مناهج أهل السنة

مناهج أهل السنة في أصول الفقه .. الشيخ محمد حسن رباني البیرجندي

خاص الاجتهاد: مناهج أهل السنة في أصول الفقه: يدرس الباحث والمحقق الأستاذ الشيخ محمد حسن رباني البیرجندي في هذه المقالة المناهج الثلاثة للمؤلفات الاصولية عند اهل السنة وهي مؤلفات على اساس الاسلوب والمنهج الکلامي ومؤلفات لها صياغة فقهية على اساس اساليب الفقهاء وكذلك المنهج التلفیقي في علم الأصول والذي نشأ في بواکیر القرن السابع. ثم يأتي بذكر أهم المؤلفين في هذه المناهج.

يعتقد الباحثون عن تاريخ علم الأصول من اهل السنة والجماعة ان المؤلفات الأصولية لأهل السنة قد كتبت باسلوبين مختلفين، مؤلفات هي على اساس اسلوب اهل الكلام والمتكلمين ومؤلفات لها صياغة فقهية على اساس اساليب الفقهاء. (الخضری بک؛ مقدمة اصول الفقه؛ تاريخ الفقه الاسلامي و ادواره، ج ۱، ص ۴۷۵؛ مقدمة نفائس الاصول، ج ۱، ص ۵۲).

الاول: المنهج الکلامي

يعتبر الإمام الشافعي مؤسس أسلوب الكتابة على أساس أساليب أهل الكلام في فن الأصول في “الرسالة”، ثم حذا حذوه من تبعه من الأصوليين هذا الأسلوب الرصين من أهل السنة و الجماعة و واكب علماء الشيعة هذه الطريقة من دون تخصيص.

والميزة الرئيسية لهذا الأسلوب مواصلة البحث عن القواعد الأصولية من دون نظر إلى تطبيقاته الفقهية.

و عندما ننظر إلى الكتابات الاصولية لباحثي الشيعة نجد انها تبحث عن قواعد اصولية من دون تطبيق على مصاديقها في الفقه. و السبب في اتخاذ هذا الاسلوب ان القواعد الاصولية هي مباديء عامة لعلم الاصول فلا بد من تأسيسها و انشائها و اثباتها اولا، ثم يجب ان يستنبط الفقه على اساس هذه المباديء العامة من علم الاصول.

والميزة الثانية لهذا المنهج انه يبتني على العقلنة و الاستدلال؛ فان كل قاعدة من المباديء الاصولية و من مدعياتها تثبت بالدليل والبرهان و لا يقبل قاعدة و لا دعوى من دون برهنة و استدلال.

اتخذ علماء الشيعة في فن الاصول هذا المنهج، و كل مبدأ من المباديء الاصولية تستند الى برهان و استدلال، مثلا عندما يرجع الباحث الى البحث عن حجية خبر الواحد يجد انه اقيم الدليل على حجيتها من الكتاب و السنة و العقل و الاجماع.

و كذلك في المنهج الكلامي المتبع في الاصول من جانب علماء اهل السنة واصل هذه الطريقة، ففي مبحث القياس نجد انه اقيم الدليل على اثباته من الكتاب و السنة والعقل و الاجماع من دون نظر الى تطبيقات القياس في الفقه، و في هذا المنهج يبحث الاصول في الكتابات الاصولية و الفقه في الكتابات الفقهية و لا يتدخل البحث عن احدهما في الآخر.

من هنا يتذكر الشيخ محمد جواد مغنية ان هناك قواعد اصولية لا يوجد لها تطبيقات فقهية اصلا. و على اي حال ان هذا الاسلوب له مزية انه منهج استدلالي و برهاني و نقص انه لا يوجد مع ممارسة الفقه.

المؤلفون على منهج اهل الكلام

۱. ابوبکر الصیرفی (۳۲۰ ه) مؤلف کتاب «البیان‌فی‌دلایل‌الأحکام‌علی‌اصول‌الاحکام» و له كتاب آخر باسم «الاجماع».
۲. محمد بن السعید القاضی (۳۴۳ ه) مؤلف کتاب الهدایة فی الاصول.
۳. ابوبکر القاضی الباقلانی (۴۰۳ ه) مؤلف کتاب «التقریب و الارشاد فی ترتیب طرق الاجتهاد».
۴. قاضی القضاة عبدالجبار المعتزلی (۳۲۴ ـ ۴۱۵ ه) له كتابان في فن الاصول باسم «النهایة» و «العمدة» و یقول رضي الدين الموسوي مؤلف نهج البلاغة في كتابه المجازات النبوية: قرء الكتاب عند مؤلفه. (المجازات النبویه، ص ۱۷۹؛ روضات الجنان، ج ۵، ص ۱۸).
القاضی عبد الجبار متکلم معروف شافعیّ في الفروع و معتزلیّ المذهب و له کتاب کلامي مشهور باسم المغنی. کتب الشریف المرتضی (۴۳۶ ه) کتابه الشافی في مناقشة مبحث الامامة من هذا الكتاب.

۵. ابو الحسین البصری محمدبن‌علی بن الطیب (۴۳۶ ه) له کتابان في فن الاصول باسم: «شرح العمد« و «المعتمد فی اصول‌الفقه» و قد احل کتابه الثاني مكانة عالية عند علماء الاصول فصار الحجر الاساس لكثير من الكتابات الاصولية.
۶. ابو الولید الباجی (۴۰۳ ـ ۴۷۴ ه)، مؤلف کتاب «احکام الفصول فی احکام الاصول»، و قد طبع هذا الكتاب.
۷. ابو اسحاق الشیرازی الفیروزآبادی (۳۹۳ ـ ۴۷۶ ه) و هو من اکابر الشافعیة و له كتابان في فن الاصول «اللُّمع» و «التبصرة» و قد وقع مورد اهتمام علماء الاصول و له كتابان آخرن في الفقه: «المهذّب فی فقه الامام الشافعی» و «التنبیه. طبقات الفقهاء الشافعیة» و الکتاب الثاني كتاب في تاريخ الفقه و الفقهاء.

۸. امام الحرمین عبد الملک بن عبدالله الجُوینی (۴۱۹ ـ ۴۷۸ ه) متکلم اصولي معروف و له کتابان في‌ فن الاصول:‌ «الورقات» و «البرهان فی اصول‌الفقه».

و الورقات کتاب اصولي معروف و كتب له شروح كثيرة منها: لأالشرح الکبیر علی الورقات» لشهاب‌الدین احمد بن قاسم الصباغ (۹۴۹ ه) و «التحقیقات فی شرح الورقات» لحسن بن احمد الجیلانی الشافعی المعروف بابن قاوان (۸۸۹ ه).
ولکتاب البرهان في اصول الفقه ایضا شروح و تعالیق، منها: «ایضاح المحصول من برهان الاصول» لابي عبد الله محمد بن عمر بن محمد التمیمی المازری (۴۵۳ ـ ۵۳۶ ه) و قد طبع هذا الکتاب.

۹. الامام ابو حامد محمد الغزالی (۵۰۵ ه) و له کتب ثلاثة في‌ علم الاصول: «المستصفی من علم‌الاصول» و «صفوة اللئالی من علم اصول‌الفقه» و «المنخول من تعلیقات علم‌الاصول» و قد طبع هذا الكتاب الاخير بتحقيق من الدكتور محمد حسن هيتو و يندد المؤلف ابا حنيفة بشدة و ينسبه الى الكفر كما ان الامام الرازي يناقش ابي حنيفة في تفسيره في ذيل الآية الكريمة قوله تعالى «اِنّمَا الْمشرکون نَجَسٌ».

والامام الغزالي له آثار قيمة في مجال الأخلاق مثل كتاب احياء علوم الدين و كيمياي سعادت بالفارسية، و من اجل ذلك وقع كتبه مورد الاهتمام من جانب علماء الشيعة، و قام المحدث الكاشاني (۱۰۹۱ ه) بتلخيص و تهذيب كتابه احياء علوم الدين و سماه بـ «المحجة ‌البیضاء في تهذيب الاحياء» و اضاف اليه ما روي عن ائمة اهل البيت (ع). و کان من المعادین للفلسفة و قد اثار بكتابه تهافت الفلاسفة حملة شعواء ضد الفلسفة و اسسها و من يعتقدها.

۱۰. الامام فخر الدین محمد بن عمر الرازی (۶۰۶ ه.ق). بعد القرن الرابع و القرن الخامس قد احل كتب اربعة اصولية معروفة و هي العمدة و المعتمد و البرهان و المستصفى مكانة عالية عند علماء الاصول و هذه الكتب الاربعة كانت مؤلفة على اسلوب اهل الكتاب.

ثم ظهر عالمان ساميان في سماء علم الاصول و كانا في نفس الوقت من ائمة و اخصاء علم الكلام،

احدهما: الامام فخر الدين محمد بن عمر الرازي (م 606 ق) متكلم بارع من مدينة الري في ايران و قام بتدوين و تلخيص الكتب الاربعة الاصولية و غيرها من الكتب و جمعها في كتابه المسمى بـ «المحصول في علم الاصول».

ثانيهما: سيف الدين علي بن محمد الآمدي (م 631 ه) و هو متكلم بارع و قد جمع الكتب الاربعة في كتابه المسمى «الاحکام فی اصول الاحکام» (طه علوان؛ اصول الفقه الاسلامی، ص ۶۷؛ محمد خضری بک؛ أصول الفقه، ص ۱۱؛ احمد فراج حسین؛ أصول الفقه الاسلامی، ص ۲۳). و له كتاب مبسط في علم الكلام باسم «إبکار الافکار فی اصول‌الدین».

یعتبر الامام الرازی من اکابر اهل السنة و الجماعة و هو من الناحية العقدية اشعري و يقتفي فقها الامام الشافعي. و له كتب كثيرة في مجالات مختلفة من اهمها في مجال الكلام المطالب العالية و في التفسير مفاتيح الغيب و في الاصول كما تقدم المحصول في اصول الفقه. و هذا الكتاب قد طبع مرتان مرة في مجلدين واخرى طبعة محققة في ست مجلدات.

وقام بتلخيص الكتاب علمان من اعلام اهل السنة احدهما محمد بن الحسن الارموي( 656هـ) وسماه باسم الحاصل من المحصول وثانيهما محمود بن ابي بكر الارموي و سماه بـ التحصيل من المحصول. و لهذا الكتاب شروح من اهمها «الکاشف عن المحصول فی علم‌الاصول» لابي عبدالله محمد بن محمود بن عباد العجلی الاصفهانی (۶۵۳ ه) (شذرات الذهب، ص ۴۰۶؛ مرآة الجنان، ج ۴، ص ۲۰۸).

۱۱. سیف‌الدین ابي الحسن علي بن محمد الآمدي، كان في البداية حنبلي المذهب ثم صار شافعيا و كتابه في الاصول كما تقدم «الاحکام فی اصول الاحکام» و هذا كتاب مشهور و له کتاب مبسط فی علم الکلام باسم «إبکار الافکار فی اصول‌الدین». و من الجدير بالذكر ان لابن حزم الاندلسي (م 456 ق) مؤلف المحلى بالآثار كتاب في علم الاصول ايضا باسم «الاحکام فی اصول الاحکام».

۱۲. عثمان بن عمر بن حاجب المالکی (۶۴۶ ه) و له کتاب فی علم الاصول باسم «منتهی السئول و الأمل فی علمی الاصول و الجدل» ثم قام بتلخیص الکتاب و سماه «مختصر الاصول» المعروف باسم مختصر ابن الحاجب. و لهذا الکتاب شروح و تعليقات كثيرة منها: «بیان المختصر في شرح مختصر ابن حاجب» لشمس‌الدین محمود بن عبد الرحمن بن احمد الاصفهانی (۷۴۹ ه) قد طبع في مجلدين.

للمؤلف كتاب في فقه الامام مالك باسم المختصر و هو من المتون المعروفة في فقه المالكي. و كذلك له كتابان معروفان في علمي الصرف و النحو باسم الشافية في علم الصرف و الكافية في علم النحو و قام الاسترابادي (606 ق) من علماء الشيعة بشرح الكتابين و يعرف بـ شرح الشافية و شرح الكافية و قد طبعا في مصر.

۱۳. ناصرالدین عبدالله بن عمر البیضاوي (۶۸۵ ه)؛ بیضاء منطقة من مناطق شيراز و هو منها و مات في تبريز و عاصر العلامة الحلي (م 726 ق). و له كتاب في التفسير باسم انوار التنزيل و هو خلاصة تفسير الكشاف للزمخشري (۵۴۸ ه) و كان كتابا دراسيا و من اجل ذلك كتب عليه تعاليق و حواش كثيرة.

و له کتاب فی فن الاصول باسم «منهاج الاصول الی علم ‌الاصول» یشبه عباراته و صیاغته کتاب المختصر لابن الحاجب.

و لهذا الكتاب شرحان معروفان:

احدهما «نهایة السؤول شرح منهاج الوصول» لجمال‌الدین الاسنوی (۷۰۴ ـ ۷۲۲ ه)، و الشارح من علماء اهل السنة والجماعة من اسنا في مصر و له كتاب آخر في علم الاصول كتبه على اسلوب الفقهاء باسم «التمهید فی تفریع الفروع علی الاصول» و قام بتطبيق القواعد الاصولية على مواردها.
ثانيهما: «الابهاج» لعلي بن عبد الکافي السبکي (۷۵۶ ه.ق) و لابنه عبدالوهاب بن علی السبکي (۷۷۱ ه.ق) للمؤلف كتاب آخر باسم طبقات الشافعية.

۱۴. القاضي عضد الدين عبد الرحمن الايجي (م 756 ق) متكلم معروف له كتاب المواقف في علم الكلام. و له في فن الاصول كتاب باسم «شرح مختصر منتهی الاصول» و هذا شرح لکتاب مختصر الاصول لابن الحاجب. و قد طبع هذا الكتاب مع تعاليق اربع و هي: ۱) حاشیة سعد الدین تفتازانی (۷۹۱ ه)؛ ۲) حاشیة سید شریف الدین الجرجانی (۸۱۶ ه)؛ ۳) تعالیق للشیخ حسن الهروی الفناری (۸۸۶ ه) علی حاشیة الجرجانی؛ ۴) تعاليق على المتن و حاشيتي التفتازاني والجرجاني لابي الفضل محمد الوراقی الجزائری (۱۳۴۶ ه).

الثاني: المنهج الفقهي

والاسلوب المتبع في المنهج الفقهي لعلم الاصول ان الفقيه يبحث عن الفتاوى والقواعد المستخدمة في كلمات الفقهاء القدامى العظام، ثم يبدء ان يبرر الفتاوى و القواعد ببراهين و مستندات اصولية، مثلا عند ما يرى الفقيه ان الامام ابو حنيفة لا يرى حجية الخبر الواحد، يبدء يبرر هذا الرأى ببراهين و مستندات اصولية و لا يناقش هذا الرأى اصلا. و هذا هو المنهج المتعارف عند فقهاء الاحناف.

و السبب في متابعة هذا المنهج ان المعيار لدى هؤلاء هو الفتاوى التي افتى بها ائمة المذاهب الاسلامية و هي فتاوى صحيحة، و يجب على العالم الباحث لمثل هذا الفتاوى ان يكشف عن المستندات الاصولية و الروائية لهذه الفتاوى، فيبحث عن قواعد اصولية تبرر هذه الفتاوى.

و على اساس هذا المنهج يخرج أصول الفقه عن حالة الاطلاق و عدم التقييد الى اصول مقيدة بمذاهب خاصة، من نرى ان هناك كتبا باسم «فی أصول الفقه الشافعي» او «فی أصول الفقه الحنفی» يعني ان هذه قواعد تبرر النظريات الفقهية لمذهب الشافعية او مذهب الاحناف.

و على هذا الاساس الميزة الاولى لهذا المنهج ان علم الاصول يعتبر علما آليا يبرر الفتاوى الفقهية و المعيار في صحة علم الاصول مطابقة قواعدها للفروع الفقهية و لا قيمة للقواعد التي تخالف الفروع الفقهية اصلا. و الميزة الثانية ان هذا المنهج ابتعد عن المباحث العقلية و الكلامية و لم يستخدمها في تبرير الفتاوى و القواعد الفقهية. (علی حبّ الله؛ اصول التشریع الاسلامی، ص ۱۵).

ويمكن القول بان الاخباريين الشيعيين اقتفوا هذا المنهج في علم الاصول و ليس من الصحيح ان نقول: ان الاخباريين ليس عندهم علم الاصول و لا يعتبر عندهم هذا العلم، و ذلك لانه لم يبحث فقيه عن علم الاصول كما تعرض لهذا العلم و تمسك بقواعده المحدث المعروف الشيخ يوسف البحراني (م 1186 ق) في كتابه الحدائق الناضرة في احكام العترة الطاهرة،

مثلا نجد انه عند يبحث عن ظهور صيغة الامر في الوجوب، يحكي رأي الفقيه السبزواري (م 1091 ه) مؤلف ذخيرة المعاد في شرح الارشاد و كفاية الاحكام من عدم دلالة صيغة الامر على الوجوب، يرفض المحدث البحراني هذا الرأي بشدة. و كذلك تعرض لابحاث اصولية اخرى مثل دلالة الجملة الخبرية على الوجوب، دلالة الجملة الخبرية النافية على الحرمة، دلالة النهي على الفساد، دلالة الجملة الشرطية على المفهوم و حل تعارض الروايات و الاخذ بالمرجحات و لا يستطيع اخباري ان ينكر الحاجة الى مثل هذه المباحث.

فاذن يتضح ان الاخباريين كان عندهم علم اصول الفقه و يستفيدون من معطياته في مباحث الفقه.
الاسلوب المتبع في هذا المنهج اولا انشاء العلاقة الوثيقة بين الفقه والاصول؛ ثانيا: الاختلاط و المزج بين الفقه و الاصول؛ ثالثا: تقديم الفقه على الاصول و تفريع الفروع الفقيهة على القواعد الاصولية في غضون المباحث.

یقول الدكتور همام: يتلخص منهج الاحناف في نكتتين:

احديهما: الاستفادة من الفروع الفقهية لتأسيس القواعد الاصولية؛ ثانيهما: تخصيص المباحث الاصولية بما يوافق آراء الفقهية لمذهب الاحناف و اخراجها من الدائرة العامة كما هو المتبع في المنهج الكلامي.

و في الواقع يوجد فرق رئيسي بين اسلوب اهل الكلام و اسلوب الاحناف ان المنهج الكلامي يحاول ان يطبق القواعد الاصولية على الفروعية الفقهية و دور الفروع الفقهية هي دور تطبيقات للقواعد الاصولية؛ اما المنهج الفقهي الحنفي عند ما يتكلم عن الفروع يريد في الواقع الاستدلال على صحة القواعد الاصولية فحسب. (محمد کمال الدین همام؛ اصول الفقه الاسلامی، ص ۵۰).

على سبيل المثال لمذهب الاحناف في استخدام الفروع الفقهية للمباديء الاصولية نجد في الفتاوى الفقهية: ان من لم يات بصلاة الظهر حتى دخل وقت العصر يجب عليه صلاة العصر اداء و يقضي صلاة الظهر.

هذا الفرع الفقهي يكشف عن مطلب و هو ان زمان الوجوب و سبب الوجوب للصلاة هو آخر الوقت و صحة الصلاة في الوقت الناقص يكشف عن نقصان سبب الوجوبإ؛

من هنا يستخرج قاعدة اصولية على هذا الاسلوب:
الف) السبب لوجوب الصلاة هو الجزء الاول من الوقت، فيجب عليه اتيان الصلاة؛
ب) اذا لم يأت المكلف بالصلاة في الوقت الاول ينتقل السبب الى الجزء الثاني من الوقت، فيجب عليه في ثاني الوقت؛
ج) اذا لم يأت في الجزء الثاني من الوقت يصير السبب الجز الثالث و الرابع الى ان يصل الى آخر جزء من الوقت يكون كافيا لاتيان الصلاة فحسب، فهذا الجزء يكون سببا لوجوب الصلاة؛
د) اذا لم يأت المكلف بالصلاة من اول الوقت الى آخر الوقت، يكون تمام الوقت سببا لوجوب الصلاة قضاءا. (کشف الاسرار، ج ۱۷ ص ۲۱۹؛ سلیمان الجروشی، اصول الفقه، ص ۱۹).

نظير هذا المنهج الثاني لاهل السنة و الجماعة في علم الاصول، هو منهج الاخباريين في هذا العلم و كان من المناسب ان نبسط هذا الطريقة و اقسامها بالنسبة للاخباريين و لا ننسبهم الى عدم انكار الاصول، فان هذا امر لا يطابق الواقع، فانهم معتقدون بعلم الاصول و مستخدمين قواعده في استنتاجاتهم الفقهية.

المؤلفون على اسلوب المنهج الفقهي

اول من كتب على اساس هذا المنهج في علم الأصول هو عيسى بن ابان بن صدقة الحنفي (م 220 ه). ثم كتب بعده آخرون على هذا الاسلوب يمكن ذكر اسمائهم في ما يلي:

۱. ابو الحسن الکرخی (۲۶۰ ـ ۳۴۰ ه)؛ له رسالة في علم الاصول على اساس مذهب الاحناف؛
۲. ابو منصور الماتریدی (۳۳۳ ه) هو متکلم معروف رئیس مدرسة خاصة فی علم الکلام یسمی بالماتریدیة و له کتاب علم الاصول یسمی بـ «مآخذ الشرایع فی الاصول».
۳. ابو زید عبید الدین بن عمر القاضی (۳۴۰ ه) المعروف بـ ابی زید الدبوسی، فقیه حنفي معروف لدی الاحناف، دبوس من قری سمرقند و له کتابان فی علم الاصول: «تقویم الادلة» و «تأسیس النظر».
۴. ابو بکر الجصاص؛ هو فقيه حنفي معروف و كتابه «آیات احکام القرآن» كتاب مشهور و له كتاب في علم الاصول يدعى بـ «اصول الجصاص» و قد طبع في مجلدين.

۵. ابو بکر بن احمد السمرقندی (۵۳۹ ه)؛ له کتاب فی علم الاصول یسمی بـ «میزان الاصول فی نتایج العقول» قد نشر الكتاب في مصر و قدم له الدكتور محمد زكي عبد البر و المؤلف من الفقهاء البارزين لدى الاحناف.

۶. الحافظ عبد الرحمن بناحمد النسفی (۷۱۰ ه)؛ هو فقیه حنفی معروف بارز له کتاب في الفقه باسم «کنز الدقائق» وقع مورد الاهتمام عند الفقهاء و كتب له شروح مثل «تبیین الحقائق»، لزیلعلی المصری و شرح لابن نجیم و ابنه قد طبع الکتاب و شروحه. کتابه فی الاصول «منار الانوار فی اصول‌الفقه» و قد شرح باسم «کشف‌الاسرار» يعرف باسم «اصول النسفی» كما نسب الى الجصاص او السرخسي فيقال اصول الجصاص او اصول السرخسي. نسف منطقة من مناطق سمرقند.

هذا الكتاب يعني منار الاصول نص موجز في علم الاصول و له شروح منها شرح منار الانوار فی اصول‌الفقه، لعبد اللطیف المعروف بابن الملک و شرح آخر لزین‌الدین عبد الرحمن بن ابی‌بکر المعروف بابن العینی.

۷. فخر الدین علی بن محمد البزدوی (۴۰۰ ـ ۴۸۲ ه): منسوب الی بزده، و هی من مناطق نسف، و هو من فقهاء الاحناف. كتابه في الاصول يعرف باسم «اصول البزدوی» و قد كتب له شروح كثيرة و المعروف منها شرحان: احدهما شرح حسام الدين الصفناتي الحنفي (م 710 ه) يعرف بشرح الحسامي ايضا و هذا الشرح مقرر دراسي لطلاب العلم الدیني الاحناف و قد طبع مرارا في باكستان. ثانيهما: كشف الاسرار لعبد العزیز بن احمد البخاری (۷۳۰ ه.ق) قد طبع في ثلاث مجلدات.

۸. ابو بکر شمس الائمّه السرخسی، مؤلف کتاب المبسوط في فقه الاحناف و کتابه فی علم الاصول «تمهید الفصول فی الاصول» و اشتهر هذا الكتاب باسم «اصول السرخسی». (الفتح المبین، ج ۲، ص ۱۸؛ مقدمه مفتاح الوصول، ص ۵۱؛ الاعلام، ج ۵، ص ۳۲۷).

المنهج التلفیقي

نشأ منهج آخر في علم الاصول في بواکیر القرن السابع و السبب في ذلك انه عند رأوا علماء الاصول ايجابيات و سلبيات كل من المنهجين الكلامي و الفقهي حاولوا استخدام الايجابيات و الاعراض عن السلبيات من كل من المنهجين السابقين في مؤلفاتهم و على هذا الاساس بحثوا عن القواعد الاصولية في كتاباتهم ثم طبقوها على الفروع الفقهية.

المؤلفون على اسلوب المنهج التلفيقي

كتب في هذا المجال مؤلفات قيمة على اساس المنهج الملفق من المنهج الكلامي و الفقهي و هي ما يلي:

۱. احمد بن علی بن ثعلب بن الساعاتی (۶۹۴ ه) المعروف بابن الساعاتی؛ له کتاب فی علم الاصول باسم «البدیع» و قد جمع في هذا الكتاب بين منهج الفقهاء والمتكلمين و استفاد من كتاب الاحكام للآمدي و اصول فخر الاسلام البزدوي.

۲. صدر الشریعة عبد الله بن مسعود البخاری (۷۴۷ ه)؛ کتابه فی هذا المجال «تنقیح الاصول» قد مزج بين الاسلوبين الكلامي و الفقهي و استفاد من الكتب الاصولية للفقهاء و المتكلمين و في الواقع جمع بين كتب ثلاثة و هي اصول البزدوي و المحصول للامام الرازي و منتهى السؤل لابن الحاجب. شرح سعد الدين التفتازاني هذا الكتاب و يعرف بكتاب «التلویح».

۳. تاج‌الدین عبد الوهاب السبکی (۷۲۷ ـ ۷۷۱ ه)؛ کتاباته الاصولية «رفع الحاجب عن شرح مختصر الحاجب» و «جمع الجوامع» و للكتاب الثاني شرحان معروفان احدهما: تشنیف المسامح بجمع الجوامع، لبدرالدین محمد بن عبد الله الزرکشی (۷۴۹ ه) قد طبع في مجلدين؛ ثانيهما «الکواکب الساطع نظم جمع الجوامع» لعبدالرحمن جلال‌ الدین السیوطی (۹۱۱ ه).

۴. کمال ‌الدین بن الهمام (۷۹۰ ـ ۸۶۱ ه)؛ و هو فقيه حنفي بارز كتابه في علم الاصول: «التحریر فی اصول‌الفقه».
۵. محب الدین عبد الشکور الهندی الحنفی (۱۱۱۹ ه)؛ کتابه فی فن الاصول «مسلّم الثبوت فی اصول‌الفقه» و له شرح معروف یسمی «فواتح الرحموت بشرح مسلّم الثبوت»، لعبد العلی محمد بن نظام‌ الدین الانصاری (۱۱۱۹ ه) و قد طبع الكتاب في حاشية كتاب المستصفی في علم الاصول للغزالي في مصر.

۶. بدر الدین محمد بن بهار عبد الله الشافعی الزرکشی (۷۴۵ ـ ۷۹۴ ه)؛ من اعلام علماء مصر و قد اشتهر بكتابه المعروف بـ «البرهان فی علوم القرآن» و کتابه فی فن الاصول: «البحر المحیط فی اصول‌الفقه» و قد طبع الكتاب مرتين و المطبوعة في الكويت في سبع مجلدات.

و له کتاب آخر في علم الاصول يسمى بـ «تشنیف المسامع بجمع الجوامع» و قد طبع في مجلدين. و له كتاب قيم آخر في الفقه يسمى بـ «المنثور فی ترتیب القواعد الفقهیة» قد طبع في ثلاثة اجزاء. و له شرح على مختصر الخرقي في فقه الحنابلة و طبع في ثلاثة اجزاء. و من الجدير بالذكر ان ابا حيان الاندلسي ايضا له كتاب باسم البحر المحيط من دون التقييد باصول الفقه و لا يخلط احدهما بالآخر.
7. عبد الوهاب بن علي بن تقي الدين السبکي (۷۲۷ ـ ۷۷۱ ه)، فقیه شافعي. له كتب ثلاثة معروفة في علم الاصول:
احدها: جمع الجوامع؛ قد جمع في هذا الكتاب بين منهج الامام الشافعي في علم الاصول و منهج الاحناف و بعبارة جمع بين اسلوبي الفقهاء و المتكلمين. و من هنا وقع مورد الاهتمام عند الفقهاء و الاصوليين من اهل السنة و الجماعة و كتب له شروح و ملخصات عديدة، قد سميت عدة من هذه الشروح باسم شرح جوامع الجوامع.

و من الشروح التي رأيت انا احدها «تشنیف المسامع بجمع الجوامع» لبدر الدین الزرکشی مؤلف البحر المحیط؛ و الآخر «الکواکب الساطع نظم جمع الجوامع» لعبد الرحمن جلال ‌الدین السیوطی (۹۱۱ ه) هذا شرح منظوم طبع في جزئين و كذلك له شرح مهم آخر افضل من سائر الشروح هو شرح جلال الدين محمد بن احمد المحلي و اكمل هذا الشرح ابنه.

هذه المذكرة خلاصة مقالة الكاتب التي نشرت في مجلة “پژوهشنامه فقه اسلامی و مبانی حقوق”، خريف و شتاء 1392، الرقم الاول من صفحة 49- 72، باسم أصول أهل السنة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky