الاجتهاد: يلاحظ الباحث أن بين جبل عامل والبحرين الكثير الكثير من نقاط الالتقاء وأوجه الشبه، وليس الانتماء إلى الإسلام في خط أهل البيت (ع) وقدم التشيع ورسوخه بين أهل هذين البلدين هو وجه الشبه الوحيد، بل إن سليقة والعفوية والطيبة والإخلاص هي من وجوه الشبه المذكور، وكان من نتائج هذا التشابه أن شكل البلدان أرضًا خصبة وطيبة وصالحة لاستيلاء الزهاد للزهاد والعباد والفقهاء والأدباء، وغدا كل مهما حاضرة علمية قدمت عشرات بل مئات النوابغ في الأدب والفقه والحديث والتفسير وشتى المعارف الإسلامية وغيرها.
ولعل هذا التشابه الفطري بين أهل هذين البلدين هو الذي قاد العالم العاملي الشيخ حسين بن عبدالصمد الجبعي إلى هذه البلاد الطيبة (البحرين) واختارها على سواها لتكون مثواه الأخير.
لقد عرف الشيخ البهائي أجداده وأباءه وأهله في جبل عامل أنهم كانوا دائمًا مشتغلين بالعمل والعبادة والزهد، وهم أصحاب كرامات ومقامات([1])، وهذا ما عرف عن أهل البحرين أيضًا في الماضي والحاضر.
علاقة البحراني بالعاملي:
ولعل خير دليل على هذا التشابه الفطري بين العاملين والبحرانيين هو ما نراه في شخصية العالمين الجليلين اللذين نحن بصددها، وهما: العالم العاملي: الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (ت 1104هـ)، والعالم البحراني: الشيخ حسين بن محمد آل عصفور الدرازي البحراني (ت 1216هـ)، وسوف نلاحظ فيما يأتي أن هناك أكثر من نقطة التقاء بينهما.
والملاحظ أن الشيخ حسين البحراني ينظر بإجلال واحترام كبيرين إلى الشيخ الحر، ويستشهد بأقواله وآرائه، معبرًا عنه تارة بفاضل الوسائل[2]، وأخرى بمحدث الوسائل[3]، وقد اهتم بكتب الشيخ الحر اهتمامًا بالغًا، لم يقتصر على اعتمادها كمصادر في كتبه وبحوثه، بل إنه قد اتخذ بعضها متنًا في بحثه ودرسه الفقهي، فهو قد شرح كتاب الشيخ الحر (بداية الهداية) شرحًا مسهبًا، أسماه: السوانح النظرية في شرح البداية الحرية، وهو في ست مجلدات من الطبع القديم[4].
وقفة مع صاحب اللؤلؤة:
هذا والذي يبدو أن نظرة الشيخ حسين رحمه الله وتقديره لمكانة الشيخ الحر العلمية هي أقرب الواقع من نظرة عمّه الشيخ يوسف البحراني عليه الرحمة، فإنه – أقصد الشيخ يوسف – قد رمى الشيخ الحر ومؤلفاته بالخلو من التحقيق والتدقيق[5]، ونفس الاتهام بقلة التحقيق والتدقيق وجهه إلى العلامة الحلي، مرجعًا السبب في ذلك إلى كثرة التصنيف والتأليف[6].
وفي مقام التعليق على كلام البحراني هذا ذكر صاحب الروضات: >أن الخلو من التحقيق والتدقيق هو سجية كل من كان على الطريقة الأخبارية، ولا يخفى أن الطاعن كالمطعون عليه منهم<[7].
والإنصاف أن كلا هذين الكلامين مجانب للصواب، فلا الشيخ يوسف البحراني أجاد فيما أفاد، ولا صاحب الروضات حالف الصواب، فالشيخ يوسف البحراني فقيه بارع كما يظهر بأدنى ملاحظة لكتابه القيم “الحدائق الناضرة” الذي يعد من أهم الموسوعات الفقهية الشيعية، وأما الحر العاملي فإنه وإن كان لا يقاس بمثل الشهيدين والفاضلين وأمثالهم، لجهة العمق والدقة في الفقه وغيره، إلا أن نفي قدرته على التحقيق ورمي مصنفاته بالخلو من التدقيق خلاف الإنصاف، وإنا لنستغرب صدور مثل هذا الكلام عن الشيخ البحراني، لأنه مجانب للحق ومخالف للواقع، كيف وقد نعته كبار العلماء بالدقة والفقاهة والتحقيق والتدقيق، ووصفوا كتبه بالجودة والحسن، وهذه مؤلفاته خير دليل على قدرته التحقيقية، لاسيما كتاب (الفوائد الطوسية) الذي ملأه بالفوائد والتحقيقات، ولهذا رأينا كبار المحققين من الأصوليين والأخباريين يناقشون آراءه العلمية وأفكاره الأصولية بدقة وعناية، فهذا صاحب القوانين أحد أبرز أعلام الفكر الأصولي يدافع عنه أشد الدفاع حيث يقول: “والقول بإخراج الأخباريين عن زمرة العلماء أيضًا شطط من الكلام، فهل تجد من نفسك الرخصة في أن تقول: مثل الشيخ الفاضل المتبحر الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي ليس حقيقًا لأن يلقد ولا يجوز الاستفتاء عنه ولا يجوز العمل برأيه لأنه أخباري[8]؟!”.
وهذا الشيخ الأعظم الأنصاري صاحب أعظم مدرسة أصولية ينعته دائمًا بالمحقق وينقل آراءه في كتبه الأصولية[9] بكل احترام وإجلال ويناقش ما لا يرتضيه منها، وهكذا الحال في الوحيد البهبهاني فإنه يناقش أفكاره بإسهاب تام[10]، والأمر عينه نجده عن المولى النراقي[11] وغيرهم، والملاحظ أن آراءه كانت مثارًا للرد والرد المضاد، في حال حياته، فقد ألف المولى محمد مهدي المشهدي كتابه “نجاة المسلمين في الأصول” للرد على الميرزا محمد إبراهيم النيسابوري، الذي ألف بدوره رسالة رد فيها على بعض آراء الشيخ الحر[12]، وهذا إن دلّ عى شيء، فإنما يدلّ على المكانة المرموقة التي احتلها الشيخ الحر بحيث غدت أفكاره محطًا للأنظار ومجالاً للأخذ والرد بين معاصريه فضلاً عن المتأخرين.
والغريب في الأمر أن الشيخ يوسف البحراني نفسه قد عبر عنه (بالفاضل المحدث)[13] وعدّه من (أفاضل متأخري المتأخرين)[14] ونقل آراه في موسوعته الشهيرة (الحدائق الناضرة) في عشرات المواضع، ووافقه في بعضها[15] وخالفه في بعضها الآخر[16]. ولأجل هذا الحضور المميز له في الأوساط العلمية رأينا غير واحد من معاصريه – مع ما يكتنف المعاصرة – عادة – من حُجُبِ تمنع من التقييم المتوازن – قد ترجموا له في كتبهم بإجلال وإكبار، وأثنوا عليه غاية الثناء، أمثال المجلسي الذي استجازه، وأثنى عليه وأحترمه كامل الاحترام[17] وكذلك الميرزا عبدالله الأفندي والمولى الأردبيلي والسيد علي خان المدني وغيرهم من الأعلام، ونلاحظ أنّ الكثير من العلماء والمؤلفين قد عرفوا بمعاصرتهم له[18] حتى لكأنه طبع ذاك العصر باسمه، وأمام هذه الحقائق الدامغة والشهادات القاطعة لا يسعنا إلا أن نجدد استغرابنا من هذا التنقيص الذي صدر من الشيخ البحراني وتبعه على ذلك بعض أرباب التراجم[19].
أجل يجب أن لا تسوقنا العاطفة إلى إنكار احتياج بعض كتب الحر العاملي إلى التهذيب والتحرير، بالأخص كتابه الموسوعي الضخم وسائل الشيعة، وإنه لمن الطبيعي أن يقع في الموسوعات الكبيرة بعض الهنات والأخطاء بسبب ضخامة العمل وكثرة أبوابه وفصوله مع كون القائم به شخصًا واحدًا، ولكن ذلك لا يقلل من قيمة تلك الموسوعات ولا يحط من قدرها العلمي ما دام أن تلك الأخطاء والهنات ليست بتلك الكثرة لتسبب التشويه والتشويش، ولذلك لاحظنا أنه وبالرغم من وجود بعض الاشتبهات الطفيفة في كتاب الوسائل فإنه لم يبتعد عن المجتمع العلمي، بل كان ولا يزال مرجعًا أساسيًا يرج إليه الفقهاء بأجمعهم من يوم تأليفه والى يومنا هذا، وهذا دليل واضح على قوة تأليفه وشدة رعاية مؤلفه للقواعد والضوابط المعهودة في الكتب الحديثية[20].
نقاط اللقاء بين العلمين:
بالعودة إلى العلمين اللذين هما محط النظر، فإنا نلاحظ وجود أكثر من نقطة التقاء ووجه شبه بينهما:
1- في المشرب الفكري والفقهي: فهما أبناء مدرسة فقهية اصطلح على تسميتها بالمدرسة الأخبارية، والمعروف عن الرجلين أنهما سلكا طريقًا وسطًا بين الفريقين وتميزا بالاعتدال، وقد صبت جهودهما في سبيل التقريب بين الطرفين وتذويب الفوارق بينهما، وإن وحدة المشرب الفكري والفقهي بين هذين العلمين كان من الطبيعي أن تبرز نتائجها في تبنيهما الآراء عينها في كثير من الأحيان، لاسيما الآراء الأصولية، فهما معًا – وكذا غيرهما من الأخباريين – يتبنيان لزوم الاحتياط في الشبهات الحكمية[21]، ويرفضان الأخذ بالقياس المنصوص العلة[22]، ويرفضان أيضًا التقسيم الرباعي للحديث[23]، إلى غير ذلك من موارد اللقاء.
2- في خصائص الشخصية: فكل من الرجلين امتاز بالنباهة والفطنة، وقد منّ الله على كل منهما بحافظة قوية، فالشيخ الحر عرف عنه “أنه كان حافظًا لأخبار وسائل الشيعة وأسانيدها”[24]، وهكذا كان الشيخ حسين حافظًا، حتى كان يضرب به المثل في قوة الحافظة، كما جاء في أنوار البدرين، ومن طرائف ما نقل عنه في هذا المجال أنه عندما أتى بلاد القطيف في سفر حجه ورأى كتابًا في الحديث عند السيد محمد الصنديد، فطلب منه إعارته لينسخه في سفره فأبى خوفًا من ضياعه، لكنه أبقاه عنده مدة مقامه بالقطيف، ثم رده إليه وسافر، فلما رجع طلب منه إحضار الكتاب فأحضره، فأخرج نسخة جديدة منه وطلب مقابلتها معه، فقال له السيد هل عثرت على نسخة منه بمكة فنقلت عنها؟ فقال: لا، ولكن لما استعرته حفظته، ثم نسخته من حفظي بأبوابه وترتيبه وأسانيده، وقابله فلم يختلف عنه إلا يسيرًا”![25].
وقوة الحافظة هذه تنقل عن ابن عم الشيخ حسين وهو الشيخ خلف بن عبد علي آل عصفور البحراني زميله في الدراسة على صاحب الحدائق، فقد نقل عنه أنه كان يحفظ الوسائل بأسانيده عن ظهر قلب”[26].
3- في الجامعية وغزارة الإنتاج: وهذه من أهم نقاط الالتقاء بين الرجلين، فكلاهما من المصنفين المكثرين مع جودة في التأليف والتحرير، ومع تنوع في فنون التأليف، فكل من العلمين قد ألف وبرع في علم الحديث، وأصول العقيدة، والفقه، والتفسير، والأدب وسائر علوم العربية[27].
4- ومن غرائب الاتفاق أن كل من العلمين قد تعرض لمحاولة قتل بسيف الغدر والحقد المذهبي، إلا أن أحدهما نجى من المحاولة، والثاني سقط شهيدًا، فالحر العاملي تم استهدافه وهو في بيت الله الحرام على رأس الحجيج القادمين من إيران في سنة 1087هـ أو 1088هـ، وذلك بتهمة تلويث الكعبة المعظمة بالعذرة وهي تهمة باطلة و”مفبركة” كما اعترف بذلك غير واحد من المؤرخين[28]، وعلى إثر ذلك حصلت مقتلة عظيمة ذهب ضحيتها بعض كبار العلماء، وهو الفقيه السيد محمد مؤمن الاسترابادي ونجى منها الحر بعد التجائه إلى أشراف مكة الحسنيين الذين ساعدوه على الهرب إلى اليمن، كما فصلنا ذلك في كتاب “الحر العاملي، موسوعة الحديث والفقه والأدب”.
وأما الشيخ حسين البحراني فقد أصيب بطعنة من أحد الغزاة العمانيين في حوادث الغزو المعروفة على البحرين، وتوفى على إثرها وقضى شهيدًا رضوان الله عيه[29].
اعتدال وإنصاف: من المشهود به لعلمينا الكبيرين اتصافهما – كما ذكرنا – بالاعتدال في الطريقة والانصاف في التعامل مع سائر العلماء من المدرسة الأخرى، وإليك تفصيل هذه الميزة الطيبة: أما بالنسبة إلى الحر العاملي، فإنه وبالرغم من تشدده وتصلبه في الدفاع عن الطريقة الأخبارية، كان يتحلى بموضوعية تامة وتقوى علمية حجزته عن معاداة المدرسية الأصولية وأقطابها، الخطأ الذي وقع فيه غيره من الأخباريين، أمثال: الأسترآبادي الذي هاجم الأصوليين بقوة ولم يتوان عن التجريح والطعن فيهم بما لا يليق، لا سيما في الشيخ المفيد والعلامة الحلي اللذين اتهمهما بتخريب الدين[30]، أو الفيض الكاشاني الذي دعا ولده في رسالة سماها “سفينة النجاة” إلى سلوك سبيله وترك الطريقة الأصولية متمثلاً[31] بقول نوح (ع) الذي حكاه القرآن { يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ}[32]، ولقب الأصوليين “بالوجدنائيين”[33] إشارة إلى قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ}، وإدراكًا منه لكون هذه القسوة تجاه الأصوليين غير مبررة رأينا أن أستاذ الشيخ حسين، أعني به الشيخ يوسف البحراني قد أنكر على الكاشاني والأسترآبادي تشنيعهم على الأصوليين وعدْ ما شنعا به: “من القول على الله بغير علم”[34] أمّا الشيخ الحر[35] فهو كالبحراني لم يقع في هذا الخطأ إطلاقًا، فنراه قد احترم جميع العلماء وأعطى كل ذي حق حقه من دون تفريق بين أخباري أو أصولي، ففي كتابه أمل الآمل ترجم للأصوليين وأثنى عليهم كما فعل مع الأخباريين، وإذا ما ناقش عالمًا أصوليًا فإنه يناقشه بكل موضوعية وأدب واحترام ولا يخرج عن الاعتدال والتوازن،
فمثلاُ: نراه يقول في معرض مناقشته للمحقق الطوسي والشيخ البهائي: “أقول: لا يليق من أمثالنا معارضة هذين الفاضلين المدققين ومناقشتهما في شيء ولكن..”[36].
ولأجل هذا الاعتدال عند الشيخ الحر رأينا أن صاحب الروضات المعروف بقساوته تجاه الأخباريين يستثنى الحر، وينوه مرارًا باعتداله، يقول بعد أن يذكر أن عمدة الأخباريين ثلاثة: الإسترآبادي صاحب الفوائد المدنية، وشيخنا الحر العاملي صاحب الوسائل، ومولانا المحسن الفيض الكاشاني: “وخير الأمور أوسطها بل هو صاحب طريقة وسطى مرضية عند الله وعند رسوله إن شاء الله، فلا يقاس به أحد من هذه الطائفة فضلاً عن الواقعين في طرفي ذكره المتعصبين في هذه المرحلة المشنعين على أعاظم علمائنا المحققين..”[37].
ويقول أيضًا في حق الشيخ الحر والشيخ يوسف البحراني: >إن من جملة مسلمات المتأخرين عن الرجلين: كونهما في غاية سلامة النفس وجلالة القدر ومتانة الرأي ورزانة الطبع والبراءة من التصلب في الطريقة والتعصب على غير الحق والحقيقة، والملازمة في الفقه والفتوى لجادة المشهور من العلماء والملازمة للصدق والتقوى في مقام المعاملة مع هؤلاء وهؤلاء، والتسمية لجماعة المجتهدين في غاية التعظيم ونهاية التكريم والموافقة لسبكهم السليم في مناقضة الصوفية الملاحدة بما لا ينام ولا ينيم..<[38].
والأمر عينه من الاعتدال والإنصاف نجده لدى الشيخ حسين البحراني فهو يطري ويجل علماء الفريقين وينقل عنهما بكل احترام وتقدير.
أقول: حبذا لو أن بعض علماء عصرنا ممن يحمل سيف التكفير وعصا التضليل يقرأ هذه الصفحات المشرقة من تاريخ هؤلاء الأعلام، عله يقتبس من نورهم ويهتدي بهديهم.
موارد الاختلاف:
ولكن وحدة المشرب الفكري للرجلين لم تمنع من وجود أكثر من نقطة اختلاف بينهما، سواء في الفتاوى التفصيلية أو المسائل المنهجية والأساسية من قبيل، الاعتماد على بعض كتب الأخبار، وأهمها الكتب الثلاثة التالية:
1- مصباح الشريعة المنسوب إلى الإمام الصادق (ع).
2- كتاب الفقه الرضوي المنسوب إلى الإمام الرضا (ع).
3- كتاب دعائم الإسلام للقاضي نعمان المصري.
حيث نجد أن الشيخ حسين البحراني يعتمد على هذه الكتب في استدلالاته الفقهية[39] بينما يرفض الحر العاملي الاستناد إليها، أو النقل منها في كتبة الحديثية[40].
الفقيه العاملي والمحدث البحراني:
على الرغم من تلاقي العلمين واشتراكهما في وصفي “الفقيه المحدث” إلاّ أن كل منهما اشتهر بأحد الوصفين، ففي الوقت الذي طغى على الفقيه العاملي وصف “المتحدث البارع” في تصنيف الأخبار وجمعها وتهذيبهما وترتيبها وتنسيقها بحيث أن الخبر شكل محورًا ئيسيًا لغالب مؤلفاته ومصنفاته، فإن المحدث البحراني طغى عليه وصف “الفقيه اللامع” في ذوقه الفقهي وعباراته المسبوكة ومطولاته الفقهية الاستدلالية وكذا مختصراته التي شكلت غالب مؤلفاته ومصنفاته، ويمتاز فقيهنا البحراني – إلى ما تقدم – بذائقة فقهية عرفية جعلت استدلالاته بعيدة كل البعد عن الدقة العقلية والطريقة الهندسية في فهم النص، وقد تجنب الخوض في القضايا التجريدية التي لا ثمرة عملية في بحثها، ولذا نراه في بحث النية – مثلاً – يعلق على الخلاف في كونها شرطًا أو شطرًا بالقول: “ولا ثمرة في تحقيق ذلك، لأن القدر المطلوب هو اعتبار النية في الصوم بحيث يبطل بتركها عمدًا أو سهوأ أو جهلاً وهو ثابت على كل من التقديرين، ولم يقم لنا دليل على اعتبار ما ذكروه فيها من أكثر القيود زائدًا على القربة له عز وجل، لأنها العمدة في النية آية ورواية[41].
ويعلق على الحديث حول مفطرية الطعنة التي يوجهها المكلف عمدًا إلى جوفه بالقول: “إنه لا يصدق على ذلك الأكل والشرب عرفًا وشرعًا”[42]. إلى غير ذلك من الموارد التي نلحظ فيها انشغاله بالمهم وابتعاده عن المشاغل الذهنية التي لا ربط لها بالعمل ولا بالمسؤولية.
العلمان والمشرب الأخباري:
من المعروف أن لشيخينا الجليلين – العاملي والبحراني والذين نتناولهما ببحثنا هذا – مشربًا خاصًا في الفقه، وقد يُعبّر عن هذا المشرب بالمدرسة الأخبارية، في قبال المدرسة الأصولية، ويهمني التوقف عند هذا الأمر من زاويتين أو جهتين:
الأولى: تقييم ما عرف من وجود مدرستين متقابلتين داخل المذهب الشيعي، فهل هذه الثنائية كانت مبررة وترتكز على أسس صحيحة؟ وهل الفوارق الحقيقية بين الطرفين تستدعي مثل هذا الانشطار الحاد الذي حصل في تاريخنا؟
الثانية: التوقف أمام بعض الاعتراضات والاتهامات التي سجلت على أصحاب المشرب الأخباري.
مدرسة أم مدرستان؟:
أما الجهة الأولى فنقول بشأنها: إن التاريخي العلمي في حوزاتنا ومعاهدنا الدينية عرف وجود اتجاهين في عملية الاستنباط الفقهي، اصطلح على أحدهما بالاتجاه الأخباري وعلى الأخر بالاتجاه الأصولي، وقد أخذ هذا الاختلاف العلمي بين الفريقين طابعًا حادًا وقاسيًا بلغ حد الفرز الاجتماعي، وربما وصل الأمر إلى حد إسقاط الشرعية عن الطرف الآخر، وكانت بعض تعبيرات ومظاهر هذا الاختلاف قاسية ومؤلمة، كما هو معلوم، والسؤال هل أن الاختلاف العلمي يستدعي هذا الفرز الحاد، لنتحول الطائفة إلى طائفتين أو فئتين أو مدرستين متقابلتين؟
وفي البداية لا بد لنا أن نطل على الفوارق المنهجية بين الاتجاهين لنلاحظ هل أنها تبرر الانشطار المذكور؟ وعمدة هذه الفوارق:
1- اعتبار الأصوليين مصادر الاستنباط أربعة، وهي: الكتاب والسنة والاجماع والعقل، بينما ألغى الأخباريون قاطبة إعتبار الإجماع والعقل، بل عدوا العمل بهما خروجًا عن المنهج الأصيل، كما ورفض معظمهم الأخذ بظواهر الكتاب إلا ما فسرته السنة، فلم يبق لهم من مصادر الاستنباط إلا الخبر، ومن هنا نشأت تسميتهم: الأخباريين، أو المحدثين، نسبة إلى الحديث.
2- قطعية سند الكتب الحديثية الأربعة وهي: الاستبصار، والتهذيب وكلاهما للشيخ الطوسي (ت 460) والكافي للشيخ الكليني (ت 328 أو 329) ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق (ت 381) ففي الوقت الذي رفض الأصوليون هذه الدعوى رفضًا قاطعًا أخذ بها الأخباريون وساروا في الفقه على ضوئها، ونتيجة لذلك رفضوا التقسيم الرباعي للأخبار، وهو تقسيمها إلى: الصحيح، والحسن، والموثق والضعيف، واعتبروه تقسيمًا دخيلاً على الحديث الإمامي، وإنما اخترعه بعض الأصوليين، تبعًا للعامة، والتقسيم الصحيح عندهم هو تقسيم الحديث إلى: صحيح وهو المحتف بالقرائن المفيدة للعلم أو الوثوق بصدوره، ومن أهم تلك القرائن وأقواها كونه مذكورًا في الكتب الأربعة، وضعيف: وهو ما لم تتوفر فيه قرائن م هذا القبيل[43].
3- رفض الأخباريين للاجتهاد والتقليد رفضًا قاطعًا واكتفائهم بالرجوع إلى الأحاديث، فرجوعهم للعلماء ليس إلا لكونهم رواة محدثين، لا لكونهم مجتهدين.
4- رجوع الأخباريين إلى الاحتياط في الشبهات الحكمية التحريمية، بخلاف الأصوليين الذين يرجعون في هذه الشبهات إلى البراءة[44].
مبالغة مفتعلة:
والذي نعتقده أن ثمة مبالغة مصطنعة وحدة غير مبررة حصلت بين الطرفين ساهمت في تعميق شقة الخلاف وأوصلته إلى هذا الانشطار المؤذي، وإلا فإن الفوارق المذكورة لا تستدعي تمزيق الطائفة إلى طائفتين، وذلك:
أولاً: لأننا نجد الاختلاف داخل كل واحدة من “المدرستين” مساو، إن لم نقل أنه أعمق بكثير من الاختلاف بين المدرستين، على سبيل المثال، فإن علماء الأصول هم: بين من يرى انفتاح باب العلم والعلمي، وبين من يرى انسداد باب العلم والعلمي، وبالتالي فلا يمكن من وجهة نظر مدعي الانسداد التعويل على أخبار الأحاد في الفقه، فضلا عن العقائد، إن هذا الاختلاف له من التأثيرات المباشرة على عملية الاستنباط في وسائلها ونتائجها ومن الانعكاسات العملية على واقع الجماعة المؤمنة ما هو أخطر بكثير من الاختلاف بين الأخباري والأصولي، ولكنه – أعني اختلاف القائلين بالانفتاح والقائلين بالانسداد – لم يستدع انشطارًا وفرزًا داخل المدرسة الأصولية.
وثانيًا: إن الفوارق الأربعة بين المدرسين لا تستدعي هذا الفرز الحاد، أما بالنسبة للفارق الأول فالذي نلحظه أن الحديث عن إلغاء الأخباريين لثلاثة من مصادر الاستنباط، وهي: الكتاب والاجماع والعقل هو كلام غير دقيق، لأنه إلغاء نظري فقط، أما في مقام التطبيق والعمل فنرى أن سيرة الأخباريين على خلاف ذلك، فهم يستدلون كثيرًا بظواهر القرآن وبالإجماعات وبالأدلة العقلية، كما وإنهم كثيرًا ما يرفضون بعض الروايات ويطرحونها عرض الحائط مع كونها من روايات الكتب الأربعة التي يدعون قطيعتها،
ولذا رأينا كلمات شيخنا الحر – على سبيل المثال – مشحونة:
1- بالاستدلال بالآيات القرآنية كما يلاحظ ذلك في كتبه: الإثنا عشرية في الرد على الصوفية، والفوائد الطوسية، الإيقاظ من الهجعة، ورسالة تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان وغيرها، غاية الأمر أنه قد يدعى أن الآيات التي يستدل بها هي نص في الدلالة على المطلوب، مع أنها لا تعدو كونها مجرد ظهورات (راجع: الإثنا عشرية ص 149، 99، 71، 61، 27 وراجع الإيقاظ من الهجعة ص72 إلى 97، و64).
2- والإستدلال بالإجماعات، غاية الأمر أنه يدعي كشف الاجتماع الذي يستند إليه عن رأي المعصوم (راجع: الإثنا عشرية ص85، 1389، 44، 121، 141، 113، والإيقاط من الهجعة ص33) ولذا جعل عنوان أحد الأبواب في فصوله المهمة ص213: “عدم جواز العمل بالإجماع الذي لم يعلم دخول قول المعصوم فيه”.
والحقيقة أن هذا القيد الذي أضافه لا يميزه بشيء عن الأصوليين، لأن معظم هؤلاء لا يرون الاجماع حجة إلا إذا كان كاشفًا عن رأي المعصوم، فيعود النزاع بين الطرفين لفظيًا.
3- والاستدلال بالدليل العقلي أيضًا، كما في الإثنا عشرية ص57، 71، 10 بل إنه عد موافقة العقل إحدى القرائن الدالة على ثبوت الخبر (الوسائل 30/247) ولذا اعتبر المحدث النوري، الحر العاملي من القائلين بحجية الدليل العقلي واستشهد بمقاطع من كلامه (راجع مستدرك الوسائل ج3 ط حجرية ص873).
4- كما أنه رفض كثيرًا من الروايات وناقش في سندها مع كونها مروية في الكتب الأربعة (راجع الفوائد الطوسية 83، 95 والإثنا عشرية 111، 138 والتنبيه بالمعلوم من البرهان 63. ورسالة حول حديث الترجيع وغيرها).
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن مرجعية الإجماع محل تأمل لدى كثير من علماء الأصول إلا في حال كاشفيته عن رأي المعصوم، وفي هذه الحال، فإن الأخباريين لا ينكرون الحجية كما عرفت، كما أن مرجعية العقل التي أصر عليها الأصوليون في البحث النظري فإنهم من الناحية العملية يؤكدون على عدم الحاجة إليها، لأنه كما يقول الشهيد الصدر في مقدمة كتابه الفتاوى الواضحة لم يجد حكمًا شرعيًا يتوقف استنباطه على الدليل العقلي.
وأما فيما يرتبط بالفارق الثاني، فإن الاعتماد الكلي على ما ورد في الكتب الأربعة وإن اشتهر عن الأخباريين، لكن الملاحظ أن بعض الأصوليين يسيرون على هذا المنهج من الناحية العملية، فنراهم لا يناقشون في الأسانيد ويعتمدون على الأخبار الضعيفة بحجة جابرية عمل المشهور لها، وقد أثر عن النائيني أن المناقشة في أسانيد الكافي دأب العاجز.
وأما الفارق الثالث، فليس بفارق، لأن التقليد أو الرجوع إلى الفقيه متحقق لدى الطرفين، غايته أن الاختلاف بينهما في التسمية، فبينما يرفض الأخباري تسمية ذلك تقليدًا ويرى أنه إنما يرجع إلى الفقيه بعنوان كونه محدثًا، فإن الأصولي يسمى ذلك تقليدًا.
والأمر عينه يأتي في الفارق الرابع، فإن بعض الأصوليين وإن كان يرى في علم الأصول أن البراءة هي الأصل الجاري في الشبهات التحريمية ولكنه في مقام العمل يحتاط كما يحتاط الأخباريون، وعليه فأي موجب لهذا الفرز الحاد والانشطار الكبير والمؤذي والذي كان له تداعيات خطيرة ثلمت وحدة الجماعة المؤملة في مرحلة طويلة من تاريخنا!؟
الأخبارية والتسنن:
أما الجهة الثانية من البحث، فنقول بشأنها: إنه وبالرغم مما اتسمت به الحركة الأخبارية من جمود في بعض الحالات، إلاَ أنه قد كان لجهود أقطابها الفضل الكبير في حفظ التراث الشيعي من الضياع، ويكفيك أن الموسوعات الثلاثة الأخيرة للحديث أعني: البحار، الوافي، الوسائل، للمحمدين الثلاثة الأواخر وهم: محمد باقر المجلسي، محمد بن مرتضى الكاشاني، محمد بن الحسن الحر العاملي، قد ألفها ثلاثة من أعلام هذه المدرسة، ولا شك أن العلماء الأخباريين هم من أشد الموالين لأئمة أهل البيت (ع) ومن أتباع مدرستهم وخطهم والمدافعين عن نهجهم (ع)، ولا يختلفون عن غيرهم من العلماء في الارتباط بخط أهل البيت (ع)، كيف وهم – في الأعم الأغلب – إنما سلكوا هذه الطريقة الأخبارية خوفًا من الخطر الداهم ـ حسب زعمهم – الذي يهدد مسيرة مدرسة الإمامية بالأنحراف، ولربما يعجب القارئ لهذا الكلام في الدفاع عن ولاء الأخباريين لخط أهل البيت (ع) ونحن نقدر تعجبه، لكن الذي الجأنا إلى هذا الدفاع هو ماجاء في مقدمة وحواشي – وربما في متن – بعض الكتب المهمة المعدة لترجمة علماء الشيعة والتعريف بآثارهم، من اتهام الأخباريين بأنهم “يحملون رسوبات سنية ظهرت في منفاهم بصورة الدفاع عن الأخبارية”[45] وزاد في الطين بلة أن صاحب هذا الكلام رمى جميع العلماء المهاجرين من البلاد العثمانية – على حد تعبيره – إلى إيران بأنهم أقرب إلى التسنن من علماء إيران[46]، وفي رأيه فإن ذلك كان سببًا في أن تقوم الحكومة الصوفية التي أبطئت التسنن وأظهرت التشيع بتسليم المهاجرين المقامات الإجرائية والقضائية لتقمع بهم حركة التعقل الفلسفي الإيراني[47].
ولست أدري ما هو سبب اتهام هؤلاء الأعلام بالتسنن مع ما عرفته من شدة ولائهم لأهل البيت (ع) وحرصهم على نشر فضائلهم وتراثهم؟! يبدو لنا أن سبب ذلك هو قسوتهم في مواجهة الحركات الصوفية المنحرفة كما يظهر من ثنايا كلام صاحب هذه التهمة الباطلة، وهذا ما يبعث على العجب، إذ كيف تكون مواجهة هذه الحركات اقترابًا من التسنن وابتعادًا عن التشيع، مع أن أئمة أهل البيت (ع) هم أول من واجهها وحاربها[48]، وهكذا كان موقف علماء الشيعة قاطبة أصوليين وأخباريين، فقهاء ومتكلمين، فإنهم ساروا على نهج أئمتهم في مواجهتها حتى أن من رمي بالميل إلى التصوف منهم كان له مواجهات مع هذه الحركات بسبب آرائها المنحرفة[49].
مسؤولية الأخباريين عن سقوط الدولة الصفوية
وقد لا يقل غرابة عما تقدم تحميل الأخباريين مسؤولية سقوط الدولة الصفوية، حيث قيل[50]: “إن الصفويين هم الذين كانوا قد عينوا مصيرهم المحتوم باعمالهم الضغط على الفلاسفة وأهل العقل وتسليط الأخباريين على مؤسسات القضاء والمساجد والمدارس”! فهل أن تولي شؤون القضاء والإفتاء والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من قبل علماء أجلاء أمثال العلامة المجلسي والمحقق الكركي والحر العاملي وغيرهم من الفقاء هو الذي قوض أركان الدولة الصفوية؟! أم إن إعراض الشاه الصفوي عن خوض غمرات الحروب وابتعاده عن أهل الرأي من رجال السياسة، وانغماسه بالملذات وأنسه بالراقصات – كما اعترف به هذا الشخص في كلامه – مضافًا إلى عوامل أخرى، كانت هي السبب في ذلك؟!
الفكر لا يعرف الحدود:
والأغرب من ذلك سعيه إلى “أقلمة” الحركة الأخبارية وتحديدها بحدود جغرافية وربما عرقية معينة، بدعوى أنها حركة وافدة وغريبة وطارئة على المجتمع الإيراني حملها إليه المهاجرون من البلاد العثمانية[51]، الأمر الذي يوحي بأن التعقل صفة لازمة لقوم بعينهم، بينما القشرية والجمود صفة لقوم آخرين!
وهذا الكلام فضلاً عن غرابته مجاف للصواب، فإن مؤسس الحركة الأخبارية كان إيرانيًا استراباديًا؟ كما إن المهاجرين لم يكونوا بأجمعهم من الأخباريين ولا كان العلماء الإيرانيون بأجمعهم من الأصوليين، وهل كان المحقق الكركي والشيخ البهائي ووالده الشيخ حسين بن عبد الصمد والشيخ علي الشهيدي[52] وغيرهم من أعلام المهاجرين من الأخباريين؟! أم أن الفيض الكاشاني والعلامة المجلسي والسيد نعمة الله الجزائري وغيرهم من الأخباريين كانوا من المهاجرين؟!
وإنّ نعت المهاجرين إلى إيران بالجمود والقشرية ومحاربة العقل والعرفان[53] أمر مخالف للواقع ويكذبه التاريخ، كيف وهذا الشيخ البهائي[54] وهو من أبرز المهاجرين تأثيرًا كان من الفلاسفة الكبار والعرفاء السالكين، وكذلك السيد محمد العيناثي صاحب المواعظ العددية حتى رمي بأن فيه ميلاً إلى الصوفية[55] وكذلك السيد احمد العلوي صهر الداماد وتلميذه وتلميذ البهائي كان حكيمًا فيلسوفًا وكذا غيرهم من الأعلام.
وخلاصة القول: إن رمي الأخباريين بمحاربة التعقل والعرفان كلام عارٍ من الصحة ولا يستند إلى أي شاهد أو برهانٍ، بل الأدلة والشواهد على خلافه، ولو لم يكن هذا الكلام العنصري مدرجًا ومقحمًا في بعض الكتب القيمة أعلى كتاب طبقات أعلام الشيعة لما تعرضنا له إطلاقًا، لأنه أسخف من أن يرد عليه.
وربما كان منشأ اتهام هؤلاء الأعلام بالتسنن ومحاربة التعقل والعرفان هو تحريمهم للموسيقى والغناء والتجسيم – كما يلوح من ثنايا كلماته[56] – وهذا الأمر في الحقيقة لا علاقة له بالتسنن أو التشيع ولا بالجمود أو الانفتاح وإنما هو تابع للدليل الشرعي وليس للمزاح أو الاستحسان.
الهوامش
[1] الفوائد الرضوية، ص140.
[2] رسالة الأنام في أحكام الصيام، ص74.
[3] م.ن، ص57.
[4] راجع: أنوار البدرين، ص209، أعيان الشيعة، ج6، ص141، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج12، ص255.
[5] لؤلؤة البحرين، ص80 و102.
[6] م. ن
[7] روضات الجنات 7/ 102/ 103.
[8] م. ن
[9] راجع الرسائل ط مؤسسة النشر الإسلامية قم، ص372، 373، 375، 377، 378، والحاشية على القوانين 227، 228.
[10] الرسائل الأصولية – الوحيد البهبهاني تحقيق مؤسسة العلامة البهبهاني طبعة أولى سنة 1416. صفحة 397، 403.
[11] عوائد الأيام 185، 188، 659.
[12] تعليقه أمل الأمل: للميرزا عبدالله الأفندي، 309.
[13] الحدائق الناظرة 5/460، 8/419.
[14] م. ن 2/306، 22/536.
[15] م. ن 9/ 362، 23/84، 24/ 478. 25/ 395.
[16] م. ن 12/131، 13/68، 15/305، 17/205، 19/145، 23/220، 556، 24/165.
[17] بحار الأنور 106/ 121.
[18] كشف الحجب 131، 132، 237، 244، 371، 405، 634، وطبقات أعلام الشيعة في 12/159، 174، 184، 248، وهداية العارفين 304.
[19] قصص العلماء، 293.
[20] مقدمة أمل الأمل: 32.
[21] راجع الفوائد الطوسية ص518، ورسالة الأنام في أحكام الصيام، ص41ن 61.
[22] راجع الفوائد الطوسية، ص366، 369، 367، ورسالة الأنام في أحكام الصيام، ص82، 83، 39.
[23] راجع وسائل الشيعة ج30، ص251، وأما الشيخ حسين البحراني فبالرغم من أنه يستخدم التنويع الرباعي للحديث (راجع رسائل الأنام، ص36، 58، 60) لكنه يرفض البناء عليه في الاستدلال، بل يعتبره اصطلاحًا سخيفًا لا يصار إليه إلا عند تكافؤ الأدلة (م. ن. ص63).
[24] ذرابع البيان 174.
[25] أنوار البدرين.
[26] أنوار البدرين، ص204.
[27] راجع حول جامعية الحر كتاب: الحر العاملي موسوعة الحديث والفقه والأدب ص137 وما بعدها، وحول غزارة الشيخ حسين راجع: مقدمة كتاب محاسن الاعتقاد ص5، وما بعدها، طبع الصفوة بيروت 1419هـ.
[28] راجع تاريخ مكة لأحمد السباعي طبع، مطابع دار قريش بمكة 1385هـ، ج2 ص40 وكتاب سمط النجوم العوالي في أبناء الأوائل والتوالي، تأليف: عبد الملك العصامي المكي طبع: المطبعة السلفية في السعودية ج4 ص528.
[29] راجع: مقدمة محاسن الاعتقاد ص11.
[30] روضات الجنات 1/135، 6/285.
[31] م.ن ولؤلؤة البحرين 121.
[32] سورة هود: 42.
[33] لؤلؤة البحرين 121.
[34] الدرر النجفية.
[35] وهكذا كان ديدن حسين بن شهاب الدين الكركي، فإنه انتقد ظاهرة التشنيع التي مارسها بعض الأخباريين في حق الأصوليين (راجع كتابه هداية الأبرار 222).
[36] الفوائد الطوسية 310.
[37] روضات الجنات 4/253.
[38] م.ن 1/ 137/ 7/102، ويقول الشيخ محمد حسين كاشف في (العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية ص96 ط بيروت 1418) عند حديثه عن الأخباريين: “وكير منهم معدودون عند أصحابنا من العلماء المرضيين كالصدوق وقومه من المتقدمين، والحر العاملي والشيخ يوسف البحراني والسيد صدر الدين القمي من المتأخرين، فقد كان هؤلاء إذا ذكر أحد أولئك العلماء الأعلام بالغوا بالثناء عليه والإعظام”.
[39] راجع رسالة الأنام ص: 12، 17، 18، 19، 21، 32، 54، 73، 79.
[40] راجع وسائل الشيعة، ج3، ص159، وهداية الأمة ج8، ص545.
[41] رسالة الأنام ص21 وراجع ص28.
[42] م. ن ص 74.
[43] روضات الجنات 4/ 251، الدرر النجفية 165.
[44] هذه أهم الفروق المنهجية بين الطرفين، ومن أراد التفصيل فليلاحظ كتاب الحق لمبين في تصويب المجتهدين وتخطئة الاخباريين للشيخ جعفر كاشف الغطاء، وأعيان الشيعة 2/122، روضات الجنات 1/127، و4/ 25، ودروس في فقه الإمامية 1/ 209، ومقدمة غوالي اللئالي، ومنية الممارسين، مطبوع ضمن ميراث إسلامي 4/ 384 سنة 1417هـ وهو للشيخ السماهيجي، والهجرة العاملية إلى إيران 199.
[45] جاء ذلك في مقدمة وحواشي مؤلفات العلامة المتتبع الآقا بزرك الطهراني وليراجع على سبيل المثال: الطبقات ق12 ص11 – 14 والذريعة 4/150، 495، و6/ 386، ومما يؤسف له أن بعض المطالب أدرجت في متن الكتابين ويعتقد أنها أقحمت فيهما إقحامًا من قبل المحقق دون أن يكون لها في المتن الأصلي عين ولا أثر، لاسيما المطالب التي تفوح منها رائحة العصبية القومية، أو إتهام العلماء الأخباريين أو الذين حاربوا الصوفية، بالتسنن والقشرية، وتلاحظ هذه الظاهرة بوضوح في الأجزاء التي طبعت بعد وفاة المؤلف من كتاب الذريعة وهي ما ابتدأ بحرف النون إلى آخر الكتاب. وممن ناله هذا الاتهام الميرزا عبد الأفندي صاحب رياض العلماء (راجع الذريعة 25/27) والسيد جمال الدين الأفغاني (24/23) وغيرهما من العلماء (راجع 24/106) فتراه يحمل على كل من يحارب الصوفية ويتهمه بالتسنن والقشرية. وهذا مما نستبعد صدوره من الشيخ الطهراني (قدس سره) الذي كانت مسيرته في الأجزاء الأولى على غير ذلك كما يلاحظ على سبيل المثال في (ج5/ 173، 60، 59 وج6/ 386).
[46] طبقات أعلام الشيعة ق12، المقدمة الصفحات 11، و12، و14.
[47] م. ن.
[48] راجع الإثنا عشرية في الرد على الصوفية.
[49] روضات الجنات 6/98.
[50] الطبقات ق 12/ 7.
[51] الطبقات ق 12/7.
[52] من الغريب ما جاء في الطبقات ق 12/ 546 من عد الشيخ علي هذا وهو حفيد الشهيد الثاني بأنه كان مدافعًا عن الأخباريين، مع أنه كان من أشد المحاربين لهم ولأفكارهم حتى أنه اتهمهم بالجهل وتخريب الدين.. (راجع كتابه الدر المنثور 2/115) وله حملات شعواء على رموز الأخبارية كالأسترآبادي والفيض الكاشاني (راجع روضات الجنات 1/134) ولعل هذا الأمر مما أضيف وأفحم في كتاب الطبقات.
[53] الطبقات ق 12/6.
[54] رياض العلماء 5/164.
[55] الطبقات ق 11/28.
[56] م. ن المقدمة 405، والذريعة 25/ 295.