الإغراء بالجهل قبيح

مفاد هذه القاعدة أنّ الإغراء بالجهل- سواء صدر من الشارع أو غيره- قبيح. ويتصوّر الإغراء بالجهل في موضع يفترض منه أن يقوم الشارع ببيان ما يتوقّعه المخاطب منه, ويتصوّر ذلك في موارد:

الأوّل: تقرير الإمام عليه السلام لغيره على فعل وهو غير مشروع, أو سكوته عن فعل يدّعى في حضرته وجوبه أو استحبابه, وهو ليس كذلك في الشرع, فلو كان الفعل حكمه غير ما وقع عليه لزم على الإمام الإنكار, وإلا كان موقِعاً لهم بالجهل, كما هو مقتضى وظيفته من بيان الأحكام.

الثاني: أن يقوم الإمام ببيان حكم ويطلقه ولم يفصّل فيه بين حالاته, والمخاطب فهم أنّه لو كان يريد التفصيل في الحكم لأشار إلى ذلك في معرض حديثه عن أصل الحكم, فلو كان يريد الاستفصال ومع ذلك لم يفصّل كان موقِعاً للمخاطب بالجهل, وهو قبيح لا يصدر منه وخلاف وظيفته لبيان الأحكام بأتمّ صورة, كما هو مفاد قاعدة: (ترك الاستفصال في الحال يجري مجرى العموم في المقال).

الثالث: أن يأتي الشارع بلفظ له ظهور في معنى معيّن عند العرف, فينبغي أنّ يحمل كلامه عليه, وإلا لو كان مريداً لغيره كان عليه أن ينبّه عليه, وإذا لم يفعل ذلك كان موقِعاً للمخاطب بالجهل, وهو قبيح لا يصدر منه, كما هو مفادة قاعدة: (حجّية الظهور).

الرابع: أن يأتي الشارع بلفظ عامّ ظاهر في العموم لكن المورد خاصّ, فهنا لو كان مريداً للخصوص للزم عليه أن يخصِّص كلامه, وبما أنّه أتى به عامّاً فيحمل كلامه على العموم, وإلا لزم الإغراء بالجهل.

الخامس: أن يأتي الشارع بلفظ له معنى حقيقي ومجازي, فمقتضى قاعدة: (الأصل في الكلام الحقيقة) الحمل على المعنى الحقيقى, إذ لو كان مريداً للمعنى المجازي كان لزاماً عليه بمقتضى قواعد المحاورات العرفيّة أن ينصب قرينة لذلك, وإذا لم يفعل ذلك كان موقِعاً للمخاطبين في الجهل, وهو قبيح لا يصدر منه.

السادس: أنّ الشارع لو كان في مقام البيان لحكم شرعي وكان من المفترض أن يتبعه حكم آخر كان يجب عليه أن ينوّه إلى هذا الحكم الآخر؛ لأنّه في مقام البيان, وإلا كان موقِعاً للمخاطب بالجهل, وهو قبيح لا يصدر منه, كما هو مفاد قاعدة: (قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة).

(إيضاح الفوائد 2: 155, 631, روض الجنان 1: 308, 374, مسالك الأفهام 4: 223, مجمع الفائدة والبرهان 5: 245, مدارك الأحكام 1: 72, جواهر الكلام 1: 225)