خاص الاجتهاد: ننتقل في هذا القسم والأخير إيضا الى بعض الخطوات العملية وبعض الأفكار والمعالجات التي يمكنها ان تساعدنا في سياق ظاهرة الإحباط والتراجع في مسيرة طلاب العلوم الدينية الدراسيّة.
أنتقل من الاسباب الى بعض الافكار التي احب أن نشارك فيها جميعاً نحن طلاب العلوم الديني لعلّما تنفعنا و تخرجنا على المستوى الفردي على الاقل من الحالات السلبية التي نعيش.
انا لن اتكلم في مقترحات أو في علاجات تتصل بالسياسات الإستراتيجية للحوزة. هذا الشيئ الان لا يعني لي، لأنني لا اخاطب مدراء حوزات، هم أدرى مني بما يفعلون، ولا أخاطب الشخصيات الكبرى المتولية بالشأن الحوزوي، هم أدرى مني بما يفعلون. وإنما انا اخاطب طلبة مثلي مثلهم ان شاء الله، و أحسن مني. يمكن ان أعينهم ببعض الافكار و ربما تحتاج بعض أفكاري إلى تطوير، نتعاون عليها جميعاً في هذا السياق وإن هناك كثير من الكلام حول موضوع السياسة الاستراتيجية.
في العالم اليوم قرأت بعض المقالات سابقا لاأدري، لا تحضرني، التي تتكلم عن وجود تيار اليوم بين المشتغلين بمجال الأنظمة التعليمية، يرى عبثية وفشل نظام الليسانس وماجيستر ودكتوراه، وهناك من يرى ضرورة تغيير هذا السيستم كله والذهاب نحو تفكير جديد.
لاأدري الان هل هو صحيح أو غير صحيح؟ ما هي مبرراته؟ لكن هؤلاء يفكرون في هذا الموضوع دائماً. الان هل التقسيم الثلاثي الذي نعيشه نحن من مقدمات و سطوح وبحث خارج صحيح؟ هذه شؤون السياسة الاستراتيجية. هل هذا التقسيم الثلاثي صحيح؟ هل هو منتج؟ واذا كان منتجاً بالفعل، فهل هناك تقسيم أو مراحلية أنتج منه؟
من الجيد ان نفكر بهذا السياق، خاصة الذين هم معنيون بالشأن وضع السياسات الاستراتيجية. لكن هذا لن اتكلم فيه، سأتكلم على المستوى الشخصي الفردي الطالبي.
أولا: تحمل انت مسؤولية نفسك
اول نقطة في هذا الإطار: لا تنتظر في وضعك العلمي مساعدة من أحد. لن تنزل عصاً سحرية من السماء فتغير وضعك. لا تكن حالماً خيالياً و تنتظر الآخرين الى أن يأتوا ويغيروا مجرى حياتك العلمية و يدخلوك في فضاء جديد وفي عالماً جديد، عالم اكثر رحابة من وجهة نظرك من العالم الذي انت فيه. لا تنتظر أبداً.
تحمل انت مسؤولية نفسك. لا تبقى تضع اللوم على عاتق الشخصيات الكبيرة في الحوزة أو على عاتق الادارات، أو عاتق السياسات الاستراتيجية. نعم، الشخصيات الكبيرة و الإدارات والسياسات الاستراتيجية عندها مشاكلها لكنها تشتغل. الحق يقال. هناك جهود جبارة في إطار الخروج من وضعنا.
الى اي حد وفّق المسؤولون حفظهم الله جميعاً ، وإلى اي حد وفي اي مكان اخفقوا ؟ هذا بحث اخر ويمكن النقاش فيه. لكن هناك اقتناع بضرورة الوصول الى حلول وهذا شيئ إيجابي .
لكن لا تبقى أنت في وهم تحميل المسؤولين والآخرين مسؤولية الوضع الذي انت فيه. انت إبدأ بالتغيير. لن يأتي أحد ليساعدك. لا تحلم بمثل هذا المنام! انت ابدأ بالتغيير. احياناً يساعدك تغيير الاوضاع من حولك ، لكن في احيان أخرى تغيير افكارك يمكن أن يساعدك.
