خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / المؤشرات اﻹسلامية في سوق رأس المال دراسة تطبيقية
المؤشرات اﻹسلامية في سوق رأس المال دراسة تطبيقية

المؤشرات اﻹسلامية في سوق رأس المال دراسة تطبيقية

أغلب‭ ‬المصطلحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المعاصرة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الفكر‭ ‬العلماني‭ ‬بصورتيه‭ ‬الاشتراكية‭ ‬والرأسمالية‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬فصل‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬الدولة  / مع‭ ‬انتشار‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الإسلامية‭ ‬نشأت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬مؤشرات‭ ‬تصنيف‭ ‬إسلامية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التمويل‭ ‬والاستثمار . بقلم : محمد‭ ‬وفيق‭ ‬محمد‭ ‬زين‭ ‬العابدين*

الاجتهاد: اشتمل القرآن الكريم والسنة النبوية على مبادئ وقواعد بنى عليها الفقهاء المسلمون قوانين وأحكام هي الأكمل والأفضل من حيث الفعالية في تحقيق سعادة البشرية ونهضة الشعوب. ومنها: تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، الموازنة بين رغبات جميع الأطراف في المعاملات، حماية الملكيات الخاصة ورعاية المصالح العامة للجماعة في نفس الوقت، نبذ العنصرية وتحقيق العدالة الاجتماعية بين الجميع؛ من خلال آلية فرض العين وللأمة كلها أحيانًا أخرى من خلال آلية فرض الكفاية، إعمار الأرض وتشجيع الاستثمار والحث على العمل بإتقان، حماية القيم الأخلاقية وتهذيب السلوك ومحاربة المادية الطاغية، المحافظة على المال العام للدولة وحسن استغلال موارد الأمة وتنمية القدر المشترك المملوك لكل أفراد المجتمع من المنافع، الحزم في محاسبة الولاة والموظفين والعمال والتشديد في رقابتهم، وغير ذلك من قواعد ومبادئ مثالية عظيمة لم تكن محض أفكار نظرية علمية، بل ترجمت في الواقع إلى تطبيق ملموس.

ولا ريب في أن أسواق رأس المال (البورصات) كانت من أهم وسائل وأدوات تفعيل كثير من النظريات الاقتصادية والسياسات المالية حتى تحكمت في اقتصادات العالم، ومع اتساع نطاق هذه الأسواق وتعدد العناصر الفاعلة فيها، كان لابد من مؤشرات تدل على الظواهر والمتغيرات المختلفة فيها، فأصبح لا غنى عنها، إذ هي مقياس الحرارة بالنسبة للسوق، فنشأت وضعية كنتيجة لوضعية أسواق رأس المال، أي لا تعتمد على ضوابط محددة لشرعية أنشطة الشركات والمؤسسات الاقتصادية والاستثمارية المشاركة في هذه الأسواق.

فجوة‭ ‬شرعية

مع انتشار المؤسسات المالية الإسلامية التي تمارس أنشطتها بعيدًا عن الإقراض والاقتراض بفائدة، وبرغم ما حققته من حضور كبير على الساحة الاقتصادية العالمية نظرًا لما تتميز به المنتجات التي تقدمها، فقد حدثت فجوة بين طبيعة النشاط الذي تمارسه هذه المؤسسات وبين آليات التقييم داخل أسواق رأس المال التي تعتمد في تقييم المشروعات والأنشطة على مؤشرات ومحددات مخالفة لأحكام الشريعة في كثير من الأحيان لاعتمادها على سعر الأوراق المالية أو قيمتها السوقية فحسب.

ومن هنا نشأت الحاجة إلى إيجاد بدائل شرعية للمؤشرات المعتمَدة في الأسواق المالية، وهي ليست بدائل بالمعنى الحرفي المتعارف عليه، ولكن وسيلة لعمل تصنيفات إسلامية موازية للتصنيفات الوضعية في مجال التمويل والاستثمار، والهدف منها هو مساعدة المؤسسات والمستثمرين على تقييم المشروعات الاقتصادية التي تقدمها المؤسسات والشركات داخل سوق الأوراق المالية من الناحية الشرعية، كما تهدف إلى جذب استثمارات مالية إسلامية إلى السوق بإبراز المجالات المتاحة فيه التي لا تعتمد على الفائدة الربوية أو الأنشطة المحرَّمة، فضلًا عن تعريف المستثمرين بمزايا الاقتصاد الإسلامي ودوره في المحافظة على المال وتنميته بالطرق الصحيحة في التمويل وفي الاستثمار.

اشتمل‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬والسنة‭ ‬النبوية‭ ‬المطهرة‭ ‬على‭ ‬قواعد‭ ‬مثالية‭ ‬عظيمة‭ ‬ترجمت‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لتحقق‭ ‬سعادة‭ ‬المؤمنين‭ ‬به ومما يزيد من أهمية إيجاد هذه المؤشرات الشرعية عدم وجود بيئة شرعية خالصة لأسواق المال (البورصات)، بما يتطلب البحث في ضرورة وضع معايير يمكن من خلالها إرشاد المستثمرين المهتمين بمراعاة الأحكام الشرعية في معاملاتهم التمويلية والاقتصادية داخل أسواق المال التقليدية إلى الشركات والمؤسسات التي تعمل في إطار نشاط شرعي، ولا يكون لذلك جدوى كبيرة في حال وجود سوق مال ذات صبغة إسلامية من جهة الشركات والمؤسسات التي تضمها من ناحية، وطبيعة المعاملات التي تتم فيها من ناحية أخرى.

ضوابط‭ ‬شرعية‭ ‬لاستثمار‭ ‬الأموال

ولقد أولت الشريعة الإسلامية عناية كبيرة بالمال، لا لذاته، ولكن لأنه قوام المعيشة وعصبها، فبدون العناية به لا تستقيم الحياة، ولا تتم عمارة الأرض، التي استخلف الله الإنسان فيها لإصلاحها، قال الله تعالى: (هوَ الَّذِي جَعَلَ لَكم الأَرْضَ ذَلولًا فَامْشوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكلوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النّشور) الملك 15، فكان حفظ المال أحد مقاصد الشريعة الخمسة، والتعدي عليه أحد حدودها الستة، فدانى في المنزلة النفس والعرض، ولا يتحقق حفظه إلا بتنميته على الوجه الذي فرضه الله تعالى لعباده، إذ هو سبحانه وتعالى أعلم بأحوالهم وبما يصلح شؤونهم.

ومن هنا ظهرت الحاجة إلى ربط الأنشطة في أسواق المال بأدوات رقابية ومؤشرات منضبطة دينيًا تلبية لرغبات المستثمرين في الاستثمار المشروع، واستجابة لما تمليه عليه عقيدتهم، فكما يَحرم على الإنسان أن يستثمر جزءًا – ولو يسيرًا – من ماله في معاملة محرمة، فكذا يحرم عليه المضاربة أو المشاركة في شركات تتعامل في محرمات.

على أن تسمية هذه المؤشرات بـ(المؤشرات الإسلامية) في هذه الدراسة ومادتها البحثية، وما يتفرع عن ذلك من تعبيرات مثل: (شركات إسلامية)، (سوق إسلامية)، (اقتصاد إسلامي)، إنما هو مجاراة لما هو شائع من تمييز الأنشطة والكيانات، تبعًا لتميز المنطلقات التي انبنت عليها، لا من جهة مطابقتها للمعيارية الإسلامية المتعينة أو النموذج المحقق للغايات والمقاصد الإسلامية المنشودة في تنمية المال واستثماره من الوجهة الصحيحة، وهو ما يستلزم ضرورة التفرقة بين التصور والممارسة، بين القاعدة والتطبيق، بين المنظومة والمؤسسة، لأن صلاحية التصور والقاعدة والمنظومة ثابتة بالنصوص الشرعية والتجربة التاريخية، أما الممارسة والتطبيق والمؤسسة فهي لا تخرج عن إطار التجربة البشرية التي تخضع للاختبار والتقييم، وإن ادعت ما ادعت مرجعيتها الدينية، والعامل المشترك بين جميع العناصر المتقدمة هو تميز المنطلقات الكلية بالقيم الدينية والأخلاقية، فأغلب المصطلحات والكيانات الاقتصادية المعاصرة خرجت من رحم الفكر العلماني بصورتيه الاشتراكية والرأسمالية، وهو مطبوع كلية بطابع الفلسفة الغربية التي بنت كل تصوراتها منذ القرن السادس عشر الميلادي على أساس فصل الدين عن الدولة.

  • مع‭ ‬انتشار‭ ‬المؤسسات‭ ‬المالية‭ ‬الإسلامية‭ ‬نشأت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إيجاد‭ ‬مؤشرات‭ ‬تصنيف‭ ‬إسلامية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التمويل‭ ‬والاستثمار

ويتفرع عن هذا أن المؤشرات الإسلامية، كغيرها من المنظومات المعاصرة ذات الصبغة الإسلامية والتي أريد بها التحرر من التبعية الاقتصادية الغربية، في أشد الحاجة إلى التقييم وتطوير ضوابطها ومعاييرها الفقهية والمحاسبية، بما يناسب أهميتها الشرعية وخصائصها الوظيفية، حتى يمكن تحقيق الاستفادة القصوى منها، وقبل هذا الحكم عليها دون تحيز في النتائج، وهي لهذا تعتبر مجالاً خصباً للدراسات البحثية ووسيلة ناجعة لمراقبة ورصد الحركة الاقتصادية والمالية الإسلامية.

نتائج البحث:

يمكن تلخيص أهم نتائج البحث فيما يلي:

أولاً – المؤشر المالي أداة تقييمية عبارة عن رقم يحسب بطريقة إحصائية معينة للدلالة على الظواهر والمتغيرات على السوق، ويستخدم في تقييم أداء الشركات في السوق وتحليل تأثيرها عليه، وتقوم بإعداده مؤسسات متخصصة تقدمها للمستفيدين منها نظير مقابل مادي، ويشمل كل مؤشر قائمة بالشركات المدرجة فى سوق الأوراق المالية التي تتفق أنشطتها ونسب أصولها المالية مع أحكام الشريعة الإسلامية.

ثانياً – من أهم أسباب دعم صناعة المؤشرات الإسلامية وتطوير معاييرها: تيسير تمويل المؤسسات الصناعية والتجارية والخدمية، الحكومية وغير الحكومية، التي تتوافق أنشطتها مع الشريعة، دعم وتطوير حركة الاستثمار على حساب حركة الادخار، بتوجيه أصحاب الأموال إلى المشروعات الاستثمارية الحقيقية التي تعتمد على أساليب التمويل الإسلامي لتفعيل الإنتاج دون الاعتماد على سعر الفائدة،

التعرف على أسعار الأسهم والحالة الاقتصادية للمؤسسات والعرض والطلب، حجم التغير في سوق معينة، والتنبؤ بحالته المستقبلية، تقييد تصرفات المضارب أو الوكيل بحركة المؤشر، تكوين فكرة عن أداء محفظة أوراق مالية وتقدير مخاطرها، ربط تنفيذ الوعد الملزم للواعد بالبيع أو بالشراء بمعدل زيادة أو نقص مؤشر معين على ثمن السلعة في تاريخ محدد …الخ.

ثالثاً – يعتبر المؤشر المالي من النوازل الفقهية، وينبني حكمه شرعًا على استخدامه في الأسواق على فرضين:

– الأول: أن يكون أداة يتوصل بها إلى قياس تحركات وتغيرات السوق، وهذا هو الاستخدام الأصلي للمؤشر فهو أداة يمكن من خلالها إبرام المعاملات ومعيار يمكن الاستعانة به لتسهيل التعاقدات، فيمكن اعتبار المؤشر الإسلامي من قبيل الأنظمة الإدارية والإجرائية المستخدمة في تنظيم المرافق التي تستند في مشروعيتها إلى قاعدة المصالح المرسلة فيما يندرج تحت أصل شرعي عام لا يخالف نصًا أو قاعدة فقهية، بشرط استيفائه للضوابط والأصول الشرعية، ويؤكد مشروعيته قواعد: أصل الحِل والإباحة في المعاملات المالية، جواز الاستدلال بالأمارات والقرائن في المعاملات المالية، وحظر أكل المال بالباطل في الشريعة.

  • أغلب‭ ‬المصطلحات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المعاصرة‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬رحم‭ ‬الفكر‭ ‬العلماني‭ ‬بصورتيه‭ ‬الاشتراكية‭ ‬والرأسمالية‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬فصل‭ ‬الدين‭ ‬عن‭ ‬الدولة

– الثاني: هو موضوع لتعاقد أو محل لعقد، فيما يعرف بعقود المستقبليات، وهي لا تتضمن قبض أو تسليم أي شيء، حيث يجري في نهاية العقد تسوية نقدية تمثل الفرق بين سعر العقد والسعر السائد في تاريخ انتهائه، ومقصوده الحقيقي هو التسوية المالية وليس المعاوضة على بدلين، ومن ثم لا يصلح المؤشر بذاته أن يكون محلًا لعقد، لا بالبيع أو الشراء، وتقع حرمة التعامل فيه على الوجه المتقدم من جهتين:

الأولى: لأنه يندرج في بيوع الغَرَر، باعتباره بيع معدوم، لا يتضمن قبضًا ولا تسليمًا فعليًا أو حكميًا لشيء ما، فليس هو بمال ولا منفعة ولا يؤول إلى مال ولا منفعة ولا أي حق متعلق بهما.

الثانية: أنه من قبيل الميسر والمقامرة البحتة، لأن وجه الاستفادة منه هو تغير الأسعار واستغلال قدرة التوقع في السوق، فهو محض مضاربة على فرص الربح المعتمدة على الحظ.

ويتبين من أوجه الاختلاف الجوهرية بين آلية بناء المؤشرات الإسلامية والتقليدية، مما جعل ذلك في غاية الصعوبة لأسباب تدور جميعها تقريبًا على عنصر الإفصاح، حيث تلزم المؤشرات الإسلامية الشركات بالافصاح عن بنود هامة متممة للقوائم المالية، لاستبيان مواقف الشركة من الأنشطة المحرَّمة والنسب المالية المتعلقة بالإقراض والاقتراض والفوائد الربوية والأصول من النقود والديون وغير ذلك، إضافةً لما تتطلبه المؤشرات التقليدية، وغالباً ما تفتقر قوائم الشركات للإفصاح الحقيقي للنسب المشار إليها، إما لدمج بعض البنود دون بيان مفرداتها باعتبارها من طبيعة واحدة وهي ليست كذلك، أو على العكس لتعدد أسماء البنود رغم كونها من طبيعة واحدة، أو للقيام ببعض المقاصات بين بعض البنود مثل بعض الإيرادات والمصروفات رغم أهمية عرض هذه البنود مجردة دون إجراء المقاصة، بالإضافة لتناقض مدلول بعض البنود مع أسمائها.

رابعاً – تتميز المؤشرات الإسلامية باستبعاد الأسلوب العشوائي الكامل في اختيار عيناتها من مجتمع الأسهم الكلي، فلا تطبق الأوزان المطلوبة إلا على قطاعات سوق معينة هي السوق الإسلامية أو الشركات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية أو الأقرب لأحكامها، ويتم اختيار مكونات مؤشر سوق الأوراق المالية الإسلامي على مرحلتين:

المرحلة الأولى: استبعاد أسهم الصناعات والخدمات والأنشطة المحرمة شرعاً، وتتفق المؤشرات الإسلامية على اختلاف أنواعها في وجوب ذلك، ويعتد في التقييم بالنشاط المفصح عنه فى النظام الأساسي للشركة، لكنها لا تتفق في تحديد هذه الأنشطة، فتعلق التحريم والمنع يرجع إما إلى موضوع النشاط أو محله، ولا خلاف في حرمته، وإما إلى غاية النشاط أو وسيلته، حيث الأصل فيه الحل، لكنه ينتقل عن هذه الحالة إلى الكراهة أو الحرمة.

المرحلة الثانية: تطبيق معايير من النسب المالية التي تتضمن مستويات مقبولة وغير مقبولة من النقود والديون والعوائد من الفوائد والعناصر المحرمة في أصول وإيرادات الشركات التي تم اختيارها في المرحلة الأولى فقط، وتتعلق بمجموع القروض الربوية سواء طويلة أو قصيرة الأجل، ومجموع الإيداعات الربوية قصيرة أو متوسطة أو طويلة الأجل، وتختلف المؤشرات في هذه النسب ما بين اعتبار قيمة الثلث أو نصف العشر أو غير ذلك.

  • كل‭ ‬دخل‭ ‬محرم‭ ‬يلزم‭ ‬الشركة‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬سواء‭ ‬ربحت‭ ‬أم‭ ‬خسرت

ويميل الباحث إلى أن تقييد التعامل بالنسب المعمول بها أو غيرها لا يقوم على قاعدة صحيحة، فنسبة النقود والديون إلى بقية الأصول من أعيان ومنافع وحقوق ليس لها حد أدنى في الشرع في حالة تعلق نشاط الشركة باستثمارات زراعية أو تجارية أو صناعية أو عقارية أو أي استثمار فعلي، والعبرة فيه بالغلبة، وهذا هو جوهر الاقتصاد الإسلامي الحقيقي، وهو تشجيع ممارسة الأنشطة الفعلية المنتجة، لا المتاجرة في الأموال أو الديون.

كما أن الربا الذي يقتضي مراعاة قواعد الصرف في النقود والتصرف في الديون في هذا المقام ليس له واقع في الحقيقة، لتعلق نشاط الشركة أصليًا باستثمارات حقيقية، ومقتضاه أن الديون والنقود تابعة غير مقصودة أصالة، ويغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها.

فإذا كان التصرف واقعًا على عنصر محرم، وهو محل العقد، فلا وجه للقول بالثلث أو نصف العشر أو القلة أو الغلبة أو الاستثناء من الأحكام الشرعية، ولأن الأموال تندر الكثرة فيها، لذلك سوّى الشرع بين قليلها وكثيرها في الحِل والحرمة، فإذا سلمنا بالاستدلال بأي تجاوز في قيمة ما في المسائل التي اكتفت الشريعة فيها ببعضها، فلا يمكن التسليم بذلك في المسائل التي أمر الشرع بها كلها، لأن تسامح الشرع في البعض مقيد بما جاز التسامح فيه في الأصل، فكل دخل من إيراد محرَّم يلزم الشركة التخلص منه، سواء وزعت أرباح أم لم توزع وسواء ربحت الشركة أم خسرت، ولا يحق لها الانتفاع به بأي وجه من وجوه الانتفاع كدفعه في ضريبة مستحقة شرعًا أو قانونًا، ومن باب أولى، لا يجوز لها استثمار هذا الدخل أو تحصل على ربح منه عبر بذل جهد ما في تحريكه وتنميته.

خامساً – تكاد تتفق المؤشرات الإسلامية على ضرورة التخلص من الكسب الحرام فيما يعرف بعملية التطهير من الإيرادات المحرَّمة حسبما تفصح عنه القوائم المالية، ويتعلق هذا الضابط بالشركات التي غرضها ونشاطها الأساسي مشروعًا، ويمثل العنصر المحرَّم عارضًا في إيراداتها دون الشركات التي غايتها غير مشروعة .

والأصل أن مالك السهم (المستثمر)، لا يلزمه التخلص من جزء من ربح سهمه، ومن باب أولى مشتري السهم لأن تغير سبب الملك يقوم مقام تغير العين، فكلاهما إما أنه اشترى حلالًا وهذا لا إشكال فيه، أو حرامًا لا لعينه بل لكسبه، وهذا ينقلب حلالًا بالنسبة لهما، لكونه دخل عليهما بسبب مباح، وتبقى المسئولية عن الأموال والتعاملات المحرَّمة في الشركة على المتصرِّف، فيلزمه الضمان، والتطهير نوع من الضمان، ويجري مجراه. وما يقال بشأن المساهم يقال من باب أولى في شأن الوسيط أو الوكيل، لأنهما غير معنيين بالنشاط، فليس على أي منهما التخلص من جزء من عمولته (أجرته) التي هي حق له نظير ما قام به من عمل.

سادساً – يتم التطهير بالتخلص من العائدات المحرَّمة بتوزيعها في أوجه البر ومصالح المسلمين العامة، دون انتفاع الشركة من جهة شرعية كإخراجها زكاة ولا قانوناً كإخراجها ضرائب مثلاً ولا غير ذلك كما في الترويج والدعاية.

والأمر لا يخرج عن أحد احتمالين:

الأول: أن تتمكن الشركة من تمييز مقدار الإيرادات الناتجة عن عناصر الاستثمار المحرَّمة، فهنا يلزم إخراجه، فيكون بذلك القدر الذي يتعين تطهيره متغير سنويًا غير ثابت، وهذا هو الأصل الذي تؤيده أقوال الفقهاء.

الثاني: ألا تتمكن الشركة من معرفة مقدار الإيرادات المحرَّمة، وهنا يلزم الاجتهاد في تحديد مقدارها وتخرج ما يغلب الظن عليه، ولا مانع من تحديد نسبة معينة يترجح أنها كفيلة بتغطية هذه الإيرادات المحرَّمة. وسيتم التعرض لهذا الموضوع بشئ من التفصيل فيما يلي:

نسبة التطهير:

الأساس الشرعي لفكرة التطهير:

التطهير في المعاملات المالية هو التخلص من العائدات المحرَّمة بتوزيعها في أوجه البر والنفع العام للمسلمين، ودون أن ينتفع بها صاحب المال أي منفعة تذكر، وتعبر عنها بعض المؤشرات الإسلامية بالتنقية.

ويمكننا إرجاع فكرة التطهير إلى أساسين:

الأول: عدم الجمع بين العِوض والمعوض عنه في المنافع والأرباح المحرَّمة، فلزم من ذلك التخلص منها بالصدقة وغيرها من وجوه الخير، إذ امتنع الرد بما ذكر، وامتنع الانتفاع إعمالًا لقول الله تعالى: (وَإِنْ تبْتمْ فَلَكمْ رءوس أَمْوَالِكمْ لَا تَظْلِمونَ وَلَا تُظْلَمونَ) البقرة 279.

يقول ابن قيم الجوزية: «وإن كان المقبوض برضا الدافع وقد استوفى عِوضه المحرَّم، كمن عاوض على خمر أو خنزير، أو على زنى أو فاحشة، فهنا لا يجب رد العِوض على الدافع، لأنه أخرجه باختياره، واستوفى عِوضه المحرَّم، فلا يجوز أن يجمع له بين العِوض والمعوض، فإن فى ذلك إعانة له على الإثم والعدوان، وتيسير لأصحاب المعاصى عليها.. ولكن لا يطيب للقابض أكله، بل هو خبيث كما حكم عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن خبثه لخبث مكسبه، لا لظلم من أخذ منه، فطريق التخلص منه وتمام التوبة بالتصدق به».

الثاني: أن من دخل في معاملة يعتقد حِلها لما غلب عليها من الظاهر، متأولًا باجتهاد أو تقليد، فقبض المال أو الإيراد، فلا يلزمه الرجوع في المعاملة أو رد الإيراد مادام قد حصل التقابض، وهو مذهب جماعة من العلماء.

فذهب ابن تيمية إلى أن كل عقد اعتقد المسلم صحته بتأويل من اجتهاد أو تقرير، فإنه إذا حصل فيه التقابض مع اعتقاد الصحة، لم يلزم نقضه، فما كان قد قبض بالاعتقاد الأول أمضي، وإذا كان قد بقي في الذمة رأس المال وزيادة ربوية أسقطت الزيادة ورجع إلى رأس المال، ولم يجب على القابض رد ما قبضه قبل ذلك بالاعتقاد الأول.

وذهب الكاساني إلى أن الفساد لا يخلو إما أن يكون راجعًا إلى العين ببيع الخمر والخنزير مثلًا، وإما أن لا يرجع إليه كالبيع بشرط منفعة زائدة لأحد العاقدين أو إلى أجل مجهول، والحال لا يخلو إما أن يكون قبل القبض وإما أن يكون بعده، فإن كان الفساد راجعًا إلى العين ذاتها فهو وفيما قبل القبض سواء، للطرفين فسخ العقد، لأن الفساد راجع إلى صلب العقد لا يمكن تصحيحه، لما أنه لا قوام للعقد إلا بالبدلين فكان الفساد قويًا مؤثرًا في صلب العقد بسلب اللزوم عنه، أما لو لم يكن راجعًا إلى العين فيما بعد القبض، فيمكن إسقاط ما تعلق الفساد به، وولاية الفسخ لا تكون إلا لصاحب الشرط لأن الفساد الذي لا يرجع إلى العين لا يكون قويًا لكونه محتملًا للحذف والإسقاط.

يقول القرطبي: «كل ما طرأ على البيع قبل القبض مما يوجب تحريم العقد أبطل العقد، كما إذا اشترى مسلم صيدًا ثم أحرم المشتري أو البائع قبل القبض بطل البيع، لأنه طرأ عليه قبل القبض ما أوجب تحريم العقد، كما أبطل الله تعالى ما لم يقبض، لأنه طرأ عليه ما أوجب تحريمه قبل القبض، ولو كان مقبوضًا لم يؤثر، هذا مذهب أبي حنيفة، وهو قول لأصحاب الشافعي».

وأساس هذا القول الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (12/226 – حديث رقم 4843-7) عن أبي حميد الساعدي قال: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأَسْد يقال له ابن اللتبية – قال عَمْرو وابن أبي عُمَر على الصدقة – فلما قدم قال هذا لكم وهذا أُهدي لي، قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال «ما بال عامل أبعثه فيقول هذا لكم وهذا أُهدي لي.. أفلا قعد في بيت أبيه أو بيت أمه حتى ينظر أيُهدى إليه أم لا.. والذي نفس محمد بيده لا ينال أحد منكم منها شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر» ثم رفع يديه حتى رأينا عُفرتي إبطيه ثم قال «اللهم هل بلغت» مرتين.

فإن ابن اللتبية رضي الله عنه أخذ الهدية متأولًا، فبيّن له النبي صلى الله عليه وسلم وجه الحرمة، ولم يأمره بردها لصاحبها، برغم تغليظه الدال على شدة النهي، ولذا ذهب ابن حجر وغيره إلى احتمال أن تكون قد جعلت لبيت المال لعدم ورود أمر النبي صلى الله عليه وسلم له بردها.

الواقع العملي لنِسب التطهير وتقييمه الشرعي:

إن ضابط التطهير لا يتعلق بالشركات التي يكون غرضها ونشاطها في الأساس محرَّم، كشركات إنتاج الخمور والتبغ والأطعمة المحرَّمة والقمار والملاهي واستثمار الأموال الربوية.. لأن الحرام الخالص لا يحله تطهير، ويلزم التخلص من نسبة قيمة الاستثمار كاملًا؛ رأس المال وربحه.

إنما يتعلق هذا الضابط بالشركات التي غرضها ونشاطها الأساسي مشروعًا، ويمثل العنصر المحرَّم عارضًا في إيرادات نشاطها بحكم طبيعة التعاملات التجارية التي يحتمل دخولها شيء من ذلك. وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المال الحلال إذا خالطه حرام حتى لم يتميز، ثم أخرج منه مقدار الحرام المختلط به، دخل في حيز الإباحة والحِل، لأن المقصود منه ماليته لا عينه، ولو تلف لقام المِثْل مقامه، والاختلاط إتلاف للتمييز، كما أن الإهلاك إتلاف للعين، والمِثْل قائم مقام الذاهب، وهذا بيِّن حِسًا بين معنى.

وقد جرى العمل عند بعض الفقهاء على ذلك، فإذا اختلط المال الحلال بالحرام غير المتعلق بعين، فلم يمكن تمييز أيهما أكثر، فحدد ابن تيمية هذه النسبة بـ(النصف)، وكذلك قيمة (الثلث) كانت محل اعتبار كبير عند بعض الفقهاء في المسائل الشرعية التي يلزم تحديد قيمة فيها، كما عند المالكية الذين جعلوها معيارًا مناسبًا للتفريق بين القليل والكثير، لما رأوا اعتبار الشرع لها في الوصية وغيرها من الأحكام الفقهية.

أما تحديد هذه النسبة بـ5% كما أخذت بها بعض المؤشرات، مثل مؤشر فاينانشال تايمز الإسلامي العالمي، فإن كان اعتمادًا على فكرة أن هذه هي النسبة التي يمكن التجاوز عنها بشأن الإيرادات المحرمة، فلا إشكال في ذلك، حيث الأصل في تحديد النسبة ضمان تغطيتها للعناصر المحرمة، لكن الواقع يظهر أن الدخل المحرم إلى إجمالي الإيرادات يتجاوز هذه النسبة، وفقًا لما يظهره مكون النِسب المالية في جميع المؤشرات الإسلامية تقريبًا، بما يصل لنسبة الثلث أو يجاوزها أحيانًا إذا ما وضعنا في الاعتبار نِسب الإقراض بفائدة أو الاقتراض بفائدة أو الإيرادات الربوية الناتجة عن التعامل في الديون والنقد، أي النِسب المسموح بها في هذه العناصر الثلاثة والتي تصل في كل منها إلى الثلث.

والتخلص من نسبة الحرام والمشتبه فيه يتضمن كل ربح حصل أثناء التشغيل أو نتج عنه، سواء أصل الفائدة أو ما تولد عنها من خلال تحريكها وتنميتها بالبيع أو الشراء أو المضاربة أو غير ذلك، لأنه تولد عن محرَّم، ولا ينال من ذلك كون الجهد والعمل المبذول في تنميتها مباحًا.

واحتج البعض على حِل الربح الناتج عن استثمار الفائدة المحرَّمة بطريق مباح، بتجويز الشافعية والمالكية الاتجار في العين المغصوبة والتربح منها، وهو استدلال في غير موضعه، لأن مبنى تجويزهم على حِل أصل المال المستثمر، أي العين، لذلك يضمنها الغاصب، ولما كان عليها ضمانها كان له منفعتها، إذ الخراج بالضمان.

أما العنصر المحرَّم الذي دخل في إيرادات الشركة فمحرَّم في ذاته، فيتبعه كل ربح نتج عن استثماره، إذ التابع تابع، كأشبه ما يكون بمال الربا، مهما كثر وتزايد من المراباة، لم يحل منه إلا أصل المال الحلال دون ما تولد عنه، لقول الله تعالى (وَإِنْ تبْتمْ فَلَكمْ رءوس أَمْوَالِكمْ لَا تَظْلِمونَ وَلَا تُظْلَمونَ) البقرة 279.

وبعض المؤشرات تسمح للشركات بتحميل المساهم مبلغ التطهير، بتحديده بقسمة إجمالي الدخل المحرَّم على إجمالي عدد الأسهم مضروبًا في عدد الأسهم التي يمتلكها المساهم.

وقد يرى البعض أنه في حالة الشركات المساهمة لن يكون هناك فارقًا كبيرًا في تحمل الشركة نسبة التطهير أو تحميلها للمساهم، على اعتبار أنه سيتم خصمها في كل حال من إجمالي مبلغ الإيرادات قبل عملية توزيع الأرباح، بما يستتبع تأثير ذلك ولابد على قيمة الربح الموزع، غير أن عامل التخيير الممنوح بضرورة الحال للمساهم – إذ له مطلق الحرية في إخراج هذه النسبة من عدمه – يجعل من الصعوبة بمكان إخراجها، لسببين أحدهما عملي والآخر شرعي؛

فأما السبب العملي فيتعلق بعدم دراية أغلب المساهمين بالأمور الفنية المتعلقة بعمل الشركات والنِسب في قوائمها المالية.

وأما من الناحية الشرعية فالأصل أن مالك السهم لا يلزمه التخلص من جزء من ربح سهمه، ومن باب أولى مشتري السهم؛ لأن تغير سبب الملك يقوم مقام تغير العين، فكلاهما – المالك والمشتري – إما أنه اشترى حلالًا وهذا لا إشكال فيه، أو حرامًا لا لعينه بل لكسبه، وهذا ينقلب حلالًا بالنسبة لهما، لكونه دخل عليهما بسبب مباح، وتبقى المسئولية عن الأموال والتعاملات المحرَّمة في الشركة على المتصرِّف، فيلزمه الضمان،

قال ابن قدامة: «وما باعوه من الخمر والخنزير قبل مشاركة المسلم فثمنه حلال، لاعتقادهم حِله، فأما ما يشتريه أو يبيعه من الخمر بمال الشركة أو المضاربة فإنه يقع فاسدًا، وعليه الضمان»، وقال البهوتي: «وما يشتريه كافر من نحو خمر بمال الشركة أو المضاربة ففاسد ويضمنه، لأن العقد يقع للمسلم، ولا يثبت مِلك المسلم على خمر، أَشبه شراءه ميتة ومعاملته بالربا وما خفي أمره على المسلم فالأصل حِله»، والتطهير نوع من الضمان، ويجري مجراه.

وما يقال بشأن المساهم يقال من باب أولى في شأن الوسيط أو الوكيل، لأنهما غير معنيين بالنشاط، فليس على أي منهما التخلص من جزء من عمولته (أجرته) التي هي حق له نظير ما قام به من عمل.

التوصيات

بناءً على ما تم دراسته في البحث، نوصي بالآتي:

1- يجب على المسلمين ألا يتركوا قنوات الاستثمار في الأسواق بصفة عامة، وأسواق الأوراق المالية بصفة خاصة، دون تدخل إصلاحي شرعي يهدف أولًا إلى مراجعة الأنظمة والصيغ التي تعمل بها وما يستخدم فيها من آليات وأدوات إدارية وفنية وإجرائية، ثم تقويمها وتعديلها وضبطها وفق أحكام الشريعة الإسلامية في المعاملات المالية ما أمكن ذلك، وفي الجملة تقديم نموذج شرعي يحقق مقصد حفظ المال وتنميته بالضوابط والأصول الشرعية ويتناسب مع خصائص وطبيعة النظام الإسلامي.

2- مسئولية إصلاح الأسواق المالية وأدواتها والعناصر الفاعلة فيها هي مسئولية مشتركة تقع على عاتق كل من:

– العلماء والمفكرين والباحثين في الشريعة والاقتصاد الإسلامي من خلال ما يقدمونه من دراسات وأبحاث فقهية كافية.

– المسئولين بسن القوانين واللوائح اللازمة لضبط هذه الأسواق ضبطًا شرعيًا والتصدي للطرق غير المشروعة في الصفقات والتلاعب بالأسعار بما يسببه من أزمات مالية مؤثرة في الاقتصاد العام.

– المستثمرون ومؤسسات الاستثمار بتحري الأوجه الشرعية والأصول الإسلامية في معاملاتهم ومراعاة التوازن بين المصالح الشخصية ومصالح الغير ومصالح الجماعة، ومن خلال الجمع بين الجانب الروحي المتمثل في الأخلاق والقيم والجانب المادي المتمثل في استيفاء الحقوق وأداء الواجبات.

3- لا حرج في استعمال المؤشرات الإسلامية المعتمدة حاليًا في الأسواق المالية، وذلك بصفة مؤقتة؛ إذ ليست هي النموذج المحقق لأهداف تنمية المال واستثماره من الوجهة الإسلامية الصحيحة.

ويلزم ذلك ضرورة أن تجتهد المؤسسات الاقتصادية المعنية بصناعة المؤشر الإسلامي المنشود وتشرف على تطويره حسب المستجدات ما أمكنها ذلك، على أن يشترك في صياغته وإعداده فقهاء الشريعة وعلماء الاقتصاد وخبراء السوق والتقنيات الإحصائية.

4- إعادة النظر في النِسب المالية التي تعتمدها المؤشرات الإسلامية فيما يتعلق بأصول الشركات التي تدخل في مكوناتها، وما يخص مقدار المحرَّم المسموح به في أنشطة هذه الشركات وممارساتها، من خلال ضبط هذه النِسب بالضوابط الفقهية المعتبرة، على أن الأصل هو اجتناب المعاملات المحرَّمة كلية.

ويلزم ذلك ضرورة الإلزام بالتخلص من الإيراد المحرَّم بشكل دوري فيما يعرف بالتطهير، ودون ربط هذه العملية بنسبة محددة، بل جعلها متغيرة بحسب مقدار الإيراد المحرَّم في نشاط الشركة وحسبما يظهر في قوائمها المالية.

5- التوسع في مفهوم المؤشر وتطوير وظيفته، بابتكار الوسائل والآليات التسويقية والتقنية والاستثمارية المناسبة لمد نطاق الاستفادة منه خارج الأسواق المالية، بما يمكن أن يحققه في دعم صناعة التمويل الإسلامي وتوجيه المدخرات التوجيه التنموي الفعال، من خلال المؤسسات التي تزاول عمليات الاستثمار المباشر في الأنشطة التجارية والصناعية والزراعية وغيرها من الأنشطة النوعية غير المصرفية أو المالية بالضوابط الشرعية، ومن ثم خلق وتوسيع البيئة الاقتصادية الفاعلة في الواقع على حساب البيئة البنكية القائمة على محض استثمار المال بالاعتماد على الإقراض ومعدل الفائدة.

وأخيرًا، فإن هذا الموضوع لا يزال بحاجة إلى مزيد من البحث، وقد قدمت ما يفي بمتطلباته بقدر الاستطاعة، باعتبار البحث مساهمة تتناسب وطبيعة الدراسة للفت الانتباه إلى موضوعها والإشارة إلى بعض جوانبه الهامة والحث على ضرورة إفراده بمزيد من الدراسات والأبحاث.

 * رسالة‭ ‬ماجستير‭ ‬
إعداد‭ ‬وتقديم‭ :‬‭ ‬د‭. ‬كوثر‭ ‬الأبجي
المعهد‭ ‬العالي‭ ‬للدراسات‭ ‬الإسلامية‭ ‬بالقاهرة‭ – ‬شعبة‭ ‬نظم‭ ‬البنوك‭ ‬الإسـلامية
إعداد‭ ‬الباحث‭: ‬محمد‭ ‬وفيق‭ ‬محمد‭ ‬زين‭ ‬العابدين‭ (‬1438هـ‭ – ‬2016م‭)‬

المصدر: مجلة الاقتصاد الاسلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign