الفضلي

المُجدِّد والمجدَّد / بقلم الأستاذ الشيخ جواد الفضلي

خاص الاجتهاد: ما أن يُذكر التجديد في المقررات الحوزوية إلّا ويُذكر العلامة الفضلي (قدس) باعتباره أحد أبرز المجددين في العصر الحديث.

وأخال أنّ ما ميَّز العلامة الفضلي (قدس) عن أقرانه من المجددين يكمن في التدرج في إعطاء المعلومة للطالب أو ما يُعرف بالأسلوب التربوي الذي انتهجه في جميع المقررات التي قام بتجديدها.

وهذا اللون من التجديد هو بالأساس موهبة يهبها الله تعالى لمن يشاء من عباده، فليس بمقدور أي مؤلف – مهما بلغ من مرتبة علمية – القيام بهذا اللون من التجديد، وهو بلا شك ضرورة مُلحة وليس ترفاً علمياً، فجميع المؤسسات العلمية الرصينة حول العالم تقوم بتجديد مقرراتها بين الحين والآخر إن لم يكن سنوياً.
وكيف ما كان فالمعني بالمُجدِّد – هنا – هو: (العلامة الفضلي).
وبالمُجَدَّد: كتاب العلّامة الفضلي، المعنون: (مبادئ علم الفقه).

ومن حقّ القارئ العزيز أن يسأل: ما هو التجديد المعني في الكتاب خلاف الأسلوب التربوي؟!!

قبل الإجابة عن السؤال لا بأس من الإشارة إلى أنّه يمكن حصر تجديد العلّامة الفضلي (قدس) للمصنفات الفقهية – بشكلٍ عامّ – في النقاط الرئيسية التالية:

• طريقة التبويب: يرى (قدس) أن تُقسّم أبواب الفقه إلى سبعة أقسام وبطريقة مختلفة عن التقسيم السائد في المصنفات الفقهية الإمامية.

• طريقة الاستدلال: لعل أهم تجديد قام به العلّامة الفضلي (قدس) في هذه النقطة كان حول مراتب الأدلة – أي الترتيب الصحيح لمصادر الاستدلال – فاقترح أن يكون الاستدلال أوّلاً (بالقُران الكريم)، يليه (السُّنة القطعية)، ثُمّ (الإمارات).

• طريقة المتن والشرح: يقترح العلّامة الفضلي (قدس) أن يلجأ الفقيه المجتهد للتأليف المستقل مبتعداً عن الطريقة التقليدية.

• التأريخ لبعض العبادات وشرح بعض المصطلحات بلغة عصرية مفهومة للمُتلقي.

وقد تمثّل تجديد العلّامة الفضلي (قدس) في كتاب مبادئ علم الفقه، بالتطبيق العملي لجزء من مقترحه حول تبويب المصنفات الفقهية (الرسائل العملية).

وقبل الحديث حول المقترح لابُدّ من الإشارة إلى أنّ فقهاء الإمامية قد دأبوا على تقسيم علم الفقه – في رسائلهم العملية – إلى أربعة أبواب على النحو التالي:
1. العبادات: وهي التي من شروطها النيّة: كالصلاة، والصوم، والحجّ.. إلخ.
2. العقود: وهي التي تتم بين طرفين من قبيل: عقود البيع، والنكاح …إلخ.
3. الإيقاعات: وهي التي تقع من طرف واحد من قبيل: الطلاق.
4. الأحكام: وهي التي لا يشترط فيها الصيغة، من قبيل: الصيد، الأكل…إلخ.
واختُصرتْ مؤخراً بقسمين، هما: العبادات، والمعاملات.

بعد أن أشرنا إلى رؤية العلّامة الفضلي (قدس) حول تجديد المصنفات الفقهية بصفة عامّة، وإلى التبويب السائد عند الفقهاء لعلم الفقه، يأتي الحديث حول تجديده في كتاب (مبادئ علم الفقه).

يقول العلّامة الفضلي (قدس): ((استمداداً من الواقع التطبيقي الذي يعيشه الإنسان المُسلم، ومما يقرره المنهج العلمي الحديث من وجوب مراعاة الحاجة إلىٰ الفقه في عالم الحياة المعيشة للمسلم، وبغية أن تترابط موضوعاته ترابطاً عضوياً وفق ما لها من أهداف، رأيت أن أقسمهُ إلىٰ الأبواب التالية:

1. أحكام العبادات: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: الطهارة، الصلاة، الصوم، الاعتكاف، الحجّ. العمرة. الزيارة… إلخ.

2. الأحكام الفردية: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: أحكام التَّكَلُّم، أحكام الاستماع، أحكام القراءة، أحكام اللباس، أحكام الزينة، الرياضة البدنية، أحكام النظر، أحكام الأكل، أحكام الشرب، أحكام السكن، أحكام الالتزامات: (النذر والعهد واليمين (….. وإلخ.

3. أحكام الأسرة: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: الزواج، الطلاق، الخلع والمباراة، الظهار، الإيلاء، اللعان، الرضاع، الحضانة، التربية، النفقة، الولاية، الميراث…وإلخ.

4. الأحكام الاجتماعية: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: الرقابة الاجتماعية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، التكافل الاجتماعي، تولي الأمور الحسبية من قبل عدول المؤمنين. المنشآت الاجتماعية الخيرية… وإلخ.

5. أحكام الدولة: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: رئاسة الدولة، الجهاز الحكومي، أجهزة الإدارة المحلية، الوظائف الاجتماعية للدولة، الوظائف الدولية للدولة، الدفاع، الجهاد…وإلخ.

6. الحقوق المالية العامة: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: الزكاة، الخمس، الكفارات المالية، الصدقات العامة، الأوقاف العامة، رد المظالم، النذور المالية، التبرعات الخيرية، الأنفال، الخراج … إلخ.

7. المعاملات الاقتصادية: ويشمل أمثال الأبواب الفقهية التالية: التجارة، الزراعة، الصناعة، الملكية، الصرافة والمصارف (لبنوك)، الشركات، المضاربة، القرض، الحوالة، الكفالة، الإجارة.. إلخ.

وتمثّل تجديد العلّامة الفضلي في مبادئه – بأجزائه الثلاثة – عبر تطبيقه لمقترحه في باب أحكام العبادات فقط.
وأحسب أنّ العارض الصحي الذي تعرض له هو السبب في عدم إكماله (قدس) لبقية الأبواب.
ونأمل أن يوفق الله (عزَّ وجلّ) الفقهاء الأجلاء في إكمال بقية الأبواب وفق تقسيم العلّامة الفضلي (قدس).

والحمد لله رب العالمين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky