خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / التصنيف الموضوعي / التجديد الإسلامي من الداخل: تكوينات جديدة.. د. ساري حنفي PDF

التجديد الإسلامي من الداخل: تكوينات جديدة.. د. ساري حنفي PDF

تحاول هذه الورقة رسم خريطة التكوينات الجديدة المساهمة في التجديد الإسلامي من الداخل، في حقبة ما بعد الانتفاضات العربية، وفحص الاستراتيجيات السياسية والفكرية المستخدمة، وإن كانت قد تفاعلت جدياً مع العلوم الاجتماعية والإنسانية.

الاجتهاد: نشر أستاذ علم الاجتماع الدكتور ساري حنفي ورقة في مجلة إضافات في العدد ٣٨- ٣٩ من ربيع وصيف ٢٠١٧ بعنوان التجديد الإسلامي من الداخل: تكوينات جديدة.

يقول الدكتور ساري حنفي أن هذه الورقة: “تحاول رسم خريطة التكوينات الجديدة المساهمة في التجديد الإسلامي من الداخل، في حقبة ما بعد الانتفاضات العربية، وفحص الاستراتيجيات السياسية والفكرية المستخدمة، وإن كانت قد تفاعلت جدياً مع العلوم الاجتماعية والإنسانية.

سأتناول ثلاثة اتجاهات للتجديد من الداخل: اتجاه شبابي تجديدي، واتجاه تجددي اجتماعياً وسياسياً؛ واتجاه تجددي اجتماعياً ومحافظ سياسياً. و سنعطي أمثلة عن هذه الاتجاهات”.

ربما تكون ملاحظات الدكتور ساري حول هذا التجديد قد أشارها لها بشكل عابر في كتابه والمهم “البحث العربي ومجتمع المعرفة، رؤية نقدية جديدة” حيث ألمح إلى حال الإصلاح الديني وكيف أن الأصل هو تبني أدوات العلوم الاجتماعية والفلسفة للإصلاح والتجديد مشيراً إلى مركزين بحثيين هما نماء وتأصيل ويقوم عملهما ربط الشريعة (الدراسات الشرعية) بالواقع .

في هذه الورقة يشير حنفي أن هذه الدراسة سوف “تركز على أهمية المقاربة الفيبرية لفهم هذه الانتفاضات حيث تمثل الشباب العربي بقيم جديدة من فضاءات العولمة، وظهر دور لبعض النخبة الدينية والسياسية -والدينية في تبني نشر فكر جديد” حيث يشير أن العالم العربي خلال العقد الماضي شهد حركة تسارع في التجديد الإسلامي من قبل جيل جديد من المثقفين الذين كانوا على إستعداد لسدة الفجوة بين الدراسات الإسلامية التقليدية والعلوم الاجتماعية والإنسانية.

والمميز أن هذا الدور لم يأتي من خلال الهياكل السياسية التقليدية المعمول بها، ولكن من خلال مبادرات جديدة من قبل مؤسسات هي أكثر مرونة مثل مراكز التفكير والدراسات وشبكات الأبحاث والنشر.

يشير حنفي أنه بعد سبع سنوات منذ بدء الانتفاضات العربية تظهر نتائج باللغة الخطورة وفي ذات الوقت ينظر لها وكأنها نهاية صيرورة التغيير فهي كما يشير كارثية وتقسيمية لفضاءات استبدادية التي كانت مستقرة سياسياً من استقلال الدولة الوطنية، “ولكن إذا اعتبرناها بداية مخاض وعلمية انتقالية نحو مجتمعات يطوق أفرادها إلى المواطنة المتساوية والحرية والعدالة والكرامة. فربما نصبح أقل صرامة في أحكامنا القيمية السلبية و يقظين للتغيرات البطيئة ولكن النوعية”.

و لفهم هذه الأطروحات هناك خمس قضايا يحاول الدكتور حنفي عرضها في خمسة منطلقات أساسية لفهم هذه الظاهرة التجديدة:

المنطلق الأول: الاستقلالية النسبية عن حقل السلطة السياسية، وهذه الاستقلالية هي التي تسمح بإمكانية ظهور مبادرات تحالفية مع مؤسسات مدنية تحمل توجهات مختلفة عن توجهات السلطة.

المنطلق الثاني: يرفض حنفي استخدام مصطلح “الإسلام السياسي” باعتباره توصيف يستخدم لأجل القدح في التيارات الإسلامية، ويشير إلى ملاحظة أن من يستخدم هذا النعت هم في الغالب من حاملو الإسلام الرسمي “الحكومي” الذي يعتبرون إسلامهم ليس سياسياً على حد وصف حنفي.

المنطلق الثالث: وهي ملاحظة ثمينة جدا حيث يشير “أنه لا يمكن فهم الحركات التجديدية الحالية القائمة التجسير بين العلوم الاجتماعية والشرعية بدون استحضار دور أساسي أداة بعض منتجات التأصيل الإسلامي للمعرفة الذي قادة المعهد العالمي للفكر الإسلامي…”

ويشير إلى مساهمات جوهرية تمت خلال العقود الماضية مثل كتابات عبد الحميد أبو سليمان وسيف عبدالفتاح نادية محمود مصطفى وهبة رؤوف، إضافة إلى مساهمات رضوان السيد وأبو يعرب المرزوقي وعبدالوهاب المسيري رحمه الله، وطه عبدالرحمن وعلي شريعتي وأخيرا مقال عبدالله المالكي “سيادة الأمة قبل تطبيق الشريعة”.

المنطلق الرابع: يشير إلى نقطة الخلاف بين الإسلاميين حول ما يمكن تجديده “إن الخلاف بين ما هو نصي لا يُمس، وعير نصي متغير” ويشير إلى دور المدرسة المقاصدية المغربية في تبني بعد اجتهادي جديد في التفريق في الاجتهاد بين الكليات الأساسية في الإسلام عن ما سواها مما هو متروك للاجتهاد.

المنطلق الخامس: يشير إلى دور العلوم الاجتماعية والفلسفة كأدوات رئيسية مستخدمة في الإصلاح الديني في العالم وهذا غير موجود في العالم العربي إلا في محاولات محدودة.

ثلاث اتجاهات أساسية للتجديد من الداخل

أولاً: اتجاه شبابي تجديدي

يعرض في هذا الجزء ثلاث مساهمات أساسية أصحاب خلفيات إسلامية “ما بعد الإخوانية وما- بعد السلفية وما- بعد حركة الصحوة” ويشير أن هذا الاتجاه منتشر في الخليج العربي لكن لها امتدادات تتجاوز الحدود الوطنية.

١- الشبكة العربية للأبحاث والنشر: وهي دار نشر مميزة، يشير حنفي إلى دورها المميز تزويد القارئ العربي بكتب تجديدية.

وفي نفس هذا الجزء يقدم حنفي عرض سريع لكتاب الأستاذ نواف القديمي” أشواق الحرية: مقاربة للموقف السلفي من الديمقراطية” يشير إلى أهمية الكتاب في تعبئة الجهاز المفاهيمي من داخل الحقل الإسلامي حول تطبيق الشريعة “قرار للأمة وليس قرار حاكم مستبد”. إضافة إلى عرض خمسة نقاط أساسية في تحليل الخطاب السلفي المعارض للديمقراطية.

٢- مركز نماء للبحوث والدراسات: يشير إلى هدف المركز ” تنمية العقل الشرعي والفكري، وتطوير خطابه وأدواته المعرفية بما يُمكنه من الالتزام بالمحكمات والتفاعل مع حركة التنمية والانفتاح الواعي على المعارف والتجارب العالمية المعاصرة” مشيراً إلى الحاجة الماسة إلى تطوير الوعي. ويقدم عرض لأبرز إصدارات المركز.

٣: مركز دراسات التشريع الإسلامي والأخلاق: يقدم نبذة عن المركز وعن دوره في “الريادة في إصلاح وتجديد الفكر التشريعي والأخلاقي الإسلامي، من خلال الإسهام في صياغة منهجية أخلاقية راسخة، وقادرة على مواجهة التحديات العالمية المعاصرة” ويشير إلى دور طارق رمضان في تحويل المركز إلى مختبر لل”الإصلاح الجذري” في معالجة مجموعة من القضايا المعاصرة على وجه التحديد تلك القضايا المتعلقة بالأخلاقيات الإسلامية التطبيقية.

ولتحقيق هذا الهدف المنهجي التركيبي الذي يجمع علماء النص (من مختلف التخصصات التراثية الإسلامية) مع علماء السياق ( علماء من مختلف الخلفيات في العلوم الطبيعية والإنسانية).

٤- مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث: يقدم حنفي تعريفاً عن المؤسسة التي تهدف إلى” خلق فضاء معرفي حر ومبدع لنقاش قضايا التجديد والإصلاح الديني في المجتمعات العربية والإسلامية…. ) ويشير حنفي “بخلاف المؤسسات السابقة التي تحاول التجديد من داخل الحقل الديني فإن هذه المؤسسة تحاول التفاعل مع بعض الاتجاهات الإسلامية مع اتجاهات حداثية”.

إضافة إلى ملاحظته ساري حنفي إلى غياب للإسلام الحركي ويحيل ذلك بعد عدة مقابلات أجراها مع شخصيات تجديدية من حزب العدالة والتنمية المغربي “أن لديهم شعور بإقصاء متعمد للإسلام الحركي ناتج من أجندة دولة الإمارات السياسية ضد السلفية والإخوان ومروجة لإسلام صوفي مسيس” رغم ذلك يشير حنفي أن المؤسسة تسهم فعلاً في نشر فكر تجديدي جديد وتثير جدلاً مهما لدى الحقل الأكاديمي العربي في العلوم الاجتماعية والشرعية.

ثانياً: اتجاه تجديدي اجتماعياً وسياسياً:

شير حنفي أن هذه الاتجاهات على خلاف سابقتها حيث أن الأولى ليست مربوطة بأي جماعات سياسية إسلامية، حيث أن هذا الاتجاه يسميه “اتجاهاً تجديدياً اجتماعياً وسياسياً وهو أقرب لجهات حزبية ولها ارتباطات بهيئات دينية أو دينية سياسية.

١- المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث: يشير حنفي أن هناك تحول معرفي لدى المؤسسات الإسلامية الموجودة في المهجر قد حصل قبل سنوات من الربيع العربي، ويشير إلى تقرير قدمه عبدالستار أبو غدة حول مراجعات في الفقه السياسي الإسلامي، وكذلك إسهام المحدث عبدالله الجديع حول تقسيم المعمورة في الفقه الإسلامي ودراسات طه جابر العلواني.

حيث يشير أن موضوعات وشروط الهجرة وطريقة عيش المهاجر وفقه الأقليات يمكن ملاحظة النقلة النوعية في تناولها دون الدخول في دور إسلام وكفر، وأمان وحرب بل إلى الحديث حول العيش المشترك. ويشير إلى عشرة مبادئ نشرها المجلس في ندوة حول “العيش المشترك في أوروبا، تأصيلاً وتنزيلاً” ويشير بعد عرضها إلى طبيعة المصطلحات الجديدة (مواطنة، مساواة، تعددية، حرية الاعتقاد، حقوق الإنسان، تواصل، عدل..) وهي مفردات كما يقول حنفي تستخدم في البيان حول مفهوم جديد للعلاقة بين المهاجرين والمجتمعات المضيفة.

٢- الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين: وهي مؤسسة إسلامية تأسست في ٢٠٠٤ ويرأسها الشيخ يوسف القرضاوي ولا ثلاثة نواب. يشير حنفي أن الاتحاد يريد أن يرقى إلى العالمية والاستقلالية عن السلطات الزمنية ولهذا فهو يختلف عن المجامع الفقهية المعروفة “الرسمية”. يعتبر حنفي أن الاتحاد هو تجديدي اجتماعيا وسياسياً بسبب وجود كم مهم من الفتاوى التي تتبنى فقة الواقع التي نظر لها الشيخ القرضاوي والفقة المقاصدي الذي تظر لع الشيخ أحمد الريسوني.

٣- حزب العدالة والتنمية المغربي: يشير حنفي أن هذا الحزب في أجواء من الإسلام المغربي المالكي والأشعري ذي النفحات الصوفية والمتميزة تاريخياً بواسطيته وتأثير فلاسفة وفقهاء الأندلس فيه ( ابن رشد والشاطبي) وانتشار الفكر المقاصدي.

ويشير أن من أهم ما يميز الحزب هو وجود شخصيات تجديدية كسعد الدين العثماني وأحمد الريسوني. حيث أن العثماني حسب حنفي أنه أول نظر بوضوح إلى التمييز بين السياسة والدين من دون فصل بينهما “الدين حاضر في السياسية كمبادئ موجهة وروح دافقة دافعة وقوة للأمة جامعة لكن الممارسة السياسية مستقلة عن أي سلطة باسم الدين أو سلطة دينية”.

أما الريسوني على حد وصف حنفي له إسهامات تتجاوز الفضاء المغربي وكذلك بعض آرائه الفقهية المناهضة لحكم الردة. في خاتمة هذا الاتجاه يشير حنفي أن “أهمية هذا التوجه التجديدي اجتماعيا وسياسيا من أن الاجتماعي مرتبط بشكل وثيق بالسياسي، فقضايا الأسرة وحقوق المرأة والمواطنة بشكل عام هي دائماً ذات بعد سياسي والعكس أيضاً صحيح”

ثالثاً: اتجاه تجديدي اجتماعياً ومحافظ سياسياً:

يشير حنفي أن هناك الكثير من المؤسسات الدينية التي تؤدي دوراً رائداً في تجديد الفكر الإسلامي اجتماعياً، ولكن بسبب ضعف استقلالها عن السلطة السياسية فهي غالباً ما تكون ذات رأي يزعج السلطة السياسية حتى لو كانت هذه السلطة مستبدة و منتهكة للمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق يشير إلى مؤسسة الأزهر والمجلس العلمي الأعلى المغربي .

١- الأزهر الشريف: من أهم ما ورد في هذا الجزء هو وثيقة مستقبل مصر ٢٠١١ و وثيقة الربيع العربي ٢٠١١ و وثيقة الحريات والفن والإبداع ٢٠١٢ ثم وثيقة نبذ العنف ٢٠١٣. وحسب حنفي فإن هذه الوثائق هي عرض لمبادئ توجيهية وسطية بارزة في الأخلاق الإسلامية. يشير حنفي أن لهذه المؤسسة وضوح في دعم الموقف الديمقراطي لكن هناك سلسلة من ردات الفعل المتناقضة نحو الربيع العربي التي تردد الأزهر في تبيين موقفه تجاه ما انعكس سلبا في تأخر الإعلان عن دعم الانتفاضات.

٢– المجلس العلمي الأعلى المغربي: يشير حنفي أن المجلس هو مؤسسة دينية حكومية مغربية تعني بالإفتاء و يترأسها الملك محمد السادس ويضم في عضويته سبعة وأربعين عالماً وعالمة معينين جمعياً من المخزن، ويتألف بشكل أساسي من وزير الأوقاف ورؤساء المجالس العلمية في المدن والأقاليم المغربية.

في الختام يشير الدكتور ساري حنفي في نهاية الورقة أنه” لا يمكن فهم صيرورة التغيير بدون المقاربات الثلاثة، حيث يشير أنه من خلال محاولة استحضار أمثلة من ثلاث اتجاهات تجديدية مولدة من داخل الحقل الديني: تجاه شبابي تجديدي، اتجاه تجديدي اجتماعياً وسياسياً، واتجاه تجديدي اجتماعياً ومحافظ سياسياً.

ويؤكد أن “التحدث عن هذه الاتجاهات لا يعني أن هناك تماسكاً مفاهيمياً لدى كل اتجاه أو داخل كل مؤسسة، فالبعض يبدو مثلاً محافظاً سياسياً في بعض القضايا وتجديدي في قضايا أخرى، لكن هذه التجديدات هي من الدخل كون أصحابها هم من أولئك الذين درسوا الشريعة وحفظوا القرآن عن ظهر قلب ومنهم من امتهن العمل الدعوي أو الدعوي مخلوطاً بالسياسي”.

يختم حنفي بتعبير علي الزميع “بأن الجديد في هذا التجديد هو ربط التجديد بقضايا يومية تمس حياة الناس وليس في التعبد والطقوس الدينية ولكن في مسيرتهم نحو الإصلاح السياسي والاقتصادي والتنموي”.

قراءة :هاشم الرفاعي

 

تحميل الورقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign