الاجتهاد الفقهي

أثر المنابع الثقافية والحركية على الاجتهاد الفقهي عند الدكتور عبدالهادي الفضلي

الاجتهاد: مع بدايات القرن الهجري الثاني أُسِّسَت العديد من العلوم الإسلامية التي مثّلت حينها ضرورةً لبناء المجتمع المسلم معرفيًّا ومدنيًّا. وقد ترافق تأسيس هذه العلوم مع انفتاح المجتمع المسلم على معطيات الحضارة اليونانية عن طريق ترجمة تراثها الفكري والعلمي. بقلم حسين منصور الشيخ 

ولعلّ من أبرز ما ساهم في تقعيد وتنظيم تلكم العلوم: الإفادة من المنطق الأرسطي الذي شكّل في حينها -ولقرون متطاولة- المنهج العلمي للبحث والدراسة، والأساس في تبويب العلوم وتقسيم مسائلها وآلية الاستدلال فيها.

ومن شواهد تأثُّر العلوم الإسلامية بالآلية المنطقية والعُقَلائية في التبويب: التقسيم الحالي لأبواب الفقه، إذ يُقسَّم إلى: عبادات، وعقود، وإيقاعات، وأحكام.

وقد بُوِّبَت هذا التبويب اعتمادًا على التقسيم الثنائي القائم على الترديد بين الإيجاب والنفي، فالأحكام الفقهية: إمّا متعلّقة بالآخرة أو لا، فالأولى هي أحكام العبادات، والأخرى: إمّا أن تحتاج إلى عبارات لفظية محدّدة أَوْ لَا، فالثانية هي: الأحكام، والأولى: إما أن يُشترط فيها وجود طرفين أَوْ لَا، فالأولى: العقود، والثانية: الإيقاعات. ويمكن تمثيلها بالتشجير التالي:

أبواب الفقه

وهذا النوع من التقسيم، كما يظهر، عقلي بحت لم يُبْنَ اعتمادًا على الواقع الفقهي واستجابة لطبيعته التشريعية. إذ من المفترض أن تُبحَثَ مسائل الزواج، مثلًا، وهي من المسائل المتعلّقة بالأسرة في الباب ذاته الذي تُبحث فيه مسائل الطلاق، ولكنّ، لأنّ الزواج لا ينعقد إلَّا بطرفين، يُبحَثُ في العقود، بينما الطلاق، لأنه ينعقد بطرفٍ واحد، يُبحَث في باب الإيقاعات.

ولم ينحصر التأثُّر بالتبويب، وإنما طال العديد من آلية الاستدلال ومعالجة المسائل الفقهية.

ولا غرابة في ذلك، وبخاصّة مع بدايات تأسيس هذه العلوم، إذ لا منهج علميًّا متداولًا سوى المنطق الأوروسطي في حينها، فلا يمكن عزل العلوم عن ظروف نشأتها وتكوُّنها.

وكان تأثُّر هذه العلوم نابع من تأثُّر رجالاتها بالثقافة اليونانية الوافدة، وكذلك بسبب هيمنة بعض العلوم على بعض، كما هي الحال مع علم الكلام الذي كان لحداثة نشأته مقارنةً مع كثير من العلوم الإسلامية، وكذلك نظرًا لحالة الشحن الكلاميّة المتبادلة بين الفرق الإسلامية دور في هيمنته على مجموعة من مسائل علم الأصول، مثلًا.

ولذلك تتأثر النتائج العلمية بالمنهج الذي عُولجت به، وكذلك تتأثّر بالثقافة التي ينتمي إليها المتخصّص، وإن كان العلم يحتكم إلى مجموعة من القواعد والأسس العلمية التي يفترق بها عن بقية الحقول العلمية الأخرى.

وهذه الأخيرة هي محور الدراسة التي تعالج دور المنابع الثقافية والحركية في الاجتهاد الفقهي لدى الدكتور عبدالهادي الفضلي (رحمه الله)، وذلك انطلاقًا من نقاط رئيسة ثلاث، هي:

تأثُّر الفقيه بالخلفية الثقافية التي ينتمي إليها في معالجة المسألة الفقهية،

شواهد على بعض المنابع الثقافية وأثرها في الاجتهاد الفقهي عند العلامة الفضلي،

دور المنابع الحركية في الاجتهاد الفقهي عند العلامة الفضلي.

 

تحميل المقالة

وو

 

بي

 

المصدر: العدد 104 من مجلة الكلمة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky