الاجتهاد: تم استخدام مصطلح ( الأحوال الشخصية ) لاول مرة في التشريع العراقي عام 1931 عندما شرع قانون الأحوال الشخصية للاجانب رقم 78 لسنة 1931 الذي اشار في م (1) منه على ان على المحاكم العراقية عندما تنظر في دعاوى المواد الشخصية المتعلقة بالاجانب والتي جرت بتطبيق قانون البلد الاجنبي فيها ان تطبق ذلك القانون وفق احكام قانون الدولة الخاصة باعتبارها القانون الشخصي.
يقصد بمصطلح الأحوال الشخصية كما جاء في الموسوعة العربية الميسرة تحت لفظ أحوال شخصية بانه مجموعة ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته الاجتماعية مثل كونه ذكراً أو أنثى وكونه زوجاً أو أرمل أو مطلقاً أو أباً أو ابناً شرعياً أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها لسبب من أسبابها القانونية .
او هو مجموعة الأحكام والمبادئ والمسائل المنظمة للعلاقات داخل الأسرة، بما يشمل أحكام الخطبة والزواج، والمهر، ونفقة الزوجة وواجباتها تجاه زوجها، والطلاق وتفريق القاضي بين الزوجين والخلع والنسب والرضاع وحضانة الأولاد والميراث والوصية والوقف.
ومصطلح الأحوال الشخصية من المصطلحات القانونية الجديدة التي ظهرت لدى فقهاء الغرب للدلالة على مجموعة الأوصاف التي يتميز بها كل فرد عن سواه، والتي ترتبط به ارتباطاً مصيرياً : فهي أوصاف ذاتية، صدرت عن معطيات، أوجبت حقوقاً والتزامات .
فالاسم والأهلية والزواج أمور تظهر منها ذاتية صاحبها وخصوصياته، وهي ألصق ما تكون ترجمة عن معتقداته وتصوراته في الكون والحياة. وقد ابتدع الفقهاء الايطاليين هذا المصطلح في القرنين الثاني عشر والثالث عشر حلاً لمشكلة تنازع القوانين، ثم انتشر بعد ذلك وعم كل القوانين الأجنبية الأخرى. .
وقد حددت محكمة النقض المصرية بتاريخ 21/6/1934م معني مصطلح الأحوال الشخصية، فنص هذا الحكم علي أن: “الأحوال الشخصية هي مجموع ما يتميز به الإنسان عن غيره من الصفات الطبيعية أو العائلية التي رتب القانون عليها أثراً قانونياً في حياته ككونه إنساناً ذكراً أو أنثى وكونه زوجاً أو أرمل أو مطلقاً أو ابناً شرعياً، أو كونه تام الأهلية أو ناقصها لصغر سن أو عته أو جنون أو كونه مطلق الأهلية أو مقيدها بسبب من أسبابها القانونية، أما الأمور المتعلقة بالمسائل المالية فكلها بحسب الأصل من الأحوال العينية، وإذن فالوقف والهبة والوصية والنفقات علي اختلاف أنواعها ومناشئها من الأحوال العينية لتعلقها بالمال وباستحقاقه وعدم استحقاقه .
وعموما فمنذ نشوء هذا المصطلح في الفقه الأجنبي والفقهاء مختلفون في تحديد نطاقه ومضمونه، مع اتفاقهم على إطاره العام. فالأحوال عندهم نوعان نوع ذو طابع شخصي ويُسمى بالأحوال الشخصية، ونوع ذو طابع مالي يسمى بالأحوال العينية. وعندما انتقل هذا المصطلح إلى العربية انتقل حاملاً معه الخلاف في مضمونه.
وقد اتفق الفقهاء العرب على أن هذا المصطلح يضم سائر الأحكام المنظِّمة للعلاقات الأسرية مثل الزواج والطلاق والولاية، وكذلك الأحكام الخاصة بالإنسان كالأهلية. ولعل أوضح ما يدل على ذلك تسمية القانون العثماني الصادر في عام 1917م المتضمن لهذه الأحكام باسم «قانون حقوق العائلة».
كانت اول محاولة جدية لفرض شريعة واحدة لجميع المسلمين قام بها الخليفة العباسي ” القادر بالله ” الذي اصدر العقيدة المعروفة تاريخيا باسم ” العقيدة القادرية ” وأمر أن يرسل بها إلى أنحاء الدولة العباسية وأطراف الأمة الإسلامية.وكانت هذه العقيدة قد كتبها “أبو أحمد الكرجي” المعروف بالقصاب المتوفي سنة (360هـ)، كما ذكر ذلك ابن تيمية في مواضع من كتبه، مما يعني أنه قد كتبها للقادر بالله قبل توليه الخلافة، إذ أنه تولى الخلافة سنة (381هـ)، ثم أظهرها في خلافته وأرسل بها في الآفاق.قال الوزير ابن جهير: “هكذا فعلنا أيام القادر، قرئ في المساجد والجوامع” .
وممن عمل بهذا الأمر من نشر العقيدة ودعوة الناس إليها محمود بن سبكتكين، وكان يحكم أكثر المشرق الإسلامي إلى الهند، فقد أمر بالسنة واتباعها، وأمر بلعن أهل البدع بأصنافهم على المنابر.قال ابن تيمية: “اعتمد محمود بن سبكتكين نحو هذا – من فعل القادر من نشر السنة وقمع البدعة – في مملكته، وزاد عليه بأن أمر بلعنة أهل البدع على المنابر، فلعنت الجهمية والرافضة والحلولية والمعتزلة والقدرية، ولعنت أيضا الأشعرية” . وقال الذهبي: “وامتثل ابن سبكتكين أمر القادر فبث السنة بممالكه، وتهدد بقتل الرافضة والإسماعيلية والقرامطة والمشبهة والجهمية والمعتزلة ولعنوا على المنابر” .
ثم لما كان في سنة 460هـ أعيدت قراءة “الاعتقاد القادري” وأمر بأن يقرأ في الجوامع والمساجد.
قال ابن الجوزي: “وقرأت بخط أبي علي بن البنا قال: اجتمع الأصحاب وجماعة الفقهاء، وأعيان أصحاب الحديث… وسألوا إخراج “الاعتقاد القادري” وقراءته، فأجيبوا وقرئ هناك بمحضر من الجمع… وكان أبو مسلم الليثي البخاري المحدث معه كتاب (التوحيد) لابن خزيمة فقرأه على الجماعة… ونهض ابن فورك قائماً فلعن المبتدعة وقال: لا اعتقاد لنا إلا ما اشتمل عليه هذا الاعتقاد، فشكرته الجماعة على ذلك… وقال الوزير ابن جهير:… ونحن نكتب لكم نسخة لتقرأ في المجالس، فقال: هكذا فعلنا في أيام القادر، قرئ في المساجد والجوامع، وقال: هكذا تفعلون فليس أعتقد غير هذا، وانصرفوا شاكرين”.
وقد حددت تلك الوثيقة المعتقدات التي يجب على المسلمين اعتقادها، وتمنع معتقدات أخرى تحت طائلة العقوبة والنكال، وقد منعت هذه الوثيقة الاجتهاد. وقد نصت الوثيقة على مايلي ” هذا اعتقاد المسلمين، ومن خالفه فقد فسق وكفر (…) هذا قول أهل السنة والجماعة؛ الذي من تمسَّك به كان على الحق المبين؛ وعلى منهاج الدين والطريق المستقيم، ورجا به النجاة من النار؛ ودخول الجنة إن شاء الله تعالى”.
وكانت هذه الوثيقة هي الاعلان الرسمي لظهور مذهب مايعرف باسم ” اهل السنة والجماعة ” والذي وان كان قد ظهر ايام احمد ابن حنبل ولكن تدوين العقيدة القادرية كان اعلانا رسميا لتبني الدولة لهذا المذهب .
وفي القرن الحادي عشر الهجري امرسلطان الهند أبو المظفر محيي الدين محمد أورنك زيب بهادر بادشاه غازي الملقب باسم عالَم كَير؛ أي: فاتح العالم (1028-1118ﻫ) فقهاء السلطنة وعلى راسهم الشيخ “نظام الدين بن قطب الدين البرنهابوري ” بوضع كتاب في الفتاوى على الصحيح من مذهب الحنفية، تَجمَعُ جُلّ مذهبهم مما يحتاج إليه من الأحكام الشرعية، فجمعوها ورتبوها على ترتيب كتاب (الهداية شرح بداية المبتدي) للإمام برهان الدين المرغيناني، واقتصروا فيها على ظاهر الرواية، ونسبوا الأقوال لقائليها، ولم يغيروا فيها إلا لداعي الضرورة،ورتبوها على ترتيب كتاب (الهداية) للمرغيناني . سمي الكتاب باسم “الفتاوى العالمكيرية” وكذلك يعرف باسم “الفتاوى الهندية” .
بعد ظهور الدولة العثمانية فقد اعتمدت المذهب الحنفي كمذهب رسمي للدولة كون المذهب الحنفي هو المذهب الوحيد الذي يجيز ان تكون الخلافة في غير قريش في عام 1876 وبأمر من السلطان عبد الحميد الثاني تقرر اعتبار مجلة الاحكام العدلية بمثابة القانون الموحد للسلطنة العثمانية في مجالات البيع، والإيجارات، والكفالة، والحوالة، والرهن، والأمانات، والهبة، والغصب، والإتلاف، والحَجْر، والإكراه، والشفعة، والشركات، والوكالة، والصلح، والإبراء، والأمور المتعلّقة بالإقرار، والدعوى، والبيّنات والتحليف، والقضاء. وكانت تشرف على اصدار المجلة لجنةٌ علميةٌ ألفت بديوان العدلية في اسطنبول وكان رئيسها ناظر هذا الديوان أحمد جودت باشا.
كان المصدر الرئيس الذي اغتمدت عليه اللجنة، كتاب: ” الأشباه والنظائر ” لابن نُجيم الحنفي. ظهر مصطلح الأحوال الشخصية في أواخر القرن التاسع عشر حيث ورد هذا المصطلح في كتاب محمد قدري باشا المعروف “بالأحكام الشرعية في الأحوال الشخصية”. وقد ورد في مقدمته أنه “يشتمل على الأحكام المختصة بذات الإنسان من حين نشأته إلى حين منيته وتقسيم ميراثه بين ورثته”.
وقد صنف محمد قدري باشا كتابه على شكل مواد قانونية بلغت 647 مادة أخذها كلها من القول الراجح في مذهب الإمام أبي حنيفة من دون غيره، تلبية لحاجات القضاء الشرعي الإسلامي في مصر الذي يعتمد هذا المذهب في أحكامه على المصريين المسلمين، ثم شاع هذا الكتاب وانتشر، واعتمده القضاة في أقضيتهم وإن لم يصدر به قانون ملزم، ولهذا الكاتب كتب أخرى في هذا المجال، منها في الوقف وفي أحكام المعاملات.
وسميّ هذا “مرشد الحيران لمعرفة أحوال الإنسان” جعله على أحكام عامة، وأخرى خاصة، وعرضه في مواد بلغت “1045” مادة وفي الوقت الذي بدأ فيه هذا المفهوم في التبلور والوضوح، بادر العثمانيون بإصدار قانون حقوق العائلة سنة 1917 مقتبسين هذا المصطلح المستحدث أيضاً من الغرب لكن ما يميز قانون الأسرة العثماني أنه لم يعتمد الفقه الحنفي، بل أخذ بعض الأحكام من المذاهب السنية الثلاثة الأخرى ولكنه لم يأخذ باي شيء من المذهب الجعفري .
بعد دخول القوات البريطانية الى العراق عام 1917 اصدرت (بيان المحاكم) والذي بموجبه شكلت المحاكم الشرعية التي تنظر في الأحوال الشخصية المتعلقة بمذهب اهل السنة فقط، اما الأحوال الشرعية المتعلقة بالمذهب الجعفري فقد عهد للمحاكم المدنية بنظرها.
بعد تأسيس الدولة العراقية، اقترح “ناجي السويدي” قانون المحاكم الشرعية استنادا الى قانون المرافعات الشرعية المؤقت المُقر في العام 1921.صدر عام 1925 اول دستور للمملكة العراقية، وحسب المادة الخامسة والسبعين منه فان القضاء الشرعي كان ينقسم الى: محاكم شرعية للمسلمين، ومجالس روحانية (طائفية) تشمل المسيحيين والموسويين، تتمتع بسلطات قضائية وفق القانون.
وبموجب هذا التحديد فان اتباع الديانات الاخرى كالصابئة والايزدية ليس لهم حق التقاضي استنادا الى احكامهم الدينية. كانت المحاكم الشرعية تعتمد المذهب الشخصي للمسلمين المتداعين، وتصدر قرارها وفقاً لما تنص عليه فتاوى ومقررات هذا المذهب، عبر العودة الى النصوص المدونة في الكتب الفقهية، والى الفتاوى في المسائل المختلف عليها، ويستعان في أغلب الأحيان بالمراجع الدينية لهذا المذهب، أو بالعودة الى قضاء المحاكم في البلاد الإسلامية.
كما كانت في محكمة التمييز هيئة تمييزية للجعفرية وهيئة تمييزية للسنة والتي تمسكت بقانون العائلة العثماني فيما يخص دعاوى الأحوال الشخصية. وتم استخدام مصطلح ( الأحوال الشخصية ) لاول مرة في التشريع العراقي عام 1931 عندما شرع قانون الأحوال الشخصية للاجانب رقم 78 لسنة 1931 الذي اشار في م (1) منه على ان على المحاكم العراقية عندما تنظر في دعاوى المواد الشخصية المتعلقة بالاجانب والتي جرت بتطبيق قانون البلد الاجنبي فيها ان تطبق ذلك القانون وفق احكام قانون الدولة الخاصة باعتبارها القانون الشخصي .
في عام 1933، تقدمت حكومة رشيد عالي الكيلاني بمسودة مشروع لتوحيد قوانين الأحوال الشخصية السارية في المملكة العراقية كأحد مشاريع حزب الإخاء الوطني لمؤسسه ياسين الهاشمي، وشكل الكيلاني لجنة تدوين قانوني لإعداد مسودة القانون، لكن المسعى تعثر نتيجة اخفاق الحكومة سياسياً وحلها في أواخر العام نفسه.
ليعاد إحياء الفكرة مجدداً في العام 1945من حكومة حمدي الباجه جي والتي استمرت عامين وسميت بـ”حكومة القوانين”، حين الفت لجنة من اربعة اشخاص بموجب الامر الصادر عن وزارة العدلية بالعدد 135 في 1945/1/29 المذيل بتوقيع معالي وزير العدلية السيد احمد مختار بابان، لوضع “لائحة قانون الأحوال الشخصية”،ومن الذوات: ـ
1- معالي الحاج محمد حسن كبة رئيس مجلس النواب
2- الشيخ علي الشرقي رئيس مجلس التمييز الشرعي الجعفري
3- الحاج حمدي الاعظمي المدون القانوني
4- السيد محمد شفيق العاني العضو في مجلس التمييز الشرعي السني
وانيطت سكرتارية اللجنة بالسيد كامل السامرائي ملاحظ التدوين القانوني. وأنجزت هذا المشروع عام 1948 لكنه ظل حبيس أدراج تلك الحكومة لغاية سقوط النظام الملكي في 14 تموز عام 1958 . . ثم صدر قانون تنظيم المحاكم المدنية رقم 32 في العام 1947 واوجب على الطوائف الدينية غير الاسلامية ان تدون احكامها وقواعدها الفقهية وان تقوم بنشرها باشراف وزارة العدل، وفعلا تم ذلك بان نشرت بعض الطوائف المسيحية احكامها في جريدة الوقائع العراقية عدد(2855) بتاريخ 6-7-1950، وكذلك نشر اليهود احكامهم في الوقائع رقم (2698) في 31-1-1949، كما اودعت الاحكام الفقهية للصابئة المندائيين لدى وزارة العدل، اما الايزدية فلم يدونوا احكامهم.
وقد نشرت جريدةلالش التي تصدر في اربيل في عدديها(13 و 14) لعام 2001 نص مشروع قانون الأحوال الشخصية للايزديين، اعده اختصاصيون قانونيون. في عام 1958 تم الغاء القانون الأساسي (دستور 1925) ووضع دستور جديد للعراق هو دستور 1958 المؤقت.
وفي عام 1959 عقد في نيودلهي المؤتمر العالمي للجنة الحقوقيين الدوليين، واصدر توصيات عدة منها “ان المؤتمر يسلم بان سيادة القانون هو مفهوم يتسم بالحيوية والنشاط وانه يجب ان يستخدم، ليس فقط لتوفير الحقوق الاجتماعية والسياسية للفرد في مجتمع حر بل ايضا لوضع الاسس لاحوال اجتماعية واقتصادية وتعليمية ثقافية، مما يعمل على تحقيق التطلعات المشروعة” . بناء على تلك التوصيات قامت سكرتارية رابطة الدفاع عن حقوق المرأة العراقية بتشكيل لجنة لكتابة مسودة قانون الأحوال الشخصية باشراف الدكتورة نزيهة الدليمي ضمت كل من :
1- الدكتورة روز خدوري
2- سافرة جميل حافظ
3- الدكتورة عفيفة البستاني
4- المحامية نعيمة الوكيل
5- المحامية ماكي تلو
6- الصحفية سلوى زكو
7- القاضية سعدية الرحال
قامت الدكتورة نزيهة الدليمي بعرض المشروع على عبد الكريم قاسم بصفته رئيس للوزراء حيث قرر تشكيل لجنة في وزارة العدل بالامر الوزاري المرقم 560 في 7/2/1959 لدراسة المشروع وقد انجزت اللجنة مهمتها ووضعت مسودة القانون المتكونة من تسعة ابواب، الاول- في الزواج والثانى – المحرمات وزواج الكتابيات، والثالث – الحقوق الزوجية واحكامها، والرابع – انحلال عقد الزواج، والخامس – في العدة، والسادس – في الولادة ونتائجها، والسابع – نفقة الاصول والفروع، والثامن – في الوصاية، والتاسع – في المواريث. وعرض القانون انذاك على السلطة التشريعية التى اقرته وتم نشره في جريدة الوقائع العراقية بالعدد – 280 – في 30/12/1959.
والذي بدوره عمل على تشكيل لجنة من رجال دين وقضاة ورجال قانون ودرست المشروع من كل جوانبه وبالفعل صدر في 30/12/1959 قانون الأحوال رقم 188 انه اول قانون تلغيه سلطة الانقلاب في 8 شباط الاسود واصدروا عوضا عنه قانون رقم 11 واستمروا به لمدة شهرين فقط وبعدها عادوا الى قانون رقم 188 بعد حذف مادتين منه تتعلق بالميراث والشهادة . طبقاً لنص الفقرة (1) من المادة الثانية من القانون المذكور ونصه ” تسري أحكام هذا القانون على العراقيين، الا ما استثني منهم بقانون خاص”.
بينما تم العمل في قضايا الأحوال الشخصية للمسيحيين واليهود بموجب لوائحهم الخاصة، وفق دياناتهم. وتختص بالنظر في قضاياهم محاكم البداءة باعتبار انها محاكم المواد الشخصية التي تختص بالنظر في قضاياهم، وإصدار الأحكام وفقاً لذلك. أما الصابئة المندائيون والأيزيديون فلا يشملهما اختصاص القانون، بحجة عدم وجود لوائح شخصية تخصهم، على الرغم من أن لكل منهما دينه الخاص ولوائحه الشخصية التي تصلح بأن يتم اعتمادها في الأحكام الشرعية كل وفق دينه المعترف به في العراق .
في عام 1963 تم الغاء القانون رقم 188 لسنة 1959 وتم اعادة العمل بالقوانين القديمة ولكن بعد شهرين من الانقلاب اعيد العمل بالقانون 188 مع اجراء تعديل بموجب التعديل رقم 11 لسنة 1963 والذي تم بموجبه ايقاف العمل بالمواد المتعلقة بالمواريث . ومنذ ذلك الحين ادخلت أكثر من 10 تعديلات على القانون على الأقل، في السبعينيات والثمانينيات، من القرن الماضي .
بعد عام 2003 حصلت محاولات لاجراء تعديلات للقانون الحالي خصوصا ان الفقرة 41 من الدستور العراقي لعام 2005 قد منحت لكل عراقي الحق في تنظيم احواله الشخصية وفقا لمعتقداته، وبالرغم من ان هذا يتناسب مع الحقوق الاساسية لحقوق الانسان بحسب المواثيق الدولية الا ان تلك المحاولات تم تعطيلها من قبل المنظمات التي تدافع عن حقوق الانسان بدعوى ان تغيير هذا القانون سيؤدي الى تفرقة الشعب الواحد ويمثل تراجع عما حققته المرأءة من حقوق . لذلك لننظر الى القانون ونرى هل يوحد القانون الحالي الشعب العراقي ؟
اولا ان هذا القانون ينطبق على العراقيين المسلمين فقط ولايشمل المسيحيين واليهود والصابئة والايزيديين وغيرهم من الاديان الاخرى، اي ان حجة توحيد الشعب غير متحققة اساسا وبذلك تخالف الدستور الذي يعتبر جميع العراقيين متساويين في الحقوق والواجبات . ثانيا ان القانون يخالف الحقوق الاساسية للانسان التي نص عليها العهد الدولي لحقوق الانسان ومنها حرية المعتقد .
حيث يقصد بالحق في حرية الدين أو المعتقد في إطار منظومة حقوق الإنسان حرية الفرد في اعتناق ما يشاء من أفكار دينية أو غير دينية.
وقد اعترفت الأمم المتحدة بأهمية حرية الديانة أو المعتقد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمد عام 1948، حيث تنص المادة 18 منه على أن”لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره”.
كما أقر العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1966، بالحق في حرية الدين أو المعتقد وذلك من بين ما اقره به من حقوق وحريات. في حين نرى هذا القانون يجبر العراقيين المسلمين على تنظيم احوالهم بما يخالف معتقداتهم .
فيما يتعلق بحقوق المراءة نرى ان القانون الحالي يقصر النفقة المفروضة للمراء ة على السكن والكسوة واجرة الطبيب في حين لاتشمل مصاريف تكفين وتجهيز الزوجة بعد الوفاة . اي ان الزوج غير ملزم بتجهيز الزوجة بعد الوفاة , كما ان القانون جعل الغاية من الزواج الحياة المشتركة والنسل ولكن لم يشرح لنا الحل اذا لم يشاء الزوجين ان ينجبا لاي سبب كان ؟ ثانيا ان القانون يشترط في عقد الزواج ان يتم تسجيله في المحكمة وعدم التسجيل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون .
وقد اشترط القانون للتسجيل ربط تقرير طبي يثبت خلو الزوجين من الامراض السارية اي ان المصاب باحد الامراض السارية ليس من حقه الزواج حتى وان قبل الطرف الاخر بذلك . كما ان القانون الحالي يحرم بعض النساء على اساس مذهبي حيث ان التحريم في بعض النساء مثل عمة الزوجة وخالتها غير محرمة في المذهب الجعفري ولكنهما محرمتين في بقية المذاهب .
بالاضافة الى ذلك هناك ما يعرف بالزواج المنقطع الذي يعتبره المذهب الحنفي عقدا فاسدا اي تثبت به الاثار ولايجوز تسجيله في حين ان المذهب الشافعي و المالكي يعتبران الزواج المنقطع زواج باطل لا تثبت به الاثار من ارث ونسب، اما المذهب الجعفري فيعتبره زواجا صحيحا يثبت به النسب . وهناك الكثير من النقاط مثل الارث بالنسبة للمراءة المختلف عليه بين المذاهب .
مما تقدم يتبين ان القانون الحالي لايجمع كل العراقيين ولا يتناسب مع الدستور ولا مع العهد الدولي لحقوق الانسان . ولكن هل يمكن تعديل هذا القانون؟ الجواب للاسف فان تعديل القانون يعتبر شبه المستحيل بسبب ان الدستور يمنع اصدار اي قانون يخالف المباديء الاساسية للاسلام دون ان يعرف ماهي تلك المباديء وكذلك فبحسب المادة 41 من الدستور العراقيون احرار في تنظيم احوالهم الشخصية بحسب معتقداتهم لذلك لايمكن اجبارهم على قانون موحد للاحوال الشخصية .
المصدر: صحيفة المثقف