المرجعية الدينية

المرجعية الدينية وملامحها العامة عند المرجع الكبير السيد محسن الحكيم “ره”

الاجتهادبالرغم من أن المرجعية الدينية – كما أشرنا- تمثل في بعدها النظري امتدادا لحركة النبوة والإمامة. ولكن من الناحية الواقعية في الفترة الزمنية التي عاصرها الإمام الحكيم، كانت قد انطوت على نفسها، وأصبحت تعيش عزلة عسيرة في مجمل أوضاعها العامة.

بعد رحيل آية الله الشيخ محمد حسين النائيني (1355هـ ق) رجع بعض مقلدية إلى  آية الله السيد محسن الحكيم، وتعززت مرجعيته بعد رحيل السيد أبو الحسن الاصفهاني(1365هـ ق) وبعد رحيل السيد حسين البروجردي (1380هـ ق) أصبح الإمام الحكيم المرجع الاعلى للشيعة في العالم.(قدس سرهم)

الحديث عن المرجعية الدينية ومرجعية الإمام الحكيم حديث واسع، وسوف أحاول أن أشير إلى بعض الخطوط العريضة العامة، وبعض الملامح الرئيسية، و اترك التفاصيل إلى حديث آخر.

نظرة عامة للمرجعية

المرجعية الدينية بمفهومها الواسع، قد تعني قيام المجتهد الجامع للشرائط مقام الإمام (عليه السّلام) في مهماته الأساسية الثلاث الولاية، والفتيا، والقضاء.

وباعتبار ان المجتهدين كانوا يقومون بالدورين الآخرين، كما دلت عليه النصوص المتظافرة، لم يشك أحد من العلماء في ان المجتهد هو (المرجع) للأمة في هذين المقامين. بل كان العلماء و المجتهدون يقومون بهذين العملين لدى المسلمين حتى في زمن الخلافة الإسلامية، و يرجع إليهم المسلمون في الفتيا و القضاء.

وكان يتولى الخلفاء و السلاطين الولاية، و ادارة الحكم، بطريقة أو أخرى، و تحت مبررات مختلفة لا مجال للحديث عنها هنا.

و يأتي السؤال عن دور المجتهد في ولاية أمور الأمة في زمن غيبة الإمام المهدي (عجّل اللّه فرجه).

و لا يكاد يوجد شك لدى الفقهاء الإماميين في ان المجتهد له هذا الدور، و ان كانوا يختلفون في سعة دائرة هذه الولاية، و انها على مستوى (الحسبة) و الضرورات الشرعية التي يقطع بأن الشارع لا يرضى بإهمالها و تركها، أو أنها أوسع من ذلك؟ و ما هي حدود هذه السعة؟

كما انهم قد يختلفون في الدليل الشرعي الذي يدل على هذه الولاية للمجتهد، و انه هل هو النصوص الشرعية الخاصة من الآيات و الروايات مثل قوله (عليه السّلام): «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا» أو غيره؟ أو ان العلماء يمثلون القدر المتيقن للحاكم الشرعي للحكومة الإسلامية الذي دل الدليل على وجوب إقامتها؟ أو دليل الحسبة؟ مع فرض ان المجتهد هو القدر المتيقن له أو غير ذلك من أساليب الاستدلال.

هذا على صعيد الخلفية النظرية و الفقهية، و أما على صعيد الواقع العملي للأمة، خصوصا اتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، فقد كان المجتهدون يقومون بالفعل بهذه المهمات و المسؤوليات الشرعية الثلاث، و ان كان بشكل محدود بسبب الظروف السياسية و الاجتماعية، شأنهم في ذلك شأن أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) في بعض الأدوار. و كان العلماء يتعرضون للأذى و المطاردة و التضييق بل الشهادة أحيانا بسبب هذا النوع من التصدي للمسؤوليات.

ولكن المرجعية الدينية ازدادت أهميتها و دورها في أوساط اتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، عند ما أخذت البلاد الإسلامية تتعرض للنفوذ و الغزو الأجنبي، و تعرض الكيان السياسي الإسلامي لخطر الانحراف، ثم تعرض بعد ذلك لخطر الانهيار و الزوال و سقطت الدولة الإسلامية، الأمر الذي جعل المراجع و المجتهدين امام مسؤولية جديدة، و هي الدفاع عن الوجود الإسلامي، و من ثم العودة إلى الإسلام بعد انحسار النظام الإسلامي عن المجتمع في مجال التطبيق الاجتماعي و حتى الفردي.

ويبرز سؤال كبير عن الإطار السياسي والمنهج الذي لا بد للأمة أن تتحرك ضمنه في الدعوة للعودة إلى الإسلام أو الدفاع عنه.

فهل هو الأحزاب الإسلامية؟ والتنظيمات السياسية السرية أو العلنية؟ أو هو مناهج التربية والتعليم وتأسيس الجمعيات والمدارس؟، أو أسلوب استخدام القوة والثورة الشعبية، وشن حروب التحرير والمقاومة للغزو الأجنبي؟ أو الاكتفاء بالنداءات والنصائح و الاستغاثات؟

هذا كله إلى جانب ظاهرة استفادة القوى السياسية المعادية للإسلام من كل هذه الأساليب، و لكن الأسلوب الأشمل الذي كانت تعتمده هذه القوى هو أسلوب الحزب السياسي.

وكان على المرجعية الدينية أن تختار طريقها و منهجها الذي ينسجم مع خلفيتها الفكرية و الحضارية و الشرعية من ناحية، و مع أهدافها في تحصين الأمة و هدايتها و في العودة إلى الحياة الإسلامية من ناحية أخرى.

وقد عاش الإمام الحكيم- كما ذكرنا آنفا- هذه الفترة الحساسة من الأوضاع السياسية والاجتماعية، وقد كان تكوين الرؤية النظرية لديه بعد الحرب العالمية الاولى ونتائجها من سقوط الدولة الإسلامية، وقيام الحكومات الوطنية المرتبطة بعجلة الاستعمار العسكري، أو السياسي، أو الثقافي

وكانت بدايات مرجعيته العامة بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى المعسكر الغربي و الشرقي، وظهور الحرب الباردة واشتداد أوارها من الانقلابات العسكرية والاضطرابات العامة والتيارات الفكرية والثقافية المتطرفة والهدامة، و ظهور التيارات الماركسية و الاشتراكية و القومية و الوطنية. إلخ.

وكان على الإمام الحكيم أن يختار طريقه و منهجه و أسلوبه في خضم هذا التلاطم السياسي و الثقافي و الاجتماعي.

و قد اختار الإمام الحكيم أن يكون هذا الإطار هو  المرجعية الدينية الذي يجب أن يتحرك ضمنه، سواء على المستوي السياسي أو الثقافي و الاجتماعي.

وقد كان هذا الخيار صعبا للغاية، لأنه جاء بعد سلسلة من الانتكاسات في العمل الإسلامي المرجعي في العراق و إيران، البلدين المهمين المركزيين لدى أوساط اتباع أهل البيت.

سواء في حركة العلماء الدستورية المعروفة بحركة (المشروطة) في إيران، أم في حركة التحرر من الهيمنة الأجنبية في الحركة المعروفة ب(ثورة العشرين) سنة (1920 ميلادية) في العراق، للخلاص من الحكم الأجنبي الانكليزي. و ما تبع هاتين الحركتين من قتل و تشريد و مطاردة للعلماء و المراجع.

و كذلك جاء هذا الخيار بعد تنفيذ المخطط الرهيب لعزل الإسلام وجميع مؤسساته، و منها الحوزة العلمية و العلماء عن المجتمع و الحياة، بحيث تحول الإسلام إلى مجرد تراث في المجتمع يحضى بشيء من التقدير و التقديس و التكريم من خلال المراسيم و الأعياد و الشعائر العامة.

وتحولت المرجعية على أفضل صورها إلى جزء من هذا التراث يكاد ينحصر في الرجوع إليها في العبادات و قضايا الأموات و بعض الأحوال الشخصية، بل كانت بعض الأوساط العامة تنظر إليها على انها شيء متخلف من هذا التراث [1].

و بالرغم من أن المرجعية- كما أشرنا- تمثل في بعدها النظري امتدادا لحركة النبوة و الإمامة. و لكن من الناحية الواقعية في الفترة الزمنية التي عاصرها الإمام الحكيم، كانت قد انطوت على نفسها للأسباب السابقة، و أصبحت تعيش عزلة عسيرة في مجمل أوضاعها العامة.

وسوف أتناول هنا خيار الإمام الحكيم هذا من خلال رؤيته للمرجعية والحديث عن التطورات المهمة التي حققها على مستوى العناصر الرئيسية في هذه الرؤية. واختار الساحة العراقية كنموذج لتطبيق هذه الرؤية، علما بأن مساحات واسعة من العالم الإسلامي الذي يعيش فيه اتباع أهل البيت (عليهم السّلام)، والذين ارتبطوا بمرجعية الإمام الحكيم، و حوزة النجف الأشرف، قد تأثرت بهذه الرؤية و التطورات كما سوف أشير إلى ذلك عرضا.

1- رؤية الإمام الحكيم للمرجعية

لقد كان الإمام الحكيم ينظر إلى اطار المرجعية الدينية من خلال إيجاد التكامل بين مجموعة من العناصر، يمكن تلخيصها في الأمور الثلاثة التالية: المرجع، و الحوزة، و الأمة، مع الفهم الإسلامي لكل واحد منها، و تصور صحيح لدورها في التكامل و العلاقة بينها في الارتباط و الأداء و بذلك يمكن من خلالها تحقيق الأهداف المطلوبة.

أولا: المرجع، وجهازه

يمثل المرجع في نظر الإمام الحكيم أهم عنصر و موقع في اطار النظرية التي يؤمن بها في مجال العمل و التحرك، و هو الموقع القيادي و كان يتصور في شخصية المرجع بعدين مهمين رأسيين:

أحدهما: الجانب الذاتي الحقيقي الذي تحدثنا عن نموذج له من خلال السيرة الذاتية للإمام الحكيم، و الذي يمكن أن نلخصه في أبعاد: العلم، والعدالة العالية [2]، و القدوة في المواصفات الشخصية، و التصدي للعمل المرجعي من موقع الإحساس بالمسؤولية الشرعية تجاه الموقع و الأمة.

ثانيهما: الجانب الاجتماعي الحقوقي والذي يتمثل بالايمان بأن المرجعية هي عبارة عن منصب ديني قيادي يتسم بالنقاء والطهارة و الأصالة، و يقوم بواجبات و يتحمل مسؤوليات تجاه الأمة و الإسلام، سواء في الاهتمام بقضاياها الكبرى أو الدفاع عن حقوقها أو توعيتها على واجباتها أو تربيتها أو تثقيفها و تعليمها أو تقديم الخدمات المختلفة لها.

وهكذا الأمر تجاه الإسلام و الشريعة الإسلامية، حيث تتحمل المرجعية الدعوة إلى الإسلام في السر والعلن و الدفاع عنه، سواء في مجال العقيدة أو الشعائر أو الأحكام، و العمل على تطبيقه، و تحمل الآلام، و المعاناة، و الجهاد في سبيل اللّه من أجله.

و لا بد للمرجع من التصدي لهذه المسؤوليات، و العمل على توفير الشروط الموضوعية و التشكيلات و المؤسسات المناسبة في الأجهزة الخاصة بالمرجعية أو في الحوزة أو في أوساط الأمة، حتى يمكنه أن يؤدى دوره الكامل.

و في مراجعة عامة لمرجعية الإمام الحكيم، يمكن أن نشاهد هذه الرؤية في مجمل مسار عمل و نشاطات مرجعيته في مختلف المجالات السياسية و الثقافية و الاجتماعية، و حتى في العلاقات الشخصية، فضلا عن العلاقات العامة.

و على مستوى موقع (المرجع)، يمكن أن نشير إلى بعض المفردات ذات الأهمية و الأبعاد الخاصة، و التي توحي بهذا الفهم للمرجع.

المفردة الاولى:

اعتماد الإمام الحكيم على إعطاء دور مهم للدواوين النظيفة (البراني) في عمل و نشاط المرجع، فبالرغم من وجود هذه الدواوين في المجتمع بشكل عام و في الحوزة بشكل خاص، و لكنها كانت مكان للتشريفات أو لإتلاف الوقت أو التندر أو على أفضل تقدير كانت مجرد نادى أدبي و اجتماعي، يقوم بمبادرات فردية في بعض الأحيان.

و أما من خلال التطور الذي أحدثه الإمام الحكيم من خلال رؤيته للمرجعية و المرجع، فقد أصبحت هذه الدواوين كديوان آل بحر العلوم، و آل الشيخ راضي، و آل الحكيم [3] و غيرها، تقوم بدور مهم في مختلف المجالات السياسية و الاجتماعية و العلمية، و تتحمل مسؤوليات و أدوار ضمن هذا الإطار العام.

والمفردة الثانية:

جماعة العلماء و التي كانت تضم نخبة مهمة من الطبقة الثانية و الثالثة من المجتهدين، حيث كان لها دور سياسي و فكري قيادي مهم، سواء من خلال تصديها و بياناتها أو من خلال مجلة الإضواء الإسلامية.

و كانت تمثل فتحا مهما في هذا المجال الإسلامي، و اقتدت بها الأوساط الإسلامية في العراق و إيران [4].

و المفردة الثالثة:

الوكلاء والعلماء القياديون الذين كان الإمام الحكيم يطلب منهم التصدي بشكل خاص للعمل السياسي و الاجتماعي و الثقافي من هذا الموقع كممثلين في هذا المجال، و كان يعينهم و يدعمهم و يشجعهم و يحاسبهم على القيام بهذه المسؤوليات، حيث أوجد الإمام الحكيم تطورا ملحوظا في هذا المجال كان له تأثير كبير على مختلف المستويات.

والمفردة الرابعة:

تأسيس و تبني المؤسسات ذات الأبعاد المختلفة، و لعل أبرز عمل في هذا المجال هو تأسيسه لشبكه واسعة من المكتبات العامة الإسلامية، و إسناده للعمل الإسلامي المنظم في اطار و تصور مميز.

وكذلك تبنيه لبعض المؤسسات التي تحولت من خلال هذا الالتزام إلى عمل ثقافي واجتماعي ضخم، مثل جمعية الصندوق الإسلامي الخيري، أو إسناده لجمعية (جامعة الكوفة).

ان هذه المفردات وغيرها كان يراها الإمام الحكيم مؤسسات وأجهزه لموقع المرجعية، تكتسب أهميتها وفاعليتها وقدرتها ضمن اطار عملها و إدراكها لمسؤولياتها و التزامها بأهداف المرجعية الدينية.

والمفردة الخامسة:

هي مفردة الحاشية أو المستشارين أو المساعدين، حيث أعطاها الإمام الحكيم روحا جديدا ليس على مستوى الأداء و التوجه والوعي فحسب، بل على مستوى الالتزامات و التقوى و الرقابة من ناحية.

و على مستوى النوعية في انتخاب الأفراد، الذين كان يهتم أن يكونوا من ذوي الفضل و الاجتهاد، أو من الأسر العلمية العريقة في الشرف، و النبل، و الابتعاد عن حالة الاحتراف الوظيفي.

فبالإضافة إلى أولاده الذين كانوا يقومون بدور في هذا المجال مع اهتمامهم بالدرس والتدريس، نجد أن الأكثرية الساحقة لمساعديه، كانت لهم فعاليات ثقافية و اجتماعية مباشرة، و شخصيات معروفة في الأوساط العلمية.

وعلى مستوى الانتماء الحوزوي و الاقليمي، حيث كان يولى أهمية لتعدد هذه الانتماءات، حيث كان فيهم بالإضافة إلى العراقيين، اللبنانيين، و الايرانيين و الأفغانيين و الباكستانيين و الهنود و الخلجيين و غيرهم.

و قد أشرنا سابقا في السيرة الذاتية، ان الحاشية كان يعطيها الإمام الحكيم دور المستشارين من أصحاب الرأي، و دور الاداريين التنفيذيين، دون أن يفقد من خلال وجودهم استقلاله في القرار و توجيه الأمور.

ان هنا رؤية اخرى مهمة للإمام الحكيم للحاشية، هو انه كان يرى ان من الواجب فيها أن لا تتحول إلى دور وظيفي مهين، بل لا بد أن تبقى تعيش في صميم أوضاع الحوزة و علاقاتها العلمية و الاجتماعية لتحتفظ بحياتها و تفاعلها الروحي و النفسي و اندفاعها الذاتي. لذا كنا نجد الأغلبية الساحقة لحاشيته تمارس الدرس و التدريس و العلاقات الاجتماعية العادية و حتى في وسط أولاده الصلبيين.

 

الهوامش

[1] لقد كان يصف الإمام الحكيم النتائج و الآثار لهذا المخطط الرهيب حيث كان يقول ان الأوضاع السياسة و الاجتماعية أصبحت على هذه الصورة: (ان أحدهم إذا أراد أن يحصل على وظيفة في أجهزة الدولة أو يتقرب إليها فعليه أن ينظم بيتين من الشعر يتناول فيها الدين أو المقدسات بالنقد أو الإنكار ليكون ذلك له شافعا في تحقيق هدفه). أو (ان الإنسان إذا أصبح موظفا لدى الدولة فيعني ذلك انه قد انقطعت صلته مع الإسلام اجتماعيا و حتى روحيا و سلوكيا.)

[2] لم يكن الإمام الحكيم يكتفي في المرجع بالعدالة بمستوي الشهود أو إمام الجماعة بل لا بد من مستوى عال لذلك.

[3] كان المسؤول عن الديوان الأول هو العلامة السيد علي بحر العلوم، و من بعده ولده السيد محمد بحر العلوم. و عن الثاني الحجة الشيخ محمد كاظم آل راضي، و من بعده أخوه الحجة الشيخ محمد جواد آل الشيخ راضي. و كان المسؤول عن الثالث الحجة السيد محمد سعيد الحكيم، و من بعده ولده آية اللّه السيد محمد حسين الحكيم.

[4] لقد كان لجماعة العلماء المجاهدين (جامعه روحانيت مبارز) في إيران دور عظيم في تنضيج ظروف الثورة و إسنادها و الدفاع عنها إلى جانب مرجعية الإمام الخميني (قدّس سرّه). حيث كان تأسيسها بعد تأسيس جماعة العلماء في النجف الأشرف.

 

 

almojam

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky