ینبغي لمعرفة الصحیح من ترکیب علم الأصول، التکلم عن امکان التقییم في ترکیبه أو نسیجه الحالی؛ وعن تحدید الدرجات في ترکیباته الدارجة فی تاریخه، والإجابة بهذا السؤال: کم نموذجاً من الکتب المشهورة طبّق في تاریخ علم الأصول ؟
خاص الاجتهاد: دراسات فلسفة علم اصول الفقه، دراسة جديدة یشتاق الیها الکثیرون. احد هؤلاء الاشخاص الذین یتابعون بحوث فلسفة علم الأصول ويتوقع انتاج المسائل فی هذا النطاق هو سماحة الشیخ علی اکبر رشاد، مدیر الحوزة العلمیة في طهران ومدير معهد الثقافة والفكر الإسلامي، القى سماحته محاضرة بمناسبة ذکری الشیخ الانصاری في شهر خرداد 1390بمدینة قم المقدسة، في مدرسة خاتم الاوصیاء وهو إضافة الی لمحة عامة من قضايا فلسفة أصول الفقه، تطرق الی میزات الهیکل المعیار لاصول الفقه؛ و فيما يلي نشیر الی بعض المقتطفات من أقواله.
من المواضیع المطروحة في فلسفة أصول الفقه، هو هیکلة علم الأصول الذی یتحدث عن كيفية تنظیمه وعن قضايا ذاک العلم.
وبما أن هيكل العلم من أحد الأرکان المکونة لکل علم التي تشکل هویته فهذه المناقشة ذات أهمیة کبیرة، هيكل العلم من الناحية الفلسفية يعتبر من الأسباب الاربعة للعلم وهو السبب الصوري له، و نقصد من الهیکل هنا نفس البنیة الصوریة. الفهم والمعرفة، کذلک التقییم وتحليل الموضوعات العديدة مثل بنية البحث، هي واحدة من القضايا التي تؤثر على هوية العلم، و هذه الامور مرتبطة إلى حد كبير بالفهم عن بنية هذا العلم.
هياكل فلسفة أصول الفقه
في مجال بحوث فلسفة علم الأصول ، اقترح أربعة عشر نوعا من الانقسام. انقسام قضایا فلسفة الاصول الی قضایا فوق العلم او القضایا المحیطة للمسالة یعتبر واحدا من الانقسامات، و المراد منه مجموعة من التساؤلات الفلسفیة التی تُلقی بشأن العلم و لها نظرة الیه اجمالا مثل تعریفه و غرضه و اسلوبه.
و یوجد نوع آخر من الانقسام یتعلق بالتساؤلات حول قضایا کل العلم؛ علی سبیل المثال مسألة معرفة اللغة مثل الوضع هو واحد من بحوث الفلسفة لمعرفة اللغات و تشکّل قسما من علم الاصول. التحقیق عن الترکیب ایضا یمکن اعتباره من قضایا المحیطة لفلسفة الاصول ولکل علم آخر، والمقصود من الترکیب هو ایجاد النظم و الترتیب بین القضایا او مسائل کل علم و يتكون من النظامين: نظام افقي و نظام عمودي.
وفي نظام افقی یدارس کیفیة النظم والترتیب بین المحاور المبدئیة للعلم جنباً الی جنب ولکن فی نظام عمودی یُتحدّث عن ترتیب الفروع منطقیا للقضایا والفصول الجزئیة. و في الحقیقة ترکیب العلم یتکون من شبکة بشکل الهرم ای یتکون من شبکة افقیة وهرم عمودي ونسمیه بالترکیب الصوري للعلم.
الهندسة المعرفیة للعلم
قضية أخرى ایضا توجد فی مجال فلسفة العلم، و هی معروفة باسم الهندسة المعرفية للعلم. و فی نطاق هذا العنوان نحن نتکلم عن الحقیقة او الماهیة المعرفیتین لاضلاع العلم و نسئل عن ان هذا العلم عقلي او نقلي او خلیط من القضایا العقلیة والنقلیة؟ ومن المسلم عندما نسال ما هي حقیقة القضایا المکونة للعلم من الوجهة المعرفیة، التفتنا الی ناحیة ماهیة ذاک العلم.
ولکن عندما نقول قضایا العلم ماذا تمنحنا من الوجهة المعرفیة نتکلم عن حقیقة معرفة العلم. و هذه المسائل بنوع و آخر لها شکل بنائی؛ ولکن لها العنایة بالجانب المعرفی و الماهوی للعلم.
فینبغی فی معرفة الهیکل لعلم الأصول ان نجیب عن مجموعة من هذه التساؤلات؛ بایة بنیة یتمتع علم الاصول حالیا او یمکن ان یتمع بها فی المستقبل ؟ و ما هی النماذج البنائیة التی استخدمت، نشأت و احیانا تطورت او اقترحت خلال التاریخ فی علم الأصول ؟
ینبغی لمعرفة الصحیح من ترکیب علم الاصول، التکلم عن امکان التقییم فی ترکیبه او نسیجه الحالی؛ و عن تحدید الدرجات في ترکیباته الدارجة فی تاریخه، و الاجابة بهذا السؤال: کم نموذجا من الکتب المشهورة طبّق فی تاریخ علم الأصول ؟ (لانه بعض الکتب له ترکیب متمایز عن الکتب و المصادر الأخری و کل یتبع نموذجا ترکیبیا خاصا). و یلزم فی نهایة المطاف ابراز الترکیب المطلوب و سماته.
سمات الهيكل المعیار
عدد من الفضلاء المعاصرین اقترحوا سماتا للهیکل المعیار ولکننا نقوم هنا بتعریف سبعة مؤشرات ماهویة إضافة الی تعریف اربعة مؤشرات غیر ماهویة تعود الی حقیقة العلم و نحن ایضا نرجح تحقیقها خلال هیکل واحد.
وفي الحقیقة هیکل العلم او بنیته بنوع وآخر یعد توضیح ماهیة ذاک العلم و لذلک یمکن ان نترقب فی هیکل العلم ملاحظة شروط نلتزم بها لدی توصیف ماهیة العلم و تعریفه. وعندما نحدد شيئا فی المنطق، يجب وجود شرطی الجمع و الطرد فیه. وأود أيضا أن اقترح فی تعریف العلم مؤشرا ثالثا والالتزام به و هو ملاحظة جهة التعریف.
و بعبارة أخرى، علينا أن نحدد فی البدایة أ تعریفنا هو من التعاریف المسبقة أو اللاحقة؛ فحینما نقوم بتعریف العلم المطلوب قبل تحققه بالفعل فتعریفنا یعتبر مسبقا، ولكن إذا بادرنا بمناقشة علم الموجود بعد تحققه ونبحث ما هو موجود الآن فتعریفنا یعد ملحقا؛ و هذا یعنی نصدر الحکم بشأن العلم بعد تحققه.
نظرة قبلیة و بعدیة فی التعریف تعتبر من الشروط الهامة و فی مجال تعریف العلم لها اهمیة بمقدار شرط الشمول والمنع، فتنبغي رعایة هذه الظروف في الهيكل، على سبيل المثال في مجال ملاحظة شرط المنع تجدر الإشارة إلى أن الهيكل المطلوب هو أن یخلو من الزوائد ومن انواع القضایا التی تعد من المسائل الذاتية للعلم، فمثلا ینبغی فی علم الاصول ان لاتُدخَل البحوث المتعلقة بالمبادی فی بطن مسائله.
مزيدا على هذا ینبغی خروج بحوث مثل القواعد الفقهیة عن هیکل علم الاصول و کذلک وفق بعض الآراء الاصول العملیة لیست جزءا من علم الاصول. علی سبیل المثال المحقق الاصفهانی فی الهیکل الحدیث الذی اقترحها فی رسالة «الاصول علی النهج الحدیث» جعل الاصول العملیة خارجا من نطاق علم الاصول لا جزءا منه.
کل علم یجب أن یتمتع بکل ما یقتضیه الترکیب العمودی و الافقی للعلم بلحاظه الذاتی، إضافة إلی ملائمتها لسائر الارکان المکونة له، کرأی المحقق الخراسانی المقبول من جانب الآخرین أن تعیین الهویة و کذلک إیجاد الوحدة وتمييز العلم من العلوم الأخرى لايحدد بالغاية او الموضوع فقط، بل کل علم یتکون من الارکان التی یمکن ان نسمیها بالأرکان المکونة للعلم یعنی كما یمکن کون الغایة مساهمة فی تواجد حقیقة او ماهیة العلم، کذلک الموضوع و الاسلوب ایضا شریکان فیه.
بعبارة أخری دور الاسلوب فی تکوّن العلم لیس بأقل من دور الموضوع و الغایة له. و لایمکن للعلم قیام او ثبات دون الاسلوب، مثل موقف مسائل العلوم بالنسبة الیها ای لایمکن أن نتصور العلم دون مسائلها و لذلک قیل فی تعریفٍ: لیس العلم الا مسائله؛ و ان کان هذا الکلام مبالغا فیه و لکن فی الحقیقة یؤکد
أهمیة المسائل فی تکوُّن حقیقة العلم.
وبعبارة أخری مجموعة من الارکان جنبا الی جنب تکوّن حقیقة العلم وتشکّل ماهیته ولذلک یسمونها بالارکان المکونة والموجدة لحقیقة العلم. و للترکیب ایضا دور مماثل لها و لکن دوره أقل من الأرکان المذکورة بالطبع.
وعند القیاس بین الترکیب والحقیقة المعرفیة للعلم یتبین ان الترکیب هو عنصر صوری لیس له وجه موضوعی وماهوی بالنسبة الی الحقیقة المعرفیة الذی لها طابع موضوعی.
وعندما نرید تحویل مجموعة من القضایا المتراکمة الی علمٍ، لابد لنا من اعطاء ترکیب له؛ ومن هنا ندرک مکانة الترکیب والهیکل لانه علی اساس نظرة تناسق ارکان العلم یجب علینا أن نرکّبها في قالب متوائم مع سائر الارکان المکونة له.
تحدید الجهة یعنی موضوع القبلیة و البعدیة في مجال البنية ایضا مطروح؛ لأنه قد يمكن ابراز الهيكل المثالي و کونه نظریا بحتا (الحالة المطلوبة). أو یُقترح ترکیب و یقع موضعا للتحليل و تکون له العنایة الی العلم الموجود.
ولشرط الشمول ایضا في هذا المجال اهمیة کبیرة لانه یلزم افساح جمیع المسائل اللازمة لتنسیق الارکان في ترکیب العلم. التلائم التام مع ارکان العلم و الابتناء علی الاساس الواضح مؤشرتان ینبغی العنایة بهما عند ابراز الترکیب المطلوب لعلم الاصول.
یلزم للترکیب ان یکون له اساس واضح حول محور الموضوع والقضایا الموفرة التی ذکرها الاصولیون بشأن موضوع العلم. ههنا امرجدیر بالذکر ان هذا الاقتراح هو من ابداع آیة الله سیستانی انه إعتاض عن «الموضوع» الذی له شروط خاصة ویتطلب البحوث الفلسفیة العمیقة بکلمة «المحور» التی تعبر عنها فی الفارسیة بـ «گرانیگاه».
الهیکل اضافة الی امتلاکه للمحور والمرکز الواضح، لیتمتع بما فیه الکفایة من الترتیب الافقی والتسلسل الطولی- الرأسی أیضا.
العنایة بتجانس المسائل و التجنب عن الاختلاط هو شرط آخر یجب وجوده فی مجال الترکیب المطلوب لعلم الاصول. ینبغی تحدید السنخ لمسائل علم الاصول لانقسامها الی انواع و اندراجها فی ابواب مختلفة حیث یتکون کل باب من البحوث و المواضیع المتشابهة ولا تختلط بعضها ببعض.
المعیار السابع: هو الترکیب المطلوب لعلم الاصول، والاستخدام لضمان أقصى قدر من حصول الهدف والوظائف المتوقعة من العلم. كماتعلمون، یتوقع من کل علم، الحصول علی الغایة؛ یلزم من ترکیب العلم وبنیته ان یساعدنا للحصول علی ذلک.