دوافع طالبان وراء إغلاق قناة تمدن وجامعة خاتم النبيين

دوافع طالبان وراء إغلاق جامعة خاتم النبيين وقناة تمدن

خاص الاجتهاد: إغلاق جامعة خاتم النبيين وقناة تمدن التلفزيونية، إلى جانب السياسات المناهضة للشيعة الأخرى التي اتّبعتها حركة طالبان، يُمثّل فشلًا ذريعًا لمشروع سياسة طالبان القمعية.

ذلك المشروع غير العقلانيّ والقائم على أسسٍ واهية وغير علمية، تسبّب في إلحاقِ أضرارٍ جسيمةٍ بشعبنا، ممّا يُجبرنا الآن على البدء من الصفر، بعد أن فقدنا، نتيجةً لتلك السياسات الخاطئة، الكثير من كفاءاتنا البشرية ورموزنا السياسية ومصادر قوّتنا الشيعية.

من منظور طالبان، تتميّز جامعة خاتم النبيين وتلفزيون تمدن بِخاصّيتين أساسيتين:

أولاً: انتماؤهما للمذهب الشيعي.
ثانياً: ارتباطهما بِإيران.

وتمثّل هاتان الخاصّيتان بالضبط ما يُثير حساسية طالبان، ويُشكّل الدافع وراء قرارها بمصادرة تلك المراكز وإغلاقها.

لم يأتِ قرار طالبان الأخير بشكلٍ مُفاجئ، بل سبقه سلسلةٌ من الخطوات المُتدرّجة. ففي السابق، قامت الحركة بِمُراجعة قناة تمدُن مرارًا وتوجيه الإنذارات لها. كما قامت في الأشهر الأولى من حكمها بمنع بثّ المسلسلات الإيرانية التي كانت تُعرض على القناة.

مسألتان هامتان تتطلبان التحليل والمناقشة:

أولاً: ما هي دوافع طالبان وراء هذا الإجراء؟
ثانياً: ما هي أسباب عدم فاعلية التعامل الأحادي الجانب من قبل علماء الشيعة مع طالبان؟

لا شك أن طالبان ستُسيطر على جامعة خاتم النّبيين عاجلاً أم آجلاً، وربما على مراحل. ولكن ما هو السبب وراء اتّخاذهم لهذا الإجراء في هذا الوقت تحديدًا؟

الأول: من منظورٍ سياسي:
تقامُ مؤتمرة الدوحة الثالثة قريبًا. يُتوقّع أن تُكشف خلال هذه المؤتمرة بعض الحقائق، وأن تُضطرّ حركة طالبان إلى اتّخاذ موقفٍ محدّدٍ تجاه الولايات المتحدة والغرب. فقد كلّف التوتّر الأخير بين حركة طالبان والولايات المتحدة الحركةَ ثمناً باهظًا لها، فقد تمكّنت الولايات المتحدة من التحكّم بِمسار طالبان من خلال سياسة “العصا والجزرة”.

فقبل شهرٍ واحد، شنّت طائراتٌ بدون طيارٍ أمريكية هجومًا ضخمًا على مقرّ شبكة حقّاني في ولسوالي محمدآغه لوغر، ممّا أسفر عن مقتل العديد من أعضاء الشبكة.

بعد مرور شهر، سمح سراج‌الدین حقانی، زعیم شبکة حقانی التی توجد علی قائمة سوداء الأمم المتحدة وتُلاحق کإرهابی، بالسفر إلی الإمارات العربية المتحدة برفقة المولوی وثیق، رئیس استخبارات طالبان، و علی هامش لقاء الحاکم الإماراتی، عقد لقاءات سرية مع مسؤولین استخباراتيين وميدانيين أمريكيين. تتهم الولايات المتحدة طالبان بالتواطؤ مع روسيا وإيران.

الكلام الصادر عن بوتين بخصوص ضرورة الاعتراف بطالبان حفز الأمريكيين على التفاعل بشكل أكبر. كما أن التصريحات غير الناضجة لبعض الدبلوماسيين الإيرانيين قد أربکت طالبان.

ذهبت طالبان إلى جامعة خاتم النبيين لاغلاقها وذلك في مسعىً منهم لدحض مزاعم ارتباطهم بإيران وتبرئة أنفسهم من اتهامات “كاظمي قمي” الذي اعتبرها دون تفكيرٍ، أعضاءً في محور المقاومة. كما أعلنت في الوقت ذاته عدم مشاركتها في مؤتمر “موسكو” الذي يُعقد في طهران.

الثاني: ما دفع طالبان إلى التوجه نحو المواجهة مع إيران هو رفض قبول عنصرين من طالبان في منصب القنصلية العامة لطالبان في مدينة مشهد، مما أدى إلى توتر لفظي. وأظهر طالبان الآن أنه على الرغم من أن أيديها مقيدة أمام الولايات المتحدة، إلا أنها ليست كذلك أمام إيران

الثالث: من منظور أيديولوجي، لا تعتبر طالبان الشيعة مواطنين أفغان بل رعايا مجبرين. إنهم لا يعترفون بالمذهب الشيعي، ويرفضون الانصياع لمطالب الشيعة القليلة. بالنسبة لعناصرهم المتطرفة، فإن الشيعة ليست مذهباً إسلامياً بل دينًا مستقلاً.

كما تُعتبر المراكز الدينية والتبليغية الشيعية، من وجهة نظر طالبان، خطرًا لا يطاقًا ومرتبطًا بإيران. إنها ترون أنشطة هذه المراكز بمثابة مراكز لنشر معتقدات الروافض، ويعتبرون قبة المئذنة والمسجد ومكبرات الصوت الشيعية مظاهر للشرك لا يمكنها تحملها.

الحقيقة المروعة هي أن شيعة أفغانستان قد تمّ إقصاؤهم بشكل غير مسبوق. لقد فقدوا قوتهم، ووفقًا لرواية معينة، تم تسليم قوة الشيعة إلى طالبان بكلتا اليدين. تحول الشيعة إلى شعب يستحق الشفقة، ولتأمين مطالبهم يجب عليهم الآن التوسل. لقد وصلوا الآن من المطالبة بوزارة إلى المطالبة بملكيتهم. للحفاظ على أرضهم، ومزارعهم، ومساجدهم، ومدارسهم، ووسائل إعلامهم، يجب عليهم الآن التوسل إلى طالبان. والله يعلم وحده ماذا سيتسولون من طالبان غدًا.

إن إغلاق خاتم النبیين وقناة تمدن التلفزيونية، إلى جانب السياسات المناهضة للشيعة الأخرى التي يتبعها طالبان، هي بمثابة فشل لمشروع تطهير طالبان؛ مشروع غير عقلاني وغير مدعوم وغير علمي تسبب في معاناة كبيرة لشعبنا. والآن، بسبب هذه السياسات الخاطئة، فقدنا الكثير من رأس المال البشري والسياسي وموارد القوة الشيعية، ونضطر إلى البدء من الصفر.

 

بقلم الإعلامي حسيني مدني 

المصدر: وكالة أنباء جمهور بالفارسية

دوافع طالبان وراء إغلاق قناة تمدن وجامعة خاتم النبيين

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky