الاجتهاد: ولد الباحث الدكتور الشيخ عبدالهادي الفضلي في العاشر من رمضان 1354هـ (6 ديسمبر 1935م)، في قرية عراقية على ضفاف البصرة تعرف باسم «صبخة العرب» من أمّ عراقية بصرية، وأب سعودي، أحسائي.
ونشأ في البصرة، وفيها أتمّ قراءة القرآن الكريم في أحد «كتاتيبها»، وانتظم في الدراسة الابتدائية، وضم إلى جانبها دراسة عديد من كتب العربية مثل: كتاب (ابن آجروم) في النحو، و«قَطْرِ الندى» لابن هشام، و«المغني» في اللغة العربية، و«ألفية ابن مالك»، و«جواهر البلاغة»، وغيرها.
في سنّ الرابعة عشرة انتقل إلى مدينة النجف، لإتمام دراسة مبادئ العلوم الشرعية، والبدء في مرحلة التخصّص في علوم الشريعة، وجمع بين نمطي الدراسة الدينية والأكاديمية، فبالإضافة إلى دراسته على أيدي أساتذة الفقه والأصول، التحق بكلّية الفقه، التي طوّرت مناهجها الدراسية بإضافة بعض العلوم الحديثة، كعلوم: النفس والاجتماع والتربية والقانون واللغة الإنجليزية، وحصل على البكالوريوس في اللغة العربية عام 1382هـ.
وخلال إقامته هناك، عمل مدرساً للغة العربية في عدد من ثانويات العراق وكلّياته مدّة خمس عشرة سنة. وألَّف عديداً من الكتب خاصة في علوم اللغة العربية، بينها: «مختصر النحو»، و«موجز التصريف»، و«نحو أدب إسلامي». كما نشر جملة من الأبحاث، من بينها: «الأسماء الثنائية في اللغة العربية»، و«الأمثال في نهج البلاغة».
وحقق بعض المخطوطات، مثل: «الواضحة في تجويد الفاتحة»، للمرادي، و«بصروية شمس الدين البصروي في النحو». التحق بكلية الآداب بجامعة بغداد وتخرج فيها سنة 1391هـ بدرجة ماجستير آداب في اللغة العربية، وكان موضوع وعنوان رسالته للماجستير (أسماء الأفعال والأصوات، دراسة ونقد) بإشراف الدكتور إبراهيم السامرائي، وفي العام 1391هـ أيضاً، التحق بالعمل بجامعة الملك عبدالعزيز، مدرِّساً لمادّة الأدب العربي، طيلة عامين كاملين.
وفي عام 1393هـ ابتُعث إلى جامعة القاهرة، لنيل شهادة الدكتوراة، من كلية دار العلوم، وبعد ثمانية عشر شهراً حصل عليها بامتياز مع مرتبة الشّرف، وذلك في عام 1396هـ عن الرسالة الموسومة بـ(قراءة ابن كثير وأثرها في الدراسات النحوية).
استأنف عمله في جامعة الملك عبدالعزيز، فدرّس النحو والصرف والعروض، وأسّس مع الدكتور عمر الطيب الساسي قسم اللغة العربية بكلية الآداب، وأسندت إليه رئاسته مرّتين متتاليتين. كما أشرف وشارك في مناقشة عدد من الرسائل العلمية لطلبة الدراسات العليا، واختير محكِّماً لجملة من أبحاث الترقيات العلمية فيها.
وكان عضواً مؤسساً في هيئة تحرير (أخبار الجامعة)، ودورية أخرى نشر فيها بعض مقالاته، وعضواً مؤسِّساً ودائماً في لجنة المخطوطات بمكتبة الجامعة المركزية، وامتدّ نشاطه في هذه اللجنة، بصفته مسؤولاً عنها، إلى التعاون مع مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالرياض، كما كان عضواً في النادي الأدبيّ الثقافيّ بجدة، إلى أن تقاعد من العمل عام 1409هـ.
تفرّغ بعدها لإتمام ما لديه من مؤلّفات، ثم عمل أستاذاً في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن، حيث درّس فيها المنطق وأصول البحث وأصول علم الحديث وعلم الكلام وتاريخ التشريع الإسلامي، مُشرفاً على بعض طلبة الدراسات العليا.
وقد تعرض الفضلي إلى الإصابة بالجلطة مرتين، كانت الثانية أواخر العام 1427هـ وعلى الرغم من وضعه الصحي واصل الإشراف على إخراج مؤلفاته في طبعاتها الحديثة، وأخذ يُملي على نجله الصفحات الأولى من كتاب في اللغة العربية كان ينوي تصنيفه باسم (الوسيط النحوي).
وقد قضى الدكتور الفضلي سبع سنوات رهين البيت والمستشفيات ومراكز العلاج الطبيعي في مناطق مختلفة من العالم، حتى توفي في 27 جمادى الأولى 1434هـ (8 أبريل 2013م)، شيعته موجة بشرية من تلامذته وعارفيه ومحبيه إلى مثواه الأخير.