العودة إلى أرض الوطن/ الدكتور علي أبو الخير

خاص الاجتهاد: في أوائل فبراير عام ۱۹۷۹م انتشر في الآفاق قرار عودة الإمام الخميني قدس سره إلى أرض الوطن،

وبالرغم من الانتظار الطويل الذي دام ١٤ عاماً، ظل هاجس الحفاظ على سلامته يشغل أذهان الشعب ورفاقه، وذلك لأنَّ الحكومة التي فرضها الشاه كانت ما تزال تسيطر على المراكز الحساسة والمطارات في البلاد، وكانت الأحكام العرفية لا تزال سارية، لكن الإمام الخميني كان قد اتخذ قراره، موضحاً لشعبه في بياناته عن رغبته في التواجد بين صفوف الشعب الإيراني في هذه الظروف العصيبة والمصيرية.

وأخيراً، وطأ الإمام أرض الوطن في صبيحة اليوم الأول من فبراير عام ۱۹۷۹م بعد غياب دام ١٤ عاماً، وكان الاستقبال الذي حظي به الإمام من قبل الشعب الإيراني عظيماً ورائعاً، لدرجة اضطرت معه وكالات الأنباء الغربية إلى الاعتراف بأن عدد الذين خرجوا لاستقبال الإمام الخميني تراوح بين ٤ – ٦ ملايين شخص.

وتدفقت الجموع من المطار إلى “بهشت زهرا” مقبرة شهداء الثورة الإسلامية للاستماع إلى الخطاب التاريخي للإمام، في هذا الخطاب دوت مقولة الإمام الشهيرة: “سأشكل الحكومة! سأشكل الحكومة بمؤازرة الشعب!»، في البداية لم يعبأ شاهبور بختيار بهذه المقولة، لكن لم تمض إلا أيام قلائل حتى أعلن الإمام الخميني عن تعيين رئيس لحكومة الثورة المؤقتة، وذلك في الخامس من فبراير ۱۹۷۹م.

في الثامن من فبراير عام ۱۹۷۹م قامت عناصر من القوة الجوية بزيارة الإمام الخميني في مقر إقامته في مدرسة علوي في طهران، وأعلنت عن ولائها التام له.

في هذه الأثناء كان الجيش الشاهنشاهي يوشك على الانهيار التام، حيث شهد حالات فرار وتمرد العديد من الجنود والمراتب المؤمنين، وذلك امتثالاً منهم لفتوى الإمام الخميني في ترك ثكناتهم والانضمام إلى صفوف الشعب.

في التاسع من فبراير انتفض الطيارون في أهم قاعدة جوية في طهران، فأرسلت قوة من الحرس الإمبراطوري لمواجهتهم وقمعهم، فانضم الناس إلى صفوف الثوار لدعمهم ومساندتهم.

في العاشر من فبراير سقطت مراكز الشرطة والدوائر الحكومية الواحدة تلو الأخرى بيد الشعب، وهكذا تم دحر نظام الشاه، وأشرقت ـ في صباح يوم ١١ فبراير – شمس الثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني قدسسره، وأسدل الستار على آخر فصل من فصول الحكم الملكي السحيق المستبد.

في عام ١٩٧٩م صوّت الشعب لصالح استقرار النظام الجمهوري الإسلامي، وذلك في أنزه استفتاء شهدته إيران، حتى ذلك التاريخ، ثم تبعتها انتخابات تدوين الدستور والمصادقة عليه، ثم انتخاب نواب مجلس الشورى الإسلامي.

كان الإمام يلقي الخطب والبيانات يومياً في مقر إقامته، وفي المدرسة الفيضية على الآلاف من محبيه، وذلك لتهيئة الأجواء لتدعيم أركان النظام الإسلامي، وبيان أهداف الحكومة الإسلامية وأولوياتها، وتشجيعهم على تسجيل حضور فاعل في جميع الميادين.
وبذلك فقد انتصرت الثورة على كل القوى المتربصة بالإسلام وإيران وكانت مفاجأة للعالم بأسره، وكانت المفاجأة للدولة الأمريكية وللصهيونية
العالمية أكبر وأنكى، ومن ثم تحالفت قوى الشر على الثورة.

 

المصدر: كتاب: الثورة الإسلامية الإيرانية من الثورة إلى الدولة، قراءة في المشروع الإسلامي المقاوم.
تأليف: الدكتور علي أبو الخير.
مركز العراق للدراسات.

تحميل الكتاب

الثورة الإسلامية الإيرانية 

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky