تقرير عن الدورة الثالثة ل “القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي بدبي

أكدت جلسات القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي أهمية تبني المصارف الإسلامية التكنولوجيا المالية بهدف مواكبة عصر الرقمنة والاستفادة من الخدمات التي تقدمها شركات التكنولوجيا المالية، خصوصاً في ظل اعتماد المصارف على الأنظمة القديمة والتقليدية، في وقت ينطوي تحول المصارف إلى منصات أعمال رقمية على كثير من الفرص.

موقع الاجتهاد: اختتمت في دبي الاربعاء 12/10 الدورة الثالثة لـ «القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي»، التي نظمتها «غرفة تجارة وصناعة دبي» وناقشت التحديات التي تواجه المؤسسات المتوسطة والصغيرة والمصارف في المنطقة، والتي لا يزال معظمها يعتمد على الأساليب التقليدية بعيداً من الرقمنة.

ودعا خبراء مشاركون في الجلسة الختامية للقمة العالمية للاقتصاد الإسلامي، إلى ضرورة تبني سياسات لدعم مبادرات الابتكار في قطاعات الاقتصاد الإسلامي المختلفة ،وضرورة تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في مشروعات الاقتصاد الإسلامي.

الخبراء المشاركون في قمة الاقتصاد الإسلامي طرحوا سؤالا صعبا: “هل بمقدور الاقتصاد الإسلامي تخطي مرحلة الثورة الصناعية الثالثة؟”، وأوصوا في النهاية بأهمية توفير الحكومات لمنصات وأطر عمل تحفز على الابتكار في قطاع الاقتصاد الإسلامي.

وقال المدير التنفيذي لمركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي ،عبدالله العور، إن “من الضروري تبني سياسات لدعم مبادرات الابتكار،والاعتماد على التطور التقني في قطاع الاقتصاد الإسلامي ،بما يدعم أسس تطويره”، واعتبر العور أن “التنوع الاقتصادي بين الدول الإسلامية من الأمور الإيجابية الداعمة لتطور الاقتصاد الإسلامي”.

تجانس علامات “حلال”

وشدّد العور على أهمية العمل على تطوير النظم التعليمية لتواكب المستجدات العلمية والتقنية المتسارعة ،لتعميم آثارها الإيجابية فتشمل جميع أفراد المجتمع ،لافتاً إلى أن الاقتصاد الإسلامي من خلال ما يقدمه من منتجات تتناسب مع الشريعة ،يجب أن يقدم للعالم بأسره بدائل تعزز من فرص النمو الاقتصادي ،داعياً في نفس الوقت إلى أهمية التجانس في إصدار شهادات وعلامات “الحلال” في قطاع المواد الغذائية.

بدوره، أشار نائب الرئيس للعلاقات الدولية في غرفة تجارة وصناعة دبي، حسن الهاشمي، إلى أن “التطور التكنولوجي الكبير الذي نشهده حالياً في المجتمعات الإسلامية، يدعم تبني الاقتصاد الرقمي والتقنيات الحديثة التي تمكنه من تحقيق الانتشار المطلوب، والتي تقود إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة التي تعزز من فرص النمو والازدهار في المجتمعات”.

إلى ذلك، قال المدير العام لـ”تومسون رويترز” لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نديم النجار، إن “هناك دوراً للقطاعين الخاص والحكومي لتمكين الشباب من القيام بدورهم، إذ يتطلب على القطاع الخاص تقديم المساعدات التي تمكن الشباب من تطوير مهاراتهم وقدراتهم والاستفادة من طاقاتهم في تحقيق التطور المطلوب”.

التمويل سر تطور الاقتصاد الاسلامي

وقال خبراء في التمويل الإسلامي إن التمويل الإسلامي يدعم الاستقرار المالي في العالم، مؤكدّين أن القمة تضع التمويل الإسلامي، الذي يعتبر القطاع الأكثر تطوراً ونُضجاً بين قطاعات الاقتصاد الإسلامي.

هذا فيما تشير توقعات الخبراء إلى تراجع نمو التمويل الإسلامي ليصل إلى 5% في العام 2017، بالتزامن مع استمرار تركّز القطاع في الدول المُصدِّرة للنفط، وتعرض الميزانيات العمومية للبنوك الإسلامية في تلك الدول إلى ضغوط، واعتماد نحو 30% من ودائعها على الودائع الحكومية والكيانات المرتبطة بها، وذلك بالرغم من إقبال المزيد من الشركات العالمية على أدوات التمويل الإسلامي.

وأكّد الخبراء أن الالتزام بتطبيق مبادئ التمويل الإسلامي المدعومة بأصول أساسية حقيقية، يساهم في التخفيف من متطلبات إعادة الرسملة لدى البنوك خلال فترات الركود الاقتصادي، ويعزّز العوائد الاستثمارية خلال الفترات التي تشهد أداءً اقتصادياً جيداً.

وفي كلمة ألقتها أمام القمة، قالت أمينة غريب، رئيسة جمهورية موريشيوس: “إن تطور قطاع الاقتصاد الإسلامي يتطلب قطاعاً مالياً دقيقاً ومؤثراً ومشاركة فاعلة من الكثير من الشركات التي تعرض نظام ضرائب وخدمات مالية متطورة يسمح بالتأمين وإعادة التأمين.

وبيّنت أن القطاع الإسلامي ومنتجاته سوف تكون جاذبة في المستقبل القريب، بما يتطلبه ذلك من إدارة الصيرفة الإسلامية بشكل فعّال، الأمر الذي سوف يواكبه تطور كبير في أداء الاقتصاد الإسلامي وهذا ما يمكن القيام به من خلال التعاون بين جميع الجهات الإسلامية المعنية بتطوير الاقتصاد الإسلامي.

وفي هذا الشأن ،قال نديم نجار مدير عام “تومسون رويترز” في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا: “منذ إطلاق القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي في العام 2012 ،بدأنا نلمس اهتماماً متزايداً من قبل صناديق الاستثمار،والشركات والمؤسسات المالية العالمية في قطاعات الاقتصاد الإسلامي ومكوناته”.

الأموال الخيرية أداة ضعيفة الاستخدام

وفي جلسة عن “العمل الخيري في العالم الإسلامي: توظيف فائض رأس المال غير المستثمَر لتحفيز التنمية الاجتماعية” حرص الخبراء رفقة عدد من الخبراء الممثلين لجمعيات الوقف والمؤسسات الخيرية ،على اكتشاف الاستراتيجيات الفعالة لإدارة الأموال الخيرية الإسلامية بطريقة تضمن إحداث أثر حقيقي في المجتمع المعاصر.

ويرى البعض أن الأموال الخيرية الإسلامية أداة ضعيفة الاستخدام نسبيا للمساهمة في عملية التنمية الاجتماعية. وبالرغم من وجود أصول كبيرة تحت الإدارة ،إلا أن هذه الأصول لا تدر الكثير من العائدات مع توفيرها الحد الأدنى من الأثر الاجتماعي المطلوب على المجتمعات التي تهدف لدعمها.

وفي المقابل، توصّلت مؤسسات العمل الخيري والهبات في الأسواق المتقدمة إلى تبني نماذج مبتكرة تضمن تحقيق عائدات عالية وأثر اجتماعي واسع النطاق. وبدراسة هذه التجارب، فإن الأموال الخيرية الإسلامية – بما فيها تبرعات الأوقاف والزكاة – تمتلك إمكانات كبيرة لدعم جهود مكافحة الفقر بشكل أكثر فاعلية في المجتمعات المسلمة، فضلاً عن تحقيق تقدم في توزيع الثروات لتشمل الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود.

الأزياء والفن الإسلامي

كما ناقشت القمة عدة مواضيع أخرى ،وطرحت موضوع “تطور الفن الإسلامي: التحول الجمالي والإقبال الاستثماري”الذي ناقش تطور وجاذبية الفن الإسلامي على الصعيدين الاستثماري والجمالي، وموضوع “سوق عالمية للحلال: طموح بعيد المنال أم احتمال قائم على المدى القريب؟” الذي ناقش مكانة قطاع الحلال كأحد القطاعات الاقتصادية الإسلامية القليلة التي تشهد انتشاراً واسعاً بين أوساط المستهلكين والمصنّعين عبر مختلف الثقافات.

كما طرحت مسألة “التأثير في قطاع الأزياء المحتشمة: استثمار وسائل الإعلام الاجتماعي لكسب حصة في السوق” حيث بين المتحدثون أن الأزياء المحتشمة باتت تحظى بشعبية متنامية دفعت ببعض دور الأزياء الفاخرة للتوسع في هذه السوق المزدهرة.

المستقبل للابتكار

وأثناء مناقشة مستقبل الاقتصاد الإسلامي وطرح السؤال: هل بمقدور الاقتصاد الإسلامي تخطي مرحلة الثورة الصناعية الثالثة؟ أكد المشاركون في القمة على أهمية التوظيف الأمثل للابتكار والاعتماد على التطور التقني لتمكين الاقتصاد الإسلامي من تحقيق التطور المطلوب والانتقال إلى المرحلة التالية التي تمكنه من أن يكون بديلاً حقيقيا للاقتصاديات التقليدية وتقديم الحلول العملية التي تمكن من مواجهة التحديات وقراءة المستقبل بشكل دقيق، وبما يحد من تأثير الأزمات التي تعصف بالاقتصادات العالمية بين فترة وأخرى.
كما دعت القمة إلى ضرورة التحول إلى اقتصاد المعرفة والعمل على تبادل المعلومات والاستثمار الأمثل في رأس المال البشري والتركز على إجراء الأبحاث والدراسات التي ترسم صورة واضحة عن كيفية الاستفادة من الفرص المتاحة وتوظيفها بما يخدم المجتمعات الإسلامية.

يذكر أنه في اليوم الأول من النسخة الثالثة من القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي، أطلقت دبي (المنظمة العالمية للأوقاف) في بادرة اعتبرت الأولى من نوعها على مستوى المنطقة والعالم، حيث أكد وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، محمد القرقاوي، أن هذه المبادرة ترسخ مكانة الوقف كواحدة من أهم أدوات التنمية الاجتماعية والاقتصادية على مستوى العالم، كما تهدف إلى تطوير القطاع الوقفي وتوحيد الجهود بين الهيئات والمؤسسات الوقفية العالمية لتعزيز دور الوقف كدعامة أساسية لتنمية المجتمعات ورافدا رئيسيا للتنمية الاقتصادية».
المنظمة تضم في عضويتها كلا من مؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر بدبي، ومركز محمد بن راشد العالمي لاستشارات الوقف والهبة، ومركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي، ودائرة الأوقاف بالشارقة، ومؤسسة الأوقاف الوطنية بجنوب إفريقيا، ومؤسسة الأوقاف الوطنية بكندا، والأوقاف النيوزيلندية، والأوقاف الأمريكية، والأوقاف الأسترالية، والمجمع الفقهي الأوروبي المستقل للدراسات المالية الإسلامية، إضافة إلى أوقاف الشيخ محمد بن عبدالعزيز الراجحي.
ووفق الأمين العام لمؤسسة الأوقاف وشؤون القصّر بدبي، طيب عبدالرحمن الريس، فإن المنظمة ستوفر لمؤسسات وهيئات الوقف أينما كانت.. (هكذا أعلنها حرفيا.. أينما كانت) ستوفر مرجعية عالمية للقيام بدورها في التنمية الاجتماعية وتحقيق الاستقرار والعدالة على أسس مستدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky