خاص الاجتهاد: أوضح عضو جمعية مدرسي حوزة قم العلمية أنّ أجزاء كثيرة من أسس المذهب الشيعي يجب أن تدخل في علم أصول الفقه، وقال: بشكل عام يحتاج أصول الفقه إلى تنقيح وتهذيب في المباحث، وإلى إكمال وإضافة للمسائل، وفي النهاية يحتاج إلى تغيير بنيوي.
وفقا لتقرير”الاجتهاد” حاضر فضيلة الشيخ أبو القاسم عليدوست عضو جمعية مدرسي حوزة قم العلمية في ورشة التعزيز العلمي والمعرفي لأساتذة الفقه والأصول في حوزة خراسان العلمية، والتي أقيمت برعاية إدارة شؤون المعلمين في إدارة التعليم في هذه الحوزة، وذلك في المدرسة السليمانية للعلوم الدينية، سماحته تحدث في محاضرته حول تاريخ نشوء علم أصول الفقه، ومراحل تكونه وتدوينه، ودور أصول الفقه في المعارف الإسلامية، ومختلف النظريات والمناهج المطروحة حول هذا العلم.
وأوضحّ أنّ العلمين الوحيدين الذين أبدعهما المسلمون وكانا إنتاجا إسلاميا أصيلا هما علما الفقه وأصوله، وأضاف: بدأ علم أصول الفقه بالتكون تلقائيا منذ زمن النبي الأكرم(ص)، وذلك تبعا للمسائل الفقهية التي كانت تطرأ في المجتمع المسلم.
من الخطأ الجسيم القول أنّ الشافعي هو من وضع علم أصول الفقه
وتابع عليدوست قائلاً: ما يقال من أنّ الشافعي هو من اكتشف أو وضع علم الأصول كلام سخيف ومجانبٌ تماما للحقيقة؛ لأنّ هذا العلم قد تكوّن في زمن الإمام علي(ع)، وقال: عندنا في أصول الفقه مسألتان أساسيتان وبنيويتان، الأولى معرفة الأسانيد والفصل بين المصادر وأشباه المصادر، والثانية كيفية التعامل مع الأدلة العامة والخاصة، وهي أهم الأبحاث في علم أصول الفقه.
وأكدّ عضو جمعية مدرسي حوزة قم العلمية أنّه لم تطرح أيّ مسألة في أصول الفقه بلا سبب أو غاية، بل دائما كان هناك مواجهة لحلقات مفقودة في مجال العمل والمجتمع، وإذا كان لها شكل أصولي كانت تدخل في إطار هذه الأبحاث، وقال: بالتدريج ووفقا للحاجة كانت تظهر وتنشأ المباحث الأصولية، وقد شهد تطور تاريخ هذا العلم عددا من المراحل؛ منها مرحلة الكتابة وتدوين الكتب، ومرحلة الأصول أو علم الكلام، ومرحلة التكامل الفكري التي تعود إلى الفترة ما بين القرن الثاني وحتى بداية القرن الرابع.
وتناول سماحته في محاضرته مسألة دور أصول الفقه ومنطقه الاستنباطي في عالم اليوم، وقال في هذا الشأن: يجب أن ننظر في مكانة أصول الفقه في العالم المعاصر، وهناك نظريتان في هذا الشأن؛ أولاهما تقول أنّ أصول الفقه تضخمت كماً وباتت تضمّ عددا كبيراً من المسائل غير المفيدة وغير العملية، والثانية تقول أنّ أصول الفقه بوضعها الحالي كافية وتفي بالغرض، ولا حاجة لتوسعتها والزيادة فيها.
عضو جمعية المدرسين تابع قائلاً: في هذا الإطار لاحظنا تصنيف كتب تحت عنوان “كفاية الأصول” و”نهاية الأصول”، ومثل هذه الكتب تشير بشكل ما إلى أنّ علم أصول الفقه قد وصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي.
لا يوجد مسائل زائدة في أصول الفقه
وقال: نحن نعتقد بعدم وجود مسائل زائدة في أصول الفقه، وما جاء في هذا العمل من مسائل حتى اليوم كان منبثقا من الحاجة والضرورة ولم يكن عبثيا، وعليه لا يمكن القول أنّه يوجد مسائل زائدة فيه، وأولئك الذين طرحوا شبهات في هذا المجال من المحتمل أنّهم لم يميزوا بين كبر المسائل وتوسعها وبين الزيادة في عدد الأبحاث والمسائل.
وأوضح سماحة الشيخ عليدوست أنّ أساس وبنيان حجية الخبر الواحد هو بناء العقلاء، وتابع قائلا: بناء على ذلك يعتقد أساتذة البحث الخارج والسطوح بأنّ بناء العقلاء هو من أهم الأدلة، وعليه إذا ما قبلنا بهذا الأمر فيغدو البحث في دلالة الآية على حجية الخبر الواحد من عدمه _ وهو البحث الواسع الذي يأخذ الكثير من الوقت والجهد في أيام الدراسة_ بحثا زائداً وغير ضروري.
وتابع قائلا: أنا اعتقد أنّه من الممكن بسهولة حذف ثلث رسالة الشيخ الأعظم بدون أن يتعرض علم الأصول والأساتذة والطلاب لأي ضرر، وأضاف: في الواقع يجب ألا نجهد كثيراً لإثبات كون بعض الأبحاث زائداً، ومن ناحية ثانية يجب ألا نتصور أنّ جميع مسائل الفقه زائدة أو أنّها على مستوى واحد من الناحية التطبيقية.
يجب أن ندخل الكثير من المسائل إلى أصول الفقه
وأوضح سماحته أنّ يجب علينا اليوم أن ندخل الكثير من المسائل إلى أصول الفقه، وقال: في هذا الإطار علينا أن نؤسس لعلم فسلفة الفقه، وهناك مجموعة من الأمور يجب الالتفات إليها؛
فمثلا إذا ما أردنا أن يكون الفقه متطابقاً مع معايير العصور السابقة ومقتضيات الزمان والمكان الحاليين فنحن نحتاج إلى فقه مستقر يتناسب مع معايير فقه الجواهري المعروفة، وبنفس الوقت يكون فعالاً عبر النظر إلى الحوادث الواقعة وأخذها بعين الاعتبار، وعليه يجب أن تدخل مسائل أخرى في أصول الفقه.
كما أشار عليدوست إلى مسألة نطاق الشريعة الإسلامية ومجال حضورها في مجتمع اليوم، وقال: يجب التفكير في هل أنّ الشريعة الإسلامية تغطي وتشمل جميع شؤون البشر، أم أنّه يوجد مجالات وأمور خارجة عن نطاق هذه الشريعة؟
وفقا للتقرير، أفاد سماحة الشيخ عليدوست في ختام حديثه أنّه يجب إدخال أجزاء خاصة من أسس المذهب الشيعي إلى أصول الفقه، فهذه الأسس يمكن طرحها بيسر وسهولة في علم أصول الفقه كمسائل فقهية، وهناك إحساس كبير بوجود مثل هذا النقص في عالم اليوم، وبناء عليه يمكن القول أنّ أصول الفقه تحتاج بشكل عام إلى التنقيح والتهذيب في الأبحاث، وإلى الإكمال والإضافة في المسائل، وفي النهاية تحتاج إلى تغييرات بنيوية أيضاً.