خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
خانه / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 55 مذكرة خاص / النقود الذهبية: هل هي الحل لمواجهة تدهور العملات الورقية؟
نظرية النقود الذهبية

النقود الذهبية: هل هي الحل لمواجهة تدهور العملات الورقية؟

خاص الاجتهاد: يركز الباحث على أهمية الفهم المقاصدي والعقلي للشريعة الإسلامية، بعيدًا عن الاعتماد الحصري على الأدلة اللفظية، وذلك لإدارة شؤون المجتمع وبناء الأنظمة. ويُقارن بين منهجين فقهيين رئيسيين: منهج مدرسة قم (تجميع الظنون): يعتمد على جمع الظنون والأدلة غير الصريحة للوصول إلى حكم، ويُعطي أهمية للعقل ومقاصد الشريعة، مما يجعله أكثر قدرة على بناء أنظمة إيجابية كنظام النقود الذهبية. ومنهج مدرسة النجف (المنهج الرياضي): يعتمد بشكل أساسي على الأدلة اللفظية الصريحة، مما يؤدي إلى نتائج فقهية فردية تقوم على “البراءة” والاحتياط، ويُضعف القدرة على تصميم أنظمة اجتماعية متكاملة.

يُعزز الباحث حجة الإسلام محمدصدرا متولي إمامي فكرة أن المنهج الفقهي المقاصدي (مدرسة قم) هو الأنسب لمعالجة القضايا الاقتصادية المعاصرة، مثل النظام النقدي، ويُشير إلى أن النقود الذهبية هي حل مقترح لمعالجة مشاكل التضخم وتدهور قيمة النقود الورقية.

يقول الباحث:

كما أن نظرية ولاية الفقيه المطلقة لا يمكن إثباتها بالاكتفاء بالنصوص والمتون الإسلامية وحدها، بل تحتاج إلى دليل عقلي ونظرة مقاصدية للشريعة، كذلك نظرية النقود الذهبية (پولطلا) لا يمكن إثباتها بالاكتفاء بالنصوص والأدلة اللفظية، بل يجب إدخال الفهم العقلي والمقاصدي في مسار الاستنباط. يقول المرحوم صاحب الجواهر (رضوان الله عليه): “من أنكر ولاية الفقيه، فكأنّه ما ذاق من طعم الفقه شيئًا” (جواهر الكلام؛ ج 21، ص 397). فما هو طعم الفقه هذا؟ أليس هو الفهم الكلي والعقلي والمقاصدي للشريعة؟ إن ذوق طعم الفقه هو نتيجة للنظرة “الخارج فقهية” والنظرة الكلامية للفقه. من أجل إدارة المجتمع، يجب النظر إلى جسد الشريعة نظرة “خارج فقهية”. إن البرهان والاستدلال الذي أقامه المرحوم صاحب الجواهر في كتابه الشريف جواهر الكلام حول ولاية الفقيه له صبغة كلامية، وإن كان قد طرحه في الفقه.

يقول المرحوم: بما أن وجود نظام في عصر غيبة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) هو أمر ضروري، وبما أن هذا النظام هو نظام إلهي، فلا شك أن الله قد أعدّ شخصاً لإدارة هذا النظام، حتى يتعرف على الحدود الإلهية ويقوم بتطبيقها. وفيما يتعلق بـ نظرية النقد الذهبي، فمن الضروري أيضاً الخوض في النقاش من منظور كلامي وعقلي، وتحليل الضرورات الاقتصادية والمعيشية للمجتمع الإسلامي من خلال المصادر الإسلامية. لذلك، من المنظور الكلامي، يجب أن نقول: نظراً لأهمية النظام النقدي، ولأن هذا النظام هو النقطة المحورية لالتقاء سلطة الدولة بأموال الناس، وكذلك بالنظر إلى حرمة مال المسلمين في النظرة الوحيانية، فإن دين الإسلام، بصفته الدين الخاتم، لا يمكن أن يكون غير مبالٍ أو صامتاً إزاء طبيعة النقود.

لقد صرّح الإمام الخميني (قدس سره) في منشور علماء الدين بأنّ منهج الفقه الجواهري هو المنهج الصحيح لإدارة الدولة، ولا يجيز الانحراف عنه. إنّ كلام الإمام هذا يعني أنّ الفقه الجواهري قد فتح المجال أمام قدرات الحوزات العلمية وطاقاتها لإدارة البلاد، كما أنقذ رجال الدين من الانغلاق والعزلة السياسية والاجتماعية.

في العصر المعاصر، يظهر منهجَان فقهيان على الأقل للاستنباط من المصادر الدينية، ويمكن تصنيف المسلك العلمي للعلماء غالباً ضمن أحدهما. هما: مدرسة الرياضيات ومدرسة تجميع الظنون. في مدرسة تجميع الظنون – التي تُعرف اصطلاحاً بـمدرسة قم – يقوم الفقيه، للوصول إلى نظرية معينة في الحالات التي لا تكون فيها الأدلة واضحة وصريحة، بجمع مجموعة من الظنون، ويضعها جنباً إلى جنب، ثم يستخلص نظريته من مجموعها. وتتضمن هذه الظنون: الشهرة الفتوائية، وقول العلماء السابقين، والإنصاف، والمطابقة لأصول المذهب ومقاصد الشريعة… وغيرها. فكل واحدة من هذه الأمور لا تُعدّ دليلاً مستقلاً بذاتها، بل إنّ مجموعها هو الذي يشكّل الأساس.

هذا هو ما يُعَبِّرُ عنه الشيخ الأنصاري أحياناً بـالإنصاف. إنه يذكر الإنصاف في موضعٍ يريد فيه أن يجمع ويُركّب بعض الظنون ببعضها للوصول إلى نظرية معينة. [١] هذا المنهج، الذي تَرَأَّسَه في العصر المعاصر آية الله البروجردي (قدس سره)، واستمر به مجتهدون كالإمام الخميني والمرحوم المنتظري، يُوجِدُ قدرة كبيرة على الإدارة الفقهية للمجتمع. فعلى سبيل المثال، لا يوجد لدينا رواية صحيحة السند والدلالة تُشير إلى منع قضاء المرأة، ولكن العلماء الشيعة قد توصّلوا إلى هذا الرأي بناءً على ذائقة الشريعة.

علاوة على ذلك، فإن احترام المشاهد المشرفة وحُرُمات أهل البيت (عليهم السلام)، بل وتعميم أحكام المسجد عليها، لا يستند إلى أدلة لفظية، بل إلى استنشاق مجموع المصادر الدينية واستشعار ذائقة الشارع، حيث يقول الفقهاء: حكم المشاهد المشرفة حكم المسجد.[2] وفي المقابل لمدرسة قم (تجميع الظنون)، يوجد منهج أهل النجف الذي يتربع على قمته المرحوم آية الله الخوئي (قدس سره) وتلاميذه كالمرحوم آية الله التبريزي، وآية الله السيستاني، وآية الله وحيد الخراساني. هذا المنهج هو منهج رياضي، صُغْرَوِيٌّ – كُبْرَوِيٌّ، وصيغيٌّ. هذا المنهج يظهر بوضوح تام في كتاب “مصباح الفقاهة” للمرحوم الخوئي. فإذا كانت هناك مسألة لها ثماني روايات، فإنه يردّ كلاً منها ببيان خاص، ونتيجةً للشك في دلالة الروايات، يتوجه بسرعة إلى الأصول العملية. إن الحكم الذي يخرج من الأصول العملية قد يكون حكماً شرعياً للفرار من عقاب الشارع؛ لكنه بالتأكيد ليس حكماً شرعياً صالحاً للحكم والإدارة، لأن هذا المنهج يؤدي إلى الاحتياط، وليس إلى الذائقة الحضارية للشارع. فمن صلب مثل هذا الفقه، يخرج البراءة، لا مشروع حضاري إيجابي.

إذا نظرنا إلى مسألة طبيعة النقود والنظام النقدي من منظور المنهج النجفي، فسنرى أن مسألة النقود هي أمر عُرفي وعقلائي. وبما أنه لا يوجد نص صريح أو أدلة لفظية كافية لضرورة تأسيس نظام نقدي قائم على الذهب، فإننا بالتالي نجري أصل البراءة في موضوع النقود الاعتبارية، ولن تواجه البناء العقلائي الموجود أي معارضة في فقه المدرسة النجفية. إن المسألة الوحيدة التي أثارها بعض تلامذة المدرسة النجفية خلال السنوات الأخيرة اعتراضاً على النظام المصرفي، هي سعر الفائدة المصرفية! فقد شكك العلماء بسبب مسألة حرمة الربا والتحذير الشديد اللهجة من الربا في المصادر الوحيانية، في حلية سعر الفائدة المصرفية، وبعد الثورة وفي ظل بسط يد الفقيه، بذلوا كل جهدهم لإزالة هذه النجاسة من البنك. وإن ثمرة هذه الجهود هي 80 فتوى صريحة بخصوص حرمة العمليات المصرفية الربوية. إن محدودية دائرة الاجتهاد في الفقه المنهجي النجفي لا تُتيح مجالاً للحديث عن نقد الغرب للمال والبنوك، وتُزيل إمكانية التحليق العقلي وإدراك المصالح الكبرى ومقاصد الشريعة. ففي هذا المنهج، يكون سبيلنا الوحيد لإيجاد نظام نقدي بديل هو إبراز تحديات النقود الاعتبارية وبيان جرائم الصناعة المصرفية.

في المقابل، إذا نظرنا إلى موضوع طبيعة النقود والنظام النقدي من خلال منظار مدرسة قم ومنهجها الفقهي تجميع الظنون، فسنتمكن من توظيف دائرة أوسع من الموضوعات والمباني في مسار الاجتهاد. إن مدرسة قم، لإفساحها المجال لجَوَلان العقل والفهم المقاصدي للقرآن والشريعة، تُوجِدُ لدى الفقيه فهماً إيجابياً وقدرةً على بناء الأنظمة.

ففي مدرسة قم، يمكن التحدث عن مقاصد الشارع في تشريع حكم الزكاة، ومن أهمية منزلة الزكاة، يمكن التوصل إلى ضرورة إصلاح النظام النقدي. وفي مدرسة قم، يمكن الحديث عن دراسة الغرب للمال والبنوك، ومن خلال بيان حقيقة خلق النقود والتدقيق في العمليات المصرفية، يمكن إظهار كُلّيّة نظام النقود الاعتبارية في مقابل ذائقة الشريعة والأهداف الكبرى الحاكمة على الفقه الإسلامي.

في المقابل، وفي مدرسة قم، بالإضافة إلى الإشكالات التي وجهتها مدرسة النجف إلى النظام المصرفي، يمكن التحدث عن ضرورة “استقرار قيمة النقود”، ويمكن، عبر تجميع الظنون، بيان أن النقود التي يُقرّها الشارع لا يمكن أن تكون نقوداً “قابلة للخلق من العدم”. وبناءً على ذلك، وقبل أن نشرع في تحليل العمليات المصرفية، تخضع طبيعة نظام خلق النقود وعملية إنتاج النقود وإصدارها لتحقيقات اجتهادية دقيقة.

وبالاعتماد على منهج تجميع الظنون، يمكن القول كـقاعدة فقهية: يجب أن تكون النقود قادرة على ضمان استقرار المستوى العام للأسعار، والذي يعني استقرار قيمة النقود وقوتها الشرائية. إن هذه القاعدة في ظل النقود الاعتبارية مهتزة للغاية؛ لأن معادلات إصدار النقود وآلية توزيع الثروة في المجتمع تكون بيد السلطات النقدية، ومن خلال ذلك، يصبح مال الناس قابلاً للتلاعب والتصرف فيه.

إذا نظرنا إلى مسألة النقود من منظور كلامي، فإن المباني الوجودية (الأنطولوجية)، والمنهجية (الإبستمولوجية)، ومباني فلسفة الأخلاق، تؤدي دوراً فاعلاً. فمن هذا المنظور، يحتاج المجتمع الإسلامي إلى نقود تُوجِدُ الاطمئنان والسكينة القلبية والزهد في الدنيا، لا أن تزيد من قلق الناس على المستقبل وحرصهم وطمعهم ومشاغلهم النقدية، من خلال إحداث التقلبات الاقتصادية.

إن التضخم هو قرين النقود الاعتبارية. وإن الاضطرابات الخطيرة التي يشهدها الناس في العالم المعاصر غالباً ما تكون بسبب عدم الاستقرار الاقتصادي وانعدام الأمن الوظيفي، الأمر الذي صَرَفَ قلوب الناس وأرواحهم بشكل أكبر نحو الدنيا وجمع المال.

إن نظام النقود الذهبية هو نظام نقدي مقترح للعصر الحديث، ومشروع للعبور من الهيمنة المصرفية والنظام الرأسمالي. وبما أن المشروع المذكور هو مشروع إيجابي، فإن المنهج الفقهي الذي يُفسّر الحُجّية على محور المُعذِّرِيّة والمُنجّزِيّة (الفقه الفردي) لا يمكن أن يكون سنداً للمشاريع الإيجابية، بما في ذلك نظام النقود الذهبية، ولا يمكن أن يُتوقع من إطاره المنهجي أحكاماً نظامية أو مشاريع إيجابية.

إن فقه المُعذِّرِيّة والمُنجّزِيّة لا يتناول إلا أحكام الظواهر والوقائع التي أوجدها الآخرون، ولا يملك القدرة على تصميم الأنظمة الاجتماعية وإنشائها. هذا الفقه يسعى فقط لـرفع العقاب والفرار من نار جهنم، ولا يتناسب مع الفعالية الاجتماعية للفقه وضرورات إدارة الدولة. إن غالب المعارضات التي أبداها بعض الفقهاء لفكرة ولاية الفقيه وتردُّد بعض العلماء بخصوص نطاق صلاحيات الولي الفقيه، تعود إلى المنهجية الفقهية الفردية.

إن نظام النقود الذهبية هو نظام نقدي قائم على المصلحة ومرتكز على المقاصد. صحيح أن المقاصدية لدى أمثال الشاطبي هي انحراف، ولكن حرمان الفقه الشيعي من مقاصد الشريعة يُوجِدُ تحديات كبيرة للحكومة الإسلامية ويزيل القدرة الحضارية للفقه.

على سبيل المثال، في مسألة حكم الزكاة، فإن الروايات الإسلامية صريحة في أن الزكاة لا تقتصر أهميتها على مستوى الصلاة فحسب، بل هي مشرَّعة لرفع الفقر، وأن نصاب الزكاة هو نصاب توقيفي. لقد تم تحديد نصاب الزكاة بناءً على علم إلهي بمقدار يفي بحاجة الطبقات المحرومة ولا يبقى فقير في المجتمع. وتعبير الرواية هو أنه إذا دفع الناس زكاتهم، «ما احتاج أحد»؛ فلن يبقى محتاج!

والسؤال هنا: مع وجود نظام النقود الاعتبارية، كيف نريد أن نبقى على هذا النصاب التوقيفي ونحقق الأهداف التي وضعها الشارع لحكم الزكاة الرفيع؟ اليوم، وبسبب عدم الاهتمام بأهمية الزكاة والمقاصد التي وضعها الشارع لها، فإن هذا الحكم الإلهي قد عُطّل تقريباً، وبذريعة عدم شيوع الدرهم والدينار، بقيت الزكاة، التي هي أحد أركان النظام الاقتصادي الإسلامي، مُهمَلةً.

في أواخر عام 1350 هـ.ش (الموافق لسنة 1971م)، قامت حكومة البعث العراقية برئاسة أحمد حسن البكر بترحيل أكثر من 60 ألف إيراني مقيم في العتبات المقدسة (وخاصة كربلاء)، بذريعة عدم تجديد إقامتهم بسبب النزاع على الجزر الإيرانية الثلاث في الخليج الفارسي. وقد أدى هذا الترحيل إلى هجرة عكسية لعدد كبير من العلماء الإيرانيين المقيمين في النجف وكربلاء إلى إيران، ما أحدث بركات علمية وروحية جمة للمجتمع الإيراني. ومع ذلك، أدت هجرة المجتهدين النجفيين إلى قم إلى انتقال المنهج النجفي وهيمنته على دروس الحوزة في قم، وتراجع المنهج التدريسي لآية الله البروجردي تدريجياً إلى الهامش.

اليوم، حتى العلماء المتَّبِعون للمناهج النجفية، قد أبدوا قلقهم وشككوا في مشروعية النظام المصرفي، وخلق النقود، وسعر الفائدة المصرفية. ولكن في حال قيام نظام النقود الذهبية، فإن غالبية المراجع والمجتهدين سيتوافقون مع هذا النظام النقدي ويُظهرون جذوره في الفقه الإسلامي؛ لأن نظام النقود الذهبية كان موضع إمضاء من قبل الشارع المقدس، كما أن الأحكام الإسلامية قد بُنيت على سكة النظام النقدي القائم على الذهب والفضة.

الهوامش

أبو القاسم علي‌دوست، “لا يمكن تأسيس حكومة بمنهج السيد الخوئي”، ص33.

السيد محمد رضا الموسوي الكلبايكاني، “مختصر الأحكام”، ص11.

جورج غويدو هولسمان، “أخلاقيات توليد النقود”، ص99.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *