فلسفة أصول الفقه

إلزامات فلسفة أصول الفقه / فضيلة الأستاذ الشيخ سعيد ضيائي فر

خاص الاجتهاد: من القضايا التمهیدیة التي يجب التطرق الیها في فلسفة علم الأصول، هی الأغراض والفوائد التي تترتب علی فلسفة أصول الفقه و لايقبل العلماء والطلاب علیها مادام لم تتبین تلک الأهداف والفوائد، ومن الواضح انه لا تتضح اشکالیات العلم ونقائصه مادام لم یتعرض للنقاش من قبل الباحثین والعلماء.

سماحة الشیخ سعيد ضیائی فر، عضو هیئة التدریس للمعهد العالی للعلوم و الثقافة الاسلامیة و من الباحثين في مجال الفقه و الاصول و قد جعل سماحته دراسة فلسفة أصول الفقه من هواجسه فی بحوثه الاصولیة منذ سنوات عدیدة. و بالمناسبة قد بدأ درس خارج فلسفة أصول الفقه أیضا خلال هذه السنوات.. في هذه المذكرة قد أبدی رأیه فی الالتزامات التي تتعلق بهيكلية فلسفة أصول الفقه.

سمات الهيكلة المعیارة

السمة الأولى: استيعاب الجوانب
السمة الاولى لهیکلة مرغوبة فیها، هي أن تكون شاملة لجميع الجوانب والقضايا التي تتم معالجتها في علم واحد. ينبغي ان یتحقق الاستيعاب و الشمول وفقا للتوقعات والأهداف التي تترتب على کل علم؛ لأن الاستیعاب مفهوم اضافی، على سبيل المثال حینما تقول هذا المنزل أو المبنى أو الجامعة شاملة، یقاس هذا الشمول علی حسب توقعاتک من المنزل أو المبنى أو الجامعة.

على سبيل المثال ان الجامعة اذا كانت تدرس فيها جميع فروع العلوم الأكاديمية و لایتزود بالمختبر، فلا تعتبر شاملة. ولكن إذا كان الغرض من تلک الجامعة هو أن تدرس فیها العلوم الإنسانية فقط، لیس المختبر ضروریا لها. ونتيجة لذلك، يختلف مفهوم الشمول من جامعة إلی أخری نظرا الی اهدافها. کذلک يتم شمول کل فرع دراسی وفقا لأهدافه.

السمة الثانية: مطرد أي مانع للأغيار
الميزة الثانية لهيكل مطلوب هي ان یكون قادرا على منع تسرب الاغیار ای لا یشمل المسائل الخارجة من العلم.

السمة الثالثة: التناسب مع اهداف العلم
المیزةالثالثه التناسب مع أهداف العلم؛ ای ینبغی لبنية ترکیب العلم أن تکون ملائمة للأغراض التي یتوقع لذاک العلم.

السمة الرابعة: استخدام مصطلحات واضحة
الميزة الرابعة ان تستخدم فی کل تخصص علمي معين من المصطلحات المشهورة عند المتخصصين والعلماء، بدلا من المصطلحات الغامضة و المعقدة حذرا من مواجهة الدارسین و المتخصصین المشاکل حین مطالعة النصوص.

السمة الخامسة: ترتيب المسائل حسب الاهمية
الميزة الخامسة مراعاة الترتيب في المسائل حسب الاهمية، لان جمیع القضایا فی کل علم لا تندرج فی مستوى واحد من حيث الاهمية. بعض القضایا تتمتع بأهمیة فائقة خلافا للأخری. فهذه المسائل قلیلة الاهمیة ینبغی عدم ذکرها رأسا أو ذکرها فی الهامش.

السمة السادسة: رعاية الاسلوب المنطقي
نقطة أخرى يجب مراعاتها هي بيان القضایا العلمیة باسلوب منطقی، وذلك لان بعض القضايا العلمية متوقفة على بعض القضايا الاخرى، فيجب ان نقدّم بعض المسائل علی الاخری.

السمة السابعة: الموافقة لمتطلبات العصر
النقطة الاکثر اهمیة هي أن العلم يجب أن تلبی حاجيات العصر؛ فان كثيرا من القضایا الفقهیة طرحت فی المجتمعات البسيطة الماضية التی لم تکن مهيئة لمتطلبات المجتمعات المعقدة فی عصرنا هذا، فلا یتوقع من علمي الفقه و الاصول ان یحل مشاکل الحياة المتطورة فی هذاالیوم.
هناک بعض النقاط الاخری یجب الاشارة الیها إضافة إلی ما مرّ من السمات المطلوبة:

السمة الثامنة: انسجام الفروع
نقطة اخرى لابد من ملاحظتها هي الموازنة من حيث تركيب الفروع، على سبيل المثال طرح الآخوند صاحب الکفایة بحث المجمل و المبین الذی يمثل ملخصا لنقاش قصير، بجانب بحث طويل یسمی بالمطلق والمقید ولم یحتفظ بالموازنة بينهما. إذا كنت تريد ان تقسم الموضوع العلمي الى مجموعات فرعية، مثل المقاصد الثمانية فی اصول الفقه عند صاحب الکفایة، ینبغی أن لا یکون أحدی المجموعات طویلة و الاخری قصیرة و مختصرة.

السمة التاسعة: عدم كثرة المجموعات
نقطة أخرى يجب ان تلاحظ هي ان لا تكون الموضوعات الجزئية كثيرة الى حد غير اعتيادي، قد تواجه بعض الكتب یذکر عشر حالات لموضوع واحد، بینما أن المبحث التالي لم يذكر له الا حالة واحدة. لکن هذين الأمرين الاخیرین یضفی الی الکتاب حسنا و انسجاما شکلیا و لاتبدو مراعاتهما ضروریة.

الاقتراح لهيكلة فلسفة علم الاصول

فیما یتعلق بفلسفة علم الاصول أقترح تقسیمها الى جزئين: القسم التمهيدي والقسم الرئيسي.

الاول: القسم التمهيدي

• في البدایة يجب تناول الفروق بين فلسفة علم الاصول و فلسفة الفقه.

هناک أربعة اتجاهات يمكن استخدامه في علم الاصول:
الف) الاتجاه الوصفي؛ هو الذي یصف مسار علم الاصول على مر الزمن فقط.
ب) الاتجاه التحليلي؛ هذا المنهج يتحدث عن السبب والعلة في علم الاصول، مثلا يبحث انه لماذا اندرج العقل فی قائمة الحجج فی الفقه؟
ج) الاتجاه الانتقادی؛ بناءا علی هذا المنهج یجب ان لا ننظر الی العلم نظرا تعبدیا، و ذلک ان المنهج التعبدی قد سیطر علی علم الاصول و ینال به، وهذا غير صحيح ويجب علينا ان نقوم بتوظیف اتجاه جديد في علم الاصول يهيمن عليه الطابع العلمي القائم على الاستناد والاستدلال.

د) الاتجاه التوجیهی؛ هذا المنهج يريد ان يقترح نقاط خاصة في هذا العلم. فاذن يوجد هناك عدة اتجاهات وصفية، تحليلية، انتقادیة،توجیهیة يمكن استخدامها بشكل مستقل او بالاشتراك.

• من القضايا التمهیدیة التي يجب التطرق الیها فی فلسفة علم الاصول، هی الأغراض والفوائد التي تترتب علی فلسفة علم الاصول و لايقبل العلماء و الطلاب علیها هذا العلم مادام لم تتبین تلک الأهداف والفوائد ، ومن الواضح انه لا تتضح اشکالیات العلم و نقائصه مادام لم یتعرض للنقاش من قبل الباحثین و العلماء.

• في المرحلة التالیة يجب توضيح العلوم التي تتعلق بفلسفة علم الاصول، مثل علم الکلام، الفلسفة، فلسفة الدين، فلسفة الفقه، فلسفةالأخلاق، فلسفة القانون، فلسفة اللغة، هرمنوطيقا والمبادئ الاخرى.

• موضوع آخر یجب التطرق الیه تعيين مكان بحث فلسفة علم الاصول و فلسفة سائر العلوم، يعني ینبغی طرح هذا العلم قبل علم الاصول او بعده. من الواضح ان هذا یرتبط بالاتجاه الذي يختاره الباحث في المقام من وصفي وتحليلي و انتقادی او توجیهی ، فكل اتجاه يتطلب مكانا خاصا.

• احد الامور التي يجب ان تدرس في فلسفة علم الاصول هو البحث عن السابقة التاريخية لفلسفة علم الاصول، يمكن ان نقتفي آثار فلسفة علم الاصول من خلال تراثنا، من الواضح انه اذا ثبت اهتمام القدامى کالسید المرتضی بهذا العلم يرغب المعاصرون ايضا فی هذا العلم ويبادرون بدراسة هذا العلم و مناقشته.

القسم الثاني: القسم الرئیسي

التخطیط الذی رسمناه للقسم الاصلي من قضايا فلسفة أصول الفقه، هو ما يلي، من الواضح ان تبیین هذه المواضیع يحتاج الى مناقشات اکثر تفصیلا.
النقطة الأولى هی تعریف فلسفة علم الاصول: يمكن تعریف فلسفة علم الاصول بتعريفات مختلفة، يمكن تعريفها بعض الاحیان موضوعیا وبعض الاحيان بحسب الاغراض وبعض الاحيان حسب المنهج المستخدم في فلسفة علم الاصول؛ لان المنهج فی علم الاصول يمكن ان یکون عقلیا او نقلیا او مرکبا منهما ويمكن ان يكون التعريف حسب المصدر.

النقطة الثانية: دراسة حجیة علم الاصول لعلم الفقه او للتعالیم الدینیة الأخری؛لانهامتخذة من الکتاب و السنة و العقل و هذه الامور مشترکة فی جمیع المعلومات الدینیة مثل الاخلاق و الکلام و غیرها و من هنا يمكن ان تستخدم قواعد علم الاصول في سائر العلوم المتعلقة للدين.

وفقا لهذه النظرية تتوسع دائرة علم الاصول اکثر من قبل. و فی نفس الوقت لابد ان نحدد ما نتوقعه من الفقه و ما نرید ان نستنبط: أ نرید استنباط حکم جزئی؟ او نظام اقتصادی، اجتماعی، ثقافی، سیاسی و …. ؛ ینبغی لنا التنبه بأن علم الاصول هذا لا ینفع لخلق النظام.

النقطة الثالثة: موضوع آخر يجب دراسته هي نقاش مبادئ علم الاصول؛ یمکن ان يلاحظ لعلم الاصول مبادئ عقدية، فلسفية، نظريةمعرفية، لغوية و… . هناك يوجد كتاب للشيخ الشعراني يسمى «بالمدخل الی عذب المنحل» هو یرید فی هذا الکتاب توضیح بعض المبادئ اللغویة و المنطقیة و العقدیة لعلم الاصول ولكن مع الأسف لم یستمر احد فی طریقه.

النقطة الرابعة: منهج علم الاصول؛ یتواجد هناك عدة مناهج لدراسة علم الاصول، هناك منهج عقلی مثل منهج المحقق الاصفهاني؛ و منهج نقلی کمنهج الأخباريين. إن افضل کتاب ألف فی هذا المجال هو کتاب “الفصول المهمة فی اصول الائمة” و له خمسة فصول: اصول الروایة، اصول الفقه المأخوذة من الروایات، الفقه الروایی، الطب الروایی و المتفرقات.

کذلک یوجد کتاب یسمی”باصول آل الرسول” من مؤلفات السید هاشم الخوانساری و مجلدان من “بحار الأنوار” للعلامة المجلسی له باب سمی بهذا العنوان:«مایستنبط من الآیات و الروایات» و هذه الکتب جمیعا سجلت حول هذا الموضوع.

اختيار الأسلوب الذي یلزم ان یکون عقلیا أو نقلیا أو عرفیا أو مزيجا من هذه المناهج هو من خیارات فلسفة علم الاصول. وفقا لذلك ینبغی تعیین مصادر علم الاصول، و فی ضوء هذا تتبین الاتجاهات التی یمکن أن تكون له أ هو عقلی ام نقلی ام مزجي.

النقطة الخامسة: المحور الآخر الذی يجب مناقشته في دراسة فلسفة الاصول هو علاقة علم الاصول بالعلوم الأخرى مثل علم العقائد والأخلاق والتأويل و فلسفة الدين و الفلسفة المقارنة، فلسفة اللغة والقانون وغير ذلك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky