خاص الاجتهاد: تأسيس تيار تحرير الشام في سوريا ينطوي على أبعاد متعددة ومتشابكة، تتأصل في تفاعل الأيديولوجية الدينية مع السلطة والسياسة. ومن أبرز ما يميز هذه الهيئة هو سعيها لمواجهة الطوائف الشيعية من خلال إحياء شخصية معاوية بن أبي سفيان كرمز للسلطة العلمانية في السياسة، بهدف استبدال الإسلام الأموي به.
قد يبدو غريباً أن يظل اسم معاوية وأفكاره حاضراً بعد مرور أكثر من ألف عام، إلا أن هذه الحقيقة لا يمكن إنكارها. ولا يمكن تجاهل هذا الأمر، فهيئة تحرير الشام استطاعت، بفضل وسائل الإعلام، جذب انتباه الرأي العام والنخب العالمية، واستغلال نتائج الأبحاث المعادية للشيعة لتشويه صورة الشيعة عن الأمويين. وبالتالي، فإن هيئة تحرير الشام تشكل تحدياً كبيراً لدراسات التشيع في العالم الشيعي، وموضوعاً جذاباً لدراسة الشيعة في الغرب.
ومن الضروريات لمواجهة هذا التحدي، نقد الأسس السياسية والدينية لهيئة تحرير الشام. يجب على الباحثين الشيعة أن يبينوا، بنهج علمي وأدلة وبراهين تاريخية، انحراف الإسلام الأموي عن القرآن والسنة النبوية بلغة العصر، وأن يكشفوا عن حقيقة شخصية معاوية بعيداً عن تحريفات المؤرخين الأمويين.
ومن المتوقع أن يؤثر استمرار هيئة تحرير الشام في سوريا، بالإضافة إلى الأبعاد السياسية والأمنية، على الدراسات الطائفية في العالم الإسلامي، وسيفتح آفاقاً جديدة لإعادة قراءة الصراع بين الحزب الأموي والحزب العلوي، الذي ظهر من جديد بعد أكثر من ألف عام. وإذا لم تتدخل التيارات النقدية الأصيلة، فإن النتائج ستكون وخيمة، منها:
تأثير الدراسات الطائفية لدى التيارات الغربية والإسلامية في تفاقم وتعميق الخلافات بين الشيعة والأمويين
تفاقم التطرف لدى بعض التيارات الشيعية في التأكيد على نقاط الخلاف مع الأمويين.
إحياء صورة معاوية بن أبي سفيان كنموذج للخلافة الإسلامية في عيون المسلمين المعاصرين.
إحياء أسماء وشعارات شخصيات الأمويين في العالم الإسلامي السني.
إضعاف جهود التقريب بين المذاهب ووحدة الشيعة والسنة.
لذلك، فإن من الضروري مراقبة الشبهات التي تطلقها هيئة تحرير الشام ضد المذهب الشيعي بشكل مستمر وشامل، وتقديم ردود قوية ونقد دقيق من قبل كبار علماء الشيعة وباحثيها. وعلى نخبة العالم الشيعي، من مراجع إلى باحثين متخصصين في نقد الأمويين، أن يتصدوا لأفكار هيئة تحرير الشام بفعالية وشمولية، وأن يولوها الأولوية على كل ما سواها..