يدرس الباحث الشيخ محمد رضا الساعدي في هذه المقالة موضوع مشروعيّة لسان الحال في أدب الطفّ ومنعه الذي قد وُظّف في كثيرٍ من الموارد المتعلّقة بالشعائر الحسينية من كلمات الخطباء، وشعر الشعراء، ونتاجات أقلام الكتَّاب والباحثين. وتقديماً للبحث يقول أن هناك اتّجاهان في أصل جواز لسان الحال في أدب الطفّ،خصوصاً إذا كان لسان حال المعصومين ـ كالزهراء، والحسين، والسجاد صلوات الله عليهم ـ : اتّجاه ذهب إلى المنع من تصوير لسان الحال، والاقتصار على لسان المقال. واتّجاه أصرّ على المشروعيّة والجواز، كرديف للسان المقال، بل وصف بعضهم لسان الحال بأنّه أصدق من لسان المقال. ولكلا الاتّجاهين أصحابه وأنصاره، وأدلته، وبياناته، وسنقف على ذلك مفصَّلاً إن شاء الله تعالى في طيّات الكلام.
الاجتهاد: من الموضوعات المتعلّقة بـفقه الشعائر الحسينية الذي شاع كثيراً في أدب الطفّ شعراً ونثراً، وأصبح مادّةً إلقائيّةً إنشاديّة، أو كتابيّةً هو: موضوع لسان الحال؛ فقد وُظّف في كثيرٍ من الموارد المتعلّقة بالشعائر الحسينية، كما في كلمات الخطباء، وشعر الشعراء، ونتاجات أقلام الكتَّاب والباحثين، فلعلّك لا تجد شاعراً أو خطيباً في قصيدته، أو مجلسه إلاّ ويصوّر لك بلسان الحال ما حلّ برموز كربلاء ومَن يرتبط بهم, بل ولسان حال السيّدة الزهراء عليها السلام ، وسائر الأئمة المعصومين عليهم السلام وغيرهم.
ولذلك؛ وقع الكلام في مشروعيّة هذا الأُسلوب الأدبيّ، وتصوير حال أشخاص الطفّ بصورةٍ عامةٍ، وما يزيد الأمر تعقيداً هو ما يتمتع به بعض شخوص الطفّ من سمة العصمة، وعلو المقام، ورفعة المنزلة؛ فلذا قد يصعب معرفة حالهم، وإدراك آفاق تفكيرهم، وما يتخذونه من مواقف، أو ما يقولونه من كلمات تجاه الأحداث التي تجري عليهم؛ فمن ثَمَّ يصوّر الشاعر أو الناثر لسان حالهم، كتعبير عمّا كانوا سيقولونه بلسان المقال والكلام، أو ما سيفعلونه من تصرفات ومواقف عمليّة تجاه الوقائع، والأحداث التي أحاطت بهم يوم عاشوراء، ومن أهمّها مصرع سيّد الشهداء عليه السلام .
وفي الحقيقة هناك اتّجاهان في أصل جواز لسان الحال في أدب الطفّ، خصوصاً إذا كان لسان حال المعصومين ـ كالزهراء، والحسين، والسجاد صلوات الله عليهم ـ:
اتّجاه ذهب إلى المنع من تصوير لسان الحال، والاقتصار على لسان المقال.
واتّجاه آخر أصرّ على المشروعيّة والجواز، كرديف للسان المقال، بل وصف بعضهم لسان الحال بأنّه أصدق من لسان المقال.
ولكلا الاتّجاهين أصحابه وأنصاره، وأدلته، وبياناته، وسنقف على ذلك مفصَّلاً إن شاء الله تعالى في طيّات الكلام.
بعد أنّ تبيّن لنا أنّ هذه المسألة محلّ ابتلاء؛ أصبح هناك سبب وجيه لبحثها وتنقيحها، والوقوف على حقيقتها، ويزيد الأمر أهميّة أنّها من المسائل غير المبحوثة على مستوى التنظير والتوجيه الفقهي، فهي أقرب إلى كونها من المسائل المستحدثة، وأغلب مَن ذكرها لم يُفصّل فيها، وإنّما أجاب عنها على شكل فتوى بالجواز أو عدمه، و بيّنها بالإشارات الإجمالية بحيث لا يتمكن القارئ من معرفتها، وتبقى التساؤلات والاستفسارات تجول في ذهنه، ولا يجد لها جواباً.
وفي هذا المقال نحاول الوقوف على أهمّ مفاصل هذه المسألة؛ لتكون باكورة عملٍ، وهيكلة بحثٍ، لمَن يريد دراستها وبلورتها تفصيلاً.
محتويات البحث
معنى لسان الحال
لسان الحال في النصوص الشرعيّة ( ثلاثة محاور:
المحور الأول: لسان الحال في القرآن الكريم
المحور الثاني: لسان الحال في الروايات
المحور الثالث: لسان الحال في أشعار آل البيت^
لسان الحال في الميزان الفقهي
أقوال الفقهاء في لسان الحال
القول الأول: (المنع)
أبرز مَن ذهب إلى المنع هو الشهيد السيّد محمّد الصدر قدس سره، في كتابه أضواء على ثورة الإمام الحسين عليه السلام ؛ حيث تبنَّى القول بعدم جوازه بعد أن أورد جملة من الإشكالات، وبما أنّ كتابه ليس كتاباً فتوائياً، بل كان بحثاً تأريخياً؛ فلا نستطيع أن نجزم بأنّ فتواه في ذلك هي المنع مطلقاً، ولم نجد فيما بحثنا فتوى له بذلك.
القول الثاني: الجواز
ذهب إلى الجواز أكثر المعاصرين من علمائنا الأعلام، كالسيّد الخوئيّ وأكثر تلامذته، منهم: السيد السيستاني، وأُستاذنا الشيخ الفياض، والشيخ جواد التبريزي، والشيخ الوحيد، كما ذهب إلى ذلك أيضاً أُستاذنا الشيخ محمد السند.
الرأي المختار في المسألة
حمل البحث