أكد المفكر الإسلامي الشیخ الدکتور مبلغي على ضرورة إنشاء فقه متخصص وقال: إنّ معرفة القضايا والإحتياجات الجديدة في المجتمع الإسلامي هو أساس تشكيل الفقه التخصصي، وفقه المجتمع أو الفقه الإجتماعي التخصصي يخلق مجالاً للإستجابة للإحتياجات الجديدة.
خاص الإجتهاد: تحدث الشيخ الدكتور أحمد مبلغي أستاذ درس الخارج في الفقه في حوزة قم العلمية ضمن برنامج تلفزيوني خاص بشهر رمضان حول معنى «الفقه» و «فقه المجتمع» وقال: تعريف الفقه العام هو المعرفة المفصّلة و العلمية الناتجة عن الإجتهاد بالنسبة لأحكام المسائل. يعتبر هذا الفقه بمثابة الفقه الأم؛ لكن عندما يدخل الفقه في مجالات معينة، ويتشكل ما يعرف بالمصطلح الحوزوي بالفقه المضاف أو التخصصي، عندها ينبغي أن نكرر نفس التعريف مع الإضافات.
وأضاف: في الحقيقة يُعرّف الفقه التخصصي كالآتي: التطرّق إلى المسائل المتعلقة بموضوع خاص عن علم واجتهاد، وهذا الموضوع له طبيعة تخصصية ومواضيع فرعية تخصصية، مع اتّباع نهج مسبق لهذا التخصص (مثلاً سياسي، اقتصادي و…). لذلك فإن الفقه المتخصص هو فرع من الفقه العام والفقه الإجتماعي، و قد يكون مجموعة من الفقه الذي يعالج القضايا الإجتماعية.
وأضاف مؤسس و رئيس مركز التجديد للأبحاث الدينية المقارنة في لبنان: هذه الأحكام كانت موجودة ولازالت، وإذا وجد فقهنا التخصصي الإتساق والإستقرار فسيتم تحديده، وفي هذا السياق فإن فقه المجتمع هو أحد علوم الفقه الإجتماعي حيث يعتبر بمثابة نوع من البنية التحتية لعلوم الفقه الأخرى.
فقه المجتمع يوفر الأرضية للإجابة على المتطلبات الجديدة
وفي جواب على هذا السؤال المتمثل بما هي استخدامات فقه المجتمع وما هي المشاكل التي من المفترض أن يحلّها أجاب سماحته: لدينا عدة فروض الأول أنّ الفقه جسر يأخذ أحكامه من الدين والشريعة ويوضع بين يدي البشر لتلبية احتياجاتهم، الثاني أنه مع التطورات الجديدة التي طرأت على الساحة الإجتماعية تشكلت احتياجات جديدة، وبناءاً على الفرض الأول فإن الفقه لديه القدرة على الإستجابة، ولكن فيما يخص التطورات والإحتياجات الجديدة واحتياجات الإجابة فمن اللازم تشكيل علوم فقه تخصصية وفقه المجتمع من هذه الحالات.
وتحدث حول منهج الفقه التخصصي فقال: في الفقه التخصصي يتم الاهتمام بموضوع التعريف الدقيق بالمسائل. في هذا السياق تتمثل الخطوة الأولى في فهم القضايا والاحتياجات الجديدة، والخدوة الثانية التوجه نحو معرفة تفصيلية تخصصية للغاية وفي نهاية المطاف يتم أخذ الأحكام من خلال الرجوع إلى الشريعة و المصادر. لذلك إذا لم يتشكل الفقه التخصصي فإن قضايا وعقد كثيرة لن تُحل، وليس فقط سلسلة من القضايا ولكن أجيال من القضايا الهامة والجديدة لا تزال دون إجابة.
وحول ما يجب فعله في الوقت الحالي قال مبلغي: أحد الفروع التخصصية التي يجب تأسيسها فرع الفقه التخصصي الإجتماعي. وبينما لدينا أنواع للتفاسير اللغوية والأدبية والعرفانية إلّا أن التفسير الإجتماعي يوطد علاقة الإنسان مع القرآن.
وفي الإجابة على سؤال حول ابتعاد المجتمعات الإنسانية عن القرآن فما الذي ينبغي فعله للإبتعاد عن هذه المعضلة قال سماحته: لا ينبغي لنا أن ندخل إلى القضايا الإجتماعية بشكل مندفع. نحن في عالم تُطرح فيه الأمة الاسلامية من جهة وأنه يجب أن تتشكل علاقات فيما بينها على أساس القرآن، وفي الوقت نفسه يجب أن تكون هذه الأملا مرتبطة بالعالم وأن يكون لها دور نموذجي بنّاء. يجب أن نقزم بذلك كله تحت مشاريع كبيرة مثل عنوان «تعارف الإنسان» الذي هو خطاب لجميع البشر، أو تحت عنوان «استباق الخيرات» الذي هو خطاب لجميع الأديان، لذا ينبغي أن نقوم بعمل معرفي.
حل مشاكل المجتمع الإسلامي ممكن بالفقه الإجتماعي
وأضاف الشيخ الدكتور المبلغي في شرح وتفسير مكانة الفقه الإجتماعي لحل مشاكل الإجتماعي قائلاً: إن الفقه الإجتماعي في نظرته الموضوعية التخصصية يمضي قدماً نحو عالم من القوانين و المعادلات الإجتماعية؛ وأية خطوة تخصصية نقوم بها نحو هذا الغرض أقل تكلفة من تقديم وصفة معقدة في مساحة غير معروفة. حتى أنّ معظم المصاددر الدينية ليس لها تطبيق لأننا لا نمتلك فروع تخصصية و رؤى قرآنية تخصصية، ونتصرف كما نريد.
وفي نتيجة نهائية قال الشيخ الدكنور مبلغي: الفقه هو مجتمع الفقه الذي يتعامل مع العلاقات الكامنة في المجتمع والأفعال التي تحكمها، ومن هناك يقدم نتائج تضعها علوم الفقه الأخرى التي هي علوم فقهية أساسية في مسارها الصحيح. في هذه الحالة أعتقد أنّ الأجيال الجديدة على معرفة بالقرآن وبحر من العلوم القرآنية، وأن فقهنا يخرج من هذا الوضع العام ليستجيب لاحتياجات الإنسان المعاصر.