خاص الاجتهاد: أشار باحث بارز في حوزة قم العلمية إلى التعاليم الدينية والمصادر الفقهية للمفاوضات والسلام في سيرة الإمام الحسن عليه السلام وقال: يجب أن ندير سلوك العدو بناءاً على حفظ مبادئنا، وهو نفس الشيء الذي فعله الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم)/ الإمام الصادق (عليه السلام) وعلى الرغم من أنه لم يكن حاكماً فقد تمكن من إدارة العدو بسلوكه. كذلك علي (عليه السلام) كان سلوكه معهم مناسب في فترة التزامه المنزل وحكومة الخلفاء.
تحدث حجة الاسلام عبدالرضا ايزدبناه «رئيس تحرير مجلة معرفة الموضوع في الفقه» والباحث البارز في حوزة قم العلمية في حوار حصري لموقع الاجتهاد حول تحليل سيرة الإمام الحسن عليه السّلام في الصلح مع معاوية، وفي تحليل سيرة أهل البيت (ع) في هذا الخصوص، يجب تسليط الضوء على الظروف الزمانية والمكانية لكل إمام وبالتالي ليس من السهلأن ننسب السيرة إليهم. وفيما يلي النص الكامل للحوار الحصري لموقع “الاجتهاد“ مع هذا الاستاذ والباحث البارز في حوزة قم العلمية:
هل طريقة مواجهة الإمام الحسن والحسين عليهما السّلام مع الظالم تختلف عن بعضها البعض، أم أنّ الإختلاف كان في الطرف الآخر والظروف الزمنية الأخرى ؟
يمكن طرح هذا السؤال بطريقتين: الاولى شرح الفرق بين فلسفة صلح الامام الحسن(عليه السّلام) وفلسفة ثورة الإمام الحسين(عليه السّلام) ، والبحث الآخر مل إذا كان أي نوع من المساعدة للظالم والتعاون معه مذمومة على أساس القرآن والروايات أم لا؟ هل كان صلح الامام الحسن (عليه السّلام) مداهنة مع الظالم أم لا؟
في الإجابة على هذا السؤال يجب ان نرى كل حدث وأي عمل في ظرفه المكاني والزماني حتى نصل إلى الحقيقة؛ يعني عندما نطالع ئروف صلح الامام الحسن(عليه السّلام) وئروف مجتمع الامام الحسين(عليه السّلام) يمكن أن نفهم إلى حدّما أنّ الظروف هي السبب في قبول الامام الحسن(ع) للصلح. الوصول إلى منطق سلوك الإمام الحسن(عليه السّلام) صعب للغاية.
الإمام (عليه السّلام) إنسان كامل. الإمام (عليه السّلام) قدوة وأسوة على مرّ التاريخ للبشرية جمعاء. عندما يقوم الإمام (عليه السلام) بسلوك ما فلا يمكننا إحضار هذا السلوك من ذلك المستوى والعمل على اساسه في قسم أو زمن آخر، بل يمكننا فقط الحصول على المفاتيح والمباديء الفلسفية و المنطقية للإمام وفهم فلسفة صلح الإمام.
برأيي أهم مفتاح لفهم منطق عمل الأئمة (عليهم السلام) هو الزيارة الجامعة الكبيرة. تفسير الزيارة الجامعة يعني تفسير «تعريف منزلة الإمام» الذي يظهر تلك المنزلة.
لذلك فإن التمسك بسيرة أهل البيت عليهم السلام ليس سهلاً، بل يجب رؤية جميع الزيارات والأدعية والروايات وإدراك ظروف الزمان والمكان والحكم بعد ذلك.
هل يمكن طرح وجود الحاكم وعدم وجوده لشرح الفرق بين سيرة الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام؟ على اي حال كان ينبغي على الإمام الحسن عليه السلام مراعاة حالة الناس في المجتمع، وأن يأخذ بعين الإعتبار عواقب الحرب وما الذي يمكن للصراع أن يفرضه من صعوبات على الناس، على عكس الإمام الحسين عليه السلام الذي لم يكن الناس تحت أمره ليقعوا في مصاعب؟
كان الإمام الحسن (عليه السلام) يريد أن يحمي تلك السيادة، لكن الإمام الحسين عليه السلام أراد إعادة ترسيج تلك السيادة. وهاتان قاعدتان.
بعبارة اخرى كان الإمام الحسن(عليه السلام) ونظراً لحيل معاوية يريد أن يحافظ على ذلك المقدار من السلطة الدينية التي كان يفقدها كيلا تزول تلك الفرص الموجودة؛ لذلك خطط كيلا يستطيع معاوية تعيين ولي عهد له؛ هذه كانت إحدى حالات الصلح.
ولكن في زمن الإمام الحسين (عليه السلام) كان يزيد يدعو بشكل عملي ضد الإسلام و المعارف والاحكام الإسلامية، وكان يقوم بتحريف القرآن والروايات، لذلك ارتأى الإمام الحسين(عليه السلام) أنه ينبغي إنقاذ الدين من بين يدي يزيد.
بعبارة أخرى ثار الإمام الحسين(عليه السلام) لخلق حكومة أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن الإمام الحسن(عليه السلام) كان يريد المحافظة على النظام في مستوى واحد كيلا يصبح عصر معاوية أسوأ، وأن يوصلها بعد ذلك إلى صاحبها الأساسي.
هل يمكن اعتبار المفاوضات مع الظالم جائزة في التعاليم الدينية و المصادر الفقهية أم أن الواجب مواجهته؟
السؤال خاطيء؛ فالأمر لا يمتلك هذا أو ذاك: يجب أن ندير سلوك العدو بناءاً على حفظ مبادئنا، وهو نفس الشيء الذي فعله الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم). الإمام الصادق (عليه السلام) وعلى الرغم من أنه لم يكن حاكماً فقد تمكن من إدارة العدو بسلوكه. كذلك علي (عليه السلام) كان سلوكه معهم مناسب في فترة التزامه المنزل وحكومة الخلفاء.
لا نستطيع أن نقول إمّا هذا أو ذاك! في النهاية يجب أخذ الزمن بعين الإعتبار؛ يجب أخذ سلوك العدو بعين الإعتبار؛ أخذ المباديء الشرعية بعين الإعتبار؛ أخذ مصالح البلاد بعين الإعتبار ومن ثم تقديم الوصفة.
هل يمكننا نظراً لعمومات الجهاد مع الكفار والمنافقين أو «اعدوا لهم مااستطعتم من قوه» و بقية الآيات أن نصل إلى أصل أولي مبني على أنّ المواجهة أصل أولي والمباحثات خلاف الأصل؟
الأصل الأولي بحسب الآية «لیظهروا علی الدین کله»، أنّ الدين هو المهيمن على العالم كله. حركة المؤمن يجب أن تكون جهادية، لكن بشكل عقلاني وليس بشكل انتحاري على حساب فقدان نظام البلاد.
فالجهاد ليس بمعنى الحرب بل القتال بمعنى الحرب، بل معناه حركة إلهية ذكية. جاء في رواية: «المؤمن مجاهد، المؤمن علوی؛ لانه یجاهد في دولة العدل بالسیف وفي دولةالباطل بالتقیه».