في هذه الصفحات بيان لمبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين انطلاقا من تعريف القتال وبيان مشروعيته وأهدافه، ثم توضيح مبادئ القتال في الفقه الإسلامي، وتحديد مفهوم مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين، ثم بيان تطبيقاته وأثره في الحياة.
موقع الاجتهاد: يعتبر القتال مسلكا اضطراريا في التعامل، قد يلجأ إليه المسلمون حفظا لكيانهم ووجودهم، ودفعا لشتى أنواع الإكراه والاضطهاد والكيد وما يحول بينهم وبين الاستمساك بهداية السماء. ولقد تولت الشريعة الإسلامية بيان الأهداف والغايات التي تحكم القتال، وضعت الضوابط والأسس والقيود التي تحد من سفك الدماء، وتحول دون الإفساد في الأرض؛ ذلك أن الضرر يدفع بقدر الإمكان وبأقل التكاليف.
وتأسيسا عليه فرق الفقه الإسلامي بين المقاتلين وغير المقاتلين، وحدد من يجوز قتله ومن لا يجوز قتله. وفي هذه الصفحات بيان لمبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين انطلاقا من تعريف القتال وبيان مشروعيته وأهدافه، ثم توضيح مبادئ القتال في الفقه الإسلامي، وتحديد مفهوم مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين، ثم بيان تطبيقاته وأثره في الحياة.
مقدمة
من فضل الله تعالى علينا وعلى الناس أن قرر سبحانه: ﴿ إنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الإسْلام ﴾ [آل عمران: 19] ومن هذا العنوان تتفرع كل صور ومظاهر السلم والسلام والأمان، للأفراد وللجماعات، وللبشرية بأسرها: ﴿ وَمَا أرْسَلْنَاكَ إلا رَََحْمَةً للعَالَمين ﴾ [الأنبياء:107]. وكانت وصيته سبحانه لخاتم رسله r: ﴿ فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ﴾ [الغاشية: 21-22]. ورسم منهج الدعوة إلى هذا الدين: ﴿ ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [النحل: 125]
ومع كل تلك السماحة، والمبادرة بالسلام، واجه المسلمون منذ صدر الإسلام شتى أنواع الإكراه والاضطهاد والكيد للحيلولة دون الاستمساك بحبل الهداية، والإرغام على الاستسلام إلى الطغيان والاستعباد دون وجه حق.
لأجل ذلك شرع الله تعالى القتال وأوضح أهدافه وغاياته فقال: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39] وقوله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190].
ومثلما أوضح الأهداف والغايات لأجل القتال، وضع أيضا الضوابط والأسس والقيود التي تحد من سفك الدماء، وتحول دون الإفساد في الأرض؛ ذلك أن الضرر يدفع بقدر الإمكان وبأقل التكاليف. وتأسيسا عليه فرق الإسلام بين المقاتلين وغير المقاتلين، وحدد من يجوز قتله ومن لا يجوز قتله.
ولقد اجتهد فقهاء المسلمين منذ القرون الأولى في بيان أحكام القتال وضوابطه الشرعية، ومن هؤلاء الإمام محمد بن الحسن الشيباني (132- 189ﻫ) الذي لخص مبادئ القتال التي تقيد الحرب في الشريعة الإسلامية في أربعة مبادئ:
الأول: عدم مقاتلة غير المقاتل.
الثاني: منع إتلاف الأموال إلا إذا كانت لها قوة مباشرة في الحروب.
الثالث: احترام القيم والكرامة الإنسانية أثناء الحرب.
الرابع: إجازة الأمان في ميدان القتال، منعاً لاستمرار القتال كلياً أو جزئياً.
وقد رأينا أن نتطرق للمبدأ الأول في هذه المداخلة تحت عنوان: مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين في الفقه الإسلامي. وذلك وفقا للخطة التالية:
المطلب الأول: تعريف القتال وبيان مشروعيته وأهدافه
المطلب الثاني: مبادئ القتال في الفقه الإسلامي
المطلب الثالث: مفهوم مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين
المطلب الرابع: أثر مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين
الخاتمة
قائمة المصادر والمراجع.
المطلب الأول: تعريف القتال وبيان مشروعيته وأهدافه
وسوف نتطرق في هذا المطلب إلى تعريف القتال، ثم نبين مشروعيته وأهدافه.
أولا: تعريف القتال
وردت كلمة القتال في كثير من معاجم اللغة مرادفة لكلمة الحرب، والمحارب هو الشخص المقاتل(1). كما يراد بالقتال والقتل في اللغة: الإماتة.(2) كما جاء التعبير بالقتال صريحا في القرآن الكريم مقترنا بـ”سبيل الله تعالى” في آيات كثيرة، منها قوله سبحانه(3):
– ﴿ فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء:74]
– ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة:154]
– ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ ﴾ [الصف:04]
– ﴿ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ﴾ [النساء:76]
أما في الاصطلاح الفقهي، فالقتال هو استخدام السلاح والعنف أثناء المعارك الحربية لتدمير الأعداء جسدياً وكذا المعدات الحربية للعدو.(4) ويستعمل مصطلح القتال في الشريعة الإسلامية مرادفا لمصطلح الحرب ومقيدا بمقصد “في سبيل الله”، وهو صورة من صور الجهاد.
فالذي يباشر تلك المهمة يعتبر مقاتلا، أما غير المقاتل فهو الشخص الذي يدخل ضمن القوات المسلحة للأطراف المقاتلة بصورة مشروعة، ويقدم لهم الخدمات لنجاح العمليات العسكرية، ولا يشارك مباشرة في القتال، مثل: الصحفي، والمراسل الحربي، والطبيب، ورجل الدين، والمستشار القانوني، والمهندس، والفني، فكل واحد من هؤلاء لا يعتبر مقاتلا وفقا لقواعد القانون الدولي الإنساني، مع أنه قد يضطر لحمل السلاح واستخدامه في حالة الدفاع عن نفسه وحماية ممتلكاته. (5)
ثانيا: بيان مشروعية القتال في الفقه الإسلامي
يقول الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 216]. فهذه الآية الكريمة تنبئ أن القتال يخضع لقانون الضرورة وليس قانون المصلحة؛ فالله سبحانه يجعل الأمر بالقتال في السياق نفسه الذي يقرر فيه أنه أمر مكروه للإنسان بمقتضى الطبع الإنساني الذي أودعه الله فيه، فالقتال واجب يؤدى عندما تتحقق أسبابه، ولا يستقيم بحال أن يعتمد كمنهج أو أسلوب للحياة؛ إذ القتال مكروه للإنسان كما قرر الخالق سبحانه.
ولذلك فإن الله تعالى يوجّه المؤمنين إلى أن تلك الكراهة الطبيعية للقتال – الذي قد يجر إلى فقدان الحياة – قد تكون المصلحة متعيِّنة فيه أحيانا للحفاظ على الحياة نفسها، عن طريق ردع الظالم ومنع ظلمه، وإشاعة السلم والأمان. وهنا يتجلى الدور الإيجابي للمجتمع المسالم والمدافع عن السلام، أما المجتمع السلبي المتغافل عما يحيط به، فإنه عرضة لكل الأخطار التي تهدد السلم والأمن. (6)
هذا، وإن لقيام الحرب في التشريع الإسلامي الدولي أسباب عديدة، أهمها(7):
أ- رد العدوان على المسلمين أفردا أو جماعات. قال الله تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج: 39 – 40]. فهاتان الآيتان فيهما إذن للمسلمين بالقتال لرد الظلم ودفعه. (8)
ب- نصرة المظلوم فردا كان أو جماعة، لقول الله تعالى: ﴿ وَمَا لَكُم لاَ تُقَاتلُون في سَبيل الله وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَة الظَّالِم أَهْلها ﴾ [النساء:75].
ج- الدفاع عن النفس والعرض والوطن، لقول الله تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الذِينَ يُقَاتِلُونَكُم وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِين ﴾ [البقرة:190].
ثالثا: أهداف القتال في الإسلام
إن الأصل في العلاقات الدولية في التشريع الإسلامي هو السِّلم، وللإسلام من اسمه النصيب الأوفر، بل يتعدى ذلك إلى البِرِّ والإقساط والتعاون، والرحمة بالنسبة للأمم الأخرى. (9) ففي كتاب الله تعالى تأصيل لهذه الغاية النبيلة، يرفعها لتكون سبب إيجاد النوع الإنساني: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات:13]. وإذا كانت هذه الآية تضع الأساس النظري لعلاقات البشر فيما بينهم على أساس السلام، فإن الله تعالى يضع التشريع لذلك بقوله: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة:208].
ولو تصفحنا ما ورد في أخبار السيرة النبوية، فإننا نجد في زمن الرسول r وقبل الهجرة إلى المدينة ظهور قبول ضمني لمسيحية الحبشة وتفضيل لها على وثنية العرب وكفر قريش. ولهذا دلالته في الوعي الديني للمسلمين الأوائل كنموذج لا لتنظيم العلاقات مع باقي الشعوب، وإنما كمعيار لما يجب أن تكون عليه نظرة المسلم إلى المخالفين في الدين. (10)
ومع هذا، يحلو لبعض الكتاب أن يجنحوا بعد الاطلاع على بعض الأحداث المصاحبة للدعوة الإسلامية في العصر الأول من الفتوحات والحروب، فيقولون بأنها دعوة قامت على السيف وتقوم به. ويظنون كذلك أنَّ دولة الإسلام في حالة نزاع دائم مع المخالفين له سواء في دياره أم خارجها. (11)
وما من شك في أن هذا الموقف من التشريع الإسلامي الدولي ومبادئه يعد افتئاتا عليه، فالذي يحسن النظر في التشريع والتاريخ يتأكد من أنه لم يكن هدف هذا التشريع في يوم من الأيام هو أسلمة العالم – أي باعتماد القوة – وليس في قيمه ومبادئه الإنسانية الخالدة ما يسمح لمعتنقيه ادعاء تفوق الشعوب المسلمة على غيرها من الشعوب الأخرى، وليس من مقاصده السعي إلى تحقيق مطامع ذاتية؛ إذ يقوم على أصول عقائدية ثابتة، تعد من أعظم ضمانات الاستقامة، والبعد عن الشطط والعدوان. (12)
أما إذا وقع العدوان والمحاربة للمسلمين؛ فإنه ينشأ عن هذا الظرف الطارئ حكم تكليفي خاص يخالف الحكم الأصلي المعهود؛ مقتضاه وجوب دفع العدوان بالقوة اللازمة والرادعة للظالم؛ فالظلم والبغي على الشعوب يقتضي فرضية الجهاد الشرعي بالأموال والأنفس، إلى أن يرد العدوان ويرفع الظلم ويسود الأمن. (13)
ومن جهة أخرى فإن أساس الإسلام هو الاعتقاد القلبي، ومن غير المعقول أن يكون الإكراه وسيلة إليه؛ فالعقيدة الإسلامية في بساطتها ووضوحها لا تحتاج إلى إكراه، بل ولا تحتاج حتى إلى كبير مشقة أو جهد لأجل إقامة الحجة. (14) يقول ابن تيمية (ت728ﻫ) عن قول الله تعالى: ﴿لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾: “… النص عام، فلا نكره أحدا على الدين، والقتال لمن حاربنا فإن أسلم عصم ماله ودمه، وإذا لم يكن من أهل القتال لا نقتله، ولا يقدر أحد قط أن ينقل أن رسول الله r أكره أحدا على الإسلام لا ممتنعا ولا مقدورا عليه. ولا فائدة في إسلام مثل هذا، لكن من أسلم قبل منه ظاهر الإسلام”.(15) ولهذا قرر المحققون من الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة أن الباعث على القتال هو الاعتداء وليس الكفر. (16)
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة صريحة في إيثار السلام على الحرب، وأن ضرورة الحرب لرد المعتدين، من ذلك:
قوله تعالى: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الأنفال:61].
وقوله أيضا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾[البقرة:208].
وقوله كذلك: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا…﴾[النساء:94].
وقوله سبحانه: ﴿… فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا ﴾ [النساء:90].
ولا شك أن السلم في هذه الآيات إنما هو الصلح والسلام والأمان، وهو مقصد الإسلام. (17) يقول عبد الوهاب خلاف:”الأمان ثابت بين المسلمين وغيرهم لا ببذل أو عقد، وإنما هو ثابت على أساس أن الأصل السلم، ولم يطرأ ما يهدم هذا الأساس من عدوان على المسلمين، أو على دعوتهم”.(18)
وعلى هذا فالقتال المشروع يهدف إلى:
أ- حماية الدعوة وتأمين انتشارها:
إن تنازع المصالح بين الجماعات البشرية يؤدي في كثير من الأحوال إلى المقاتلة ظلما أو عدلا، والقرآن الكريم أشار في أولى الآيات نزولا بشأن القتال إلى مرتبة تلك المصالح التي يؤدي النزاع بشأنها إلى الحرب وهي مصالح سامية، وليست مصالح العيش العادية التي يمكن تحصيلها والاتفاق بشأنها بلا قتال، إنها المصلحة في بقاء الصلاح في الأرض، والإبقاء على عبادة الله وحده، وهي أساس كل صلاح في الدنيا، ومتى تحقق ظلم على المسلمين؛ وجب عليهم أن يسارعوا لرفع الظلم. (19)
إن الإذن بالقتال هو إذن برد القوة المعتدية مباشرة على المسلمين في الإقليم والسكان، وهذا الاعتداء يحمل في طياته أبلغ أنواع العدوان، ورده ليس إلا دفاعا مشروعا عن النفس يكون واجبا على كل مجتمع حيٍّ. (20)
ب- حماية الحدود:
لا شيء يغري بالظلم أكثر من الظلم نفسه إن لم يكن هناك رادع، فقد يتجرأ الأعداء على مداهمة بلاد المسلمين على حين غرّة، وحينئذٍ يكون الدين مهدَّداً وكذلك النفوس والأعراض والأموال والوطن نفسه؛ ولا مناص عندها من وجوب الرد من قبل الجميع، حيث إنَّ هذا الردّ- بالإضافة إلى كونه واجباً – فهو حقٌّ طبيعي؛ لأنَّه قتالٌ موجه لصدّ العدوان، وكل القوانين والأعراف الإنسانية الماضية والحاضرة تؤكد عدالة هذا النوع من الحرب.
كما أنَّ الدِّفاع يكون أولاً من أجل العقيدة، لأنَّ العمل من أجل العقيدة ليس الأولى منه العمل من أجل الحياة، فالعقيدة حياةٌ أولى بالرعاية والصيانة، ولذا شُرِع الجهاد من أجلها، وقد أمر الله بمقاتلة الذين يبادرون بالعدوان، وبمقاتلة المعتدين لردِّ عدوانهم، إذ الدِّفاع عن النَّفس أمرٌ مشروع في كل الشرائع وجميع المذاهب، قال سبحانه: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُوا رَبُّنَا﴾ [الحج:39-40]. فأباح الله سبحانه للمؤمنين القتال من أجل الدِّفاع عن أنفسهم ورفع الظلم عنهم ووعدهم بالنَّصر. وقيل إنَّ هذه الآية بيانٌ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ﴾ [الحج:38]، أي: يدفع عنهم غوائل الكفر بأنْ يبيح لهم القتال وينصرهم(21).
ويقول الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾ [البقرة:190]. ووجه الدَّلالة هنا: أنَّ الله سبحانه أمر بمقاتلة الذين يقاتلون المسلمين، وفي ذلك ردٌّ للعدوان ورفعٌ للظُّلم وحمايةٌ للنفس والعرض والمال والوطن، وقيَّد ذلك بعدم الاعتداء بألاَّ يكون القتالُ لِحميَّةٍ جاهلية أو كسب ذِكْر عند الناس…إلخ، بل يكون في سبيل الله أي خالصا لوجهه الكريم(22)، مع عدم التعرُّض لغير المقاتلين.
وقد اتفق الفقهاء المسلمون على: “أنَّ قتال المشركين وأهل الكفر ودفعهم عن بيضة أهل الإسلام وقراهم وحصونهم وحريمهم إذا نزلوا على المسلمين، فرضٌ على الأحرار البالغين المطيقين”(23).
ويجدر التنبيه هنا إلى أنَّ العدوان الخارجي يقتضي بالضرورة التعامل مع كلِّ بادرة أو أمارة من العدو تُشير إلى استعداد العدو لمداهمة بلاد المسلمين أو الاعتداء عليهم أو مناصرة المُعتدين.
ج- المحافظة على العهود والمواثيق:
إن أهل العهد هم أناسٌ أبرموا اتفاقاً أو ميثاقاً مع الدولة المسلمة يقتضي التزام الطرفين بشيءٍ مّا مثل عدم الاعتداء أو عدم الخيانة بالتعاون مع عدوٍّ معتدٍ مثلاً.
وإنَّ المعاهدين قد يكونون من أهل الذِّمة الذين يقيمون بصفةٍ دائمة بين المسلمين، أو يكونون من أهل الأمان المؤقت بحسب الغرض الذي دخلوا من أجله إلى بلاد المسلمين، كما قد يكونون من أهل الحرب. وقد أوجب الإسلام المحافظة على ما تم الاتفاق عليه مع أيٍّ كان من هؤلاء، قال الله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة:4]. فالعهود والمواثيق لها مكانة في الإسلام، فلا يجوز الاستهانة والتَّلاعب بها ولا نقضها، كما لا يجوز أن تُتخذ وسيلة غدرٍ أو خيانةٍ، فإذا صرَّح من كان معاهداً بنقضِ العهد أو فِعْلِ ما يوجب النَّقض، وجب عندئذ القتال(24)، قال تعالى: ﴿وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ…﴾ [التوبة:12-15].
إن الأمر بالوفاء بالعهد أمرٌ دينيٌ يجب أن يطيعه الجميع ظاهرا وباطنا، والأمر بإقامة العدل كذلك هو أمر للشعوب والحكام معا، وهو السبيل لإنقاذ الأرض من ويلات المفسدين من بني الإنسان. وإنَّ توهُّم الغدر من أحد طرفي الاتفاق لا يسوِّغ نقض العهد بل قصارى ما ينتهي إليه هو الاحتراس إن كان الطرف الآخر ليس له وازع من دين رادع أو خلق مانع. (25)
ولقد دلّ القرآن الكريم على حرمة المعاهدات وقدسيتها كما في قوله تعالى: ﴿ بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ. إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 76-77]. وهذه الآية تثبت قاعدة لها أثرها في العمل على شيوع واستقرار السلم والأمن الدوليين من جهة، وعلى بث روح الثقة في التعامل مع الدولة الإسلامية على الصعيد الدولي؛ وهذا يترجم أهم أصل في العلاقات الدولية في الإسلام. (26)
وبناء عليه، فإن الكذب والغش ونقض العهود وغيرها مما يتنافى وأصول الفضائل، كلها معوقات تهدد تقدم الإنسانية واستقرارها، وتعود بالشعوب إلى الوراء إلى الجاهلية الأولى. (27)
د- درء الفتنة ومنْع البغْي في الدَّاخل والخارِج:
تتعدد صور الاعتداء، فقد يكون مباشرا، وقد يكون بصفة غير مباشرة، بحيث لا يظهر في محاولة احتلال الأرض ولكن يظهر في إيذاء المسلمين ومحاولة فتنتهم عن دينهم. وهذا العدوان أيضا يبيح القتال دفاعا عن هؤلاء المستضعفين، يقول تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 193]. ويقول أيضا: ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴾ [النساء: 75]. فلا يقبل من أحد أن يرهب المسلمين بسبب عقيدتهم، أو ينكر عليهم حقَّهم في الحياة والعيش بأمان. (28)
وإذا كان منهج الإسلام يقوم على الدعوة إلى سبيله بكل الطرق سلمية – الحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن – فإنه لا يقبل أيضا أن تضيع حقوق من دخلوا تحت لوائه، وارتضوه طواعية دينا يتعبدون به، بسبب الطغاة والمتجبرين وأصحاب الأهواء الذين يتعرضون بالفتنة والإيذاء للمستضعفين من النساء والولدان؛ فلابد من ردع المعتدين حيثما كانوا. (29)
ومع ما سبق تأكيده من أن الحرب في التشريع الإسلامي الدولي شرٌّ لا يلجأ إليه إلا المضطر، فإنه قد يكون من الأفضل في بعض الأحوال أن ينتهي المسلمون بالمفاوضة إلى صلح فيه شيء من الإجحاف في بعض حقوقهم ويحقق في الوقت نفسه حقن الدماء؛ فهو خير من انتصار للحق باهظ الثمن، تزهق فيه أرواح كثيرة، ولنا في موقف الرسول r في غزوة الحديبية موقف وعبرة. (30)
كما ينكر التشريع الإسلامي الشعار القائل: “الويل للمغلوب”، فليس من هدف الإسلام في شيء سواء إبان الحرب أو إثر انتهائها بالغلبة والنصر من أن يُنكّل بالأسرى أو يمثَّل بالقتلى أو يُنتقم من المنهزم، بل منتهى ما يصل إليه مقصد أحكام التشريع هو كفُّ شرِّ العدو، ثم منحه الحرية في الاعتقاد والعمل، وتمكينه من أن يتعرف على الحق، وينعم مع غيره بالعدل والمساواة، وحماية الدماء والأعراض والأموال بشرط التزام السلم، وكفِّ الأذى عن المسلمين والدخول معهم في حرمة العهد والميثاق. (31)
إنَّ “الإمعان في التقتيل وسفك الدماء بغية تشريد المحاربين من أوطانهم وإبادة الجنس”(32) أو الاغترار بالقوة والغلبة، أو التوسع وبسط النفوذ، أو الغطرسة أو الانتقام وكل ذلك وما إليه، ليس غرضا شرعيا يستهدفه الإسلام من مشروعية الحرب. (33)
وعليه فإنَّ الدِّفاع لا يُشرع فقط للدِّفاع عن مَن كان مِن رعايا الدولة المسلمة داخل حدودها، بل يمتد مجاله إلى حماية المسلمين من الاضطهاد أو الإكراه على ترك الدِّين ولو كانوا خارج دولة الإسلام. فإذا وقع عليهم ظلم وجب على المسلمين أن ينصروهم وينقذوهم ويدافعوا عنهم، ولا يجوز لهم أن يتركوهم ليقاسوا أنواعاً من الضَّيم أو الذُّل أو الهوان على أيدي أعداء الإسلام(34)، ولا يُقال في ذلك إنَّه تدخُّلٌ في شؤون الآخرين، وهو اعتداء، بل هو التدخُّل المشروع لإحقاق الحق وإزهاق الباطل، وهو مشروع أيضاً دفاعاً عن الإنسانية في حالة اضطهادِ دولةٍ للأقلِّيات من رعاياها(35). قال تعالى: ﴿ وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرا﴾ [النساء:75]. وذكر الإمام القرطبي: أنَّ الآية “حضٌّ على الجهاد وهو يتضمن تخليص المستضعفين من أيدي الكفرة المشركين الذين يسومونهم سوء العذاب ويفتنونهم عن الدِّين، فأوجب تعالى الجهاد لإعلاء كلمته وإظهار دينه واستنقاذ المؤمنين الضعفاء من عبادِهِ، وإنْ كان في ذلك تَلَفُ النُّفوس”(36).
ونخلص مما سبق إلى أن الحرب في الشريعة الإسلامية: حربٌ لإقرار الحق، ودَحْض الباطل؛ وحربٌ لردِّ الاعتداء، لا لإبادة الأعداء؛ وحربٌ لحماية نَشْر العقيدة الإسلامية، دونما إلزامٍ لأحدٍ بها؛ وحربٌ لمَنْع الظلم والإفساد في الأرض؛ وحربٌ كذلك لحماية الدِّيانات الأخرى من أن تُمحى.
المطلب الثاني: مبادئ القتال في الفقه الإسلامي
يقوم القتال المشروع في الفقه الإسلامي على جملة من المبادئ الشرعية، والتي منها:
أولا: احترام القيم والكرامة الإنسانية أثناء الحرب.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ﴾ [الإسراء:70]، وقال سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات:13].
فالعدوّ وإنْ كان يسعى لقتلنا إلاَّ أنَّ ذلك لا يمنع من أن يُحترم بحسبانه بشراً فلا تُنتهك كرامته وإنسانيته.
ولئن كان القتال في ظروف معينة مطلوبا، فإنه مقيَّدٌ باحترام الإنسانية والفضيلة أثناء الحرب، وعلى ذلك لا يصحُّ لقائد ولا لمقاتل أن يمثِّل بأحد من القتلى أو يشوِّه عضواً من أعضائه بالمثلة في حال حياته أو بعد وفاته.. ونهى الإسلام عن التعذيب أثناء القتال، ونهى الرسول r عن النهب والسلب والسرقة والغش حتى مع الأعداء… (37)
ثانيا: منع إتلاف الأموال إلا إذا كانت لها قوة مباشرة في الحروب.
قيدت الحروب الإسلامية بإجماع الفقهاء – استناداً لأوامر الرسول r ومنعاً للإسراف في القتل والإتلاف – بجعل العمليات القتالية لا تخرج عن دائرة دفع الاعتداء عن المسلمين وحرماتهم، دون التجاوز أو الشطط؛ وبالتالي يمنع إتلاف الأموال إلا إذا كانت لها قوة مباشرة في إدارة الحروب كالأسلحة والآليات الحربية ونحوها التي يجوز أن تتلف أو يستولى عليها باعتبارها من أدوات الحروب(38).
ثالثا: إجازة الأمان في ميدان القتال، منعاً لاستمرار القتال كلياً أو جزئياً.
ومن أحكام الحروب في الإسلام إجازة الأمان في ميدان القتال، منعاً لاستمرار القتال بشكل كلي أو جزئي، وأجيز الأمان للآحاد، كما أجيز للجماعة؛ فيصح أن يعطى الأمان لشخص حقناً لدمه إذا طلب كما يصح أن يعطى الأمان لجماعة ولو كانوا في حصن متترسين به، ولهم أمانهم ما لم يعتدوا على المسلمين ويخلُّوا بعهدهم والأمان الذي أعطوه. وهذا يدل على اتجاه الشريعة الإسلامية إلى منع القتال قدر الإمكان، فالقتال لا يوجَّه إلا لمن يحمل السلاح مقاتلاً مهاجماً وهو قتال للضرورة، فإن ألقى سلاحه وطلب الأمان، وهو عقد يفيد ترك القتل والقتال مع الحربيين، ورُكْنُهُ اللَّفظ الدال عليه، كأن يقول المجاهد: “أمّنتكم”، أو “أنتم آمنون”، أو “أعطيتكم الأمان” ونحو هذا(39)؛ فإن الطالب يُعطى أمانا، ويعتبر ذلك العهد، وبالتالي لا يصير المؤمَّن أسير حرب، وإنما يعد ذمياً إن استقرَّ في البلاد الإسلامية له ذمّة المسلمين، وعليه ما عليهم(40).
رابعا: عدم مقاتلة غير المقاتل.
ومن مبادئ القتال في الإسلام أن لا يقاتل غير المقاتل، فلا يقتل أحد من الذرية، ولا أحد من النساء والشيوخ والضعاف الذين ليست لهم قوة في الحرب، ولا يمدون المحاربين بأي قوة، وكذا العمال الذين يعملون في الأرض بالزراعة، أو في الصناعات لكسب معايشهم. وسوف نبين هذا في المطلب التالي.
المطلب الثالث: مفهوم مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين
لقد فرض الله سبحانه وتعالى القتال على لمسلمين بعد أن شنَّ عليهم الكفار الحرب عدوانا وظلما، وأخرجوهم من ديارهم بغير حق. وما إن مكّن الله تعالى لدينه، وفتح الله سبحانه لرسول r مكة المكرمة دون قتال، ولا إراقة دماء، حتى وقف r بين أهلها خطيبا: ” مَا تَرَوْنَ أَنِّى صَانِعٌ بِكُمْ؟”. قَالُوا: خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ، وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ؛ قَالَ:”اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ”(41).
ولقد أكد الإسلام من خلال نصوص كثيرة في الكتاب والسنة مدى حرصه على نبذ الاقتتال وسفك الدماء دون وجه حق، وفي جميع الأحوال؛ في وقت السلم وفي وقت الحرب.
أما إذا ألجئ المسلمون إلى القتال؛ فقد وجب عليهم الالتزام بأحكام التمييز بين المقاتلين وغير المقاتلين. ويطلق مصطلح غير المقاتلين، وغير المقاتلة، وغير المحاربين(42) في الفقه الإسلامي على من لا يحلّ قتله من الكفار المحاربين.(43) ويسمون في التعبير المعاصر بالمدنيين، وهم الذين لا يمارسون الأعمال الحربية، ويقتضي من العدو أن يحترمهم.(44)
ويمكن اختزال أصناف غير المقاتلين الذين لا يوجَّه إليهم السلاح ضمن أربع مجموعات(45):
1 – أن لا يكونوا من أهل القتال أصلا.
2 – أن يكونوا من المقاتلين الذين تركوا القتال لسبب.
3 – المقاتلون الذين تتحقق فيهم أوصاف تمنع قتلهم.
4 – الطوائف الذين تمنع الدولة من التعرّض إليهم.
أولا: أن لا يكونوا من أهل القتال أصلا:
مما لا شك فيه أنه لا يشترك في القتال كل أفراد المجتمع، بل هناك طوائف وأشخاص لا شأن لهم بالحرب، وليسوا من أهل القتال أصلا. (46) وهؤلاء استثناهم الإسلام من توجيه أعمال الحرب نحوهم على أساس أنَّ الأصل فيهم أنهم ليسوا من أهل القتال لا بالفعل ولا بغيره. (47) وهذا القسم يشمل النساء والصبيان والمجانين والرسل(48)، ولهذا أجمع الفقهاء على أن هؤلاء الأشخاص لا يجوز الاعتداء عليهم بالقتل. (49)
الأدلة:
(أ) من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]. ووجه الدلالة في قوله:﴿وَلَا تَعْتَدُوا﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما مفسِّرا: “لا تقتلوا النساء والصبيان والشيخ الكبير، ولا من ألقى السَّلَمَ وكَفَّ يده”. (50)
(ب) من السنة النبوية:
– حديثُ عبد الله بن عمر قال: وُجِدَتْ امْرَأةٌ مَقْتُولَةٌ فِي بَعْضِ تِلْكَ المَغَازِي(51) فَنَهَى رَسُولُ الله r عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ.(52)
– حديثُ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:” كَانَ رَسُولُ اللَّهِ r إِذَا أَمَّرَ أَمِيرًا عَلَى جَيْشٍ أَوْ سَرِيَّةٍ أَوْصَاهُ فِي خَاصَّتِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا ثُمَّ قَالَ اغْزُوا بِاسْمِ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا وَلَا تَمْثُلُوا وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا …” (53).
– حديث عبد الرحمن بن كعب رضي الله عنه أنه قال: نَهَى رَسُولُ الله r الذِينَ قَتَلُوا ابْنَ أَبِي الحُقَيْقِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالوِلْدَانِ، قَالَ: فَكَانَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَقُولُ بَرَّحَتْ بِنَا امْرَأَةُ ابْنِ أَبِي الحُقَيْقِ بِالصِّيَاحِ فَأَرْفَعُ السَّيْفَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَذْكُرُ نَهْيَ رَسُولِ الله r فَأَكُفُّ، وَلوْلاَ ذَلِكَ اسْتَرَحْنَا مِنْهَا. (54)
– حديث الأسود بن سريع رضي الله عنه قال أتيتُ رسول الله r، وغزوتُ معه، فأصبتُ ظَهْراً، فَقَتَلَ النَّاسُ يومئذٍ حتىَّ قَتَلُوا الولدان، وقال مرّةً: الذُّريَّة؛ فَبَلَغَ ذلك رسول الله r فقال: “مَا بَالُ أَقْوَامٍ جَاوَزَهُمْ القَتْلُ اليَوْمَ حَتَّى قَتَلُوا الذُّرِّيَةَ؟”؛ فقال رجل: يا رسول الله، إنما هم أولاد المشركين، فقال: “أَلاَ إنَّ خِيَارَكُمْ أَبْنَاءُ المشْرِكِينَ”، ثم قال: “أَلاَ لاَ تَقْتُلُوا ذُرِّيَةً، أَلاَ لاَ تَقْتُلُوا ذُرِّيَةً”، قال: “كُلّ نِسَمَةٍ تُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ حَتَّى يُعْرِبَ عَنْهَا لِسَانُهَا فَأَبَوَاهَا يُهَوِّدَانِهَا وَيُنَصِّرَانِهَا”.(55)
– حديث حنظلة الكاتب رضي الله عنه قال: غزونا مع النبي r، فمررنا على امرأة مقتولة وقد اجتمع عليها الناس، قال: فأفْرَجُوا له، فقال: “مَا كَانَتْ هَذِهِ تُقَاتِلُ”، ثم قال لرجل: “انْطَلِقْ إِلَى خَالِد بْنِ الوَلِيدِ فَقُلْ لَهُ: إنَّ رَسُولَ الله r يَأْمُرُكَ أَنْ لاَ تَقْتُلَ ذُرِّيَةً وَلاَ عَسِيفاً”.(56)
وهذه الأحاديث واضحة الدلالة في النهي عن قتل النساء والذرية. (57)
(ج) من المعقول:
إن المرأة والصبي ليسا ممن يقاتل في الأصل، أو يتأتى منهما إيذاء للمسلمين، إما لضعف الجسم، أو لخور النفس في الحرب(58)، وإما لجريان العادة باعتزال الحرب(59). وليس من غرض الإسلام إفساد العالم، وإنما غرضه إصلاحه؛ وذلك يحصل بإهلاك المقاتلة دون غيرهم من النِّساء والذرية، ثم إن الصبي إذا سبي منفردا صار مسلما، وهذه مصلحة معتبرة شرعا.(60)
وبناء عليه، لا يجوز للمقاتل المسلم أن يوجه السلاح إلى النساء والصبيان والعجزة؛ لأن النص الشرعي حقن دماء هؤلاء، والمسلم ملتزم بهذه النصوص(61)، بل إن الكفار الأعداء لو وجهوا أعمالهم الحربية ضد هذا الصنف من المسلمين؛ كأن صوبوا المدنيين في حملاتهم الجوية ونحو ذلك فلا يجوز لنا معاملتهم بالمثل، إذ المقصود بالنهي عن قتل هؤلاء قصدهم على سبيل الاستقلال وذلك متحقق هنا، بخلاف ما لو قصدونا فأصابوا نساءنا وأطفالنا فنحن نقصدهم كذلك ونتحرّى، ولا يضرّ ما أصبنا من نسائهم وأطفالهم؛ إذ لم نقصدهم استقلالا، بل قصدنا مقاتليهم فأصبناهم ضمنا. (62)
ثانيا: أن يكونوا من المقاتلين الذين تركوا القتال لسبب:
هناك رجال هم في الأصل من المقاتلة غير أنهم تركوا القتال ولم يحملوا السلاح لأحد الأسباب التالية(63) :
أ- العجز والضعف، كالشيخ الفاني، والأعمى، ومن أقعده المرض، والأشل، ومقطوع اليد أو الرِّجل ونحوهم.
ب- الانصراف للعبادة وإقامة الطقوس التي يعتقدونها في دينهم كالرُّهبان وأصحاب الصوامع المنقطعين عن الناس وعن مخالطتهم.
ج- الانشغال بأمور لا صلة لها بأمور القتال؛ إما بالانصراف إلى العلم، أو الانشغال بتحصيل الرزق؛ كالفلاحين والعمال والتجار ونحوهم ممن لا رأي لهم في القتال ولا معونة.
وهذا القسم محلّ خلاف بين الفقهاء:
القول الأول: التفريق بين من كان من أهل القتال ومن لم يكن من أهله، بحيث يباح قتل الطائفة الأولى، ويحرم قتل الطائفة الثانية. وهذا القول للجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو قول للشافعية. (64)
القول الثاني: جواز قتل الجميع مما ذكر، وهو مذهب الظاهرية، والمعتمد عند الشافعية. (65)
الأدلة:
أدلة القول الأول:
(أ) من القرآن الكريم:
قال الله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾. [البقرة: 190]. وهذا الأمر يتوجه إلى الذين يمارسون القتال في وجه المسلمين، أما الذين اعتزلوا القتال ولا شأن لهم به فقتالهم يعد من الاعتداء. (66)
(ب) من السنة النبوية:
– حديث أنس بن مالك أن رسول الله r قال: “انطلقوا باسم الله، وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخا فانيا، ولا طفلا، ولا صغيرا، ولا امرأة، ولا تغُلّوا، وضمّوا غنائمكم، وأصلحوا إن الله يحب المحسنين”.(67)
– حديث ابن عباس قال:كان رسول الله r إذا بعث جيوشه قال: “اخرجوا بسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الولدان، ولا أصحاب الصوامع”. (68)
– حديث أيوب السختياني عن رجل عن أبيه قال: نهى رسول الله r عن قتل الوصفاء والعسفاء. (69)
(ج) من الأثر:
– روي من حديث يحي بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان، ثم قال له: إنك ستجد قوما زعموا أنهم حبّسوا أنفسهم لله؛ فذرهم وما زعموا أنهم حبّسوا أنفسهم له، وستجد قوما فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشَّعَرِ(70)؛ فاضرب ما فَحَصوا عنه بالسيف، وإني موصيك بعشر: لا تقتلنَّ امرأةً، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعنّ شجرا مثمرا، ولا تخرّبنّ عامرا، ولا تعقرنّ شاة، ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرقنّ نحلا ولا تغرِّقنّه، ولا تغلل، ولا تجبن. (71)
قال أبو الوليد الباجي معلقا على هذا الأثر: وهذا قاله أبو بكر رضي الله عنه بمحضر من الصحابة ولا مخالف له؛ فثبت أنه إجماع. اهـ(72)
– روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “اتقوا الله في الفلاحين، فلا تقتلوهم إلا أن ينصبوا لكم الحرب”.(73)
– روي أن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: كانوا لا يقتلون تجار المشركين. (74)
(د) من المعقول:
إن الذين لا يصلحون للقتال لا يُنتفع بهم في المعارك، كما أنه لا ضرر يلحق المسلمين في تبقيتهم، فوضعهم أشبه بوضع النساء والصبيان. (75)
أدلة القول الثاني:
(أ) من القرآن الكريم:
– قال الله تعالى: ﴿… فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ…﴾ [التوبة:5].
ووجه الدلالة: أن الله عز وجل عمَّ كل مشرك بالقتل إلا أن يسلم. (76)
(ب) من السنة النبوية:
– حديث عطية القُرظي قال: “عُرضنا على النبي r يوم قريظة فكان مَنْ أَنْبَتَ قُتِلَ، وَمَنْ لم يُنْبِتْ خُلّي سبيلُه؛ فكنتُ ممّن لم ينبت فَخُلّي سبيلي”.(77)
قال ابن حزم: فهذا عموم من النبي r لم يستبق منهم عسيفا ولا تاجرا ولا فلاحا ولا شيخا كبيرا. (78)
– حديث سمرة بن جندب أن رسول الله r قال: “اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شرخهم”.(79)
– حديث أبي موسى الأشعري قال لما فرغ النبي r من حنين بعث أبا عامر على جيش إلى أوطاس فلقي دريد بن الصمة فقُتل دريد وهَزَمَ اللهُ أصحابه. (80)
قال الشافعي: قتل بعض أصحاب رسول الله r يوم حنين دريد بن الصِّمة وهو في شَجَار(81) مطروح لا يستطيع أن يثبت جالسا، وكان قد بلغ نحوا من خمسين ومائة سنة؛ فلم يعب رسول الله r قتله. (82)
(ج) من المعقول:
إن القادرين على القتال هم ذكور مكلفون حربيون فيجوز بهذا الوصف قتلهم كغيرهم. (83)
المناقشة:
مناقشة أدلة القول الثاني:
إن ما ذكره أصحاب القول الثاني من أدلة تعتبر عمومات خصصت بالأدلة السابقة. (84)
– إن الآية الكريمة: ﴿…فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ…﴾ [التوبة:5] المحتج بها مخصوصة بالأحاديث التي وردت بمنع قتل هؤلاء. ثم إنه قد خرج من عمومها بالاتفاق: المرأة، والشيخ الهرم في معناها فنقيسه عليها. (85)
– إن حديث عطية القرظي ليس فيه ما يستدل به على مسألتنا، فما وقع لبني قريظة حُكْمٌ عليهم بالقتل؛ لنقضهم العهد مع النبي r وغدرهم وخيانتهم، ومظاهرتهم الأحزاب عليه، فاستحل النبي r دماءهم، وهذا يعم الجميع. (86)
– إن حديث الأمر بقتل شيوخ الكفار واستبقاء شرخهم، فإنه لم يرد بالشيوخ الهرمى، وإنما أراد الرجال الأشداء أهل الجلد والقوة على القتال، وأراد بالشرخ الصغار الذين لم يبلغوا. (87)
– إن حديث قتل دريد بن الصِّمة وهو شيخ كبير كان بسبب أنه أعان قومه على القتال، حيث خرج به قومه ليستعينوا برأيه وخبرته، ومثل هذا التصرّف يبيح دمه. (88)وعدم إنكاره r ذلك لعلمه بمشاركة دريد قومه الرأي والتدبير في الحرب ضد المسلمين(89)، وقد يكون الرأي أبلغ من القتال. (90)
وعلى العموم فإن الخلاف في هذه المسألة مترتب على الخلاف في مسألة أخرى هي: ما العلة المبيحة لقتل الكفار؟ هل هي مجرد الكفر فقط، أم ينضم إليها كون الكافر من أهل القتال، وقادرا عليه؟
الذي عليه الجمهور أن العلة المبيحة لقتل الكفار هي كونهم من أهل القتال وقادرين عليه. في حين ذهب الشافعية في المعتمد عندهم وأهل الظاهر وبعض الحنابلة إلى القول بأن العلة المبيحة لقتلهم هي الكفر وحده، دون أن ينضم إليه شيء آخر. (91)
قال ابن رشد(ت595ﻫ): والسبب الموجب بالجملة لاختلافهم اختلافهم في العلة الموجبة للقتل؛ فمن زعم أن العلة الموجبة لذلك هي الكفر لم يستثن أحدا من المشركين؛ ومن زعم أن العلة في ذلك إطاقة القتال للنهي عن قتل النساء مع أنهن كفار استثنى من لم يطق القتال، ومن لم ينصب نفسه إليه كالفلاح والعسيف. (92)
وقول الجمهور هو الذي يدل عليه الكتاب والسنة والاعتبار؛ ذلك أن الأصل عدم إتلاف النفوس، وأنها في الحرمة والعصمة كالأموال؛ بل أعظم، وإنما أبيح من الدماء في حال القتال مع الأعداء لأجل دفع المفسدة، وإذا كان الشخص لا يقاتل ولا هو أهل للقتال في العادة، فليس هو في إحداث الضرر كالمقاتلين، فرجع فيه إلى الأصل وهو المنع من قتله. (93)
ويشهد لصحة هذا الأصل قوله r في نهيه عن قتل المرأة:”ما كانت هذه تقاتل”. ففيه إشارة إلى أن العلة المانعة من قتل المرأة كونها لا تقاتل. (94) يؤكد ذلك ما روي عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ r مَرَّ عَلَى امْرَأَةٍ مَقْتُولَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: مَنْ قَتَلَ هَذِهِ، فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ، أَرْدَفْتهَا خَلْفِي فَأَرَادَتْ قَتْلِي فَقَتَلْتهَا، فَأَمَرَ بِهَا فَدُفِنَتْ. (95) وفي هذا دليل على أن المرأة إذا صارت مقاتلة يجوز قتلها، لا فرق بينها وبين غيرها. (96)
ومع هذا فإن القائلين بجواز قتل من منع الجمهور قتلهم؛ لا يرون وجوب ذلك، وإنما يقولون بجوازه.(97) مما يضيق عمليا تباين وجهات النظر فيمن يقتل ومن لا يقتل أثناء الحرب، ويتضاءل مجال العمل بالقول الثاني.(98)
الترجيح
يظهر والله أعلم أن قول الجمهور هو الراجح في المسألة؛ للنصوص والآثار الواردة في النهي عن قتل من تحقق فيه سبب من الأسباب الثلاثة (العجز والضعف – الانصراف للعبادة – الانشغال بأمور لا صلة لها بالقتال). ويؤيد هذا المسلك ما روي من سيرة الصحابة رضوان الله عنهم في غزوهم وجهادهم، وهم أفضل من يلتزم بالمنهج النبوي؛ فقد كانوا لا يقاتلون ولا يقتلون من ترك قتالهم؛ لانشغاله وانصرافه إلى أمور لا صلة لها بالحرب. (99)
هذا، ومما ينبغي أن يلاحظ اليوم أن هناك دولا محاربة تلجأ إلى تجنيد النساء في قواتها المسلحة، وكذلك اعتماد قوات احتياطية من التجار والفلاحين والموظفين ونحوهم، يجندون في حالة التعبئة العامة أو النفير العام. فهؤلاء وأمثالهم لا يعدون – بهذا الوصف – غير مقاتلين.(100) ومن ثم يجوز قتالهم عند تحقق الاشتراك في الحرب باتفاق الفقهاء.(101)
ثالثا: المقاتلون الذين تتحقق فيهم أوصاف تمنع قتلهم:
وهذا القسم يكون الشخص فيه قادرا على القتال، بل ومباشرا له بحمل السلاح والدخول في ساحة المعركة، ومع ذلك جاء النهي عن قتله؛ لأنه تحقق فيه وصف اعتبره الشارع؛ فنهى عن قتله لأجل هذا الوصف. (102)
والأوصاف المانعة للقتل هي(103):
1 – إسلام المقاتل وهو في ساحة المعركة(104).
جاء في حديث أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ: “بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى الْحُرَقَةِ، فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ، وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ؛ فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَكَفَّ الْأَنْصَارِيُّ فَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ، فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ النَّبِيَّ r فَقَالَ: يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قُلْتُ: كَانَ مُتَعَوِّذًا، فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ. (105)
2 – إصدار أمان بحقن دم مقاتل أو جماعة مقاتلين.(106)
جاء في حديث أُمَّ هَانِئٍ بِنْتَ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا ذَهَبَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ r عَامَ الْفَتْحِ… وفيه: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زَعَمَ ابْنُ أُمِّي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَاتِلٌ رَجُلًا أَجَرْتُهُ، فُلَانُ ابْنُ هُبَيْرَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ، قَالَتْ أُمُّ هَانِئٍ: وَذَلِكَ ضُحًى.(107)
3 – استسلام المقاتل ووقوعه في الأسر. (108)
جاء في حديث حُصَيْن بن عبد الرحمن قَالَ: “قَالَ رَسُولُ اللهِ r يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ: أَلاَ لاَ يُقْتَلُ مُدْبِرٌ، وَلاَ يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحٍ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ”(109). وفي حديث سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: “لَا يَتَعَاطَى أَحَدُكُمْ مِنْ أَسِيرِ أَخِيهِ فَيَقْتُلَهُ”.(110)
قال ابن قدامة (ت 620ﻫ): من أَسَرَ أسيرا لم يكن له قتله حتى يأتي به الإمام، فيرى فيه رأيه؛ لأنه إذا صار أسيرا؛ فالخِيَرَةُ فيه إلى الإمام. (111)
4 – أن يكون المقاتل رسولا إلى المسلمين. (112)
جاء في حديث نُعَيْمِ بْنِ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ r يَقُولُ حِينَ قَرَأَ كِتَابَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ قَالَ لِلرَّسُولَيْنِ: “فَمَا تَقُولَانِ أَنْتُمَا؟” قَالَا: نَقُولُ كَمَا قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r:”وَاللَّهِ لَوْلَا أَنَّ الرُّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا”.(113)
5 – أن يعلم أن المقاتل لم يخرج للقتال طواعية واختيارا، وإنما بالإكراه.
روى أهل السير أن النبي r لما خرج مع أصحابه لقتال كفار قريش في غزوة بدر قال لأصحابه: إنِّي قد عرفتُ رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أُخرجوا كرها لا حاجة لهم بقتالنا؛ فمن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي العباس بن عبد المطلب عمّ رسول الله r فلا يقتله؛ فإنه إنما خرج مُسْتَكْرَهاً. (114)
6 – أن يكون للمقاتل يَدٌ ومعروفٌ على المسلمين.
روى ابْنُ إسْحَاق أَنّ النّبِيّ r قَالَ:”… وَمَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيّ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ فَلَا يَقْتُلْهُ”. قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَإِنّمَا نَهَى رَسُولُ اللّهِ r عَنْ قَتْلِ أَبِي الْبَخْتَرِيّ؛ لِأَنّهُ كَانَ أَكَفّ الْقَوْمِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ جَمِيعًا وَهُوَ بِمَكّةَ، وَكَانَ لَا يُؤْذِيهِ، وَلَا يَبْلُغُهُ عَنْهُ شَيْءٌ يَكْرَهُهُ، وَكَانَ مِمّنْ قَامَ فِي نَقْضِ الصّحِيفَةِ الّتِي كَتَبَتْ قُرَيْشٌ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِيّ الْمُطّلِبِ. (115)
7 – أن تكون للمقاتل صِلَةٌ قَرَابَةٌ وَرَحِمٌ مع المسلم الذي يواجهه في القتال. (116)
فإذا كان المقاتل يواجه أباه، فالله تعالى يقول بشأن الوالدين: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا﴾ [لقمان:15]. والابتداء بالقتل ليس من المصاحبة بالمعروف. (117) كما روي أن النبي r منع أبا بكر الصديق من قتل ابنه عبد الرحمن، كما منع أبا حذيفة بن عتبة من قتل أبيه. (118)
رابعا: الطوائف الذين تمنع الدولة من التعرض إليهم:
أذن الشارع للسلطة بالتدخل في أمور الناس تنظيما وتقييدا، بما يكفل تحقيق المصلحة العامة، وإقامة العدل، ومنع الضرر، ورفع الحرج عنهم. والشارع الحكيم منح رئيس الدولة سلطات تقديرية في النظر إلى المصلحة العامة؛ فإليه يرجع النظر في المصلحة وتقدير الإجراءات والوسائل التي يتخذها رعاية لها ومدى تلك الإجراءات والوسائل الكفيلة بذلك. (119)
وبناء على ذلك فإن رئيس الدولة بحكم سلطته الشرعية يملك الحق في أن يصدر أمرا للجند في ساحة المعركة بعدم قتل أشخاص معينين بذواتهم، أو بأوصاف محددة تميزهم عن غيرهم، رائده في ذلك إعمال المبادئ التي جاء الإسلام بإقرارها. (120)
ومن المبادئ التي يصح إعمالها في هذا الشأن(121): مبدأ المعاملة بالمثل؛ ومبدأ الالتزام بالمواثيق والاتفاقات؛ ومبدأ العمل بالمصلحة الشرعية.
وتأسيسا على ما سبق ندرك أن التشريع الإسلامي الدولي فرّق حينما أباح الحرب الدفاعية أو المشروعة تفريقا واضحا بين المحاربين وغير المحاربين، فأمر بألا يقاتل إلا المقاتل.
ولئن كان موقف العدو المحارب غير منضبط في ممارساته في القتال؛ فإن ذلك لا يبرر مجاراته في أفعاله، فالتشريع الإسلامي يضبط السلوك الإنساني، ولا يقف عند حد تقعيد القواعد، وإصدار التشريعات الإنسانية، وإنما يحرص كل الحرص على وضعها موضع التنفيذ. ولعل هذا الحوار بين الخليفة أبي بكر الصديق والقائد عتبة بن عامر الجهني يقدم لنا الصورة الحقيقية التي تضع الأحكام في نصابها؛ حيث روي أن القائد عتبة بن عامر الجهني رجع من ميدان المعركة إلى الخليفة يحمل بشائر النصر: “أذن الخليفة لعتبة بالدخول، ودخل القائد وسلّم على الخليفة وحدّثه عن المعركة واشتدّ حماسه حين قال: لقد حملتُ على قائد الأعداء وقتلته واحتجزتُ رأسه وأتيتُ به إليك؛ فظهر الغضب في وجه الخليفة وصرخ في وجه القائد: إنها مثلة وقد نهيتكم عن المثلة؛ فرد القائد: إنهم يفعلون ذلك بقتلانا ويحملون رؤوسهم إلى ملوكهم: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 194]، قال الخليفة: فأين مكان التقوى من النفوس، ولا يصلح للمسلم أن يجاري العدو في قسوته؛ ولتبلِّغ عنيِّ أمراء الجيوش أنه لا يُحمل إليَّ رأس وإلا فقد بغيتم، ولكن يكفيني الكتاب والخبر”.(122)
وبهذا يتأكد لدينا هذا المبدأ في القتال، وأنه ليس حكما ظرفيا وإنما هو أساس مكين ينبغي أن يترسَّخ في نفوس المقاتلين قبل ممارساتهم؛ فالتشريع الإسلامي لا يجعل رد الاعتداء بمثله أمرا مطلقا بل مقرونا بتقوى الله؛ ومن ثم يكون العدل في الإسلام إنسانيا رحيما يعتمد على رقة الشعور والعاطفة، يقتل من قتل ويعاقب من أجرم دون غيره، ولا يعرف التشفي ولا التمثيل بجثث الموتى، ولا ينزل إلى مستوى الوحشية والهمجية ولو كان العدو قد هبط إليه. (123)
المطلب الرابع: أثر مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين
لقد رسّخت الشريعة الإسلامية مبدأ إنسانيا مهما في إدارة القتال؛ لم يحظ باهتمام الأمم الأخرى إلا في القرن الماضي في إطار قواعد القانون الدولي الإنساني، ولا يزال هذا المبدأ على صعيد النزاعات المسلحة الداخلية والدولية يحتاج إلى قدر كبير من الضبط والتفعيل والتوجيه؛ لأن ضحايا الحروب الطاحنة من الأبرياء والمسالمين يكاد يتجاوز عدد المقاتلين الفعليين.
ولعل مما يقدمه الإسلام للبشرية من خلال هذا المبدأ في إدارة أصعب المواقف في تاريخ الإنسانية يترجم سمو الشريعة ونزوعها إلى الرفع من مكانة الإنسان وتكريمه، ودفعه إلى ضبط انفعالاته، وعدم الجري وراء الانتقام والتشفي، الذي قد يوسع دائرة الحرب بدل تضييقها ومحاصرتها، فالاعتداء على الأبرياء من غير المقاتلين بما لا قبل لهم به يعدّ ظلما كبيرا ما كان ليقبل تحت أي مبرر ولا أي غطاء.
إن الإسلام دين القيم والأخلاق والفضائل أحرص ما يكون على حماية الإنسان، كيف لا وقد اختزل المولى سبحانه مضمون ما أرسل به رسوله بأنه الرحمة ليس للمسلمين فقط وإنما للعالمين: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾. ولعل من أبرز صور تلك الرحمة المهداة تتجلى في أحلك الظروف وأصعب المواقف التي تترجم فعلا مستوى تجذّر القيم، نجدها في هذا المبدأ الذي يقتضي ألا يساق المخالفون لنا والمحاربون لأهلينا في صعيد واحد، وإنما نحارب المحارب ونسالم المسالم. ونرأف بالضعيف والصغير وذي الحاجة.
ضف إلى ذلك، أن المقاتل إن وقع في الأسر، فلا يجد إلا الحماية والعناية، فقد وضعت الشريعة الإسلامية حقوقا للأسير ينبغي أن تلتزم، فيعامل بإنسانية ورحمة، وقد راعى المسلمون الأوائل تلك الحقوق في تعاملهم مع أسراهم، ولعل الحادثة التالية تمثل نموذجا يحتذى به في كيفية معاملة أسلافنا لأسراهم بكل نبل وأخلاق.
روى أبو العاص بن الربيع: كنت مستأسرا مع رهط من الأنصار، كنا إذا تعشّينا أو تغدّينا آثرونا بالخبز وأكلوا التمر، والخبز عندهم قليل والتمر زادهم، حتى أن الرجل لتقع في يده الكسرة فيدفعها إليّ، وكان الوليد بن المغيرة يقول مثل ذلك ويزيد. قال: وكانوا يحملوننا – أي الأسرى – ويمشون. وقد روي أن رسول الله r كان يبعث الأسرى من المشركين ليُحْفَظُوا، وليقام بحقِّهم. (124)
إن هذا المستوى من الأخلاق في التعامل مع الأعداء يتجاوز كل ما انتهى إليه القانون الدولي في العلاقات الدولية، وسار الصالحون ممن التزم أحكام الشريعة وتشرّب بأهدافها ومقاصدها سيرة جهادية شعارها: “إذا قدرت على عدوك فاجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه”.(125)
وقد رُوي من حديث شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدٍ قَالَ: “كَانَ رَسُولُ اللهِ r إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ أَوْ سَرَايَاهُ قَالَ لَهُمْ: تَأَلَّفُوا النَّاسَ، وَلاَ تُغِيرُوا عَلَى حَيٍّ حَتَّى تَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَوَ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ مَا مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ وَبَرٍ، وَلاَ مَدَرٍ تَأْتُونِي بِهِمْ مُسْلِمِينَ إِلاَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَأْتُونِي بِنِسَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ وَتَقْتُلُونَ رِجَالَهُمْ”.(126) وذلك ما فهمه الفقهاء المحققون حين قالوا: “إن الأصل في الدماء الحظر إلا بيقين الإباحة”.(127)
ومع اشتداد وطأة الحرب، أو ظهور بوادر النصر والغلبة على الأعداء المقاتلين فلا مندوحة للمسلمين من الجنوح إلى السلم والركون إلى الأمن والاستقرار؛ لأن الحرب ضرورة(128)، ومبدأ الضرورة يقتضي أن تقدّر بقدرها.
لقد أثمر هذا المبدأ دخول أعداد هائلة من غير المقاتلين في هذا الدين، حيث وجدوا فيه الأمان والحرص على سلامتهم، كما دخل فيه عدد معتبر أيضا من المقاتلين الأسرى، الذي وقفوا عند نبل أخلاق المسلمين توجيها من دينهم وعقيدتهم. كما أثرت تلك الأحكام الإنسانية ناشدي الحق وروح العدالة على مرِّ التاريخ، ملفتة الأنظار إلى هذا الموروث الحضاري العظيم، الذي تزخر به الشريعة الإسلامية، ويقتضي ليس فقط التنويه والإشادة وإنما الدراسة العلمية المعمقة، والإثراء الذي يناسب متغيرات العصر، وبعث روح الاجتهاد الشرعي في فرع فقهي مهم جدا ينظم العلاقات بين المسلمين ومن يحاربونهم، في إطار من الوضوح والعدالة والإنسانية.
الخاتمة
من خلال هذا العرض حول مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين في الفقه الإسلامي نخلص إلى جملة من النتائج أبرزها:
1- إن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو السلم والتعاون.
2- ليس من الإسلام في شيء محاولة فرض الدِّين بالقوة والقتال.
3- شُرع القتال في الإسلام لضرورة دفع العدوان وتأمين المستضعفين.
4- ضرورة الحرب تقدّر بقدرها؛ فلا يجوز تجاوز ذلك إلى العدوان والتخريب والتنكيل.
5- ضرورة الاستجابة لنداء السلم في جميع مراحل القتال.
6- عدم جواز مقاتلة من ليسوا أهلا للقتال كالنساء والأطفال والمرضى ومن لا شأن لهم بالقتال من الأجراء ونحوهم.
7- يجوز قتال المشاركين في الحرب ضد المسلمين، ولو لم يكونوا من أهل القتال أصلا كالنساء مثلا.
8- ضرورة الامتناع عن مقاتلة من أظهر انسحابه من القتال كمن يعلن إسلامه، أو يكون أسيرا، أو يعطى أمانا، أو يأمر الحاكم بعدم قتله.
9- لا يجوز مجاراة العدو المحارب في جنوحه للقتل الجماعي، وللتخريب، والتعذيب، والتنكيل؛ بدعوى المعاملة بالمثل.
10- إن مبدأ التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين يؤكد البعد الإنساني والأخلاقي في أحكام الشريعة الإسلامية وحرصها على سلامة الإنسان وتكريمه.
أهم التوصيات:
أ- توجيه الباحثين والدارسين في تخصصات الحقوق والشريعة الإسلامية وتشجيعهم على بحث ودراسة أحكام الفقه الدولي الإنساني مقارنا بالقوانين الوضعية.
ب- جمع النصوص الشرعية الصحيحة ذات الصلة بأحكام القانون الدولي الإنساني وإتاحتها للباحثين.
ج- العمل على تكوين فرق ومراكز بحث متعلقة بما يقدمه الفقه الإسلامي بمختلف مذاهبه لتوجيه العلاقات الدولية المعاصرة.
د- الدعوة إلى الاهتمام بالدراسة المعمقة والمؤصلة للمعاهدات النبوية ومعاهدات الخلفاء الراشدين وترجمتها إلى مختلف اللغات.
ه- تخصيص ندوات دورية لعرض ومناقشة جديد الكتابات التي تعالج قضايا السلم والحرب في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي.
ح- دعوة المتخصصين في التاريخ الإسلامي إلى نقد وتمحيص المرويات التاريخية للحروب الإسلامية، ونشر ما ينتهون إليه من نتائج على أوسع نطاق، لنقف على مختلف صورة التطبيقات المؤكَّدة بإيجابياتها وسلبياتها.
قائمة المراجع:
1- ابن أبي شيبة: عبد الله بن محمد ت235ﻫ، المصنف في الأحاديث والآثار، تحقيق:كمال يوسف الحوت. ط:1؛ الرياض: مكتبة الرشد، 1409ﻫ.
2-ابن القيم: محمد بن أبي بكر الزرعي ت 751ﻫ، زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، وعبد القادر الأرناؤوط. ط:14؛ بيروت: مؤسسة الرسالة، والكويت: مكتبة المنار الإسلامية، 1407ﻫ =1986م.
3- ابن تيمية: أحمد بن عبد الحليم ت 728ﻫ، مجموع الفتاوى. لا.ط؛ الرياض:دار عالم الكتب، 1412ﻫ =1991م.
4- ابن حزم: علي بن أحمد بن سعيد ت 456 ﻫ، المحلى. لا.ط؛ بيروت: دار الفكر، د.ت.
5- ابن خزيمة: محمد بن إسحاق السلمي ت311 ﻫ، صحيح ابن خزيمة، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي. لا.ط؛ بيروت:المكتب الإسلامي، 1390 ﻫ =1970م.
6- ابن دقيق العيد: محمد بن علي بن وهب القشيري ت702 ﻫ، إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام، تحقيق: أحمد محمد شاكر. ط: 2؛ بيروت: دار الجيل، 1416 ﻫ =1995م.
7-ابن رشد: محمد بن أحمد ت595 ﻫ، بداية المجتهد ونهاية المقتصد. ط:9؛ بيروت: دار المعرفة، 1409 ﻫ =1988م.
8-ابن شاس: عبد الله بن نجم، عقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة، تحقيق: د. حميد بن محمد لحمر. ط:1؛بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1423 ﻫ =2003م.
9-ابن عابدين: محمد أمين ت1252 ﻫ، حاشية رد المحتار على الدر المختار. لا. ط؛ بيروت: دار الفكر، 1415 ﻫ = 1995م.
10-ابن فرحون: إبراهيم بن محمد ت799 ﻫ، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام. ط:1؛ بيروت: دار الكتب العلمية، 1416 ﻫ =1995م.
11-ابن فرحون: إبراهيم بن محمد ت799 ﻫ، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام. ط:1؛ بيروت: دار الكتب العلمية، 1416 ﻫ =1995م.
12-ابن قدامة: عبد الله بن أحمد المقدسي ت 620 ﻫ، المغني، تحقيق: د. عبد الله بن عبد المحسن التركي، ود. عبد الفتاح محمد الحلو. ط: 5؛ الرياض: دار عالم الكتب، 1426ﻫ = 2005م. وكذا طبعة دار الكتاب العربي ببيروت،1403 ﻫ = 1983م ومعها الشرح الكبير.
13-أبو حبيب: سعدي، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي، ط:2؛ دمشق: دار الفكر، 1404ﻫ.
14-أبو داود: سليمان بن الأشعث ت 275 ﻫ، سنن أبي داود، تحقيق: محمد محي الدين عبد الحميد. لا.ط؛ بيروت:دار الفكر، د.ت.
15-أبو زهرة: محمد، العلاقات الدولية في الإسلام، القاهرة: دار الفكر العربي، د.ت.
16- أبو زهرة: محمد، المجتمع الإنساني في ظل الإسلام، ط: جدة: الدار السعودية للنشر والتوزيع، 1401ﻫ.
17-أبو عيد: عارف خليل، العلاقات الخارجية في دولة الخلافة، ط:1؛ الكويت: دار الأرقم، الكويت، 1983م.
18-أبو غدة: حسن عبد الغني، “حكم قتل المدنيين الحربيين حال اشتراكهم في محاربة المسلمين”، مجلة الشريعة والقانون، جامعة الإمارات العربية المتحدة، العدد: 10، جمادى الثاني / رجب 1417ﻫ =نوفمبر 1996م.
19-الأصبحي: مالك بن أنس ت179 ﻫ، الموطأ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. لا.ط؛ مصر:دار إحياء التراث العربي، د.ت.
20-الأصفهاني: الحسين بن محمد “الراغب” ت 502 ﻫ، المفردات في غريب القرآن، تحقيق: محمد خليل عيتاني، ط:1؛ بيروت: دار المعرفة، 1418ﻫ= 1998م.
21-أنيس: إبراهيم، وآخرون، المعجم الوسيط، ط:2؛ القاهرة: مجمع اللغة العربية، د.ت.
22-الباجي: سليمان بن خلف ت 474 ﻫ، المنتقى شرح الموطأ. لا.ط؛ بيروت: دار الكتاب العربي، د.ت.
23-البخاري: محمد بن إسماعيل الجعفي ت 256 ﻫ، الجامع الصحيح (صحيح البخاري )، ضبط وترقيم وفهرسة:د. مصطفى ديب البغا. لا.ط؛ الجزائر: المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية بالرغاية، 1992م.
24-البستي: محمد بن حبان ت 354 ﻫ، صحيح ابن حبان، تحقيق: شعيب الأرنؤوط. ط:2؛ بيروت:مؤسسة الرسالة، 1414ﻫ =1993م.
25-البهوتي: منصور بن يونس ت1051ﻫ، كشاف القناع عن متن الإقناع. لا.ط؛ بيروت: دار الفكر، 1402هـ.
26-بوبوش: محمد، العلاقات الدولية في الإسلام، ط:1؛ دمشق: دار الفكر، 1430ﻫ = 2009م.
27-بيدار: آدم عبد الجبار عبد الله، حماية حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة بين الشريعة والقانون، بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، 2009م.
28-البيهقي: أحمد بن الحسين ت458 ﻫ، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا. لا.ط؛ مكة المكرمة: مكتبة دار الباز، 1414ﻫ =1994م.
29-الترمذي: محمد بن عيسى ت279 ﻫ، الجامع الصحيح ( سنن الترمذي )، تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون. لا.ط؛ بيروت:دار إحياء التراث العربي، د.ت.
30-الجعوان: محمد بن ناصر بن عبد الرحمن، القتال في الإسلام أحكامه وتشريعاته، دراسة مقارنة، ط:2؛ الرياض: مطابع المدينة، 1403ﻫ 1983م.
31-الحاكم: محمد بن عبد الله النيسابوري ت 405 ﻫ، المستدرك على الصحيحين، تحقيق:مصطفى عبد القادر عطا. ط:1؛ بيروت: دار الكتب العلمية، 1411 ﻫ =1990م.
32-حسن: بدر الدين عبد الله، التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني، مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، السودان، العدد: 18، 1430 ﻫ = 2009.
33-الحصين: خالد بن إبراهيم بن محمد، “الأعداء الذين يحرم قتلهم في الحرب – دراسة شرعية ونظرة قانونية -“، المجلة العلمية لجامعة الملك فيصل (العلوم الإنسانية والإدارية)، المجلد: 08، العدد: 2، 1428ﻫ= 2008م.
34-حمادة: فاروق (تنسيق)، مجموعة من المؤلفين، التشريع الدولي في الإسلام، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، جامعة محمد الخامس، 1997.
35-حمادو: الهاشمي، الصفة الدينية وأثرها في التشريع الإسلامي الدولي، رسالة دكتوراه دولة غير منشورة، جامعة الجزائر، كلية الحقوق، 2003 ﻫ = 2004م.
36-خلاف: عبد الوهاب، السياسة الشرعية، ط:6؛ بيروت: مؤسسة الرسالة، 1997م.
37-الدار قطني: علي بن عمر ت385ﻫ، سنن الدارقطني، تحقيق: السيد عبد الله هاشم يماني المدني. لا.ط؛ بيروت: دار المعرفة، 1386 ﻫ =1966م.
38-الدارمي: عبد الله بن عبد الرحمن ت255ﻫ، سنن الدارمي، تحقيق:فواز أحمد زمرلي وخالد السبع العلمي. ط:1؛ بيروت:دار الكتاب العربي، 1407ﻫ.
39-الدريني: محمد فتحي، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده، ط:1؛ دمشق: جامعة دمشق، 1967م.
40-الدريني: محمد فتحي، خصائص التشريع في السياسة والحكم، ط:1؛ بيروت: مؤسسة الرسالة، 1982م.
41-الدسوقي: محمد، الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي، ط1، الدوحة: دار الثقافة، 1407ﻫ= 1987م.
42-الدسوقي، محمد بن أحمد بن عرفة ت 1230ﻫ، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير. لا.ط؛ بيروت: دار الفكر، 1423 ﻫ =2002م.
43-الرحيباني: مصطفى بن سعد بن عبده ت 1243ﻫ، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى. ط:1؛ دمشق: منشورات المكتب الإسلامي، 1381ﻫ =1961م.
44-الرملي:محمد بن أبي العباس ت 1004ﻫ، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج. لا. ط؛ بيروت:دار الفكر، 1404ﻫ =1984م.
45-الزحيلي: وهبة، آثار الحرب في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة، ط:3؛ دمشق، دار الفكر، 1419ﻫ= 1998م.
46-الزيلعي:عبد الله بن يوسف بن محمد ت 762ﻫ، نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية، تحقيق: محمد يوسف البنوري. لا.ط؛ القاهرة: دار الحديث، 1357ﻫ.
47-السرخسي: محمد بن أحمد بن أبي بكر ت 490ﻫ، المبسوط. ط:2؛ بيروت: دار المعرفة، د.ت.
48-الشافعي: محمد بن إدريس ت 204ﻫ، الأم. ط:2؛ بيروت: دار المعرفة، 1393ﻫ.
49-شتا: أحمد عبد الونيس، العلاقات الدولية في الإسلام الأساس الشرعي والمبادئ الحاكمة للعلاقات الخارجية للدولة الإسلامية، ضمن كتاب: المقدمة العامة لمشروع العلاقات الدولية في الإسلام، لمجموعة من المؤلفين، ط:1؛ القاهرة: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1417 ﻫ = 1996م.
50-شلبي: أحمد، الجهاد والنُظُم العسكرية في التفكير الإسلامي، ط: 6؛ القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1974م.
51-شمس الدين: محمد مهدي، السلم وقضايا الحرب عند الإمام علي، المركز الإسلامي للدراسات والأبحاث، ط:1، 1981.
52-الشوكاني: محمد بن علي ت1255ﻫ، نيل الأوطار من أحاديث سيد الأخيار شرح منتقى الأخبار. لا.ط؛ بيروت: دار القلم، د.ت.
53-الشيباني: أحمد بن حنبل ت241ﻫ، المسند. لا.ط؛ مصر: مؤسسة قرطبة، د.ت.
54-الشيبانى: محمد بن الحسن، السير الكبير، بشرح الإمام محمد بن سهل السرخسي، مطبعة جامعة القاهرة، د.ت.
55-الشيرازي: إبراهيم بن علي ت 476ﻫ، المهذب. لا.ط؛ بيروت: دار الفكر، د.ت.
56-الصالح: صبحي، النظم الإسلامية نشأتها وتطورها، ط:13؛ بيروت: دار العلم للملايين، 2001م.
57-الصنعاني: عبد الرزاق بن همام ت 211ﻫ، المصنف، تحقيق: حبيب الرحمن الأعظمي. ط:2؛ بيروت: المكتب الإسلامي، 1403ﻫ.
58-ضميرية: عثمان جمعة، منهج الإسلام في الحرب، ط:1؛ الكويت: مكتبة دار الأرقم، الكويت، 1403ﻫ= 1982م.
59-الطبراني: سليمان بن أحمد الطبراني ت360ﻫ، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبد المجيد السلفي. ط: 2؛ الموصل: مكتبة العلوم والحكم، 1404ﻫ =1983م.
60-الطبري: محمد بن جرير ت 310ﻫ، جامع البيان في تفسير القرآن. ط:1؛مصر:المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، 1323ﻫ ـ تصوير:دار المعرفة ببيروت، 1406ﻫ = 1986م.
61-الطحاوي: أحمد بن محمد ت 321ﻫ، شرح معاني الآثار.ط:1؛ بيروت: دار الكتب العلمية، 1399ﻫ.
62-عبد المنعم: محمود عبد الرحمن، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، لا.ط؛ القاهرة: دار الفضيلة، د.ت.
63-عزام: عبد الرحمن، الرسالة الخالدة، الجمهورية العربية المتحدة: لجنة التعريف بالإسلام، المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، الكتاب: 16، القاهرة، سنة 1384 ﻫ= 1964م.
64-العسقلاني: أحمد بن علي بن حجر ت 852ﻫ، تلخيص الحبير في أحاديث الرافعي الكبير، تصحيح: عبدالله هاشم يماني. لا.ط؛ مصر: مطبعة الكليات الأزهرية، 1399ﻫ.
65-العسقلاني: أحمد بن علي بن حجر ت 852ﻫ، فتح الباري شرح صحيح البخاري، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي ومحب الدين الخطيب. لا.ط؛ بيروت: دار المعرفة، 1379ﻫ.
66-عطية: أبو الخير أحمد، حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية إبان النزاعات المسلحة دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية، القاهرة: دار النهضة العربية، 1998م.
67-الفيومي: أحمد بن محمد ت 770ﻫ، المصباح المنير، ط:1؛ بيروت: دار الكتب العلمية، 1414ﻫ= 1994م.
68-القرطبي: محمد بن أحمد الأنصاري ت 671ﻫ، الجامع لأحكام القرآن. ط:2؛ بيروت:دار إحياء التراث العربي،1965م.
69-القزويني: محمد بن يزيد بن ماجه ت275ﻫ، سنن ابن ماجه، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي. لا.ط؛ بيروت: دار الفكر، د.ت.
70-القشيري: مسلم بن الحجاج ت 261ﻫ، صحيح مسلم (الجامع الصحيح)،تحقيق وتصحيح وترقيم:محمد فؤاد عبد الباقي. ط:1؛ بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1375ﻫ=1956م.
71-الكاساني: علاء الدين بن أبي بكر ت587ﻫ، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع. ط: 1؛ بيروت: دار الفكر، 1417ﻫ = 1996م.
72-المقهور: كامل حسن، حق التدخل والنظام الدولي، أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة الدورات، الرباط، 1412ﻫ.
73-النسائي: أحمد بن شعيب ت303ﻫ، المجتبى من السنن، تحقيق:عبد الفتاح أبو غدة. ط:2؛ حلب:مكتب المطبوعات الإسلامية، 1406ﻫ=1986م.
74-النفراوي: أحمد بن غنيم ت 1126ﻫ، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني. ط:1؛ بيروت: المكتبة العصرية، 1425ﻫ=2005م.
75-النووي: يحي بن شرف ت 676 ﻫ، المجموع شرح المهذب، ط:1؛ بيروت: دار الفكر، 1996م.
76-النووي: يحي بن شرف ت 676 ﻫ، روضة الطالبين. ط:2؛ بيروت: المكتب الإسلامي، 1405ﻫ.
77-النووي: يحي بن شرف ت676 ﻫ، شرح صحيح مسلم. ط: 2؛ بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1392ﻫ.
78-الهندي: علي بن حسام الدين المتقي ت 975 ﻫ،كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، تحقيق: بكري حياني، وصفوة السقا، ط:5؛ بيروت: مؤسسة الرسالة،1401ﻫ =1981م.
79-الهيثمي: علي بن أبي بكر ت 807 ﻫ، مجمع الزوائد. لا.ط؛ بيروت: دار الكتاب العربي، 1407ﻫ= 1987م.
80-هيكل: محمد خير، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية، ط:2؛ بيروت: دار البيارق، ودار ابن حزم، 1417ﻫ = 1996م.
الهوامش
1. راجع على سبيل المثال: إبراهيم أنيس وآخرون، المعجم الوسيط، 2/748 وما بعدها، مادة: “قتله”.
2. ينظر: الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، ص:394، مادة: “قتل”؛ والفيومي، المصباح المنير، ج2/490، مادة: “قتل”.
3. محمد بن ناصر بن عبد الرحمن الجعوان، القتال في الإسلام أحكامه وتشريعاته، دراسة مقارنة، ص: 11، 12.
4. ينظر: محمود عبد الرحمن عبد المنعم، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية 3/69؛ آدم عبد الجبار عبد الله بيدار، حماية حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة الدولية بين الشريعة والقانون ص: 241؛ بدر الدين عبد الله حسن، التفرقة بين المقاتلين وغير المقاتلين في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي الإنساني، ص:174.
5. بدر الدين عبد الله حسن، المرجع نفسه، ص:175
6. محمد مهدي شمس الدين، السلم وقضايا الحرب عند الإمام علي، المركز الإسلامي للدراسات والأبحاث، ص:26؛ ومحمد الدسوقي، الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي، ص:333 وما بعدها؛ و الهاشمي حمادو، الصفة الدينية وأثرها في التشريع الإسلامي الدولي، ص: 330.
7. قارن: عبد السلام بلاجي، شريعة الحرب في السيرة النبوية الشريفة، ضمن كتاب: التشريع الدولي في الإسلام لمجموعة من المؤلفين ص: 116 – 118.
8. محمد بن الحسن الشيباني، السير الكبير 4/222؛ الهاشمي حمادو، المرجع السابق، ص: 331.
9. ينظر: ابن فرحون، تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام، ص: 72 وما بعدها؛ محمد الدسوقي، الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي ص: 337؛ الهاشمي حمادو، الصفة الدينية وأثرها في التشريع الإسلامي الدولي، ص: 323.
10. محمد أبو زهرة، نظرية الحرب في الإسلام ص:12 وما بعدها؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 323.
11. الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 322.
12. الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 322، 330.
13. ينظر: أبو الخير أحمد عطية، حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية إبان النزاعات المسلحة دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية ص:57؛ محمد خير هيكل، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ص:605 وما يعدها؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 323.
14. الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 325.
15. ابن تيمية، مجموع الفتاوى 28/354 – 355.
16. ينظر: مالك بن أنس، المدونة الكبرى 3/6؛ ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد 3/381؛ ابن تيمية، مجموع الفتاوى 28/116؛ ابن الهمام، شرح فتح القدير 4/211؛ وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ص: 106.
17. صبحي الصالح، النظم الإسلامية ص:519؛ الهاشمي حمادو، المرجع السابق، ص: 327.
18. عبد الوهاب خلاف، السياسة الشرعية ص:84؛ وينظر: محمد الدسوقي، المرجع السابق ص: 327؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 328.
19. عبد الرحمن عزام، الرسالة الخالدة ص:115.
20. ينظر: محمد خير هيكل، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية ص:739 وما يعدها؛ الهاشمي حمادو، المرجع السابق، ص: 332؛ محمد بوبوش، العلاقات الدولية في الإسلام ص: 172، 184، 185.
21. انظر: القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 12/67- 69.
22. انظر: القرطبي، المرجع نفسه 2/350.
23. سعدي أبو جيب، موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي1/278.
24. انظر: المغني، ابن قدامة 8/462.
25. ينظر: أبو زهرة، المجتمع الإنساني في ظل الإسلام ص: 150؛ الدسوقي، المرجع السابق ص: 330 وما بعدها؛ الهاشمي حمادو، المرجع السابق، ص: 338.
26. الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 350.
27. محمد فتحي الدريني، خصائص التشريع الإسلامي في السياسة والحكم ص: 366- 367؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 338.
28. عبد الرحمن عزام، الرسالة الخالدة ص: 125.
29. الهاشمي حمادو، المرجع السابق، ص: 332.
30. السهيلي، الروض الأنف 4/56 وما بعدها؛ وابن كثير، السيرة النبوية 3/324 وما بعدها.
31. محمد فتحي الدريني، المرجع السابق ص: 70؛ الهاشمي حمادو، المرجع السابق، ص: 336؛ محمد بوبوش، العلاقات الدولية في الإسلام ص: 169 – 170.
32. محمد أبو زهرة، المجتمع الإنساني في ظل الإسلام ص: 41؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 337.
33. كامل حسن المقهور، حق التدخل والنظام الدولي، أكاديمية المملكة المغربية، سلسلة الدورات، الرباط ص: 5 – 6 – 7 ربيع الثاني 1412 ﻫ ص: 93؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 337.
34. انظر: عارف خليل أبو عيد، العلاقات الخارجية في دولة الخلافة، مرجع سابق، ص 134- 135.
35. انظر: عارف خليل أبو عيد، المرجع نفسه ص 135؛ إسماعيل أبو شريعة، نظرية الحرب في الشريعة الإسلامية، ص 36؛ عثمان ضميرية، منهج الإسلام في الحرب، ص 128؛ وهبة الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي، ص 94؛ أحمد شلبي، الجهاد والنظم العسكرية، ص 59.
36. القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 5/279.
37. محمد بن الحسن الشيباني، السير الكبير بشرح السرخسي 1/44.
38. المصدر نفسه.
39. وهبة الزحيلى، الفقه الإسلامي وأدلته، 8/5864.
40. محمد بن الحسن الشيباني، السير الكبير بشرح السرخسي 4/1 وما بعدها.
41. البيهقي، السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي (9/118 رقم: 18739).
42. السرخسي، شرح السير الكبير 2/41 – 42؛ عليش، منح الجليل 1/714؛ الشافعي، الأم 4/240؛ ابن قدامة، المغني 13/178؛ ابن حزم، المحلى 7/296.
43. الكاساني، بدائع الصنائع 7/101 – 102؛ الحجاوي، الإقناع 2/9.
44. حسن عبد الغني أبو غدة، “حكم قتل المدنيين الحربيين حال اشتراكهم في محاربة المسلمين”، ص: 95.
45. الحصيِّن، “الأعداء الذين يحرم قتلهم في الحرب ص: 48 وما بعدها؛ وقارن: محمد خير هيكل، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية 2/1241 وما بعدها.
46. الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 48.
47. ينظر: أبو الخير أحمد عطية، حماية السكان المدنيين والأعيان المدنية إبان النزاعات المسلحة ص:57؛ والحصيِّن، المرجع السابق ص: 49.
48. السرخسي، شرح السير الكبير 3/197؛ النووي، شرح صحيح مسلم 12/48؛ الرافعي، الشرح الكبير على الوجيز 11/52؛ ابن القيم، زاد المعاد 2/75 و3/32؛ ابن قدامة، المغني 13/177 – 178؛ ابن حزم، المحلى 7/296؛ محمد السوقي، الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي ص: 335؛ أبو غدة، المرجع السابق ص: 95؛ الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 49.
49. ينظر: ابن هبيرة، الإفصاح 2/274؛ ابن عبد البر، التمهيد 16/138؛ النووي، شرح صحيح مسلم 12/52؛ الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 49.
50. الطبري، جامع البيان 2/190؛ الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 49.
51. أي: فتح مكة كما في رواية الطبراني المذكورة في فتح الباري 6/148 (أبو غدة، المرجع السابق ص:98).
52. متفق عليه؛ فتح الباري 6/148 الحديث رقم: 3015؛ شرح صحيح مسلم للنووي 12/52 الحديث رقم:1731.
53. أخرجه مسلم (3/1357، رقم 1731)، وأحمد (5/358، رقم 23080)، وأبو داود (3/37، رقم 2612)، والترمذي (4/22، رقم 1408) وقال: حسن صحيح. والنسائي في الكبرى (5/172، رقم 8586)، وابن ماجه(2/953، رقم 2858). وأخرجه أيضاً: الدارمي (2/284، رقم 2439)، وابن حبان (11/42، رقم 4739)، وابن الجارود (ص 260، رقم 1042)، وأبو عوانة (4/203، رقم 6495)، الشوكاني، نيل الأوطار7/230.
54. أخرجه مالك في الموطأ ص:327 الحديث رقم: 963؛ والبيهقي في السنن 9/87؛ وأحمد في المسند 39/506 الحديث رقم: 24009. قال الهيثمي في مجمع الزوائد 5/315: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
55. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 5/202 الحديث رقم: 9386؛ وابن أبي شيبة 6/484 الحديث رقم: 33131؛ وأحمد في المسند 24/365 الحديث رقم: 15589؛ والدارمي في السنن 3/1601 رقم الحديث: 2506، وصحح إسناده ابن عبد البر كما في التمهيد 18/68.
56. أخرجه عبد الرزاق في المصنف 5/201 رقم الحديث: 9382؛ وأحمد في المسند 29/151؛ وأبو داود في السنن 3/121 الحديث رقم: 2669؛ وابن ماجه في السنن 2/143 الحديث رقم: 2869؛ والطحاوي في شرح مشكل الآثار 15/437. والعسيف هو الأجير (الفيومي، المصباح المنير ص:155)
57. محمد خير هيكل، الجهاد في السياسة الشرعية 2/1245 وما بعدها؛ الحصيِّن، المرجع السابق ص: 50؛ وانظر: ابن عبد البر، الاستذكار 14/61.
58. المبسوط، المبسوط 9/5؛ حاشية الدسوقي 2/176؛ الرحيباني، مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى 2/517؛ أبو غدة، المرجع السابق ص:99.
59. ابن الهمام، فتح القدير 5/202 – 203؛ ابن رشد، بداية المجتهد 1/384 – 385؛ ابن قدامة، المغني 13/178 – 180؛ أبو غدة، المرجع نفسه ص:99..
60. ينظر: ابن رشد، البيان والتحصيل 16/392؛ الباجي، المنتقى 3/166؛ المقدسي، الشرح الكبير على المقنع 10/67 – 73؛ الزيلعي، نصب الراية 3/387؛ الحصيِّن، المرجع السابق ص: 50؛ أبو غدة، المرجع نفسه ص:99.
61. ينظر: محمد خير هيكل، الجهاد والقتال في السياسة الشرعية 2/1248؛ الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 51.
62. ينظر: إمام عيسى عبد الكريم، المعاملة بالمثل في العلاقات الدولية ص: 659؛ الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 51.
63. ينظر: الكاساني، بدائع الصنائع 7/101؛ ابن العربي، أحكام القرآن1/104؛ عليش، منح الجليل1/714؛ وهبة الزحيلي، آثار الحرب ص: 494 – 495؛ أبو غدة، المرجع السابق ص:96؛ الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 51 – 52.
64. ينظر: السرخسي، المبسوط 10/29؛ الكاساني، بدائع الصنائع 7/101؛ ابن رشد، بداية المجتهد 1/385؛ الدسوقي، حاشية على مختصر خليل 2/176؛ القرافي، الذخيرة 3/397؛ النفراوي، الفواكه الدواني 1/468؛ الرافعي، الشرح الكبير على الوجيز 11/391؛ النووي، روضة الطالبين 10/243؛ ابن تيمية، مجموع الفتاوى 28/660؛ المقدسي، الشرح الكبير على المقنع 10/70؛ البهوتي، كشاف القناع 3/48.
65. ينظر: ابن حزم، المحلى 7/296؛ الرافعي، الشرح الكبير على الوجيز 11/391؛ الشيرازي، المهذب 5/251؛ النووي، روضة الطالبين 10/243؛ وهبة الزحيلي، آثار الحرب، ص:108 – 109.
66. ينظر: الجصاص، أحكام القرآن 1/321؛ والقرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2/348 – 349.
67. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 6/483 رقم:33118؛ وأبو داود 3/86 رقم:2614؛ والبيهقي في السنن9/90. وانظر: الزيلعي، نصب الراية3/386.
68. أخرجه أحمد في المسند (4/461 رقم:2728)؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار (3/220)؛ والبيهقي في السنن (9/90)؛ والطبراني في الكبير (11/224). وانظر: الهيثمي، محمع الزوائد5/316.
69. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (5/200 رقم:9389)؛ وسعيد بن منصور في السنن (2/257 رقم:2628)؛ والبيهقي في السنن (9/90). والوصفاء: العبيد. والعسفاء: الأجراء. ينظر: النهاية لابن الأثير 3/236 و 5/190.
70. فحصوا عن أوساط رؤوسهم من الشَّعَرِ: كأنهم حلقوا وسطها وتركوها مثل أفَاحِيصِ القطا (مختار الصحاح).
71. أخرجه مالك في الموطأ (ص:328 رقم: 965)؛ وعبد الرزاق في المصنف (5/199 رقم:9375)؛ وابن أبي شيبة في المصنف (6/483 رقم:33121)؛ والبيهقي في السنن (9/89).
72. الباجي، المنتقى 3/169.
73. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/483 رقم:33120)؛ وسعيد بن منصور في السنن (2/239 رقم:2625)؛ والبيهقي في السنن (9/91).
74. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (6/483 رقم:33130)؛ والبيهقي في السنن (9/91).
75. ينظر: القاضي عبد الوهاب، الإشراف على نكت مسائل الخلاف2/933؛ والباجي، المنتقى 3/169؛ وابن قدامة، المغني 13/180.
76. ابن حزم، المحلى7/297.
77. أخرجه الترمذي (4/123 رقم: 1584) وقال: حديث حسن صحيح؛ وأبو داود (4/516 رقم: 4404)؛ والنسائي (5/185 رقم: 8621)؛ وابن ماجه (2/83 رقم: 2569).
78. ابن حزم، المحلى7/299.
79. أخرجه أحمد في المسند (33/321 رقم: 20145 ورقم: 20230)؛ والترمذي (4/123 رقم: 1583)؛ وأبو داود (3/122 رقم: 2670)؛ وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. والشرخ : جمع شارخ، وهو الشاب (مختار الصحاح)
80. متفق عليه: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري (8/41 رقم: 4323)؛ وصحيح مسلم بشرح النووي (16/58 رقم: 2498).
81. الشَّجَار: مركب للنساء دون الهودج (المعجم الوسيط).
82. الشافعي، الأم 5/582.
83. الشافعي، الأم 5/582؛ والمهذب للشيرازي 5/251.
84. ينظر: القرافي، الذخيرة 3/398.
85. ابن قدامة، المغني 13/178؛ وهبة الزحيلي، آثار الحرب ص: 109.
86. ينظر: ابن التركماني، الجوهر النقي حاشية على سنن البيهقي 9/92.
87. ينظر: سنن الترمذي 4/123؛ والنهاية لابن الأثير 2/456.
88. ابن قدامة، المغني 13/178.
89. السرخسي، المبسوط 9/29؛ ابن قدامة، المغني 13/179؛ الشوكاني، نيل الأوطار 7/248.
90. الرحيباني، مطالب أولي النهى 2/518.
91. ينظر: الكاساني، بدائع الصنائع 7/237؛ ابن الهمام، فتح القدير 5/452؛ القرافي، الذخيرة 3/445؛ الشربيني، مغني المحتاج 4/209؛ ابن حزم، المحلى 7/298؛ ابن تيمية، مجموع الفتاوى 20/102 و28/660.
92. ابن رشد، بداية المجتهد ونهاية المقتصد 1/385. والعسيف: الأجير.
93. ينظر: ابن دقيق العيد، إحكام الأحكام 4/525؛ وحاشية البناني على شرح الزرقاني على مختصر خليل 3/112.
94. ينظر: المقدسي، الشرح الكبير للمقنع 10/73.
95. البيهقي، السنن الكبرى (9/82 رقم:17884)؛ مصنف عبد الرزاق (5/201، رقم 9383)؛ مُصنف ابن أبي شيبة (12/384 رقم:33797)، المتقي الهندي، كنز العمال (4/483 رقم:11437 )؛ وقال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة حديث: 4618: “هَذَا إِسْنَادٌ مُرْسَلٌ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ”.
96. ابن قدامة، المغني 13/180.
97. ينظر: النووي، روضة الطالبين للنووي 7/444.
98. الحصيِّن، المرجع السابق ص: 59.
99. ينظر: ابن قدامة، المغني 13/180؛ والزحيلي، آثار الحرب ص: 502؛ والحصيِّن، المرجع السابق ص: 56 -57.
100. أبو غدة، المرجع السابق ص: 97، 100.
101. ينظر: السرخسي، شرح السير الكبير 1/41؛ الكاساني، بدائع الصنائع 7/101؛ ابن رشد، بداية المجتهد 1/383 – 384؛ القرطبي، الجامع لأحكام القرآن 2/348؛ ابن قدامة، المغني 13/177 – 182؛ وهبة الزحيلي، آثار الحرب ص:497.
102. الحصيِّن، المرجع السابق ص: 59.
103. الحصيِّن، المرجع السابق ص: 60 وما بعدها.
104. انظر: الجصاص، أحكام القرآن 2/169.
105. متفق عليه: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 8/517 رقم: 4269؛ وصحيح مسلم مع شرح النووي 2/101 رقم: 159. والحرقة: بضم الحاء وفتح الراء وهى بطن من جهينة (النووي، المرجع نفسه).
106. انظر: أبو يعلى الفراء، الأحكام السلطانية ص:49؛ والنفراوي، الفواكه الدواني 1/467؛ الشيرازي، المهذب 5/255؛ المغني 13/77؛ ويراجع: سامي الصقار، نظام الأمان في الشريعة الإسلامية وأوضاع المستأمنين، منشور ضمن كتاب: التشريع الدولي في الإسلام لمجموعة من المؤلفين، ص: 69 – 111.
107. متفق عليه: صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 6/273 رقم: 3171؛ وصحيح مسلم مع شرح النووي 5/237 رقم: 336.
108. انظر: الشافعي، الأم 5/704؛ الرافعي، الشرح الكبير 11/411؛ النووي، روضة الطالبين 7/451؛ المقدسي، الشرح الكبير 10/77؛ البهوتي، كشاف القناع 7/57.
109. ابن أبي شيبة، المصنف (12/423 رقم 33951): المتقي الهندي، منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال 2/319.
110. أخرجه أحمد في المسند (5/18، رقم 20214)، والطبرانى كما في مجمع الزوائد (5/333) قال الهيثمى: فيه إسحاق بن ثعلبة وهو ضعيف. وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: إسناده ضعيف لضعف بقية بن الوليد.
111. ابن قدامة، المغني 13/51.
112. ابن القيم، زاد المعاد 3/422.
113. أخرجه أحمد 25/366 رقم: 15989؛ وأبو داود 3/191 رقم: 2761؛ والحاكم في المستدرك 2/52 وقال: صحيح على شرط الشيخين، وأقره الذهبي. وقال الهيثمى في مجمع الزوائد (5/315): رواه أبو داود باختصار رواه الطبرانى من طريق ابن إسحاق قال: حدثنى شيخ من أشجع، ولم يسمه وسماه أبو داود سعد بن طارق، وبقية رجاله ثقات. وقال شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند: حديث صحيح بطرقه وشواهده.
114. ينظر: ابن هشام، السيرة النبوية 2/281؛ الطبري، تاريخ الأمم والملوك 2/449؛ أحمد بن حنبل، المسند 2/96 رقم: 676.
115. ينظر: السهيلي، الروض الأنف 3/73؛ ابن كثير، السيرة النبوية 2/437؛ ابن هشان، السيرة النبوية 1/628.
116. ينظر: ابن عابدين، حاشية رد المحتار 4/132؛ القرافي، الذخيرة 3/398؛ ابن شاس، عقد الجواهر الثمينة 1/469؛ الشيرازي، المهذب 5/249؛ النووي، روضة الطالبين 10/244.
117. الكاساني، بدائع الصنائع 7/101.
118. أخرجه البيهقي في السنن 8/186، وضعّفه ابن حجر في تلخيص الحبير 4/102.
119. فتحي الدريني، الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ص: 241.
120. الحصيِّن، المرجع السابق ص: 67.
121. الحصيِّن، المرجع نفسه ص: 67 وما بعدها.
122. الطبري، تاريخ الأمم والملوك مج 2 ج3 ص: 213 بواسطة: الهاشمي حمادو، الصفة الدينية وأثرها في التشريع الإسلامي الدولي، مرجع سابق، ص: 338.
123. ينظر: الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 338 – 339؛ محمد بوبوش، العلاقات الدولية في الإسلام ص:168 وما بعدها.
124. الطبري: تاريخ الأمم والملوك مج 1 ج2 ص: 287 بواسطة: الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 339.
125. محمد المهدي شمس الدين، مرجع سابق ص: 119؛ الهاشمي حمادو، المرجع نفسه، ص: 339.
126. نور الدين الهيثمي ت807 ﻫ، بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث بن أبي أسامة، 2/661 رقم الحديث: 637. أورده المتقي الهندي في كنز العمال 4/437 رقم الحديث: 11300، و4/469 رقم الحديث: 11369.
127. ابن رجب الحنبلي، القواعد في الفقه الإسلامي، ص: 389.
128. الزحيلي، آثار الحرب في الفقه الإسلامي ص:494؛ محمد الدسوقي، الإمام محمد بن الحسن الشيباني وأثره في الفقه الإسلامي ص:337.
المصدر: http://yon.ir/se0e
الكاتبان:
الدكتور حمادي نورالدين: كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة الجلفة
الدكتور إبراهيم رحماني: كلية الحقوق والعلوم السياسية – جامعة الوادي