الاجتهاد: احتلت بريطانيا العراق سنة 1914 م وتصدت المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بجهادهم وقاتلوهم الى جانب العثمانيين وتصدت ايضا واجازت للشعب العراقي سنة 1920 م ان يستعمل القوة ان امتنعوا من اعطاء حق العراقيين بالاستقلال. واحتل الامريكان ومعهم الإنجليز وغيرهم العراق سنة 2003م ولكن المرجعية الشيعية في النجف الأشرف هذه المرة لم تُفْتِ بالجهاد او استعمال القوة بل اتخذت نهج المقاومة السلمية والسياسية لمواجهة الاحتلال وتحقيق الاهداف المرجوة.
هل السر في تغير الموقف يكمن في طبيعة شخص المرجع او في طبيعة الظرف؟ كان هذا مدخل لدراسة مقارنة بين خلفية الاحتلالين، وموقف المرجعية الدينية العليا في النجف منهما، ثم النتائج التي انتهى اليها الموقف، ومسار المرجعية الدينية بعد وضوح النتائج. مسائل خمس شكلت هيكل الدراسة.
الاحتلال الإنجليزي للعراق سنة 1914-1917م
دخلت القوات الانجليزية الفاو في 6/11/1914م واحتلته ثم في 23/11/1914م احتلت القرنة. واحتلت بغداد في 11/3/1917م. وكانت هذه جزءا من قوات الحلفاء في الحرب العالمية الاولى بقيادة الجنرال الانجليزي ادموند هنري هانمان اللنبي (Edmond Henry Hynman Allenby) (1861-1936)م له ارتباط بالكنيسة الانجيلية الشرقية والذي كان على راس جيش الحلفاء (بريطانيا فرنسا الامبراطورية الروسية) في الشرق الاوسط في قبال دول المحور (الامبراطورية الالمانية والامبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية والمجر) وحين دخل القدس راجلا احتراما سنة 1917م قال (الان انتهت الحروب الصليبية).
وقال الجنرال الفرنسي غورو بعد احتلاله دمشق في 8/ ذق /1338هـ (24/7/1920م) لما زار قبر صلاح الدين ركله برجله قائلا (نحن عدنا يا صلاح الدين).
وقسمت البلاد الإسلامية التي كانت تابعة للدولة العثمانية بين انجلترا وفرنسا، من خلال مؤتمر سايكس بيكو سنة 1916م.
فتوى الجهاد ضد الغزو الإنجليزي في العراق وفتوى التوسل بالقوة ضد الاحتلال بقيادة المرجعية الدينية الشيعية
تبنت المرجعية الدينية العليا (السيد كاظم اليزدي (رض) في 29/11/1914م الجهاد ضد بريطانيا الصليبية.
وفي 30/12/1918م اصدرت الادارة البريطانية على لسان نائب الحاكم المدني العام في العراق استفتاء حول اقامة دولة عربية بإشراف بريطاني فاصدر المرجع الديني الميرزا محمد تقي الشيرازي (رض) 22/2/1919م فتوى (ليس لاحد من المسلمين ان ينتخب ويختار غير المسلمين للإمارة والسلطنة على المسلمين) وكانت اول تحرك له.
وارسل الشيخ محمد تقي الشيرازي (رض) والشيخ شيخ الشريعة (رض) برقية مشتركة اثناء انعقاد مؤتمر باريس الى الرئيس الامريكي ويلسن (1856-1924م) وكان قد اعلن ما عرف بالنقاط الاربع عشرة او (مبادئ ويلسن) التي تضمنت حق تقرير المصير للشعوب المحكومة جاء فيها (لحضرة رئيس جمهورية الولايات المتحدة الامريكية المحترم ابتهجت الشعوب الاسلامية جميعها من منح الامم المظلومة حقوقها وافساح المجال لاستمتاعها بالاستقلال حسب الشروط المذاعة من قبلهم. . . رغبة العراقيين بما انهم ملة مسلمة ان تكون حرية قانونية واختيار دولة جديدة عربية مستقلة اسلامية وملك مسلم مقيد بمجلس وطني.. ويكون لكم الذكر الخالد في تاريخ بحرية العراق ومدينيته الحديثة). ثم حرم في 01/03/1920م العمل مع ادارة الاحتلال.
وفي 3/رجب/1338هـ ـ 22/آذار/1920م بعث رسالة الى جعفر ابو التمن (سرنا اتحاد كلمة الامة البغدادية نوصيكم ان تراعوا في اجتماعكم قواعد الدين الحنيف وان تحفظوا حقوق مواطنيكم الكتابيين الداخلين في ذمة الاسلام وان تستمروا على رعاية الاجانب الغرباء…) وفي 4 رجب 1338هـ (3/1920م) بعث رسالة الى الشيخ احمد الداود احد علماء السنة في بغداد (يسرني ان ارى مثلك في راس قادة المسلمين… وليكن رائدك في عمل الخير وهو الاجدر بك وبي وبمن جرى مجرانا من خدام الدين… ان جميع المسلمين اخوان تجمعهم كلمة الاسلام وراية القرآن الكريم والنبي الاكرم صلى الله عليه واله وصحبه.).
توفي السيد محمد كاظم اليزدي (رض) في 30/04/ 1920م (28رجب 1337هـ) وتولى الشيخ محمد تقي الشيرازي (رض) المرجعية العامة من بعده.
وفي 9 / 5 / 1920 م (10رمضان 1338 هـ) كتب (ان اخوانكم في بغداد والكاظمية والنجف وكربلاء وغيرها من انحاء العراق قد اتفقوا على الاجتماع والقيام بمظاهرات سلمية طالبين حقوقهم المشروعة لاستقلال العراق ان شاء الله بحكومة اسلامية…).
تقرر في مؤتمر سان ريمو المنعقد في نيسان 1920م وضع العراق تحت الانتداب البريطاني واعلنت بريطانيا صك الانتداب في 25/6/1920م. الجمعة، 8 شوال 1338هـ. فكتب بيانا جاء فيه (مطالبة الحقوق واجبة على العراقيين ويجب عليهم في مطالبتهم رعاية السلم والامن ويجوز لهم التوسل بالقوة الدفاعية اذا امتنع البريطانيون من قبول مطالبهم).
في اوائل اب /1920م كان المندوب الانجليزي المدني قد ابلغ وزارة الهند انه (ثمة حالة حرب في جميع انحاء ما بين النهرين)، واضاف التقرير (وكان المسلمون يتحدون وينتصرون في كل مكان ويطردون الكفار من العراق وكان الالتحاق بالثورة المجيدة واجبا دينيا[1].
توفي الشيخ محمد تقي الشيرازي (رض) في 17/8/1920م وكانت مدة قيادته للاحداث سنة ونصف تقريبا من (22/2/1919- 17/1920م) وكان قد هاجر من سامراء واتخذ كربلاء مقرا له.
وتحولت قيادة الثورة الى الشيخ الشريعة (رض) خلفا للشيرازي (رض) في النجف الذي اكد ان فتوى الشيرازي بقتال المشركين باقية وحثهم على الجهاد لأخذ الاستقلال.
خطب ويلسون : في اربيل 8/9/1920م في الاكراد يشدد على الانتداب (ان الحكومة البريطانية سوف لن تتخلى عن الانتداب في العراق ارجو ان لا تسمحوا لرجال قبائلكم ان يقعوا فريسة لموجة الجنوب التي تأثر بها العرب الشيعة في الفرات الاوسط ومناطق ديالى).
كتبت مضبطة في 15/9/1920م (1/1 1339هـ) وقعت من قبل ثلاثة وسبعين رئيسا مع شيخ الشريعة. وزعت الى سفارات دول الولايات المتحدة الامريكية، روسيا، فرنسا، هولندا، تركيا، المانيا الموجودة في إيران.
استطاع الانجليز ان يقمعوا الثوار اخيرا في 11/1920م.
توفي شيخ الشريعة (رض) يوم الإثنين 20/12/ 1920م (8ع2/1339)هـ بعد قمع الثوار بشهر عن ثلاث وسبعين سنة وكانت مدة قيادته للثورة اربعة شهور تقريبا.
لم يشترك العرب السنة في الثورة ما عدى عشيرة زوبع الا انه تم القضاء عليها بسبب عدم مناصرة عشائر المنطقة لهم.[2]
وكان بعده السيد أبو الحسن الأصفهاني (رض) ت 1946م والشيخ محمد حسين النائيني (رض) ت 1936م (1355هـ) في النجف الأشرف.
في 23/8/1921م سلمت بريطانيا الحكم للأقلية السنية في العراق ونصبت فيصل بن الشريف حسين ملكا وشكل اول وزارة في عهد عبد الرحمن النقيب.
في 11/3/1922م هاجم الوهابيون النجديون منطقة سوق الشيوخ واوقعوا فيها خسائر كبيرة في الارواح والممتلكات للضغط على العراقيين بشكل غير مباشر للموافقة على التحالف مع بريطانيا وقد تكرر الهجوم في 26/01/1924 .
الاعلان عن فكرة معاهدة التحالف مع بريطانيا في 24/6/1922.
29/8/1922م ابرق وزير المستعمرات البريطاني تشرشل المندوب السامي في العراق ان يخير الملك فيصل اما بمساندة رئيس الوزراء عبد الرحمن النقيب في جميع اجراءاته او ان يخلع من العرش ويعود الى الحجاز ورضخ الملك لذلك.
برقية احتجاج المرجعية في النجف الأشرف مع العلماء على المعاهدة واستقالة النقيب من الحكومة.
كلف الملك فيصل محسن السعدون بتشكيل الحكومة وجاء قراره بأجراء انتخابات في 20/11/1922 لانتخاب مجلس تأسيسي والتصديق على الدستور وتأييد المعاهدة. (في 10/10 اجتمع مجلس الوزراء وقرر توقيع المعاهدة وتم تحديد موعد للانتخابات).
تحريم الانتخابات من لدن السيد ابي الحسن الاصفهاني (رض) والشيخ النائيني (رض) 5/11/1922م (9/11). من دخل في الانتخابات او ساعد عليها فهو كمن حارب الله ورسوله واولياءه صلوا ت الله عليهم) الاصفهاني. (حكمنا بحرمة الانتخابات وحرمة الدخول فيها على كافة الامة العراقية..) النائيني.
وفي 31/3/1923م خففت بريطانيا مدة المعاهدة من عشرين سنة الى أربع سنوات وصدرت فتاوى جديدة في اوائل حزيران تؤكد التحريم.
في 9 حزيران/1923م صمم السعدون على تسفير المرجعية المعارضة والعلماء المعارضين بإصدار تعديل لقانون العقوبات في نفي الاجانب وفي 17/6/1923م اقر مجلس الوزراء ذلك.
وفي 25/6/1926م اصدرت الحكومة بيانا تذم فيه مواقف المجتهدين في النجف الأشرف والكاظمية المقدسة. الذين يعرقلون الانتخاب وفي 26/06تم القبض على الشيخ مهدي الخالصي واولاده ونفوا الى الحجاز ثم هاجر الشيخ الى ايران.
وفي 1/7 /1923م تولى مدير شرطة كربلاء صالح حمام تسفير المراجع والعلماء الذين يحملون الجنسية الايرانية وكانوا تسعة ابرزهم السيد ابو الحسن الاصفهاني والميرزا حسين النائيني (رض) والشيخ جواد الجواهري (رض) والسيد علي الشهرستاني (رض) والسيد مهدي الخرسان (رض) وغيرهم من العلماء نقلوا الى خانقين ومن هناك ذهبوا الى قم وكانت احتجاجات في المدن العراقية وبخاصة الحلة واعتقلت السلطات الشيخ محمد سماكة امام المسجد الكبير في المدينة وكانت في وقتها متصرف لواء الحلة ناجي شوكت.
اجريت انتخابات المجلس في 25/2/1924م، وفي 22 /3/1924م في ظل حكومة السعدون وأصدرت الادراة الملكية أمراً بافتتاح المجلس التأسيسي في 21شعبان/1343هـ (27/3/1924)م واقر المجلس التأسيسي المعاهدة العراقية البريطانية وفرغ من تصديق القانون الاساسي. اقر الدستور الملكية الدستورية وحكومة برلمانية ومجلسين تشريعيين يتألفان من مجلس نيابي منتخب ومجلس اعيان معين وقد اجريت عشر انتخابات عامة قبل سقوط الملكية عام 1958م وشكلت تسعا وخمسين وزارة خلال أربع وثلاثين سنة من عمر الملكية وكانت حصة الشيعة منها خمس مرات.
عقدت معاهدات متوالية بين العراق والمملكة المتحدة عامي 1926م، 1927م، 1929م وفيها اعلنت بريطانيا انها سوف تمنح العراق استقلاله سنة 1932م، وفي 30/6/1930م عقدت معاهدة اقرت تأسيس تحالف قوي بين المملكة المتحدة والعراق مع اقرار التشاور التام بين الطرفين في جميع الامور التي تخص السياسة الخارجية والتي قد تؤثر على مصالحهما المشتركة… وتكون نافذة حال دخول العراق الى عصبة الامم في 3/10/1932م كدولة مستقلة.
ان الجهاد الذي قادته المرجعية ومواجهة الاحتلال والمطالبة بالحقوق التي اسستها المرجعية الدينية واجازت فيه استعمال القوة وثورة العشرين التي قادتها المرجعية العامة ايام الشيخ محمد تقي الشيرازي (رض) وخلفه شيخ الشريعة (رض) وتجاوب القاعدة الشيعية التي شكلت الثقل الشعبي الاكبر للمواجهة والثورة قد فرض على بريطانيا ان تعيد حساباتها في قضيتين؛ الاولى: مدة الانتداب ومنح الاستقلال للعراق، الثانية: ان تحسب حسابا خاصا للنجف والشيعة ومراجعهم.
منحت بريطانيا الاستقلال الصوري للعراق سنة 1932، اي بعد مرور احدى عشرة سنة من ثورة العشرين وعزا ناجي شوكت [3]هذا الاستقلال الى ثورة العشرين قال (في اعتقادنا انه لولا هذه الثورة العراقية الكبرى (1920) لما استطاع العراق ان يحصل حتى ولا على شبه استقلال ولا كان من الممكن ان يدخل في عصبة الامم الى جانب الدول العظمى فالعراق أصبح اول دولة عربية مستقلة واحتل مقامه بين دول العالم في الوقت الذي لم يكن هناك اي بلد عربي يحلم بالاستقلال (مذكرات ناجي شوكت 6).
وقالت مسز بيل السكرتيرة الشرقية لديوان المعتمد السامي البريطاني في العراق:
(اما انا شخصيا فابتهج وافرح ان ارى الشيعة الاغراب يقعون في مأزق حرج فانهم من أصعب الناس مراسا وعنادا في البلاد) (النفيسي199).
ليس من شك ان بريطانيا كانت قد وضعت في حسابها ان تطوق الشيعة ومرجعيتهم جزاء مقاومتهم لهم وان تربي جيلا جديدا يؤمن بالدولة العراقية الحديثة ذات النهج العلماني السني الموالي للغرب، ولا يمت الى المرجعية بصلة فكانت المدرسة هي الحاضنة لتحقيق ذلك وانتدبت لهذه المهمة ساطع الحصري[4] وباشر عمله في اب 1921م فقد سعى لربط الناشئة بالتاريخ الاوربي (والزم الطالب العراقي بأن يدرس في جميع مراحل الدارسة التاريخ الاوروبي اربعة اضعاف ما يدرسه الطالب البريطاني من تاريخه وتاريخ اوروبا)[5].
وصارت الاجيال التي خرجتها المدارس مادة اساسية لموظفي الدولة من جهة والمنتمين الى الاحزاب الوطنية والقومية والشيوعية المعارضة للنظام الملكي وقد ظهرت اثارها في العهود التي تلت الملكية فان الشارع العراقي ايام عبد الكريم قاسم للحزب الشيوعي وصارت مؤسسة الحكم والشارع ايام عبد السلام عارف للقوميين والبعثيين وفي انقلاب 1968م الى 9/4/2003م كانت بيد حزب البعث.
قام رشيد الكيلاني[6] بانقلاب على حكومة ولي العهد عبد الاله في 1/4/1941م وأسقطوا حكومة ياسين الهاشمي وشكل حكومة انقاذ وطني ابان الحرب العالمية الثانية، فقامت المملكة المتحدة بإنزال قوات اضافية الى البصرة في 29/4/1941م.
وفي 3/5/1941م (6/ع2/1360هـ) صدرت عن السيد ابي الحسن الاصفهاني، والشيخ عبد الكريم الجزائري ايدا فيها حركة الكيلاني حفظا لبيضة الاسلام ودفعا باتجاه ان تكون حكومة اسلامية وحث العراقيين على دعمها.
وسقطت بغداد على ايدي القوات البريطانية في 27/5/1941م وهرب رئيس الوزراء رشيد عالي الكيلاني والعقداء الاربعة صلاح الدين الصباغ ومحمود سلمان وفهمي سعيد وكامل شبيب وعدد من مؤيديهم خلسة من بغداد ثم اللجوء الى طهران ثم الى السعودية بقى فيها الى 1958م.
وفي اليوم نفسه حلقت خمسون طائرة بريطانية فوق بغداد وقصفت بعض المناطق بشدة. وكان قبل سقوط بغداد قد تخلى وزير الدفاع ناجي شوكت واصطحب زوجة الكيلاني وهروبه الى تركيا وهو يدل على التنسيق المسبق للهرب مع الكيلاني. وليس من البعيد ان الكيلاني كان قد قام بهذا العمل بالاتفاق مع الانكليز لإعادة الاحتلال البريطاني. اما فتوى المرجعية بالجهاد فهي استصحاب للفتوى السابقة بقتال الأنكليز الغزاة.
وعاد الوصي الى موقعه وتم قطع العلاقة مع المانيا وايطاليا ودخول العراق الحرب العالمية الثانية الى جانب بريطانيا وحلفائها.
واكد هذا الموقف العداوة بين الشيعة والانكليز. وكرست بريطانيا سياستها عبر ادواتها في محاصرة الشيعة.
واستمر الحكم الملكي الهاشمي الى 1958 حيث اطاح عبد الكريم قاسم به وانسحب العراق من حلف بغداد وأقام علاقة ودية مع الاتحاد السوفيتي وانفرد في عهده عن الجامعة العربية.
العراق في العهد الجمهوري:
سقطت الملكية الهاشمية بانقلاب عبد الكريم قاسم سنة 1958وقد دفعت له امريكا وبريطانيا من خلال عبد السلام عارف وفسح الزعيم المجال للحزب الشيوعي وسيطر على الشارع وألغى مادة من قانون الاحوال الشخصية المتعلقة بإرث المرأة، ثم غيرته امريكا لما رأته يتقرب الى المعسكر الشرقي فدفعت بعبد السلام عارف والبعثيين سنة 1963 للقضاء على المد الشيوعي، ثم انقلب سنة 1964م على البعثيين وجاء حكمه وحكم اخيه عبد الرحمن عارف ثم انقلاب النايف والداود.
ثم جاء البعثيون للمرة الثانية وحكم البكر و صدام بدعم انكليزي وتنفيذ امريكي سنة 1968لمواجهة النهضة الشيعية برعاية المرجعية الدينية العليا في النجف المتمثلة آنذاك بمرجعية السيد محسن الحكيم (رض) (1946-1960-1970)م واستمر حكمهم خمسا وثلاثين سنة وهو اطول حكم للعراق الحديث بعد سقوط الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى.
احست بريطانيا بالخطر الشيعي[7] ومن ثم جاءت بالعفالقة لضرب الشيعة والمرجعية الضربة الموجعة وكانت تعبر عن انتقام حقيقي منهم.
وطوقت حكومة البكر مرجعية السيد محسن الحكيم بإعلان خطة اعلامية حين قدمت شخصا شيعيا يعترف انه ضمن تنظيم يرتبط بإيران وهو حلقة الصلة بين إيران والسيد مهدي الحكيم.
وتوفي السيد محسن الحكيم وهو محاصر من النظام العفلقي اعلاميا.
ووضع البعث خطة للقضاء على المواكب الحسينية. ولتطويق تجار الشيعة واعدامهم في ساحة التحرير بوصفهم عملاء كما وضعت خطة لملاحقة المثقفين الشيعة من الشباب الأكاديمي واعتقالهم و إعدام الكثر منهم وبدا ذلك واضحامن سنة 1971الى سنة 1979 .
وقامت الثورة الاسلامية في إيران سنة 1979م بقيادة السيد الخميني وازاحت النفوذ الاميركي من إيران وجُنَّ جنون اميركا والغرب وعرضوا على صدام ان يتولى اسقاط النظام الاسلامي وارجاع إيران الى النفوذ الغربي.
سارت المرجعية الدينية العليا في النجف بعد السيد محسن الحكيم بخطين:
الاول: خط السيد الخوئي وتوصف مرجعيته بالمدرسة الهادئة في الفكر الشيعي على غرار مدرسة السيد محسن الحكيم.
الثاني: خط السيد محمد باقر الصدر وتوصف مرجعية بالمدرسة الثائرة ورأت هذه المدرسة ضرورة المبادرة الى تائيد ثورة السيد الخميني في ايران وتسجيل موقف واضح من الثورة على نظام العفالقة في بغداد ولو كلفها ذلك الشهادة.
واقدمت السلطة على اعدامه وليس لذلك سابقة في العراق السياسي الحديث، وخلت النجف من حلقات الدرس، الظاهرة التي كانت من أبرز معالم النجف الحديثة منذ أكثر قرنين من الزمان.
و في 10/5/1983 تم اعتقال جماعة من اولاد السيد محسن الحكيم ومتعلقيه اذ بلغ عددهم ثمان واربعون شخصا فيهم الفقهاء والعلماء والمثقفون والتجار والكسبة . للضغط على شهيد المحراب السيد محمد باقر الحكيم حتى يتخلى عن مشروع المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق الذي اسسته ايران السيد الخميني رح من رموز المعارضة العراقية الاسلامية . ولم يستجب شهيد المحراب للضغط فأقدم صدام على إعدام ثلة منهم أبرزهم السيد عبد الصاحب الحكيم في 5/2/1985
ثم جاءت حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت وتدمير القوة العكسرية التي خرج بها النظام بعد الحرب، واندلعت بعد انهيار جيش النظام في الكويت وخروجه منها الانتفاضة الشعبانية 2/3/1991 (السبت، 15، شعبان/ 1411، وخرج اكثر من 77% من الشعب العراقي في ثمانية عشر محافظة في الشمال والجنوب، واستطاع النظام بما ابقت امريكا له من قوة ان يسحق الانتفاضة [8]، واعتقلت السلطة السيد الخوئي وكبار تلاميذته منهم السيد السيستاني والشيخ الغروي والشيخ البروجردي والسيد محمد محمد صادق الصدر وغيرهم .
ورفع صدام بعد سحقه الانتفاضة شعار الحملة الايمانية وفسح المجال لحركة الفكر الوهابي في العراق ، وبالمقابل استفاد السيد محمد محمد صادق الصدر من اجواء الحملة الايمانية فنهض بمشروعه الاصلاحي الكبير واقام صلاة الجمعة بنفسه في مسجد الكوفة [9] وحث على اقامتها في بغداد وغيرها وشكلت خلال سنة تقريبا ظاهرة مخيفة للسلطة .
ومن ثم اقدمت على مسلسل اغتيالات علماء النجف ففي 22/4/1998م – 24/12/1418هـ تم اغتيال الشيخ مرتضى البروجردي[10] رح وفي 19/6/ 1998م – 23/2/1419هـ تم اغتيال الشيخ علي الغروي[11] رح على الرغم من كونهما من المدرسة المهدئة في قبال المدرسة الثائرة او الناشطة اجتماعيا، وفي 19/2/1999م- 3/11/1419هـ/ تم اغتيال السيد محمد محمد صادق الصدر[12] رح .
وخرج العراق من حرب السنوات الثمانية مع ايران ضعيفا. ثم تورط في غزو الكويت وصار غزوله لها المدخل لتدمير جيشه وحصار العراقيين ثم اسقاط حكمه بعد أكثر من عشر سنين.
كانت السمة الغالبة للحكم في كل تلك الحكومات ملكية او عسكرية هي حكم الاقلية للأكثرية والتمييز الطائفي ضد الشيعة بصفتهم الاكثرية (فقد بقي التمثيل العددي للشيعة دون وزنهم السكاني الديموغرافي الحقيقي حيث لم تتعد نسبتهم من المقاعد النيابية خلال العهد الملكي ال 27% ومن مجموع الحكومات التي تشكلت في هذا العهد اي بين 1921-1958 تولى اربعة من ال
شيعة في تأليف الوزارة وان اول وزارة تشكلت برئاسة عبد الرحمن النقيب لم تضم وزيرا شيعيا واحدا الا بعدضغوطات شعبية عليه رغم ان تشكيلته الوزارية كان فيها وزير يهودي واخر مسيحي، اما في العهد الجمهوري فقد راس الوزارة شيعي لمرة واحدة فيما رأسها ثلاثة عشر سنيا منذ عام 1958وحتى مجيء حزب البعث[13] للمرة الثانية الى الحكم عام 1968، يحصل هذا في وقت يكوِّن شيعة العراق نسبة تزيد على 80% من عربه و82% من سكان مدينة بغداد كما تشير الاحصائيات التي اجراها فريق عمل في نهاية الثمانينات) (المرجعية الدينية د. نجوى/ 129).
(اما في عهد حزب البعث فقد بلغت سياسة التمييز الطائفي ومحاصرة الشيعة اوجها حين اعتمد النظام قانون الجنسية العراقية المشرع سنة 1924 زمن حكومة عبد المحسن السعدون[14] بتقسيم العراقيين حسب الجنسية الى فئتين:
فئة المواطن من الدرجة الاولى: تشير الى العراقي الذي يحمل الجنسية العثمانية او التبعة العثمانية قبل الاحتلال البريطاني ويعتبر مواطنا اصيلا وتشمل هذه الفئة كل سُنة العراق وقليل من شيعته.
فئة المواطن من الدرجة الثانية: تشير الى العراقي الذي يحمل الجنسية الايرانية قبل الاحتلال البريطاني ويطلق عليه اسم (التبعية) ولا يعتبر مواطنا اصيلا وتشمل هذه الفئة الكثير من شيعة العراق من العرب والكرد الفيلية، لقد سفر نظام البعث الالاف من المواطنين العراقيين الى إيران بحجة هذا القانون على الرغم ان هؤلاء واباءهم قد ولدوا في العراق)[15].
العراق في عهد الاحتلال الامريكي وقيام العراق العلماني الشيعي وحرية الشيعة في طقوسهم الدينية
اسقطت امريكا نظام البعث الحاكم واحتلت العراق من اجل ان تقطع الطريق على قيام جمهورية اسلامية في العراق موالية لإيران وتضمن استمرار علمانية العراق وموالاته للغرب وقيام حكم علماني بصيغة الاغلبية الشيعية التي تضم الاسلاميين والعلمانيين على السواء بإدارة بريمر ومجلس الحكم من وجوه المعارضة العراقية (بأغلبية شيعية نصف + 1) ثم تسليم السيادة الى العراق بعد وضع قانون اداري يضمن ذلك الإطار.
وقد كان بريمر يهدد الشيعة بشكل مبطن ومتكرر تحت وطأة الاحتلال ان لا يضيعوا فرصتهم كما ضيعوها سنة 1920.
دور المرجعية الدينية العليا المعاصرة في النجف الأشرف في مواجهة الاحتلال الامريكي سلميا وقيام النظام الانتخابي في العراق الجديد
لم يتوقع أحد ان تنهض المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد علي السيستاني في النجف الأشرف لتؤسس مشروعا مستقلا في العراق في قبال المشروع الامريكي، والمشروع الايراني الذي كان يطمح بنفوذ واسع في العراق.
وفيما يلي توضيح اهم ركائز مشروع المرجعية الدينية العليا في النجف اِلأشرف للعراق الجديد:
مبدأ حفظ العراق من الإنفلات الأمني والحرب الأهلية والحفاظ على الممتلكات العامة للدولة.
(الوثيقة رقم 1، الوثيقة رقم 3) (رقم 9) (الوثيقة 32) (الوثيقة 44)) (وقد صدرت الفتوى في الوثيقة رقم(1) قبل اسبوع من سقوط النظام). فحرمت المرجعية التعامل مع السلاح المنهوب من مراكز الجيش واوجبت جمعه وارجاعه الى الجهة ذات الصلاحية سواء أوقع بيد أفراد أم بيد ميلشيات مسلحة (الوثيقة رقم 3) (الوثيقة رقم 88).
مبدأ المقاومة السلمية للاحتلال كإطار عام للحركة الرافضة للاحتلال (الوثيقة 21رقم 2) الوثيقة رقم 23جواب رقم 1) (وثيقة رقم 36 جواب رقم 1، 2) (وثيقة رقم 61).
مبدأ استبعاد قيام حكم ديني بنظام دولة ولاية الفقيه وإبعاد المرجعية والحوزة العلمية ورجال الدين عن المشاركة في الحكم (الوثيقة 22ج2) (نعم تبقى المرجعية تمارس الرقابة على الاداء الحكومي وتشير الى مكامن الخلل فيه كلما اقتضت الضرورة (الوثيقة رقم 88)، والتنبيه على دورهم الاساس هو التوجيه والارشاد (الوثيقة 24: ج4) (الوثيقة رقم 52) (الوثيقة رقم 5) (رقم 7).
مبدأ الاصرار على اجراء انتخابات مبكرة بمشاركة حقيقية للشعب لجمعية تأسيسية تكتب الدستور وتصوبه (الوثيقة رقم 14) وأوجبت المشاركة في الانتخابات على الذكور والاناث (الوثيقة رقم 72)
مبدأ تجريد سلطات الاحتلال من صلاحية تعيين اعضاء مجلس كتابة الدستور (الوثيقة 14) (الوثيقة رقم 23: ج 4) والتأكيد على أن الشرعية هي للحكومة التي تكون منبعثة عن ارادة الشعب العراقي بجميع طوائفه. (الوثيقة 19) (الوثيقة رقم 20)
مبدأ الثوابت الاسلامية في الدستور واحترام الهوية الثقافية الاسلامية باعتبار ان الاسلام دين اغلبية الشعب العراقي الى جانب مبدأ الشورى والتعددية والتداول السلمي للسلطة والمساواة بين ابناء البلد في الحقوق والواجبات وحماية حقوق الاقليات الدينية، (الوثيقة رقم 53 جواب رقم 7).
مبدأ التنبيه على ان اشد خطر يهدد مستقبل العراق الجديد هو طمس هويته الثقافية الاسلامية وحث الحوزة العلمية ورجال الدين على تثقيف الامة بالإسلام لمواجهته (رقم 13).
مبدأ المحافظة على اجهزة الدولة الجديدة وتقويتها والتعاون معها (الوثيقة 35) (36: ج 5) (40: ج 2).
مبدأ اعتماد حق أولياء المقتول بعد ثبوت الجريمة في المحاكم التي تعتمدها الدولة الجديدة.وشجب اخذ الثأر من دون المحاكمة الفردية (الوثيقة رقم11).
مبدأ عدم نشر التقارير التي كتبتها السلطات الامنية السابقة والمنظمات الحزبية المحلية التي تفضح المواطنين الذين كانوا يتعاملون مع اجهزة النظام السابق واوجب حفظها وجعلها تحت تصرف الجهات ذات الصلاحيات في الدولة الجديدة.
مبدا العلاقة الاخوية بين السنة والشيعة في العراق والتأكيد على وصية الشيعة بضبط النفس وعدم الانجرار وراء الاعمال الارهابية التي تستهدف اشعال نار الفتنة الطائفية (الوثيقة 86) (الوثيقة رقم 92)
ولم تكتف المرجعية العليا المتمثلة بالسيد السيستاني بإصدار الفتاوى في بيان معالم مشروع العراق الجديد بل فتحت بابها لاستقبال رموز المعارضة العراقية بكل تنوعها القومي والمذهبي والسياسي وشخصيات عالمية كممثلي الامم المتحدة لتوضيح المواقف الاساسية وبقيت مصرة على عدم استقبال سفير الاحتلال رغم طلبه اللقاء معه لعدة مرات (الوثيقة رقم 21جواب رقم 6) واستنفرت المرجعية طاقاتها عبر وكلائها ومعتمديها لتثقيف قطاعات الشعب العراقي المختلفة بفتاوى المرجعية بضرورة نزول الشعب العراقي رجالا ونساء وانتخاب الكفوء الامين ليمثلهم في البرلمان (الوثيقة رقم 72)(الوثيقة رقم 85).
خلاصة مشروع السيد السيستاني:
هو مشروع يقوم على السلم والرِّفق بكل وسائله ومستوياته لبناء دولة تحكم دستورها الثوابت الدينية الاسلامية يكون فيها رجل الدين المرشد الناصح لأبنائها وليس الحاكم او الشريك في الحكم، دولة يقوم تداول السلطة فيها سلميا، ويتم تشريع الدستور فيها عبر الجمعية التأسيسية التي ينتخبها الناس بملء ارادتهم.
وهذه هي (الاصالة) في تقدير الموقف المناسب في الوقت المناسب وبذلك وضع السيد السيستاني العراق الجديد بيد اهله يتحركون سلميا لبنائه عبر الانتخابات وتجربة الخطأ والصواب في تشخيص الكفوئين وهي الطريق الذي سلكته الشعوب المعاصرة وحققت به انجازات طيبة.
واحتفظ السيد السيستاني باضافة الى موقعه كرجل دين وظيفته الاساسية ترويج الدين والنصح للعراقيين والمؤمنين وعمل الخير لهم بكل ما وسعه جهده من خلال مؤسساته الخيريّة التي شكلت ظاهرة ملحوظة باضافة الى ذالك رصد مسار الحكم وكبريات مؤسساته وتوجيه النصيحة.
تقييم مشروع مرجعية السيد السيستاني للعراق
لابد لنا حين نريد تقييم مشروع مرجعية السيد السيستاني للعراق الجديد بعد سقوط نظام صدام من تناول مشروع الاحتلال الامريكي للعراق وهو اساسا محاولة غربية لمواجهة المشروع الايراني للعراق الامر الذي يتطلب بيان خلاصة موجزة عن كلى المشروعين ومن ثم العودة الى تقييم مشروع السيد السيستاني.
خلاصة عن المشروع الايراني للعراق:
حملت ايران بقيادة السيد الخميني (رض) في ابريل/1979م مشروعا اسلاميا لنفسها وسمَّت نفسها بالجمهورية الاسلامية اقامت ذلك على انقاض النظام الملكي العلماني الذي كان تحت النفوذ الامريكي وقام الغرب ولم يقعد لهذه الخسارة على يد عمامة سوداء تحمل شعار الاسلام لتعود به الى الحياة السياسية، وقد حاول الامريكان والغرب اسقاط التجربة الايرانية الاسلامية في مهدها بتكليف النظام الصدامي في العراق بشن حرب في 22/9/1980م نيابة عن انظمة الخليج التي كانت تشعر بالخطر لوجود شيعة تفاعلوا مع الثورة الايرانية بقيادة السيد الخميني (رض) وخرجت ايران من حرب الخليج الاولى وهي دولة عظمى في المنطقة تتصف بما يلي:
أولا: إنها تمتلك ثلاثة اصناف من المقاتلين الاول: الجيش الرسمي، الثاني: ما يعرف بحرس الثورة (سباه باسداران)، الثالث: القوى الشعبية (البسيج) وقد تميز الصنفان الأخيران بحماس ديني ليس له نظير في بقية جيوش العالم إذ استطاع السيد الخميني (رض) إن يربطهم بالمهدي المنتظر (ع) ويبني قناعة خاصة لديهم في هذا الاتجاه.
ثانيا: إنها ذات إعلام إسلامي من خلال مسلسلاتها وافلامها حول الحرب وحول الأنبياء وقضايا أخرى ولا نبالغ حين نقول انها احتلت الموقع الأول عالميا في كثير مما قدمته ونموذج ذلك مسلسل يوسف الصديق (ع)، ومسلسل أهل الكهف، ومسلسل الإمام علي (ع) ومسلسل مريم العذراء (ع)، غيرها.
ثالثا: انها تتبنى الدفاع عن العقائد الشيعية في قِبال الحملة الوهابية التي استمرت مدة قرنين من الزمن وانتجت سيلا من الكتب والمبلغين الايرانيين الذين يتكلمون العربية تمتلئ بهم مكة في موسم الحج والعمرة.
رابعا: إنها تحمل مشروعا فكريا هو مشروع التشيع لأهل البيت (ع) وقد فاض من مدينة قم الى انحاء الدنيا واقبل الناس يتعلمون علوم آل محمد (ص).
خامسا: إنها ملجأ لكثير من حركات المعارضة الاسلامية والقومية والوطنية وعلى راسها الحركات العراقية فقد تبنتها ايام حربها مع النظام الصدامي وقد ساهم افرادها وبخاصة الشيعة في القتال مع الايرانيين ضد النظام الصدامي لشعورهم ان الحرب فرصتهم الثمينة التي تعيدهم الى بلدهم ومن موقع البديل لحكم الطاغية فيه.
سادسا: انها ذات نفوذ شعبي مؤسساتي في باكستان وليبيا وتونس ومصر واليمن والمنطقة الشرقية في السعودية والكويت والبحرين وفلسطين وسوريا ولبنان وقد تميز نفوذها في سوريا ولبنان بمستوى من النفوذ لا يضاهيه نفوذ اخر فقد كانت سوريا حليفة لها خلال سنوات الحرب ومن خلالها استطاعت ان تصنع في لبنان قوة شيعية مسلحة تحمل مشروع المقاومة لإسرائيل واستطاعت ان تدخل معها في حرب حقيقية ادهشت الكثيرين.
دفعت الحرب التي شنها صدام على إيران بأن تفكر إيران بشكل جدي بدعم المعارضة العراقية بمختلف اطيافها وتوظيفها في حربها مع صدام وافرزت تشكيلة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق سنة 17/11/1982م، وكانت منظمة بدر الجناح العسكري له وكان الى جانبه معسكر الاهواز لتدريب مقاتلين عن طريق حزب الدعوة. وكان أبرز رموز المعارضة العراقية السيد محمد باقر الحكيم (رض) الذي تبنى العمل تحت راية ولاية الفقيه بكل ما اوتي من قوة.
وكان لإيران الى جانب قوات المعارضة جهازها الخاص من العراقيين الذين تطوعوا للعمل معهم لملاحقة اعضاء مجاهدي خلق داخل العراق وقد تبناها صدام هو الاخر لتوظيفها في حربه مع إيران.
خلاصة المشروع الايراني للعراق:
تبلور مشروع إيران الاسلامية للعراق منذ حرب الخليج الاولى التي فرضها النظام الصدامي على إيران منذ السنة الثانية للحرب واعدت له عدته من خلال العراقيين أنفسهم الذين هجرهم صدام سنة 1980 م وفي اوائل السبعينات ومن كل اطيافهم وهذا المشروع هو اقامة الجمهورية الاسلامية في العراق امتدادا للجمهورية الاسلامية في إيران وتحت قيادتها المتمثلة بالولي الفقيه السيد الخميني (رض) ثم السيد الخامنئي كانت ولادة المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في العراق سنة 1982م كمؤسسة تعمل تحت شعار ولاية الفقيه.
المخطط الامريكي الجديد بعد حرب الخليج الاولى لتحجيم نفوذ إيران في المنطقة:
أدركت امريكا وحلفاؤها انها قد فشلت في مواجهتها العسكرية مع إيران وأنها خرجت قوية بالمكاسب التي ذكرناها انفا.
كما أدركت ان البديل لـصدام هم شيعة العراق والاكراد وبخاصة وان إيران تدعمهم دعما مطلقا.
ولم يكن لديها الا معالجة ذلك واحتوائه بتدرج وكانت خطتها على ثلاث مراحل:
المرحلة الاولى:
بناء قواعد عسكرية جديدة في السعودية والخليج لمواجهة خطر إيران المتزايد ولا يتم ذلك إلا من خلال تحسيس الملوك والامراء العرب بخطورة صدام وجيشه ومن هنا اعطوا الضوء الاخضر لصدام ليغزو الكويت ثم استنجد الخليجيون بأمريكا للتخلص من الخطر الجديد عليهم وهكذا كانت حرب الخليج الثانية سنة 1991م التي حققت فيها أمريكا أهدافها كاملة:
تدمير الجيش الصدامي وأرجعت أمير الكويت وجربت أسلحة دمار شامل لم تستخدم سابقا وابقت النظام قويا في العراق في قبال المعارضة الشيعية.
بناء قواعد عسكرية جديدة في الكويت وبقية دول الخليج والسعودية.
فك الحصار عن تجربة السادات في الصلح مع اسرائيل والتحاق الاردن وقطر بمشروع الصلح.
المرحلة الثانية:
إسقاط النظام الصدامي سنة 2003م تحت ذريعة انقاذ الشعب العراقي ومساعدة المعارضة العراقية التي استنجدت بأمريكا لتخليصها منه بعد ان تمادى النظام في قتل ابناء شعبه من الشيعة والاكراد بطريقة وحشية انتجت المقابر الجماعية.
المرحلة الثالثة:
العمل على تغيير نظام بشار الاسد في سوريا وتسليم الحكم للأكثرية السنية الموالية للسعودية والغرب وقد وضعوا اساس هذه المرحلة في مؤتمر الاستراتيجية المنعقد في الاردن سنة2003م.
مسار المشروع الانكلو-امريكي للعراق في مواجهة الشيعة وإيران منذ انقلاب عبد الرزاق النايف والداود
كان المخطط الانكلو- الامريكي للعراق قد بدأ منذ انقلاب 17/7/1968ومجيء عبد الرزاق النايف ومجيء البعثيين الثاني بهدف مواجهة الشيعة الذين تزايد نشاطهم واخذ حجما كبيرا وتخوفت بريطانيا منه كثيرا، ولم يكن لديهم غير حزب البعث للمواجهة وقد اثبت هذا الحزب كفاءة منقطعة النظير وبخاصة حين تبوأ القيادة صدام حسين لتحقيق امرين:
الأول: مواجهة الشيعة في العراق.
الثاني: تطويق نهضة السيد الخميني (رض) في إيران، باعتقاد ان إيران الجديدة انذاك ضعيفة فكانت سنة 1979م هي سنة بروز صدام قائدا للحزب وللدولة ومن ثم تورطه في شن الحرب على إيران.
ازداد تخوف الغرب من اتساع نفوذ الثورة الاسلامية وبخاصة بعد احتضان إيران للمعارضة الشيعية وبروز وجوه سياسية عراقية عريقة كان أبرزهم السيد محمد باقر الحكيم بن المرجع الكبير الراحل السيد محسن الحكيم (رض).
كانت المعارضة العراقية تعول على الحرب كثيرا لإسقاط نظام صدام ثم تغيرت استراتيجيتها بعد الحرب من المشاركة العسكرية مع الايرانيين الى استئناف العمل السياسي لإسقاط النظام والانفتاح على الغرب.
(اما صدام فقد خرج من الحرب سنة 1988م وهو مرهق بالديون ولكنه يمتلك اقوى جيش في المنطقة وزادت الكويت من انتاجها النفطي عن عمد في اعقاب الحرب مما قلل ذلك اسعار النفط الدولية مما تسبب في المزيد من تدهور الاقتصاد العراقي وهدد صدام الكويت لتخفض انتاجها من النفط او يقوم باحتلالها وانهارت المفاوضات وفي يوم 2/8/1990م، بدأ صدام بغزو الكويت، وقامت حرب الخليج الثانية بقيادة قوات التحالف 17/2/1991م فيما عرف بعملية عاصفة الصحراء او تحرير الكويت.
(احرق الجيش العراقي في اواخر شهر شباط 1991م ما يقارب 1037 بئر نفطي في الكيت وذلك عن طريق تفجيرها مما ادى الى احتراق اكثر من 727 بئر نفطي مسببا غيمة سوداء غطت سماء الكويت والدول المجاورة له والدول المطلة على المحيط الهندي استمرت مدة ثمانية اشهر ووصلت اثار الدخان الى اليونان غربا والصين شرقا بل وصلت اثار السحابة الدخانية الى الولايات المتحدة الامريكية
وقد تمت السيطرة على جميع الابار المحترقة خلال 240 يوما وذلك بمشاركة 27 فريقا دوليا متخصصا في اطفاء الحرائق بمشاركة عشرة الاف عامل من 37 دولة تم اطفاء اخر بئر في 6/11/1991، خسرت الكويت نتيجة النفط المحروق ما يوازي استهلاك العالم للنفط مدة ثلاثة اشهر في تلك الفترة، خسرت الكويت 3%من احتياطي النفط لديها وكانت كلفة عمليات اطفاء الابار المشتعلة ما يقارب 2. 2 مليار دولار، تم انتاج فيلم عن حرائق النفط الكويتية عرف بحرائق الكويت).
حصلت الانتفاضة العراقية سنة 1991م وازعج الامريكان قوة الاحتواء الايراني لها من خلال الصور المرفوعة فعملوا على اخمادها من خلال سماح قائد القوات الامريكية نورمان شوارز كوف لقيادات الجيش العراقي باستعمال المروحيات بكثافة لإخماد الانتفاضة.
ونزح الاكراد من الشمال بالملايين نحو الحدود العراقية مع إيران وتركيا.
(ونتج عن حرب الخليج الثانية تدمير بنية العراق التحتية وجيشه وحرسه الجمهوري الذي كان يعد من اقوى جيوش المنطقة وثم فرض عزلة جديدة على العراق اثر قرار هيئة الامم المتحدة فرض عقوبات اقتصادية خانقة استمرت ثلاثة عشر عاما، لقد نتج عن الحرب الجوية تدمير 96% من مولدات الطاقة الكهربائية واعادت مستويات انتاج الكهرباء في العراق لما قبل عام 1920م.
وكان للحصار تأثير كبير شمل جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية وصارت نسبة التضخم الاقتصادي (ارتفاع مستوى الاسعار) (انخفاض قيمة العملة مقابل اسعار السلع والحاجات بنسبة 2400%، وادى الحصار الى هجرة اكثر من ثلاث وعشرين الف طبيب وباحث ومهندس عراقي اثر انخفاض معدلات اجر الفرد الى اكثر من النصف).
ونتج عن غزو صدام للكويت قرار الامم المتحدة رقم 661 صدر في 6/8/1990 الذي يقضي بعقوبات اقتصادية خانقة على العراق لتجبر قيادته على الانسحاب الفوري من الكويت، استمر الحصار قرابة 13 عام انتهى بسقوط نظام حزب البعث سنة 2003م، مات مليون ونصف طفل نتيجة الجوع ونقص الدواء واصبح العراق بعد هذا الحصار من اكثر دول المنطقة تأخرا وبخاصة بعد السنوات التي تلت حرب الخليج الثانية حيث دمرت بنيته التحتية من مصانع ومصافي ومحطات توليد ومحطات المياه والمجاري والتي عاد بها الى حقب ما قبل الصناعة كما قال جيمس بيكر وزير الخارجية الامريكي في وقتها.
ادت فترة الحصار 1990م-2003م الى هجرة أكثر من مليونين عراقي الى أكثر من عشرين دولة أبرزها بريطانيا ودول اوروبية وامريكا وفي السبعينات والثمانينات كان صدام قد هجر الالاف الى إيران بحجة التبعية وعوائل غير مرغوب فيها كلهم من الشيعية من النجف الأشرف وكربلاء المقدسة وبغداد وغيرها. هذا الى جانب الفارين ببدنهم من ملاحقة النظام منذ اواخر الستينات والسبعينات والثمانينات والتسعينات.
شكلت هذه الاعداد الهائلة مادة المعارضة العراقية وقياداتها في الخارج على محورين:
الاول: إيران وقد اصبحت محورا للمعارضة العراقية الشيعية والكردية وقد احتضنتها ودعمتها بكل ما تستطيع وتوظيفها في معركتها مع النظام العراقي سواء أ في أيام الحرب أم بعدها.
الثاني:سوريا والغرب الذي أصبح محورا للمعارضة العلمانية بكل اطيافها وقد وجد الغرب فيها بديلا لنظام صدام على المنهج الغربي نفسه وكانت سوريا تدعم بحدود ما تستفيد ايضا، وبعد انتهاء الحرب التحق بالغرب عدد من الاسلاميين الشيعة الى دول الغرب وأصبحوا موضع اهتمامه ليكونوا بديلا عن الموالين لإيران.
بعد ايقاف الحرب وبقاء صدام بالحكم انفتحت المعارضة الشيعية في إيران على الغرب بقيادة المجلس الاعلى ورئيسه السيد محمد باقر الحكيم (رض) واستجاب الغرب لهذا الانفتاح فهو يطمع باحتوائها ومنافسة الايرانيين على التأثير عليهم ليسهل عليه استبدال صدام بهم بصفتهم الاغلبية المقهورة التي لا بد من فسح المجال لها وتغيير معادلة حكم الاقلية للأكثرية.
المشروع الامريكي للعراق كان يريد عراقا علمانيا شيعيا مواليا للغرب في سياساته ومناهجه.
في قبال المشروع الايراني الذي كان يريد: عراقا اسلاميا شيعيا مواليا لإيران الاسلامية تحت قيادة الولي الفقيه.
وكان أمام المعارضة الشيعية الاسلامية الموجودة في إيران أحد خيارين:
الخيار الاول: رفض المشروع الامريكي تماما وتبني المشروع الايراني الذي خسر القضية الاساسية في الحرب وهي اسقاط النظام وتسليمه للمعارضة الشيعية الموالية.
الخيار الثاني: الانفتاح على المشروع الامريكي جزئيا بالتنازل عن مشروع اقامة الدولة الاسلامية في العراق تحت شعار ولاية الفقيه والاكتفاء باسقاط النظام بوصفها المرحلة الاولى التي تلتقي عليها كل أطراف المعارضة ويوافقها الغرب عليها.
ولم يكن امام المعارضة الشيعية في محنتها ومحنة شعبها في سنوات الحصار العصيبة ووحشية النظام الا الخيار الثاني وهو خيار لم تكن الديبلوماسية الايرانية بعيدة عنه الى جانب شعارهم (صدام لنا ضعيف خير لنا منه قوي).
خلاصة المشروع الامريكي للعراق
لم يكن تشخيصنا للمشروع الامريكي للعراق وركيزتهم فيه الاكراد /وهم حلفاؤهم في ذلك (مذكرات بريمر ص386)/ والحركات العلمانية [16]بأن يحافَظ على علمانيته وغربيته في مناهجه التربوية على الرغم من اسلامية المعارضة الشيعية وقاعدتها وشعبيتها العريضة مجرد استنتاج بل هو صريح أدبياتهم.
وهو ايضا صريح كلام بريمر فقد قال:
«وكان الاكراد يخشون دائما من تأثير المرجعية في العراق الجديد) (370) (وبقيت المصادقة على الدستور القضية الاصعب، كرر الاكراد قلقهم بشأن الدستور الدائم الذي قد تكتبه العمائم السوداء» (ص374).
وهو ايضا صريح كلام الاخضر الابراهيمي:
«يجب الا يدير اصحاب العمائم السوداء الحكومة العراقية المؤقتة». (356).
وكان يؤكد بريمر ايضا بصراحة:
«ان وزارة التربية والداخلية يجب ان تبقى خطوطا حمراء على الإسلاميين» (ص 194) [17].
وقد حرص بريمر ايضا ان تضاف مادة تخص مبادئ الديمقراطية المنصوص عليها في الدستور بان لا تسن قوانين تخالفها فطلب من بعض اعضاء مجلس الحكم ان يطرحها للتصويت وطلب من مجلس الحكم الموافقة عليها» (ص 379)[18].
وحين تمت الموافقة عليها قال بريمر:
«لقد اثمر رهاننا الخطر في كسب جولة مهمة لصالح عراق علماني» (ص 387) [19].
مشروع السيد السيستاني في نظر السياسيين والكتاب السياسيين المعاصرين
قوبل مشروع السيد السيستاني للعراق من قبل رجال السياسة العالمية فضلا عن اغلب رجال السياسة العراقية على تنوعهم الايديولوجي والمذهبي ليس فقط بموافقته بالراي مائة بالمائة بل بالدهشة والاعجاب وقد اضطرت معه امريكا الى الاستجابة على الرغم من محاولات الالتفاف عليه في اكثر من مرة، كما دعت إيران اتباعها من خلال توجيهات الولي الفقيه وتوجيهاته الى الانضواء تحت راية السيد السيستاني مع احتفاظهم بمشروعهم وحركتهم فيه سرا.
قال مار شليمون وردوني في 24/10/2008م: «لقد أصغى سماحة السيد السيستاني لنا بكل رحابة صدر لأنه رجل محبوب وهادئ يخشى الله.
وقال النوفلي[20]: ان السيستاني خيمة لجميع العراقيين وهو الاخ الاكبر طرحنا عليه همومنا نشكر تقديمه الملاحظات ونطلب من السياسيين ان يأخذوا بملاحظاته حتى يبعدوا الاذى عن العراق والعراقيين».
وقال عبد الرحمن الراشد اعلامي سعود: «آية الله السيستاني ليس فقط اهم مراجع الشيعية بل في مقدمة دعاة الاعتدال والتعايش وكان صمام الامان في العراق طوال السنوات الست الخطرة الماضية وحال بحكمته دون انزلاق العراقيين في وحول الفتنة الطائفية والحرب الاهلية [21].
وكتب نعوم شومسكي [22]: كان نجاح انتخابات كانون الثاني الماضي تتويجا مشرفا لسياسة اللاعنف والتي اصبح اية الله السيد علي السيستاني رمزا لها وقلة من المراقبين الاكفاء قد يخالفون محرري الفايننشال تايمز الراي والذين كتبوا في اذار الفائت ان السبب في قيام الانتخابات كان اصرار اية الله العظمى السيد علي السيستاني على الوقوف في وجه ثلاث محاولات قام بها الاحتلال الامريكي لتأجيل هذه الانتخابات او الغائها»[23].
وكتب توماس فريدمان [24]: «مع اقترابنا من موسم منح جائزة نوبل للسلام اريد ان ارشح زعيم الشيعة الروحي في العراق اية الله العظمى علي السيستاني الذي اصر على اجراء انتخابات مباشرة على مستوى العراق ككل ورفض الاقتراح الامريكي الاحمق بإجراء مؤتمرات شعبية محلية… وهو الذي امر الشيعة بعدم الانتقام لمساعي البعثيين والاصوليين المتطرفين (الذين كان يهجمون على المساجد الشيعية ويرتكبون القتل الجماعي ضد الشيعة) بدفع البلد الى حرب اهلية… وبقيامه بذلك ساعد على منح الشرعية لسلطة الشعب في منطقة لم تسمح يوما بشيء كهذا… اما الشيء الثالث الذي قام به السيستاني والاكثر اهمية فهو قوله: يجب ان يؤثر الاسلام على السياسة والدستور وعلى رجال الدين الا يحكموا. . . كيف يمكن لرجل بهذا الحس وبهذه الحكمة ان يظهر من وسط حطام العراق الذي سببه صدام حسين انا لن اعرف ذلك ابدا»[25].
وقال فؤاد معصوم: [26]«ان هذا الرجل العظيم اثبت بانه أكثر عراقية من اي شخص اخر وانه يعمل لصالح العراق وارشاداته جميعا تصب من اجل حفظ وحدة العراق وتقدمه واستقراره»[27].
وقالت مادلين اولبرايت [28]: «خلافا لرجال الدين في ايران الذين يصرون على ممارسة السلطة السياسية ينتمي السيستاني الزاهد الى التراث الشيعي السائد الذي يبقى فيه رجال الدين بمنأى عن الحياة العامة الروتينية مع انهم يحتفظون بحق استعمال سلطتهم في الاوقات الحاسمة.
فمنذ سقوط بغداد ادى السيستاني دوره بشكل خلاق. وبدلا من المواجهة العسكرية توصل السيستاني الى طريقة تجعل المحتلين يعملون لصالحه.
ففي سنة 2003 م عندما كشفت الولايات المتحدة النقاب عن خطة متعددة المراحل للعراق تقضي باختيار جمعية وطنية ووضع مشروع دستور تصدى لها السيستاني لا لأنها دمقراطية بل لأنها ليست ديمقراطية بقدر كاف فقد كان الامريكيون يريدون عملية خاضعة للسيطرة تضع القواعد قبل اجراء الانتخابات ورأى السيستاني ان قيام ممثلين غير منتخبين بوضع مسودة الدستور امر غير مشروع واصر على ان تتم الانتخابات اولا وبعد محاولة تجاهل مطلبه في البداية ثم بعد الفشل في التوصل الى تسوية لم يكن امام المسؤولين الامريكيين بالنظر الى كل حديثهم عن الديمقراطية الا الرضوخ »[29].
وقال غسان سلامة[30]: «كان هاجس السيد علي السيستاني منذ اليوم الاول للاحتلال بان يكون هناك دستور. . . صدقني عندما كنا نتحدث مع بريمر حول دستور كان يضحك، عارف بلد لافيه امن ولا فيه كهرباء ولا فيه بنزين ولا فيه كذا ولا فيه حتى من يمثل العراقيين.
عندما نتحدث مع العراقيين لم يكن احد يذكر الدستور. ذهبنا الى السيد علي السيستاني وكنت في تلك المرة مع سيرجيو فقال لنا بالعربية: انا اريد دستور هذا مطلبي الوحيد ولكن اريد دستور يكتبه عراقيون منتخبون من الشعب، هذا امر كان باطل بالنسبة للأمريكان كان هناك عدة دساتير مكتوبة كان هناك مكتب في واشنطون اخذا مالا طائلا من الاميركيين وكتب دستورا للعراق. . . جاء السيستاني قال لا. وحين اجابه (سيرجيو)[31] من قبل عراقيين طبعا هذا أفضل فترجم للسيستاني (من قبل عراقيين) فثارت ثائرته قال: انا لم اقل (من قبل عراقيين) بل (من قبل عراقيين منتخبين)».
وقال الاخضر الابراهيم: في تصريحه في ختام لقائه بالسيد السيستاني يوم السبت 21/12/1424هـ الموافق 13/2/2004 م «ان السيستاني محق في اجراء الانتخابات ونحن نوافقه الراي لان الانتخابات هي الوسيلة الانسب لحل مشكلة الشعب العراقي. . . وقال جئت من اجل الاطلاع على راي السيستاني حول مسالة الانتخابات. . . وقال ان السيد السيستاني ما زال مصرا على موقفه ونحن معه في هذا الراي مائة في المائة لان الانتخابات هي الطريقة الوحيدة لإخراج العراق من محنته ومن النفق المظلم»[32].
وكتب ربيع نادر[33]: في مراجعة رحلة السنوات التسع يقول النائب حبيب الطرفي: ان المرجعية في النجف الاشرف كان لها دور واضح واساسي في تشكيل العملية السياسية واجراء استفتاء شعبي على الدستور.. مرجعية النجف هي صمام الامان للعملية السياسية باعتراف الجميع فالطيف السياسي العراقي الذي يتكون بشكل رئيس من شيعي وسني وكردي ومكونات اخرى لم يجمع على شيء كإجماعه على ان للمرجعية في النجف دورا في تقريب وجهات النظر ومنع الانهيارات.
كتب حارث الحسن[34]: «الى حد كبير كان المرجع السيستاني قد لعب الدور الابرز في صياغة عراق ما بعد صدام رغم انه كان الاقل كلاما بين اللاعبين العراقيين وغير العراقيين. . . سألته (الاسوشيتد برس) بعد ايام قليلة من دخول القوات الامريكية الى بغداد عن رؤيته لمستقبل العراق كانت اجابته التي لم تتغير ابدا هي: انتخابات جمعية تأسيسية تضع دستورا يكتبه العراقيون ونقل السلطة الى حكومة عراقية منتخبة.
فقد شكل السيستاني للأمريكيين مشكلة وحلا في نفس الوقت فهو خلافا لكل من احاط بهم من العراقيين كان وحده يمتلك الشرعية والقوة لأحداث تغيير بالوضع او طمأنته لا يحتاج الامر لأكثر من فتوى بسطور قليلة. . . كانوا بحاجة الى قوة من هذا النوع قادرة على ضبط الجمهور المؤدلج في معظمه ضد وجودهم والأهم من ذلك كانوا يخشون من استفزاز تلك القوة ودفعها الى معسكر الرافضين لمنطق العملية السياسية في ظل الاحتلال كانوا يعلمون جيدا ان انضمام التيار الحوزوي المحافظ الى الحركة الصدرية المتحمسة في وقت كان الشارع السني وقواه الاجتماعية مأ سورين بفكرة المقاومة يعني فقدان السيطرة على العراق» [35].
وكتب اسحاق نقاش الاستاذ في جامعة برانديز الاميركية: «ان السيستاني يمثل المدرسة الاهدأ (quietist school) في الفكر الاسلامي داخل التشيع. . . لقد كشف السيستاني عن براكماتية وذرائعية في التعامل مع الوجود الامريكي في العراق حاثا الشيعة على عدم رفع السلاح ضد المحتلين [36] فكان نهوضه (اي نهوض السيد السيستاني) او ارتفاع نجمه كصاحب النفوذ الاول وصاحب الصوت الاخلاقي الاعلى في العراق والاكثر وضوحا في الهدنة (truce) التي كان فيها وسيطا في شهر اب 2004م وذلك اثناء عودته الدراماتيكية للعراق بعد رحلته العلاجية الطبية في لندن تلك الهدنة التي انهت ثلاثة اسابيع من القتال حول ضريح الامام علي في النجف بين قوات المارينز الامريكية والمتمردين التابعين لمقتدى الصدر والتي تم خلالها تفادي هجوما وشيكا على الضريح وكذلك وفي عدة مناسبات بين عامي 2003-2004م اصطدم السيستاني او وقف ضد خطط بريمر الذي كان في قمة هرم الاداريين الامريكان العاملين في العراق وفي حزيران 2003م أصدر السيستاني حكما منع بموجبه تعيين عناصر او اشخاص لكتابة الدستور وجعل ذلك حصريا بانتخابهم من قبل ابناء الشعب العراقي.
هذه الحركة وجهت ضربة الى الخطة الامريكية التي كادت تفضي بل تدعو للتعجيل بإصدار دستور جديد للعراق وفي تشرين الثاني من العام المذكور وعندما كشف بريمر النقاب عن خطة لانتخاب جمعية وطنية انتقالية من خلال مؤتمر عام يدعو له اصر السيستاني على انتخابات حرة مباشرة مجبرا الامريكان على الغاء هذه الخطة،
كما عارض السيستاني موضوع الدستور المؤقت(قانون الادارة الانتقالية) الموقع من قبل مجلس الحكم العراقي في آذار 2004م مؤكدا بان الجمعية الانتقالية يجب ألّا تقيد بأية وثيقة مكتوبة من قبل هيئة يتم تعيينها تحت الاحتلال وكانت نتيجة هذا الاعتراض هو ابطال موضوع الدستور المؤقت.
بهذه الاجراءات استطاع السيستاني اشغال صناع السياسة الامريكية غير المكترثين في جدل ساخن حول معنى الديمقراطية التي يريدون تطبيقها في العراق وكما تبين فيما بعد كان نفوذه او ضربته هذه قد غيرت بالصميم جوهر المخططات الامريكية في العراق آلت بالنتيجة الى تحويل القرار السيادي الى حكومة عراقية مؤقتة في حزيران 2004 م والتي كان السيستاني قد منحها ثقة مشروطة. . . وعلى الرغم من ان السيستاني لديه رؤية خاصة عما ينبغي ان تنطوي عليه الحكومة الاسلامية الا انه لم يكن ملهما او متأثرا بالخميني لقد مثل استاذه ابو القاسم الخوئي الذي توفي في عام 1992م حيث تقبل حقيقة واقعية الدولة الحديثة التي يقودها السياسيون العاديون. . . كانت اراء السيستاني تقترب من اداءات ورؤى محمد حسين النائيني مؤلف كتاب (تنبيه الامة وتنزيه الملة) المطبوع لفي النجف عام 1909م فرؤية السيستاني مثل رؤية النائيني تقوم على تأكيد مسؤولية الحكومة وموثوقيتها وحمايتها للإسلام. . . انه من ا لصعب التكهن بالضبط الى اين يريد السيستاني الذهاب بالتشيع لكنه يبدو مصمما على تحاشي المطبات والمآزق. . .»[37].
وقال ايضا: «الشخصية المحركة التي كانت تقف وراء الانتخابات 30 يناير /2005 م هو علي السيستاني الذي اظهر حنكة قيادية مشهود به في كبح كافة المحاولات داخل العراق وخارجه والتي كانت تدعو الى تأجيل الانتخابات، واظهر كذلك حكمة قيادية في تعبئة الشيعة وباقي العراقيين للمشاركة في العملية السياسية في الشهور التي قادت الى الانتخابات استطاع السيستاني ان يتربع على سدة الدور ويتصدر الواجهة كمحرض ومتعهد بحفظ المصالح السياسية للشيعة وكانه الزعيم الوطني العراقي (الاوحد) لقد عمل الرجل على تجسير الفجوات وردم الهوى بين المجاميع العراقية. . . فقد دعا في فتاواه واحكامه الى انتخابات حرة وشفافة معتبرا التصويت واجبا على جميع العراقيين كما شدد بان المرأة المتزوجة ليس واجبا عليها ان تصوت لنفس القائمة التي يفضلها زوجها وانما عليها ان تدلي برايها وفق ضميرها وقناعتها ومعتقداتها» [38].
الهوامش
[1] الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية في العراق د. وميض جمال عمر نظمي 283.
[2] الحيدري ص136.
[3] ولد ناجي شوكت في الكوت 1893م-1980م سياسي عراقي تنتمي عائلته الى الوالي التركي داود باشا التركي الشركسي تخرج باستانبول اشترك مع الشريف حسين في الثورة العربية عاد بعد تحرير سوريا الى العراق وعمل مع جمعية العهد المناوئة للاحتلال البريطاني عين متصرفا للواء بغداد ثم الموصل ثم وزير الداخلية ثم كلف بتشكيل وزارة عراقية من قبل فيصل الاول خلفا لوزارة نوري السعيد عام 1932م واستمرت وزراته الى اذار 1933م. ثم شغل منصب وزير العدل في حكومة رشيد عالي الكيلاني وبعد فشل الثورة انتقل الى ايران ثم سافر الى منفاه في جنوب افريقيا ثم استدعي منها وقدم للمحاكمة وسجن خمسة سنوات.
[4] قال حسن العلوي (خلال ستين سنة لم يستشهد مرة بحادثة من التراث العربي ولم يرد في كتاباته بيت من شعر العرب ولا أية من القرآن ولأعرف حديثا لمحمد ص وحكمة لعمر وعلي).
[5] الشيعة والدولة القومية 296-297)
[6] رشيد عالى الكيلاني باشا (1892-1965) تولى منصب رئاسة الوزراء سنة 1933ثم 1940، 1941. عين سنة 1921حاكما في محكمة التممييز، 1924 اصبح وزيرا للعدل في وزارة ياسين الهاشمي ثم وزيرا للداخلية سنة 1925 في وزراة محسن السعدون ثم رئيس الديوان الملكي زمن غازي الاول، كان من المعارضين لاي تدخل بريطاني في شؤون العراق. لم يسمح للقوات البريطانية اثناء الحرب الثانية التي بدأت في 1/9/1939باستخدام الاراضي العراقية. رجع الى العراق وهو ابن 84 عاما واخذ ينتقد سياسة عبد الكريم قاسم فدبرت له تهمة العمل على قلب نظام الحكم مع ناظم الطبقجلي وغيره.
[7] يتصل هذا الخطر بنشاط الشيعة على عهد السيد محسن الحكيم وجماعة العلماء في مواجهة النشاط الشيوعي وتاسيس منظمات واحزاب دينية وسياسية شعبية.
[8] بلغ عدد الذين قام النظام بقتلهم في جنوب العراق خلال 14 يوم من عمر الانتفاضة 300 الف إنسان اي بمعدل أكثر من 20 ألف قتيل يوميا وهذا ما ذكرته أيضا الوثائق التي عثر عليها في مكتب علي حسن المجيد، وآلاف القتلى العراقيين في شمال العراق.
[9] كانت اول جمعة اقامها الشهيد محمد محمد صادق الصدر في 19/2/1418و آخر جمعه كانت في 3/11/1419.
[10] ولد رحمه الله في النجف في عام (1348 هـ )ودرس عند السيد محسن الحكيم والشيخ حسين الحلي والسيد الخوئي ودون عنه اربعين مجلد في الفقه والاصول وقد طبع منه 16مجلد بعنوان مستند العروة الوثقى.
[11] ولد رحمه الله في عام 1349 هـ ودرس عند السيد حجت الكوهكمري والشيخ حسين الحلي والسيد الخوئي واخرين .
[12] ولد رحمه الله في عام 1943م ودرس عند الشهيد محمد باقر الصدر والسيد الخميني والسيد الخوئي والسيد محسن الحكيم واخرين ومن اهم كتبه موسوعته في الامام المهدي في اربعة مجلدات، ولم يكتب مثلها في موضوعها ، وكتاب (ما وراء الفقه) في عشرة مجلدات كثقافة فقهية معمقة هي حلقة وصل بين البحث الفقهي المتخصص والرسائل العملية الخالية من الدليل عادة. اوجدت حركته الاجتماعية رحمه الله صدى غير عادي، برز اتباعه وتلاميذه وولده السيد مقتدى الصدر في تنظيمات متميزة بعدسقوط النظام فرضت لهم مشاركة واضحة في العملية السياسية في العراق الجديد وفي الدفاع عن مقدسات العراق.
[13] اضافت حكومة عبد السلام بعد انقلابه على البعثيين سنة 1964 مواد في الدستور الموقت منها المادة 41 من قانون 1964 م تنص على ان رئيس الجمهورية يجب ان يكون مولودا في العراق من ابوين عراقيين من التبعة العثمانية ممن كان يسكن العراق منذ سنة 1900م (نجوى عن نقاش التطلع نحو السلطة ص 86)
[14] سنت حكومة عبد المحسن السعدون هذا القانون لما قام علماء الشيعة ضد مشروع المجلس النيابي الذي ضم اقلية شيعية مطالبين بمشاركتهم في الحكومة بما يتناسب وحجمهم وقدم السيد ابو الحسن الاصفهاني والشيخ محمد حسين النائيني والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والشيخ مهدي الخالصي والسيد محمد الصدر والذي عاد لتوه من منفاه من السعدية مذكرة أي الحكومة مطالبين بضرورة ان يشكل الشيعة على الاقل بنسبة نصف اعضاء هذا المجلس وفروا مقاطعة الانتخابات وافتوا بحرمة الاشتراك فيها ان لم تستجب الحكومة لمطالبهم وتوقفت الانتخابات وبدلا من الاستجابة اقدمت الحكومة على نفي قسم من هؤلاء العلماء ولاحظت حكومة السعدون ان غالبية هؤلاء المعارضين يحملون التبعية الايرانية لذلك قامت بإضافة تعديل على قانون الهجرة بحيث بتسفير الرعايا الاجانب في حال قيامهم بنشاط ضد الحكومة العراقية واصدرت الحكومة قانونا سنة 1924 قانون الجنسية العراقية رقم 42 ليقسم العراقيون الى فئتين. المرجعية الدينية والعراق الجديد ص127-128).
[15] انظر د. نجوى صالح. (128-129).
[16] كان الانجليز حريصين على اضافة ممثل الحزب الشيوعي الى مجلس الحكم (بريمر 126).
[17] استلم وزارة الداخلية المهندس صولاغ عضو الشورى المركزية للمجلس الاعلى. واستلم وزارة التربية الدكتور حسن السوداني وبعده الدكتور خضير الخزاعي. وكلام بريمر يفسر لنا كيف ان هؤلاء حين استلموا لم يستطيعوا ان يحدثوا تغييرا جوهريا في المناهج او في السياسة الداخلية.
[18] قال بريمر ص 377 (اقترحت على محسن رئيس المجلس آنذاك ان يدعو الى استراحة ثم اخذت الربيعي جانبا لأوصيه بان يقترح اضافة المبادئ الدمقراطية الى نص الاسلام فوافق وهكذا عندما عاد مجلس الحكم الى الاجتماع قبل منتصف الليل اشرت على محسن ان يدعو الربيعي الى الكلام. القى الدكتور الربيعي خطبة بليغة وقال (انه سمع الاخوة يتحدثون عن المادة السابعة وانه لاحظ على وجه الخصوص الرغبة في موازنة الإشارة الى معتقدات الاسلام بإشارة الى مبادئ الديمقراطية واقترح تعديل النص بحيث لا يمكن سن قانون يتناقض مع المعتقدات العامة للإسلام او مبادئ الدمقراطية او الحقوق الواردة في الفصل الثاني من القانون) قال بريمر طلبت الحديث لأول مرة في هذا الاجتماع الماراتوني وبعد تهنئة المجلس على جديته في بحث القضية الحساسة حدثتهم على تبني التعديل الذي طرحه الربيعي تجاوزنا أسوأ مرحلة)
[19] مذكرات بريمر. (عام قضيته في العراق السفير بريمر) 2006م بيروت.
[20] اعلامي سعودي يكتب في جريدة الشرق الاوسط صاحب شركة ORTV. حصل على لقب الاعلامي العربي الاكثر تاثيرا ونفوذا في المنطقة العربية والعالم حسب تصنيف مجلة ارابيان بيزنيس للعام 2006م
[21] جريدة الشر ق الاوسط 21/1/2010م.
[22] استاذ جامعي في اللغويات في معهد ما ساتشوستس للتكنولوجيا وناشط سياسي معروف بمناهضته للسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
[23] خليج تايمز (Khaleej Times). 6/1/2006م.
[24] خليج تايمز (Khaleej Times). 6/1/2006م.
[25] الشرق الاوسط 21/3/2005م.
[26] عضو التحالف الكردستاني، ورئيس الجمهورية العراقية حاليا..
[27] السيد السيستاني مرجعية الانسانية والعيش المشترك ص 428.
[28] اسمها ماري آنا كوربولوفا وهي اول امرأة تتسلم منصب وزيرة الخارجية في الولايات المتحدة الاميركية تنتمي الى الحزب الديمقراطي وظلت في منصبها حتى يناير سن 2010 م.
[29] كتاب الجبروت والجبار تأملات في السلطة والدين والشؤون الدولية ص 161-162 الدار العربية للعلوم.
[30] وزير الثقافة اللبناني الاسبق على قناة الجزيرة مع المذيع سامي كليب بتاريخ 14/1/2006م.
[31] رئيس بعثة الامم المتحدة برازيلي اغتيل بتفجير المقر في بغداد في 19/8/2003م. وقد عبر عنه الشهيد السيد محمد باقر الحكيم (رض) انه من أفضل اصدقاء الشعب العراقي فقد سعى بكل جهوده وتمكن من دفع الامور باتجاه انهاء الاحتلال كما سعى بكل جهده من اجل ان تاخذ الامم المتحدة دورا رئيسيا في الاوضاع العامة في العراق (الجمعة الثالثة عشرة الخطبة الثانية 22/8/2003 م.
[32] الشرق الاوسط 13/2/2004م.
[33] مجلة الاسبوعية3 /6/2012م.
[34] كاتب عراقي /البديل العراقي الاحد 4/11/2011م.
[35] السيد السيستاني مرجعية الانسانية والعيش المشترك 185.
[36] كان المجتمع الايراني في زمن السيد الخميني (رض) بحاجة الى تحريره من النفوذ الامريكي ومن نفوذ الشاه صنيعة الامريكان لينطلق كمجتمع يتكامل في ظل الاسلام برواية اهل البيت (ع) اما المجتمع العراقي فقد كان بحاجة الى تحريره من نظام حكم الاقلية للاكثرية التي انتجت تسليط صدام واسرته المدعومين من امريكا على الشعب العراقي ليعيش اجواء الاختيار الحر في الانتخابات ثم مقاومة الاحتلال سلميا وقد حقق كل موقف اهدافه بوضوح.
[37] الوصول الى السلطة اسحاق نقاش 32-35. /2012م.
[38] الوصول الى السلطة 288.
المصدر: نشرة فجر عاشوراء الثقافي التابع للعتبة العباسية المقدسة، العدد الثالث (محرم 1437هـ) ، دراسة بعنوان: مـواقف المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف في مواجهة احتلالين : الإحتلال الإنجليزي سنة 1914م والإحتلال الأمريكي سنة 2003م