خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / معجم / الدلالة الوضعيّة تصوريّة أو تصديقيّة ؟

الدلالة الوضعيّة تصوريّة أو تصديقيّة ؟

الدلالة الوضعيّة هي الدلالة الناشئة عن الوضع، وهذا المقدار لا إشكال فيه انَّما الإشكال فيما هي الدلالة الناشئة عن الوضع وهل هي الدلالة التصوريّة والتي هي الإنتقال من اللفظ إلى المعنى أو قل حصول صورة المعنى في الذهن عند اطلاق اللفظ، أو انَّ الدلالة الناشئة عن الوضع هي الدلالة التصديقيّة التفهيميّة والتي تعبِّر عن إرادة المتكلّم تفهيم المعنى من اللفظ، أي انَّ الدلالة الوضعيّة توجب انتقال صورة المعنى إلى الذهن وتكشف عن إرادة المتكلّم تفهيم هذا المعنى المنخطر في الذهن بواسطة اللفظ.

ذهب المشهور إلى انَّ الدلالة الوضعيّة دلالة تصوريّة لا توجب أكثر من انتقال صورة المعنى إلى الذهن عند اطلاق اللفظ، وانَّ الدلالة على إرادة المتكلّم تفهيم المعنى من اللفظ انَّما هو بدال آخر وأمّا حاق اللفظ فلا يقتضي عند اطلاقه الاّ انخطار معناه في ذهن السامع.

وذهب السيّد الخوئي (رحمه الله) إلى انَّ الدلالة الوضعيّة دلالة تصديقيّة تكشف عن إرادة المتكلّم إخطار المعنى من اللفظ، وادعى (رحمه الله) انَّ ذلك لا يختصّ بمسلكه في الوضع بل انَّ هذه الدعوى تناسب مسلك المشهور في الوضع، غايته انّه بناء على مسلكه تكون الدلالة الوضعيّة دلالة تصديقيّة حتماً، أمّا بناء على مسلك المشهور فليس كذلك بل يمكن دعوى انَّ الدلالة الوضعيّة دلالة تصوريّة.

وبيان ذلك: انَّه بناء على مسلك السيّد الخوئي (رحمه الله) في الوضع وهو انَّه عبارة عن التعهُّد والإلتزام من كلّ متكلّم بأن لا يستعمل هذا اللفظ إلاّ حين إرادة تفهيم المعنى تكون الدلالة الوضعيّة دلالة تصديقيّة حتماً، وذلك لأنَّ تصوُّر المعنى من اللفظ عندما لا يكون المتلفّظ عاقلا ملتفتاً لا يكون هذا التصوُّر مستنداً إلى الوضع، لأنَّه لا يُتعقّل التعهُّد والإلتزام من غير العاقل الملتفت، والمفترض انَّ الوضع هو نفس التعهُّد والإلتزام مما يُعبِّر عن انَّ هذا التصوُّر لم يستند للوضع، فلا تكون الدلالة التصوريّة – لو صحَّ ان نعبِّر عنها بالدلالة – لا تكون دلالة وضعيّة.

ومن هنا تكون الدلالة الوضعيّة متمحّضة في الدلالة التصديقيّة، إذ هي المناسبة لمسلك التعهُّد والذي يقتضي انَّ كلّ متكلّم استعمل لفظاً انَّه يريد من استعمال هذا اللفظ اخطار المعنى وتفهيمه للسامع، وهذه هي الدلالة التصديقيّة.

وأمّا بناء على مسلك المشهور في الوضع وانَّه عبارة عن اعتبار اللفظ دالا على المعنى فإنَّ الدلالة الوضعيّة تصديقيّة أيضاً، وذلك لأنَّ الإعتبار ليس جزافياً لافتراض انَّ المعتبر حكيماً، وإذا كان كذلك فمن الواضح انَّ الغرض من الوضع واعتبار اللفظ دالا على المعنى هو تفهيم المعنى، أي انَّ غرض الواضع جعل اللفظ وسيلة لتفهيم المعنى، وحينئذ تتحدّد الدلالة بحدود الغرض من الوضع، ولمَّا كان الغرض هو إرادة تفهيم المعنى فإنَّ الدلالة الوضعيّة لا تتّسع لأكثر من الغرض وإلاّ كان الإعتبار أوسع من الغرض ولا مبرِّر عقلائي لذلك، وحتى ننزِّه الواضع عمّا ينافي الحكمة يلزم حمل اعتباره اللفظ دالا على المعنى على خصوص الحالة التي يكون فيها المتكلِّم مريداً لتفهيم المعنى من اللفظ.

وبهذا تكون الدلالة الوضعيّة مختصّة بحالة إرادة المتكلِّم تفهيم المعنى من اللفظ، وهذه هي الدلالة التصديقيّة التفهيميّة.

ومن هنا تكون الدلالة الوضعيّة دلالة تصديقيّة دائماً سواء على مسلك التعهُّد أو مسلك الإعتبار، وما نشاهده من انخطار المعنى بمجرَّد اطلاق اللفظ حتى من غير العاقل الملتفت لا يستند إلى الدلالة الوضعيّة، أي انَّ ذلك التصوُّر لم ينشأ عن الوضع وانَّما هو ناشئ عن الاُنس الحاصل بين اللفظ والمعنى نتيجة كثرة استعمال اللفظ في هذا المعنى أو نتيجة منشأ آخر، وعلى أيِّ حال فإنَّ هذا التصوُّر ليس مستنداً للوضع.

هذا هو حاصل ما أفاده السيّد الخوئي (رحمه الله)في مقام إثبات دعوى انَّ الدلالة الوضعيّة دلالة تصديقيّة.

وفي مقابل هذه الدعوى ذهب جمع من الأعلام إلى انَّ منشأ الدلالة على إرادة المتكلّم تفهيم المعنى من اللفظ انّما هو ظهور حاله في ذلك، وهذا الإستظهار ناشئ عن امارة عقلائيّة وهي غلبة ان لا يستعمل المتكلّم الملتفت لفظاً إلاّ أن يكون قاصداً تفهيم معناه، فليس من دأب العاقل الملتفت أن يأتي بكلام لا يقصد منه سوى تحريك لسانه وفتح فمه.

ومن هذه الأمارة العقلائيّة ينشأ الظهور التصديقي لحال كلّ متكلّم في إرادة تفهيم المعنى من كلامه وإلاّ فليس لحاق اللفظ دلالة على الإرادة.

وأمَّا دعوى انَّ اعتبار اللفظ دالا على المعنى بنحو مطلق – حتى مع عدم إرادة التفهيم – خروج عن حدود الغرض، هذه الدعوى لو سُلِّمت فإنَّه يمكن تبريرها بدعوى انَّ جعل اللفظ دالا على المعنى في ظرف إرادة التفهيم فحسب غير ممكن، وهذا ما جعل الواضع يتخطّى حدود الغرض من الوضع ويعتبر اللفظ دالا على المعنى بنحو مطلق أي سواء كان المتكلّم مريداً لتفهيم المعنى أو لم يكن كأن كان المتلفّظ غير عاقل.

ومن هنا تكون الدلالة الوضعيّة دلالة تصوريّة وليست تصديقيّة.

ولمزيد من التوضيح راجع عنوان (تبعيّة الدلالة للإرادة).

Slider by webdesign