غيّر تصوراتك انت و ابدأ بالعمل، لكي ننتج جميعاً نخبة طلابية حوزوية قادرة على المشاركة في التحدي بشكل أفضل من الوضع الذي نحن فيه.
و إن هذا الوضع الذي نحن فيه، فيه الكثير من الايجابيات . وكما قلت في البداية نحن فقط نسلط الضوء على الاشكالية لكي نحل مركز الاشكالية والا الايجابيات كثيرة كما هو واضح.
الانسان الناجح، والانسان العصامي، هو الانسان الذي يعمل في أهلَكِ الظروف. لا الذي يعمل في ظروف المساعدة. الذي يعمل في ظروف المساعدة هي الموجة! موجة الماء هي الذي تدفعه للأمام. لكن الانسان العصامي هو الذي يعمل في اصعب الظروف. إفترض نفسك في أصعب الظروف، و لا تجد عوناً من احد، ابدأ و إعمل! هذا هو معنى النجاح و هذا هو معنى التحدي و هذا هو معنى العصامية.
ثانياً: لاتهتم لموضوع تشجيع الآخرين
طبعاً سيلاحظ الاخوة الان، ان اغلب هذه النقاط، هي نقاط نفسية روحية. لا تهتم لتشجيع الاخرين ولا تنتظر إذا نجحت في مكان ما، ان يصفق لك احد، لأنك اذا كنت تحلم بذلك، وتنتظر ذلك، فتصاب بخيبة أمل. و قد يرتد عليك كل هذا الجهد الذي بذلته إحباطاً و شعوراً بالخيبة وشعور بأنني لم استطيع ان انتج شيئاً.
أمامك رضا الله سبحانه و تعالى فقط، وإن يكون ضميرك و وجدانك راضياً. اترك باقي الأمور. الاخرون راضون أم غير راضين لا فرق. انا ما اتكلم لتدخل في تصادم مع الاخرين! لا، انا اتكلم أنت اذا نجحت في مكانٍر وفي موضوع ، ربما لايبالون الآخرون لك و لا يريدونك ولا يهتمون لأمرك ولا يصفقون لك، بل ويخترعون المعايب ويكتشفون نقاط الضعف ولا يرون غيرها.
البشر هكذا، هو هذا البشر الحاسد. كما هي في تجربتي أبائنا من قبل هابيل و قابيل. البشر هو هذا الحريص. فيجب ان نكون واقعيين. اذا انت تعمل لا لكي تنتظر تصفيق الاخرين وإن كان التصفيق الاخرين يعطي طاقة ايجابية للانسان. صحيح أن اعتراف الاخرين بك يعطيك طاقة ايجابية، و هو حاجة انسانية، لكن اذا لم تحصل يجب ان لا تتوقف.
فمن البداية وفي ظل ظروف استثنائيةو ظروف طوارئ، لا تنتظر تصفيق الاخرين حتى لا تصاب بخيبة أمل. إبحث عن رضا الله سبحانه و تعالى و عن سكون ضميرك و وجدانك في هذا الاطار.
بل إعلم ان الانسان الناجح هو المستهدف بالنقد والانسان الغير الناجح غير مستهدف بالنقد عادتاً، او بحسب تعبير شيخ مطهري رضوان الله تعالى عليه لما كنّا اطفالاً كنّا لا نرمي القطار الا عندما يسير، فإذا كان واقفاً فنحن لا نرميه.
فعندما يتحرك الانسان من الطبيعي ان يجد رماتاً وسهام و نبال. هذا امر طبيعي بل هذا اعتبره انت مؤشر نجاح. عدم تصفية الاخرين ليست مشكلة. بل اجعله فكرة تعطيك ثقة بنجاحك ولا تجعله عقدة تحبطك نفسياً و هذا مهم جداً في هذا السياق.
اصعب شيئ يمر بها الانسان في تجربته الحياتية هو ان يخاف من الوحدة. الخوف من الوحدة يقتل إبداع العلماء. إخلع خوف الوحدة من قلبك، لماذا؟ لأن المبدع قد يصبح وحيداً في زاويته، واذا تبقى، تخاف من الوحدة.
أما اذا كان لك في هذه الوحدة أنيس و هو رضا ضميرك ورضا الله سبحانه و تعالى وإحساسك بالطمأنينة، في هذه الحالة، ستكون وحدتك أنساً. ولم تكن وحشةً عليك. إحذر من خوف الوحدة، خوف الوحدة يساوي قتل الإبداع! وخوف الوحدة يساوي الازدواجية! وخوف الوحدة يساوي الانسحاب من المعركة.
ثالثا: أرسم خطة
إرسم خطة ! نحن طلاب العلوم الدينية غير متعودين على أن نرسم خطط. اكتب خطتك على الورقة. ما هي اهدافك الاستراتيجية خلال مدة زمنية طويلة و خلال مدة زمنية قصيرة؟ اكتبها. اخرج كل الذي في ذهنك ولو مبعثراً ! أخرجه على ورق، ثم رتّب.
ضع خطة بعيدة المدى، و ضع خطة قريبة المدى. أرسم الخطة وفقاً للاهداف و وفقا لإمكاناتك ووفق مدة زمنية محددة . ثم انظر بعد مرور مدة معينة هل تقدمت، او ما تقدمت؟ وقل لنفسك انا ماذا اريد بعد سنة ؟ واحد، اثنين، ثلاثة ! و بعد سنة أخرج الورقة، هل تحقق كلها ؟ أم تحقق اثنين أو ما ذا تحقق و لماذا؟ يجب ان أمارس نقداً ذاتياً لأتقدم.
وضع الخطط مهم جداً في هذا الاطار. و مع وضع الخطط انت تستطيع أن تكسب الوقت: ” من استوى يوماه فهو مغبون كما جاء في الحديث الشريف.
فقدان التخطيط الشخصي في حياتنا يجعل حياتنا في معرض و في مهب الصُدَف. صدفة ترفعنا و صدفة تنزلنا. لان إذا لم تكن عندنا خطة، فنكون مع الريح.! الريح اذا جاء صدفة والريح رفعتنا، فارتفعنا نحن. و صدفة ريح انزلتنا الى الأسفل فننزل نجن.
بل الانسان القوي الذي يريد أن يتقدم وضعه، هو الذي يصنع كل شيئ لحياته. وهو القادر بإذن الله تباركه و تعالى على ان يفعل تغيير في حياته و تقدماً نحو الأفضل، و لا يترك حياته عرضة للصدفة و عرضةً للملابسات. في هذا الاطار طبعاً الشرط هو ان يكون الانسان صبوراً ولا تستعجل النتائج ولا تحرق المراحل.
رابعا: الزمان
الزمان و ما ادراك ما الزمان! الوقت و ما ادراك ما الوقت! الوقت مهم جداً في حياتنا و مع الاسف مفردة الوقت غائبة عن حياتنا.
اذا تسمحون لي في آخر هذا الكلام ان ادعي، انه نحن من ميّزاتنا ( ربما و لا ادري بين مسلمين ؟ في هذه المنطقة؟! لا اعرف) انّ مفردة الوقت لا نخص به اصلاً. والوقت ليس مرصوداً ذهنياً عندنا، هو يمضي بنا. في الفلسفة ندرس الزمان، و علة الفلسفة هو الزمان، في الفلسفة نحن ندرس الزمان، لكن الزمن ليس مرصوداً بوعي في ذهننا.
انا ادعي لدينا وقت كثير وهكذا ازعم. خاصةً نحن الذين نعيش في بلاد الهجرة في المدن العلمية. ارتباطاتنا الاجتماعية تكون هنا عادتاً اقل الا من له ظرف خاص.
لدينا وقت كثير هذا ادعايي الشخصي، ولا ننتبه اليه لأننا لا نرصده. اليوم بحمدالله تعالى يوجد في الشبكه العنكبوتية الانترنت، يوجد الاف و عشرات الالاف المحاضرات والدروس و البحوث والمتنوعة على جميع العلوم و الاختصاصات، باللغات العربية الفارسية ولغات الاخرى.
انت بإمكانك انت و ماشي في الطريق. إستمع محاضرة حول الموضوع الفلاني، و تتعرف على الاشخاص تستفيد الوقت كثير. خصص كل يوم نصف ساعة للمطالعة، مطالعة خارج المواد الدرسية، تفتحك على افق جديد. نصف ساعة و انظر بعد سنة و حاسبني اذا ما كنتَ ستشعر بتقدم ملحوظ. نصف ساعة فقط.! و اكسب الوقت الذهبي ،ولا تعطي وقتك في الوقت الميت عندما تكون طاقتك الجسدية و النفسية مرهقة، اكسب الأوقات الذهبية ،الصباح!
كل انسان عنده ساعة بيولوجية خاصة. انا ما اعرف كل واحد ينظم وقته ساعته البيولوجية على طريقته. لكن في النهاية الساعة البيولوجية محددة. وقت الصباح مهم. انت اذا تستيقظ في الليل في صلاة الليل و تبدأ بعد ذلك بالقراءة والمطالعة و الإهتمام بالعلم. تجده خاصة في فصل الصيف، ثلاث أو اربع ساعات، الى ان تبدأ الحياة اليومية في النهار! يمكنك أن تقرأ كثيرا، فقط ضع برنامج، ضع الوقت تحت نظرك وعلى مرمى الرؤية.
لا تغيّبه عن النظر، ثم وظفه، سترى وقت كثير. و على مرور الزمان ستجد ان هذا ممكن ينفعك كثيراً، بشرط الاستمرارية، ” القليل المستمر خير من الكثير المتقطع”.
اذا كان متقطعة يتلاشى من ذهنك ولن تستفيد شيئاً. لكن المطالعة والسمع يمكن احياناً تجد وقتا تستطيع ان توظفه ولا تنتظر احداً .
الحمدالله اليوم موجود السمعيات والبصريات والكتب وكلها مجان في الانترنت. تستطيع ان تقرأها. الامكانيات متوفرة الحمدلله رب العالمين. خاصة الحواضر العلمية موفرة فيها المكتبات العامة وهذه نعمة و بركة . المرجعيات و المؤسسات الكبرى وفرت مكتبات عامة. لماذا لا نزور هذا؟
خامساً: اقترب من الاستاذ الذي يشعرك بطاقة إيجابية
ابتعد عن الاساتذة الذين يثبتونك أو لا يبالون بك. حاول تبتعد منهم. اقترب من الاستاذ الذي يشعرك بطاقة إيجابية واقترب منه اكثر. هذا ينفعك على المستوى الروحي وعلى المستوى النفسي.
ليست علاقة التلميذ والاستاذ هي علاقة الأدمغة. بل علاقة عاطفية ايضا وعلاقة روحية. إقترب من هذا النوع من الاساتذة. هم يهتم لأمرك، يساعدك اذا طلبت منه، مما يسمح به وقته. لا ندعي ان هناك استاذ فاتح وقته للجمهور الامة.
لكن بما يسمح به وقته استفد من نظراته ومن طريقة تفاعله مع اشكالاتك ومن أسلوبه في التعامل مع نمط تفكيرك يعطيك طاقة ايجابية والاستاذ الذي لا يعطيك طاقة ايجابية ابتعد عنه، سيدمر حياتك من حيث لا تشعر، والناس أمزجة و ربما هو معذور في ما يفعله.
،نحن لا نتكلم الان أنه يفعل خطأ او لايفعل خطأً؟ هذا مسلكه الشخصي، اختر من يفتح لك الأفق وينوع من ثقافتك ويعطيك عمقاً والسعة. العمق والسعة مهم. والعمق والضيق مشكلة.
السعة بلا عمق، كالذي يسبح في مسبح اثني سانتي متر، لم يصيبه من هذه السباحة الا الإرتطام بالارض. فحاول ان تبحث عن هذه الاساتذة و نحن بحمدلله نعيش في مدينة يتوفر فيها عدد هائل من الاساتذة نسبياً، اذا بحث الانسان لعلّ الله يوفقه لكي يصل الى هؤلاء الاساتذة في هذا الاطار. جرّب ، لا تكن انسان مثالي ولا تضع عقدة عند كل استاذ ثم ترفضه لعقدة ما، لايوجد اشخاص كاملون في هذا السياق.
سادساً: غيّر من رؤيتك لطلب العلم
أخرج فكرة طلب العلم على انها وظيفة او انتماء. إجعل طلب العلم لذة، لذة العلم و المعرفة، الحاجة الى المعرفة والحاجة الى المعرفة النافعة. لا تشعر أنك جئت لطلب العلم لكي يكون لك مكانة اجتماعية. لاتأتي الى طلب العلم لأنك من أسرة علمية و مفروض عليك في الواقع الاجتماعي ان تكون طالب علم.
لا تأتي الى هنا فقط لأن والدك يريدك ان تأتي الى طلب العلم. إخلق هدفاً آخر. حتى لو كان هذا الواقع اخلق في نفسك هدفاً اخر اتيت للعلم. لأنني أحب العلم لأن العلم شيئ محبوب. العلم لايعطيك بعضه الا ان تعطيه كلك، كما تقول الحكمة. فإذا اعطيته كلك فأنت من اعطائه لك بعضه على خطر.
يعني حتى لو اعطيته كلك يمكن ما يعطيك شيئ. هذا هو العلم. العلم شيئ يجب ان نتشوق اليه، العلم كمال ،طبعا العلم النافع، العلم الذي يؤدي الى الكمال الروحي و الاخلاقي و الاجتماعي الى آخره في هذا السياق.
فإذاً انت غيّر قليلا من نظرتك لإنتمائك للمؤسسة الدينية، واجعل العلم احد اهدافك في هذا الانتماء و أعد مخاطبة عقلك الباطن في هذا الاطار يمكن ان يفتح لك ذلك افاقاً نفسية و ايجابية.
سابعا: لاتجلس مع السلبيين
ارجوك اترك الناس السلبيين من حولك. هناك اشخاص سلبيين دائما، و انت تذهب اليه وهو ينتقد و ينتقد، يلعن هذا، يسب هذا، هذا فاشل، هذا تعبان، هذا الى اخره.
يعني لا تجلس معه نصف ساعة الا وسترى صلوات من صواريخ التشائم و السلبية على كل شيئ. طبعا انا لا اقول لك اذهب الى شخصاً يعيش في حدائق معلقة و يلهمك بأن الأمور حسنة! لا، لكن اذهب ..، انا اتكلم الان عن الاصدقاء، الأصدقاء الذين هم ايجابيون ،الاشخاص السلبيون ينقلون لك طاقة سلبية دائماً، يشعرونك بأن الجو كله متشنج، الجو كله سلبي و بالتالي هذا يضغط عليك من حيث لا تشعر.
كن مع الناس الايجابيين الذين يمكن ان يجعلوك تطل على نقاط ايجابية و بنفس الوقت واقعيين يقولون لك ان هنا نقطة سلبية وهنا نقطة سلبية و هنا نقطة سلبية.
الاهتمام بفضائك المحيط على مستوى الصداقات من حيث الشخصية السلبية و من حيث الشخصية الايجابية مهم جدا بالنسبة اليك نفسياً، ومساعد كثيرا على شعورك بالنشاط و على شعورك بالحيوية. و رأينا في حياتنا اشخاص كثيرين سلبيون. تحولوا الى ناس سلبيين وليس عندهم رضا عن شيئ ، لا عن انفسهم و لا عن غيرهم. ربما هم يكونوا ناجحين في حياتهم احيانا، لكن مع ذلك هم سلبيون، هؤلاء مضرون بنا كثيراً و علينا الانتباه الى علاقتنا بمثل هؤلاء الاشخاص .
ثامنا: الإتصال بثقافات فكرية وثقافية اخرى
من حيث الشخصي (وإلا هذا الامر الثامن من وظيفة المؤسسات التعليمية عادتاً)، اشتغل الإتصال بثقافات فكرية وثقافية اخرى. بعض الاشخاص اذا قرأ كتاب، ينطبع الكتاب في ذهنه، و بعض اشخاص لو قرأ عشرة كتب، لا تنطبع هذه الكتب في ذهنه كما ينطبع لقاء واحد بينه وبين شخص اخر، يمكن ان يعطيه معلومات. أعني أن بعض الاشخاص يستمع محاضرة تنطبع في ذهنه ويستطيع ان يستفيد منه اكثر من يقرأ كتاب.
هناك ناس سمعيين بصريين معاً، وهناك أشخاص يعتمدون على القراءة. الناس انواع حتى في تعلم العلوم. والناس مختلفة. هناك انواع وهناك اشخاص تضع له صورة و انت تحاضر يستفيد اكثر. وهناك ايضا اشخاص ليس لديهم فرق.
طبائع الناس نفسيا مختلفة في هذا الموضوع و هناك أناس اذا اشركتهم في شيئ يستطيع ان يحفظ اكثر. احيانا اذا تذهب الى بلدك زر مراكز علمية اخرى لتعرف على شخصيات اخرى. هنا في قم اذهب و زر الشخصيات والمؤسسات وتعرف على تجربتهم . اشعر (خاصتاً المهاجرين الى قم، احيانا ما) انهم يخرجون من فضاء جالياتهم. لايخرجون في فضاء المؤسسات.
هنا قم فضلا عن الدعوة الى الذهاب مؤسسات سائر المذاهب، سائر الاديان، سائر المراكز العلمية. اذهب انظر ماذا يوجد، البصر مفيد، اللقاء العفوي مفيد. لذلك يقولون لك في المؤتمرات اللقاءات الجانبية اكثر فائدة في العلم من المحاضرات التي تلقى في المؤتمر.
المحاضرات التي تلقى في المؤتمر عادتا يمكن نصفهم نايمين لكن اللقاءات الجانبية يستفيد منها الانسان كثيراً. اذهب اليها. الاحتكاك بفضاء اخر مهم بالنسبة الينا ويعطينا ثقافة و يعطينا تنوع ويعطينا حماس، ويعطينا شعور بأننا دخلنا في فضاء جديد، لا نشعر فقط بأن نكرر انفسنا.( هذا برأيي مهم جدا و ضروري للغاية في هذا الاطار)
تاسعا: عدم الانشغال خارج مجال الدراسة
وطبعا هذا امر نسبي، الانشغال خارج مجال الدراسة، هناك اشخاص خاصة في مرحلة مقدمات او سطوح وكثير الاسفار و التصدي لنشاطات خارجية. هذا ممكن ان يؤثر سلبا عليك يعني حاول ان تعطي اكبر الوقت للجانب العلمي وحيث تكون هناك ضرورة حاول ان تستفيد من الجانب العلمي. لأننا رأينا في حياتنا اشخاص كُثُر خرجوا بهذه الطريقة و لم يعودوا. يعني تشتت ذهنهم وهم ينشغلون بشؤون خارجية وينشغلون ايضا بالشأن العلمي. ركز على العلم هذا، يمكن ان يشعرك بإستقرار نفسي و القدرة على المتابعة في هذا الاطار.
عاشرا: السلام الاسري والاستقرار النفسي داخل الاسرة
نقطة اخرى ايضا ما قبل الاخيرة تقريبا، السلام الأسري ، لا اريد ان ادخل في هذا الموضوع لكن هذا موضوع مهم لطالب العلم. ان يكون هناك سلام في الاسرة والاستقرار النفسي داخل الاسرة والعلاقات الطيبة داخل الاسرة، مؤثرات كبيرة عليك. في ان تتقدم وفي ان تشعر بإنبساط نفسي لكي تستمر في طلب العلم.
الضغط الأسري اذا كان سلبيا يمكن ان يؤثر كثيرا على حياة طالب العلم، العوامل المحيطة ايضا يجب الانسان ان يركز عليها ان يرفه عن نفسه وان يخرج الى الطبيعة وان يفتح علاقات اجتماعية. لا يعيش فقط لوحده لأن كل هذا يسوي له ضغظ . يمكنه أن يصبر سنة أو تسنين أو ثلاثة، لكن بعد ذلك يمكن ان يتعب نفسيا والتعب النفسي مؤثر على النشاط الذهني في هذا الاطار.
لذلك حتى العطل التي في الحوزة حاول ان توظفها في المطالعة في الامور الثقافية و كذلك في الراحة و الترفيه.
نحن نعيش في هذه المدينة الكريمة ،نحن نعيش في مدينة فيها العديد من اساتذة الاخلاق ،اساتذة الاخلاق و الفضاء الروحي في تقديري مهم جدا. اساتذة الاخلاق و الفضاء الروحي يمكن ان يمنحنا طمأنينة وسعادة روحية واستقراراً نفسيا. نحن بحاجة الى هذا الاستقرار النفسي.
هؤلاء العلماء( احيانا برؤيتنا لهم) يمكن ما تستفيد زيادة معلومات عندهم، لكن بنفس كلامهم تذكيرهم لك يعطيك استقرارا روحيا و نفسياً جميلا و يعطيك طمأنينة ايمانية. نحن بحاجة الى هذه الطمأنينة الايمانية. فالنستثمر وجود هذه البركات حيث تكون .
و لنعش هذه الحالة الإيمانية معهم. رؤية هؤلاء الأشخاص الطاهرين الطيبين يمكن ان يعطينا احساساً ايمانياً عميقا و تحدياً لإكمال طريقنا. الطريق صعب بدون الايمان ! الصعوبة تصبح امراً سهلا بل سعادتاً اذا كنت تحمل ايماناً.
الايمان اكبر قوة في العالم يمكن ان تغير رؤيتك لما يجري من حولك. يمكن ان تريك الشوك زهراً. بل تشعرك به و هذا نراه. تشعرك بأن اذا لمست الشوك فأنت سعيد ،هذه الطاقة التي سمّاه الاخرين افيوناً، هذه ممكن ان تتحول و تكون بالواقع طاقة ايجابية لحياة البشر . اذا استطعنا ان نوظف هذه الطاقة الايمانية في هذا السياق.
أخيرا: عقد جلسات التشاور
اخيراً اقترح (بيننا نحن الطلبة) ان نعقد جلسات عصف افكار.( كما يقال) نجلس ونتشاور في هذه الامور. ماهي مشاكلك؟ ماهي مشاكلي؟ ماذا تقترح لحل؟ ماذا اقترح لحل و لنُدوّن كل شيء.
اخراج هذه التساؤلات الدائرة في اذهاننا و الهموم التي في اذهاننا اخراجها الى الخارج تداولها تداوليا مع الاخرين ،هذا يمكن ان يعطينا مجموعة ايضا من الافكار او من الحلول و تساعدنا على ان نتقدم اكثر فأكثر.
و لا نستحي ان نستعين بغيرنا، نؤتى و لا نأتي احذفها. لاتقول انا في السلك الفلاني واخجل ان اذهب الى شخص نفساني، واخجل ان اذهب الى مرشد تربوي ،أين المشكلة؟
كل حوزة يجب ان يكون فيها مرشد تربوي نفسي، اين المشكلة؟ هم يساعدنا وليس بعيب والحمدلله. كما تعرفون بعض الحوزات دخلت في هذه التجربة لا ادري نجحوا لم ينجحوا ليس لدي اطلاع، لكن دخلوا في هذه التجربة و حققوا شيئ من هذا القبيل، أين المشكلة؟ نتشاور مع اشخاص مختصين في هذا المجال ينفعوننا، لا نعيش الخجل من ان نرجع الى غيرنا ، من رقّ وجهه رق علمه .
والنستعن بخبرات الاخرين و النستعن بخبرات غيرنا من نفس السلك ونحاول ان نتشاور في ما بيننا لعلنا نصل الى ما هو افضل و انجح لتجربتنا الشخصية الفردية و من ثم لتجربتنا النوعية التجربة الحوزوية عموماً ان شاء الله تعالى.
و ليكُن في ذهننا قاعدة ! حاول ثم حاول ثم حاول، فالتجربة الناجحة كما قال بعضهم: التجربة الناجحة لا تكون الا بعد تسع مئة و تسعة و تسعين تجربة فاشلة.
الفشل ليس مؤشرا على التراجع. استمر في التجرية مرات ومرات، الله سبحانه و تعالى كما نراه لطيفاً سينظر الينا اذا كنّا صادقين وربما نشعر حينئذ بلطفه وبنظرته الرحيمة و بعنايته تبارك و تعالى علنا في لحظة ما نخرج من بعض الإرباك الفردي نتكلم الذي نعيشه في مسيرتنا العلمية نحو مزيد من النجاح لنقدم خدمة لأنفسنا ولسبيل الله و للانسان ان شاء الله تعالى.
1 – ظاهرة الإحباط والتراجع في مسيرة طلاب العلوم الدينية الدراسيّة (1)..أسباب محيطة موضوعية
2 – ظاهرة الإحباط والتراجع في مسيرة طلاب العلوم الدينية الدراسيّة (2).. أسباب ذاتية فردية