طرق التَّدريس في الدّراسات الحديثة والحوزات العلمية

يطرح العلامة الفضلي “ره” في كتابه “الحوزة العلمية تاريخها، نظامها ودورها في تغيير واقع الأمة” السؤال عن كيفية الدراسة وطريقتها الذي يرتبط بالمنهج، وأنه كيف تُدرَّس المواد العلمية في مرحلة المقدمات والسطوح سواء في الدراسات الحديثية أو في الحوزات العلمية.يقول العلامة الفضلي “قدس سره:

طرق التدريس في الدراسات الحديثية:

1 –نحن في الابتدائيات والمتوسِّطات والثَّانويّات والجامعات، يُحضّرُ المدرِّس الدَّرس من خلال الكتاب المقرَّر، وقد يُراجع بعض الكتب، وقد يقتصر على الكتاب المقرَّر، ويلقي الدَّرس هكذا من دون أن يفتح الكتاب، يسمون هذه الطريقة من التدريس (طريقة المحاضرة). فلا يوجد كتاب يُفتح، وقد يَستعمل وسيلة إيضاح أو سبورة أو خريطة.

2- وقد تُستعمل في الدّراسة الحديثة (طريقة السؤال والجواب)؛ يطرح المدرِّس سؤالا على الطلاب، ويجيب أحد الطلاب ويناقش الجواب، ويطرح على الآخر وهكذا. وهذه طريقة من الطّرق، ولكن (طريقة المحاضرة) هي السَّائدة أكثر من الطّرق الأٌخرى.

طرق التدريس في الحوزات:

۱- في الحوزات، تُستعمل (طريقة شرح العبارة): يفتح الأستاذ والطلاب الكتاب، ويَقرأ العبارة: سطرًا أو سطرين أو مقطعًا من الموضوع، ويبدأ بالشّرح.

هذا الشّرح تكون فيه فائدة غير موجودة في (طريقة المحاضرة)، وهي أنّه من خلال الشّرح قد تأتي كلمة يضطّر أن يعطي معناها اللُّغوي، وربما يُعطي أكثر من معنی لغوي، ويقرِّر أن هذا المعنى المعيّن هو الذي يُراد.

أو تأتي كلمة تحتاج إلى إعراب يُعربها، أو هذه الكلمة تحتاج إلى أن يستطرد ويذهب إلى علم آخر فيتحدَّث عن هذا الموضوع.

فهذه الطريقة حركة داخل دائرة معارف علميّة، يخرج الطالب ليس بالمادّة المقّررة فقط، وإنّما إلى جانب المادّة المقرَّرة يخرج بمجموعة من المعارف المختلفة قد ترتبط بهذه المادّة، وقد لا ترتبط بهذه المادّة.

فإذا كان المدرِّس تربويّاً (۱) ، فالطالب ينتفع فائدة كبيرة.

هذه من حسنات (شرح العبارة).

أمّا الجانب السَّلبي فيها، فإذا كان المدرِّس غير تربوي، وكان المدرِّس يريد فقط ضخّ المعلومات، ويكون حافظًا ويريد أن يتحرك في المادة قد يكون فيها جانب سلبي، وهو أنّ الطالب لا يحتوي الفكرة بالشكل المطلوب. هذه مما يدخل في المنهج هنا.

(البحث الخارج ) الأسلوب الحوزوي المميّز

۱– في البحث الخارج، أوّل شيء فيه أنّ الأستاذ الذي يقوم بتدريسه – عادةً – يكون مجتهدًا.

۲ – ولا يستعمل كتاب، ولا يستعمل (طريقة شرح العبارة)، ولكن يعتمد على كتاب من الكتب، يكون منطلَق البحث عنده، وقد يأتي البحث بشكل شرح لذلك الكتاب.

٣الطريقة التي تُستعمل في البحث الخارج:

– یحرّر المجتهد أو الأستاذ المسألة – هو تعبير قدیم، ولا زال يُستعمل في الحوزات – يعني يوضّح الموضوع الذي يريد أن يتحدّث عنه وفيه، مثلًا: (طهارة الإنسان، ونجاسة الإنسان)؛ يوضّح المعنى الذي يتحدّث عنه.
– بعدها يستعرض الأقوال في المسألة، من يقول: حرام، واجب، وآخر يقول مستحب، أو آخر يقول صحيح، وآخر يقول باطل، يستعرض كلّ الأقوال العلماء في المسألة.

– ثم يأتي بدلیل كلّ قول من هذه الأقوال، ويوضّح الدّليل.

– بعد هذا يقوم بالموازنة بين الأدلة، بما يمتلك هو من خلفيّات ثقافية، وبما يمتلك من موهبة ذكاء، فللذكاء مدخلية كبيرة وبما يمتلك من ذوق، وللذوق أيضًا مدخلية هنا.

فيوازن بين هذه الأدلّة، بما عنده من قواعد وأصول ومبادئ وثقافات أخرى ويرجّح، فقد يتبنّى أحد الأقوال، وقد يأتي بقول جدید.

هذه الطريق غير موجودة إلا في الحوزات، وهنا تميّزت الحوزات بالعمق في الدّراسة، عمق في البحث، عمق أفقي – الشمولية كما في لغة الجامعات – بحيث يلملم كلّ ما يرتبط بالموضوع.

وعمق طولي، يذهب مع الأدلّة إلى جذورها تمامًا؛ يعني لا يمرّ بالأدلّة مرورًا عابرًا أو مرورًا هامشيًّا أو يعاملها معاملة سطحية، إنّما ينزل إلى الأعماق والجذور مع هذه الأدلة.

الهوامش

(۱) المدرّس قد يكون مدرِّسًا، وفي نفس الوقت تربویًّا. ما معنى التَّربوي؟ يعني يفهم كيف يوصل الفكرة المطلوبة أو مادَّة الدّرس المطلوبة إلى ذهن الطالب، ويستعمل ما عنده من أساليب، من خلال الحديث والإشارة والتّوضيحات الأخرى، وهذا المدرّس التربوي، وعلى عكسه المدرّس غير التّربوي. (المحاضر)

 

المصدر: كتاب: الحوزة العلمية تاريخها، نظامها ودورها في تغيير واقع الأمة للعلامة الفضلي “ره”

تحميل الكتاب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky