الاجتهاد: مقومات التسامح الاجتماعي في ضوء القرآن الكريم مقالة من الدكتور نجم عبد الرحمن خلف والدكتور عبد الرحمن عبيد حسين من جامعة العلوم الإسلامية الماليزية التي نشرت في مجلة الدراسات الإسلامية والفكر للبحوث التخصصية أبريل 2015.
جاء في ملخص المقالة: إن دعوة القرآن إلى التسامح مؤسسة على مجموعة من القيم الأخلاقية والفضائل الإنسانية، والآيات القرآنية تحدثت عن ثلاثة أنواع من التسامح: الديني والسياسي والاجتماعي، فأما الديني فكان عن طريق دعوات الحوار والإحسان والصفح والعبىء الأكبر لتحقيق هذا التسامح يقع على عاتق الدولة والباقي على مؤسسات الدولة الخاصة والأفراد، وأما السياسي فكان من خلال إرساء مفاهيم العدل والمساواة والشورى ويكفلها الدستور والحكم الديمقراطي، وأما الاجتماعي فكان بتأسيس أرضية صلبة لمجموعة من الفضائل الأخلاقية فردية وجماعية، ويحقق هذا النوع الأفراد في صورة تعاملات فردية أو في صورة جمعيات ثقافية واقتصادية وفنية وتربوية، والتسامح الاجتماعي هو الأكثر تعقيداً وأهمية في عصرنا ومجتمعاتنا.
والأساس القرآني الأعظم في التّسامح هو قوله تعالى: یا أیُّهَا النّاسُ إِنَّا خَلَقناکُم مَن ذَکَرٍ وَ أُنثَی وَ جَعَنَاکُم شُعُوباً وقَبَائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَکرَمَکُم عِندَاللّهِ أَتقَاکُم إِنَّ اللهَ عَلیم خبیر(الحجرات: 13)، فالخطاب عالمي للبشر قاطبة على اختلاف مللهم ونحلهم، والدعوة التعارفية التي ينادي إليها دعوة للتصالح الاجتماعي والتثاقف العلمي والتكامل المعرفي.
وتحقيق التسامُح الاجتماعي مرهون بنظام ديمقراطي يكفل الحريات والمساواة، ولا بد من دعم بعض الخطوات الحضارية لتحقيق الإخاء والتسامح، والأهم من هذا وذاك الإسهام في تأسيس ودعم جمعيات ومنظمات اجتماعية وثقافية وفنية واقتصادية نشطة تبث روح التسامح وتلغي الفوارق بفعالياتها وعملها الصافي من العصبية والجهل بأبنية ثقافة الأقليات وإلغاء لغة (الإسكات) المتبعة في أدبيات التواصل والتآخي.