساء، فقلب الله سبحانه عليهم ديارهم، فجعل عاليها سافِلَها، وكذلك قلبوا هم، و نکسوا علی رؤوسهم، و حکم سبحانه علیهم بالإسراف ومجاوزة الحد، فقال تعالى: “بل أنتم قوم مُسرفون »( الاعراف، ٨١)(۸) ولما كانت مفسدة اللوطية من أعظم المفاسده كانت عقوبته في الدنيا والآخرة من أعظم العقوبات.

ومما يؤكد على شناعة وقبح هذا الفعل ؛ أن الله تعالى سمّاه فاحشة لاشتماله علی مفاسد کثیرة، منها: استعمال الشهوة الحیوانیة المغروزة فی غیر ما غرزت عليه، لأن الله خلق في الإنسان الشهوة الحيوانية لإرادة بقاء النوع بقانون الشهوة في غير الغرض الذي وضعها الله لأجله؛ اعتداءً على الفطرة وعلى النوع، ولأنه يغير خصوصية الرّجولة بالنسبة إلى المفعول به؛ إذ يصير في غير المنزلة التى وضعه الله فيها بخلقته، ولأن فيه امتهاناً محضاً للمفعول به؛ إذ يجعل آلة لقضاء شهوة غيره على خلاف ما وضع الله في نظام الذكورة والأنوثة من قضاء الشهوتين معا، ولأنه مُفضي إلى قطع النسل أو تقليله، ولأن ذلك الفعل يجلب أضراراً للفاعل والمفعول بسبب استعمال محلّين في غير ما خلقا له”.(۹)

ومما جاء في تشدید الانکار علی هذا الفعل الشنیع؛ قوله تعالی لقوم لوط: ماسبقكم بها من أحد من العلمين »، فهم الذين سنّوا هذه الفاحشة السيئة للناس، فلم تخطر ببال أحد، وإن كثيراً من المفاسد يكون الناس في غفلة عن ارتكابها لعدم الاعتياد عليها، حتى إذا أقدم أحد على فعلها، وشوهد ذلك منه، تنبّهت الأذهان إليها، وتعلقت الشهوات بها”.(۱۰)
ولا يخفى أن الجرأة على الفواحش تُجْرَّئ مُرتكبها على قطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة المال والأهل والأولاد.

إن حفظ النسل المؤدي إلى حفظ النوع الإنساني؛ مقصد عظیم من مقاصد الشرع، وقد عدّه العلماء من الضروريات الخمس فقالوا: (إن الزواج مندوب في حق کل من یرجی منه النسل ولو لم یکن له في الوطء شهوة)، و من أجل حفظ النسل ؛ حرّم الإسلام الفواحش بشتى صورها، كالزنا الذي يؤدي إلى اختلاط الأنساب، وشيوع العلاقات غير الشرعية، كما حرّم اللواط والشذوذ الجنسي.
ولم تزل الشرائع تعنى بضبط أصول نظام العائلة، الذي هو اقتران الذكر بالأنثى المعبّر عنه بالزواج أو النكاح، فإنه أصل تكوين النسل وتفريع القرابة بأصولها وفروعها”.(١۱)

ثانياً: موقف اليهودية:

لا تجيز اليهودية ممارسة الجنس خارج إطار الزوجية، وتعتبر كل ممارسة خارج هذا الإطار انحرافا، ویتحدث الکتاب المقدّس عن العلاقة الزوجية باحترام بارز، ويشرح أهدافها وغاياتها كما في سفر التكوين: (فخلق الله الإنسان على صورته ذكراً وأنثى، خلقهم وباركهم وقال لهم: أثمروا واملؤوا الأرض)”.(۱۲)
واعتبرت أسفار الكتاب؛ العلاقة الزوجية وثيقة إلهية مقدّسة: (أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى، وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسداً واحداً.. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان)”.(۱۳)

وفي مقابل ذلك يعتبر الكتاب المقدس الوقوع في المثلية الجنسية دنساً وأمراً محرّماً، فقد جاء في سفر اللاويين: (لا تضاجع ذكراً مضاجعة امرأة، إنه رجس)”،(۱۴) وهذا الرجس عاقبته القتل لكل من الفاعلين: (إذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة؛ فقد فعلا رجسا كلاهما، إنهما يقتلان ودمهما عليهما)”.(۱۵)

ويتحدث الكتاب عن العقوبة التي حاقت بقوم لوط، فقد دمّرهم الله تدميراً”(۱۶) وسبب هذا التدمير هو الفاحشة، فقد أراد الله أن يجعل هلاك مدينتي قوم لوط (سديم وعمورة)عبرة لأهل الفواحش”.(۱۷)

أما اليهود المعاصرون؛ فتنقسم آراؤهم حول المثلية الجنسية إلى موقفين:
موقف المتدينين المتشدّدين الذين لا يُظهرون تسامحاً أبداً تجاه المثليين، ويمنعونهم من المهام القيادية، ويُصرّون على معاملتهم على أنهم مرضى.
وموقف المتساهلين الربانيين الذين يدعمون مسألة المساواة المدنية للمثليين، ويستنكرون العنف ضدهم، ويرفضون الرأي الديني المعارض لهم، و یطلبون من رجال الدین مبارکة زواج المثلیین، و مع وضوح موقف التوراة واليهود التقليديين من المثلية، إلا أن الأمر غير محسوم في الوقت الحاضر لدى اليهود المعاصرين.

ثالثاً: موقف المسيحية:

ولما کان النصاری یؤمنون بالعهد القدیم؛ فانهم تابعوا الیهود فیما ذکرناه آنفاً من كراهية المثلية وتحريمها، وقد دعا بولس (الرسول) الزوجين إلى التحابب: (يجب على الرجال أن يحبوا نساءهم كأجسادهم، من يحب امرأته يحب نفسه، فإنه لم يبغض أحد جسده قط، بل يقوته.. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه، ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسداً واحداً)”.(۱۸)

وتُدين الكتب النصرانية الشذوذ الجنسي، وتحذّر من مغبة القيام بهذا الفعل، فقد حذر بولس من هذا السلوك الشاذ في أكثر من رسالة، وأكد على أن (اللواط والسحاق) عقوبة إلهية، وسماها نجاسة وجهلاً: (وبينما هم يزعمون أنهم حكماء؛ صاروا جهلاء، وأبدلوا مجد الله الذي لا يفنى بشبه صورة الإنسان الذي يفنى.. لذلك أسلمهم الله أيضاً في شهوات قلوبهم إلى النجاسة، لإهانة أجسادهم بين ذواتهم الذين استبدلوا حق الله بالكذب.. لذلك أسلمهم الله إلى أهون الهوان، لأن إناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة، وكذلك الذكور أيضاً تاركين استعمال الأنثى الطبيعي، اشتغلوا بشهوتهم بعضهم لبعض، فاعلین الفحشاء ذکوراً بذكور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم) “.(۱۹)

ويعدد بولس الأصناف المحرومة من دخول الجنة، فيجعل منهم؛ الشذاذ: (أم لستم تعلمون أن الظالمين لا يرثون ملكوت الله؟ لا تضلوا، لا زناة، ولا عبدة أوثان، ولا فاسقون، ولا مضاجعو ذكور)”.(۲۰)
ثم يعدد بولس أنواع الأثمة الذين بعث الله شريعته لإصلاحهم، فيذكر منهم أهل العلاقات الشاذة، فيقول: (الناموس لم يوضع للبار، بل للآثمين والمتمردين، للفجار.. ولمضاجعي الذكور)”.(۲۱)

وقد تباينت الآراء في الديانة المسيحية حول موضوع المثلية الجنسية والشذوذ، فهناك عدم اتفاق بين الكنائس الغربية والشرقية حول هذا الموضوع.

أما الكنيسة الأرثوذكسية فقد حافظت على موقفها المُدين لممارسة الشذوذ، واعتبرته خطيئة وفعلاً لا أخلاقيا، وهي تعتقد بأن واجب الكنيسة هو السعي إلى إصلاح الش اذعان طریق شفائه روحیا و جسدیا، ولیس مبارکة ممارسته أو استحداث القوانين لتشريعها، وتشاركها في توجهها معظم الكنائس البروتستنتية، إلا أن بعضها الآخر يقرّ هذه العلاقة ويبدي انفتاحا على المثلية الجنسية.

أما الكنيسة الكاثوليكية فكانت صاحبة الموقف الأقوى في التصدي لهذه العلاقة، فقد قال البابا السابق بندکتوس السادس عشر: (زواج المثلیین خطر علی مستقبل البشریة)، و ذکر أساقفة أنکلیکان عام ۱۹۹۸ م أن الزواج یکون مدى الحياة بين الرجل والمرأة، وأن الشذوذ الجنسي لا يتفق مع ما جاء به الكتاب المقدس، وأن زواج شخصين من جنس واحد مرفوض.

والجدير بالذكر أن الكنيسة المسيحية تتعرض حالياً لضغوطات من قبل الشاذین جنسیا من اجل تغییر موقفها من الشواذ،والسماح لهم بالزواج المثلي و تغییر الجنس وغیره، ولکن الکنیسة لم تُغيّر موقفها، وأصدر الفاتيكان وثيقة تمنع الشاذين جنسياً من كل ممارسة حتى من الزواج، إلا أن هذا الرفض لم يمنع الكنيسة من إبداء بعض اللين، ففرّقت بين من له مجرّد ميل تجاه الجنسية المثلية دون ممارستها فتسامحت معه، وبين من يمارس الجنسية المثلية فعلياً، فحرّمت فعله،

فالبابا الحاليفرنسيس قال في إحدى أكثر تصريحات الكنيسة الكاثوليكية انفتاحا على قضية المثلية الجنسية : (إذا كان الشخص مثلياً، لكنه مؤمن بالله وبإرادته، فمن أكون أنا حتى أصدر حكماً مسبقاً بشأنه)، وحث في رحلة عودته من البرازیل المسیحیین الی عدم تهمیش المثلیین في المجتمع.

وحين أكد رفض الكنيسة للزواج المثلي عقبه بما يفيد احترامه ومحبته للمثليين: (إن الله خلق الإنسان، رجلاً وامرأة، وأعدهما جسديا الواحد للآخر، في نظام قائم على العلاقة المتبادلة، يثمر في وهب الحياة للأولاد، لهذا السبب لا توافق الكنيسة على الممارسات المثلية، لكن المسيحيين مدينون لجميع البشر، بالاحترام والمحبة، بغض النظر عن توجههم الجنسي، لأن جميع البشرهم موضع اهتمام الله ومحبته). وهو ما ينبئ بحسب بعض المختصين بوقوع تحولات عميقة مستقبلاً في التعاطي مع هذه المسألة.

رابعاً: موقف الديانات الأخرى:

المثلية محرمة في الديانات غير السماوية، وبيان ذلك كما يلي:
فالديانة الهندوسية تُحرّمها، ووفقاً لقوانين (مانو سمرتي)؛ فإن الشذوذ الجنسي بين الذكور، وكذا بين الإناث؛ يعاقب عليه بطقوس استحمام وغرامات وتشهير أمام العامة على منصة التشهير، وتصل العقوبة إلى حد قطع أصابع اليد.

وفي الديانة البوذية؛ فإن القاعدة الثالثة من التعاليم الخمسة في الديانة البوذية، توجب الابتعاد عن الميول والسلوكيات الجنسية السيئة، وفسّرت هذه القاعدة على أنها تشمل الشذوذ الجنسي. والديانة السيخية تحرّم الشذوذ الجنسي، ففي عام ( ۲۰۰۵م) اعتبرت أعلى سلطة دينية سيخية في العالم أن الشذوذ واللواطة ضد الدين السيخي والرمز الديني السيخي للاتصال الجنسي، وضد قوانين الطبيعة، ودعت السلطة العليا للسيخ أتباع هذا الدين أن يناصروا القوانين التي تجرّم الشذوذ.

وفي الديانات الصينية؛ فإن أي سلوك جنسي شاذ؛ غير محبّب، فوفقاً لتعاليم الديانة الكونفوشيوسية؛ فإن الشاذين جنسياً خارجون على مبادئ الديانة الكنفوشيوسية التي تشجّع على التناسل، كما أن الطاوية –وهي ديانة سائدة في الصين – تعتبر الشذوذ الجنسي لا يحقق الاتزان، ووفقاً لمبادئها فإن الذكر يحتاج للطاقة الموجودة في الأنثى، والأنثى تحتاج للطاقة الموجودة في الذكر، وهذا الاتزان لا يتم الوصول إليه من خلال ممارسة الجنس المثلي، على أن موقف الديانة الطاوية غير واضح من المثلية الجنسية الرضائية في الكتب المقدسة لهذه الديانة؛ مثل كتاب (تلو تكيق) و(زهون جازي). وبهذا يتضح لنا أن هذا السلوك محرّم وغير مقبول في الديانات جميعاً، ورغم بعض المحاولات المُغرضة لإسباغ شرعية دينية عليه في اليهودية والمسيحية؛ إلا أن أغلب أتباع هذه الديانات يُنكرون هذا السلوك الذي يخالف الفطرة البشرية السوية، ويخالف ما جاء في الكتب السماوية.

الشذوذ الجنسي في نظر بعض العقلاء في الغرب :
الغربیون الذین ينادون بتشريع المثلية؛ ليسوا على درجة واحدة في نظرتهم لهذا الأمر، فالكثيرون من المنصفين الغربيين أدركوا خطورة هذا الأمر من الناحية الدينية والأخلاقية والإنسانية والاجتماعية، وفيما يلى نقل بعض اعترافاتهام في ذلك :

– يقول الفيلسوف الفرنسي (فوكو): إن فهم الغربيين للجنسية المثلية یتأتّی من معایشة مرحلتین:

الأولى: عندما حاول المحللون النفسيون في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي: إعادة تعيين الجنسية المثلية من منظور علماني بعيداً عن الحكم المسيحي الذي حرّم هذا الفعل.
والثانية: عندما استطاعت تلك الأقلية الشاذة التي اختلقها المحللون النفسيون ؛ تحويل هويتهم الجنسية إلى مصدر قوة لهم وتناصر.

– اعتبر الرئيس الأمريكي الأسبق (نيكسون) أن هؤلاء الشاذين يقوّضون أرکان المجتمع، وأن الذي أضاع الإمبراطورية الإغريقية هو الشذوذ الجنسي، وذكر أن أرسطو كان شاذاً، وكذلك سقراط، وأن الذي هدم الإمبراطورية الرومانية هو انحلال الأباطرة، ومضاجعة الباباوات للراهبات، ويخلص نيكسون في النهاية إلى أن أمريكا تتجه إلى المصير ذاته.
– حذر الملياردير الفرنسي (سيرج داسو) من أن الشذوذ الجنسي يعني انهيار الدول والحضارات، مستشهداً في ذلك بسقوط الإمبراطورية الإغريقية.

– عقّب الملياردير اليهودي (داسو) في تصريح لصحيفة «فرانس كولتور، علی قرار الحکومة الفرنسیة الاشتراکیة بالموافقة علی قانون الزواج للجميع الذي يسمح بزواج مثليي الجنس، محذراً من أنه يهدد فرنسا بالانقراض، وقال: «زواج الرجل بالرجل، وزواج المرأة بالمرأة، يعني توقف المجتمع الفرنسي عن تجديد نفسه بأجيال جديدة ».

وصف بابا الفاتیکان (بندیکت السادس عشر) زواج الشواذ جنسیا بأنه أحد عدة مخاطر تهدد النظام التقليدي للأسرة، وتقوض مستقبل البشرية نفسها، وأدلى البابا بأعنف تصريحاته المناهضة لزواج الشواذ جنسياً في احدی خطبه آمام الدبلوماسین المعتمدین لدی الفاتیکان، و تطرّق لبعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه العالم اليوم وفقاً لرويترز، وقال لدبلوماسيين من نحو ١٨۰ دولة: إن تعليم الأطفال بحاجة إلى أوضاع ملائمة، وإن مكان الصدارة يذهب إلى الأسرة القائمة على زواج رجل وامرأة.
وتابع قائلاً: «هذه ليست معاهدة اجتماعية فحسب، بل الخلية الأساس لكل مجتمع)، وبناء على ذلك؛ فإن السياسات التي تقوض الأسرة تهدد كرامة الإنسان ومستقبل البشرية).
– صرّح (مارتن ماير) مؤسس «شبكة العمل المسيحية) المحافظة؛ بأن الشذوذ الجنسي ضار ويؤدي إلى انتشار الأمراض، وقال: «أنا لستُ علی استعداد لتسليم هذه الأمة العظيمة لأحد أكثر حكومات العالم تطرفاً و رادیکالیة، من الشواذ جنسیاً ناقلی المرضی والسحاقیات المعاديات لقيم الأسرة.

يقول العالم الغربي (شتاين) عن آثار الابتعاد عن الشذوذ: «تجمعت الشواهد و البینات علی أنّه فیما بین عامي (۱۹۸۳ م – ۱۹۸۷ م) غیّر الشّذّاذ جنسياً وممارسو الجنس وثنائيو الجنس، سلوكهم ونتج عن ذلك انخفاض في حالات الإيدز بينهم.
عبرت نائبة أمريكية سابقة عن ولاية أوكلاهوما، عن استغرابها من الصمت الذي يتعامل معه المجتمع إزاء الشذوذ الجنسي الذي وصفته بأنه: «نقرة الموت بالنسبة للدولة الأمريكية، وأنه أخطر عليها من الإرهاب)، وأضافت في عدة حوارات لها: «أن المثليين خطر على الأمة والنسيج الأخلاقي والعائلة والزواج التقليدي الذي أبقى على الأمم لالاف السنين.

في فرنسا يترأس (فريجيد بارجو) حركة مناهضة زواج مثليي الجنس بفرنسا، ومناهضة نظرية النوع باعتبارها الأساس الفلسفي لشرعية الشذوذ الجنسي، وتجوب الحركة العالم للتواصل والتعبئة وشرح مخاطر زواج مثليي الجنس، وانعكاساتها السيئة على الفطرة البشرية السليمة، ونظمت احتجاجات للضغط على الحكومة الفرنسية لتتراجع عن تطبيق ما يسمى ب”قانون طوبيرا”، وقد سبق لرئيس الحركة أن زار المغرب أيضاً لهذا الهدف، احترازاً من التأثيرات المحتملة للقانون المذکور علی المجتمع المغربي.

الشذوذ والاعتداء على الفطرة الإنسانية والصحة المجتمعية:
خلق الله تعالى هذا الكون وجعله قائماً على قاعدة كونية تسمّى قاعدة الزوجية فقال تعالى: ( سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ * يس :٣٦)، وقال تعالى: ( وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» (الذاريات:٤٩)، وعلى هذه القاعدة يسير هذا الكون بما فيه من الجمادات والحيوانات والنباتات والإنسان، فالذّرة تتكون من إليكترون وبروتون، والحيوانات والنباتات فيهما الذكر والأنثى، والكهرباء فيها الموجب والسالب.

والإنسان أيضاً خلقه الله تعالى من ذكر وأنثى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى الحجرات: ١٣)، (ويَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء ، النساء:١)، وجعل الرجل يسكن إلى المرأة، والمرأة تسكن إلى الرجل: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ » (البقرة:١٨٧)، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا» (الأعراف:١٨٩)، فهذا الميل الفطري بين الجنسين هو الأصل في الإنسانية، وهو السبيل لاستمرار الحياة البشرية وبقاء النوع الإنساني على الأرض، لأن الله تعالى جعل التناسل بملاقاة الرجل بالمرأة ( والله جعل لكم من أنفسكم أزوجا وجعل لكم من أزوجكم بنين وحَفَدّة ورزقكم من الطيبات، (النحل: ٧٢).

فمن خالف هذه القاعدة الكونية وأراد أن يستغني بمثله عن الجنس الأخر؛ فقد خالف الفطرة الإنسانية السليمة، وحكم بانتهاء البشرية بعد جيل أو جيلين، لعدم تحقق التناسل بين المتماثلين.

إن استغناء الرجل بمثله، واستغناء المرأة بمثلها، مُضادّ للفطرة الإنسانية السوية، وكل ما يُضاد الفطرة فلا مصلحة من ورائه، لا للإنسان ولا لغيره من الأحياء. ومن هنا فإن المثلية الجنسية التي ينادي بها الغرب حاليا؛ ضد مصلحة الإنسان ومستقبله.

والمناداة بالمثلية الجنسية تعنى تقويض عرى الأسرة المسلمة وتغيير أشكالها الفطرية المكوّنة من امرأة ورجل وأطفال، إذ أن ممارسة الشذوذ تؤدي إلى عزوف الشباب عن الزواج الشرعي، كما يُسهم في زيادة نسبة المشكلات الاجتماعية، من عنوسة وطلاق وخيانة وعجز جنسي.

إن المثلية الجنسية تعتبر في الحقيقة اعتداءً صارخاً على صحة الشخص المثلي من حيث لا يشعر، وقد أكد على ذلك ديننا الحنيف قبل أربعة عشر قرناً، حيث حذر رسولنا(ص) من هذا، فعن عبد الله بن عُمر قال: أقبل عَلَيْنَا رَسُولُ الله(ص)ِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُهاجرين، خمس إذا ابتليتم بهنَّ، وَأَعُوذ باللّه أن تُدركُوهُنّ: لم تظهر الفاحشة في قوم قطّ حتّى يُعلنوا بها إلّا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلائهم الَّذِينَ مَضوا..”.(۲۲)

فحتی ما قبل عام (۱۹۷۳ م)؛ کان الشذوذ الجنسي مدرجاً في قائمة الاضطرابات النفسية في الكتيّب التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية، والذي يُعتبر المصدر الرئيس لتشخيص الاضطرابات النفسية في أمريكا وأغلب دول العالم، إلا أن ضغوط جمعيات الشواذ جنسياً؛ تسبّبت في تكوين لجنة لمراجعة موقف الكتيّب من الشذوذ الجنسي، وقررت اللجنة بسرعة لم يسبق لها مثيل؛ حذف الشذوذ الجنسي من قائمة الاضطرابات النفسية، وكشفت إحدى الإحصاءات عن اعتقاد ٦٩٪ من الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة بأن الشذوذ الجنسي تكيّف مرضي.

وكشفت إحصائية أخرى عن اعتقاد أغلب علماء النفس في العالم بأن ممارسة الشذوذ الجنسي علامة من علامات المرض النفسي، وقد أثبت عالم النفس الأمريكي (مارك بريدلوف) عام ١٩٩٧م؛ أن الممارسات الجنسية الشاذة قد تُحدث تغييرات في تركيب المخ.
وتقول الإحصاءات العالميّة: إن مُعدّلات انتشار مرض نقص المناعة الإيدز؛ تظهر في المخنّثين من الرجال والمُسترجلات من النساء بنسبة تزيد عن عشرين مرّة من غيرهم.

ففي تقرير مراقبة الإيدز لمراكز السيطرة والوقاية من الأمراض الأمريكية، Centers for Disease Control and Prevention و الذي صدر في يونيو من عام ٢٠٠٠م أعلن أن أغلبية حالات الإيدز بالولايات المتحدة تقع بين الرجال الذين يمارسون الشذوذ الجنسي مع الرجال، فمن بين ٧٤٥١٠٣ حالة إيدز بالولايات المتحدة الأمريكية يمثل الرجال الذين يمارسون الشذوذ الجنسي ٣٤٨٦٥٧حالة، هذا بالمقارنة بـ ١٨٩٢٤٢ حالة إيدز بسبب استخدام المخدرات المحقونة، ثم ٤٧٨٢٠ حالة بسبب ممارسة الشذوذ الجنسي بين الرجال، بالإضافة إلى تناول المخدرات المحقونة.

أما في تقرير الإيدز التابع لمنظمة الصحة العالمية فيمثل الشواذ جنسياً ٦ و٦٨٪ من حالات الإيدز بهولندا، و٨ و ١٠ ٪ في المملكة المتحدة، وذكر تلك الدولتين تحديدًا لأنهما سنتا قوانين ممارسة الشذوذ الجنسي بحرية تامة، وفي الوقت نفسه تدّعي وجود برامج توعية قوية لما يسمى «بالممارسة الجنسية الآمنة.

كما ذكرت المنظمات العالمية ظهور أوبئة جديدة بين هؤلاء الشواذ اللوطيين والسحاقيات في مناطق عديدة من العالم، وتتراوح الإصابة فيما بينهم إلى نسب تصل إلى ٦٨٪.
وهناك عدة دراسات قد أظهرت علاقة مباشرة بين ممارسة الشذوذ الجنسي والإصابة باضطرابات نفسية، نذكر هنا أحدثها، وهي دراسة قد نشرت في يناير من هذا العام في مجلة الطب النفسي العام Psychiatry Archives of General ، والذي قام به فريق هولندي، وقد وجد الفريق أن الشواذ من الرجال يصابون بالاضطرابات المزاجية التي تستمر لأكثر من ١٢ شهرًا بمعدل ٢،٩٤ مرة عن غيرهم من الأسوياء، كما يُصابون باضطرابات الحصر النفسي anxiety التي تستمر لأكثر من ١٢ شهرًا بمعدل ٢،٦١ مرة عن غيرهم من الأسوياء، كما أن الشواذ من النساء يصبن بالاضطرابات المؤدية إلى إساءة استخدام المخدرات بمعدل ٤،٠٥ مرات من غیرهن.
كل هذا في المجتمع الهولندي المرحب بممارسة الشذوذ الجنسي، وهو ما ينفي مزاعم الشواذ جنسيا بأن الاضطرابات النفسية التي يصابون بها ما هي إلا بسبب نظرة المجتمع الیهم. کما أظهرت دراسة أخری نشرت في أکتوبر ۱۹۹۹ في المجلة نفسها أن احتمالية محاولة الانتحار بين الشواذ من الرجال كانت الأعلى.

ومن الأمراض التی یبتلی بها هؤلاء الشّذاذ: الوباء الكبديّ، ومرض متلازمة أمعاء الشواذ، والحمّی المُضخّمة للخلايا، مع أمراض عصبية، واضطراباتِ نفسية، وقلق واكتئاب، وشعور بالنقص، قد يقود إلى القتل والانتحار – عياذا بالله -.
لا شك في أن من حق أي مجتمع أن يعيش بأمن وسلام، وعلى أفراده محاربة كل ما يخل بذلك، والمجتمعات التي يمارس فيها الشذوذ الجنسي بمختلف أشكاله وصوره؛ تفتقد الأمن، فتكثر فيها الجرائم بأنواعها، من قتل وسرقة وإدمان للخمور وتعاطى المخدرات والعنف والاعتداء على الاخرين وبخاصة الأطفال.
والشذوذ الإنساني بمختلف أشكاله – وبخاصة الجنسي – يعد خروجاً عن الدين والأخلاق الحميدة والقاعدة الطبيعية، بل وعن الطبيعة الإنسانية السوية، لذا فإنه لا يهدّد حاضر ومستقبل المجتمعات الإنسانية ويقضي على مقومات حياة أجيالها القادمة فحسب، وإنما يهدد أمنها واستقرارها الوطنى ويفكك المجتمع بعد أن تفكك بنيه الأسري.

الشذوذ الجنسي ومصادمته للحرية الشخصية:

و بیان ذلالک من و جهین:
الوجه الأول: أن مبدأ (الحرية) ليس على إطلاقه في كل شيء، بل هو مقيّد بما لا يضر بالمجتمعات واستقرارها مالياً ودينياً وثقافياً وأمنياً وغيره، بدليل
اتفاق الجميع على تقييد حرية الفرد بمنعه من السرقة والقتل وإتلاف الممتلكات العامة، ومن المتفق عليه أن (حرية الفرد تنتهي عندما تبدأ حرية الاخرین).

الوجه الثاني: أن المجتمعات الغربية المنادية بـ(الحرية المطلقة) للأفراد؛ ناقضت نفسها، و قيدت الكثير من الحريات الشخصية في صور نتفق مع بعضها، ونختلف مع بعضها الآخر، ومن الأمثلة الصارخة على ذلك:
تقييد حرية الفرد في تسلّمه ميراثه من أبيه أو أمه أو أحد أقاربه قبل أن يبلغ سن الثامنة عشرة، رغم اتفاقهم على أن هذا السن هو سن بلوغ بلا خلاف، وانظر إليهم حين يبيحون للبنت في هذا السن أو قبله؛ أن تتصرف في جسدها كيف شاءت، وأن تفقد عذريتها دون زواج – بدعوى الحرية -، بينما يمنعونها من استلام ميراثها قبل بلوغها هذا السن؛ ولو بأسبوع واحد!

ولنا أن نتوجه إلى تلك المجتمعات بالتساؤلات التالية من خلال قاعدتهم الفاسدة في إطلاق مبدأ (الحرية الشخصية) بغير قيد أو شرط:
* هل تجيزون للرجل أن تتزوج أمّه أو إبنته أة أخته زواجاً رسمياً ينجبان فيه أولاداً فتختلط الأنساب ؟
* هل تقرون حق المرأة في أن تخون زوجها مع من تشاء؟
* هل تؤيدون حق الابن في أن ينتسب رسمياً إلى غير أبيه لو رغب في ذلك؟
* هل تؤيدون حق الزوجة في أن تتزوج رسمياً أكثر من زوج واحد؟
* هل تقرون حق الرجل في أن يُخصي نفسه كي يصبح راهباً أو قسيساً؟
* هل تُقرون حق الإنسان في قتل نفسه ليستريح من مرضي لا شفاء منه؟

الجنسية المثلية والقوانين الدولية

المبادى التوجيهية الصادرة من مجلس الاتحاد الأوربى بشأن الأشخاص ال(LGBTI) ذكرت أن حقوق هذه الفئة منصوص عليها في عديد من المواثيق الدولية، وله نطاق واسع من التطبيق بصفة خاصة على المستوى العالمي، وأشارت إلى أنه مدرج في المادتين (٢ و٢٦) من الميثاق الدولي للحقوق المدنية والسياسية، وفي المادة (٢) من الميثاق الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتذكر كذلك أن ما ذهبوا إليه أعلاه من تفسير بوجود هذه الحقوق في القانون الدولي لحقوق الإنسان تدعمه مختلف الهيئات بموجب معاهدات الأمم المتحدة والمقررين الخاصين.

