خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / دلالة السكوت والتقرير

دلالة السكوت والتقرير

البحث في المقام عمّا هو مدلول سكوت المعصوم (ع) أو تقريره، وبيان ذلك:

إنَّ المعصوم (ع) قد يُشاهد أمامه موقفاً عمليَّا خاصّاً أو عامّاً فيصرِّح برأي الشريعة في ذلك الموقف، فهنا تكون الدلالة على الحكم الشرعي مِن قبيل دلالة الدليل الشرعي اللفظي.

وقد يُشاهد أمامه ذلك الموقف فلا يُبدي تجاهه بأىِّ تصريح لا سلباً ولا إيجاباً بل يسكت عنه، وهذا هو محلُّ الكلام إذ يقع البحث عن دلالة سكوت الإمام (ع) عن ذلك الموقف على الإمضاء، وأنَّ ذلك الفعل يتناسب مع الغرض الشرعي أو لا يُنافيه.

وقد استُدلَّ على ذلك بدليلين، الأوّل مِنهما عقلي، والآخر استظهاري:

أمّا الدليل العقلي:

فقد ذُكر له تقريبان:

التقريب الأول: إنَّ المعصوم (ع)لمَّا كان واحداً مِن سائر المكلَّفين، فهذا يقتضي مسؤوليّته عن النهي عن المنكر لو كان الفعل الذي شاهده منافياً للشريعة، إذ أنّ النهي عن المنكر واجب على كلِّ مكلَّف، والمعصوم (ع)لا يترك واجباً بمقتضى عصمته، فعدم ردعه عن ذلك الفعل يستلزم عدم منافاة ذلك الفعل لما عليه الشريعة، وهذا هو معنى دلالة السكوت عقلاً على الإمضاء، وكذلك يجب على المكلَّفين تعليم الجاهل، فلو لم يكن ما شاهده (ع)موافقاً لما عليه الشارع المقدّس لنبّه على ذلك كما هو مقتضى عصمته، إذ أنّ المعصوم (ع) لا يترك واجباً، فعدم تنبيه الإمام (ع) على منافاة الفعل الذي شاهده لما عليه الشريعة يكشفُ عقلاً عن عدم المنافاة.

وهذا التقريب – لو تمّ – فإنَّه منوط بإحراز توفُّر شرائط النهي عن المنكر حين مشاهدة المعصوم (ع) لذلك الموقف، ويمكن التمثيل للصورتين بمثالين:
المثال الأوّل:
إنَّ المعصوم (ع) لو شاهد رجلاً يشرب العصير التمري ومع ذلك سكت ولم يردعه، فإنَّ ذلك يكشف عن عدم حرمته، وإلاّ كان على الإمام (ع) بمقتضى وجوب النهي عن المنكر أنْ يردعه، إذ أنَّ عصمة الإمام (ع) تمنع مِن تركه للواجب.

المثال الثاني:
لو شاهد الإمام (ع) مكلّفاً يمسح رأسه في الوضوء نكساً ومع ذلك لم يتصدَّ لتنبيهه على منافاة فعله لما هو المعتبر شرعاً، فهذا يقتضي عدم منافاة المسح نكساً لما هو المعتبر شرعاً في الوضوء، وإلاّ كان على الإمام (ع)بمقتضى وجوب تعليم الجاهل أنْ ينبّه المكلَّف على منافاة فعله لما هو المطلوب شرعاً، وإلاَّ كان (ع) مخالفاً لفريضة مِن فرائض الدين، وهذا لا يُناسب العصمة.

التقريب الثاني: إنَّ المعصوم لمَّا كان مشرِّعاً، فإنّ ذلك يقتضي عقلاً عدم السماح بتفويت وتضييع أغراضه، فسكوته عن الفعل إذا كان موجباً لتفويت أغراضه بما هو شارع يعني أنّ الإمام (ع) ينقض غرضه ويُضيّعه بنفسه، وهذا لا يتناسب مع عقلانيّته، إذ أنَّ الحكيم لا يُضيِّع غرضه بل يسعى للمحافظة على أغراضه، وهذا التقريب – إذا تمَّ – فإنَّه منوط بإحراز ناقضيّة الفعل – على افتراض منافاته للشارع – لغرض الشارع إذ أنّ الفعل قد يكون منافياً لما عليه الشارع إلاّ أنّ ارتكابه لا يؤدي إلى تفويت أغراض الشارع.

ولمزيد مِن التوضيح نذكر لكلّ مِن الحالتين مثالاً:

ونذكر أوّلاً مثالاً على كون السكوت لا يُوجب نقض الغرض في بعض الحالات، وهذا المثال هو: أنَّ المعصوم (ع) قد يُشاهد مكلّفاً يمتنع عن ارتكاب فعل بتوهّم أنّه حرام شرعاً وهو في واقعه مكروه، فإنَّ هذا الامتناع مِن المكلَّف يُنافي ما عليه الشارع إلاّ أنَّ السكوت عنه لا يُعدُّ نقضاً للغرض، فلا يكون السكوت في حالة مِن هذا القبيل كاشفاً عن الإمضاء.

وأمَّا مثال ما يكون السكوت نقضاً للغرض فهو مشاهدة المعصوم (ع)اعتماد المكلَّفين على خبر الثقة في الوصول إلى الأحكام الشرعيّة، فإنّ سكوته يكشف عن الإمضاء، إذ أنّ ذلك لو كان منافياً لما عليه الشارع لكان السكوت نقضاً للغرض، فلو كان نظر الشارع هو عدم جواز الاعتماد على أخبار الثقات ومع ذلك سكت ولم يُنبِّه على عدم الجواز مع أنّه يُشاهد المكلَّفين يُعوّلون على خبر الثقة في مقام التعرَّف على الأحكام الشرعيّة، فهذا مِن أجلى مصاديق تفويت الغرض والذي هو مستحيل على العاقل الملتفت.

وكذلك لو كان العقلاء يُرتِّبون الأثر على خبر الثقة في شؤونهم اليوميّة، وكانت هذه الممارسة تُنذر بالسريان إلى الشرعيّات، فإنَّ عدم تنبيه الشارع على عدم صحّة الاِتِّكال على خبر الثقة في معرفة الأحكام الشرعيّة يُعدُّ نقضاً للغرض المنفي عن العاقل الملتفت.

وأمَّا الدليل الاستظهاري:

على دليليّة السكوت على الإمضاء، فهو أنّ المعصوم (ع)لمَّا كان منصوباً مِن قِبل الله عزّ وجلّ لغرض تبليغ الأحكام الشرعية وإرشاد الناس إلى الصواب في جميع سلوكيّاتهم وتقويم ما انحرف منها عن جادَّةِ الحق اقتضى ذلك استظهار الإمضاء مِن سكوت المعصوم (ع) عن الردع عن ممارسة المكلَّف لسلوك بمرأى منه (ع).

ويمكن تنظير ذلك بالمشرف على عمل مِن الأعمال، فإنَّ العامل حينما يُمارس وظيفته بمرأى مِن المشرف ومع ذلك يظلُّ المشرف ساكتاً رغم أنَّه في مقام تقويم الأخطاء التي يرتكبها العامل، فإنَّ العرف حينئذ يستظهر مِن حال المشرف الإمضاء لعمل العامل، وإلاَّ كان عليه – بحكم كونه في مقام التقويم – أنْ يُنبِّه العامل على خطئه.

وإذا تمّ هذا الدليل الاستظهاري فهو لا يفتقر إلى إحراز شرائط النهي عن المنكر كما هو مقتضى التقريب الأوّل مِن الدليل العقلي، كما لا يفتقر إلى إحراز ناقضيّة السكوت للغرض كما هو مقتضى التقريب الثاني مِن الدليل العقلي.

الدلالة الوضعيّة …

Slider by webdesign