الحوزة العلمية

على الحوزة العلمية أن تحافظ على منهجها التقليدي

خاص الاجتهاد: إن الحوزة العلمية، بجهد كبير، تربي طلابًا فضلاء وأساتذة، وتقوم مراكز أخرى، بمرتبات أفضل وتحت عناوين مختلفة، باستقطابهم، ويجب التفكير في حل لهذه المشكلة. / إن أحد الأمور التي تفتخر بها الحوزة دائماً هو أسلوب اختيار الأساتذة، ويجب أن يستمر هذا الأمر بقوة اليوم أيضاً./إذا لم نتحرك للتغيير بسبب الخوف والاحتمالات، فلن يحدث أي تطور.

وفقا للاجتهاد التقى عضو هيئة التدريس وأمين المجلس الأعلى للحوزات العلمية الأستاذ محمد مهدي شب زنده دار، بالمرجعين الدينيين آيات الله ناصر مكارم الشيرازي وجعفر السبحاني في مكتبهما.

واعتبر آية الله مكارم الشيرازي، خلال هذا اللقاء، أن غلبة النظام الجامعي على النظام التقليدي للحوزة هي إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجهها الحوزة العلمية في الوقت الحالي، وقال: بعض الأشخاص في الحوزة، بسبب الانبهار بالغرب أو الأفكار التنويرية الكاذبة، انجذبوا إلى النظام الجامعي، حتى أن أدبياتهم أصبحت أدبيات جامعية أيضاً.

واعتبر آية الله مكارم الشيرازي النظام التقليدي للحوزة العلمية حافلاً بالبركات، وأضاف: يجب على الحوزة العلمية، قدر الإمكان، أن تحافظ على نهجها التقليدي وأن تستفيد من خصائصها المميزة، كالمباحثة التي تلعب دوراً هاماً في فهم الدروس.

معيشة الطلاب والحفاظ على الهوية الحوزوية؛ تحديان أساسيان يواجهان الحوزة العلمية

وأشار آية الله مكارم الشيرازي إلى أن بعض المراكز تفصل الطلاب المتميزين و الفاضلين عن الحوزة، وأكد قائلاً: إن الحوزة العلمية، بجهد كبير، تربي طلابًا فضلاء وأساتذة، وتقوم مراكز أخرى، بمرتبات أفضل وتحت عناوين مختلفة، باستقطابهم، ويجب التفكير في حل لهذه المشكلة.

واعتبر الوضع المعيشي للطلاب غير مناسب، وصرح قائلاً: يجب أن نفكر في تحسين الوضع المعيشي للطلاب، وفي الختام، شدد على توجيه الطلاب نحو المعنويات وإقامة دروس الأخلاق في الحوزة، وأعرب عن أمله في أن تساهم هذه الأمور في إعلاء القيم الروحية على القيم المادية، وتنشئة الطلاب بشكل جيد.

كما هنأ في هذا اللقاء آية الله الشيخ جعفر السبحاني الأستاذ شب زنده دار بحلول أعياد شعبانية، وقال: لقد سمعت منك ثلاثة أمور، أولها يتعلق بالأستاذ المنتصبب والأستاذ المنتخب. في لقاءات مختلفة مع مديري الحوزة، أكدتُ دائماً على أن أحد الأمور التي تفتخر بها الحوزة العلمية دائمًا هو أسلوب اختيار الأساتذة، حيث كان الطلاب يختارون أساتذتهم بأنفسهم، ويجب أن يستمر هذا الأمر بقوة اليوم أيضاً، ويجب الاهتمام بجميع الأساتذة وتمكينهم من تربية الطلاب.

وتابع آية الله السبحاني قائلاً: “الأمر الثاني يتعلق بالمباحث المستجدة والاعتباريات، وهي مسألة جيدة جدًا، ولكن يجب البدء بها تدريجيًا. يتم اختيار مجموعة من الفضلاء المتخصصين في هذه المباحث لمناقشتها وتطويرها، حتى تنضج المسألة ويتم تأليف كتاب دراسي حولها. قد لا يكون تأليف شخص واحد كافيًا في هذه المسألة، وإذا أمكن، ينبغي الاستفادة من آراء المختصين من خارج الحوزة في هذا المجال.

أما الأمر الثالث، فيتعلق بحذف بعض المباحث المتكررة، وقال: إذا كان القصد هو حذف بعض المباحث، فهذا يتطلب إجراء تغييرات شاملة في النظام الدراسي.

وفي جزء آخر من كلمته، قدم بعض النقاط المهمة لتعزيز وتطوير الحوزات العلمية، مشيرًا إلى أن المجلس الأعلى اختار أفضل شخص للأمانة، فهو يعرف الألم ويعرف العلاج، وأوصى ببدء الإصلاحات تدريجيًا وعلى مراحل.

الأستاذ شب زنده دار: إحياء السنن الفعّالة للحوزة يعيدها إلى سابق عهدها

أشار الأستاذ شب زنده دار في كلمته إلى رؤيته في الدورة الجديدة، قائلاً: إحياء العديد من السنن الفعّالة التي يعود تاريخها إلى ألف عام، والتي كانت سببًا في تقدم ونجاح الحوزة العلمية، والتي أصبحت الآن مهجورة، هو ما أدى إلى إضعاف الحوزة.

ومن بين هذه التقاليد، أكد على أهمية إعادة نظام التدريس والتدرس بين الطلاب، والذي كان سائداً في الماضي. ففي السابق كان الطلاب يشاركون في تدريس زملائهم، مما يعزز فهمهم للمواد العلمية. أما الآن، فإن قلة من الأساتذة يحصلون على فرصة التدريس، مما يؤدي إلى نسيان الكثير من الدروس.

وأشار عضو “جامعة المدرسين” في الحوزة العلمية بقم إلى “الفقه المعاصر” كأحد الأمور التي يسعى لتحقيقها، وتابع قائلاً: “العديد من المسائل التي يواجهها المجتمع العالمي اليوم، كالشخصيات الاعتبارية مثل البنوك والشركات والصناديق والتأمين الاجتماعي، تحمل زوايا معقدة ومتعددة. إذا تم إدخال هذه المواضيع في النظام الدراسي للحوزة في المستويات العليا (السطح والخارج)، فإن ذلك لن يؤدي إلى تراجع المستوى الدراسي للطلاب فحسب، بل على العكس، بالمقارنة مع بعض المباحث الأخرى، فإن هذه المسائل، نظرًا لأهميتها وابتلائها، لها الأولوية. كما أن مطالبة النظام وحتى المراكز العلمية في العالم هي أن يتم توضيح موقف الحوزات من هذه المسائل.

ثمّ صرّح الأستاذ شب زنده دار قائلاً: “بناءً على رأي كبار علماء الحوزة، ليس من المقرّر أن تستغرق المرحلة الدراسية “السطح” أكثر من عشر سنوات، لذلك تمّ اتخاذ قرار باستبدال بعض مباحث “الفقه المعاصر” بشكل اختياري ببعض المباحث المتكررة التي درسها الطلاب عدّة مرات خلال مسيرتهم الدراسية.

وأشار إلى أنّه: في علم الأصول أيضاً، هناك بعض المباحث الأصولية التي لم يتم تناولها في الأصول المتعارفة لدينا، على الرغم من أنّ الفقهاء قد تطرّقوا إليها في بعض المواضع حسب الحاجة، إلّا أنّها لم تُعرض بشكل مُنظّم ووفق قواعد. مثل سيرة العقلاء وسيرة المتشرعة أو تعدية الحكم من موضوع إلى آخر، والتي تتضمّن نقاشات فرعية كثيرة مثل إلغاء الخصوصية وقاعدة “لو كان لبان” وتنقيح المناط، لم يتم تناولها في مكان واحد. لذلك تمّ استبدال كتاب “التعادل والتراجيح” للشيخ الأعظم الأنصاري (ره) بكتاب “الفائق”. وسبب هذا الاستبدال هو أنّ بحث التعادل والتراجيح يدرسه الطالب عدّة مرات خلال مسيرته الدراسية في المرحلة “السطح” (في الموجز، وأصول الفقه، والكفاية).

التغيير في الحوزة ضروري، والمخاطرة مطلوبة لتحقيق التطور

في ختام حديثه، أوضح أمين المجلس الأعلى للحوزات العلمية: إنّ الشيخ الأعظم الأنصاري، الذي يُعتبر حقًا نقطة تحول في معظم مباحث علم الأصول، لم يُدوّن كتابًا دراسيًا، وبحث “التعادل والتراجيح” هذا، يفتقر إلى التنظيم اللازم للتدريس، لأنه يمثل أفكار الشيخ الأعظم في بداياتها. لذلك، فإنّ أفضل مكان لعدم تدريسه هو هنا، حيث لا يضرّ عدمُه التحصيلَ العلمي للطالب، لهذا تمّ هذا الاستبدال.

وتابع: هذه التغييرات التي أُجريت كانت بناءً على هذه المصالح والمنافع. ولا يوجد أي تعصب، فجميع الإشكالات التي يواجهها الأساتذة أثناء التدريس والمطالعة، إذا تم نقلها إلى إدارة الحوزة والمجلس الأعلى للحوزة، سيتمّ دراستها. وأعتقد أننا إذا لم نتحرك بسبب الخوف والاحتمالات، فلن يحدث أي تطور.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky