الاجتهاد: إنّ “الشهادة كانت ولا زالت مصدر قوّتنا وسرّ بقائنا وسبب وعي وبصيرة اُمّتنا، قدّمنا في هذا الطريق أحبّ رموزنا وأطهرهم من أئمّة معصومين، وفقهاء مجتهدين، وقادة ميدانيّين، ومن عامّة المؤمنين.. فكان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، لا نرجو أن يكون العظيمان القياديّان آخر من سار في هذا الدرب الداميّ، وخاتمة قافلة الشهداء الأبرار، فمتى كان الشيطان الأكبر وحزبه وجنوده تائباً إلى الله، راجعاً عن جرائمه.
أصدر المرجع الديني السيد كاظم الحائري، الجمعة، بياناً بشأن اغتيال المجاهد القائد ابو مهدي المهندس والقائد قاسم سليماني، فيما حرم إبقاء القوات الأمريكية وحلفائها في العراق.
بيان سماحة آية الله العظمى السيّد كاظم الحسينيّ الحائريّ (دام ظلّه الوارف) حول استشهاد الحاج قاسم سليماني والحاج أبي مهدي المهندس وثلة من أبناء الحشد المقدس (رضوان الله تعالى عليهم) على يد الأمريكان المحتلين
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾. آل عمران: 139 – 140.
يا وليّ الله.. يا مولانا يا حجة الله (عجّل الله فرجه) إليك نرفع العزاء، لأنّك صاحب المصاب، وإلى نائبك قائد المسيرة الإسلاميّة وراعي المقاومة سماحة السيّد الخامنئي دام ظلّه باستشهاد القائد الشجاع الحاج قاسم سليماني والمجاهد الحاج أبي مهدي المهندس وثلّة من أبناء الحشد المقدّس رضوان الله تعالى عليهم.. وإلى رفاقهم في درب المقاومة والإباء في العالم الإسلاميّ أجمع..
إنّ الشهادة كانت ولا زالت مصدر قوّتنا وسرّ بقائنا وسبب وعي وبصيرة اُمّتنا، قدّمنا في هذا الطريق أحبّ رموزنا وأطهرهم من أئمّة معصومين، وفقهاء مجتهدين، وقادة ميدانيّين، ومن عامّة المؤمنين.. فكان القتل لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة، لا نرجو أن يكون العظيمان القياديّان آخر من سار في هذا الدرب الداميّ، وخاتمة قافلة الشهداء الأبرار، فمتى كان الشيطان الأكبر وحزبه وجنوده تائباً إلى الله، راجعاً عن جرائمه..
ومتى كان الاغتيال والقتل سبباً لانتكاستنا أو تراجعنا.. هل علمتم أيّها الأمريكان الصهاينة العتاة كم قتل صدام منا؟ هل علمتم عدد المقابر الجماعية في عراقنا؟ هل كان في التأريخ أكثر بطشاً من صدام وأبشع ممارسة من البعثيين المجرمين؟ قتلوا قادتنا، وسجنوا أبناءنا، وهجّروا عوائلنا، وأرهبوا شعبنا، لكن غدونا اُمّة أصلب عوداً، وأرقّ جلوداً، وأقوى وقوداً وأبطأ خموداً..
فتهدّد اُمّتُنا اليوم كيانَ العدوّ المستكبر الأمريكيّ والرجعيّ.. فقد خاب المستكبرون والرجعيّون من أصحاب العسكر والمال والنفط في زعمهم أنّهم قادرون على استئصالنا أو إضعافنا.. فإنّ لهم بالماضين لعبرة: ﴿وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ … وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ … فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا﴾ العنكبوت 38 – 40 .. بل وليس مثل صدام ومعمر القذافيّ وأضرابهما منكم ببعيد..
يا أبناءنا في المقاومة الإسلاميّة أجمع.. ويا شبابنا الأبطال في عالمنا الإسلاميّ.. قد عهدتكم سوح الوغى على مرّ الدهور والأيّام بالشجاعة والثبات والمقاومة في لبنان وفلسطين والعراق وسوريا واليمن وغيرها من بلاد الإسلام.. وسطّرتم المثل الأعلى في تلقين العدوّ الإسرائيليّ، والمحتلّ الأمريكيّ، والغازي السعوديّ درساً بليغاً في التحدّي، وسطّرتم البطولات في ميادين المواجهة فـ ﴿لَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ النساء: 104. ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ النحل: 26.
يا أبناءنا الكرام.. ويا عشائرنا الغيورة في بلاد الرافدين.. قلتها سابقاً وأقولها اليوم بعد أن صار انتهاك الحرمات عياناً والتعدّي على المقدّسات بياناً، فلا حرمة عندهم لأرضنا وسمائنا ودماء رجالنا.. أقول: يحرم إبقاء القوّات الأمريكيّة وحلفائها، ولابدّ من العمل الجادّ لصون أرضنا، وحفظ حرماتنا، فلا شرعيّة لهذه القوّات على أراضينا. وعلى المسؤولين تبني إلغاء الوجود الأمريكيّ أو ما يسمّى بقوّات التحالف من أرض وطننا الحبيب.
وأدعو الفصائل المجاهدة والغيورة وأبناء عشائرنا الشريفة الذين سطّروا الملاحم المشرّفة في طرد الغزاة الداعشيين، بل العلماء المعظّمين في الحوزات العلميّة المباركة أن يكونوا على جاهزية تامّة في مواجهة العدوّ المحتل ويقفوا صفّاًّ واحداً متراصّاً بعيداً عن كلّ خلاف مضى مساندين لرجال القرار في الحكومة في تبنّي مشروع إلغاء الوجود الأمريكيّ.
واعلموا أنّ ذلك يكتبه لكم التأريخ وتحفظه لكم الاُمّة بأجيالها القادمة.. بل يُسجّل لكم في ميزان ولائكم لإسلامكم ونصرة وليكم روحي له الفداء، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا﴾ النساء: 69 – 70.
وإنّي لأدعو الله لكلّ هؤلاء أن: كثّر عدّتهم، واشحذ أسلحتهم، واحرس حوزتهم، وامنع حومتهم، وألّف جمعهم، ودبّر أمرهم، وواتر بين ميرهم، وتوحّد بكفاية مؤنهم، واعضدهم بالنصر، وأعنهم بالصبر، والطف لهم في المكر.
ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
7 / جمادى الاُولى / 1441 هـ
كاظم الحسينيّ الحائريّ