البروجردي - نوري الهمداني

المنهج الاجتهادي عند الإمام البروجردي .. حوار مع المرجع الديني آية الله نوري الهمداني

الاجتهاد: نتناول في هذا الحوار مع المرجع الديني آية الله الشيخ حسين النوري الهمداني الأسلوب الاجتهادي للفقيه المتبحِّر والعالم العظيم البروجردي رحمة الله عليه، والذي يعدّ من مفاخر حوزة الاجتهاد الشيعية، وذلك حسب ما جاء على لسان تلامذته الذين لمع نجمهم على يديه.

مع ملاحظة النقل بالمعنى، وتنوّع حديث الرواة من حيث المعلومات والكِبَر في السنّ والحداثة، وكذلك من ناحية الجنس، واللغة إنْ كان عربياً أو أعجمياً…، فهل يمكن الاعتماد على ألفاظ الروايات في مثل هذه الحالة؟

المرجع نوري الهمداني: مع ملاحظة إحراز الشروط التي تنطبق على الراوي في نقل الحديث، مثل: الضبط والعدالة والوثاقة و…، يجب أن تؤخذ هنا ألفاظ الروايات بعين الاعتبار، وأن تولى عناية خاصة. وفي حالة الشكّ يكون الحاكم أصل عدم السهو، وأصل عدم الغفلة، وأصل عدم النسيان، وأصل عدم الزيادة والنقصان، وأمثال ذلك.

مثلاً: في باب الغُسْل بالنسبة إلى غسل الطرفين الأيمن والأيسر يوجد لدينا مجموعتان من الروايات: في بعض الروايات الطرف الأيسر معطوفٌ بالواو على الطرف الأيمن؛ وفي روايات أخرى توجد لدينا كلمة «فاء» أو «ثمّ». وكلمتا «فاء» و«ثم» تدلّ على الترتيب والترتُّب نوعاً ما، مع أنه أحياناً لا تعطي نفس الدلالة، بعكس «الواو» الذي ليس له دلالة على الترتُّب والتعاقب نوعاً ما.

لذا فإنّ السيد الخوئي بما أنّه يعتمد الروايات صحيحة المبنى، ولا يولي اهتماماً للمشهور وما يبنون عليه، فإنّه يستند إلى الروايات التي بها كلمة «واو»، ويقول في الغسل: لا يلزم أن يتقدَّم الطرف الأيمن على الطرف الأيسر؛ لأن الرواية التي تحتوي على كلمة «واو» مرجَّحة على الروايات الأخرى من حيث السند، ومن حيث معيار الصحّة وسقم الرواية أيضاً، من ناحية القبول وعدم القبول.

ولكنْ من وجهة نظرنا بما أنّ سند هذه الروايات حسنٌ، وظواهر الألفاظ حجّة أيضاً، فلا يمكن الإفتاء كما أفتى السيد الخوئي، بل يجب القول كما المشهور: في حالة الغسل من الضروري الترتيب بين اليمين واليسار.

نعم، لو أن ظواهر الألفاظ كانت بصورةٍ غير قابلة للجمع ففي هذه الحالة لها حكم آخر. وذلك أنّ الكتب القديمة كانت تكتب بالخط الكوفي، الذي لا يحتوي على نقاط، فإذا ما رفعنا النقاط من بعض الحروف يصبح شبيهاً لها، بل نفسها. لذا إذا ما دقّقت في كتب الروايات أحياناً يكتب فوق الكلمة حرف «خ»، أو حرف «ل خ». ويعني حرف «خ» أنّه قد كتبت بهذه الطريقة في نسخةٍ، و«ل خ» يعني أنّها كتبت في عدّة نسخ بهذه الطريقة.

أي إنّه إذا كانت هذه الكلمة في عدّة نسخ مطابقة للمتن ففي عدة نسخ أيضاً النسخة التي تكون بدلاً لها مطابقة لها أيضاً. مثلاً: في إحدى الروايات، كما بيَّن الشيخ الأنصاري في الأصول، هناك ثلاث صور قد وردت: يوجد لدينا في إحدى النسخ: مَنْ حَدَّد قبراً…؛ ويوجد لدينا في نسخة أخرى: مَنْ جَدَّد قبراً…؛ وفي نسخة ثالثة: مَنْ جَدَّث قبراً…، وتختلف كلمة جَدَّث في المعنى عن كلمة حَدَّد؛ وذلك لأن كلمة «حَدَّد قبراً» تعني أنه جُعل أعلى القبر على هيئة هرم، وتقريباً يكون بصورةٍ ذات قداسة. أمّا كلمة «جَدَّد قبراً» فتعني أنّ القبر كان قديماً فجُدِّد. أما كلمة «جَدَّث قبراً» فتعني أنّ القبر قد بُني للآخرين.

إنّ الدليل على حجّية الظواهر هو سيرة العقلاء، وهم لا يرونها حجّةً في الموارد التي لا تنقل نفس الألفاظ. وبما أنّه من جهةٍ يُحتمل أنّ رواة الحديث ينقلونه بالمعنى؛ ومن جهة أخرى هناك أحداثٌ تقع لهم ممّا يضطرهم للاعتماد على حافظتهم في جمع تلك الروايات، كما حدث لابن أبي عمير؛ ومن جهة ثالثة يختلف الرواة في قدرتهم على تحمُّل الأحاديث، فكيف يمكن الاستناد والاعتماد على الألفاظ، مثل: الفرق الذي وضع بين كلمة «الواو» وكلمة «الفاء»، بحيث إن «الفاء» تدلّ على الترتيب، أو بين كلمة «الفاء» و«ثم» يوجد فرق كذلك، وهو أنّ «الفاء» تدلّ على التعاقب، أما «ثمّ» فتدلّ على التراخي؟

المرجع نوري الهمداني: كبرى القضية صحيحٌ، فإذا كانت بهذا الشكل لا يمكن الاعتماد على الألفاظ. ولكنّ إشكالنا في الصغرى. ليست المسألة كما تظنون؛ فإن الرواة كانوا أصحاب ألواح، يعني بحسب المتعارف اليوم ورق وقلم، وبعبارة أخرى: كانت لديهم وسائل للكتابة، وفي الوقت الذي يتكلَّم المعصومون عليهم السلام أو يتفوَّهون بحديث يدوِّنونه في الحال.

ولا ينبغي أن يكون هناك شكٌّ في هذا الأمر؛ لأنّ كلمة الراوي تطلق على الشخص الذي لديه ملكة الحفظ، ويتقن ضبط الروايات كما هي، دون نقيصة أو زيادة، وفي غير هذه الصورة لا يستحقّ أن يطلق عليه اسم (راوي).

لذا فإن رواة الأحاديث كانوا يحفظون حتّى مقاماتهم، مثلاً: كان عبد الله بن مسكان يجلس عند الأحذية في بيت الإمام عليه السلام، ويقول: مع وجود العظام من القوم هذا مكاني. نعم، في بعض الموارد قد لا تراعى مثل هذه الأمور، ولكنْ في الأعمّ الأغلب كان الأمر هكذا؛ حيث إن الرواة كانوا يُحْضِرون معهم وسائل الكتابة المعروفة في زمانهم، ويقومون بتسجيل وتدوين نفس الكلمات التي ينطق بها المعصومون عليهم السلام.

 مع أنّ الكتب الأربعة تعتبر من أهمّ كتبنا الروائية الجامعة، ولكنْ يوجد اختلافٌ كبير في متن الروايات في النسخ المختلفة، وهذا الاختلاف في كثير من الموارد يكون سبباً في تغيير المعنى. فلأيّ حدٍّ يمكن الاستناد إلى ألفاظ هذه الروايات في الإفتاء؟

المرجع نوري الهمداني : أنا لا أعتقد أنّ الأمر بهذا الشكل الذي ذكرتموه. فلم تكن جميع الكتب المتداولة في ذلك الزمان في متناول الكليني والصدوق. وأيضاً الروايات التي كانت موجودة في كتاب (التهذيب) لم تكن موجودة في (الكافي) للكليني، مع أن الفاصلة بينهما ما يقرب من مائة وثلاثين سنة، واحتاج الكليني إلى عشرين سنة كي ينهي كتابة (الكافي)، الذي لم يكن يحتوي أيّ روايةٍ من روايات مَنْ لا يحضره الفقيه.

أمّا كتاب (الاستبصار) فهو يحتوي نفس الروايات التي في كتاب (التهذيب). فإذا كان هناك من اختلاف في المتن الخبري فإنّ (الكافي) يعتبر أضبط من الكتابين الأخيرين. هذا إذا تمّ نقل الخبر في الكتب الثلاثة. مثلاً: إذا وردت كلمة «مَنْ جَدَّد» وكلمة «مَنْ حَدَّد» وكلمة «مَنْ جَدَّث» بهذه الصورة يكون الكليني مقدَّماً على الآخرين.

جاء في باب الشهادة أنّه يجب أن تكون عن حسٍّ، فإذا كانت كذلك تعتبر حجّة، لا أن تكون عن حدس. فبما أنّها تعتبر حجة فقط إذا ما كانت عن حسٍّ فكيف يتمّ توجيه شهادة أمثال: النجاشي والكشّي والطوسي والحلّي بالنسبة إلى أصحاب الرسول| والأئمّة^، علماً أنّهم لم يشهدوا ظهور النصّ؟

المرجع نوري الهمداني: هذا البحث تناوله علم الرجال بإسهاب. وهل أنّ الرجوع إلى أقوال الرجاليّين: أمثال: النجاشي والطوسي والحلّي وغيرهم، من باب الشهادة أم من باب الرجوع إلى أهل الخبرة والفن؛ لأنّهم يعدّون من المتضلّعين في علم الرجال، ولديهم مهارات يعتدّ بها؟

فإذا قلنا: إنّ الرجوع إلى قول الرجالي من باب الشهادة فلا بدّ من اشتراط عدالة الشاهد، وأحياناً يشترط تعدُّده أيضاً؛ أما إذا قلنا: إنّه من باب الرجوع إلى أهل الخبرة والفنّ فلا تشترط العدالة، ولا التعدُّد، بل أحياناً لا يشترط الإسلام أيضاً؛ لأنّ المعيار والميزان في الرجوع إلى الخبراء أنّه يولد الثقة والاطمئنان. نعم، من ناحية الحرفية والتخصُّص يجب أن يكون بالمستوى الذي يكون كلامه مطمئناً. فمثلاً: الطبيب المتخصِّص الماهر يمكن الرجوع إليه، وإنْ كان غير مسلمٍ. وكذلك يمكن الرجوع إلى المقَيِّم للسلع.

يعتقد صاحب المعالم أنّ قول الراوي حجّة إذا كان مؤيَّداً بعدلين. ويعتبر الخبر صحيحاً إذا كان راويه عدلاً؛ لأنه يعتبر حجية قول الرجالي من باب الشهادة.

وفي المقابل يعتبر السيد البروجردي الرجوع إلى أقوال الرجاليين من باب الرجوع إلى الخبراء وأهل الفنّ، ويقول في ذلك: إنّ الرجاليّين، كالنجاشي والكشّي وغيرهما؛ لتمرّسهم في التراجم، وقرب زمانهم من زمان رواة الحديث، وكون القرائن واضحةً عندهم، فقد أصبحت لديهم خبرة في معرفة رجال الحديث. وبما أنّ المعيار هو حصول الوثوق والاطمئنان فإنّ أقوال هؤلاء العظام؛ بسبب خبرتهم، تولِّد اطمئناناً.

إذا كان الرجوع إلى أقوال الرجاليين من باب بناء العقلاء، الذين يرجعون بدورهم إلى أقوال أهل الفنّ والخبرة، ففي هذه الحالة لا يجب أن يكون هناك اختلافٌ بين شهادة الرجاليّين، أي إنّه لا يجب أن يكون هناك اختلافٌ بين الحلّي والنجاشي؛ لأنهما من أهل الفنّ في هذا العلم؟

المرجع نوري الهمداني : هذا إذا كان الرجوع في هذا الأمر إلى أقوال الرجاليين من باب الرجوع إلى أهل الفنّ والخبرة. ولكنّ السؤال: هل يوجد اختلافٌ بين خبراء علم الرجال، بحيث تكون هناك أفضليّة للبعض منهم على البعض الآخر، فترجح أقوالٌ على أقوال؟ من الطبيعي أن يكون الجواب نعم؛ لأن الخبراء ليسوا كلّهم سواء، بل هم مراتب، كالعلم والظنّ. وعليه فقول مثل النجاشي يكون موجباً للاطمئنان أكثر من غيره، ممَّنْ لا يصلون إليه في المرتبة.

هل الملاكات في باب جرح وتعديل الراوي تعبّدية أو عقلائية؟ وإذا كانت عقلائيّة فهل بالإمكان التعدّي من الملاكات المذكورة في كتب الرجال؟ وإذا كان التعدّي جائزاً، كما قال الشيخ في ملاكات باب التعادل والتراجيح، فكيف يوجَّه الجمود على الشهادة والوثاقة؟

المرجع النوري الهمداني: الظاهر أنّ هذا الأمر ليس تعبدياً؛ لأنّ الملاك في حجّية أخبار الآحاد هو بناء العقلاء. فبناء العقلاء في الحياة على أنّ أيّ خبر يحصل لهم به وثوقٌ يعملون به، ويعتبرونه حجّة. والحجّة يعني «ما يحتجّ به» من ناحية العبد لدى المولى، وبالعكس. فإذا ما خالف العبد فللمولى أن يحتجّ عليه: لماذا خالفت ذلك الأمر؟ وإذا ما عمل وتبيَّن الخلاف فللعبد أن يحتجّ عليه.

فبناء العقلاء على أنّ الخبر إذا حصل منه وثوقٌ يكون هو الحجّة. ولذا في حالة تعارض خبرين أو أكثر فأيُّهما أكثر وثوقاً تكون له الأرجحيّة على الأخبار الأُخَر.

كيف يوجَّه الجمود الذي يطرأ على ألفاظ الرجاليين في الشهادة والوثاقة. فبعض الأشخاص، كإبراهيم بن هاشم، الذي يقولون في حقّه: «أوّل مَنْ نشر حديث الكوفيّين في قم»، لأنّ الرجاليّين لم يشهدوا بوثاقته لا يوصف حديثه بالصحيح؟

المرجع نوري الهمداني: هنا يجب توضيح أمور، وهي:

إن الشهادة لا تعتبر معياراً، إنّما المعيار هو الرجوع إلى أهل الخبرة.

وهناك صغرى وكبرى.

أمّا الكبرى فهي: أيّ خبر يوجب الاطمئنان على أساس بناء العقلاء يكون حجّة.

وأمّا الصغرى فهي: أيُّ خبر يوجب الاطمئنان؟

الخبر الذي يكون راويه عادلاً إمامياً يكون صحيحاً. والخبر الذي يكون راويه عادلاً، ولكنّه غير إمامي، بل كان فطحياً أو ناووسياً أو واقفياً، إلخ، ويحصل من خبره الاطمئنان، يكون حجّةً كذلك. فالعدالة ليست هي الملاك، إنما الملاك هو الوثاقة.

إذن أيّ خبر يحصل من كلام راويه الاطمئنان يكون حجّة.

ففي التقسيمات الأربعة (الصحيح، والموثَّق، والحسن، والضعيف) كون الراوي ممدوحاً ليس ملاكاً للحجّية، وإنّما ينبعي أن لا يكون كذّاباً. لذا فإن الصحيح والموثَّق يحصل منه الاطمئنان، أمّا الحسن فلا يحصل منه اطمئنان. أي إن الإمامي الممدوح لا يوجب الوثوق، بل يجب أن يحصل الاطمئنان به. لذا فإنّ الوثوق حاصل في الصحيح والموثَّق حصراً، أي أن يكون عادلاً وموثَّقاً. لذا لو أنّ الخبر كان بحالةٍ شديدة من الضعف، ولكنّ فقهاءنا عملوا به، فإنّ هذا يكشف أنّه كانت لديهم قرائن على صدوره، ممّا أدى بهم إلى العمل به.

نعم، يولي السيد الخوئي هنا أهمّية للخبر نفسه، ولصحته ووثاقته. أمّا طبق نظر البروجردي فيكتفي بالوثوق بالصدور. وعليه فإنّ الخبر إذا كان في أعلى درجة من الصحّة، ولكنْ أعرض عنه الأصحاب، فهذا الإعراض يوجب ضعفه؛ لأنه غير موجب للوثوق والاطمئنان.

ويقوم مبنى السيد الخوئي على الاعتقاد بأهمّية العدالة والوثاقة في المخبر. أما نحن فنعتبر أنّ الملاك هو بناء العقلاء.

أمّا بالنسبة إلى إبراهيم بن هاشم فالسيد البروجردي، رغم اطّلاعه على قول النجاشي والكشّي بأنّه أول مَنْ نشر حديث الكوفيين في قم، لا يقبل كلامهما؛ لأن مدينة قم كانت في ذلك الوقت مركزاً للعلماء، وأحاديث الأئمّة كانت منتشرةً قبل قدومه إليها. فالقمّيون في زمن الإمام الباقرعليه السلام كانوا يتردَّدون عليه، ويروُون الحديث عنه، قبل إبراهيم بن هاشم.

وطبق التصنيف الذي صنَّفه البروجردي يعتبر إبراهيم بن هاشم من الطبقة السابعة، والكليني من الطبقة التاسعة، وعليّ بن إبراهيم من الطبقة الثامنة، وعبد الله بن مسكان وحمّاد بن عثمان من الطبقة الخامسة، وأحمد بن أبي نصر البزنطي من الطبقة السادسة. فالرواة الذين كانوا يتردَّدون على الأئمة^ من الطبقة الخامسة والسادسة، لذلك لا يمكن القول: إن إبراهيم بن هاشم هو أوّل مَنْ نشر حديث الكوفيين في قم.

ومن جهة أخرى فجميع الروايات التي قد نقلها إبراهيم بن هاشم كانت معروفة، وقد ذكرتُها في كتابي المعنون بطبقات الثقات، الذي كتبته في زمان البروجردي، وقد ذكرت فيه إبراهيم بن هاشم.

وهناك مسألة أخرى، وهي أن إبراهيم بن هاشم رواياته صحيحة. فقد أثبت السيد بحر العلوم، وهو عمّ جدّ البروجردي، في كتابه الفوائد الرجالية ـ ويولي السيد البروجردي عنايةً خاصّة بهذا الكتاب ـ أنّ إبراهيم بن هاشم عادلٌ إماميّ، وكذلك أثبت السيد الداماد أيضاً في كتابه الرواشح السماوية أنّه يُعدّ من العدول.

المصدر: نصوص معاصرة

ترجمة: كاظم خلف العزاوي

 

السيد البروجردي

الإمام البروجردي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky