يمكن تعريف الفقه التطبيقي في الحد الأدنى للتعريف بأنه «فقه الواقع» أو «الفقه الموضوعي». فقه الواقع هو الفقه الذي لايدير الأحداث الأكثر حداثة فحسب، بل يجب أن يُنظر إليه على انه يتمتع بقدرة تنبؤية. أحد متطلبات قدرة التنبؤ تعريف نطاق الحد الأدنى والنطاق الجغرافي الداخلي للفقه.بعبارة أخرى، لإخراج الفقه من حالته السلبية -مثل الفقه الرائج- وتحويله إلى الفقه الفعّال والمتقدّم، فلابد أن يكون المتوقع من الفقه أكثر منطقية وعقلانية.
خاص الاجتهاد: الفقه التطبيقي الذي هو ثمرة الاهتمامات المعاصرة، له السعة والتأهل بأن يحول دون انقسام بينه وبين المجتمع المحيطة به، في حين أنه ينجوا الفقه من التخلف.
لقد حافظت التغيرات السریعة والمدهشة في العالم الجديد على الإنسيابية في جميع العلوم والمعارف البشرية، لذلك يتهمش كل معرفة بشرية لاتستطيع تحديث نفسها، ولا تعرّف علاقتها بهذه التطورات، وتنعزل لوحدها. والفقه أيضاً غير مستثنى من هذه القاعدة العامة، وعليه أن يحاول تعريف علاقته بتغيراته المحيطة به لتجنب التهميش.
يمكن للتحديث أن يتم بشكلين: التحديث الفعّال والتحديث السلبي وكل منهما له متطلبات وعواقب وفيما يلي سنشير لها بشكل موجز.
الفقه التطبيقي هو منهج فقهي يحاول إخراج الفقه من حالته السلبية، ويحوّله إلى فقه فعّال؛ كما يحدد علاقته بالنتائج البشرية.
التعريف المقترح للفقه التطبيقي
يمكن تعريف الفقه التطبيقي في الحد الأدنى للتعريف بأنه «فقه الواقع» أو «الفقه الموضوعي». فقه الواقع هو الفقه الذي لا يدير الأحداث الأكثر حداثة فحسب، بل يجب أن يُنظر إليه على انه يتمتع بقدرة تنبؤية. أحد متطلبات قدرة التنبؤ تعريف نطاق الحد الأدنى والنطاق الجغرافي الداخلي للفقه. بعبارة أخرى، لإخراج الفقه من حالته السلبية – مثل الفقه الرائج- وتحويله إلى الفقه الفعّال والمتقدّم، فلا بد أن يكون المتوقع من الفقه أكثر منطقية وعقلانية.
الفقه التطبيقي وخصائصه
للفقه التطبيقي خصائص وميزات عديدة، ومن بينها يمكن الإشارة إلى الحالات التالية:
۱- مزيد من الاهتمام الجدّي بالمجالات والتفاصيل:
بما أن الفقه التطبيقي يعترف بالواقع بشكل رسمي، لذلك فإنه يهتم أكثر بالمجالات والتفاصيل. وكما يركز على السياق والتفاصيل المحيطة به، فإنه يركز بشكل خاص على مجالات وتفاصيل النصوص الدينية وعلى المصادر. إن الاهتمام بتفاصيل المصادر والنصوص الدينية يخلق للفقه التطبيقي القدرة على جعل تحديد المقترحات الدينية أكثر دقة، ويستبعد المنهج الواحد لجميع المقترحات التي تتطلب تجاهل قدرة كل واحد من تلك المقترحات.
2- تركيز الفقه التطبيقي على مركز التحديات وحل الأزمات الفقهية: السمة الأخرى للفقه التطبيقي هو النتيجة أو النتيجة المحورية له. يمكن الاهتمام بكل علم بما في ذلك الفقه بطريقتين:
الف) المعرفة الافتراضية أو المعرفة في خدمة نفسه؛
ب) المعرفة في خدمة المجتمع والتي تركز على الاستجابة للتحديات.
يمكن لعلم الفقه وبراحة البال الإجابة على معضلات و تحديات المكلفين، كما يمكن له الاجابة مُرکزا على النتيجة والأهداف. فالفقه الذی لا یشوش باله يجيب فقط على التحديات والأسئلة، لكنه لايجيب لأجوبته إلى تلك التحديات، وهو يعتبر أن شأنه أرفع من ذلك ليستجيب لمثل ذلك الخطاب.
۳- الاهتمام المباشر بقضايا الأسئلة الجديدة: سمة أخرى من سمات الفقه التطبيقي؛ وهي انتباه هذا النوع من الفقه إلى معرفة موضوع التحديات. يجب على الفقيه في هذا النوع فهم المواضيع بشكل دقيق، وبهذه الطريق يتطرق إلى الإجابة على الأسئلة الجديدة.
هذه السمة مرتبطة ببقية السمات الأخرى، لأنّ الاهتمام بمعرفة موضوع، یسهل القدرة على الإجابة فی مرحلتین للفقه التطبيقي على عكس الفقه الشائع. بعبارة أخرى فإن هذا النوع من الفقه ولأنه يتناول المواضيع الجديدة بطريقة ذكية وعن طريق معرفة الموضوع، لذلك لا يرى أية مشكلة في الجواب الذي يركز على النتيجة، بل يعتبره خطوة في سياق تطوير نفسه.
۴- الاهتمام الخاص بمباحث أنطولوجيا الفقه (فلسفة الفقه): لا يخلو الفقه التطبيقي من الاهتمام بمواضيع أنطولوجية الفقه وفلسفته. هذا النوع من الفقه يضع نصب عينيه مباحث الفلسفة الفقهية، ويحاول الاستفادة من توجيهات و حتى أوامرها -هناک منهجين في فلسفة الفقه: المنهج الأمري و المنهج التوجيهي- ويستخدمهما في سياق يجعلها أكثر وظيفية.
يهتم الفقه التطبيقي بترابط العلوم و دورها في أصل الفهم وتصحيح وتكميل الفهم، ليصل من خلال هذا الطريق إلى الأهداف المحددة.
۵- الرؤية المنهجية للمقترحات الدينية من أجل خلق منهج حضاري:
هناك سمة مهمة أخرى للفقه التطبيقي تتمثل بالنظر بانتظام ومنهجية للمقترحات الدينية.
وفيما يخص المقترحات الدينية يمكن أن يكون هناك طريقتان للمنهج:
الف) نهج موجه نحو القضایا أو النهج المُرکز علی التفاصیل.
ب) النهج القائم على النظرية أو القائم على النظام.
في النهج الموجه والمرکز علی التفاصیل، لا ينظر بالضرورة إلى المقترحات الدينية ككل، بل كل اقتراح فردي له هوية مستقلة وينظر إليه بشكل فردي. لكن في النهج القائم على النظرية ليس للمقترحات هوية فردية ومستقلة، لكن يجب أن يكون هناك نظرة ذات نظام لها، و رؤيتها على أنها أجزاء من شبکة ما والنظر إليها ككل.
۶- الفقه التطبيقي متعدد الاختصاصات: السمة الأخرى من سمات هذا النوع من الفقه أنه متعدد الاختصاصات. إن تعدد الاختصاصات في هذا النوع من الفقه من جهة يخلق هذا التلازم، وهو أنّ الفقه في تعامله المستمر مع بعض العلوم الإنسانية والإسلامية الأخرى يقوم بتمشية أمور مكلفيه ومخاطبيه، ومن جهة أخرى فإنه يفتح باب واسع من العمليات مع التركيز على الفقه الإضافي.
يمكن متابعة الفقه التطبيقي في مجالات الفقه الإضافي مثل: فقه السياسة؛ فقه الحكومة؛ فقه المجتمع و غيرها.
باثولوجيا الفقه التطبيقي
إن الحديث عن أضرار الفقه التطبيقي يحتاج إلى اهتمام جدي وحوار على أساس علمي، ولكن يبدو أن هناك بعض النقاط الضارة في هذا النهج التي يجب التقليل منها بإدارتها على محمل الجد.
1-الفقه التطبيقي والعلماني: بما أن هذا النوع من الفقه في تعامل دائم ومستمر مع التطورات المحيطة به، فإنه من الممكن أن يسقط في كنف العلمانية، لذلك يجب على من يؤمن بهذا النوع من الفقه، ضمن الاستفادة من جميع حيثيات وحقائق الفقه، المحافظة على الجانب الإلهي منه.
۲- الفقه التطبيقي والتوقعات غير الواقعية: الضرر الآخر هو أنه إذا لم يتم فهم هذا النوع من الفقه وإدارته بشكل صحيح فإنه سيخلق نوعاً من المبالغة وفي الأهداف الجيوسياسية، وعلى المدى الطويل سيصبح الفقه غير فعّال. فالفقه مثل أي معرفة أخرى، لديه مجموعة واسعة من المجالات والأهداف، والتي يجب شرحها بعناية وتحديد التوقعات لتلك النطاقات والأهداف بما يتناسب مع نطاقها وأهدافها وبحسب مصادرها وطريقتها.
فالفقه التطبيقي الذي هو نتاج الاهتمامات المعاصرة، هو فرصة لإنقاذ الفقه من التخلف، ومنع إيجاد فجوة بينه وبين المجتمع المحيط به.
* حجة الإسلام الشيخ علي شفيعي، مدير اللجنة البحثية للفقه التطبيقي في معهد الإسلام الحضاري/ مكتب الإعلام الإسلامي