أولا: وقبل أن نخوض في موضوع التنصيص على حقوق ال(LGBTI) في القانون الدولى لحقوق الإنسان من عدمه، يجدر بنا أن نتطرق إلى الأسس التى تنقسم إليها الصكوك الدولية ومدى إلزاميتها للدول وكيفية انضمام الدول إليها:

1- الأسس التي تنقسم عليها صكوك حقوق الإنسان :
تنقسم صكوك حقوق الإنسان إلى:

أ. صكوك بحسب الإلزامية، وهذه بدورها تنقسم إلى:
* صكوك ملزمة، لها قوة قانونية ملزمة على الدول المصادقة عليها أمام المجتمع الدولي، وتسمى عهود أو مواثيق.
* وصكوك ملهمة، وهذه الصكوك تعتبر ملهمة للدول الموقعة عليها، و تسمی اعلانات أو مبادی أو قواعد.
ورغم افتقار هذه الصكوك للقوة القانونية إلا أنها بدأت تأخذ قوة جديدة من خلال تحولها إلى عرف دولي مثل الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تم عقد مؤتمر في فینا سنة ۱۹۹۳ م حضره حوالي ۱۷۰ دولة، صادقوا کلهم علی هذا الإعلان بما فيهم المملكة العربية السعودية التي كانت قد امتنعت عن التصویت من قبل.

ب- صكوك بحسب التغطية الدولية، وهذه أيضاً تنقسم إلى:
* صكوك دولية، وهي الصكوك التي تصدر عن الأمم المتحدة، ويمكن لجميع أعضاء الأمم المتحدة الانضمام إليها.
* وصكوك إقليمية، وهي التي تصدر عن منظمات إقليمية مثل الإعلان الإسلامي لحقوق الإنسان، والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان، ويمكن لأعضاء المنظمة الإقليمية فقط الانضمام إليها.

٢- توقيع ومصادقة وتحفظ الدول على الصكوك الدولية:

أ- توقيع الدولة أو انضمامها إلى صك دولي يعني موافقة الحكومة من حیث المبدأ علی مضمونه دون التزام قانوني بها.
ب- المصادقة على صك دولي تعني التزام الدولة القانوني أمام المجتمع الدولي بتطبيق بنود الاتفاقية، وقد يشمل ذلك موافقة الجهات التشريعية مثل: البرلمان على الاتفاقية ومراجعة تعديل القوانين المحلية للدولة للتماشي مع بنود الاتفاقية.

ج- التحفظ على بند هو ألا تقر الدولة الالتزام بهذا البند على ألا يلغي هذا التحفظ روح الاتفاقية، مثل: تحفظ المملكة العربية السعودية على بعض بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي لا تتماشى مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ثانياً: بعد الإشارة إلى طبيعة الصكوك الدولية التي تنظم حقوق الإنسان الدولية ومدى إلزاميتها للدول نقرر الآتي:

١- أن المبادئ التوجيهية لتعزيز وحماية التمتع بجميع الحقوق الإنسانية للأشخاص ال(LGBTI) الصادرة من مجلس الاتحاد الأوربي هي إعلان مبادئ سياسى صادر من منظمة إقليمية وليس من منظمة دولية يراد له أن يكون في المستقبل قانونا دولياً.
٢- أن هذه المبادئ لا تعتمد على نصوص صريحة في الصكوك الدولية الثلاثة «التی تشکل أساس القانون الدولی لحقوق الانسان»، فهی تنص على حقوق الأشخاص ال(LGBTI)، بينما تعتمد على تفسيرات وآراء لبعض الخبراء والمقررين الخاصين بحقوق الإنسان لهذه الصكوك الدولية الغير متفق حولها حول عبارة «أو الجنس) الواردة في المادتين (٢ و٢٦) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

٣- حتى يجد مجلس الاتحاد الأوربي المرجعية القانونية في دفاعه عن الأشخاص ال(LGBTI) الذين نصب نفسه مدافعاً عن حقوقهم دون تكليف من المجتمع الدولي نص على عبارة «أو التوجه الجنسي) في المادة (٢١) من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي (منظمة إقليمية) الذي بدء العمل به في سنة ٢٠٠٠م إضافة إلى كلمة الجنس المنصوص عليها أصلاً، والتي قال سابقاً: إنها تعبر عن هذه الفئة، وأشار كذلك إلى مبادئ يوجيا كارتا في تطبيق قانون حقوق الإنسان الدولية فيما يتعلق بالأشخاص ال(LGBTI)، وهي نص تفسيري غير ملزم وضعه جمع من الخبراء عام ٢٠٠٦م، وأشار كذلك إلى بيان الأمم المتحدة حول هذه الفئة عام ٢٠٠٨م الغير ملزم، وهو بإشاراته هذه يريد أن يرسى سابقة التنصيص على هذه العبارة حتى تتبعه بقية الدول التى قرر في مبادئه التوجيهية أنها سوف تكون مجال عمله.

ثالثاً: وحتى لا نمكن هؤلاء من جعل حقوق الأشخاص ال(LGBTI) من ضمن حقوق الإنسان الأساسية يجب علينا كأمة مسلمة أن نقوم بالآتي:
١- أن نضع منهجاً محكماً وفعالاً وذا نفس طويل نطرح من خلاله رؤانا وليست حقوقاً مفتعلة أو منحة من أحد، وأن نبين لهم أن مصدرها واحد – عندنا وعندهم – حينما كانت لهم روح وأخلاق.
وقد تغير الحال حين سموا هذا المصدر (الطبيعة)، فحققوا ما نسبه الله سبحانه وتعالى إلى قولهم: نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدّهر».
٢- وأن نوضح لهم بأن القبول بمبدأ معين تحت الضغط الدولي لا يعني صحته والاستسلام لما ورد فيه، وأننا كأمة مسلمة نعمل بمبدأ تحقيق مناط الدين حتى في اجتهاداتنا الخاصة التي هي فقط قابلة للمراجعة التصويب، و لا تقبل المساس بديننا و ثوابتنا الثقافية التي قامت عليها عاداتنا وتقاليدنا التى يطالبون بتحييدها.
٣- أن نركز على البحث العلمي في كافة المجالات وخاصة في مجال محاولاتهم لإدخال هذه الفئة في مظلة القانون الدولي يستخدمون البحث العلمي حتى يثبتوا أن أفعال هذه الفئة تأتي غصباً عنهم، وأنهم أمرها، ويحاولوا إثبات أن قدرهم الجيني هو الذي أوقعهم في هذا.

وفي مقابله يجب أن نجيب عليهم بالعلم، وأن نوضح لهم ما أخفوه من البحوث التي تثبت أن هذه الفئة منحرفة، وأن أفعالهم تأتي بإرادتهم الحرة، وأن الوراثة ليس لها دخل في وضعيتهم، مؤيدين ذلك بالأبحاث العلمية والطبية التي
توضحه.
٤– الأدوات السابق ذكرها استغلها الأشخاص ال(LGBTI) في محاولة تغيير نظرة الناس الازدرائية لهم، وقد أفلحوا جزئياً حيث أنهم أجبروا الجمعیة الامریکیة للطب النفسي سنة ۱۹۷۳ علی رفع اسم الأشخاص الـ(LGBTI) من الدليل التشخيصي والإحصائي للمرضى النفسيين، على الرغم من أن الواقع بعد ذلك تغير بعد إجراء الكثير من البحوث على الأشخاص ال(LGBTI) تشير إلى أن المثلية مرض مكتسب من البيئة خلاف ما أشيع بضغط من الأشخاص ال(LGBTI) أن المثلية لها جين وراثي خاص بها حيث يعتبرون أن الفرق بين المثليين والغيريين مثل الفرق بين السود والبيض، أو الفرق بين الرجال والنساء، وقد أجريت أبحاث كثيرة على الأقارب والتوائم المتشابهة أو الغير متشابهة، وعلى عينات كثيرة من المثليين أثبتت أنه ليس مرضاً وراثیاً کما یزعمون.

٥– توجيه كافة الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية ضمن المنهج الموضوع بالتوحد حتى تبقى يداً واحدة على من سواها، وحثهم على طرق موضوع حقوق الإنسان بما فيها المثلية ومدى مجافاتها للفطرة السليمة، وأنه انحراف نفسي، وأنه غير وراثي، بل سلوك مشين مكتسب من البيئة، ويأتي بإرادة الأشخاص أنفسهم، وطرحه في كافة المحافل الدولية وجميع الوسائط الإعلامية على ضوء المعلومات المتحصل عليها أو المكتشفة لمنع استصدار قرار من الأمم المتحدة والحيلولة دون جعله قانوناً يسري على الكل؛ رضوا أم أبوا، فقد صرحوا بهذا الأمر في مقدمه مبادئهم التوجيهية التي يقولون فيها بأن حقوق المثليين محفوظة وفقاً للقانون الدولي، والمقصود: باعتبار ما سيكون، وأن مهمتهم الأساسية الآن تتمثل في كيفية جعل هذه الحقوق حقيقة وواقعة موجودة في العرف الدولي وفي كل دساتير وقوانين الدول سواء عن طريق الدعم المالي أو الضغط الدولي أو أي أسلوب يحقق لهم غرضهم الدنيء هذا.

الخاتمة

إن خطورة المثلية الجنسية لا تكمن في وجودها بالدرجة الأولى، ولكن تكمن في محاولة نقل التجربة الغربية إلى المجتمعات المسلمة، والسعي لفرضها على المجتمعات الإسلامية كما هي، والدعوة إلى حمايتها تقنيناً وتشريعا، متناسين نتائج انتشار هذه الظاهر ة في المجتمعات الغربية، والآثار السلبية الخطيرة التي تركتها على المجتمعات هناك.
من هنا؛ فإن الواجب على المسلمين وغير المسلمين؛ التكاتف والعمل يداً واحدة من أجل محاربة الشذوذ بشتى الوسائل الفردية والجماعية.
وفيما يلي جملة من التوصيات حول هذا الشأن:
۱- التشدید علی استخدام مصطلح (الشذوذ الجنسی) عند الحدیث عن هذا الفعل، ورفض استبداله بمصطلحات أخرى كالمثلية الجنسية، الذي يعتبر مجرد توصيف لما يسمى بالميل الجنسي للفرد، دون أن يحتوي على أي حكم أخلاقي بتحريمه وتجريمه ورفضه.
٢- بما أن الشذوذ الجنسي سلوك غير طبيعي، يخالف أحكام الشرائع السماوية كافة، وينافي القيم الاجتماعية في مجتمعنا المسلم، وفيه أضرار صحية ونفسية، فلا بد من الإبقاء على تجريمه في التشريعات التي تجرّمه، والمبادرة إلى تجريمه في التشريعات التي تخلو من نصوصي تجرّمه.
٣- التأكيد في قوانين الأحوال الشخصية على أن الزواج رابطة بين رجل وامرأة، وأن يُذكر من موانع الزواج : الزواج الذي يتم بين شخصين من نفس الجنس، وأن يُنص في القانون على عدم الاعتراف بالزواج المثلي، والشراكة المثلية، وأنهما باطلان لا تترتب عليهما أية آثار.

۴- على الدول الإسلامية أن تحذر عند توقيع الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، لا سيما بشأن الالتزام المُلقى على الدول الأطراف بشأن إلغاء تجريم المثلية، أو الاعتراف للمثليين ببعض الحقوق، وعلى المُمثلين للدول الإسلامية أن يدققوا في بعض المصطلحات المستخدمة، كمصطلح النوع (الجندر) الذي أخذ يحلّ مكان مصطلح الجنس، فهنالك ترويج مُغرض لهذا المصطلح الذي يُستخدم في بعض الوثائق الرسمية في بعض الدول – كجوازات السفر مثلاً- دون وعي حقيقي للغاية من استخدام هذا المصطلح.

۵- تضافر الجهود الرسمية والخاصة من أجل القضاء على ظاهرة الشذوذ الجنسي بعقد المؤتمرات والندوات، وتبادل الزيارات والتنسيق بين الجهات التي تتصدى لهذه الآفات.

۶- التصدي للخطط الدولية التي تطالب بتعديل مناهج التعليم لتتناسب مع التوجه العالمي الذي يدعو إلى تقبل الشذوذ الجنسي وتقنينه.
۷- الاستفادة من المنصفین الغربین، والتعاون معهم أفر ادا و منظمات علی الحد من انتشار الشذوذ.
۸- تغلیظ العقوبة علی مرتکبي الشذوذ الجنسی، و عدم تشریع وجود هم، ولا الترخيص لجمعياتهم.
۹- الرقابة الصارمة على الإعلام المنحرف، وعدم التهاون في بث ما يروج له، أو يُهوّن من وقعه من القصص الخليعة، أو الأفلام الساقطة، والروايات الإباحية، والشذوذ الممقوت.

۱۰- دعوة الشباب من الجنسین إلى الاشتغال بالنافع المفید، فإذا کان الفراغ يوقع في المصائب، فإن الاشتغال بالنافع يحفظ العمر، ويثمر البر والخير، وما ينفع لا مجال لحصره، كخدمة الأهل وطلب المعاش والصناعات والتجارات وغيرها.
۱۱- الاهتمام بعلاج حالات الشذوذ الجنسي علاجاً نفسياً، وتطوير الوسائل العلاجية التي تساعد الشاذ على التخلص من هذا الداء.
۱۲- التركيز على التربية الإسلامية الصحيحة في الأسرة، بتوعية الوالدين، ودعوتهم إلى تطبيق المنهج النبوي في تربية الأولاد.
۱۳- إيجاد الحلول الاجتماعية والاقتصادية لمسألة العنوسة وتأخر الزواج، و ارتفاع المهور، والتشجیع علی الزواج المبکر، وعدم وضع العراقیل أمام هذا الزواج.
۱۴- دعوة علماء الأمة ورجال الفكر والرأي المخلصين؛ إلى تبصير المسلمين بخطورة هذه القضية، وذلك بتوعيتهم بمقالات صادقة، و أفکار مخلصة ، وکتابات جادة في الموضوع.
۱۵- مطالبة الأمم المتحدة والهيئات والمنظمات الدولية باحترام القيم والأخلاق وخصوصيات الشعوب.

۱۶- مطالبة الحكومات الإسلامية برفض كل الاتفاقيات والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تخالف الشريعة الإسلامية، وعدم التوقيع عليها والانسحاب مما قد تم التصديق عليه، أو التحفظ على كل مادة تخالف الأمم المتحدة حق التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول.

۱۷- دعوة الحكومات الإسلامية إلى القيام بواجبها في حماية الدين الإسلامي والمنظومة التشريعية والقيم الأخلاقية من الاختراق، ومنع مناشط الجهات الأجنبية والمنظمات المحلية المتصلة بها، والتي تتبنّى هذه المشاريع الهدامة والأفكار المنحرفة التي تستهدف الإسلام وقيمه وأخلاقه.

١٨- على علماء الأمة الاهتمام بأبناء المسلمين الذين وقعوا في الانحراف وعدم إهمالهم، لأن كثيراً منهم مضلّلون جاهلون غافلون، فعلى العلماء دعوتهم إلى التوبة إلى الله، وتعريفهم بالنصوص الشرعية التي تحرم هذا الفعل، و توثیق الصلة بینهم و بین الله، و عدم تیئیسهم من رحمة الله: “قل يا عبادى الذين أسرفوا علی أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللَّهِ إِنَّ الله يغفر الذّنوب جميعاً إِنَّهُ هُوَالْغفُورَ الرجيم» (الزمر:۵۳).
وأخيراً، فإن الرابطة تؤكد على أن حقوق الإنسان عامة، وما فيها من معاني الخير والرحمة والعدل والصلاح، هي في شرع الله أولاً وآخراً، لا في الأهواء المنحرفة المورثة للفساد في الأرض، كما قال تعالى: (ثمَّ جعلناك على شريعة من الأمر فأتّبعها ولا تتبع أهواء الَّذِينَ لا يعلمون(الجاثية:۱۸، وقال سبحانه: “ولو أتّبع الحَقُ أهواءهم لفسدت السماوات والأرض ومن فيهنّ بل أتيناهم بذکرهم فهم عن ذکرهم مُعرضون» [المؤمنون: ۷۱).

نسأل الله تعالى أن يحفظ لنا ديننا وأخلاقنا، وأن يمن علينا بالتوبة، وأن يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء وفتنة ومكروه، “والله يُرِيدُ أن يتوب عليكم و يريد الّذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً» (النساء:٢٧). هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

……

الهوامش

(۱) رواه الترمذی برقم: ۱۱۶۵.
(۲) رواه ابو داود برقم: ۴۴۶۲.
(۳) رواه الحاکم في المستدرال برقم: ۸۱۳۵.
(۴) رواه الترمذي برقم: ١٤٥٧.
(۵) أخرجه الطبراني في الاوسط برقم: ٦٨٥٨.
(۶) أخرجه الطبراني في الأوسط برقم: ١٠٨٦.
(۷) رواه ابن ماجه برقم: ٤٠١٩.
(۸) الجواب الکافي لابن القیم بتصرف ۱۲۰/۱.
(۹) التحریر و التنویر ۲۳۲/۸.
(۱۰) التحریر و التوین ۲۴۱/۲۰.
(۱۱) مقاصد الشريعة للطاهر ابن عاشور، ص ١٥٥.
(۱۲)التكوين: ١/٢٧-٢٨.
(۱۳)متّى ١٩: ٤-٦.
(۱۴)اللاويين ١٨: ٢٢
(۱۵)لاوين ٢٠: ١٣
(۱۶)التكوين ١٩: ٨-٥
(۱۷)رسالة يهوذا: ٧
(۱۸) أفسس (5: ۲۸-۳۱).
(۱۹) رسالة بولس الرسول الی أهل رومیة (۲۲:۱- ۲۸).
(۲۰) رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس (٦: ٩-١٠).
(۲۱) رسالة بولس الرسول الأولى إلى تيموثاوس (۱ : ٩-١١).
(۲۲) رواه ابن ماجه برقم ۴۰۱۹.

المصدر: كتاب دراسات في الشأن الاسلامي (4) رابطة العالم الاسلامي

الادارة العامة للمؤتمرات والمنظمات برابطة العالم الاسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign