خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / التصنيف الموضوعي / عمليات البورصة في ميزان الفقه الإسلامي (٢).. د. رمضان عبدالله الصاوي
فقه البورصة

عمليات البورصة في ميزان الفقه الإسلامي (٢).. د. رمضان عبدالله الصاوي

تناول الكاتب في الحلقة الأولى من هذا البحث مفهوم عمليات البورصة ووظائفها والضوابط الشرعية التي يجب أن تحكمها، وختمت الحلقة بعرض العمليات العاجلة التي تتم في البورصة والعمليات الفورية في الفقه الوضعي. وفي هذه الحلقة يستعرض الكاتب حكم العمليات الفورية وشروطها في الفقه الإسلامي، وكذلك البيع على المكشوف في كل من الفقه الوضعي والفقه الإسلامي.

الاجتهاد: لا شك أن معاملات البورصة دقيقة ومعقدة، تحتاج إلى حكم شرعي، حيث يتناول الفقهاء الحكم؛ كل ينظر إليه من زاوية يرى أنها الصواب مما يجعل الحكم محلاً للخلاف، وقد يفتح باباً عند بعض المتعاملين في البورصة لتتبع الرخص أو البحث عمن يجيز المعاملة لمصلحة شخصية يراها، أو عند غيرهم عند القول بالمنع دون وجود البديل الذي يريح الناس، وينظر البعض إلى أن الفقه الإسلامي لابد وأن يوجد حكماً شرعياً لكل معاملة؛ حتى وإن كانت بادية العوار ظاهرة الفساد.

حكم‭ ‬العمليات‭ ‬الفورية‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬ الإسلامي

مما سبق عرضه في الحلقة الأولى يتضح لنا أن العمليات الفورية تتم داخل البورصة بتسليم كامل الثمن واستلام السلعة في مجلس العقد، وهذا يندرج تصنيفه في الفقه الإسلامي تحت عقد البيع، والبيع يقع صحيحاً عند توفر أركانه من صيغة للعقد وعاقدين ومعقود عليه عند جمهور الفقهاء(1)، ومن ركن الصيغة وشروط الانعقاد وشروط الصحة عند السادة الحنفية(2)، ولا يترتب على هذا كبير خلاف بين الفريقين، لأن ما خرج من الأركان عند الحنفية جعلوه في شروط الانعقاد وشروط الصحة التي يترتب عليها نفس النتيجة عند غياب أحد الأركان عند الجمهور؛ وهو عدم الانعقاد، ولا خلاف بين الفقهاء في أنه ينبغي توفر البلوغ والعقل في كلا العاقدين، والرضا، وأن تكون له صفة تخول له إبرام العقد إما أصالة عن نفسه أو وكالة عن غيره، أو ولاية عمن هم تحت ولايته(3).

البيع‭ ‬يقع‭ ‬صحيحاً‭ ‬عند‭ ‬توفر‭ ‬أركانه‭ ‬من‭ ‬صيغة‭ ‬للعقد‭ ‬وعاقدين‭ ‬ومعقود‭ ‬عليه‭ ‬عند‭ ‬جمهور‭ ‬الفقهاء

ويشترط في الصيغة موافقة الإيجاب للقبول، وأن يتم ذلك في مجلس العقد وهو المكان الذي يجمع العاقدين عند حضورهما، وإذا كانا غائبين فإن مجلس العقد يتحدد بوصول الكتاب الذي يحمل الرغبة في الشراء(4)، وإذا كان العقد في المعاملات العاجلة يتم بالوكالة عن طريق السمسار، فإن كان واحداً عن الطرفين فإن المجلس هو مكان إتمام العملية حيث يتواجد السمسار، وإذا كان لكل عاقد سمسار فإن الوقت الذي يصدر فيه القبول هو مجلس العقد(5). وأما عن المبيع فقد اختلف فيه الفقهاء؛ هل المبيع هو السلعة فقط أم يدخل الثمن أيضاً فيه؟ وقد اتجه الفقهاء في ذلك إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول: يرى أن المعقود عليه هو السلعة والثمن، لأن المعقود عليه لا يتم إلا بهما، ولأن كليهما بدل عن الآخر وهو للمالكية والشافعية والحنابلة(6).

الاتجاه الثاني: وقد ذهب إليه الحنفية الذين يرون أن المعقود عليه هو السلعة فقط، وأن الثمن ليس كذلك، بل هو وسيلة لتحصيل المقصود وهو المبيع(7).

الترجيح: يترجح الاتجاه الأول القائل بأن السلعة والثمن هما المعقود عليه، لأن كلا البضاعتين مال أحدهما ثمن وهو النقدي والآخر سلعة، أو هما سلعتان والعاقدان لكل منهما غرض، فغرض البائع تحصيل الثمن وغرض المشتري تحصيل السلعة، وليس أحدهما بأولى من الآخر، لكن كما قلت قبل ذلك إن هذا الخلاف نظري لأن النتيجة والمحصلة واحدة فلابد عند الفريقين من وجود السلعة والثمن وإلا بطل البيع.

وينبغي توفر الشروط الآتية في المبيع:

أولاً – الطهارة والنفع: فينبغي أن تكون السلعة طاهرة العين يحل الانتفاع بها شرعاً، لأن نجس العين؛ كالكلب والخنزير، ليس بمال في عرف الشرع، وينبغي أن تكون العين منتفعاً بها، فغير المنتفع به كالحشرات وآلات اللهو لا يعد كذلك(8).

ثانياً – القدرة على التسليم: من بدهيات التزام البائع القدرة على تسليم المبيع؛ بأن يكون تحت يده، وأن يكون خالياً من الالتزامات قبل الآخرين، فلا يصح بيع المرهون لأنه قد تعلق به حقوق الآخرين؛ فلا يمكن تسليمه شرعاً، وكذلك لا يمكن تسليم الجزء الشائع من المبيع إذا باع نصفاً معيناً من شيء لا يمكن الانتفاع به إلا كلاً؛ فإنه وإن استطاع كسره ليسلم النصف المبيع إلا أن الشرع يأبى ذلك، إذ فيه إضاعة المال الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال»(9).

ثالثاً – العلم بالمبيع النافي للجهالة: والعلم به يكون عن طريق وجود السلعة أمام العاقدين، فيقول المشتري: اشتريت هذه، بالإشارة للسلعة، ويقبل البائع على ذلك مع تحديد الثمن، أو يكون التحديد بالوصف النافي للجهالة(10)، فلا يجوز أن يقول البائع: بعتك عدداً من الأسهم مثلاً لبعض الشركات؛ لأن الجهالة هنا صارت إلى جهالة فاحشة تورث غرراً يؤثر على صحة التعاقد، وسبب الجهالة الفاحشة هنا عدم العلم بالمبيع عدداً أو وصفاً.

رابعاً – وجود المبيع وقت التعاقد: هذا الشرط محل خلاف بين الفقهاء، وقد ذهبوا إلى اتجاهات ثلاثة في وجود المبيع وقت التعاقد بين مانع ومفرق ومجيز؛ حيث يرى جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة عدم انعقاد البيع عند عدم وجود المبيع(11)، في حين ذهب المالكية إلى التفريق بين عقود المعاوضات وغيرها من العقود، فاتفقوا مع الجمهور في عدم انعقاد البيع عند عدم وجود المبيع إذا كان العقد من عقود المعاوضات، واكتفوا بإمكانية وجود المبيع إذا كان العقد من غيرها من العقود كعقود التبرعات مثل الهبة، والتوثيقات مثل الرهن(12)،

والفريق الثالث يرى – وبحق – إمكانية العقد على شيء غير موجود لكنه محقق الوجود، أو مما يغلب وجوده في المستقبل، وقد نظر هذا الفريق للعلة في النهي عن بيع المعدوم وهي الغرر الكثير أو الجهالة الفاحشة، فالنهي عن بيع المعدوم ليس لذاته ولكن لما جاوره من الغرر أو الجهالة، وحينما ينتفي الغرر بالقدرة على التسليم أو إمكانيته، وحينما تنتهي الجهالة المسببة للنزاع وللخصومة بتحديد الشيء المبيع وصفاته فلا مانع من انعقاده، وهو اختيار ابن القيم وأستاذه(13).

وبتطبيق الأركان والشروط المذكورة على العمليات الفورية نجد أنها متحققة فيها، فهي جائزة شرعاً ولا حرمة فيها(14)، فإبرام البيع عن طريق العاقدين بالأصالة أو بالوكالة موجود في قانون البورصة؛ التي تشترط وجود سمسار كوكيل عن البائع والمشتري لإتمام الصفقات، والوكالة في العقود صفة تخول لصاحبها إبرام العقود عن الموكل شرعاً، والإيجاب والقبول موجود، إذ إن عرض البيانات للتداول في مقصورة البورصة دليل على رضا المتعاقدين إبرام العقد(15) حتى وإن لم يتيسر لهما الحضور وتعاقدا دون وجود شخصيهما بوسائل الاتصال الحديثة

فإن إبرام العقد جائز طبقاً لما ورد في قرارات مجمع الفقه الإسلامي من أنه إذا تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد ولا يرى أحدهما الآخر معاينة ولا يسمع كلامه وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (إرسال رسول) وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الحاسوب) ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب الموجه إليه وقبوله(16)، ومع توفر شروط المبيع التي ذكرناها سابقاً تكون أركان البيع وشروطه مكتملة مما يرتب الحكم بصحة هذا البيع داخل البورصة.

ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬السلعة‭ ‬المباعة‭ ‬ظاهرة‭ ‬العين‭ ‬يحل‭ ‬الانتفاع‭ ‬بها‭ ‬شرعاً

لكن بقي أن نذكر أنه ينبغي النظر إلى نوعية الورقة المالية المطروحة للتداول في البورصة، فإن كانت من الأسهم مع التزام الشركة بالأنشطة المشروعة جاز التداول وصحت المعاملة شرعاً، وإن كانت المعاملة من السندات فإن جمهور الفقهاء المعاصرين على أن هذه المعاملة غير صحيحة؛ لأن السند عبارة عن دين جر منفعة لصاحبة دون تحمل خسارة فهو من الربا المحرم شرعاً(17)، وهذا ماجاءت به قرارت مجمع الفقه الإسلامي الدولي حيث جاء فيها: «ثانياً: إن العقود العاجلة على السلع الحاضرة الموجودة في ملك البائع التي يجري فيها القبض فيما يشترط له القبض في مجلس العقد شرعاً هي عقود جائزة ما لم تكن عقوداً على محرّم شرعاً، أما إذا لم يكن المبيع في ملك البائع فيجب أن تتوفر فيه شروط بيع السلم، ثم لا يجوز للمشتري بعد ذلك بيعه قبل قبضه.

ثالثاً: إن العقود العاجلة على أسهم الشركات والمؤسسات حين تكون الأسهم في ملك البائع جائزة شرعاً ما لم تكن الشركات أو المؤسسات موضوع تعاملها محرم شرعاً، كشركات البنوك الربوية، وشركات الخمور، فحينئذ يحرم التعاقد في أسهمها بيعأ وشراء.

رابعاً: إن العقود العاجلة والآجلة على سندات القروض بفائدة بمختلف أنواعها غير جائزة شرعاً لأنها معاملات تجري بالربا المحرم»(18).

كما قرر المجلس في دورته السادسة عشرة بدبي بشأن السلع الدولية وضوابط التعامل فيها وقد جاء فيها: «الطريقة الأولى: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع وجود السلع أو إيصالات ممثلة لها في ملك البائع، وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة.

الطريقة الثانية: أن يتضمن العقد حق تسلم المبيع وتسلم الثمن في الحال مع إمكانهما بضمان هيئة السوق، وهذا العقد جائز شرعاً بشروط البيع المعروفة»(19).

الاستثمار والمضاربة في البورصة:

مشروعية المعاملات الفورية أو العاجلة تسري أيضاً إن كان الغرض من الصفقة الاستثمار أو المضاربة، فمشروعية الاستثمار تؤخذ من أدلة مشروعية الشركة في الفقه الإسلامي، والمضاربة مشروعيتها أيضاً تعود لمشروعية عقد المضاربة، وهذا هو الحكم العام(20)، إلا أنه قد تحدث ممارسات غير مشروعة تشين عملية البيع والشراء في البورصة كإطلاق الشائعات الكاذبة حول شركة ما بقصد الإضرار بها أو الإضرار بالآخرين عند التعامل معها، حيث إن الإشاعة الكاذبة تؤدي إلى انخفاض أسهم تلك الشركة، والإضرار بالآخرين حينما تروج الإشاعات الكاذبة لصالح هذه الشركة؛ كإشاعة توزيع أرباح كثيرة لشركة ما؛ مما يؤدي إلى تهافت المتعاملين على شراء أسهمها، أو العكس عند إشاعة عدم قدرة الشركة على توزيع أرباح مما يؤدي إلى بيع أسهمها داخل السوق بأسعار منخفضة(21)، وكلا الأمرين محرم للخداع والكذب، فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا ضرر ولا ضرار»(22) وقال أيضاً: «من غشنا فليس منا»(23).

العقود‭ ‬العاجلة‭ ‬والآجلة‭ ‬على‭ ‬سندات‭ ‬القروض‭ ‬بفائدة‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬غير‭ ‬جائزة‭ ‬شرعاً

تداول الأوراق المالية في البورصة في العمليات الفورية:

تداول الأوراق المالية حكمه حكم السلع المتداولة في البورصة من حيث الجواز؛ عند توفر الأركان والشروط والتراضي القائم على جانبي العرض والطلب، والمنافسة الحرة الشريفة دون تدخل أو تأثير من أحد، أما التدخل من قبل أشخاص في البورصة لفرض سعر معين بقصد احتكار السلعة، حيث يسعى البعض منهم إلى جمع الصكوك التي من نوع واحد في يد واحدة حتى يمكنها فرض السعر الذي تريده، فهذا محرم شرعاً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم «لا يحتكر إلا خاطئ» وحديث «من احتكر فهو خاطئ «(24).

وقد يكون التدخل ليس من جانب الأفراد؛ وإنما من قبل سلطات الدولة لفرض سعر معين وإجبار المتعاملين في البورصة على التعامل به، وقد اختلف الفقهاء في ذلك إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول: ذهب إليه جمهور الفقهاء(25) بعدم جواز التسعير؛ إلا عند المصلحة العامة التي توجب تدخل الدولة، وقد استدلوا على ما ذهبوا إليه بأدلة من الكتاب والسنة والمعقول.

– أما دليل الكتاب: فقوله تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء 29، فالأصل في التجارة التراضي وعدم الإجبار، والتسعير نوع من الإجبار.

– وأما دليل السنة: فقد استدلوا بما روى أنس بن مالك قال: «غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يارسول الله سعِّرْ لنا، فقال: «إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمَظلمة في دم ولا مال»(26)، وروي عن أبي هريرة أنه جاء رجل فقال يا رسول الله سَعّر فقال: «بل ادعوا الله»، ثم جاء رجل آخر فقال يا رسول الله سعّر، فقال «بل الله يخفض ويرفع»(27)، وتوجيه الدليل فيهما ظاهر؛ حيث كانت هناك شكاية عامة من أجلها جاء أكثر من نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب التسعير فأبى، وجعل ذلك من قبيل مصلحة طرف على حساب آخر، إذ التسعير وإن كان فيه نفع للمستهلك فهو آتٍ على حساب طرف آخر وهم طائفة التجار، وليس أحدهما بأولى من الآخر.

– ودليل المعقول: أن مقتضى حق الملكية حرية التصرف في الشيء المملوك، وإجبار المالك على البيع بسعر معين منافٍ لحرية التصرف، فكان من قبيل الظلم(28).

الاتجاه الثاني: وذهب إليه بعض الفقهاء من التابعين كسعيد بن المسيب وربيعة الرأي؛ وبعض الفقهاء من الحنفية والشافعية وابن القيم من الحنابلة(29). ويرى هذا الفريق جواز التسعير عند الغلاء، بل البعض منهم يجعله جائزاً مطلقاً وابن القيم يصل به إلى حد الوجوب في بعض الحالات، وقد استدل هذا الفريق بالسنة والمعقول.

– أما دليل السنة: فحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «من أعتق شركاً له في عبد وكان له من المال ما يبلغ به ثمن العبد قوِّم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط»(30)، وتقويم الحصة بالعدل لا وكس ولا شطط هو حقيقة التسعير.

– ودليل المعقول: أن في التسعير دفع الأذى عن الناس، حيث يدعو لمنع الاحتكار بإعطاء المشترين السلعة بثمن المثل الذي لا وكس فيه ولا شطط(31)، ومن هنا يعتبر إلزاماً بالعدل عند امتناع صاحب المال عن البيع وحاجة الناس إليه , فالواجب حينئذ قيمة المثل(32)، يضاف إلى ما سبق أن التسعير لا يجبر فيه البائع على البيع وإنما يمنع من البيع بغير السعر المحدد من قبل السلطة الحاكمة؛ لمصلحة الطرفين(33).

مشروعية‭ ‬المعاملات‭ ‬الفورية‭ ‬في‭ ‬البورصة‭ ‬تسري‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬الصفقة‭ ‬الاستثمار‭ ‬أو‭ ‬المضاربة

الترجيح: بعد ذكر آراء الفريقين أرى أن كليهما متفق على أن السعر في الظروف العادية ينبغي أن يكون بغير تدخل فيترك لحرية المنافسة وقوة العرض والطلب، وعند حدوث الغلاء المقبول المتعارف عليه بين الناس بزيادة السعر زيادة معقولة بتقدم الزمان وحدوث الغلاء أيضاً لا خلاف فيه، وإنما الخلاف بينهم في الغلاء الفاحش غير المحتمل، والذي يحدث بفعل فاعل، أو باتفاق التجار فيما بينهم؛ وتدخل الحاكم للحد من غلواء الزيادة الكبيرة بالتسعير فهذا محل الخلاف،

وأرى أن الرأي الثاني الذي يرى جواز تدخل الحاكم أو وجوب تدخله أولى بالقبول، ولا يقدح في ذلك ما استدل به الفريق الأول من الآية، لأن المفهوم من الآية لا يعارض التسعير، لأنه قد يكون لازماً باعتباره مقياساً للقيمة وحماية للمتعاملين من الخديعة والغش؛ حيث يأتي التراضي على إرادة واعية سليمة، كما أن معنى التراضي لا يعني عدم تقيد التجارة بأي قيد، بل التراضي المقبول يفترض العلم بماهية الشيء، فالقيمة أحد عناصر الماهية، والتسعير تحديد لها، وهو يختلف كل الاختلاف عن أكل أموال الناس بالباطل بالغصب أو الاختلاس أو الإكراه، الذي أشارت إليه الآية في أكل أموال الناس بالباطل(34)، كما يخفف من غلواء الخلاف بين الفريقين ما ذكره من أجاز التسعير أو أوجبه عن الطريقة التي يحدد بها التسعير، حيث يدعو الإمام كبار التجار في السوق المراد التسعير فيه، ويحضر معهم غيرهم فيسألهم: كيف تشترون وكيف تبيعون فينازلهم إلى ما فيه لهم وللعامة صلاح، وما يرضي التجار؛ فلا يجبرهم عليه، لكن إن امتنع عن بيع ما يجب فهنا يؤمرون بالواجب ويعاقبون على تركه(35)، لذلك كله أرى رجحان القول الثاني، والقول الأول ليس ببعيد عنهم في ذلك؛ حيث إن مفهوم كلامهم يجيز التسعير في حالة الضرورة والحاجة؛ وهو المراد هنا.

البيع‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭ ‬

أولاً – البيع على المكشوف في الفقه الوضعي

تعريف البيع على المكشوف:

هو «بيع لأوراق مالية غير مملوكة للبائع عند إصدار أمر، ثم اقتراضها من السمسار يوم التنفيذ، وتسليمها للمشتري واحتفاظ السمسار بالثمن لديه على أمل أن تنخفض أسعار الورقة فيشتريها السمسار لحساب العميل ويعيدها إلى مالكها الأصلي، ويحصل المضارب على الفرق بين سعر البيع وسعر الشراء، كما يحصل السمسار على العمولة وعلى فائدة القرض(36).

وهذا البيع يعرف بالبيع القصير، وهو ما يتعلق بالمغامرة على انخفاض السعر لأسهم ما؛ حيث يتوقع شخص أن أسعار إحدى الشركات ستنخفض فيجري عملية بيع قصير عن طريق اقتراض عدد من أسهمها من سمسار يحتفظ بهذه الأسهم لضمان السداد، ثم يبيعها المقترض بالسعر السائد، ثم يعيد شراءها عند انخفاض الأسعار، ثم يقوم بتسديد القرض فيعيد الأسهم إلى صاحبها؛ ويحتفظ بفارق السعر الذي تحقق له من خلال هذه العمليات التي تتم من خلال سماسرة متخصصين(37). ويقابله البيع الطويل، والمراد به شراء الأسهم والاحتفاظ بها للحصول على الربح أو بيعها للحصول على زيادة في أسعارها(38)، وكما هو واضح من التعريفين أن المراد من الطول والقصر ليس الفترة الزمنية؛ وإنما ما يتعلق بالهدف والاستثمار(39)؛ حيث المضاربة على فارق السعر بغية تحقيق ربح في الأجل القصير(40)، لذلك لا يقوم به إلا المضارب المتوقع لانخفاض السعر في المستقبل القريب؛ مستفيداً من الربح الذي حصله من فارق السعرين حين يشتري بأقل في المستقبل، بينما يبيع الآن بسعر أعلى.

وغالب الاقتراض يكون من سمسار عنده أوراق مالية لأشخاص آخرين، فإن لم توجد لديه يقوم باقتراضها من سمسار آخر بفائدة، وغالب مدة الاقتراض تتحدد بيوم واحد يتم تجديده تلقائياً، إلا إذا قام أحد الطرفين بإنهائه، والغالب أن يقوم البائع بمد هذه الفترة متحيناً الفرصة لانخفاض السعر بالشكل الذي يرجوه؛ فيعيد شراء هذه الأوراق المالية بسعر أقل مما باعها به، مستفيداً من الفارق بين السعر العالي منه وسعر الشراء الأقل لمصلحته(41).

تداول‭ ‬الأوراق‭ ‬المالية‭ ‬حكمه‭ ‬حكم‭ ‬السلع‭ ‬المتداولة‭ ‬في‭ ‬البورصة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الجواز

ومثال ذلك يبدأ بتوقع المضارب انخفاض أسهم شركة ما فيخاطب السمسار الذي يتعامل معه ببيع ألف سهم على المكشوف من أسهم الشركة المتوقع انخفاض أسهمها في المستقبل القريب بالسعر الجاري اليوم وهو مائة درهم بما مجموعه مائة ألف درهم، ومعنى ذلك أن اتفاقاً تم بين البائع والسمسار على قيام الأخير بإقراض البائع هذه الأسهم أو القيام باقتراضها من طرف آخر(42).

وإمكانية الرد من كلا الطرفين مكفولة، بحيث إذا أراد البائع على المكشوف (المقترض) أن يرد على السمسار (المقرض) الأسهم ليس له الحق في الامتناع عن تسلمها، وكذلك إذا أراد السمسار استرداد الأسهم التي أقرضها يلتزم البائع على المكشوف بردها خلال المدة المتفق عليها عن طريق اقتراضها من آخر، أو شرائها من السوق(43)، وحين يستلم السمسار الأمر من المقترض يبحث حثيثاً عن الراغب في شراء هذه الأسهم بالسعر السائد، ويبرم معه الصفقة، وبعد إبرام السمسار للصفقة يقوم بتسليم الأسهم للمشتري خلال المدة المسموح بها داخل البورصة محل التعامل سواء كانت يوماً واحداً أو ثلاثة أو خمسة أيام على أقصى تقدير(44)، وبمجرد إبرام عملية البيع من السمسار إلى المشتري تترتب آثار هذا البيع؛ حيث يصبح المبيع ملكاً للمشتري، وأرباحه تكون من حقه، وأيضاً حق التصويت في الجمعية العمومية ينتقل إليه، وعليه يقوم السمسار بقبض الثمن من المشتري ولا يسلمه إلى البائع، وإنما يكون التسليم إلى مقرض هذه الأسهم بحيث تكون رهناً تحت يده حتى موعد الوفاء بالقرض، لكن يجوز للمقرض أن ينتفع بهذا الثمن في أي وجه من وجوه الاستثمار؛ دون أن يقوم بدفع فوائد؛ وهو ما يجعل مالك الأسهم حريصاً على إقراضها(45).

وإذا صدق حدس البائع على المكشوف بانخفاض سعر الأسهم محل الصفقة إلى 70 درهماً مثلاً؛ فيمكنه حينئذ إقفال مركزه عند هذا السمسار؛ بإعطائه أمراً بالشراء لهذه الأسهم من السوق مرة أخرى، وتسليمها للمقرض، مع استرداده المبلغ الذي رهنه وهو الثمن الذي سبق أن باع به الأسهم مستفيداً من الفارق بين السعرين، حيث باع في هذا المثال بمائة ألف واشترى بسبعين ألفاً محققاً ربحاً مقداره ثلاثين ألفاً.

ومن خلال ما سبق يظهر لنا اعتماد عملية البيع على المكشوف على الآتي:

أولاً: أن الاقتراض فيها حالٌّ غير مشروط وغير محدد المدة.

ثانياً: احتمال الربح والخسارة وارد بفعل المخاطرة على هبوط السعر لاحقاً.

ثالثاً: الالتزام بسداد القرض دون النظر في حالة الربح والخسران.

رابعاً: الربح الفارق بين السعرين هو هدف العميل من هذه العملية؛ حيث يبيع بالأكثر ثم يعيد الشراء بالأقل، واستفادة السمسار بحصوله على استخدام النقود مضافاً إليه أرباح الأسهم وكذلك حقه في إضافة عمولة الأعمال الإدارية.

خامساً: تصنف هذه الأعمال ضمن العمليات العاجلة؛ حيث إن العميل ملتزم بتسليم الأوراق المالية لمن اشترى منه من جهة، كما أنه ملزم من جهة أخرى بتسليم الأوراق المقترضة إلى السمسار من جهة ثانية؛ حيث يقوم بشرائها من السوق مرة أخرى، وكل ذلك من خلال مدة قصيرة غالبها يوم واحد، وأقصاها أربعة أيام غير يوم الشراء كما في بورصة نيويورك(46).

يقوم المقترض برد ما اقترضه، ونظراً لأن السوق عرضة للتقلب، والأسعار تتحرك صعوداً وهبوطاً، ولا تصدق التوقعات والتنبؤات في كل الأحوال؛ فقد يرتفع السعر الذي توقعه المضارب انخفاضاً؛ مما يؤدي إلى عدم كفاية الأموال التي قدمها رهناً لشراء أسهم تماثل الأسهم التي اقترضها، وهنا ينبغي أن يقدم رهناً إضافياً من الأوراق المالية أو النقود، وهو ما يسمى بهامش الضمان، وهذا الهامش يتحدد بنسبة معينة من الصفقة(47)، فإذا حدد هامش الضمان بنسبة 30% من الصفقة على المثال السابق فإن المقترض ملتزم بدفع ثلاثين ألف درهم أو ما يماثل قيمتها من أوراق مالية، ويكون من حظ المقترض انخفاض القيمة المالية للأسهم حيث يمكنه الأخذ من الأموال المرهونة عند المقترض بنسبة الانخفاض(48)، ونظراً للتقلب السريع للسوق فإن نسبة هامش الضمان تراجع يومياً حتى تتم تسوية موقف المقترض كذلك.

الأصل‭ ‬في‭ ‬التجارة‭ ‬التراضي‭ ‬وعدم‭ ‬الإجبار‭.. ‬والتسعير‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإجبار‭ ‬إلا‭ ‬لضرورة

المخاطر المحتملة من عمليات البيع على المكشوف:

تختلف الخسارة المحتملة من البيع على المكشوف عن الخسارة التي تنشأ عن البيع العادي للأوراق المالية غير المقترضة؛ حيث إن الأخيرة محددة المخاطر، لأن أقصى ما يمكن أن تصل إليه هو خسارة كامل الثمن الذي اشترى به الأوراق المالية، وهذا على أسوأ حال أمر مستبعد، بخلاف الخسارة المحتملة من البيع على المكشوف، فالخسارة فيه غير محددة، لأنه كلما زاد السعر كلما زادت الخسارة(49).

واحتمالات خسائر البيع على المكشوف تتم بفعل المضاربين على الصعود بالقيام بشراء أسهم الشركة التي بيعت على المكشوف مما يجعل الأسهم في يد هؤلاء المضاربين فقط، مما يرفع أسهمها تبعاً لقانون العرض والطلب، حيث يمكن للمقرض أن يطالب برد أسهمه المقترضة، فينظر المقرض إلى شرائها من هؤلاء المشترين بالسعر الذي يحددونه، وحينها لابد من شراء المقرض لأجل سداد القرض، وقد يوقع هذا الأمر المقرضين في خطر داهم، لأن الارتفاع الضخم في الثمن يقيد المقترض، مما يجعله غير قادر على شراء الأسهم محل القرض(50)، لذلك كان لزاماً التدخل باتخاذ الإجراءات التي تضمن ضبط التعامل بالبيع على المكشوف، ومن هذه الإجراءات عدم تمام البيع على المكشوف إلا بسعر أعلى من الصفقة التي سبقته أو على الأقل مساواتها شريطة أن يكون السعر أعلى من سعر البيع في آخر صفقة سابقة تمت بسعر مختلف لنفس الورقة(51).

وسبب اتخاذ هذا الإجراء هو منع العبث من قبل البائعين على المكشوف في السعر حتى يمكنهم تغطية مواقفهم بالتسبب في انخفاض السعر بطريقة مصطنعة، لأن ذلك من شأنه – إن تم البيع بسعر أقل من السعر السابق – أن يربك بقية المتعاملين الذين يظنون أن هناك ما يدعو لانخفاض السعر فيقومون ببيع أسهمهم مما يجعل عرض الأسهم أكثر من الحد المطلوب فيؤدي إلى انخفاض السعر وبالتالي تغطية مواقفهم(52).

في‭ ‬البيع‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭ ‬المضارب‭ ‬وقت‭ ‬إصداره‭ ‬الأمر‭ ‬للسمسار‭ ‬يبيع‭ ‬شيئاً‭ ‬لا‭ ‬يملكه

وخلاصة ما سبق أن البيع على المكشوف يتميز بالسمات الآتية:

أولا: أن المضارب وقت إصداره الأمر للسمسار يبيع شيئاً لا يملكه.

ثانياً: أن السمسار يتصرف في أوراق مالية مملوكة للغير دون علمهم بإقراضها.

ثالثاً: المخاطرة الموجودة في هذه المعاملة أقرب إلى المقامرة من جراء خطر ارتفاع السعر للورقة، مضافاً إليها تحمل المقترض قيمة التوزيعات للمقرض.

رابعاً: تؤثر هذه العملية على السوق المالية بإضعاف كفاءتها، لأن زيادة المضاربة على ورقة ما يعطي انطباعاً لدى الآخرين بانخفاض سعرها المترتب عليه انخفاض قيمتها دون أن تكون هناك معلومات تشير إلى سوء حالة المنشأة المصدرة لتلك الورقة(53).

ثانياً – حكم البيع على المكشوف في الفقه الإسلامي

قبل معرفة الحكم الشرعي واتجاهات الفقهاء في حكم هذه المسألة لابد من التذكير بطبيعة البيع على المكشوف حتى يمكن إصدار الحكم الشرعي تبعاً لهذه المعطيات، وقد ذكرنا قبل ذلك في هذه العملية أن المضارب يصدر أمراً للسمسار ببيع شيء لا يملكه، وأن السمسار يتصرف في أوراق مالية مملوكة للغير دون علمهم أنه يقرضها، كما يضاف إلى ذلك شبه هذه العملية بالمخاطرة الأقرب إلى المقامرة، وقد اختلف الفقهاء قديماً وحديثاً في هذه المسألة؛ حيث اختلف الفقهاء قديماً في بيع الإنسان مالا يملك، كما اختلف الفقهاء المعاصرون في صورة البيع على المكشوف في البورصة، وعلى ذلك أورد مسألة حكم بيع الإنسان مالا يملك أولاً، ثم حكم البيع على المكشوف عند الفقهاء المعاصرين.

المخاطرة‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬البيع‭ ‬على‭ ‬المكشوف‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬المقامرة‭ ‬بسبب‭ ‬خطر‭ ‬ارتفاع‭ ‬سعر‭ ‬الورقة

أولاً : حكم بيع الإنسان مالا يملك:

اختلف الفقهاء في حكم بيع الإنسان مالا يملك إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول: يرى أن التصرف في ملك الغير – دون إذن مسبق من صاحب الشأن – موقوف على إجازة من له حق الإجازة. وقد ذهب إلى هذا الرأي الحنفية والمالكية والشافعية في القديم – وهو غير مَفتيٍّ به(54)، وقد استدل هذا الفريق لما ذهب إليه بالكتاب والسنة والمعقول.

– أما دليل الكتاب: فقد استدلوا بقول الله تعالى) وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا( البقرة 275، فهذا البيع وإن كان من غير من له ولاية على المبيع بملك أو وكالة أو ولاية على المال، إلا أنه داخل في عموم البيع الحلال الذي جعله الله لعباده بخلاف الربا المحرم حتى وإن صدر البيع من غير ذي صفة فإنه لا يجاز إلا بعد إجازة صاحب الصفة.

– وأما عن دليل السنة: فقد استدلوا بما روي عن عروة البارقي رضي الله عنه قال: دفع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً لأشتري به شاةً فاشتريت له شاتين فبعت إحداهما بدينار وجئت بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما كان من أمره فقال: «بارك الله لك في صفقة يمينك» فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم فكان أكثر أهل الكوفة مالاً(55)، فقد دل الحديث على جواز تصرف الفضولي بعد موافقة المالك بدليل تصرف عروة فيما لم يكن مأذوناً له فيه، وإجازة المالك صاحب الحق في إبرام العقد وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.

– وأما دليل المعقول: قالوا: إن عقد الفضولي يقع موقوفاً على إجازة صاحب الشأن قياساً على الوصية الموقوفة على الإجازة أيضاً، ومتفق على إجازتها، كما يقال ذلك عن اللقطة حينما يتصدق بها عن مالكها من ملتقطها فيجوز مثلها(56)، كما استدلوا أيضاً بأن تصرف الفضولي صادر ممن يملك أهلية إبرام العقود، حيث إنه بالغ عاقل ومحل العقد موجود وهو المال المتقوم، وأما توقف نفاذ العقد لأن لهذا العقد مجيزاً وهو المالك فجاز أن يمضي البيع أو يبطله، فحينئذ يكون العقد صادراً من أهله وفي محله، وله مجيز فجاز العقد عليه، كما أن الشراء لا يتوقف على الإجازة إذا وجد نفاذاً على العاقد ويتوقف على الإجازة إن لم يجد النفاذ(57).

الاتجاه الثاني: يرى بطلان تصرف الفضولي. وهذا مذهب الشافعية في الجديد والحنابلة والظاهرية وذهب إليه أيضاً بعض المالكية(58)، وقد استدل هذا الفريق لما ذهب إليه بالكتاب والسنة والقياس.

– أما دليل الكتاب: فقد استدلوا بقول الله تعالى )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) النساء 29؛ فقد دلت الآية الكريمة على تحريم كل طريق لأكل أموال الناس بالباطل، ومن هذه الطرق بيع الإنسان مالا يملكه لأنه غير قادر على تسليمه وتم البيع دون رضا المالك، ولا تؤثر الإجازة اللاحقة في تصحيح العقد الباطل(59).

– وأما دليل السنة: فاستدل هذا الفريق بحديث عن حكيم بن حزام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أأبتاع له من السوق ثم أبيعه منه؟ قال «لا تبعْ ما ليس عندك»(60)، كما استدلوا بحديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده – عبدالله بن عمرو بن العاص – أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا طلاق إلا فيما تملك ولا بيع إلا فيما تملك ولا وفاء نذر إلا فيما تملك»(61)، ووجه الدلالة أن الحديث الأول ذكر النهي عن البيع عند عدم الملك، وكان جواباً عن سؤال طرحه الراوي على النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ليست له ولاية على المبيع حال العقد، وصدور العقد من غير أهله يبطله(62)، وإذا كان ذلك للشخص الذي يبيع ما ليس عنده فأولى منه في النهي أن يبيع ملك الغير، وهو ما جاء النهي الصريح عنه في الحديث الثاني.

– وأما دليل القياس: فقد استدلوا على بطلان بيع الفضولي بالقياس على بيع الطير في الهواء والسمك في الماء بجامع أن كلاً منهما غير مقدورٍ على تسليمه، وبيع الطير في الهواء والسمك في الماء باطل فيكون بيع الفضولي باطلاً، كما يقاس أيضاً على الآبق لأنه غير مقدور على تسليمه مع أنه يملكه فبيع مالا يملكه أولى بالبطلان(63).

المناقشة: نوقشت أدلة الفريق الأول بأن الآية التي استدلوا بها آية عامة والنهي عن بيع ملك الغير استدل عليه بأدلة خاصة، وعند التعارض بين العام والخاص يقدم الخاص كما هو مقرر في الأصول(64)، كما نوقش دليل السنة بأن عروة البارقي كان وكيلاً مطلقاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بدليل أنه قام بالتسليم والتسلم ولا يكون ذلك إلا من المالك أو الوكيل المطلق(65).

ونوقشت أدلة الفريق الثاني بأن الأحاديث في غير محل النزاع؛ حيث إن النزاع في البيع الموقوف، أما الأحاديث فهي في البيع التام الذي يعقبه آثاره من التسليم والتسلم، كما نوقش دليل المعقول بأن القياس على بيع الطير في الهواء والسمك في الماء قياس مع الفارق لأن البطلان يعود إلى أنهما ليسا مملوكين أصلاً، فلا يصح أن يكونا محلاً للبيع(66).

الترجيح: بعد ذكر آراء الفريقين وأدلتهم أرى – والله أعلم – أن رأي الشافعية والحنابلة والظاهرية وبعض فقهاء المالكية أولى بالقبول، وعليه يكون عقد الفضولي باطلاً، حيث إن ما استدل به الفريق الأول من الآية عامة لا تقوى في عمومها على مقابلة دليل خاص، لأن الخاص يقدم على العام عند التعارض، كما رد على دليل السنة عند الفريق الأول بأن الدليل في غير محل النزاع، حيث إن عروة كان وكيلاً مطلقاً عن النبي صلى الله عليه وسلم بدليل أنه قام بتسليم المبيع دون الرجوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيما قام به، ولا يقبل هذا التصرف من العاقد إلا أن يكون مالكاً أو وكيلاً مطلقاً، كما يرد على دليل المعقول بأن القياس هنا أيضاً مع الفارق إذ البيع من العقود الملزمة التي ترتب آثاراً بعد انعقادها بخلاف الوصية، فهي في الأصل عقد جائز، وآثارها لا تترتب إلا بعد وفاة الموصي مصراً على وصيته مع قبول الموصى له للوصية فاختلفا، كما يرد على أن تصرف الفضولي صادر ممن يملك أهلية إبرام العقود فهذا صحيح؛ لكنه ليس محل النزاع وإنما محل النزاع تصرفه في شيء غير مملوك له دون سند شرعي يخول له هذا التصرف، وأما عن عرض الأمر على المالك فيمكن أن يتم ذلك بإيجاب جديد يقبله المالك، ويجاب عن مناقشة دليل السنة عند القائلين بالبطلان بأن النزاع في البيع الموقوف وليس في البيع التام فيرد عليه بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ويرد على مناقشة دليل المعقول بأن التصرف بغير ولاية شرعية أيضاً تجعل بيع ما لا يملكه الإنسان باطلاً، لهذا كله أرى رجحان رأي القائلين بالبطلان.

حكم البيع على المكشوف في الفقه المعاصر:

اختلف الفقهاء المعاصرون في هذه المسألة إلى اتجاهين: حيث يرى أصحاب الاتجاه الأول عدم الجواز، والثاني يرون الجواز، وإليك التفصيل..

الاتجاه الأول: يرى عدم جواز البيع على المكشوف(67), وسند هذا الفريق فيما ذهبوا إليه السنة والمعقول.

أما دليل السنة: فقد استدلوا بحديث حكيم بن حزام السابق حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: «يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أأبتاع له من السوق ثم أبيعه ؟قال: لا تبع ما ليس عندك»(68).

واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك»(69).

– وأما دليل المعقول: فقد قالوا بقيام هذه العملية على الغرر والمقامرة؛ حيث إن هذه العملية قائمة على ظن المضارب بانخفاض السعر في قابل الأيام؛ فيبيع الآن بسعر أعلى ليشتري عند انخفاض السعر مرة أخرى لنفس الأسهم بسعر أقل ويستفيد من فارق السعر، فلو حدث العكس وارتفعت الأسعار تكون كارثة عليه لأنه ملزم بالشراء بالسعر الأعلى مضافاً إليه ما يؤدى للسمسار الذي أقرضه من مال غيره لذلك يقول ابن القيم: «فإذا باعه شيئاً معيناً وليس في ملكه ثم مضى ليشتريه ويسلمه كان متردداً بين الحصول وعدمه فكان غرراً يشبه القمار فنهي عنه»(70)، وهناك مقامرة أخرى من السمسار الذي يقرض عملاءه أوراقاً مالية ليست له بل لعملاء آخرين فيكون بذلك معيناً على المقامرة(71)، ويضاف إلى ما سبق حصول السمسار على أرباح غير جائزة شرعاً، لأنه جناها من إقراض أوراق مالية ليست له وبدون علم أصحابها واستفاد هو منها دون مالكها، كما تدخل شائبة التضليل في هذا العقد أيضاً حيث إنه يسلم أوراقاً مقترضة وليست مملوكة له، وهذا من شأنه إبطال العقد(72).

الاتجاه الثاني: يرى جواز البيع على المكشوف:

وقد استدل هذا الفريق على ما ذهب إليه بأن نهي النبي صلى الله عليه وسلم الوارد في الحديثين اللذين استدل بهما القائلون بعدم الجواز ليس نهياً على سبيل الحتم والإلزام، بل خرج على سبيل النصح والإرشاد، ويؤيد ما نقوله توجيه النبي صلى الله عليه وسلم الخطاب للبائع وليس للمشتري، لأن تمام الصفقة متوقف عليه، ولأنه أحرص على إنفاذ الصفقة من حيث جني الربح المضمون لسلعة ليست موجودة عنده؛ فيدعوه طمعه إلى ذلك، كما أن خسارة الصفقة تقع على الطرف الآخر -المشتري – إذا وجد في القابل ما يمنع تمامها(73).

كما يستدل له بأن الشيء غير الموجود أصبح التعامل به عرفاً في الأسواق خارج البورصة، ووقوعه داخل البورصة أكثر ضماناً وأماناً للمتعاملين لنظم البورصة الأكثر أماناً، ولأن النهي عن بيع ما لا يملكه الإنسان يمكن أن يكون لصغر الأسواق وضيقها؛ بخلاف البورصة، لأن استمرار التجارة فيها والثقة التامة في الحصول على السلعة ينفي احتمال المخاطرة(74).

كما أن الأقرب للبيع على المكشوف أن يتم تكييفه على أنه داخل تحت بيع ما يشتريه الإنسان قبل قبضه، وهذا محل خلاف بين الفقهاء بين الموسع فيه والمضيق، مما يجعل المعاملة بالبيع على المكشوف جائزة لا غرر فيها(75).

المناقشة والترجيح:

نوقشت أدلة الفريق الثاني بالآتي:

أولاً – إن الادعاء بأن النهي ليس على سبيل الحتم والإلزام بل على سبيل النصح والإرشاد يحتاج إلى قرينة تصرف النهي عن وجهته الأصلية إلى النصح والإرشاد، وما ذكرتموه من توجيه الخطاب إلى البائع لا يصلح أن يكون قرينة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن أمام عملية بيع حضر طرفاها، وإنما توجه إليه أحد الطرفين بالسؤال – البائع – فجاء الجواب له، ولأن الطرف الآخر غير موجود، فبقي النهي على سبيل الحتم والإلزام، كما يضاف إليه ما ذكره الفقهاء المعاصرون بأن بيع ما ليس عند الإنسان هو بذاته الصورة التي تتم في عملية البيع على المكشوف في البورصة والمنهي عنه لفسادها(76).

ثانياً – يناقش الدليل الثاني بأن العرف في الأسواق خارج البورصة على التعامل بهذه الصورة، وكون البورصة أكثر أماناً فيجوز فيها من باب أولى، هو قول تعوزه الدقة، لأن ما ذكرته قبل ذلك عن مخاطر البيع على المكشوف داخل السوق العادية يقتصر على خسارة المال فقط، أما في البورصة فإن المخاطر أكبر، لأنه يخسر رأس المال مضافاً إليه فائدة السمسار والأعمال الإدراية التي يقوم بها، وإذا ارتفع السعر في البورصة – على خلاف توقعه – يكون مطالباً برد الأوراق المالية الأكثر قيمة مما يجعله مطالباً بفارق السعر، كما أن بعض البورصات العالمية كبورصة نيويورك توقف التعامل بها إذا كان اتجاه أسهم الشركة يتم تداوله نحو الانخفاض لأنه يمكن أن يؤدي إلى انهيار السوق(77)، والشريعة الإسلامية أولى بتحريم ذلك، لأن من مقاصدها حفظ المال، ومن تشريعاتها تحريم أكل أموال الناس بالباطل، وكذلك تحريم كل ما يؤدي لإلى الضرر أو الضرار(78).

ثالثاً – يناقش الدليل الثالث بأن تكييف البيع على المكشوف بأنه من قبيل بيع ما يشتريه الإنسان قبل قبضه مردود عليه بأنه من قبيل بيع ما ليس عند الإنسان وما لا يملكه، وهو متفق على عدم جوازه(79)، لهذا كله يترجح الاتجاه الأول القائل بعدم جواز البيع على المكشوف لما يترتب عليه من مخالفات شرعية من المخاطرة والمقامرة وبيع ما ليس عند الإنسان وما لا يملكه، وخطر إضاعة المال، وكل هذه مخالفات شرعية يتعذر معها جواز البيع بهذه الصورة.

المراجع

(1) الدردير، الشرح الصغير 3/315، تحقيق السيد علي الهاشمي، ط. دار الفضيلة 2008م. جلال الدين المحلي، كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين 2/1423، ط. المكتبة العصرية، بيروت، أولى 2008م، زكريا الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب2/3، ط. دار الكتاب الإسلامي، بدون تاريخ. ابن حجر، تحفة المحتاج 4/214، ط. المكتبة التجارية بمصر 1983م. البهوتي، كشاف القناع عن متن الإقناع 3/146، ط. دار الفكر، بيروت. البهوتي، شرح منتهى الإرادات 2/5، ط. عالم الكتب, أولى 1993م.
(2) علاء الدين السمرقندي، تحفة الفقهاء 2/29، ط. دار الكتب العلمية، ثانية 1994م. الكاساني، بدائع الصنائع 5/133، ط. دار الكتب العلمية، ثانية 1986م، ابن عابدين، حاشية ابن عابدين 7/10-11، ط. دار إحياء التراث العربي، أولى 1998م.
(3) الدردير، الشرح الصغير 3/318 وما بعدها. المحلي، كنز الراغبين 2/1432.
(4) البابرتي، العناية على الهداية 6/254، ط. دار الفكر.
(5) د. كيلاني المهدي، قضايا فقهية معاصرة.. البورصة وأحكامها الشرعية، ص283، ط. جامعية 2003م.
(6) الدردير، الشرح الصغير 3/315. القليوبي، حاشية القليوبي2/1437. البهوتي، كشاف القناع 3/174، ط. دار إحياء التراث العربي، أولى 1999م.
(7) ابن نجيم، البحر الرائق 5/430، ط. دار الكتب العلمية، أولى 1997م. ابن عابدين، حاشية ابن عابدين 7/8، ط. دار إحياء التراث العربي، أولى 1998م.
(8) الدردير، السابق 3/324. المحلي، كنز الراغبين 2/1436 وما بعدها.
(9) صحيح البخاري 2/124، كتاب الزكاة، باب: قول الله تعالى (لا يسألون الناس إلحافاً) رقم الحديث 1477، تحقيق محمد زهير بن ناصر، ط. دار طوق النجاة، أولى، 1412هـ. مسلم 3/1341، كتاب الأقضية، باب: النهي عن كثرة المسائل، رقم الحديث 593، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت.
(10) ابن عرفة التونسي، المختصر الفقهي 5/111، ط. دار الفاروق، أولى 2014م. القليوبي، الحاشية 2/1437، ط. المكتبة العصرية، أولى 2008م.
(11) السرخسي، المبسوط 13/12 وما بعدها، ط. دار الكتب العلمية، أولى 2001م. الكاساني، البدائع 6/542، ط. دار الكتب العلمية، أولى 1997م. المحلى، كنز الراغبين 2/1455 في الأظهر ومقابله يصح اعتماداً على الوصف بذكر جنسه ونوعه. البهوتي، كشاف القناع 3/187. البهوتي، شرح منتهى الإرادات 3/136، ط. مؤسسة الرسالة، تحقيق عبدالله بن محسن التركي، ثانية، 2005م.
(12) الدردير، الشرح الكبير 3/14. الحطاب، مواهب الجليل 4/266، ط. دار إحياء الكتب العربية، ثانية 1992م.
(13) ابن القيم، إعلام الموقعين عن رب العالمين 1/357 وما بعدها.
(14) د. السيد السخاوي، البورصة في الفقه الإسلامي المعاصر، ص461، ط. 2004م.
(15) د. خورشيد إقبال، سوق الأوراق المالية، مرجع سابق، ص367.
(16) من قرارت مجمع الفقه الإسلامي في دورته السادسة بجدة 1990م، قرار رقم 54/3/6.
(17) د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص368.
(18) قرارت مجمع الفقه الإسلامي من الدورة الأولى حتى الثامنة، ص123، ط. 1985م. د. شعبان البراوري، مرجع سابق، ص186. د. السيد السخاوي، مرجع سابق، ص461، 462.
(19) راجع قرارات وتوصيات الدورة السادسة عشرة لمجمع الفقه الإسلامي، الإمارات العربية المتحدة، دبي، 30 صفر – 5 ربيع الأول 1426هـ/ 2005م، مطبوعة مع مجلة الشريعة والقانون، العدد الثالث والعشرون، مايو 2005م.
(20) د. مبارك بن سليمان، أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة، ص683، ط. دار كنوز إشبيلية، أولى 2005م.
(21) د. منير إبراهيم هندي، الأوراق المالية وأسواق رأس المال، ص179، ط. منشأة المعارف بالأسكندرية1995م، د. إبراهيم محمد أبو العلا، بورصات الأوراق المالية والقطن بالقاهرة والأسكندرية ص139 وما بعدها، ط. أولى 1960م، د. مبارك بن سليمان، مرجع سابق ص683 وما بعدها.
(22) أبو داود، سنن أبي داود 5/478، تحقيق شعيب الأرنؤوط, كتاب الأقضية، أبواب من القضاء، ط. دار الرسالة العالمية، أولى 2009م. ابن ماجه، سنن ابن ماجه 3/430 كتاب أبواب الأحكام، باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، تحقيق شعيب الأرنؤوط، ط. دار الرسالة العالمية 2009م. والحديث روي مرسلاً عن عمرو بن يحي المازني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مالك في الموطأ 2/745 كتاب الأقضية، باب القضاء في المرفق، حديث 31، لكن ورد هذا الحديث من حديث عبادة بن الصامت عن عبدالله بن عباس وأبي هريرة وعائشة وجابر وعمرو بن عوف وأبي لبابة. راجع ابن حجر، التلخيص الحبير 4/475 وما بعدها.
(23) مسلم 1/99 كتاب الأيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا، رقم الحديث 101، تحقيق محمد فؤاد عبدالباقي، ط. دار إحياء التراث العربي، سنن أبي داود 5/323 كتاب البيوع، باب النهي عن الغش، رقم الحديث 3452 بلفظ «ليس منا من غش» مسند الإمام أحمد بن حنبل 15/232، رقم الحديث 9396 مسند أبي هريرة رضي الله عنه.
(24) مسلم 3/1227 كتاب المساقاة، باب تحريم الاحتكارفي الأقوات رقم الحديث 1605، ط. دار إحياء التراث العربي، البيهقي، السنن الكبرى 6/49 جماع أبواب السلم، باب ما جاء في الاحتكار، رقم الحديث 11147، ط. دار الكتب العلمية، ثالثة 2002م.
(25) الكاساني، بدائع الصنائع 5/129، ط. دار الكتب العلمية، ثانية 1986م، الشربيني الخطيب، مغني المحتاج 2/38، ط. مصطفى الحلبي الأخيرة 1958م، ابن قدامة، المغني 4/217، ط. دار الفكر، بيروت 1994م.
(26) أبو داود بنحوه 3/272 كتاب البيوع، باب في التسعير، رقم الحديث 3451، الترمذي، السنن 3/597 كتاب أبواب البيع، باب ما جاء في التسعير، رقم الحديث 1314، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ابن ماجه 2/741 كتاب التجارات، باب من كره أن يسعر، رقم الحديث 2200.
(27) أبو داود 3/272 كتاب البيوع، باب في التسعير، رقم الحديث 3450. البيهقي، معرفة السنن والآثار 8/205 كتاب البيوع، باب التسعير، رقم الحديث 11654، تحقيق عبدالمعطي أمين قلعجي، دار ابن قتيبة، دمشق، دار الوعي حلب، دار الوفاء بالمنصورة أولى 1991م.
(28) الباجي، المنتقى شرح الموطأ 6/350، ط. دار الكتب العلمية، أولى 1999م.
(29) ابن عابدين، مرجع سابق 5/283، ط. مصطفى الحلبي ثالثة 1984م. ابن جزي، القوانين الفقهية، ص255، ط. عالم الفكر بالقاهرة، أولى. ابن القيم،الطرق الحكمية ص257. الشوكاني، نيل الأوطار 6/380، ط. دار التراث.
(30) البخاري، صحيح البخاري 3/139، كتاب الشركة، باب تقويم الأشياء في الشركة، رقم الحديث 2491، والحديث عن عبدالله بن عمر، مسلم، صحيح مسلم 2/1139 كتاب العتق، باب من أعتق شركاً له في عبد، رقم الحديث 1501، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت دون تاريخ.
(31) د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 4/2696 وما بعدها، ط. دار الفكر، دمشق. د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص371.
(32) ابن القيم، الطرق الحكمية ص206 وما بعدها، ط. مكتبة دار البيان، دون تاريخ.
(33) د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق، 4/2696 وما بعدها، د. خورشيد إقبال، مرجع سابق ص371.
(34) لجنة من أساتذة كلية الشريعة والقانون بالقاهرة، قضايا فقهية معاصرة، الجزء الرابع، ص215 من بحث بورصة الأوراق المالية في ميزان الفقه الإسلامي للدكتور عطية السيد فياض، ط. جامعية 2003م.
(35) الباجي، المنتقى شرح الموطأ 6/351 وما بعدها، ط. دار الكتب العلمية، أولى 1999م. وفي نفس المعنى: ابن القيم، الطرق الحكمية، ص207.
(36) د. محمد عبدالحليم عمر، التفسير الإسلامي لأزمة البورصات، ص72 منشور ضمن كتاب أزمة البورصات العالمية. د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص375 وما بعدها.
(37) د. معبد الجارحي، المصارف الإسلامية والأسواق العالمية، بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث للمصارف الإسلامية، دبي، أكتوبر 1985م، ص18 وما بعدها.
(38) د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص374. بحوث في الاقتصاد الإسلامي، مرجع سابق ص131.
(39) د. شعبان البرواري، مرجع سابق، ص195.
(40) د. سعيد توفيق عبيد، الاستثمار في الأوراق المالية، ص86، مكتبة عين شمس، دون تاريخ. د. مبارك بن سليمان، مرجع سابق، ص744.
(41) د. السيد السخاوي، مرجع سابق، ص465.
(42) د. منير هندي، الأوراق المالية وأسواق رأس المال، ص148، ط. منشأة المعارف 1995م.
(43) المرجع السابق، ص149، د. مبارك بن سليمان، مرجع سابق، ص745.
(44) د. سمير رضوان، أسواق الأوراق المالية، ص323 وما بعدها، ط. المعهد العالي للفكر الإسلامي 1996م. د. منير إبراهيم هندي، مرجع سابق، ص148
(45) د. منير إبراهيم هندي، مرجع سابق، ص152. د. خالد وهيب الراوي، الاستثمار ص113، ط. دار المسيرة، عمان، أولى 1999م.
(46) د. شعبان البرواري، مرجع سابق، ص196. د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص376.
(47) د. منير إبراهيم هندي، مرجع سابق، ص149 وما بعدها. د. زياد رمضان، مبادئ الاستثمار الحقيقي، ص134، ط. دار وائل، أولى 1998م.
(48) د. منير هندي، مرجع سابق، ص150. د. زياد رمضان، مرجع سابق، ص134. د. مبارك بن سليمان، مرجع سابق، ص747.
(49) د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص376. د. معبد الجارحي، الشركات في ضوء الإسلام «الإدارة المالية في الإسلام» 1/120، ط. عمان، مؤسسة آل البيت، ط. 1989م، المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية.
(50) د. سمير عبدالحميد رضوان، أسواق الأوراق المالية، مرجع سابق، ص322.
(51) د. زياد رمضان، مبادئ الاستثمار، مرجع سابق، ص133 وما بعدها.
(52) د. خالد وهيب الراوي، مرجع سابق، ص113. د. مبارك بن سليمان، مرجع سابق، ص749.
(53) د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص378. د. مير هندي، مرجع سابق، ص118.
(54) الزيلعي، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 4/103، ط. دار الكتاب الإسلامي، دون تاريخ. البابرتي، العناية على الهداية 7/50، ط. دار الفكر، بيروت. الدردير، الشرح الصغير 3/329، ط. دار الفضيلة، القاهرة 2008م. ابن عرفة التونسي، المختصر الفقهي 5/107، ط. أولى 2014م. الرافعي، فتح العزيز شرح الوجيز 4/103، ط. دار الكتب العلمية، أولى 1997م. جلال الدين المحلي.كنز الراغبين شرح منهاج الطالبين 2/1444.
(55) الترمذي، سنن الترمذي 3/551، أبواب البيوع، رقم الحديث 1258، تحقيق أحمد شاكر، ط. مصطفى الحلبي، ثانية 1975م. البغوي، شرح السنة 8/141، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع ما ليس عنده، المعجم الكبير للطبراني 17/160، رقم الحديث 421، تحقيق حمدي عبدالمجيد السلفي، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ثانية 1994م.
(56)
القاضي عبدالوهاب المالكي، المعونة على مذهب عالم المدينة 2/63، ط. دار الكتب العلمية، أولى 1995م، تحقيق محمد حسن محمد.
(57) يراجع في نفس المعنى: الزيلعي، تبيين الحقائق، مرجع سابق 4/103.
(58) الحطاب، مواهب الجليل 4/270، ط. دار الفكر، بيروت، ثانية 1398هـ. الأنصاري، أسنى المطالب شرح روض الطالب 2/10، ط. دار الكتاب الإسلامي. المحلي، كنز الراغبين، مرجع سابق، 2/1444. البهوتي، كشاف القناع 3/157، ط. دار الفكر، بيروت 1402هـ. ابن حزم الظاهري، المحلى 8/40.
(59) المراجع السابقة.
(60) أبو داود، سنن أبي داود 3/283، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، رقم الحديث 3503، ط. المكتبة العصرية، صيدا لبنان. الترمذي، سنن الترمذي 3/526، كتاب البيوع، باب كراهية بيع ما ليس عندك، رقم الحديث 1232، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. النسائي، سنن النسائي 7/289، كتاب البيوع، باب ما ليس عند البائع، رقم الحديث 4613. ابن ماجه، سنن ابن ماجه 2/737، كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عنده، رقم الحديث 2187. مالك في الموطأ 4/927 كتاب البيوع، باب بيع العينة وما يشبهها، رقم الحديث 2361، ط. مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان، أبوظبي، أولى 2004م.
(61) أبو داود، السنن 2/258، كتاب الطلاق، باب في الطلاق قبل النكاح، رقم الحديث 2191، قال المنذري الحديث حسن.
(62) راجع في نفس المعنى: د. كيلاني المهدي، السابق ص312. د. محمد حسين قنديل، النظريات العامة في الفقه الإسلامي، ص112 وما بعدها، ط. مكتبة الأزهر 1996م.
(63) البغوي، التهذيب 3/528 وما بعدها، ط. دار الكتب العلمية.
(64) شهاب الدين القرافي، الفروق 3/282.
(65) راجع: البهوتي، كشاف القناع 3/157.
(66) البغوي، التهذيب 3/529 وما بعدها.
(67) بحوث في الاقتصاد الإسلامي، مرجع سابق 132. د. محمد صبري هارون. أحكام الأسواق المالية، ص268 وما بعدها، ط. دار النفائس، الأردن، أولى 1999م. د. عطية السيد فياض، بورصة الأوراق المالية في ميزان الفقه الإسلامي، ص247، ط. جامعية 2003 م. د. محمد عبدالحليم عمر، التفسير الإسلامي لأزمة البورصات العالمية، ص120. د. معبد الجارحي، الشركات في ضوء الإسلام، الإدارة المالية في الإسلام 1/134.
(68) حديث حكيم سبق تخريجه قبل ذلك، ويراجع في نفس المعنى: د. سمير رضوان، مرجع سابق، ص327.
(69) أبو داود، السنن 3/283 كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، رقم الحديث 3504. الترمذي، سنن الترمذي 3/527 وما بعدها، كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، رقم الحديث 1234، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. النسائي 7/288 كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، رقم الحديث 4611. الحاكم في المستدرك 2/21، كتاب البيوع، رقم الحديث 2185، ابن عبدالبر في التمهيد 10/565، قال: «وهذا الحديث محفوظ من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح، مسند الإمام أحمد بن حنبل 6/190، أول مسند عبدالله بن عمرو، رقم الحديث 6628، ط. دار الحديث، القاهرة، أولى 1995م.
(70) ابن القيم، زاد المعاد في هدي خير العباد 5/716، ط. مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة السابعة والعشرون 1994م , مجلة مجمع الفقه الإسلامي 5/733.
(71) راجع في هذا المعنى: د. شعبان البرواري، مرجع سابق، ص200. د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص381.
(72) د. شعبان البرواري، مرجع سابق، ص200. د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص383.
(73) د. عبدالكريم الخطيب، السياسة المالية في الإسلام، ص176، ط. دار الفكر العربي، القاهرة 1976م. د. علي عبدالقادر، مسائل البورصة في الشريعة الإسلامية 5/438 من موسوعة البنوك الإسلامية المجلد الأول.
(74) المرجع السابق، ص176. د. علي عبدالقادر، مرجع سابق.
(75) د. محمد الشحات الجندي، معاملات البورصة في الشريعة الإسلامية، ص125، ط. دار النهضة العربية.
(76) د. عطية السيد فياض، بورصة الأوراق المالية في ميزان الفقه الإسلامي، مرجع سابق، ص 251.
(77) بحوث في الاقتصاد الإسلامي، مرجع سابق، ص132.
(78) د. خورشيد إقبال، مرجع سابق، ص382.
(79) د. عطية فياض، مرجع سابق، ص253.

* أستاذ الفقه المشارك/ كلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign