الإمام الحسين

الإمام الحسين “ع” والخروج على الحاكم الجائر في كلام جماعة من علماء المسلمين

لقد كان الواجب الديني يحتم على الإمام الحسين”عليه السلام” القيام بوجه الحكم الأموي الذي استحل حرمات الله، ونكث عهوده وخالف سنة رسول الله (ص)، وقد صرح جماعة من علماء المسلمين بان الواجب الديني كان يقضي على الامام أن ينطلق في ميادين الجهاد دفاعا عن الاسلام.  بقلم: المؤرخ والكاتب الشيخ باقر شريف القرشي.

الاجتهاد: أعلن الاسلام المسؤولية الكبرى على كل مسلم عما يحدث في بلاد المسلمين من الاحداث والأزمات التي تتنافى مع دينهم، وتتجافى مع مصالحهم، فإنه ليس من الاسلام في شئ أن يقف المسلم موقفا يتسم بالميوعة واللامبالات، أما الهزات التي تدهم الأمة وتدمر مصالحها، وقد أعلن الرسول (ص) هذه المسؤولية، يقول (ص): كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته ” فالمسلم مسؤول أمام الله عن رعاية مجتمعه، والسهر على صالح بلاده، والدفاع عن أمته.

وعلى ضوء هذه المسؤولية الكبرى ناهض الامام جور الأمويين، وناجز مخططاتهم الهادفة إلى استعباد الأمة واذلالها، ونهب ثرواتها، وقد أدلى (ع) بما يحتمه الاسلام عليه من الجهاد لحكم الطاغية يزيد، امام الحر وأصحابه قال (ع): ” يا أيها الناس: إن رسول الله ( ص ) قال: ” من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله (ص) يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.

لقد كان الواجب الديني يحتم عليه القيام بوجه الحكم الأموي الذي استحل حرمات الله، ونكث عهوده وخالف سنة رسول الله (ص)، وقد صرح جماعة من علماء المسلمين بان الواجب الديني كان يقضي على الامام أن ينطلق في ميادين الجهاد دفاعا عن الاسلام، وفيما يلي بعضهم.

1 – الإمام محمد عبده

وألمع الإمام محمد عبده في حديثه عن الحكومة العادلة والجائرة في الاسلام إلى خروج الامام على حكومة يزيد، ووصفه بأنه كان واجبا شرعيا عليه، قال: “إذا وجد في الدنيا حكومة عادلة تقيم الشرع، وحكومة جائرة تعطله، وجب على كل مسلم نصر الأولى، وخذل الثانية . . .
ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين (ع) سبط الرسول (ص) على امام الجور والبغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمنكر يزيد بن معاوية خذله الله، وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب ” (1) .

2 – محمد عبد الباقي

وتحدث الأستاذ محمد عبد الباقي سرور عن المسؤولية الدينية والاجتماعية اللتين تحتمان على الامام القيام بمناهضة حكم يزيد قال :” لو بايع الحسين يزيد الفاسق المستهتر ، الذي أباح الخمر والزنا وحط بكرامة الخلافة إلى مجالسة الغانيات ، وعقد حلقات الشراب في مجلس الحكم، والذي البس الكلاب والقرود خلاخل من ذهب، ومئات الألوف من المسلمين صرعى الجوع، والحرمان.

لو بايع الحسين يزيد أن يكون خليفة لرسول الله (ص) على هذا الوضع لكانت فتيا من الحسين بإباحة هذا للمسلمين، وكان سكوته هذا أيضا رضى ، والرضا من ارتكاب المنكرات ولو بالسكوت اثم وجريمة في حكم الشريعة الاسلامية.

والحسين بوضعه الراهن في عهد يزيد هو الشخصية المسؤولة في الجزيرة العربية بل في البلاد الاسلامية كافة عن حماية التراث الاسلامي لمكانته في المسلمين، ولقرابته من رسول رب العالمين، ولكونه بعد موت كبار المسلمين كان أعظم المسلمين في ذلك الوقت علماوزهدا وحسبا ومكانة. فعلى هذا الوضع أحسن بالمسؤولية تناديه وتطلبه لايقاف المنكرات عند حدها، ولا سيما ان الذي يضع هذه المنكرات ويشجع عليها هو الجالس في مقعد رسول الله (ص) هذا أولا :

وثانيا: انه (ع) جاءته المبايعات بالخلافة من جزيرة العرب ، وجاءه ثلاثون ألفا من الخطابات من ثلاثين الف من العراقيين من سكان البصرة والكوفة يطلبون فيها منه الشخوص لمشاركتهم في محاربة يزيد بن معاوية، وألحوا تكرار هذه الخطابات حتى قال رئيسهم عبد الله بن الحصين الأزدي: يا حسين سنشكوك إلى الله تعالى يوم القيامة إذا لم تلب طلبنا، وتقوم بنجدة الاسلام، وكيف والحسين ذو حمية دينية ونخوة اسلامية، والمفاسد تترى أمام عينيه، كيف لا يقوم بتلبية النداء ، وعلى هذا الوضع لبى النداء، كما تأمر به الشريعة الاسلامية ، وتوجه نحو العراق ” (2) .

وهذا الرأي وثيق للغاية فقد شفع بالأدلة الشرعية التي حملت الامام مسؤولية الجهاد والخروج على حكم طاغية زمانه .

3 – عبد الحفيظ أبو السعود

يقول الأستاذ عبد الحفيظ أبو السعود: ” ورأى الحسين أنه مطالب الان – يعني بعد هلاك معاوية – أن يعلن رفضه لهذه البيعة، وان يأخذ البيعة لنفسه من المسلمين، وهذا أقل ما يجب حفاظا لأمر الله، ورفعا للظلم، وابعادا لهذه العابث يعني يزيد – عن ذلك المنصب الجليل ” (3) .

4 – الدكتور احمد محمود صبحي

وممن صرح بهذه المسؤولية الدينية الدكتور احمد محمود صبحي قال : ” ففي اقدام الحسين على بيعة يزيد انحراف عن أصل من أصول الدين من حيث أن السياسة الدينية للمسلمين لا ترى في ولاية العهد وراثة الملك إلا بدعة هرقلية دخيلة على الاسلام، ومن حيث أن اختيار شخص يزيد مع ما عرف عنه من سوء السيرة، وميله إلى اللهو وشرب الخمر، ومنادمة القرود ليتولى منصب الخلافة عن رسول الله (ص) أكبر وزر يحل بالنظام السياسي للاسلام. يتحمل وزره كل من شارك فيه ورضى عنه، فما بالك إذا كان المقدم على ذلك هو ابن بنت رسول الله .
كان خروج الحسين إذا أمرا يتصل بالدعوة والعقيدة أكثر مما يتصل بالسياسة والحرب ” (4) .

5 – العلائلي

يقول العلائلي: ” وهناك واجب على الخليفة إذا تجاوزه وجب على الأمة اسقاطه، ووجبت على الناس الثورة عليه وهو المبالغة باحترام القانون الذي يخضع له الناس عامة، والا فأي تظاهر بخلافه يكون تلاعبا وعبثا، ومن ثم وجب على رجل القانون أن يكون أكثر تظاهرا باحترام القانون من أي شخص آخر، وأكبر مسؤولية من هذه الناحية، فإذا فسق الملك ثم جاهر بفسقه وتحدى الله ورسوله والمؤمنين لم يكن الخضوع له إلا خضوعا للفسق وخضوعا للفحشاء والمنكر، ولم يكن الاطمئنان إليه الا اطمئنانا للتلاعب والمعالنة الفاسقة.

هذا هو المعنى التحليلي لقوله (ع) : ” ويزيد رجل فاسق ، وشارب للخمر وقاتل النفس المحرمة ، معلن بالفسق ” (5) .
هذه بعض الآراء التي أدلي بها جماعة من العلماء في الزام الامام شرعا بالخروج على حكم الطاغية يزيد، وانه ليس له أن يقف موقفا سليبا أمام ما يقترفه يزيد من الظلم والجور .

الهوامش

(1) تفسير المنار 1 / 367 ، و 12 / 183 و 185 .

(2) الثائر الأول في الاسلام ( ص 79 ) .

(3) سبط الرسول ( ص 133 ) .
(4) نظرية الإمامة لدى الشيعة الاثني عشرية ( ص 334 ) .

(5) الإمام الحسين ( ص 94 ) .

 

المصدر: كتاب” حياة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام .. دراسة وتحليل – الصفحة: 271

 لقراءة الكتاب (أضغط هنا)

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky