الاجتهاد: يجب على القاضى، وهو ينظر فى الخصومات، أن يتمسك بمبادئ العدالة الإجرائية – المساواة والمواجهة وحق الدفاع والعلانية والتقاضى على درجتين – حتى يحصل صاحب الحق على حقه، ويتحقق العدل، ولقد أكد الفقه الإسلامي على ذلك سواء فقه أهل السنة (المالكية، الحنفية، الشافعية، الحنابلة) أو فقه الشيعة (الامامية والزيدية والاباضية)، وحرص القضاة، منذ فجر الاسلام على هذه المبادئ الأساسية فى التقاضى التى نعرض لها الآن .
المقالة التي بين يديكم”العدالة الإجرائية في الفقه الإسلامى” هي للأستاذ الدكتور أحمد عوض هندى ؛أستاذ قانون المرافعات عميد كلية الحقوق – جامعة الاسكندرية سابقاً، والتي قدمت كورقة عمل لمؤتمر ندوة تطور العلوم الفقهية في نسختها الثالثة عشرة تحت عنوان (الفقه الإسلامي المشترك الإنساني والمصالح)” فقه رؤية العالم والعيش فيه” سلطنة عمان 6 – 9 ابريل 2014
تكونت المقالة من أحد عشر جزء وهو:
1- مفهوم العدالة وأهميتها وصورها
2- ضرورة أن تكون العدالة ناجزة
3- المبادئ التى تساهم فى تحقيق العدالة الإجرائية
4- المبادئ الاجرائية فى ضوء الفقه الإسلامي
5- مبدأ المساواة فى الفقه الإسلامي
6- مبدأ المواجهة فى الفقه الاسلامى
7- مبدأ احترام حق الدفاع فى الفقه الاسلامى
8- مبدأ العلانية فى الفقه الإسلامى
9- مبدأ التقاضى على درجتين فى الفقه الاسلامى
10- أهمية تبسيط الاجراءات وسرعتها لتحقيق العدالة (ضرورة التقاضى الالكترونى)
11- ضرورة تخصص القضاء واستحداث نظم اجرائية
يبدأ الدكتور أحمد مقالته بمفهوم العدالة وأهميتها وصورها ويقول :
يتمثل العدل في وضع الشيء في موضعه وهو ضد الظلم ، والعدل في الحكم هو تحري المساواة والمماثلة بين الخصمين أو هو اعطاء كل ذي حق حقه أو اعطاء كل شخص ما يستحقه ، فجوهر العدالة هو حصول كل إنسان على حقه مما يحقق التوازن بين مصالح أفراد المجتمع ويكفل الاستقرار للمجتمع وتقدمه، فالنظام لا يستقر في أى مجتمع دون عدالة.
و حول مبدأ المساواة فى الفقه الإسلامي يقول:
القضاء – الذى هو اخبار عن حكم شرعى على سبيل الإلزام – حرص على احترام مبدأ المساواة ، ففى رسالة القضاء لعمر بن الخطاب إلى قاضيه ابى موسى الاشعرى (وآسو بين الناس فى مجلسك ووجهك وعدلك حتى لا ييأس الضيف من عدلك ولا يطمع الشريف فى ضعفك) .
فعلى القاضى إذا حضر الخصمان بين يديه أن يسوى بينهما فى النظر اليهما والتكلم معهما ، ما لم يتعد احدهما فلا بأس أن يسوء نظره إليه تأديباً له ويرفع صوته عليه لما صدر منه من اللدد ، وليقعد الخصمان بين يديه ضعيفين كانا أو قويين أو ضعيف مع قوى ولا يقرب احدهما إليه ولا يقبل عليه دون خصمه ولا يميل إلى احدهما بالسلام فيخصه به ولا بالترحيب ولا يرفع مجلسه ولا يسأل احدهما عن حاله ولا عن خبره ولا عن شيء من اموره ولا يسارر احدهما فى السر ، فيجب على القاضي أن يسوى دائما بين الخصمين ولو كان احدهما ذمياً.
من ذلك نجد حرص الفقه الاسلامى على وجوب مراعاة القاضى لمبدأ المساواة بين الخصمين : فى الجلوس والإقبال والإشارة والنظر ، لا فرق فى ذلك بين الكبير والصغير والخليفة والرعية والدنئ والشريف والأب والأبن والمسلم والذمى والكافر . ويمتنع على القاضى مسارة أحد الخصمين والقيام له والضحك فى وجهه وضيافته إلا إذا كان معه خصمه، ولا يكلم احدهما بلغة لا يفهمها الآخر، ولا يخلو القاضى بأحد الخصمين فى منزله، ولا يضيف أحد الخصمين إلا أن يكون خصمه الآخر معه ، وبالجملة لا يفعل مع احدهما فعلا يتهم به ويكسر قلب الآخر حتى لا يقوى على القيام بججه .
وعلى القاضى أن يسمع الخصمين معا ، وأن يأمر كاتبه أن يكتب كلام الخصمين كما سمعه ولا يزيد عليه أو ينقص لئلا يوجب حقاً لم يجب أو يسقط حقا واجباً ، وعليه سماع شهود الخصمين مع احترام الشهود لقوله صلى الله عليه وسلم (اكرموا الشهود فإن الله يحمى بهم الحقوق) ( ) .
أما عن مبدأ المواجهة فى الفقه الاسلامى:
أما عن مبدأ المواجهة -(ضرورة علم الخصم بما قدم ضده وتمكينه من الحضور والرد على ادعاءات خصمه) فإن الفقه الاسلامى حرص على ذلك بتأكيد أن القاضى لا ينبغى له أن يجيب أحد الخصوم فى غيبة الآخر، وهو ما يعنى أن القاضى يجب أن يعلم الخصم بما قدم ضده وان يسمع الخصمين معاً وإذا غاب أحد الخصمين فيجب اعذاره وإنذاره بالحضور للدفاع عن نفسه . وفى معين الحكام “وينبغى للقاضى أن لا يحكم على احد حتى يتعذر إليه برجل أو رجلين . ويحكم القاضى بعد أن يسأل ابقيت له حجة – والمتبادر للذهن انه يوجه ذلك إلى المدعى عليه فإن قال بقيت لى حجة انظره القاضى”.
لتحميل كامل المقالة أضغط على الملف
المصدر: الوطن