الاجتهاد: إن السعي لعدم إهدار الوقت تكوّن سمة آية الله شبيري الزنجاني الخاصة، حتى عندما كان يزورنا أو عندما نقوم بزيارته، فكان يخصص وقتاً قبل تناول الغداء أو بعد تناول العشاء، لمقارنة الكتب الأربعة بأمهات الكتب.
تحدث حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مهدي بيكدلي صهر آية الله العظمى شبيري الزنجاني في حوار مع “شفقنا”، حول السمات الشخصية والأخلاقية والسلوكية لسماحته وعلاقته بأبناء أسرته وأسلوب حياته ويقول: يبلغ تواضعه درجة، يجعلنا نخجل. فهو دائما ما يطالب أبناء أسرته بالالتزام بالتقوى وجعل الآخرة نصب الأعين، وفي تعامله مع أبناء أسرته، تكوّن التقوى والأخلاق والتواضع أسس شخصيته.
وفيما يلي نص الحوار مع حجة الإسلام والمسلمين الشيخ مهدي بيكدلي:
س. ما هي أبرز سمات سماحة آية الله شبيري الزنجاني؟
ج. قبل ان انتمي إلى بيته، أي قبل 55 عاماً، كان صيته ذائعاً خاصة في قضية إنعام النظر العلمي، لدى الطلاب والفضلاء، كان الجميع يقول آنذاك ان ابن الراحل آية الله الحاج سيد احمد الزنجاني، فاضلاً وباحثاً. لا مراء في إنعامه النظر في قضية الفقه والأصول. ثم بعدما انتميت إلى أسرته، استفدت من علمه، وهذا من بواعث فخري.
س. ما هي سماته التي شاهدتموها من خلال معاشرته في هذه الفترة الطويلة؟
ج. ان السعي لعدم إهدار الوقت تكوّن سمته الخاصة، حتى عندما كان يزورنا أو عندما نقوم بزيارته، فكان يخصص وقتاً قبل تناول الغداء أو بعد تناول العشاء، لمقارنة الكتب الأربعة بأمهات الكتب.
كان يمتلك الإجازة الروائية من أربعة من العظماء وهم الشيخ اقا بزرك طهراني وآية الله الصدر وآية الله شرف الدين وآية الله السيد عبد الله ثقة الإسلام الأصفهاني. كما أن سماحته يحب الأئمة الأطهار عليهم السلام حباً جماً. وكانت دموعه تنهال عندما يسمع رواية من أمير المؤمنين عليهم السلام.
ومن سماته البارزة الأخرى، الاهتمام بالفقراء، إذ كان سماحته يولي اهتماماً كبيراً بهذا الأمر، كان يعيش حياة بسيطة، وكنت أذهب ليلاً لتوجيه أسئلة حول القضايا العلمية، وكنت أرى بأنه لا يتناول سوى الخبز والجبن. قلت له: عندما تبقى وحيداً في البيت تفضل إلى بيتنا، وكلما أردت الإتيان بالطعام، منعني سماحته من ذلك.
نتيجة البحث في الروايات الفقهية، كان يحيط علماً بالروايات المؤثرة في الفتوى حتى لو لم تنقل في بابها. بحيث لو رويت رواية في باب ما، بينما كان يجب ان تنقل في باب آخر، لكانت الفتوى تتغير. ان إنعامه النظر في العبارات والحواشي التي كتبها السلف من الفقهاء ومراجع الدين، ملفتة للانتباه.
ومن سماته الأخرى، هي البساطة في الحياة، وعدم توقعه شيئاً من أبناءه.
س. ما هي أبرز سماته الأخلاقية في البيت؟
ج. إنما هي تواضعه الذي يجعلنا نخجل. على سبيل المثال عندما نذهب إلى بيته، كان يلزم نفسه بمرافقتنا حتى باب البيت عند الوداع. هذا التواضع ومثل هذه السلوكيات تبرز نفسها في حياته الاجتماعية كثيراً. عندما كان يقيم مجالس العزاء الحسيني في مكتبه، كنت تراه يقف بعد انتهاء المجلس، ليودع كل الأشخاص حتى آخر شخص، ويقدم شكره لكل من حضر.
