علي أصغر كرباسجيان

تدوين رسالة توضيح المسائل .. إرث العلامة علي أصغر كرباسجيان الخالد

الاجتهاد: ولد العلامة الأستاذ علي أصغر كرباسجيان سنة ۱۳۲۲ هـ.ق / 1913م في عائلة ملتزمة في طهران. كان جده الحاج محمدحسین بائع قماش ومن الزهاد والمعتمدين في بازار (سوق طهران القدیم). کان والده الميرزا محمد باقر كرباسجي یرغب أن یصبح إبنه من العلماء لذا أخذه بعد إتمام دراسته في المکتب إلی مدرسة مروي المختصة بالعلوم الدینیة. درس هناك المبادئ، والأدب، والفقه، والأصول والفلسفة.

ارتدى الأستاذ علي أصغر كرباسجيان الزّي الدّيني في مقتبل شبابه وذلك بعد التّفوق في المرحلة الإبتدائية، ليتّجه لاحقاً نحو الخطابة والمنبر، حيث كانت تستحوذ خطبه على إعجاب الكثير من المستمعين.

وفي تلك المرحلة، هيأ له أستاذ الأخلاق الشيخ الجليل رضا دربندي مجال الإستفادة من مجلس الأستاذ الكبير المرحوم الشّيح آقا بزرك السّاوجي، وبالرّغم من أن الأستاذ العلامة كان قد استفاد من التتلمذ عند علماء وكبار كثيرين قبلهما، إلا أن الشّوق المتأجّج من لقاء هذين الزّاهدين الحكيمين أثّر في نفسه فشكّل انطلاقة جديدة في حياته.

درس عند آقا بزرك السّاوجي الشوارق أي علم الکلام لمدة أربعة سنین. وکان الشیخ من أعظم العلماء والفضلاء في طهران شدید التواضع رغم مقامه العالي کان.

وبعد وفاة المرحوم الساوجي الکبیر توجه نحو أعظم تلامذته أي الشیخ الدربندي وکان مجتهداً من تلامذة الشیخ عبدالکریم الحائري. کان الشیخ الساوجي والشیخ الدربندي یهتمان بالتربیة الفردیة للأشخاص.

بعد ذهاب آیة الله العظمی السید البروجردي إلی قم المقدسة توجه الأستاذ علي أصغر كرباسجيان في سنة 1364 هـ.ق أي 1954 ميلادية إلى قم المقدسة ليتابع تحصيل العلوم الدّينية حيث استفاد من دروس كبار العلماء كالمرحوم آية الله العظمى البروجردي درس عند السید أحد عشر عاماً وكذلك المرحوم العلامة الطّباطبائي.

فلقب بین العلماء بالعلامة بسبب جهده وعلمه. وامتنع عن تدریس الأعداد الکبیرة من الطلاب وبدل ذلک کان یبحث عن الطلاب ذو القابلیة العلمیة والمعنویة فیبدأ بتدریسه المقدمات حتی الدروس العالیة.

ترك شيخنا الشّاب المنابر الحاشدة، ليتابع تحصيله للعلوم الدّينية في مدرستي “الصّدر” و”مروي” في طهران. ووضع في ذلك جلّ اهتمامه دون أن يعير الدنيا والماديات أدنى انتباه. وبعد فترة وجيزة، أصبح الجميع يقر ويشهد بتميّزه ودقّته في تحصيل العلوم والمعارف الدّينية.

تدوین رسالة توضیح المسائل

بين العامين 1372و1374 هـ.ق / 1962 و1964 م قام بإسداء خدمة كبيرة لعامة الناس من خلال تدوينه كتاب «رسالة توضيح المسائل».

في ذلك الوقت کان السید البروجردي المرجع الوحید للشیعة في العالم. وکان کتابه لتبیین الأحکام المسمی بـ جامع الفروع کتاباً بعبارات علمیة معقدة ولغات صعبة ولم یکن الناس بقادرین علی فهم الأحکام بمجرد قراءة الکتاب فکان علیهم الرجوع إلی العلماء ومندوبي السید.

أخذ الشیخ العلامة بتبسیط مفاهیم الکتاب إلی اللغة العامة السهلة والقابلة لفهم عموم الناس. بعد مراجعة الکتاب سرّ السید البروجردي من هذا الإنجاز وأذن له بطبع الکتاب. سمي الکتاب رسالة توضیح المسائل للمرجع الأعلی السید البروجردي ولکن لم یکتب إسم المؤلف تواضعاً.

وجهد الشیخ علامة في طباعة الکتاب علی أن یصبح کتاب بأحسن شکل وکیفیة وبدون أي أخطاء في نصه بحیث اعتبر اول کتاب بدون خطأ في تاریخ الطباعة في ایران.
وبعد ذلک أخذ کل المراجع بعد السید البروجردي الکتاب ذاته وغیروا بعض الأحکام وفق آرائهم.

تربية الشّباب وتعليمهم

أسس العلامة علي أصغر كرباسجيان في ايران مدرسة اخلاقية و دينية لبناء رجال علماء متدينين و كان ذلك في زمن صعب تکثر فیه الضغوط من قبل نظام الشاه (ملك ايران) على المتدينين و یعارض لنشر الدين. تمكن الشیخ من انشاء مدرسة دينية و اخلاقية جديدة في مجال التربية اضافة الى اعداد ثلة كبيرة من الذين لعبوا دورا هاما في ادارة البلد و تطوره. كان خريجي هذه المدارس بارزين من الناحية العلمية و الشخصية و الاخلاقیة في الجامعات الإیرانیة و الخارجية .

في سنة 1374 هـ.ق أي 1964 ميلادية ومن دون أن يعير تجاربه ومقامه العلمي أي اهتمام، وبعزمٍ وإرادة، سافر إلى طهران للعمل على تربية جيل الشّباب، حيث أسّس هناك ثانوية «علوي» بتشجيع ودعم الحاج هادي المقدّس العالم الذي يتمتّع بشعبيّة لدى النّاس بالإضافة إلى دعم جمع آخر. ومن بداية الطريق استفاد في إدارة المدرسة من خدمات الأستاذ المرحوم رضا روزبه رحمة الله عليه.

لم يكن العلامة (ره) يعير أي عمل أهمية تفوق تلك التي يبديها لتربية وهداية الإنسان حيث أنه وجد ضالته في هذا المجال. وأصبح العلامة، رجل الفكر والعمل، وبعون إلهي، مؤسس أحد أكثر الأنظمة التّعليمية تطوراً، وذلك دون التّقيد بمصطلحات التّربية والتّعليم وقد صرف بقية عمره في العمل في هذا المجال، أي التّربية والتّعليم.

بعد عدة سنوات من تأسيس ثانوية «علوي»، أسّست مدرسة «علوي» الإبتدائية ومدرسة «نيكپرور» (أي مربي الأخيار) المتوسطة ومدرسة «نيكان» (أي الأبرار) وذلك ببركة جهوده القديرة.

ومن ثمار تربية الأستاذ العلامة، أسّست عشرات المدارس والمؤسسات في مختلف أنحاء إيران بهمّة تلاميذه. وكان عدد تلاميذه ومحبي مقامه العالي يزداد مرور الزمن؛ وكانوا يودّون جميعاً شكر الأستاذ بطريقة ما، كأن يهيئون له أسباب الراحة والرفاهية إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك لأن الأستاذ كان قد اختار منزلاً بسيطاً ومتواضعاً، مع ذلك كان مفعماً بالنّورانية والصّفاء والسّكينة. فكان كل من يدخل هذا البيت ويزور الأستاذ يلمس بوضوح أمرين، الزّهد والإخلاص.

علوي مدرسة الشموس
أول مدرسة إسلامیة للعلوم الحدیثة في إیران

تأسست مدرسة علوي في طهران سنة ۱۳۷۶ هجریة قمریة وکانت أول مدرسة اسلامیة هناك حيث اهتمت بتدریس الأخلاق والمعارف الإسلامیة إضافة إلی تعلیم العلوم الحدیثة بمستوی أعلی من المدارس الأخری.

أسسها المرحوم العلامة الشیخ علي أصغر كرباسجيان مع بعض من المتدینین بإخلاص وجهد کبیر وفي زمن الضغوط الشدیدة علی الملتزمین في ایران من جانب الشاه ومؤسسة إستخبارات الشاه المسماة ب «سافاك» (ساواک)

وبسبب الجهود والإخلاص صارت المدرسة نموذجاً لتأسیس مدارس اسلامیة في ایران بعد الثورة الاسلامیة ولطالما کانت في قمة التربیة والتعلیم بین المدارس الحالیة.

لماذا أسست مدرسة علوي
قبل الثورة الإسلامیة في إیران کانت المدارس الحدیثة محلاً لتعلیم العلوم الغربیة بدون أي توجه إلی التربیة الدینیة والأخلاقیة وأحیاناً کانت تربی فیها مفاهیم ضد الدین لتعتبر مرکزاً للبهائیین. بحیث أن الملتزمین لم یضعوا أولادهم في المدرسة خوفاً من إنحرافهم وضلالهم. تفهم الشیخ العلامة ضرورة تأسیس مدرسة للتربیة الدینیة و الأخلاقیة للشباب المسلمین.

قصة جهد في طریق الحق
توسل الشیخ بصاحب العصر والزمان لکي یساعده في تأسیس المدرسة وأخذ یجمع مئة ألف توماناً من أربعة من التجار الملتزمین الخیرین وإشتری بیتاً. وحینما کان یفتش علی شخص ینصبه مدیراً للمدرسة التقی بالأساذ روزبه صدفة بالکامل. واقترح الأستاذ أن یکون مدیراً للمدرسة رغم أنه کان قد عرض علیه شغل في کثیر من المجالات و منح دراسیة لدراسات علیا خارج ایران. وبسبب إخلاصهما تمکنا من أخذ إجازة تأسیس المدرسة رغم أن الأسباب المادیة لم تکن جاهزة بالکامل.

کان الأستاذ روزبه قریب الإجتهاد ودرس ایضاً الفیزیاء والتربیة وکان یعمل في المدرسة بإخلاص لساعات طویلة، أحیاناً حتی منتصف اللیل لکي یهیأ مختبر الفیزیاء للطلاب. کان الشیخ العلامة یختار المعلمين النخبة للمدرسة بحیث کانوا الأفضل من الناحیة العلمیة والالتزام الدیني والأخلاقي وکان یرشدهم دائماً ویراقبهم کمراقبته التلامیذ واهتمامه بتربیتهم وکان یعتقد بتربیة الشباب إعتقاداً عمیقاً ویعتبره کفالة أیتام آل محمد صلوات الله علیه وآله. کان دائماً یشجع المعلمین ویقول لهم بأنهم یعملون لمرضاة الله وصاحب العصر ویتفقد حیاتهم المادیة لکي لا یکون لدیهم هماً غیر التدریس والتربیة.

من کان المؤسسون؟

کما ذکرنا قبل، أسس المرحوم العلامة علي أصغر كرباسجيان مدرسة علوي وتشاور في هذا الأمر مع الشیخ الحاج مقدس الذي کان معتمد الملتزمین بطهران. ووجد الأستاذ روزبه لإدارة المدرسة وجمع کل معلم بطریقة خاصة وکانوا أفضل المعلمین. تشاور الشیخ مع العلامة السید مرتضی العسکري والعلامة الطباطبائي لتدوین دروس دینیة في المدرسة ودون کتب ومواد لکل السنوات الدراسیة. وکان یستفید من العلماء للخطاب والتعلیم في المدرسة في المناسبات وکان کل هذا في وقت کان الشاه یجهد لمحو الدین ومظاهره والعلماء.
وکان هناك کثیر من المعلمین والزملاء الذين شارکوا بهذا النهج وجهدوا وکان لکل واحد منهم أثر روحي علی التلامذة بسبب أخلاقهم وإخلاصهم وجهدهم وتمکنت هذه المجموعة من أن تربی جیلاً متقدماً في إیران أصبح موفقاً في حیاته ونشاطاته وعمله. وکلهم یتذکرون السجایا الأخلاقیة عند معلمیهم وحصص درس الأخلاق التي یدرّسها الشیخ العلامة وهم یتابعون تعلیماته في حیاتهم.

برامج المدرسة التربویة
لم تکن قراءة القرآن أمر خاص بهذه المدرسة فکان في المدارس الدینیة تعلیم قراءة القرآن و لکن تشکلت في مدرسة علوي لأول مرة في تاریخ المدارس برامج واسعة لتعلیم وحفظ وتفسیر القرآن. وفي الصباح یخصص وقت لقراءة القرآن عند بدء الدوام الدراسي ویعلق کل أسبوع حدیث من أحد المعصومین مترجم بالفارسیة والانجلیزیة علی لوحة المدرسة. وکان هناك مباراة للحفظ والقراءة والتفسیر مع جوائز قیمة کدراجة أو مکروسکوب وغیرها.

کان هناك تأکید علی فهم وحفظ بعض الآیات القرآنیة المؤثرة وتکرارها في مجالات مختلفة. وکما أنه یوجد حصة للأخلاق في کل أسبوع یدرّسه الشیخ العلامة بطریقته الخاصة والمؤثرة جداً بشکل لا ینساه الطالب بعد خروجه من المدرسة. کان تعلیم القرآن والأخلاق مؤثر جداً لأن المعلمین کانوا ملتزمین بها في حیاتهم کما هو التزامهم في المدرسة ولم یکن الأمر مجرد مادة درسیة. وکانت تکرر جملات من القرآن ونهج البلاغة وأحادیث المعصومین علیهم السلام في صف القرآن والأخلاق والعربي وفي وقت الصلاة وفي المناسبات المختلفة لکي تبقی في أذهان الجمیع وصار کذلك.

یوجد أیضاً برنامج تعلیمي خاص ومدروس للأخلاق من الصف الأول حتی آخر سنة یؤکد علی إحترام الوالدین ومراعاة حق الناس ولیس بالقول فقط بل بالفعل. وکان من أهم منجزات المدرسة الدورات الثقافیة الأسبوعیة التي تحتوي علی مباحث عقائدیة و أخلاقیة ومعتقدات المسیحیین وأهل السنة والبهائیین وفي مراحلها الأعلی طرق النقاش والمباحثة معهم لکي یتعرف الطالب علی الآراء والشبهات ضده وطرق الرد علیها فیکون حاضراً للدفاع عن مذهبه بعد تخرجه من المدرسة.

فطلاب هذه المدرسة عندما یدخلون الجامعة یکونوا من أقوی الطلاب علمیاً وعقائدیاً فلا یستطیع أحد أن یناقشهم ویضلهم بل کانوا یهدوا غیرهم من الطلاب حتی في بلاد أخری کأمریکا وغیرها. ویستمر الإرتباط بین الطلاب والمدرسة حتی بعد تخرجهم فیأخذوا إرشادات فکریة وأخلاقیة من معلمیهم وتستمر أیضا دوراتهم الثقافیة. ولم یستطع بعض الطلاب ترك المدرسة لحبهم وعشقهم وشوقهم لها فبقوا لیدرّسوا فيها وهم یعتبرون هذا العمل عبادة خالصة.

ثمرة الجهود الخالصة

بعد أن رجع الإمام الخمیني “ره” من فرنسا نزل في مدرسة علوي وذلك لأن الشهید مرتضی المطهري کان یعرف هذه المدرسة منذ زمن فکان، یخطب فيها في مناسبات مختلفة وقد درس مع جمع من الحوزویین الدروس الحدیثة في هذه المدرسة في دورة صیفیة لمدة ثلاث سنوات. کانت الثورة تحتاج إلی أشخاص یعتمد علیهم ویستفاد من علمهم وتخصصهم. فدخل کثیر من طلاب هذه المدرسة مجالات مختلفة في الدولة والوزارات والمؤسسات وکانوا محترفین بسبب أن المدرسة کانت تهتم في التعلیم کثیراً وکان هدفها تعلیم علماء صالحین وتعتبر التعلم عبادة وواجب شرعي لأجل تعالي الشیعة.

وقد تخرج کثیر من أبناء المسئولین من هذه المدرسة ویفضل الناس رغم اختلاف عقائدهم السیاسیة وضع أبنائهم في هذه المدرسة بسبب الجو الدیني والأخلاقي. وفي أغلب السنوات کانت نسبة نجاح خریجي هذه المدرسة في إمتحانات دخول الجامعة ۱۰۰٪ . وقدمت هذه المدرسة شهداء من أجل الثورة و الدفاع عنها.

رحيل الأستاذ علي أصغر كرباسجيان

سنة 1419 هـ.ق أي 1999ميلادية وصل خبر مؤسف لطلاب ومحبّي الأستاذ: أصيب مؤسس المدرسة الفكرية الحديثة للتّربية والتّعليم بمرض السرطان!

رغم ذلك، استمرّ الأستاذ في متابعة أمور التّربية والتّعليم وشؤون المعلمين عن كثب، كما بقي متابعاً لهموم ومشاكل الناس.
وبعد مدة من الزّمن، اشتدّ عليه المرض وظهرت على الأستاذ بوادر التعب والإرهاق، حتى تمكن منه في النهاية لتحلق روحه الطاهرة إلى بارئها وذلك في منزله عند الساعة الحادية عشرة من ليلة الخميس بعيد طلوع هلال شهر جمادي الآخرة من سنة 1424هـ. ق الموافق لسنة 2003 ميلادية.

تعجز الكلمات عن التّعبير عن نهج الأستاذ التّربوي. فقد كان يجعل التربية الدينية تدخل في قلوب المستمعين بطريقة حلوة ودقيقة، ولم يكن ذلك إلا من خلال اعتقاده بـ: «كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم».

جميع تلامذة الأستاذ لا يزالون يذكرون كم كان مجلس الأستاذ يبعث في الإنسان السكون الملكوتي، فقد كانت مجالسته تفصل الإنسان عن الدّنيا وعن متعلقاتها، وتتيح للرّوح التّحليق للحظات في عالم آخر.

رغم كل محاولات ذلك الرجل الكبير في إخفاء كمالاته، وامتناعه دائماً عن تقبل مدحه وتمجيده، إلا أن التّواضع والزّهد والهمّة العالية وعدم التّكلف وعشرات الصّفات الأخرى هي من الأمور التي تتجلّى بوضوح في حياة الأستاذ. فقد كان درس أخلاقه بحد ذاته حياة للقلوب، وكانت حياته درسا في الأخلاق.
لم تكن الأمور التي أشرنا إليها سوى زاوية من صفاته وكمالاته.

 

المصدر الموقع الرسمي لمركز نشر آثار العلامة علي أصغر كرباسجيان (بتصرف)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky