الاجتهاد: نسب للإمام الرضا “عليه السلام” كتاب « فقه الرضا» ولم يكن معروفاً في الأوساط العلميّة الإمامية الأولى، وإنما ظهر متأخراً في زمان الفاضل المجلسي.
يقول “رحمه الله”: کتاب فقه الرضا “عليه السلام” أخبرني به السيد الفاضل المحدث القاضي أمیر حسین “طاب ثراه” بعدما ورد أصفهان ، قال : قد اتّفق في بعض سنيّ مجاورتي بيت الله الحرام، أن أتاني جماعة من أهل قم حاجّين ، وكان معهم كتاب قديم يوافق تاريخه عصر الرضا صلوات الله عليه ، وسمعت الوالده “رحمه الله” أنه قال: سمعت السيد يقول: كان عليه خطّه صلوات الله عليه ، وكان عليه إجازات جماعة كثيرة من الفضلاء.
وقال السيد: حصل لي العلم بتلك القرائن أنه تأليف الإمام “عليه السلام” ، فأخذت الكتاب وكتبته وصحّحته، فأخذ والدي قدس الله روحه هذا الكتاب من السيد واستنسخه وصحّحه، وأكثر عباراته موافق لما يذكره الصدوق “رحمه الله” في کتاب «من لا يحضره الفقيه » من غير سند ، وما يذكره والده في رسالته إليه، وكثير من الأحكام التي ذكرها أصحابنا ولا يعلم مستندها مذكورة فيه.(1)
وقد أقرّ به، واعتمد عليه جمهور من أعلام الفقه الإمامي، كالفاضل الكاشاني، وصاحب الرياض، والمحدث البحراني ، وغيرهم.
وأنكره فريق آخر من كبار العلماء والمحققين، ولا يزال مثار الجدل بين الأعلام، والمتأمّل في الكتاب تواجهه بعض المؤاخذات التي تبعد نسبته للإمام “عليه السلام”، وهي :
أولا: إن هذا الكتاب لو كان للإمام “عليه السلام” لما كان مغموراً عدة قرون لم يطلّع عليه أحد من قدامی فقهاء الإمامية ، وأصحاب الحديث مع اهتمامهم البالغ بجميع ما أُثر عن أئمة الهدی “عليهم السلام” ، فلم يشر إليه أحد منهم بكلمة.
ثانيا : إن الشيخ الصدوق “رحمه الله” الذي دوّن جميع الآثار الواردة من الإمام الرضا “عليه السلام” في كتابه عيون أخبار الرضا، فإنّه لم يشر إليه في هذا الكتاب ولا في جميع مؤلفاته .
ثالثا: إن فيه بعض الأخبار المخالفة لعقيدة التشيّع، كالغلو الذي حاربه الأئمة الطاهرون ، وبنوا على كفر من يذهب إليه،
فقد جاء في هذا الكتاب في باب استقبال القبلة في الصلاة: “واجعل واحداً من الأئمة نصب عينيك”، وهذا غلوّ فاحش، فإن المصلّي عليه أن يتّجه بقلبه وعواطفه ومشاعره أمام الله خالق الكون وواهب الحياة .
هذه بعض المؤاخذات التي تواجه كتاب فقه الرضا، وهي تبعد نسبته للإمام “عليه السلام” ، وقد نشر هذا الكتاب المؤتمر العالمي للإمام الرضا في مشهد المقدسة، وقامت بتحقيقه مؤسسة آل البيت “عليهم السلام” لإحياء التراث في قم زادها الله شرفاً، وقد قدّم له سماحة السيد جواد الشهرستاني ، وعرض إلى ما قاله المثبتون لهذا الكتاب والنافون له من الأدلة .
المصدر: موسوعة سيرة أهل البيت المجلد 30 – الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، تأليف : باقر شريف القرشي الصفحة : 367