رواد التقريب + البروجردي + شلتوت + مبلغي

الشيخ مبلغي للاجتهاد: لو لم يكن آية الله البروجردي لما كان شلتوت أيضاً

خاص الاجتهاد: محمود شلتوت المعروف باسم «الشيخ شلتوت» هو واحد من كبار أهل السنّة و باحث و مفسّر وفقيه أصولي، و أديب لغوي مصري ومن رؤساء جامعة الأزهر ومؤسس دار التقريب بين المذاهب الإسلامية. وهو من الناشطين في مجال الوحدة بين الشيعة و السنة والمدافعين عنها، وتربطه علاقات ودية بآية الله السيد حسين البروجردي.

من أهم الفتاوي التي صدرت عن الشيخ محمود شلتوت جواز العمل بفقه الشيعة مثل العمل بفقه المذاهب الأربعة لأهل السنّة. كما دافع في بعض فتاويه عن الأحكام الفقهية للشيعة.

بما أننا على أبواب الذكرى السنوية لوفاة المرحوم شلتوت، فإننا نغتنم الفرصة لنتعرف أكثر على خدماته في سياق الوحدة بين المذهبين الشيعي والسنّي، من خلال الحوار التالي مع الدكتور أحمد مبلغي أستاذ البحث الخارج في الفقه والأصول في حوزة قم العلمية، و رئيس مركز البحوث الاسلامية في مجلس الشورى الإسلامي.

وكما قال فإن شجاعة الشيخ شلتوت وشهامته في مجال التقريب، أشبه بشجاعة وشهامة آية الله البروجردي، وقد تمكنا جنباً إلى جنب من القيام بعمل؛ عمل أصبح نقطة تحول في تاريخ التقريب. وفيما يلي سنضع أمامكم نص الحوار:

ملىء بالرحمة، بعيد عن سوء الظن

يتميز الراحل شلتوت بخصائص، إذا استطعنا تحديد هذه الخصائص، فسيمكننا التعرّف على سر تحوله إلى رجل مصلح في مجال تقريب المذاهب الإسلامية والتحقق من ذلك والبحث فيه. هذه الشخصية لها جوانب، والبعض منها يرتبط بجوانبه الروحية و النفسية.
لقد كان حقّاً شخصاً عطوفاً و محسناً، وكان صدره بعيد عن الإنتقام والشك، وكان يتمتع بطابع الصفح والتسامح والغفران.

لأنه إذا كان يريد أن يصبح شخصية مصلحة، فعليه أن يمتلك تلك الخصلة النفسية التي أكد عليها الإسلام، وفي الواقع كان لديه هذه الصفة، وهذا يعني أنه كان يوجد في زمانه أشخاص يريدون إثارة قضايا الشيعة و السنّة، لكنه في الحقيقة كان يصفح لأنّ نظرته كانت تبدو بعيدةن و كانت هذه الميزة مهمة للغاية بالنسبة له. لقد كان يمتلك صدراً طاهراً، وحنوناً و عطوفاً. لذلك فإنّ التحليل النفسي للشيخ شلتوت أمر ضروري لفهمه بشكل أفضل وأكثر جوهرية.

بطبيعة الحال فإن مصدر كيفية تحليله نفسياً هو أحد مقالاته و كتبه و تفسيره لآيات القرآن. المصدر الآخر هو السمات التي ذُكرت عنه. وكذلك من السمات الهامة الأخرى التي جعلت منه شخصية تقريبية هي أنه كان يمتلك الشجاعة و الشهامة.

شجاعته وشهامته في مجال التقريب، أشبه بشجاعة و شهامة آية الله البروجردي، وقد تمكّنا جنباً إلى جنب من القيام بعمل؛ عمل أصبح نقطة تحول في تاريخ التقريب. أن يمتلك في أجواء الأزهر تلك الشهامة ليقوم بأعمال ومبادرات لصالح التقريب، فذلك يعود بلاشك إلى حالته انفسية و الباطنية والداخلية. فالبعد الجانب الوحيد هو الأبعاد الروحية و الداخلية و الباطنية و النفسية له.

شخصية قرآنية، كلامية واجتماعية

جزء آخر من جوانبه، الجوانب الفكرية و العلمية. يجب اعتبار شخصية شلتوت من جهة شخصية قرآنية، ومن جهة أخرى شخصية كلامية، ومن طرف أيضاً شخصية اجتماعية. إذا وضعنا الشخصيات الثلاثة بجانب بعضها، فسيتم تصحيح نظرة الإنسان للقرآن وكذلك نظرته لإصلاح المجتمع، و سوف يتحرك الإنسان في مجال الكلام الأساسي للإسلام. فقد كان لديه مثل هذه الجوانب، يعني كان يتمتع بفكر اجتماعي وقرآني، و يمتلك الأسس الكلامية الأساسية بصرف النظر عن الإختلافات الموجودة بين الشيعة والسّنة في الكلام.

الجدير بالذكر أنه لدينا قسم الأسس الكلامية والتي تكون نشطة. وعلى سبيل المثال فإن العلاقة بين الله والرسول، يمكن أن تكون النظرة الكلامية للإنسان لهاتين المقولتين مؤثرة للغاية. لذلك يجب اعتبار شخصيته الفكرية مأخوذة من هذه المقولات الثلاثة، وهذا ما يمكن تتبعه في كتبه.

خاصة الطريقة التي ينظر بها إلى المجتمع من القرآن. لنفترض أن الإنسان في حالة ذهنية جيدة ويفهم مشاكل المجتمع ويفهم الأفكار الاجتماعية والدينية ويريد التحرك ويتحلى بالشجاعة لاتخاذ الإجراءات اللازمة.

لذلك فإن جزءاً يرتبط بشخصيته. جزء من هذه الشخصية الفكرية هو الفقه. يمكن للإنسان أن يمتلك الفقه بطريقتين. أحيانا يكون لدينا فقه ولكنه منعزل عن القرآن والكلام ولا يهتم بالمجتمع.

هذا الفقه ليس له دور أو منفعة للمجتمع، وحتى يمكن أن يقف في وجه الدين ويسبب الضرر له. لأن تلك الشخصية في تلك الجوانب الإنسانية الثلاثة لديها أفكار ثابتة، وتتمتع بتحليل شامل يجمع الأفكار الثلاث المذكورة، أصبح فقهه ذو مغزى.

الفتوى التي كانت فقهاً!

فتواه بجواز التعبد بمذهب الشيعة هي فقه بحد ذاتها. من يصدر مثل هذه الفتوى يجب أن يتمتع بشخصية ذات أبعاد وجودية عالية، ليتمكن من الإنتقال من مذهب إلى آخر نظراً إلى الإختلافات التي ظهرت بين المذهبين الشيعي والسنّي عبر التاريخ، والتي وضعت المذهبين في حالة مصطنعة، وأخرج ذلك الإختلاف على شكل فكري واجتماعي.

كم ينبغي أن تكون الجوانب الفكرية سامية لمثل هذا الشخص لكي يتوجه نحو ذلك الجانب. فقه هذه الشخصية قد تشرّبت وارتوت من أفكار وراء الكواليس. كانوا يأتون من جهة و يوجّهون ذلك الفقه.

لولم يكن آية الله بروجردي لما كان شلتوت أيضاً

جزء آخر من الجوانب العلمية لشلتوت هو أنّ حسن تفاعله الجيد في المجال الخارجي، يخلق لديه حوافز سلوكية وقانونية، وبالطبع سنتطرق إلى هذا القسم من فكره بشكل مستقل بسبب أهميته؛ وإلّا فإن جزء منه يعود إلى تنشيط الحوافز. كذلك كان يرى تعامله مع آية الله البروجردي. لو لم يكن آية الله البروجردي لما كان شلتوت أيضاً.

إن شلتوت في عملية تفاعله مع زعيم الشيعة يصبح شلتوتاً. كذلك فإن ظهور وحضور آية الله البروجردي بشكل أقوى، يعتبر مرهون بهذا التفاعل في العملية. كم هو جيد أن يكون لعلماء الشيعة والسنة نوع من التفاعل مع بعضهم البعض وأن يخرجوا من وحدتهم ويجدوا مصلحة العالم الإسلامي والتاريخ الذي يجب على العالم الإسلامي أن يمر به، ومثل شلتوت و آية الله البروجردي تتعامل القم والنجف اليوم مع مؤسسات أهل السنة.

بالطبع إن موضوع كيفية ما يجب أن يكون عليه الحوار يحتاج إلى دراسات كثيرة. اليوم، نظراً لأن الموقف أكثر حساسية، فإننا بحاجة إلى تعريفات أكثر جدّية وأساسية أثناء الجلوس بجانب علماء السنّة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky