خاص الاجتهاد: كان زعيم الحوزة العلمية آية الله السيد حسين البروجردي “قدس سره” يملأ أوقاته كلّها بالعمل المتواصل، بلا انقطاع، وقيامه بذلك على كبر سنّه كان دافعاً قويّاً ومشجّعاً عمليّاً للشباب من طلاّبه على المثابرة والمواصلة والجدّ. فكان يقول: «إنّي لا أتعبُ من الأعمال العلميّة».
وكان يتبرّمُ ممّا تورّط به من أشغال ومراجعات، عاقته عن مواصلة العمل العلميّ، ويقول: لمّا كنتُ في بُروجِرد كنت أجد الفراغ الكافي للمطالعة والتحقيق لكنّي هنا متورّطٌ باُمور تصدّني عن ذلك. وكان لا يملّ من المطالعة، بل يقول: إنّي اُميطُ عن نفسي الأحزان والأتعاب بوسيلة المطالعة.
رحل المرجع الكبير آية الله السيد حسين البروجردي عن الدنيا في 13 شوال العام 1380ه/ـ المصادف 30/ 3/ 1961م، وقد صلّى على جثمانه المبارك ابنه السيّد محمد حسن الطباطبائي البروجردي، بإيعاز من آية الله البهبهاني، ثم دفن في مسجد عند حرم السيّدة المعصومة في مدخل المسجد الأعظم في قمّ.
لقد ذكر الشيخ على الدواني تفاصيل عن برنامجه اليومي الذي كان سيدنا المترجم له ملتزماً به وقال:
” كان آية الله السيد حسين البروجردي الفقيد يستيقظ قبل الفجر بساعتين، ويتوضأ ويصلي، ثم يطالع حتى الفجر، ويصلّي في أول الوقت صلاة الصبح وبعد الصلاة يقرأ التعقيبات، ويتلو القرآن، ثم يرجع الى المكتبة ويطالع ويحضّر الدرس حتى يحل وقت الدرس، وما كان فى هذه الفتره يستقبل أحداً .
وفي الساعة العاشرة – وأحياناً بعدها بقليل – كانت العرّابة وفي أواخر حياته سيارة تكسي تنتظره على باب الدار، لتقلّه من بيته إلى حرم السيدة معصومة عليها ،السلام ليحضر الدرس، وكان الدرس غالباً في الحرم أو الصحن، وأخيراً كان في المسجد الأعظم.
وكان يحضر درسه أكثر من ألف عالم وفاضل، وكان يرقى المنبر للتدريس ساعة، يستمع خلالها لإشكالات العلماء بدقة ويجيب عليها.
وبعد الدرس وفي بيته كان يستقبل المراجعين وأصحاب الحوائج، وكان هو بنفسه يتولّى الأمور، ويقضي الحوائج.
وقبيل الظهر يذهب المراجعون، ويتهيّأ السيد للوضوء لصلاة الظهر، كان يطوّل في الوضوء، وقبل الوضوء وبعد الوضوء وفي أثناءه كان يقرأ القرآن، ثم يصلي صلاة الظهر والعصر، وبعد التعقيب يتناول الغداء، وكـان غداه مثل فطوره مختصراً وبسيطاً .
وبعد تناوله للغداء كان يقرأ الرسائل ويجيب عليها بنفسه، وكان مجموع هذه الرسائل سبعين إلى ثمانين وأحياناً مئة رسالة يوميّاً.
وبعد قراءة الرسائل والبرقيات كان يكتب على ظروفها ما يخص بها، حتى يسهل فرزها والإجابة عليها.
وكان – رحمه الله ـ قد خصص يوماً معيناً للجواب على الرسائل، ويوماً معيناً للجواب على الاستفتاءات، وكان كاتبه الآغا حاج حسين أحسن يكتب الجواب بأمر من السيد، ثم يقرأ السيد الجواب، وأحياناً يصلح (يعدّل) بعض العبارات، وأحياناً كان هو -رحمه الله – يملي والكاتب يكتب، ثم يختم الجواب بخاتمه أو توقيعه.
وكان ـ قدّس سرّه – يهتم بالرسائل كثيراً، ويتابع أجوبتها بدقة، وأحياناً كان يقرأ جواب رسالة كان قد قرأها قبل خمسة أو عشرة أيام فيقول: أليس هذا جواب الرسالة الفلانية؟ وأحياناً كان يرى الجواب غير مناسب فيأمر أن يكتب الجواب مرّة ثانية، ثم يقرأ الجواب ويختمه، وكان هذا مما يزيد في إعجاب الكل، ويتعجبوا من قوّة حفظه وذكاءه.
وبعد قراءة الرسائل والأجوبة كان أحياناً يستقبل بعض الأشخاص، حتى يحلّ وقت صلاة المغرب، وكان يصلي صلاة المغرب والعشاء جماعة، وفي أيام شهر رمضان كان يصلي الظهر والعصر في المسجد الجامع الواقع في بعض محلّات قم القديمة، وفي الأيام الأخيرة كان يصلّيهما في المسجد الأعظم.
وكان في أواخر أيام حياته قد عجز من الحضور للجماعة، ولكنه كان يحاول أن لا يترك هذا الشعار الإسلامي العظيم مهما أمكن.
وبعد أداء فريضة العشاء كان يتناول عشاء مختصراً، ثم ينشغل بالمطالعة، وأحياناً بمراجعة الرسائل حتى الساعة الثانية عشرة، ثم ينام.
وكان نومه في اليوم والليلة – في غير أيام المرض – أقل من خمس ساعات، وكان في شهر رمضان – غالباً ـ يتناول الإفطار بعد صلاة المغرب والعشاء، وكان أحياناً يتناوله بين الصلاتين (۱).
المصدر: كتاب حياة سيد الطائفة آية العظمي السيد آقا حسين الطباطبايي البروجردي، تأليف الشيخ محمود درياب النجفي – الصفحة 108
رابط تحميل الكتاب من مكتبة آية الله البروجردي