الاجتهاد: كلمةُ المِثْلِّيَّةُ تُستخدمُ اليوم تعبيراً مخَفَفاً لما نُعَّرفهُ نحنُ بأفعال قومِ نبي الله لوط وهم أول من ابتدعها في البشرية فخسف اللهُ بهم الأرض. نحنُ لا نقبل المثلية ولا نرضاها. لذلك، نحنُ لا نقبلُ دفوعات مناصريها في الشرق والغرب وهي الدفوعات الإجتماعية والقانونية والسياسية التي تقبل هذه الخطيئة وتروج لها وتُعاقبُ من يرفضها. بقلم / علي الزعتري
الخطيئة موجودةٌ منذ قرون خلت وستستمر ما بقيت البشرية. وتخفيف وطأة الخطيئة هو عملٌ مارسه البشر وسيبقى مع الإنسان.
لا نُكران لحقيقةِ الخطيئة و إنكارها أو قبولها. و لا نُكران أن المجتمعات تنظر للخطيئة من زوايا مختلفة فالبعض يراها جريمة والبعض يراها حقوقاً مشروعة.
الخطيئة المرفوضة أو المُجَرَّمة تبقى مستورةً طالما لم يُجاهر بها الإنسان وإن جاهرَ بها فالعاقبة تتراوح بين الشعور بالخزي وعقوبة القانون.
بمجتمعاتنا كما بمجتمعات كثيرة فإن الزنى والاعتداء على الأعراض وملاحقة الفواحش هي من الخطايا الكُبرى ومن الجرائم القبيحة وأبغضها عند مجتمعاتنا كل ما يتصل بالعلاقات الجنسية بين الرجال وبين النساء.
لكن كلمةُ المِثْلِّيَّةُ تُستخدمُ اليوم تعبيراً مخَفَفاً لما نُعَّرفهُ نحنُ بأفعال قومِ نبي الله لوط وهم أول من ابتدعها في البشرية فخسف اللهُ بهم الأرض.
نحنُ لا نقبلها ولا نرضاها. لذلك، نحنُ لا نقبلُ دفوعات مناصريها في الشرق والغرب وهي الدفوعات الإجتماعية والقانونية والسياسية التي تقبل هذه الخطيئة وتروج لها وتُعاقبُ من يرفضها.
نعلمُ أن المثلية موجودةٌ ببلادنا لكنها تبقى عملاً قبيحاً ومرفوضاً وإن مارسه البعض فيبقى مستوراً دون مُجاهرةٍ أو ترويجٍ. و نَعلَمُ أن الشرعَ عالجَ هذه الخطيئة بنصيحة وبعزلِ أصحابها و بتعزيرهم و ندركُ أنه قد يكون من مُبِررٍّ قوي بأيامنا السوداء هذه لأن يتعامل الشرع مع المختصين لإعطاء إجاباتٍ و سُبُلَ تعاطي مع حالةٍ أصبحت معتادةً ببعض المجتمعات والمِهَنِ بل مقبولةً كوسيلةٍ للتندر المحبب و مادةً ظاهرةً في الإعلام.
ليس هذا موضوع هذه المقالة! موضوعها هو تصريح وزير الخارجية الأمريكي بدعم المثلية عالمياً من خلال رفع علمها بجانب العلم الأمريكي في سفاراته في العالم.
حرٌ هذا الوزير بسياسةِ بلاده المؤيدة للمِثلية كما قال من باب المساواة وحقوق الإنسان لكنه ليس حُراً أن يفرض حريته علينا. نحنُ لا نريد رؤيةَ هذا الرمز ببلادنا لأن غالبيتنا تعده خطيئةٌ مثلها مثل إرتكاب جريمة إن كان بحق الدين والمجتمع.
إن تصريح الوزير وإبرازه للرمز المِثْلي يجتاز مرحلة القبول الحكومي لممارسة هذا الفعل ببلاده، على الرغم من رفض عديد الأمريكيين، لإشهاره والمجاهرة به وترويجه خارج حدوده. وإن كانت الأساطيل تبحرُ بالمياه الدولية ولا تُبحرُ بالمياه الوطنية إلا مدعوةً أو غازيةً فإن نقل المفاهيم الأمريكية حول المثلية بغطاء الحقوق يتم عُنوةً.
الوزير يقول لنا أنه سيرفع علم المثلية ببلادنا ونحن لم نَدْعُ لبلادنا سوى علمَ بلده الرسمي، لكنها طريقتهم ليغرزوا المفهوم المِثلي على أنه غير قابلٍ للهزيمة تماماً مثل علمهم. أنا أختلف مع هذا المفهوم الأمريكي للحرية وحقوق الإنسان.
ينتقي الغرب عموماً الحريات وحقوق الناس بازدواجيةٍ سقيمة. يعني مثلاً لم يكن لآلاف العراقيين الذين قضت عليهم الآلية الحربية الغربية أولاً بالحصار ثم بالقتل مباشرةً ثم بما تركته من معادن مشعة أصابت الناس بأمراض الموت، لم يكن لهم حقوق إنسان.
وأسوق العراق مثلاً على عشرات البلدان التي عاثت فيها الآلة الغربية قتلاً وتشريداً وسحقاً لحقوق الآنسان و في كل القارات. تقريباً أُبيدت شعوبٌ لأنها بعرف الغرب أشكالها مختلفة وصُنِّفتْ همجاً وكُفاراً أو لأنها لا تتطور بالسرعة والطريقة المطلوبة من الغرب أو لأنها عقبةٌ أمام المدنية أو لأنها عدو يجب كسر شوكته كما حدث في اليابان.
لا حقوق إنسان هناك حين تتضارب المصالح مع أرواح غير الغربيين و يجوز دهسها و رميها وراء الظهور. بالإضافة لكل ما سبق وهو من ما يستمر كممارسةٍ حتى اليوم يأتي الغرب ليقول لنا نحن الشرقيون تحديداً أننا متخلفون لأننا لا نقبلُ المِثلية.
وأنه سيرفع علمهم بعواصمنا. وغداً سيشترط المعونات والمساعدات بقبول المِثليةِ و تشريعها و من لا يقبل فلينتظر غضبة الغرب ضده كونه ينتهك حقوق الإنسان.
وأنا أكتب كلماتي هذه أظن أنني قد لا أُمنحُ تأشيرة دخول الغرب المتحضر عِقاباً على ما أقول!
قديماً قيل أن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا. صحيح. كيف يلتقيا حين يفرض واحدٌ على الثاني رؤياه و يعاقبه على رفضها؟ يزجُ الغرب بمفاهيم ورؤى لا نستطيع ولا نريد ولن يكون لنا أن نقبلها. ليته يتوقف عن ذلك. ليته يتوقف لينظر لحقيقية حقوق الإنسان المهدورة المُغتالة منه و بسلاحه وبيد حلفاءه.
لقد أتعبتنا يا غرب و لكني أقول لك أنه لن يوجد بحياتنا قوس قزح إلا ما يرسمه المطر و شعاع الشمس. احتفظ بخرقتك الرمزية لنفسك و عِفَّ عنا!
المصدر: صحيفة رأي اليوم