الفيضية: مركز العلم والفقه عبر العصور وإرث يستحق العناية

خاص الاجتهاد: لطالما كانت مدرسة الفيضية مركزًا للعلم والفقه، ويختلف الباحثون حول تاريخ تأسيسها.

وفقًا لنقش على واجهة الإيوان الجنوبي، تم بناء هذا الصرح بأمر من الشاه طهماسب الأول عام 934 هـ. ومع ذلك، يرى بعض الباحثين، بمن فيهم مدرسي الطباطبائي، أن هذا التاريخ يشير إلى واجهة مدخل صحن العتيق في حرم السيدة المعصومة، ويعتقدون أن المبنى الأصلي للمدرسة، الذي كان يُعرف باسم “مدرسة الآستانة”، تأسس في القرن السادس الهجري، وتم تغيير اسمه إلى “الفيضية” في أواخر القرن الحادي عشر. وتشير تقارير أخرى إلى تأسيس المدرسة في عهد السلاجقة في القرن الخامس الهجري، والتي دُمرت خلال الغزو المغولي، ثم أعيد بناؤها في العصر الصفوي. تم بناء المبنى الحالي للمدرسة في عهد فتح علي شاه في السنوات 1213 و 1214 هـ بعد هدم المبنى السابق؛ وتشير هذه التقارير إلى القدم العالية لهذا الموقع المجاور لمرقد كريمة أهل البيت (ع)، وهذا المبنى الحالي شاهد على العديد من العلماء والأحداث.

خلال جهوده لإعادة تأسيس الحوزة العلمية في قم، قام الشيخ عبد الكريم الحائري (ره) ببناء حجرات في الطابق العلوي من المدرسة، كما أسس مكتبة بجوارها. شهدت مدرسة الفيضية ترميمات وتجديدات في فترات مختلفة، بما في ذلك عهد آية الله البروجردي وبعد حادثة الفيضية. كما كان لآية الله الكلبايكاني دور في ترميم المدرسة بعد حادثة الفيضية المؤلمة، مما يدل على أن علماء كبارًا ساهموا في تشكيل بنائها، وكانت على مر الزمن ملجأً تعليميًا للعديد من العظماء.

ومن أهم الأحداث في القرن المعاصر، إلقاء الإمام روح الله الخميني (ره) خطبته الشهيرة في هذه المدرسة، والتي انطلقت بعدها النهضة الإسلامية ضد النظام الملكي الاستبدادي. ويوجد تمثال للإمام الخميني (ره) فوق إحدى حجراتها، مما يشير إلى أن هذا الرجل العظيم عاش ودرس في يوم من الأيام في زاوية من هذه المدرسة المباركة.

صرح علمي حي وشاهد على التاريخ

لا تزال هذه المدرسة حية ونشطة، وتشهد يوميًا دروسًا ومناقشات لعدد كبير من الطلاب، كما يقضي عدد كبير منهم حياتهم الدراسية في حجراتها. كل هذه الأمور، وآلاف الأمور الأخرى التي لم تُذكر، تُظهر قيمة بناء هذا المكان الشريف، وتستحق أن يُولى لها اهتمامًا كبيرًا.
المباني التاريخية هي شهود على الأحداث المدونة في صفحات التاريخ، وأي ضرر أو خدش يلحق بها، يُحدث بعض الغموض في صفحة التاريخ. لقد تم إثبات العديد من الادعاءات التاريخية بالإشارة إلى مبنى أو مكان.

مدرسة الفيضية مكان ذو قيمة كبيرة للحوزة العلمية، وتاريخ الحوزة، والتاريخ العلمي للشيعة، وتاريخ إيران الإسلامية، وكل هذه الأبعاد تزيد من أهمية الاهتمام بها.

الفيضية: نداء لترميم صرح تاريخي

كل عابر سبيل يتأمل بدقة جدران هذا الصرح القيّم، يرى آثار مرور الزمن وأحداث العصور على شقوقه، ويشعر بأهمية الترميم والصيانة. البلاط المكسور والمتساقط، وشقوق الآجر التقليدي، وتآكل الزخارف الجصية، والجص المتقشر، والبلاط المثبت بالقوة بالمسامير، والرسومات الباهتة… كل ذلك يجعل مظهر هذه المدرسة أقرب إلى مبنى متهدم، ويستلزم الاهتمام. الإيوان المرتفع الذي كُتبت على قمته الآية الكريمة “يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً”، تهاوت زخارفه الجصية، وظهرت ثقوب كبيرة أسفل هذه الآية الكريمة.

بغض النظر عن مسؤولية الحوزة العلمية بصفتها مستخدمة المبنى، فإن الفيضية أثر وطني، وترميمه واجب على حماة المصالح الوطنية، أي الدولة والحكومة. يجب أن يبدأ الاهتمام بهذا الأثر المهم من قبل الحوزة العلمية، وأن تُبذل جهود لمتابعة ترميم وتدعيم المبنى من قبل المؤسسات المعنية والمسؤولة. بلاط هذه المدرسة يستصرخ الاهتمام بتساقطه وتكسره، ويطالب بمزيد من العناية بكل قطعة فيه.

الفيضية: إرث عريق يستصرخ الاهتمام

الفيضية إرث عريق وصل إلينا بناؤه من الأجيال السابقة، وتناقلت فيه أنفاس قدسية كثيرة. الحفاظ على كل قطعة آجر في هذه المدرسة يضاهي قيمة الحفاظ على الآثار التاريخية الأخرى، ويتعين على منظمة التراث الثقافي في البلاد أن تُظهر اهتمامها بالحفاظ على هذا الأثر. مبنى هذه المدرسة المباركة من الآثار الوطنية المسجلة القليلة في محافظة قم، ورئيس إدارة التراث الثقافي لديه الوقت الكافي للعناية بحالته.

 

الصدر: وكالة رسا للأنباء بالفارسية

 

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky