التزاحم

التزاحم عند أصوليي الإمامية .. بقلم الدكتورة حميدة الأعرجي / تحميل PDF

الاجتهاد: دُرس باب التزاحم بادئ ذي بدء في مسألتي الحسن والقبح على أيدي المتكلمين لمّا احتاجوا إليه في أمور تدخل في صلب العقيدة، واستفاد الأصوليون من هذا البحث الكلامي في تطبيقه على ما ورد من أخبار صحيحة تتبين للوهلة الأولى وكأنها متعارضة، الأمر الذي يتعارض وعقيدة المؤمن في أن الشارع المقدس يصدر منه أمر ونهي في وقت واحد وعلى مورد واحد . ومن هنا بدأ العقل الأصولي الإمامي في إنضاج هذه المسألة وتطويرها على مر العصور. بقلم: حميدة صبّار كاظم الأعرجي

التزاحم لغةً مأخوذ من (زحم)، وهو يستعمل في معنى التضايق، واستعمله الأصوليون للتعبير به عن تضايق حكمين شرعيين واجبين على مورد واحد، وعدم قدرة المكلّف على امتثالهما معًا في وقت واحد. كما لو تعلّق في عهدة المكلَّف حكم أداء أحد الصلوات المفروضة في وقتها، وحكم إزالة النجاسة من المسجد في الوقت نفسه، إذ كلا الحكمين يجب الامتثال لهما، ولكن لكون قدرة المكلَّف تتعلق في امتثال أحد الواجبين في ذلك الوقت ولا يمكنه امتثالهما معًا، حصل ما يطلق عليه في اصطلاح الأصوليين بـ (التزاحم).

وهنا يأتي دور الأصولي في تقرير أيًّ من الحكمين يجب على المكلّف الامتثال له وتقديمه على الحكم الآخر، مع الأخذ بعين الاعتبار عدم تفويت امتثال الحكم الآخر. ولذا عقدوا مباحث عدة في هذا الباب، وجعلوا مواطن معينة لترتيب الأولوية في كيفية امتثال الحكمين. الأمر الذي سعى البحث للوقوف عليها، وتبيينها.

باب التزاحم من المباني الكلامية والأصولية التي برعت بها المدرسة الإمامية على مدى قرون من البحث العلمي، ولازال الأصوليون في تطويره مادام الفكر في تطور، وما دام باب الاجتهاد مفتوحاً، إذ يعد مبحث التزاحم من المباحث العقلية التي استطاع الأصوليون من خلالها حل كثير من مشاكل التنافي بين الأحكام في مقام الامتثال التي يعجز المكلف عن الجمع بينها فيما لو حدثت له اتفاقاً.

ولأجل تسليط الضوء على مدى دقة وعمق البحث الأصولي عند الإمامية، عقد البحث في هذا الباب، وقد تمت دراسته بمبحثين،

خصص الأول منهما للتعريف بماهية التزاحم تم تناوله بأربعة مطالب

وخصص المبحث الأخر لتعادل وتراجيح الحكمين المتزاحمين مع عرض بعض التطبيقات له.

ثم جاءت الخاتمة بأهم ما رشح من نتائج لهذه الدراسة .

تختم الباحثة الكرعاوي مقالتها بقولها: دُرس باب التزاحم بادئ ذي بدء في مسألتي الحسن والقبح على أيدي المتكلمين لمّا احتاجوا إليه في أمور تدخل في صلب العقيدة،واستفاد الأصوليون من هذا البحث الكلامي في تطبيقه على ما ورد من أخبار صحيحة تتبين للوهلة الأولى وكأنها متعارضة، الأمر الذي يتعارض وعقيدة المؤمن في أن الشارع المقدس يصدر منه أمر ونهي في وقت واحد وعلى مورد واحد. ومن هنا بدأ العقل الأصولي الإمامي في إنضاج هذه المسألة وتطويرها على مر العصور.

وبعد أن ارتأى البحث الوقوف على أهم آراء أصوليي الإمامية في هذه المسألة؛ كانت هذه الدراسة المجملة لموضوعة التزاحم، ومنها خرج بالنتائج الآتية

1- إن التنافي الذي يحصل بين الحكمين في الخارج إنما هو في مقام الامتثال الناشئ من عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في الخارج اتفاقاً،وليس بالذات أبدا، لا من ناحية المبدأ ولا من ناحية المنتهى،وهذا بخلاف باب التعارض، فإن التنافي بين الحكمين فيه يكون حقيقيا.

٢- يحصل التزاحم في مجالي الأحكام والملاكات، وإذا ما أضطر إلى ترجيح أحد متعلقهما، فإن الترجيح في الأول – الأحكام – يكون من وظيفة العبد لا غير، أما الترجيح في الثاني – تزاحم الملاكات- فإنه بيد المولى، وليس من وظيفة العبد في شيء، ولو علم بأهمية الملاك في أحد فعلين دون آخر فإن وظيفته امتثال الحكم المجعول من قبل المولى، على أنه يبقى لا طريق له إلى الملاك

3 – إن مقتضى القاعدة الأولية في التزاحم بين الأحكام التخيير. وأما في التزاحم بين الملاكات فلا يعقل فيه التخيير، لكونها مناطة بالمصلحة والمفسدة، ولا يمكن للعقل تحصيل أي منهما

4 – إذا لم يتعادل – يتساوی – المتزاحمان من حيث الأهمية، فلا بد من تقديم الأهم على المهم، وفي هذا الشأن ذكر الأصوليون مرجحات عدة حسب متعلقات الحكم في الخارج، تعرض لها البحث بشيء من التفصيل.

تحمیل المقالة

المصدر: العدد 23 من مجلة كلية الفقه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky