يقول المؤرخ فيليب خوري حِتّي : ” لقد ولدت الشيعة في اليوم العاشر من المحرم، ومن ذلك اليوم أصبحت الإمامة في سلالة علي “عليه السلام” قاعدة من قواعد العقيدة الشيعية، كما كانت نبوة محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” قاعدة من قواعد الإسلام”. بقلم: الشيخ الدكتور عبدالله أحمد يوسف.
الاجتهاد: مدرسة أهل البيت “عليهم السلام” مدرسة متميزة في كل أبعادها المعرفية والدينية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية … وغيرها من الأبعاد والجوانب.
هذه المدرسة التي واجهت الكثير من التحديات طوال التاريخ، ما كان لها أن تستمر لولا ثورة الإمام الحسين “عليه السلام” المباركة، فدماء الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه روت هذه المدرسة بما تلزم للبقاء والديمومة والاستمرار.
وقد ساهمت ثورة الإمام الحسين “عليه السلام” في تركيز التشيع وبروز مدرسة أهل البيت كمدرسة متميزة في فهمها للإسلام في إطاره العقائدي والفكري.
يقول المؤرخ فيليب خوري حِتّي : ” لقد ولدت الشيعة في اليوم العاشر من المحرم، ومن ذلك اليوم أصبحت الإمامة في سلالة علي “عليه السلام” قاعدة من قواعد العقيدة الشيعية، كما كانت نبوة محمد “صلى الله عليه وآله وسلم” قاعدة من قواعد الإسلام”. (1)
ويقول بعض المستشرقين: ” لو لا مقتل الحسين لما كانت هناك شيعة في الإسلام »(٢).
ويقول سترثمان: ” لقد كانت دماء الحسين التي سالت على سيوف القوات الحكومية هي النواة التي أنبتت العقيدة الشيعية أكثر من دماء علي “عليه السلام” الذي اغتالته يد متآمر خارجي”.
ويقول الشيخ التستري: ” إنه لو لم يتحمل الحسين “عليه السلام” لهذه المصائب لم يظهر دين للشيعة، وذلك لأن بني أمية لما استولوا على البلاد وأظهروا الفساد وسعوا في إخفاء الحق، حتى شبهوا الأمر على الناس، فجعلوا سب علي “عليه السلام” من أجزاء الصلاة، وأدخلوا في أذهان الناس أن بني أمية أئمة الإسلام، ورسخ ذلك في عقائد الناس من زمن طفولتهم حيث أنهم ألقوا ذلك إلى المعلمين ليفدوا الأطفال في مكاتبهم ومدارسهم، فاعتقد الناس حقيقة أن هؤلاء أئمة الدين وأن مخالفهم على ضلال، ولما قتل الحسين “عليه السلام” بتلك الكيفية وسبيت عياله تنبه الناس إلى أن هؤلاء لو كانوا أئمة حق ما فعلوا ذلك، وأن فعلهم لا يطابق ديناً ولا مذهباً ولا عدلاً ولا يطابق إلا جور الجائرين” .(3)
وقد أدى استشهاد الإمام الحسين “عليه السلام” بتلك الكيفية الدامية إلى ترسيخ الولاء والمحبة والعشق للإمام الحسين”عليه السلام” وأئمة أهل البيت الأطهار، وانضم الكثير من الناس ممن كانوا على الحياد إلى نهج ومدرسة أهل البيت، وتحول قسم منهم إلى دعاة لنهج التشيع لآل البيت الأطهار.
واليوم نرى انتشار أتباع مدرسة أهل البيت في كل مكان من أنحاء الدنيا، والجميع بدأ يتعرف على أبعاد نهضة الإمام الحسين “عليه السلام” فلم يعد ممكناً محاصرة فكر وثقافة أهل البيت كما كان مطبقاً سابقاً من قبل أعداء أهل البيت، فوسائل الإعلام والاتصال الحديثة ساهمت بنشر منهج وفكر أهل البيت إلى كل الناس.
ومدرسة أهل البيت التي لم يستطع أعداؤها بكل ما لديهم من أدوات القمع والدكتاتورية أن يقضوا عليها في القرون الماضية، لن يستطيعوا اليوم أن يحاصروها فضلاً عن القضاء عليها، وكل ذلك ببركة ثورة الإمام الحسين “عليه السلام” وجهاد أتباع هذه المدرسة المباركة طوال التاريخ الإسلامي.
الهوامش
. ١) تاريخ العرب، ج ١، ص ٢٣٧
. ٢) الحسين بن علي، عمر أبو النصر، ص 10
.3) خصائص الحسين، ص ٨٩
المصدر: كتاب: سيرة الإمام الحسين “عليه السلام” دراسة تحليلية للحياة الأخلاقية والعلمية والسياسية للإمام الحسين “عليه السلام” تأليف الشيخ الدكتور عبدالله أحمد يوسف . المجلد الثاني. الصفحة 147
تحميل الكتاب