الاجتهاد: دأبت العتبات المقدسة بأماناتها العامة وأدارتها وكوادرها، على بذل ما بوسعها في سبيل تقديم الخدمات الخاصة المتعلقة بطبيعة عملها وكذلك الخدمات العامة التي تتعلق باحتياجات أبناء هذا الشعب وبحسب الظروف والمتغيرات، وتسخير إمكانياتها المتاحة لذلك، لتضع بصماتها على منجزات هنا او هناك لتضفي عليها أجواء قداسة تلك البقاع المطهرة التي اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه.
وقد جرت العادة على القيام بتلك المساهمات الفاعلة التي تركت أثرا طيبا وسطرت أروع الأمثلة في بث روح التعاون والألفة والحفاظ على الثوابت الوطنية التي لاتميز بين مكونات وأطياف هذا الشعب الكريم، مستلهمة روح عطائها من هدي الائمة الاطهار عليهم السلام وتوجيهات المرجعية الدينية العليا التي واكبت القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية فقدمت – من مقامها الأبوي – النصح والارشاد للنهوض بواقع هذا البلد حرصا منها على مصالحه العليا.
كان للعتبات المقدسة أدوار متعددة اتخذتها في ظروف مختلفة، وقد حظيت بالتوفيق وتكللت بالنجاح بل وبالنصر ايضا حين خاض العراق معركته المصيرية في التصدي للهجمة الداعشية، فكان الدعم المادي والمعنوي حاضر يرفد الجبهات دون توقف وشواهد ذلك كثيرة أبرزها الدعم اللوجستي للمقاتلين عبر قوافل الأمدادات وكذلك الدعم الطبي الذي سخرت له أمكانيات مستشفيات العتبات في معالجة المئات بل الآلاف من جرحى المعركة دون مقابل حتى وصل حجم المبالغ المنفقة في هذا الشأن أرقاما كبيرة.
كذلك كانت العتبات المقدسة في طليعة المساهمين في ايواء العوائل النازحة من المدن والقرى التي طالتها يد الغزوة الهمجية لداعش، بل وتقديم العون لهم عبر تسخير امكانياتها لتوفير السكن والغذاء والمواد الطبية، ورغم ذلك فقد تناولت الاقلام المأجورة هذه المنجزات الرائدة بالتشويه والتسقيط دون رادع من ضمير أو التزام بميثاق شرف يظهر الحقيقة ناصعة كما هي.
اليوم وقد ابتليت البشرية بتفشي وباء كورونا ووصوله الى العراق وحدوث حالات الاصابة به، اخذت العتبات المقدسة على عاتقها القيام بواجباتها في التصدي لهذا الوباء الخطير لتكون ظهيرا وسندا للمؤسسات الحكومية في الحد من انتشاره والحفاظ على سلامة أبناء هذا المجتمع،
خاصة بعد توجيهات المرجعية الدينية العليا في خطبتها الأخيرة التي ألقاها سماحة الشيخ الكربلائي من على منبر الجمعة في الصحن الحسيني الشريف بتاريخ 28 / 2 / 2020 والتي تضمنت الكثير من التوصيات المهمة فيما يخص أهمية الوعي الصحي وتطبيق الارشادات الطبية في حياة الفرد والمجتمع.. حيث تم التطرق فيها الى شرح مفهوم الصحة، وذكر اركانه والأسس المهمة فيه والتأكيد على ضرورة زيادة الوعي الصحي الذي يعني مجموعة اُسس منها نشر الثقافة الصحية الصحيحة المعتمدة على بيان وتوضيح المفاهيم الصحية السليمة المستندة الى الاسس العلمية والمعرفية المأخوذة من أهل الاختصاص بعيداً عن الاوهام والاساطير والتقاليد البالية، واعتبار الوعي الصحي من ضرورات الحياة ومهامها، وشعور الجميع بمسؤوليتهم كل فرد مسؤول امام صحته وصحة الافراد من حولهِ،
الامر الآخر الذي تطرقت له الخطبة هو تغيير نمط الحياة اليومية والسلوكيات المجتمعية كذلك نمط الحياة الغذائية والصحية والبيئية واعتماد ذلك على أساسين هما :
1- تلافي وتجنّب السلوكيات ونمط الحياة الصحي والبيئي الخاطئ.
2- التداعيات والاثار السلبية لعدم وجود وعي صحي او عدم اتباع الارشادات الطبية اللازمة.
ثم تطرقت الخطبة لما “يتعلق بهذا الوباء المنتشر حالياً الوباء المعروف باسم (كورونا) وضرورة التقيّد بالوصايا الطبية والتعامل معه من دون الوصول الى حالة الرعب والهلع والخوف منهُ..”.
على ضوء ماتقدم وعملا بواجبها قامت العتبات المقدسة بالتحرك ضمن محاور متعددة منها مايتعلق بالجانب التوعوي عبر قنواتها الاعلامية ومواقعها الالكترونية واصداراتها ومنها ماهو ميداني لتكون بذلك مصداقا حيا للوعي الصحي الذي حثت عليه المرجعية وأداة فاعلة من أدوات نشره والتثقيف عليه ويمكن تلخيص الأجراءات المتخذة في الجانب التوعوي والوقائي ببعض الشواهد:
1 – اعلان ادارة العتبة الحسينية عدم اقامة صلاة وخطبة الجمعة ليوم الجمعة الموافق 6/آذار/2020 بسب الوضع و وجود مخاوف من انتشار فيروس كورونا وذكر ذلك في بيان جاء فيه ” انه بالنظر الى الظرف الصحي الراهن ورعاية الى ما دعت اليه دائرة صحة كربلاء من الامتناع عن عقد التجمعات الكبيرة في هذه الايام فقد تقرر عدم اقامة صلاة الجمعة في الاسبوع المقبل “.
كما أعلنت اليوم ١١/٠٣/٢٠٢٠ الأربعاء إيقاف صلاة الجمعة امتثالا لتوجيهات المرجعية التي دعت الى الالتزام بوصايا وزارة الصحة العراقية في مواجهة فيروس كورونا.
2 – اتخاذ جملة من الاجراءات الوقائية والاحترازية كوضع المعقمات في مداخل المراقد المقدسة ليقوم الزائرون بتعقيم ايديهم، بالإضافة الى حملات مستمرة في تعقيم وتعفير المكان والافرشة للحد من انتشار فيروس كورونا.
3 – قيام العتبة الحسينية بتوفير اماكن مناسبة للحجر الصحي للمصابين بفيروس كورونا المستجد في احدى مدن الزائرين بكربلاء اضافة الى توفيرها كافة الخدمات الصحية والوقائية داخل المستشفيات التابعة لها من اجل الحد من انتشاره.
4 – قيام العتبة العباسية المقدسة بوضع برنامج لبيان الموقف الشرعيّ من فيروس كورونا وطرق الوقاية منه ودرء مخاطره، وتكليف المؤمن في كيفيّة التعامل معه وفقاً للرؤية الشرعيّة.
5 – اعلان شركة الجود للتكنولوجيا الصناعية والزراعية الحديثة التابعة للعتبة العباسية المقدسة عن مضاعفة انتاجها وزيادة طاقتها الانتاجية من المواد المنظفة والمعقمة وذلك للوقاية من خطر فايروس كورونا.
6 – تنسيق العتبة الكاظمية المقدسة مع منظمة الصحة العالمية في سبيل اتخاذ الاجراءات الصحية الوقائية المناسبة لمواجهة فيروس كورونا المستجد سيما والاستعدادات قائمة لاستقبال زائري الامامين الكاظمين عليهما السلام وأحياء ذكرى شهادة الامام الكاظم عليه السلام.
7 – اطلاق مستشفى الامام زين العابدين (عليه السلام) التابع للعتبة الحسينية المقدسة، حملة توعوية للتعريف، والوقاية من مرض كورونا.
8- اعلان العتبة العباسية المقدسة البدء بصناعة ١٠،٠٠٠ كمامة طبية -كدفعة أولى- وتوزيعها مجانا.
المصدر: موقع الأئمة الإثنا عشر