كما كان يولي اهتماماً كبيراً بقضية الوجوهات الشرعية.
س. طيلة العقود الخمسة التي ارتبطتم ببيت سماحته، هل حدث خلاف بينكم في وجهات النظر، وإذا ما حدث كيف قام سماحته بحل المشكلة؟
ج. لم يحدث أي خلاف بيننا بتاتاً. في بداية الزواج استأجرنا بيتاً صغيراً، والبعض قال ان البيت صغيراً، كان بالإمكان اختيار بيت أكبر. لم يقل سماحته بان البيت لا يناسبنا أو العكس. وكان والد سماحته الراحل الحاج سيد أحمد الزنجاني نصحنا بألا نتردد في الأمر وقال: الصغير من البيوت بمثابة علبة لكبيرها.
س. ما المعايير التي كان يركز عليها في موضوع زواج أبناء أسرته الكريمة؟
ج. كان يؤكد على السمات الأخلاقية والتدين والتقوى، تأكيداً كبيراً.
س. لماذا وافق سماحة آية الله الشبيري على تزويج ابنته لك؟
ج. لأنني كنت طالباً في الحوزة، مهتماً بدراستي، وكنت مثابراً في عملي، وقد يكون سمع بأنني كنت من الطلبة المجدين، وكان يهتم بالطلبة المجتهدين اهتماماً، كما كانت لوالدي مكانة مميزة عند العلماء. ورد سماحة آية الله الصافي الكلبايكاني على شخص سألني هل والدك عالم دين؟ بان والده يصنف ضمن علماء الدين، وإن لم يرتد زيهم. كان العلماء آنذاك يجتمعون في دكان أبي. فمن جهة كان أبي على علاقة بالعلماء، ومن جهة أخرى كانت خالته، زوجة أحد كبار العلماء ومن مراجع تقليد قم السابقين. فقد ركز آية الله الشبيري على هذه الجوانب.
س. هل قدم نصيحة أو وصية لأبناء الأسرة بحضورك؟
ج. يوصي كل أبناء الأسرة بالتقوى ويوم الحساب.
س. هل وضع سماحته شرطاً عندما تقدمتم لطلب يد بنته؟
ج. لم يضع أي شرط، كانت أسرتي قد قررت بأن نسكن في بيت أبي لفترة قصيرة، غير ان بعض من أسرة سماحته كان يعتقد بأنه يجب ان نكون مستقلين، فنقل رأيهم لنا وقبل والدي بذلك برأيه.
كما إن سماحته دائما ما يوصينا بالاهتمام بالدراسة، وكان يوجه لي أسئلة علمية أحياناً ولم يكن بمقدرتي الرد عليها، إننا تطورنا علمياً نتيجة الأجوبة التي نقدمها على أسئلته.
س. هل أخلاق آية الله الزنجاني تختلف في داخل البيت وخارجه؟
ج. قد يكون لشخص ما سمعة أو سمة خارج بيته، لكنه لا يمتلكها داخل بيته، والعكس صحيح. أما سماحته فتراه على حال سوية في البيت وخارجه، سواء من ناحية التقوى أو الأخلاق أو التواضع. لم يكن يذهب يوم الجمعة لإقامة صلاة الظهر والعصر إلى الفيضية، وكان يقيمها في البيت بمشاركة الأبناء والأحفاد والأقارب، وبإمامته.
ما رأي سماحتكم في من يقول في الحديث القدسي
” يا احمد لولا لما خلقت الأفلاك ولولا علي لما خلقتك ولولا فاطمة لما خلقتكما”
انه وجد في القرون المتاخرة في القرن الحادي عشر؟