الاجتهاد: إن من ابرز ثمرات الصراع الفكري بين المدرسة الاصولية والمدرسة الاخبارية هو التعمق في مباحث الدليل العقلي وتوسيع دائرته والتفريق بالملازمة بين العقل النظري والعقل العملي في مسألة ادراك البيان الصادر من الله تعالى. هذا وقد مرّ الدليل العقلي بتطوّر ملحوظ، إلى أن وصل إلى كماله على يد الشيخ الأنصاري “قدس سره”، فيعد الشيخ أول من ميز بين الحجتين (الحجة الذاتية والحجة المجعولة) والحجية بالعرض هو عنوان جديد لمباحث الظن التي لا يمكن اعتبار حجيتها الا بدليل قطعي من الشارع. / بقلم:م. د: حسنين بدر نجف
ملخص الدراسة: قد وظّف الشيخ الأنصاري “قدس سره” مدركات العقل النظري والعملي في كثير من المباحث الفقهية لإستنباط الحكم الشرعي كما في مسألة التكليف بالممتنع، واجتماع المثليين والسببين على موضوع واحد، ودلالة النهي على الفساد عند تعلقه بالأثر، وفي تقديم الأهم عند التزاحم، ولكن ذهب الى عدم امكانية استقلال العقل النظري لاستنباط الحكم الشرعي مالم يضم اليه مقدمة شرعية؛ لعدم قابلية استقلال العقل النظري في انتاج حكم شرعيّاً تاماً، وأقر بجميع مدركات العقل النظري والعملي؛ لأنها ترجع الى مسألة حجية القطع الذاتية، أي ان مدركاتها قطعية غير قابلة للخطأ.
تمهيد
إن من ابرز ثمرات الصراع الفكري بين المدرسة الاصولية والمدرسة الاخبارية هو التعمق في مباحث الدليل العقلي وتوسيع دائرته والتفريق بالملازمة بين العقل النظري والعقل العملي في مسألة ادراك البيان الصادر من الله تعالى،
هذا وقد مرّ الدليل العقلي بتطوّر ملحوظ، إلى أن وصل إلى كماله على يد الشيخ الأنصاري “قدس سره”، فيعد الشيخ أول من ميز بين الحجتين (الحجة الذاتية والحجة المجعولة) والحجية بالعرض هو عنوان جديد لمباحث الظن التي لا يمكن اعتبار حجيتها الا بدليل قطعي من الشارع، فالامارات والطرق كخبر الثقة والاجماع اصبحت بموجب الفهم الجديد حجج مجعولة من قبل الشارع تثبت حجيتها بالعرض في مقابل الأدلة القطعية التي تثبت حجيتها ذاتياً.
وكان قبل زمن الشيخ الأنصاري “قدس سره” تصنف الأدلة التي يستند عليها في مقام الاستنباط الفقهي إلى أدلة عقلية وغير عقليّة، وكان يرافق هذا التقسيم للادلة ضبابية من نوع آخر تمثلت في عدم التفريق بين الامارات والاصول وعدم التفريق بين الحكم الشرعي وبين الوظيفة الشرعية والعقلية وكذلك بين الحجج الذاتية والحجج المجعولة
واستمر هذا الغموض في تقسيم الادلة إلى عصر الشيخ الأنصاري، “قدس سره” فقد اضاف لعلم الاصول مالم يضفه فقيه آخر من جهة المنهجية وعمق الاستدلال، فعلى يديه انتظم المنهج العلمى للأصول واتسعت دائرة الحجة والدليل؛ إذ تضمن منهجه تصوّر جديد للحجج وطريقة تصنيفها وفهما وتنظيمها.
من أبرز المباني الأصولية التي اعتمدها الشيخ الانصاري “قدس سره” في مقام الاستنباط الفقهي في كتاب المكاسب هي التكليف بالممتنع واجتماع المثليين واجتماع السببين والتزاحم، ومن المعلوم إن مؤديات الدليل العقلي هي احكام قطعية إذا ما ثبتت هذه الأحكام لتلك المباني وسوف استعرض شئ من التفصيل لهذه المباني وتطبيقاتها الفقهية.
المطلب الأول: مباني الشيخ الأنصاري في التكليف بالممتنع واجتماع السببين وتطبيقاتها الفقهية
المطلب الثاني: مباني الشيخ الأنصاري في التزاحم وحجّية الدليل العقلي وتطبيقاتها الفقهية
بقلم: م. د: حسنين بدر نجف
ا.د. هادي حسين الكرعاوي
جامعة الكوفة – كلية الفقه
تحميل المقالة
المباني الأصولية عند الشيخ الأنصاري في مباحث الدليل العقلي ومباحث الحجج والأصول العملية وتطبيقاتها الفقهية pdf