الاجتهاد في القاضي

شرطية الاجتهاد في القضاء بين النفي و الإثبات.. الشيخ محمد رضا الساعدي

الاجتهاد: لعل من أهمّ عوائق التصدّي للقضاء اليوم هو شرطية الاجتهاد في القاضي، الأمر الذي منع الكثير من الفضلاء والعلماء غير المجتهدين من التصدي لتكليف القضاء . ونحن من خلال البحث نحاول أن نعالج هذه الإشكالية على أحد مستويين (شرطية الاجتهاد المطلق أو المتجزي، وعدم شرطيته) یکفینا اثبات أحدهما للخروج من إشكالية امتناع التصدّي لهذا التكليف الإلهي البالغ الأهمية.

لا يخفى ما للتشريعات الإلهية من أهمية واضحة في تنظيم الحياة الفردية والجماعية وكفالة السعادة الحقيقية في الدارين، فإنّ النظام الإلهي قد تكفّل إيجاد المواقف الشرعية في كلّ نواحي الحياة، فما من واقعة إلّا ولها حكم كما دلّ الدليل المتصيّد من الروايات الشريفة”. (1)

ومن أهم هذه الأحكام التي لها مدخلية كبيرة في تنظيم الحياة العامّة، وحفظ المجتمع من الانحراف، وإيجاد الحلول للمشاکل، وإنصاف المظلوم و رد الظالم، هو النظام القضائي الإسلامي، فهو أحد سبل إقامة العدل والقسط بين الناس.

وإنّ من سمات المجتمع الصالح أن تكتنفه قوانين يُتصف فيها للمظلوم من الظالم ويؤخذ حقه له، تطبيقاً للنبوي المشهور: (إنّ الله لا يقدّس أمّة ليس فيهم من يأخذ للضعيف حقّه)”.(2)

وهذا الأمر يدعونا جميعاً إلى إحياء هذا الواجب في كلّ مستوياته سواء على المستوى التنظيري والعلمي من خلال إثراء هذا الباب الفقهي بالبحوث والدراسات، أو على المستوى العملي من خلال إعداد أشخاص مؤهّلين لممارسة القضاء الشرعي وإنشاء معاهد ومؤسّسات قضائية ومحاكم شرعية.

ولعل أهمّ عوائق التصدّي للقضاء اليوم هو شرطية الاجتهاد في القاضي، الأمر الذي منع الكثير من الفضلاء والعلماء غير المجتهدين من التصدي لهذا التكليف. ونحن من خلال البحث نحاول أن نعالج هذه الإشكالية على أحد مستويين یکفینا اثبات أحدهما للخروج من إشكالية امتناع التصدّي لهذا التكليف الإلهي البالغ الأهمية:

المستوى الأوّل: تبني أحد الأقوال التي لا تشترط الاجتهاد المطلق أو المتجزئ في القاضي، كما هو مختار جملة من أعلام.
المستوى الثاني: البناء على شرطية الاجتهاد المطلق أو المتجزىء في القاضي – كما هو المشهور بين الأعلام قديماً وحديثاً- ولكن فتح التصدّي للقضاء من خلال إيجاد تخريجات فقهية تسوّغ لغير المجتهد التصدّي للقضاء، من خلال التوكيل بالقضاء أو نصب الحاكم الشرعي أو بقاعدة دفع الأفسد بالفاسد أو بقاعدة الميسور أو بولاية عدول المؤمنين أو غيرها من طرق التفصّي من هذا الشرط.

وبذلك ينفتح باب القضاء الشرعي عملياً ويكثر القضاة الشرعيّون في بقاع المعمورة لينشروا العدل في البلاد والعباد.

وفي هذا البحث نسلط الضوء على المستوى الأوّل فحسب ونرجئ المستوى الثاني إلى دراسة مستقلّة لعلّنا نوفّق لها إن شاء الباري تعالى.

عرض البحث:

الأقوال في المسألة:

وقع الكلام والخلاف في شرطية الاجتهاد في القاضي الشرعي، بعد الفراغ من اشتراط أصل العلم في القاضي، وإنّما الكلام في اشتراط العلم الخاص وهو الاجتهاد، وقد نتج عن ذلك أقوال عدّة، هذا تفصيلها وبيان المختار منها:

القول الأوّل: اشتراط الأعلمية

ذهب إلى اشتراط الأعلمية صريحاً في القاضي المنصوب بعضُ الفقهاء، منهم أستاذنا سماحة الشيخ الفياض دام ظله، وقد أفتى بذلك في رسالته العملية فقال ما نصّه:

(الثامن: الاجتهاد… وأمّا في القاضي المنصوب شرعاً، فيعتبر فيه الاجتهاد بل الأعلمية على الأظهر، إلّا المنصوب من قبل الإمام عليه السّلام أو نائبه كما مرّ).(3)

وقبل الاستدلال له لابدّ من تحديد محلّ النزاع، وما المراد من الأعلم؟ فهل المراد به الأعلم مطلقاً أو في خصوص بلد القضاء؟

وبعبارة اخرى: هل مراده اعتبار الأعلمية في البلد أو اعتبارها مطلقاً في كل بقاع الأرض فينحصر القاضي المنصوب بالأعلم في الكرة الأرضية كما هو الحال فى تقليد الأعلم ؟

ظاهر عبارته الثاني أي الأعلم مطلقاً، وهذا بعيد جداً لاستلزامه انحصار القاضي المنصوب بشخص واحد، وهذا بعيد عن روح تشريع القضاء مع سعة البلاد وكثرة و لذا استبعد هذا القول جملة من الأعلام منهم السيد الخوئي، والظاهر ممّن اشترطها عدم إرادة الأعلمية مطلقاً، وإنّما المراد أعلم من في البلد كما هو واضح في عبارات الأصحاب.

قال “قدس سره” في مباني تكملة المنهاج : (ثم إنّه هل تعتبر الأعلمية في القاضي المنصوب؟ لا ريب ولا إشكال في عدم اعتبار الأعلمية المطلقة، فإن الأعلم في كل عصر منحصر بشخص واحد، ولا يمكن تصدّيه للقضاء بين جميع الناس. وإنما الإشكال في اعتبار الأعلميّة في البلد، فقيل باعتبارها، وهو غير بعيد، وذلك لما عرفت من أنّه لا دليل في المسألة إلا الأصل، ومقتضاه عدم نفوذ حكم من كان الأعلم منه موجوداً في البلد…)”.(4 )

وقال في التنقيح: (أمّا الشبهات الموضوعية، كما إذا كان الترافع في أداء الدين وعدمه أو في زوجية امرأة وعدمها أو نحوه، فاعتبار الأعلمية المطلقة في باب القضاء مقطوع العدم لاستحالة الرجوع في المرافعات الواقعة في أرجاء العالم ونقاطه – على كثرتها وتباعدها– إلى شخص واحد وهو الأعلم، كما أنّ التصدّي للقضاء في تلك المرافعات الكثيرة أمر خارج عن طوق البشر – عادة – فمورد الكلام والنزاع إنما هو اعتبار الأعلمية الإضافية كاعتبار أن یکون القاضي أعلم من في البلد وما حوله – إلى أن قال – وأما الشبهات الحكمية، كما إذا كان منشأ النزاع هو الاختلاف في الحكم الشرعي كالخلاف في أنّ الحبوة للولد الأكبر أو أنّها مشتركة بين الورّاث بأجمعهم أو اختلفا في ملكية ما يشترى بالمعاطاة نظراً إلى أنّها مفيدة للملكية أو للإباحة أو أنّها مفيدة للملك اللازم أو الجائز فيما إذا رجع عن بيعه… ولا نرى أي مانع وقتئذ من الرجوع إلى غير الأعلم، لإطلاق صحيحة أبي خديجة المتقدّمة لصدق أنّه ممّن يعلم شيئاً من قضاياهم.

أو كان أحدهما مجتهداً ورأى أنّ الحبوة للولد الأكبر، والآخر قد قلّد مجتهداً يرى أنّها مشتركة، أو كانا مقلّدين وقد قلّد أحدهما من يفتي بالاختصاص والآخر قلّد من يفتي باشتراكها، ففي جميع هذه الموارد لا تنحل الخصومة إلّا بالرجوع إلى حاكم آخر ومقتضى إطلاق الصحيحة عدم اشتراط الأعلمية فيه كما مرّ)”.(5) انتهى کلامه رفع مقامه.

ويمكن أن يستدّل للقول الأوّل – اشتراط الأعلميّة- بخمسة أدلة:

الدليل الأول: ما ورد في عهد أمير المؤمنين (ع) إلى مالك الأشتر :
حيث جاء فيه: (اختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك …)”(6)… فإنّ (أفضل) قد تدل على إرادة أعلم القضاة للحكم بين الناس.

ويمكن المناقشة فيه سنداً ودلالة:

أما سنداً: فقد وقع الكلام في سند عهد مالك الأشتر، والصحيح القول باعتباره،

إذ لسند عهد الأشتر طريقان:

الطريق الأول: طريق الشيخ الطوسي . (قدس سره)

الطريق الآخر: طريق الشيخ النجاشي ( رضوان الله عليه)

أما الطريق الأول: طريق الشيخ الطوسي(قدس سره):
أخبرنا بالعهد ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن، عن الحميري، عن هارون بن مسلم والحسن بن ظريف جميعاً، عن الحسين بن علوان الكلبي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة.

وقد أُشكل عليه بعدّة إشكالات سنديّة، أهمّها: ورود جمع من الرواة غير المعتمدين أو المجاهيل، وهم: ابن أبي جيد والحسين بن علوان الكلبي وسعد بن طريف والأصبغ ابن نباته.

ويُردّ: بأنّ هذا الطريق معتبر على الأصحّ لاعتبار كلّ من ابن أبي جيد؛ لأنه من مشايخ النجاشي، والحسين بن علوان الكلبي وإن كان عامياً إلّا أنّه مقبول الرواية، وسعد بن طريف لا إشكال فيه بعد كلام الشيخ الطوسي فيه”(7)، وقول النجاشي فيه أنّه يعرف وينكر”(8) لا يدل على التضعيف، وأما الأصبغ بن نباتة فهو من خاصّة أمير المؤمنين، وهذا يكفي في الوثاقة والجلالة.

أما الطريق الآخر: طريق الشيخ النجاشي :

أخبرنا ابن الجندي، عن علي بن همام، عن الحميري، عن هارون بن مسلم، عن الحسين بن علوان، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ. فهذا الطريق معتبر أيضاً وإن كان النقاش في ابني همام والجندي إلّا أنّه مدفوع بأنّ ابن الجندي من مشايخ النجاشي”،(9)

وأمّا الثاني فلعلّه محرّف عن أبي علي بن همام الثقة كما استظهره الشيخ التستري في قاموسه فقال: (الظاهر كونه محرّفاً عن أبي علي بن همام، و هو محمد بن همام)(10) و هو الأرجح فکون ثقة.

والنتيجة: لا إشكال في ثبوت سند عهد مالك الأشتر ولو بطريق مقبول.

وأما دلالة: فإنّ كلمة (أفضل) الواردة في العهد لا تفيد كلمة أعلم كي يتمّ الاستدلال، وإذا نظرنا إلى سياق الرواية نراها تفسّر الأفضل بشيء آخر ليست الأعلميّة مأخوذة فيه، بل أمور أخرى كما هو ظاهر النص: قال : (ثمّ اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك ممّن لا تضيق به الأمور، ولا تمحكه الخصوم، ولا يتمادى في الزلّة، ولا يحصر من الفيء إلى الحقّ إذا عرفه، ولا تشرف نفسه على طمع، ولا يكتفي بأدنى فهم دون أقصاه، وأوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج، وأقلّهم تبرّماً بمراجعة الخصم، وأصبرهم على تكشّف الأمور، وأصرمهم عند اتّضاح الحكم ممّن لا یزدهیه اطراء، ولایستميلة إغراء، و أولئك قلیل …)”(11).

بالإضافة إلى أننا لو سلّمنا اشتراط الأعلم من هذا النصّ فإنّه الأعلم في البلد، وليس الأعلم مطلقاً كما هو ظاهر هذا القول، على أنّ اشتراط الأعلمية ممّا لا يمكن المساعدة علیہ کیا سیتّضح .

الدليل الثاني: التمسّك بفكرة القدر المتيقّن التي تمسّك بها بعض الأعلام كأستاذ أساتذتنا السيد الخوئي لاشتراط الاجتهاد في القاضي”،(12)، فقد يقال بسريانها إلى اشتراط الأعلمية في القاضي.

ولكن يمكن أن يُجاب: بأنّه لا تصل النوبة إلى التمسّك بالقدر المتيقّن مع وجود دليل على نفي الأعلمية أو الاجتهاد في القاضي، وهذا يتبيّن من مجموع الأقوال والأدلّة والنقوض – كما سيتّضح من وجود ما يدل على نفي الأعلمية من رأس – فلا نرجع إلى القدر المتيقّن إلا بعد فقدان الدليل النافي لها كالأدلّة الخاصّة أو الإطلاقات أو العمومات.

الدليل الثالث: مقبولة عمر بن حنظلة، حيث ورد فيها: (الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقهها..)”. (13).حيث إن الرواية صرّحت بأن المعتبر هو ما حكم به (أفقهها) الذي هو عبارة أخرى عن(أعلمها).

ويمكن أن يرد عليها:
أوّلاً: أن الرواية لو تمّت سنداً ودلالة فلا تدلّ على اشتراط الأعلم مطلقاً. كما يذهب إليه هذا القول. وإنما تدلّ على الأعلمية في البلد فحسب.

ثانياً: أن المقبولة ضعيفة السند، فلا يتمّ الاستدلال بها، لعدم ثبوت وثاقة عمر بن حنظلة.

ولكن هذه المناقشة مبنائية فإنّ هناك من يرى حجّية سندها – وهو الصحيح – كما سيأتي تفصيل ذلك.
ثالثاً: أنها واردة في الشبهات الحكمية التي يكون المرجع فيها مع التشاح والاختلاف هو الأفقه، فلا تعمّ الشبهات الموضوعية.

رابعاً: إن الرواية وردت في مقام التشاح بين حكم حاكمين لا أنّ الذهاب الابتدائي كان إلى أحدهما الذي هو محل البحث.

ثالثاً: أنّها واردة في الشبهات الحكمية التي يكون المرجع فيها مع التشاح والاختلاف هو الأفقه، فلا تعم الشبهات الموضوعية.

رابعاً: إن الرواية وردت في مقام التشاح بين حكم حاكمين لا أن الذهاب الابتدائي كان إلى أحدهما الذي هو محل البحث.

فلا يتم هذا الدليل أيضاً.

الدليل الرابع: معتبرة داود بن الحصين عن أبي عبد الله في رجلين اتّفقا على عدلين جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف، فرضيا بالعدلين، فاختلف العدلان بينهما،عن قول أيّهما يمضي الحكم؟ قل: ( ينظر إلى أفقههما و أعلمهما بأحاديث وأورعهما فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر)”.(14)

ويمكن أن يرد عليها:
أما دلالة: فإنّ الرواية وإنّ أمكن سلامتها من الإشكال السندي. كما سيتّضح – إلّا أنّ الإيرادات الدلالية الأُخرى في الرواية السابقة واردة عليها، فلا تتمّ.

وأما سنداً. ففيها داود بن الحصين الواقفي”(15).

وهذا لا يضرّ بعد أن ثبتت وثاقته، قال الشيخ النجاشي: (داود بن حصين الأسدي مولاهم، كوفي، ثقة، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن، وهو زوج خالة علي بن الحسن بن فضال، كان يصحب أبا العباس البقباق)”.(16)

بالإضافة لرواية الأجلّاء عنه الذين لا يروون إلّا عن ثقة كصفوان بن يحيى”(17) وأحمد بن محمد بن أبي نصر” (18) وغيرهما. وفیها الحسن بن موسی الخشاب: ویمکن قبول روایته لثناء الشیخ النجاشی علیه، حيث قال: (من وجوه أصحابنا، مشهور، كثير العلم والحديث…)”،(19) بالإضافة إلى رواية الأجلّاء عنه کعلی بن ابراهیم وسعد بن عبد الله والصفار وغيرهم.

الدليل الخامس: حسنة موسى بن أكيل عن أبي عبد الله قال: سُئل عن رجل يكون بينه وبين أخ له منازعة في حقّ، فيتّفقان على رجلين يكونان بينهما، فحكما، فاختلفا فی حکما، قال: وکیف بختلفان؟ قال: (حکم کلّ واحد منهما للذی اختاره الخصمان، فقال: ينظر إلى أعدلهما وأفقههما في دين الله فيمضي حكمه)”.(20)

ویرد علیها:
أمّا دلالة: فيرد عليها ما أُورد على الدليل الثالث. مقبولة عمر بن حنظلة..
وأما سنداً فلا إشكال فيها إلّا بذبيان بن حكيم، حيث لم يرد فيه تضعيف ولا توثيق، وقد ذهب المشهور إلى ضعفه إلّا أنّ الأقوى حسنه؛ لأنّه من المعاريف والرواة المشهورين كما استظهره السيد الخوئي من كلام النجاشي”(21)، إضافة إلى رواية بعض الأجلاء عنه كمحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب والحسن بن علي بن فضال، فيورث ذللث الاطمئنان بقبول روایته.

والحاصل: أنه قد اتّضح ممّا تقدّم عدم اعتبار ما يدل على شرطية الأعلمية في القضاء مطلقاً.

القول الثاني: اشتراط الاجتهاد إما بنحو الإطلاق كما هو صريح بعضهم كالمسالك”(22) وغيره، أو بنحو التجزئ کما عن بعضي آخر کالمحقق الاردبیلي وغیرہ کما سیأتي.

والقول باشتراط الاجتهاد هو ما ذهب إليه مشهور الفقهاء قديماً وحديثاً بل ادَّعي في بعض كلماتهم الإجماع والتسالم عليه.

ونورد جملة من كلمات الفقهاء:

1. قال الشيخ الطوسي في الخلاف: (لا يجوز أن يتولّى القضاء إلّا من كان عارفاً بجميع ما ولي، ولا يجوز أن يشذ عنه شيء من ذلك، ولا يجوز أن يقلّد غيره ثمّ يقضي به.

وقال الشافعي: ينبغي أن يكون من أهل الاجتهاد ولا يكون عامياً، ولا يجب أن يکون عالماً بجميع ما وليه، وقال في القديم مثل ما قلناه.

وقال أبو حنيفة: يجوز أن يكون جاهلاً بجميع ما وليه إذا كان ثقة ويستفتي الفقهاء ويحكم به، ووافقنا في العامي أنه لا يجوز أن يفتي)”.(23)

2. وقال أيضاً في النهاية: (وليس يثق أحد بذلك من نفسه حتّى يكون عاقلاً، کاملا، عالماً بالکتاب و ناسخه و منسوخه، و عامّه وخاصّه و ایجابه، و محکمه و متشابهه، عارفاً بالسنّة وناسخها ومنسوخها، عالماً باللغة مضطلعاً بمعاني كلام العرب، بصيراً بوجوه الإعراب)”.(24)
3. قال أبو الصلاح الحلبي: (العلم بالحقّ في الحكم المردود إليه، والتمكّن من إمضائه على وجهه – إلى أن قال – واعتبرنا العلم بالحكم لما بيّناه من وقوف صحّة الحكم على العلم، لكون الحاكم مخبراً بالحكم عن الله سبحانه، نائباً في إلزامه عن رسول الله)”.(25)

4. قال ابن البراج: (والقضاء لا ينعقد للقاضي إلّا بأن يكون من أهل العلم والعدالة والكمال، وكونه عالماً بأن يكون عارفاً بالكتاب والسنّة والإجماع والاختلاف ولسان العرب.(26)
5. قال ابن إدريس : (وليس يثق أحد بذلك من نفسه حتى يكون عاقلاً، عالماً بالکتاب و ناسخه و منسوخه ..)”.(27)

6.قال المحقق الحلّي: (وكذا لا ينعقد لغير العالم المستقل بأهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء، ولا بد أن يكون عالماً بجميع ما وليه)”.(28)
7.قال العلامة: (ولا لغير العالم المستقلّ بأهليّة الفتوى البالغ رتبة الاجتهاد)(29)
8. قال الشهيد الثاني معلّقاً على عبارة الشرائع: (المراد بالعالم هنا (الفقيه) المجتهد في الأحكام الشرعية، وعلى اشتراط ذلك في القاضي إجماع علمائنا.

ولا فرق بين حالة الاختيار والاضطرار، ولافرق فيمن نقص عن مرتبته بين المطلّع على فتوى الفقهاء وغيره. والمراد بكونه عالماً بجميع ما وليه كونه مجتهداً مطلقاً، فلا يكفي اجتهاده في بعض الأحكام دون بعض على القول بتجزّي الاجتهاد)”.(30)

9. قال صاحب الجواهر – ناقلاً لا متبنياً- : (وكذا لا ينعقد لغير العالم المستقل بأهلیة الفتوی، ولایکفیه فتوی العلماء بلا خلاف اجده فیه، بل في المسالك وغیرها الإجماع عليه من غير فرق بين حالتي الاختيار والاضطرار، بل لا بدّ أنه يكون عالماً بجميع ما وليه أي مجتهداً مطلقاً كما في المسالك، فلا يكفي اجتهاده في بعض الأحكام دون بعض. على القول بتجزي الاجتهاد) (31)

10: قال السيد اليزدي: (الاجتهاد، فلا ينفذ قضاء غير المجتهد، وإن بلغ من العلم والفضل ما بلغ، للإجماع كما عن جماعة…)”.(32).

وهذه الأقوال تشترط الاجتهاد في القاضي، فلا يكتفى لممارسة القضاء بالعلم لا عن اجتهاد واستنباط مستقل.

وهذا الاشتراط إمّا بنحو الاجتهاد المطلق، أو بنحو المتجزئ فيكون القضاء بخصوص ما اجتهد فيه.

أ- اشتراط الاجتهاد المطلق في القاضي:

ما استدل به لهذا القول ومناقشته:

الدليل الأوّل: الإجماع على شرطية الاجتهاد في القاضي،

وقد حكاه غير واحد من الأعلام المتقدّمين آنفاً، كما هو واضح من كلام صاحب المسالك وغيره.

ویرد علیه :
أولاً: أن هذا الإجماع غير تام، لذهاب بعض المتقدّمين إلى عدم شرطية الاجتهاد، بل كفاية الحكم ولو عن تقليد ما دام نابعاً من فقه آل البيت، قال في الجواهر: (وأمّا دعوى الإجماع التي قد سمعتها فلم أتحقّقها، بل لعل المحقّق عندنا خلافها، خصوصا بعد أن حكى في التنقيح عن المبسوط في المسألة أقوالاً ثلاثة أوّلها جواز كونه عامياً ويستفتي العلماء ويقضي بفتواهم ولم يرجح، ولعلّ مختاره الأوّل مع أنه أسوأ حالا ممّا ذكرناه…) (33) .

وقال الشيخ الأنصاري : (فما نسبه بعض إلى صاحب المسالك، من دعواه الإجماع في المقام على اعتبار كون القاضي مجتهداً مطلقاً محلّ نظر يظهر لمن لاحظ عبارة المسالك، كما أنّ ما فهمه صاحب المسالك من قول المحقّق في الشرائع: (و لا بدّ أن يكون عارفاً بجميع ما وليه) من اعتبار الاجتهاد المطلق في القاضي أيضاً محلّ تأمّل،

ولذا عبّر بهذه العبارة المصنّف في القواعد والتحرير مع قوله بالتجرّي مع أنّ المعرفة الفعلية بجميع المسائل غير ميسّر غالباً وإرادة العلم بالقوّة لعلّه خلاف الظاهر)”.(34)

وما ذكره الشيخ الأعظم لا يمكن المساعدة عليه لتصريح الشهيد في المسالك بشرطية الاجتهاد المطلق في القاضي، وكذلك ظاهر الشرائع اشتراط ذلك كما مرّ عند ذکر عبارتیھما. “قدس سرهما”
ثانياً: أن هذا الإجماع مدركي أو محتمل المدركيّة فلا حجّية فيه، وإنّما الحجّية في مدرکه کالروایات وغیرها، وسیأتي التعرّض لها تفصیلا.

الدليل الثاني: الروايات:

استدلّ على شرطية الاجتهاد في القاضي بعدّة روايات،منها:

الرواية الأولى: صحيحة أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق: (إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا الى رجل منکم یعلم شیئاً من قضایانا فاجعلوه بینکم، فانّي قد جعلته قاضیاً، فتحاكموا إليه) (35).

قال السيد الخوئي : (لدلالتها على أن جواز القضاوة ومشروعيتها تحتاج إلى جعلهم وإذنهم وقد مرّ أنّ المتيقّن هو الإذن لمن له أهليّة القضاء …)”.(36)

ويمكن أن يرد على الاستدلال بها:

أن هذه الرواية دليل على عدم اشتراط الاجتهاد، لا أنّها دليل على شرطية الاجتهاد؛ لأنّها ذكرت كفاية العلم ببعض القضايا للتصدّي للقضاء، ولم تشترط العلم الخاص – وهو الاجتهاد- بل كفاية العلم ببعض قضاياهم، وإن كانت من الرواة الذين لم يكونوا مجتهدين بالمعنى المتعارف اليوم من الاجتهاد، فالعلم ببعض قضاياهم أو قضائهم لا ينحصر بالعلم الاجتهادي بل يشمل العلم عن تقليد، خصوصاً وأن الخبروية الموضوعية لها أهميّة في التقاضي، فرُبّ شخص ليس مجتهداً ولكن لديه ذكاء في تشخيص الموضوعات وتمييز الصادق من الكاذب وأخذ الإقرارات وغيرها، ويقلّد في الحكم، ويقضي بين الناس، يكون أبرع من مجتهد ليس لديه خبرة موضوعية.

فالعلم بشيء من قضاياهم لا ينحصر بمن وصل إلى مرتبة الاجتهاد، بل إنّ إطلاق الرواية شامل لمطلق العلم بقضاياهم، سواء عن اجتهاد أو تقليد ما دام نابعاً من فقه آل البيت عليهم السلام.

ويشهد لما ذكرناه ما قاله صاحب الجواهر: (أنّه لا ريب في اندراج من سمع منهم أحكاماً خاصّة – مثلاً- وحكم فيها بين الناس وإن لم يكن له مرتبة الاجتهاد و التصرف.

قال الصادق عليه السلام في خبر أبي خديجة: (إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل ااجور، ولکن انظروا ال رجل منکم یعلم شیئاً من قضایانا فاجعلوه بین کم فانّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه) بناءً على إرادة الأعم من المجتهد منه، بل لعلّ ذلك أولى من الأحكام الاجتهادية الظنيّة، بل قد يقال باندراج من كان عنده أحكامهم بالاجتهاد الصحيح أو التقليد الصحيح وحكم بها بين الناس كان حكماً بالحق والقسط والعدل).(37)

وما ذكره أستاذ أساتذتنا السيد الخوئي، حيث قال: (إنّ الرواية غير ناظرة إلى نصب القاضي ابتداءً، وذلك لأن قوله: (فإنّي قد جعلته قاضياً) متفرّع على قوله: (فاجعلوه بينكم) وهو القاضي المجعول من قبل المتخاصمين، فالنتيجة: أن المستفاد منها أن من جعله المتخاصمان بينهما حكماً هو الذي جعله الإمام قاضياً، فلا دلالة فيها على نصب القاضي ابتداءً)” (38)

لا يمكن المساعدة عليه، إذ إنّ ظاهر الرواية لا يتلاءم مع جعل قاضي التحكيم، لأن ظاهر عبارة الإمام(قد جعلته قاضياً) هو النصب للقضاء، فما الفرق بين عبارة الإمام في هذه الرواية وعبارته في رواية عمر بن حنظلة (قد جعلته عليكم حاكماً…) حيث حمل العبارة الأولى على قاضي التحكيم والثانية على القاضي المنصوب ؟

الرواية الثانية: معتبرة عُمر بن حنظلة قال سألتُ أبا عبد الله “عليه السلام” عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة أيحلّ ذلك؟ قال: (من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يَحكم له فإنّما يأخذ سُحتاً وإن كان حقاً ثابتاً؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت وقد أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: (يريدون آن يتحاكمُوا إلى الطاغوت وقد أمرُوا أن يكفروا به» (39). قلت: فکیف یصنعان؟ قال: (ینظران الى من کان منکم ممّن قد روی حدیثنا، و نظر في حلالنا و حرامنا، و عرف احکامنا، فلیرضوا به حکماً، فانّی قد جعلته علیکم حاکماً…)”. (40)

استُدلّ بها على شرطية الاجتهاد في القاضي. وقد نوقش فيها من جهتين: الجهة الأولى: سند الرواية. الجهة الأخرى: دلالة الرواية.

أما الجهة الأولى: فإنّ رجال السند ثقات – إلّا عمر بن حنظلة – وكون داود بن الحصين واقفياً لا يضر بعد التوثيق الصادر بحقّه. وأمّا عمر بن حنظلة فلم يرد فيه توثيق ولا تضعيف من الرجاليين، ومن ثمّ ذهب بعض الأعلام إلى تضعيفه كالسيد الخوئي في رجاله”،(41) وذهب بعض آخر إلى وثاقته كالشهيد الثاني”(42) وابنه”(43) وغيرهما، والصحيح البناء على وثاقته لوجوه تشكّل مجتمعة قرينة على ذلك، وهي:

الوجه الأوّل: إنّه من وجوه الطائفة وفقهائها، فهو على وزان محمّد بن مسلم وزرارة، كما تشهد بذلك عدّة روايات مهمّة يرويها عن الأئمّة “عليهم السلام” في أبواب شتى مع کثرة عددها ودقة مضامینها.

الوجه الثاني: وجود روايات عديدة تمدحه وتبيّن جلالته:

منها: ما في العوالم نقلاً عن أعلام الدين من كتاب الحسين بن سعيد، قال: قال أبو عبد الله لعمر بن حنظلة: (يا أبا صخر، أنتم والله على ديني ودين آبائي، وقال والله لنشفعن، والله لنشفعن – ثلاث مرات – حتى يقول عدونا: فما لنا من شافعين ولا صدیق حمیم)”. (44)

ومنها: ما في بصائر الدرجات للصفار بسنده عن داود بن أبي يزيد عن بعض أصحابنا عن عمر بن حنظلة فقال: قلت لأبي جعفر إنّي أظن أنّ لي عندك منزلة، قال: (أجل)، فقلت: فعلّمني الاسم الأعظم، قال: (أتطيقه؟). قلت: نعم… الحديث”. (45)

الوجه الثالث: رواية الوقت الدالة على مدحه : عن يزيد بن خليفة: (قال: قلت لأبي عبد الله: إن عمر بن حنظلة أتانا عنك بوقت، فقال أبو عبد الله: إذاً لا یکذب علینا …)”.(46)

وسند الرواية تام، وکون یزید بن خلیفة الواقفي ۔ کہا ادّعاہ الشیخ الطوسی- في طريقها لا يضرّ؛ لرواية ثلاثة من أصحاب الإجماع عنه، وبعض الأجلّة كيونس، بالإضافة إلى روايات قد يظهر منها اهتمام الإمام الصادق به، منها ما عن النضر بن سويد، رفعه قال: دخل على أبي عبد الله رجل يقال له يزيد بن خليفة، فقال له: (من أنت؟)، فقال: من بلحارث بن كعب، قال، فقال أبو عبد الله : (ليس من أهل بیت الا وفیهم نجیب او نجیبان، وانت نجیب بلحارث بن کعب)”.(47).

وهذه القرائن ممّا تفيد الاطمئنان بحسن حاله على أقلّ التقادير.

الوجه الرابع: رواية جماعة كثيرة عنه من الأجلّاء وأصحاب الإجماع ممّن أجمعت العصابة على تصديقهم والانقياد لهم بالفقه وتصحيح ما يصحّ عنهم، وهم: زرارة بن أعین و محمد بن مسلم وعبدالله بن مسکان و عبدالله بن بکیر، فقد ذکر الوحید البهبهاني، في التعليقة: أنّ رواية جماعة من الأصحاب عن شخص أو رواية كتابه من أمارات الاعتماد عليه”. (48)

الوجه الخامس: عمل الأصحاب برواياته وتلقيّها بالقبول خصوصاً المقبولة التي نحن بصددها.

الوجه السادس: رواية ابن أبي عمير”(49) وصفوان بن يحيى عنه “،(50) وهما لا يرويان إلّا عن ثقة كما في تقريرات بعض الأعلام”،(51) وهو الصحيح. ومنه يظهر النظر فيما ذكره بعض الباحثين”.(52) فالصحيح الاعتماد على رواية ابن حنظلة وفاقاً لجملة من الأعلام”.(53)

ومع عدم قبول روایته یمکن التعویل علی هذه الروایة من جهة جبرها بعمل المشهور -كما هو الصحيح- وتلقّيهم لها بالقبول والتسالم إذ جعلوها من أهم روايات القضاء.

الجهة الأخرى: النقاش في دلالة الرواية:

أولاً: إنّ العلم المأخوذ في الرواية ليس المراد به العلم الاجتهادي بل مطلق العلم المأخوذ عن الأئمّة وإنّ لم يكن مستنبطاً، فاعتبار الاجتهاد شرطاً لا يتمّ؛ لأنّ العام لا يدلّ على الخاص، وقرينة ذلك أنّ الذين أرسلهم الإمام إلى البلدان لم يكونوا مجتهدین بالاجتهاد المتعارف اليوم، بل كانوا قد سألوا الإمام وعرفوا الأحكام من جوابه بلا اجتهاد واستنباط، فمعتبرة ابن حنظلة لا دلالة فيها على الاجتهاد، بل لعلّ دلالتها على عدم الاشتراط أوضح، فتأمل.

ثانياً: إنّ معتبرة ابن حنظلة مقيّدة بصحيحة أبي خديجة المتقدّمة؛ لأنّها ذكرت كفاية العلم ببعض القضايا – يعلم شيئاً من قضايانا – للتصدّي للقضاء، ولم تشترط العلم الخاص – وهو الاجتهاد – بل اكتفت بالعلم ببعض قضاياهم وإن كان الحكم صادراً من الرواة الذين لم يكونوا مجتهدين بالمعنى المتعارف اليوم من الاجتهاد، فالعلم ببعض قضاياهم أو قضائهم لا ينحصر بالعلم الاجتهادي بل يشمل العلم عن تقليد.

ثالثاً: إن الظهور الأولي من قوله: (قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا) هو شرطية العلم فحسب، لا العلم الخاص – وهو الاجتهاد – إذ لم يكن مألوفاً لديهم كما هو اليوم، وأن العلم ليس له موضوعية وإنّما هو مأخوذ بنحو الطريقية.

فالصحيح وفاقاً للمحقق الأردبيلي والشيخ صاحب الجواهر عدم شرطية الاجتهاد المطلق.

ب – اشتراط الاجتهاد المتجزئ في القاضي:

صرّح بجواز التجرّي جماعة، منهم المحقق الأردبيلي، حيث قال: (ثمّ إنّ الظاهر جواز ما يجوز للمجتهد الكل للجزء إذ الظاهر جواز التجرّي كما هو مذهب المصنّف وبعض المحققين)”.(54)

ومنهم الشيخ الأنصاري، حيث قال: (وحينئذ فلا يبعد استظهار صحّة التجزّي من هذا الکلام مع اعتبار المعرفة الفعليّة وعدم کفایة القوّة)(55)

ولكن ما ذهبوا إليه لا يمكن المساعدة عليه؛ لعدم دلالة الأدلة التي ذكروها على ذلك، إذ إنّها أدلّة اشتراط الاجتهاد المطلق نفسها، وقد مرّت المناقشة في دلالتها، وسيأتي – عند بيان المختار – ما يدلّ على أنّ الظاهر منها هو نفي الاجتهاد مطلقاً، وكفاية العلم بالحكم وأن يكون القضاء بالحق والعدل، لا بالباطل والجور، بشرط أن يكون عن معرفة بالأحكام الشرعية ولو تقليداً مع قدرته على التطبيق.

القول الثالث: اشتراط مطلق العلم وإنّ لم يكن عن اجتهاد كما لو كان عن تقليد.

القول الرابع: التفصيل بين منصب القضاء فيشترط الاجتهاد وفعل القضاء فلا یشترط.

وقد فصّل الكلام في القولين الشيخ صاحب الجواهر حيث ذكر كلا القولين – أي الثالث والرابع – وانتصر لهما وإن كان آخر كلامه ترجيح ثانيهما، ولأجل الفائدة من جواهر الجواهر ننقل أكثر عبارته فى المقام حيث ردّ على من اشترط الاجتهاد في القاضي بما نصّه:

(قلت قد يقال: إن المستفاد من الكتاب والسنة صحّة الحكم بالحق والعدل والقسط من كل مؤمن …. تُمّ ذكر مجموعة من الآيات والروايات …. إلى غير ذلك من النصوص البالغة بالتعاضد أعلى مراتب القطع الدالّة على أنّ المدار الحكم بالحق الذي هو عند محمّد وأهل بيته، وأنّه لا ريب في اندراج من سمع منهم أحكاماً خاصّة مثلاً وحكم فيها بين الناس وإن لم يكن له مرتبة الاجتهاد والتصرف).

ثم قيّد هذا الإطلاق في الآيات والروايات، قائلاً: (نعم، قد يقال بتوقّف صحّة ذلك على الإذن منهم لقول الصادق في خبر سليمان بن خالد: (اتقوا الحكومة، إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين: نبي أو وصي)… وغير ذلك ممّا يقتضي توقّف صحّة الحكم وترتّب أثره عليه على الإذن والنصب، فتُقيّد تلك الآيات والنصوص بذلك أو تحمل على إرادة الأمر بالمعروف ونحوه ممّا ليس فيه قضاء وفصل).

ثم استدرك قائلاً: (اللهم إلّا أن يقال بأنّ النصوص دالّة على الإذن منهم لشیعتهم المتمسّکین بحبلهم، الحافظین لأحکامهم فی الحکم بین الناس بأحکامهم الواصلة إليهم بقطع أو اجتهاد صحيح أو تقليد كذلك، فإنّهم العلماء وشيعتهم المتعلّمون وباقي الناس غثاء).

ثم ترقّى في عدم ما يدلّ على الشرطية مطلقاً – وهو القول الثالث – قائلاً: (بل قد یدّعى أنّ الموجودين في زمن النبي ممّن أمر بالترافع إليهم قاصرون عن مرتبة الاجتهاد وإنّما يقضون بين الناس بما سمعوه من النبي (ص)، فدعوى قصور من علم جملة من الأحكام مشافهة أو بتقليد لمجتهد عن منصب القضاء بما علمه خالية عن الدليل، بل ظاهر الأدلّة خلافها، بل يمكن دعوى القطع بخلافها، ونصب خصوص المجتهد في زمان الغيبة بناء على ظهور النصوص فيه لا يقتضي عدم جواز نصب الغير.

وحينئذ تظهر ثمرة ذلك بناء على عموم هذه الرئاسة أنّ للمجتهد نصب مقلّده للقضاء بین الناس بفتاواه التي هي حلالهم و حرامهم، فیکون حکمه حکم مجتهده و حکم مجتهده حکمهم، و حکمهم حکم الله تعالی شانه، والرادّ علیه رادّ علی الله تعال).

ثم ردّ دعوى الإجماع قائلاً:

(وأما دعوى الإجماع التي قد سمعتها فلم أتحقّقها، بل لعلّ المحقّق عندنا خلافها، خصوصاً بعد أن حكى في التنقيح عن المبسوط في المسألة أقوالاً ثلاثة أوّلها جواز كونه عامياً ويستفتي العلماء ويقضي بفتواهم ولم يرجّح، ولعل مختاره الأوّل مع أنه أسوأ حالاً ممّا ذكرناه، ضرورة فرضه عامياً حين نصبه ثمّ يستفتي بعد ذلك،

مع ظهور الأدلة في اعتبار كونه عالماً بما وليه حين التولية ولو بالتقليد بناء علی ما ذکرناه من کون فتاوی المجتهد أحکامهم). تُمّ ذكر التّفصيل بين القضاء كمنصب والقضاء كفعل وبيان للفتوى: (فالقضاء حينئذ بها خصوصاً إذا قلنا إنّ القضاء في زمن الغيبة من باب الأحكام الشرعية لا النصب القضائي وإن ذلك هو المراد من قوله: (جعلته قاضياً وحاكماً) فإن الفصل بها حينئذ من المقلّد كالفصل بها من المجتهد، إذ الجميع مرجعه إلى القضاء بين الناس بحکم اهل البیت، والله العالم). انتهی کلام الجواهر).(56)

أقول: إّ كلام الجواهر في غاية الجودة، فلا يشترط الاجتهاد بالمعنى المتعارف اليوم في القاضي خصوصاً في القاضي الذي هو مبيّن للفتاوى فحسب، فهو والمجتهد سواء من هذه الناحية، خصوصاً إذا توفّرت الخبرة الموضوعية، أمّا القضاء كمنصب فلا یسوغ للمقلّد، و سیأتي ترجیح هذا القول مع مزید بیان فی المختار.

القول الخامس: التفصيل بين قاضي التحكيم فلا يشترط فيه الاجتهاد وبين القاضي المنصوب فيشترط فيه.

وهو ما ذهب إليه جمع من الفقهاء منهم أستاذ أساتذتنا السيد الخوئي في مباني تكملة المنهاج: واستدل عليه مفصّلاً بما نصّه:

(أمّا القاضي المنصوب: فيعتبر فيه الاجتهاد بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب، وذلك لأنّ القضاء كما عرفت واجب كفائي، لتوقف حفظ النظام عليه، ولاشك في أنّ نفوذ حكم أحد على غيره إنّما هو على خلاف الأصل، والقدر المتيقّن من ذلك هو نفوذ حكم المجتهد، فيكفي في عدم نفوذ حكم غيره الأصل، بعد عدم وجود دليل لفظي يدل على نصب القاضي ابتداءً ليتمسّك بإطلاقه).

ثم ذكر السيد أدلة الاشتراط وقد مرّ الكلام فيه، ثمّ قال:(عليه السلام) (وأمّا قاضي التحكيم: فالصحيح أنّه لا يعتبر فيه الاجتهاد خلافاً للمشهور، وذلك لإطلاق عدّة من الآيات، منها قوله تعالى: (إنَّ الله يأمركم أن تُوَدُوا الأمانات إلى أهلها وَإِذَا حَكمْتُم بين الناس أن تحكموا بالعدل (57)، ولإطلاق الصحيحة المتقدّمة، وإطلاق صحيحة الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): (ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء فيتراضيان برجل منا، فقال: ليس هو ذاك، إنما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط)، وغير ذلل من الروایات)”.(58) انتهی کلام السید الخوئي.(عليه السلام)

أقول: الأمر كما أفاد (قدس سره)، فلا دليل واضح على اشتراط الاجتهاد في قاضي التحکیم، أما قاضي التنصيب فتبيّن ممّا مرّ نفي ما يدل على شرطيته، وفكرة القدر المتيقّن التي تمسّك بها (قدس سره) قد أجبنا عنها.

القول المختار: ماذهب إليه بعض الأعلام منهم صاحب الجواهر والتراقي والقمّي وبعض المعاصرين”(59) من عدم شرطية الاجتهاد في القاضي.

ويمكن بيان أدلّة المختار إجمالاً في ضمن نقاط ثلاثة:

الأولى: إطلاقات وعمومات أدلّة الحكم والقضاء، سواء من الآيات والروايات الجاعلة لمناط الحكم، والتقاضي هو معرفة الأحكام وتطبيقها كفعل على أرض الواقع لا بعنوان النصب بشرط تحقيق العدل والحكم به، منطوقا كما في قوله تعالى: (إنّ الله يأمركم أن تؤدّوا الأمانات إلى أهلها وَإِذَا حَكمْتُم بين الناس أن تحكموا بالعدل “، (60)

ومفهوماً كما فى قوله تعالى: ( وَمَن لم يحكُم بِمَا أَنزَلَ الله فأولئك هُمُ الْفَاسِقُونَ »”.(61)

الثانية: إطلاق الروايات كصحيح أبي خديجة، ومعتبر ابن حنظلة، بل لعلّهما قد دلّا على عدم شرطية الاجتهاد كما قرّبنا ذلك بأنّه العلم بشيء من قضاياهم التي لا يفهم منها الاجتهاد.

الثالثة: إنّ العلم المأخوذ في الروايات ليس المراد به العلم الاجتهادي بل مطلق العلم المأخوذ عن الأئمّة وإن لم يكن مستنبطاً، فاعتبار الاجتهاد شرطاً لا يتمّ؛ لأنّ العام لا يدلّ على الخاص، وقرينة ذلك أن الذين أرسلهم الإمام إلى البلدان لم يكونوا مجتهدين بالاجتهاد المتعارف اليوم بل كانوا قد سألوا الإمام وعرفوا الأحكام من جوابه بلا اجتهاد واستنباط .

وبعبارة أخرى: إنّ الاجتهاد بالمعنى المعروف بيننا لم يكن معروفاً في عهد الأئمّة (عليهم السلام) لأنّ الاجتهاد بهذه الخصوصيّة قد حدث في زمن الغيبة لدواع مختلفة، فكيف يمكن أن يقال: إنّ الأحاديث ناظرة إلى ذلك الاجتهاد وهو غير معروف عند المخاطبين ! والشاهد عليه نصبهم (عليهم السلام) عدداً كبيراً من القضاة خصوصاً في زمن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولیکونوا مجتهدین ولا متجزّئین.

ويؤيّد الأدلّة الثلاثة ظاهر بعض الروايات كرواية عبد الله بن طلحة وغيره من إمضاء الحكم القضائي الصادر منهم لغير المجتهدين، ففي خبر عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (سألته عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلمّا جمع الثياب تابعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها، فتحرّك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه … فقال أبو عبد الله (عليه السلام) : اقض على هذا كما وصفت لك …)”. (62)

وخبر الحلبي، قال: قلت لأبي عبد الله(عليه السلام): (ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء فيتراضيان برجل منّا، فقال: ليس هو ذاك، إنّما هو الذي يجبر الناس علی حکمه بالسيف والسوط)”’.(63)

وقد جعلنا هذه النقطة الرابعة مؤيّداً لما اخترناه وليس دليلاً لضعف الروايتين سنداً.

والمتحصّل من جميع ما تقدّم عدم نهوض دليل واضح من الكتاب أو السنّة أو الإجماع على شرطية الاجتهاد – بالمعنى المتعارف اليوم – في القاضي، لا مطلقاً ولا متجزئاً.

نعم، لابد في القاضي من العلم بالحكم الشرعي تفصيلاً والإحاطة – ولو تقليداً. بالأبواب الفقهية التي لها مدخلية في القضاء كباب الديات والحدود والشهادات والقصاص، وإن كان اشتراط الاجتهاد أحوط من باب الخبروية العلمية للوصول إلى الواقع أكثر من غير المجتهد.

فالمختار هو عدم اشتراط الاجتهاد في فعل القضاء بتطبيق الفتوى، أمّا المنصب فمقتضى الاحتياط اشتراط الاجتهاد فيه لعنوان النصب الوارد في الروايات الظاهر باعتبار الاجتهاد فيه، كما في اعتباره في منصب الإفتاء والولاية.  والحمد لله أوّلاً وآخراً.

 

الهوامش

1 – هذا المضمون ( ما من واقعة الا ولها حكم) ليس رواية ، بل هو معنى متصيد من مجموعة روايات بلغت حد الاستفاضة، يراجع في ذلك الحدائق الناضرة: 45/1.

2 – المبسوط: 8 / 82 .

3 – منهاج الصالحين: 3 / 236.

4 – موسوعة السيد الخوئي : 41 / 11.

5 – موسوعة السيد الخوئي : 1 / 362.

6 – نهج البلاغة: 373 .

7 – يلاحظ: رجال الطوسي: 115.

8 – يلاحظ: رجال النجاشي: 178.

9- يلاحظ: رجال النجاشي: 8 وغيرها.

10 – قاموس الرجال: 2 / 164.

11 – نهج البلاغة: 373 .

12 – يلاحظ: موسوعة السيد الخوئي : 1 / 298.

13 – الكافي: 1 / 68.

14 – من لا يحضره الفقيه: 3 / 8 .

15 : رجال الطوسي:336.

16 – رجال الطوسي:421 .

17 – الكافي: 1 / 67.

18 – الكافي: 2 / 92.

19 – رجال النجاشي: 62.

20- تهذيب الأحكام : 6 / 301 .

21- معجم رجال الحديث : 8 / 154.

22- يلاحظ : مسالك الأفهام: 13 / 323.

23- الخلاف: 6 / 207 .

24- النهاية: 337.

25- الكافي في الفقه: 422.

26- المهذب: 2 / 597.

27- السرائر: 2 / 154.

28- شرائع الاسلام : 4 / 59

29- تحرير الأحكام : 5 / 110.

30- مسالك الأفهام: 13 / 323.

31- جواهر الكلام: 40 / 15 .

32- العروة الوثقى: 2 / 5 .

33- جواهر الكلام: 40 / 19.

34- القضاء والشهادات: 32.

35- الكافي 7 / 412.

36- موسوعة السيد الخوئي : 1 / 298.

37- جواهر الكلام: 40 / 16.

38- موسوعة السيد الخوئي : 41 / 11.

39- النساء: 76

40- الكافي: 1 / 67.

41- يلاحظ : معجم رجال الحديث: 14 / 32، وما بعدها.

42- يلاحظ: الرعاية في علم الدراية: 131.

43- يلاحظ: منتقى الجمان: 1 / 19 ، الفائدة الثانية.

44- تنقيح المقال في علم الرجال: 2 / 342.

45- البصائر: 4 / 12.

46- الكافي: 3 / 275.

47- رجال الكشي: 334.

48- يلاحظ: الفوائد الحائرية: 226.

49- يلاحظ : المحاسن: 2 / 478، الكافي: 6 /220، كمال الدين: 2 / 650.

50- يلاحظ: الكافي: 3 / 276 و 7/ 412، من لا يحضره الفقيه: 3 / 461. وذكر الصدوق في الفقيه: 4 / 443 طريقة إلى ابن حنظلة وقد وقع فيه صفوان بن يحيى ، والاستبصار : 1 / 249.

51- يلاحظ : تعارض الأدلة: 443. تقريرات أبحاث سماحة السيد الخوئي ره.

52- يلاحظ: مجلة دراسات عليمة : العددان 9 و 10 ص 170.

53- منهم: سماحة الشيخ الداوري ، ينظر: أصول علم الرجال بين النظرية و التطبيق: 1 / 505. وسماحة الشيخ آل راضي في محضر بحثه الشريف.

54- مجمع الفائدة: 7 / 547.

55- القضاء والشهادات: 32.

56- جواهر الكلام: 40 / 16 – 20.

57- النساء: 58.

58- موسوعة السيد الخوئي: 41 / 12.

59- منهم: الشيخ محمد المؤمن القمي في مباني تحرير الوسيلة ( كتاب القضاء: 1 / 79) والسيد عبد الكريم الأردبيلي في فقه القضاء : ( 1/ 84) وغيرهم.

60- النساء: 58

61- المائدة: 47

62- الكافي: 7 / 293.

63- تهذيب الاحكام: 6 /223.

 

المصادر

القرآن الكريم
١: الأبواب (رجال الطوسي): شيخ الطائفة أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ)، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، سنة الطبع: رمضان المبارك ١٤١٥هـ.
٢: اختیار معرفة الرجال (رجال الکشی): شیخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠هـ)، تصحيح وتعليق: مير داماد الأسترابادي، تحقيق: السيد مهدي رجائي، الناشر: مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، المطبعة: بعثت – قم، سنة الطبع: ١٤٠٤ هـ.
٣: الاستبصار: شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (٤٦٠ هـ) تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، الناشر: دار الكتب الإسلامية . طهران، ط ٤، مطبعة خورشید، سنة الطبع١٣٦٣
٤: أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق: أبحاث الشيخ مسلم الداوري، بقلم: الشيخ محمد علي المعلم، الطبعة الأولى – ١٤١٦ ه، المطبعة: نمونه
٥: بصائر الدرجات: ابو جعفر محمد بن الحسن الصفار (ت ۲۹۰ ه)، تحقیق: الحاج ميرزا حسن كوجه باغي، الناشر : منشورات الأعلمي – طهران، المطبعة : مطبعة الأحمدي – طهران، سنة الطبع: ١٤٠٤هـ.

٦: تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية: أبو منصور الحسن بن يوسف الحلي (العلامة الحلي) (ت ٧٢٦ه)، تحقيق: الشيخ إبراهيم البهادري، إشراف: الشيخ جعفر السبحاني، الناشر: مؤسسة الإمام الصادق شمالۂ، ط۱، المطبعة: اعتباد۔ قم ، سنة الطبع : ۱٤۲۰ ه.

٧: تهذيب الأحكام: شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ)، تحقيق وتعليق: السيد حسن الموسوي الخرسان، الناشر دار الكتب الإسلامية – طهران، مطبعة: خورشید.

٨: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام: الشيخ محمد حسن النجفي(صاحب الجواهر)(ت ١٢٦٦ هـ)، تحقيق وتعليق: الشيخ عباس القوجاني، الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران، ط٢، مطبعة: خورشيد، سنة الطبع: ١٢٦٥ هـ .

٩: الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة: الشيخ يوسف البحران (ت ١١٨٦ه)، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.
۱۰: الخلاف : شیخ الطائفة ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسی (ت ۴۶۰ه)، تحقیق: جماعة من المحققين، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، سنة الطبع: جمادى الآخرة ۱۴۰۷هـ.

۱۱: الرعاية في علم الدراية: الشيخ زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاني)(ت
۹۶۵ ه)، تحقیق: عبدالحسین محمد علی بقال، الناشر: مکتبة آیة الله العظمی المرعشي النجفي – قم المقدسة، ط: الثانية، المطبعة: بهمن، سنة الطبع: ۱۴۰۸ هـ.
۱۲: السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي: أبو جعفر بن منصور الحلي (ابن إدريس) (ت
٥٩٨ هـ)، تحقيق : لجنة التحقيق، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين – قم المشرفة، ط ٢، مطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي، سنة الطبع: ۱۴۱۰ه
۱۳: شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام: أبو القاسم الشيخ جعفر بن الحسن الحلي(المحقق الحلي) (ت ٦٧٦ هـ)، تعليق: السيد صادق الشيرازي، الناشر: انتشارات استقلال، طهران – ناصر خسرو، حاج نایب، مطبعة: امیر – قم، ط۲. ۱۴۰۹ ه
۱۴: العروة الوثقی: السید محمد کاظم الیزدی (ت ۱۳۳۷ ه )، تحقیق و نشر: مرکز فقه الأئمّة الأطهار، ط: الأولى، المطبعة: اعتماد – قم، سنة الطبع: ١٤٢٢ هـ.
۱۵: فقه القضاء: السيد عبد الكريم الموسوي الأردبيلي، الناشر: مؤسسة النشر لجامعة المفيد ، ط: الثانية، المطبعة: اعتماد – قم، سنة الطبع : ١٤٢١ هـ.
۱۶:فهرست أسماء مصنفي الشيعة (رجال النجاشي): الشيخ أبو العباس أحمد بن علي النجاشي الأسدي الكوفي (ت ۴۵۰ هـ)، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، ١٤١٦ هـ.

۱۷: الفوائد الرجالية من تنقيح المقال في
علم الرجال: الشيخ عبد الله المامقاني (ت ۱۳۵۱ ه ) تحقیق: الشیخ محمد رضا المامقانی، نشر: مؤسسة آل البیت

۱۸: قاموس الرجال: الشيخ محمد تقي التستري، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، ط : الأولى، سنة الطبع : قم ۱۴۱۹ هـ .

۱۹: القضاء في الفقه الإسلامي: السيد كاظم الحائري، الناشر: مجمع الفكر الإسلامي، ط: الأولى، المطبعة: بالقري – قم، سنة الطبع: جمادي الثانية ۱۴۱۵ هـ .

۲۰: القضاء والشهادات: الشيخ الأعظم مرتضى الأنصاري (ت ١٢٨١ هـ)، تحقيق: لجنة تحقيق تراث الشيخ الأعظم، الناشر: المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى المئویة
الثانية لميلاد الشيخ الأنصاري: الأولى، المطبعة: باقري – قم، سنة الطبع: ربيع الأول ١٤١٥ هـ.

٢١. الكافي في الفقه: الشيخ أبو الصلاح تقي الدين الحلبي (ت٤٤٧ هـ)، تحقيق: رضا أستادي، الناشر: مكتبة الإمام أمير المؤمنين علي العامّة. أصفهان.
٢٢: الكافي: الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني (ت ٣٢٩ه)، ط: الإسلامية، ١٤٠٧ ه، ط: الرابعة، طهران. إيران، تصحيح الشيخ علي أكبر غفاري.

٢٣: كمال الدين وتمام النعمة: الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق) (ت ٣٨١ه)، ترجمة وتحقيق: منصور بهلوان، على أكبر غفاري، الناشر: سازمان جاب ونشر دار الحديث، ط: الثانية، المطبعة: دار الحديث، سنة الطبع: ١٣٨٠ ش.

٢٤. مباني تحرير الوسيلة: الشيخ محمد المؤمن القمي، تحقيق: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني ، الناشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، ط: الأولى، المطبعة: مطبعة مؤسسة العروج، سنة الطبع: ذو القعدة ١٤٢٢ هـ. ٢٥. المبسوط : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت ٤٦٠ هـ)، تحقيق: السيد محمد تقي الكشفي، الناشر: المكتبة المرتضوية لإحياء آثار الجعفرية، المطبعة: المطبعة الحيدرية – طهران، سنة الطبع : ١٣٨٧ هـ.

٢٦. مجلة دراسات علمیة: العددان (۹ – ۱۰) شعبان المعظم ١٤٣٧ ه، دار الکفیل للطباعة والنشر والتوزيع.
٢٧. مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان: الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي (ت ۹۹۳ ه)، تحقیق: الحاج آغا مجتبی العراقي، الشیخ علي بناه الاشتهاردی، الحاج
آغا حسين اليزدي الأصفهاني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة.

۲۸. المحاسن: الشیخ احمد بن محمد البرقي (ت: ٢٧٤ ه)، تحقیق: السید جلال الدین الحسيني، الناشر: دار الكتب الإسلامية. طهران، سنة الطبع: ١٣٧٠ هـ.
٢٩. مسالك الأفهام: الشيخ زين الدين بن علي العاملي (الشهيد الثاني) (ت: ٩٦٥ه)، تحقيق: مؤسسة المعارف الإسلامية، الناشر: مؤسسة المعارف الإسلامية – قم إيران، ط: الأولى، سنة الطبع: ١٤١٢ ه، المطبعة: بهمن – قم. ١٢٩.
٣٠. من لا يحضره الفقيه: الشيخ محمد بن علي بن بابويه القمي (الصدوق) (ت ۳۸۱ ه)، تحقیق: السید حسن الخراسان، الناشر: دار الکتب الاسلامیة،
٣١. منهاج الصالحين: الشيخ محمّد إسحاق الفياض، الناشر: مكتب سماحة الشيخ محمّد إسحاق الفياض، ط: الأولى، المطبعة: أمير ـ قم.
٣٢. المهذب: القاضي عبد العزيز بن البراج الطرابلسي (ت ٤٨١ه)، تحقيق: مؤسسة سيد الشهداء العلمية، إشراف: جعفر السبحاني، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، سنة الطبع : ١٤٠٦ ه.
۳۳. النهایة فی مجرد الفقه والفتاوی: شیخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسی(تا ۹۰ ه)، الناشر: انتشارات قدس محمدی – قم.
٣٤. نهج البلاغة: خطب الإمام علي لمنعة، تحقيق وشرح : محمد عبده، الناشر: دار الذخائر.
٣٤. نهج البلاغة: خطب الإمام علي، تحقيق وشرح : محمد عبده، الناشر: دار الذخائر. قم. ايران، طل: الأولى، المطبعة: النهضة. قم، سنة الطبع : ١٤١٢ هـ.
٣٥. وسائل الشيعة: الشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي( ت ١١٠٤هـ)، تحقيق: الشيخ محمّد الرازي، تعليق: الشيخ أبي الحسن الشعراني، الناشر: دار إحياء التراث العربي – بيروت – لبنان.

كاتب المقالة: الشيخ (مشتاق) محمد رضا الساعدي باحث وتدريسيّ في حوزة النجف الأشرف

مصدر المقالة: مجلة دراسات علمية العدد الحادي عشر

 

التعريف بالمجلة

( مجلة دراسات علمية: مجلة نصف سنوية تخصصية تصدر عن المدرسة العلمية (الآخوند الصغرى), في النجف الأشرف وتُعنى بنشر كل ما يهم طالب الأبحاث العليا في الحوزة العلمية, من الفقه والأُصول والرجال والحديث ونحوها.

مراكز التوزيع داخل العراق:

النجف الأشرف ـ شارع الرسول (ص) ـ دار البذرة للطباعة والنشر – هاتف: 07802450230

بغداد ـ شارع المتنبي ـ دار الكتاب العربي ـ هاتف: 07901419375

مراكز التوزيع خارج العراق:

إيران : قم المقدسة ـ خيابان ارم ـ انتشارات الإمام الخوئي (قد) – هاتف: 37838212(025)

قم المقدسة ـ الرافد للمطبوعات ـ هاتف: 00989125514426

لبـنـان : بيروت ـ بئر العبد ـ دار المؤرخ العربي ـ هاتف: 544805 ( 01)

البحرين : المنامة ـ (جد حفص/ السهلة) ـ مكتبة فخراوي للطباعة والنشر والتوزيع – ص. ب (1643) ـ هاتف: 17593255(00973)

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky