الحج والجهاد موضوعان فقهیان كالصلاة والصوم. عندما ترتبط هذه الموضوعات الفقهية والعبادية الاربعة في كلام الإمام المعصوم إلى محور الولاية، فيتخذ المحور أيضاً شأنا فقهياً طبعاً. بما أن الفقه يبني هيكلة شؤون الحياة ويضع القضايا كلها في اطار الأحكام الخمسة ( الواجب – الحرام – المندوب -المكروه – المباح) وفي هندسة محددة، هل من الممكن تصور مكانة غير فقهية لإمام مجتمع عليه تدبير كل هذه الأمور للجميع؟
خاص بالاجتهاد: ربما من منظار الرؤية الفقهية نستطيع القول أنه عندما يترك الإمام الحسين عليه السلام الحج ناقصاً في الثامن من شهر ذي الحجة سنة 60 للهجرة، ويستمر في طريقه من العرفة نحو الكوفة، ينبغي علينا أن نشك في “الحج التام” لهؤلاء الذين وقفوا في عرفات وتوجهوا إلى منا وحلقوا رؤوسهم وأدوا جميع المناسك، وأن نسألهم فقهياً هذا السؤال المعلوم أنه: هل مصاحبة الإمام العصر واجب أم لا؟
هل من الممكن أن يتشكل في ذاك الزمان والمكان أداء الحج أداء تاماً و كاملاً؟ عندما يربط المعصومون الواجبات كلها بالإمامة، كيف لا يلبي من يسمون أنفسهم مؤمنين بالإمامة نداء الإمام ويتوجهون إلى الحج وطواف البيت وها هو ابن الرسول (ص) الواجب الطاعة، يتوجه إلى كربلاء؟
فأنا أعتقد عندما نحن نعتقد بالإمامة، علينا أن نكون مناصر الإمامة بالمعنى الحقيقي للكلمة، وهذا ترتبط جذوره بمعتقدات الفقهية التي تفرض إطاعة الإمام و توجبها. فمن المؤكد أن الإمام عليه السلام أوقف وترك الحج لإداء فريضة كبرى ألا وهي الأمربالمعروف.
ومن المعلوم أن بحث الرجحان، لن يكون الإجابة لهذه المسألة ولأن مطلق الرجحان ليس بمقدوره أن يخرج الإمام نحو الكربلاء بهذه الطريقة و أن تشكل تلك المعركة الدامية والتي قسّم التاريخ بعده إلى قسمين وهو أن كل شيء بعده إما :حسيني بحت وإمّا فارغ من الواقعية والحقيقة.
من يستطيع أن يعرف حرب الإمام الحسين ضد يزيد الطاغية تحت مفهوم آخر غيرالجهاد؟ هل هناك شخص بإمكانه أن ينظر إلى هذه الدماء المراقة من منظار غير منظار الحلال والحرام؟
من يستطيع أن يتصور مفهوماً غير فقهي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أعلنه الإمام عليه السلام لخروجه من المدينة؟
وهل يستطيع أن يخرج الإمام عليه السلام من النظام التشريعي الإلهي، حتى لاينظر البعض إلى الكربلاء من منظور غير فقهي؟
لو تأملنا نرى أن كل عملية مغادرة الإمام المدينة و رفضه بيعة يزيد و توجهه إلى مكة ثم تركه الحج غير كامل وإلى كربلاء والجهاد، كلها لها تابع فقهي وحكمي؟ وأن الإمام عليه السلام على أساس هذه القاعدة يرتب جيشه ويواجه جيش الكوفة بحيث لايترك واجبا ولايحدث في جيشه مكروه ناهيك عن حرام. ويظهر مزيداً من الإنصاف والإيثار والفتوة و الحرية والفتوة … .
فعلى المنظرين والفقهاء ودارسي الفقه ، تحليل هذه المسألة و إظهار الحقيقة الفقهية لكربلاء حتى يبین تمسكنا بالكربلاء صورة حكمية وتكليفية و يبقى هذا “الصراة المستقيم” مفتوحاً للأبد.
سوف نتحدث أكثر عن صحيفة “العاشورا والفقه” الرقمیة في اللأيام الآتية إن شاء الله
حمزة واقعي / رئيس تحرير شبكة الاجتهاد الدولية